ﰡ
﴿ مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا ﴾ الأمر الذى يقول محمد ﴿ فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ ﴾ يعنى ملة النصرانية، وهى آخر الملل لأن النصارى يزعمون أن مع الله عيسى ابن مريم، ثم قال الوليد: ﴿ إِنْ هَـٰذَا ﴾ القرآن ﴿ إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ ﴾ [آية: ٧] من محمد تقوله من تلقاء نفسه. ثم قال الوليد: ﴿ أَأُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ ﴾ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ مِن بَيْنِنَا ﴾ ونحن أكبر سناً وأعظم شرفاً، يقول الله عز وجل لقول الوليد: ﴿ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ ﴾ يقول الله تعالى: ﴿ بْل هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي ﴾ يعنى القرآن ﴿ بَل لَّمَّا ﴾ يعنى لم ﴿ يَذُوقُواْ عَذَابِ ﴾ [آية: ٨] مثل قوله:﴿ وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾[الحجرات: ١٤]، يعنى لم يدخل الإيمان فى قلوبكم.﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ﴾ يعنى نعمة ربك، وهى النبوة، نظيرها فى الزخرف:﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ ﴾[الزخرف: ٣٢]، يعنى النبوة يقول: بأيديهم مفاتيح النبوة والرسالة، فيضعونها حين شاءوا، فإنها ليست بأيديهم ولكنها بيد ﴿ ٱلْعَزِيزِ ﴾ فى ملكه ﴿ ٱلْوَهَّابِ ﴾ [آية: ٩] الرسالة والنبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم. ثم قال: ﴿ أَمْ لَهُم مٌّلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيَنَهُمَا ﴾ يعنى كفار قريش يقول: ألهم ملكهما وأمرهما، بل الله يوحى الرسالة إلى من يشاء، ثم قال: ﴿ فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ ﴾ [آية: ١٠] يعنى الأبواب إن كانوا صادقين بأن محمداً صلى الله عليه وسلم تخلقه من تلقاء نفسه، يقول الوليد: ﴿ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ ﴾ الأسباب، يعنى الأبواب التى فى السماء، فليستمعوا إلى الوحى حين يوحى الله عز وجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
﴿ قَالُواْ ﴾ فقال أحدهما لداود: ﴿ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ ﴾ يعنى بالعدل ﴿ وَلاَ تُشْطِطْ ﴾ يعنى ولا تجر فى القضاء ﴿ وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ ﴾ [آية: ٢٢] يقول: أرشدنا إلى القصد الطريق. ثم قال: ﴿ إِنَّ هَذَآ أَخِي ﴾ يعنى الملك الذى معه ﴿ لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ﴾ يعنى تسعة وتسعون امرأة وهكذا كان لداود. ثم قال: ﴿ وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ يعنى امرأة واحدة ﴿ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا ﴾ يعنى أعطنيها ﴿ وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ ﴾ [آية: ٢٣] يعنى غلبنى فى المخاطبة، إن دعا كان أكثر من ناصرً، وإن بطش كان أشد منى بطشاً، وإن تكلم كان أبين منى فى المخاطبة.﴿ قَالَ ﴾ داود: ﴿ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ﴾ يعنى بأخذه التى لك من الواحدة، إلى التسع والتسعين التى له ﴿ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ ﴾ يعنى الشركاء ﴿ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾ ليظلم بعضهم بعضاً ﴿ إِلاَّ ﴾ استثناء، فقال: إلا ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ لا يظلمون أحداً ﴿ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ﴾ يقول: هم قليل، فلما قضى بينهما نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك، فلم يفطن لهما، فأحبا يعرفاه فصعدا تجاه وجهه، وعلم أن الله تبارك وتعالى ابتلاه بذلك ﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ﴾ يقول: وعلم داود أنا ابتليناه ﴿ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً ﴾ يقول: وقع ساجداً أربعين يوماً وليلة ﴿ وَأَنَابَ ﴾ [آية: ٢٤] يعنى ثم رجع من ذنبه تائباً إلى الله عز وجل.
