ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[كلام الناشر]أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحّاس (ت ٣٣٨ هـ)
اسمه ولقبه ونشأته:
أبو جعفر، أحمد بن محمد بن إسماعيل، المصري النحوي، ابن النحّاس:
العلّامة، إمام العربية.
ولد في مصر، ونشأ فيها ثم ارتحل إلى بغداد فأخذ عن المبرّد، والأخفش علي ابن سليمان، ونفطويه، والزّجّاج وغيرهم. ثم عاد إلى مصر وتصدّر للتدريس، وكانت مصر خلال النصف الثاني من القرن الثالث والنصف الأول من الرابع للهجرة حلقة الوصل بين المغرب والمشرق، وقد قصده طلّاب المعرفة، كما قصدوا غيره، من المغرب وأخذوا عنهم صنوف علوم اللغة والقرآن، وعادوا بها إلى بلادهم. وبذلك انتقلت مصنّفات هؤلاء العلماء المصريين إلى هناك.
نشأ ابن النحاس محبّا للعلم وكان لا يتوانى أن يسأل أهل العلم والفقه ويفاتشهم بما يشكل عليه في تصانيفه.
[كتبه]
وقد صنّف كتبا حسنة مفيدة منها:
كتاب الأنوار.
وكتاب الاشتقاق لأسماء الله عزّ وجلّ.
وكتاب معاني القرآن.
وكتاب اختلاف الكوفيين والبصريين سمّاه «المقنع».
وكتاب أخبار الشعراء.
وكتاب أدب الكتّاب.
وكتاب الناسخ والمنسوخ.
وكتاب الكافي في النحو.
وكتاب صناعة الكتاب.
وكتاب إعراب القرآن.
وكتاب شرح أبيات سيبويه.
وكتاب الاشتقاق.
وكتاب معاني الشعر.
وكتاب التفّاحة في النحو.
وكتاب أدب الملوك.
أهمية كتاب «إعراب القرآن» لابن النحّاس:
أهمية هذا الكتاب أنه أول كتاب وصل إلينا بهذا العمق وهذه المادة العلمية الغزيرة. حيث حشد ابن النحّاس الكثير من أقاويل علماء اللغة التي أخذها عن مشايخه أو من الكتب التي كانت بين يديه لمن سبقه.
وأهم الكتب التي اعتمدها:
كتاب سيبويه، وكتاب العين، وكتاب المسائل الكبير للأخفش سعيد بن مسعدة، وكتاب معاني القرآن للزجاج، وكتاب ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج، وكتاب معاني القرآن للفرّاء، وكتاب المصادر في القرآن للفرّاء، والمقصور والممدود للفراء، وكتاب القراءات لأبي عبيد القاسم بن سلام، وكتاب القراءات لابن سعدان النحوي، وكتاب الغريب المصنّف لأبي عبيد. وقد اشتمل كتابه «إعراب القرآن» على آراء أعلام المذهب البصري في النحو واللغة والقراءات مثل: أبي عمرو بن العلاء، ويونس، وقطرب، والأخفش سعيد بن مسعدة، وأبي عبيدة، وأبي عمرو الجرمي، وابن الأعرابي، والمازني، وأبي حاتم السجستاني، والمبرّد ومحمد ابن الوليد ولّاد، وأبي إسحاق الزجاج بالإضافة إلى الخليل بن أحمد وأبي الخطّاب الأخفش وسيبويه. وكذلك عرض ابن النحاس آراء النحاة واللغويين الكوفيين فكان يعرض آراء هؤلاء إلى جانب آراء البصريين فيرجّح مرّة ويترك الآراء دون ترجيح أحيانا.
ومن الكوفيين: الكسائي وثعلب والفراء ومحمد بن حبيب ومحمد بن سعدان وابن السكيت ونفطويه وابن رستم. أما الحفّاظ والمحدّثون من شيوخه فهم يؤلّفون جانبا من مصادر كتابه، ومن شيوخه:
بكر بن سهل الدمياطي، وأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي والنّسائي أحمد بن شعب، والطحاوي أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي، والحسن بن غليب المصري، وأبي الحسن أحمد بن سعيد الدمشقي وأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي، والطبري في تفسيره.
١- الشعر (عدد الشواهد ٦٠٢) وهي موزّعة على العصر الجاهلي والإسلامي والأموي.
٢- الحديث النبوي (عدد الشواهد ١٦٧).
٣- الأمثال والأقوال الأخرى.
وفاته:
توفّي ابن النحاس يوم السبت لخمس خلون من ذي الحجة سنة ٣٣٨ هـ أو ٣٣٧ هـ... وقد رويت حكاية محزنة لموته، وهي أنه كان جالسا على درج المقياس (وهو عمود من رخام قائم وسط بركة على شاطئ النيل له طريق يدخل إلى النيل يدخل الماء إذا زاد عليه وفي ذلك العمود خطوط يعرفون بوصول الماء إليها مقدار الزيادة) وكان النيل في أيام زيادته، وكان ابن النحاس يقطّع شيئا من الشعر عروضيا، فسمعه أحد العوام فظنّه يسحر النيل حتى لا يزيد فتغلو الأسعار فدفعه برجله فوقع في النيل فلم يعرف له خبر.