﴿ وَخَرَّ رَاكِعاً ﴾ مثل قوله﴿ وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً ﴾[البقرة: ٥٨] يعنى ركوعاً.﴿ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ﴾ يعنى ذنبه، ثم أخبر بما له فى الآخرة، فقال: ﴿ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ ﴾ يعنى لقربة ﴿ وَحُسْنَ مَـآبٍ ﴾ [آية: ٢٥] يعنى وحسن مرجع.
﴿ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ﴾ يعنى لغير شىء خلقتهما لأمر هو كائن ﴿ ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ من أهل مكة أنى خلقتهما لغير شىء ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾ [آية: ٢٧] لما أنزل الله تبارك وتعالى فى " ن والقلم "﴿ إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ ﴾[القلم: ٣٤]، قال كفار قريش للمؤمنين: إنا نعطى من الخير فى الآخرة ما تعطون. فأنزل الله عز وجل: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ يعنى بنى هاشم، وبنى المطلب، أخوى بنى عبد مناف، فيهم على ابن أبى طالب، وحمزة بن عبدالمطلب، وجعفر بن أبى طالب، عليهم السلام، وعبيدة بن الحارث بن المطلب، وطفيل بن الحارث بن المطلب، وزيد بن حارثة الكلبى، وأيمن بن أم أيمن، ومن كان يتبعه من بنى هاشم يقول: أنجعل هؤلاء ﴿ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ بالمعاصى، نزلت فى بنى عبد شمس بن عبد مناف، فى عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة بن ربيعة، وحنظلة بن أبى سفيان، وعبيدة بن سعيد بن العاص، والعاص بن أبى أمية بن عبد شمس، ثم قال: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ يعنى بنى هاشم، وبن المطلب فى الآخرة ﴿ كَٱلْفُجَّارِ ﴾ [آية: ٢٨].
﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ ﴾ يا محمد ﴿ مُبَارَكٌ ﴾ يعنى هو بركة لمن عمل بما فيه ﴿ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ ﴾ يعنى ليسمعوا آيات القرآن ﴿ وَلِيَتَذَكَّرَ ﴾ بما فيه من المواعظ ﴿ أُوْلُو ٱلأَلْبَابِ ﴾ [آية: ٢٩] يعنى أهل اللب والعقل.﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ﴾ ثم أثنى على سليمان، فقال سبحانه: ﴿ نِعْمَ ٱلْعَبْدُ ﴾ وهذا ثناء على عبده سليمان نعم العبد.
﴿ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [آية: ٣٠] يعنى مطيع.
﴿ حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ ﴾ [آية: ٣٢] والحجاب جبل دون " ق " بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه. ثم قال: ﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ ﴾ يعنى كروها على ﴿ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ ﴾ [آية: ٣٣] يقول: فجعل يسمح بالسيف سوقها وأعناقها فقطعها، وبقى منها مائة فرس، فما كان فى أيدى الناس اليوم فهى من نسل تلك المائة. قوله: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ ﴾ يعنى بعدما ملك عشرين سنة، ثم ملك أيضاً بعد الفتنة عشرين سنة، فذلك أربعين يقول: لقد ابتلينا سليمان أربعين يوماً ﴿ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ ﴾ يعنى سريره ﴿ جَسَداً ﴾ يعنى رجلاً من الجن يقال له: صخر بن غفير بن عمرو بن شرحبيل، ويقال: إن إبليس جده، ويقال أيضاً اسمه أسيد ﴿ ثُمَّ أَنَابَ ﴾ [آية: ٣٤] يقول: ثم رجع بعد أربعين يوماً إلى ملكه وسلطانه، وذلك أن سليمان غزا العمالقة، فسبى من نسائهم، وكانت فيهم ابنة ملكهم، فاتخذها لنفسه فاشتقات إلى أبيها، وكان بها من الحسن والجمال حالاً يوصف فحزنت وهزلت وتغيرت، فأنكرها سليمان أن يتخذ لها شبيه أبيها، فاتخذ لها صنماً على شبه أبيها، فكانت تنظر إليه فى كل ساعة، فذهب عنها ما كانت تجد، فكانت تكنس ذلك البيت وترشه، حتى زين لها الشيطان فعبدت ذلك الصنم بغير علم سليمان لذلك، كانت لسليمان جارية من أوثق أهله عنده قد كان وكاها بخاتمه وكان سليمان لا يدخل الخلاء، حتى يدفع خاتمه إلى تلك الجارية، وإذا أتى بعض نسائة فعل ذلك، وأن سليمان أراد ذات يوم أن يدخل الخلاء، فجاء صخر فألقاه فى البحر وجلس صخر فى ملك سليمان، وذهب عن سليمان البهاء، والنور فخرج يدور فى قرى بنى إسرائيل، فكلما آتى سليمان قوماً رجموه وطردوه تعظيماً لسليمان، عليه السلام، وكان سليمان إذا ليس خاتمه سجد له كل شىء يراه من الجن والشياطين وظله الطير، وكان خرج فى ملكه فى ذى القعدة، وعشر ذى الحجة، ورجع إلى ملكه يوم النحر. وذلك قوله: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ ﴾ أربعين يوماً ﴿ ثُمَّ أَنَابَ ﴾ يعنى رجع إلى ملكه، وذلك أنه أتى ساحل البحر، فوجد صياداً يصيد السمك فتصدق منه، فتصدق عليه بسمكة، فشق بطنها، فوجد الخاتم فلبسه، فرجع إليه البهاء والنور، وسجد له كل من رآه وهرب صخر، فدخل البحر، فبعث فى طلبه الشياطين، فلم يقدروا عليه حتى أشارت الشياطين على سليمان أن يتخذ على ساحل البحر، كهيئة العين من الخمر، وجعلت الشياطين تشرب من ذلك الخمر ويلهن، فسمع صخر جلبتهم، فخرج إليهم، فقال لهم: ما هذا اللهو والطرب، قالوا: مات سليمان بن داود وقد استرحنا منه، غنحن نشرب ونلهوا، فقال لهم: وأنا أيضاً أشرب وألهو معكم، فلما شرب الخمر فسكر، أخذوه وأوثقوه وأتى به سليمان، فحفر له حجراً، فأدخل فيه وأطبق عليه بحجر آخر، وأذاب الرصاص، فصب بين الحجرين وقذف به فى البحر، فهو فيه إلى اليوم. فلما رجع سليمان إلى ملكه وسلطانه ﴿ قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ ﴾ [آية: ٣٥] فوهب الله عز وجل له من الملك ما لم يكن له، ولا لأبيه داود، عليهما السلام، فزاده الرياح والشياطين بعد ذلك. فذلك قوله تعالى: ﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ ﴾ [آية: ٣٦] يقول: مطيعة لسليمان حيث أراد أن تتوجه توجهت له ﴿ وَ ﴾ سخرنا له ﴿ وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ ﴾ [آية: ٣٧] كانوا يبنون له ما يشاء من البنيان، وهو محاريب وتماثيل ويغوصون له فى البحر، فسيتخرجون له اللؤلؤ، وكان سليمان أول من استخرج اللؤلؤ من البحر. قال: ﴿ وَآخَرِينَ ﴾ من مردة الشياطين، إضمار ﴿ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ ﴾ [آية: ٣٨] يعنى موثقين فى الحديد ﴿ هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ ﴾ على من شئت من الشياطين، فحل عنه ﴿ أَوْ أَمْسِكْ ﴾ يعنى وأحبس فى العمل والوثاق من شئت منهم ﴿ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آية: ٣٩] يعنى بلا تبعة عليك فى الآخرة، فيمن تمن عليه فترسله، وفيمن تحبسه فى العلمل. ثم أخبر بمنزلة سليمان فى الآخرة، فقال تعالى ﴿ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ ﴾ يعنى لقربة ﴿ وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ [آية: ٤٠] يعنى وحسن مرجع، وكان لسيمان ثلاث مائة امرأة حرة وسبع مائة سرية، كان لداود، عليه السلام، مائة امرأة حرة وتسع مائة سرية، وكانت الأنبياء كلهم فى الشدة غير داود وسليمان، عليهما السلام.
حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد، عن ابن جابر أنه سمع عطاء الخراسانى فى قوله: ﴿ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ ﴾ قال: القوة فى العبادة والبصر بالدين.
﴿ إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ ﴾ يقول: وجعلناهم أذكر الناس لدار الآخرة يعنى الجنة.﴿ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ ﴾ [آية: ٤٧] اختارهم الله على علم للرسالة ﴿ وَٱذْكُرْ ﴾ صبر ﴿ إِسْمَاعِيلَ ﴾ هو أشوبل بن هلقانا ﴿ وَ ﴾ صبر ﴿ وَٱلْيَسَعَ وَ ﴾ صبر ﴿ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ ﴾ [آية: ٤٨] اختارهم الله عز وجل للنبوة، فاصبر يا محمد على الأذى كما صبر هؤلاء الستة على البلاء. ثم قال: ﴿ هَـٰذَا ذِكْرٌ ﴾ يعنى هذا بيان الذى ذكر الله من أمر الأنبياء فى هذه السورة ﴿ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ من هذه الأمة فى الآخرة ﴿ لَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ [آية: ٤٩] يعنى مرجع ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ ﴾ [آية: ٥٠].
حدثنا أبوجعفر، قال: حدثنا بن رشيد، قال: حدثنا جليد، عن الحسن فى قوله: ﴿ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ ﴾ قال: أيوب يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، يقال لها: انفتحى، انقفلى، تكلم فتفهم وتتكلم. حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سألت زهير بن محمد عن قوله تعالى:﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾[مريم: ٦٢]، قال: ليس فى الجنة ليل، وهم فى نور أبداً ولهم مقدار الليل بإرخاء الحجب ومقدار النهار.﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا ﴾ فى الجنة على السرر ﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ﴾ [آية: ٥١].
﴿ أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـرُ ﴾ [آية: ٦٣] يقول: أم حارت أبصارهم عناقهم معنا فى النار ولا نراهم.﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ ﴾ [آية: ٦٤] يعنى خصومة القادة والأبتاع فى هذه الآية: ما قال بعضهم لبعض فى الخصومة، نظيرها فى الأعراف، وفى " حم " المؤمن حين قالت:﴿ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا ﴾[الأعراف: ٣٨] عن الهدى، ثم ردت أولاهم دخول النار على أخراهم دخول النار، وهم الأتباع، قوله:﴿ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ ﴾إلى آخر الآية: [غافر: ٤٧].
﴿ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ ﴾ [آية: ٧٤] فى علم الله عز وجل ﴿ قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ ﴾ ما لك ألا تسجد ﴿ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ ﴾ يعنى تكبرت ﴿ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ ﴾ [آية: ٧٥] يعنى من المتعظمين.
﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [آية: ٧٩] يعنى النفخة الثانية ﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ ﴾ [آية: ٨٠] ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ ﴾ [آية: ٨١] يعنىإلى أجل موقوت وهو النفخة الأولى.﴿ قَالَ ﴾ إبليس لربه تبارك وتعالى: ﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾ يقول: فبعظمتك ﴿ لأُغْوِيَنَّهُمْ ﴾ يقول: لأظلنهم ﴿ أَجْمَعِينَ ﴾ [آية: ٨٢] عن الهدى، ثم استثنى إبليس، فقال: ﴿ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾ [آية: ٨٣] بالتوحيد، فإنى لا أستطيع أن أغويهم.