مصادر ترجمته:
النجوم الزاهرة ٣/ ٣٠٠.
البداية والنهاية ١١/ ٢٢٢.
إنباه الرواة ١/ ١٠١.
آداب اللغة ٢/ ١٨٢.
سير أعلام النبلاء ١٢/ ٧١ (دار الفكر).
المنتظم لابن الجوزي ٦/ ٣٦٤.
بغية الوعاة ١/ ٣٦٢.
وفيات الأعيان ١/ ٨٢.
كان القرآن الكريم على الدوام دليل المسلمين وقبلتهم ومثابة اجتهادهم، لذلك ما انفكّوا يعكفون عليه حفظا ودرسا وتمثّلا، ولا ينون يصرفون جهدا كبيرا متّصلا لتبيان معانيه وأحكامه، وناسخه ومنسوخه، ووجوه قراءته، ودقائق بلاغته، وآيات إعجازه، وسوى ذلك من النواحي التي يشتمل عليها موضوع علوم القرآن ومباحثه القديمة المتجددة.
ومن المباحث الأساسية في هذا المجال إعراب القرآن، ألفاظا وجملا. ولا يخفى ما لهذا المبحث من أهمية كبرى في الكشف عن معاني القرآن للارتباط الوثيق القائم بين المعنى والمبنى في اللغة العربية أو بالأحرى بين اللفظ وإعرابه بحيث يتلوّن المعنى بتلوّن الإعراب. وقد قيل: الإعراب فرع المعنى. ولعل ما يميز اللغة العربية عن معظم اللغات الأخرى هو هذا الارتباط الوثيق بين المعنى والإعراب، وبهذا الترتيب:
فالنصّ العربي يفهم أولا، ثم يقرأ قراءة صحيحة أي معربة على الوجه الصحيح.
والقارئ مهما بلغ من التمكّن في علم النحو، لا يستطيع أن يقرأ نصّا عربيّا لأول وهلة وعلى النحو الصحيح إن لم يكن متمثلا المعنى المراد أولا، خصوصا عند ما تغيب علامات الإعراب أو الشكل. هذا بخلاف ما يحصل بإزاء نص فرنسي مثلا، إذ يستطيع قراءته قراءة صحيحة حتى من دون أن يسبق له علم بالمعنى الموجود فيه. فالنص الفرنسي يقرأ ثم يفهم. من هنا يمكن القول إن اللغة العربية ما تزال لغة شفوية في المقام الأول.
إن العلاقة بين «علم إعراب القرآن» وعلم النحو لا تحتاج إلى إيضاح.
وبالتالي فقد اعتبر جمهور العلماء أن إعراب القرآن هو من علم النحو. ولكن العلاقة وثيقة أيضا بين إعراب القرآن وتفسيره، ولذلك ذهب البعض، ومنهم طاش كبري زادة في كتابه «مفتاح السعادة»، إلى أنه من فروع علم التفسير.
والحقيقة أن إعراب القرآن ضروري للتفسير ولا ينفصل عن علم القراءات. وعليه ثمّة علوم ثلاثة مترابطة هي: علم التفسير (التأويل) وعلم الإعراب وعلم القراءات. من هنا نلاحظ أن معظم كتب التفسير لا تخلو من إشارات إلى وجوه القراءة المختلفة وبالتالي إلى وجوه الإعراب.
ومنهم من أعربه كله كالعكبري.
وأشهر من صنّف في إعراب القرآن والقراءات في بابين مستقلين أو في باب واحد هم على التوالي:
١- يحيى بن زياد الفرّاء المتوفى سنة ٢٠٧ هـ: «إعراب القرآن» في أوجه القراءات والإعراب.
٢- أبو مروان عبد الملك بن حبيب المالكي القرطبي المتوفى سنة ٢٣٩ هـ: «إعراب القرآن» و «الواضحة في إعراب الفاتحة».
٣- أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني (٢٤٨ هـ) :«إعراب القرآن» و «كتاب القراءات».
٤- أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد (٢٨٦ هـ) :«إعراب القرآن» و «احتجاج القرّاء».
٥- أبو العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب (٢٩١ هـ) :«غريب القرآن» و «كتاب إعراب القرآن» و «كتاب القراءات».
٦- أبو البركات عبد الرحمن بن أبي سعيد الأنباري (٣٢٨ هـ) :«البيان في إعراب غريب القرآن».
٧- أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي المصري، أبو جعفر النحّاس، (٣٣٨ هـ) :
«إعراب القرآن»، وهو كتابنا هذا.
٨- إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجّاج (٣١١ هـ) :«إعراب القرآن» و «مختصر إعراب القرآن ومعانيه».
١٠- عثمان بن جنّي (٣٩٢ هـ) :«المحتسب» في شرح الشواذ لابن مجاهد في القراءات.
١١- أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي (٤٣٠ هـ) :«إعراب القرآن».
١٢- مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني (٤٣٧ هـ) :«مشكل إعراب القرآن» و «الكشف عن وجوه القراءات وعللها» و «الموجز» في القراءات.
١٣- يحيى بن علي بن محمد، الخطيب التبريزي (٥٠٢ هـ) :«المخلص في إعراب القرآن».
١٤- إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني (٥٣٥ هـ) :«إعراب القرآن».
١٥- أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (٦١٦ هـ) :«التبيان في إعراب القرآن» و «إعراب الشواذ في القرآن».
١٦- عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (٦٢٩ هـ) :«الواضحة في إعراب الفاتحة».
١٧- المنتجب بن أبي العز الهمداني (٦٤٣ هـ) :«المفيد في إعراب القرآن المجيد».
١٨- إبراهيم بن محمد السفاقسي (٧٤٢ هـ) :«المجيد في إعراب القرآن المجيد».
١٩- أحمد بن يوسف المعروف بابن السمين الحلبي (٧٥٦ هـ) :«الدرّ المصون في علم الكتاب المكنون» في إعراب القرآن.
٢٠- أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الأندلسي (٧٧٧ هـ) :«تحفة الأقران في ما قرئ بالتثليث من القرآن».
٢١- أحمد بن محمد، الشهير بنشانجي زادة (٩٨٦ هـ) :«إعراب القرآن» إلى سورة الأعراف- حاشية على أنوار التنزيل للبيضاوي.
١- اسم ما لم يسمّ فاعله: النائب عن الفاعل ٢- الإشمام: إشمام الحرف هو أن تشمّه الضمّة أو الكسرة، وهو أقلّ من روم الحركة لأنه لا يسمع وإنما يتبيّن بحركة الشّفة، ولا يعتدّ بها حركة لضعفها، والحرف الذي فيه الإشمام ساكن أو كالساكن.
٣- الإمالة: هي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء، أو هي إحدى الظواهر الخاصة بنطق الفتحة الطويلة نطقا يجعلها بين الفتحة الصريحة والكسرة الصريحة.
٤- البيان والتفسير: التمييز ٥- التبرئة: النفي للجنس.
٦- الترجمة والتكرير: هو البدل عند البصريين.
٧- الحذف: حين تتجاوز أصوات متماثلة أو متقاربة تميل بعض اللهجات إلى حذف أحدها طلبا للتخفيف، وقد يكون هذا الحذف في الحروف وقد يكون في الحركات التي هي في بنية الكلمة أو للإعراب.
٨- حروف الخفض: حروف الجرّ.
٩- حروف اللّين: هي حروف المدّ التي يمدّ بها الصوت، وهي الألف، والواو، والياء.
١٠- الرّوم: هو تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك معظم صوتها فيسمع لها صوتا خفيا يدركه الأعمى بحاسة السمع.
١١- العماد: الفاصلة عند البصريين.
١٢- القطع: الحال.
١٣- المخالفة: هي ظاهرة صوتية تكون لميل بعض اللهجات العربية إلى السهولة بأن يجتمع صوتان متماثلان فيقلب أحدهما إلى صوت لين طويل.
١٤- المكنّى: الضمير.
١٦- المماثلة بين الحروف: الإدغام: هو ضرب من التأثير الذي يقع في الأصوات المتجاورة إذا كانت متماثلة أو متجانسة أو متقاربة فيختفي أحد الصوتين بالآخر.
١٧- النعت: وهو الصفة عند البصريين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الناس (١١٤) : آية ١]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)الأصل عند سيبويه أناس والألف واللام بدل من الهمزة.
[سورة الناس (١١٤) : آية ٢]
مَلِكِ النَّاسِ (٢)
نعت يقال: ملك بيّن الملك، ومالك بيّن الملك والملك.
[سورة الناس (١١٤) : آية ٣]
إِلهِ النَّاسِ (٣)
نعت أو بدل.
[سورة الناس (١١٤) : آية ٤]
مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤)
مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ هو الذي يوسوس الصدور كما قال الأعشى: [البسيط] ٦٠٠-
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت | كما استعان بريح عشرق زجل «١» |
[سورة الناس (١١٤) : آية ٥]
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)
في موضع خفض على النعت ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ.
[سورة الناس (١١٤) : آية ٦]
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)
جمعت وفحشا غيبة ونميمة | ثلاث خصال لست عنها بمرعوي «١» |
وما زال في الإسلام من آل هاشم | دعائم غرّ ما ترام ومفخر |
وهم جبل الإسلام والنّاس حولهم | رضام إلى طود يروق ويقهر |
بهاليل منهم جعفر وابن أمّه | عليّ ومنهم أحمد المتخيّر |
صلّى الله عليه وعلى آله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا تم كتاب شرح إعراب القرآن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيدنا محمد النبي وعلى آله وسلّم تسليما حسبنا الله وكفى ونعم الوكيل.