تفسير سورة الزمر

تفسير التستري
تفسير سورة سورة الزمر من كتاب تفسير التستري المعروف بـتفسير التستري .
لمؤلفه سهل التستري . المتوفي سنة 283 هـ

ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ
السورة التي يذكر فيها الزمر
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٧]
إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)
قوله تعالى: وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [٧] قال: أول الشكر الطاعة، وآخره رؤية الجنة.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٩]
أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩)
قوله: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ [٩] قال: العلم الكتاب والاقتداء، لا الخواطر المذمومة، وكل علم لا يطلبه العبد من موضع الاقتداء صار وبالاً عليه لأنه يدّعي به.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ١١]
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١)
قوله: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ [١١] قال: الإخلاص الإجابة، فمن لم يكن له الإجابة فلا إخلاص له. وقال: نظر الأكياس في الإخلاص فلم يجدوا شيئاً غير هذا، وهو أن تكون حركاته وسكناته في سره وعلانيته لله عزَّ وجلَّ وحده، لا يمازجه هوى ولا نفس.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ١٧]
وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧)
قوله: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ [١٧] قال: الطاغوت الدنيا، وأصلها الجهل، وفرعها المآكل والمشارب، وزينتها التفاخر، وثمرتها المعاصي، وميزانها القسوة والعقوبة.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٣٨]
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨)
قوله: إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ [٣٨] قال: يعني إن نزع الله عني العصمة عن المخالفات أو المعرفة على الموفقات، هل يقدر أحد أن يوصلها إلي، أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ [٣٨] أي بالصبر على ما نهى عنه، والمعونة على ما أمر به، والاتكال عليه في الخاتمة.
وقال: الرحمة العافية في الدين والدنيا والآخرة، وهو التولي من البداية إلى النهاية.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٤١ الى ٤٣]
إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣)
قوله: إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ [٤١] يعني أنزله لهم ليهتدوا بالحق إلى الحق، ويستضيؤوا بأنواره.
قوله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها [٤٢] قال: إذا توفى الله الأنفس أخرج الروح النوري من لطيف نفس الطبع الكثيف. والتوفي في كتاب الله على ثلاثة أوجه: أحدها الموت، والآخر النوم، والثالث الرفع. فالموت ما ذكرنا، والنوم قوله: وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها [٤٢] يعني يتوفى التي لم تمت في منامها، وقال: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ [الأنعام: ٦٠] يعني النوم، والرفع بعيسى عليه السلام: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران: ٥٥]
فإنه إذا مات فينزع عنه لطيف نفس الروح النوري من لطيف نفس الطبع الكثيف الذي به يعقل الأشياء ويرى الرؤيا في الملكوت، وإذا نام نزع عنه لطيف نفس الطبع الكثيف لا لطيف نفس الروح النوري، فيستفيق النائم نفساً لطيفاً، وهو من لطيف نفس الروح الذي إذا زايله لم تكن له حركة، وكان ميتاً. ولنفس طبع الكثيف لطيفة، ولنفس الروح لطيفة، فحياة لطيف نفس الطبع بنور لطيف نفس الروح، وحياة روح لطيف نفس الروح بالذكر، كما قال: أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: ١٦٩] أي يرزقون الذكر بما نالوا من لطيف نفس النوري، وحياة الطبع الكثيف بالأكل والشرب والتمتع، فمن لم يحسن الإصلاح بين هذين الضدين، أعني نفس الطبع ونفس الروح حتى يكون عيشهما جميعاً بالذكر والسعي بالذكر، فليس بعارف في الحقيقة. وقال عمر بن واصل: وكان المبرد «١» النحوي يقول: الروح والنفس شيئان متصلان لا يقوم أحدهما بدون الآخر. قال: فذكرت ذلك لسهل، فقال: أخطأ، إن الروح يقوم بلطفه في ذاته بغير نفس الطبع الكثيف، ألا ترى أن الله تعالى خاطب الكل من الذر بنفس روح وفهم عقل وفطنة قلب وعلم لطيف بلا حضور طبع كثيف.
قوله: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ [٤٣] قال: أم اتخذوا طريق البدعة في الدين قربة في الدين إلى الله، على أن ينفعهم ذلك.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٤٥]
وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)
قوله: وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ [٤٥] جحدت قلوبهم مواهب الله عندها.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٥٣ الى ٥٤]
قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤)
قوله: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [٥٣] قال:
أمهل الله تعالى عباده تفضلاً منه إلى آخر نفس، فقال لهم: «لا تقنطوا من رحمتي فلو رجعتم إلي في آخر نفسٍ قبلتكم». قال: وهذه أبلغ آية في الإشفاق من الله تعالى إلى عباده، لعلمه بأنه ما حرمهم ما تفضل به على غيرهم، فرحمهم حتى أدخلهم في عين الكرم بالذكر القديم لهم.
وقد حكي عن جبريل عليه الصلاة والسلام أنه سمع إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول: يا كريم العفو. فقال له جبريل عليه السلام: يا إبراهيم، أتدري ما كرم عفوه؟ قال: لا يا جبريل.
قال: إذا عفا عن سيئة جعلها حسنة «٢». ثم قال سهل: اشهدوا علي أني من ديني أن لا أتبرأ من فساق أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم وفجارهم وقاتلهم وزانيهم وسارقهم، فإن الله تعالى لا يُدْرَك غاية كرمه وفضله وإحسانه بأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم خاصة.
(١) المبرد: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي (٢١٠- ٢٨٦ هـ) : إمام العربية ببغداد في زمانه، وأحد أئمة الأدب والأخبار. (الأعلام ٧/ ١٤٤).
(٢) شعب الإيمان ٥/ ٣٨٩ (رقم ٧٠٤٣) وقوت القلوب ١/ ٣٣٤، ٣٧٦.
قوله: وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ [٥٤] يعني: ارجعوا له بالدعاء والتضرع والمسألة وَأَسْلِمُوا لَهُ [٥٤] يعني: فوضوا الأمور كلها إليه.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٥٦]
أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦)
قوله: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [٥٦] قال: يعني اشتغلت بعاجل الدنيا ولذة الهوى ومتابعة النفس، وضيعت في جنب الله، يعني في ذات الله القصد إليه، والاعتماد عليه بترك مراعاة حقوقه وملازمة خدمته.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٦٣]
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٣)
قوله تعالى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [٦٣] بيده مفاتيح القلوب، يوفق من يشاء لطاعته وخدمته بالإخلاص، ويصرف من يشاء عن بابه.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٦٧ الى ٦٩]
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٩)
قوله: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [٦٧] أي ما عرفوه حق معرفته في الأصل والفرع.
قوله: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ [٦٨] قال: باطن الآية أن الملائكة إنَّما يؤمرون بالإمساك عن الذكر لا بالنفخة ولا بنزع عزرائيل، لأن الله أحياهم بذكره، كما أحيا بني آدم بأنفاسهم، قال الله تعالى: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لاَ يَفْتُرُونَ [الأنبياء: ٢٠] فإذا أمسك الذكر عنهم ماتوا.
قوله: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها [٦٩] قال: قلوب المؤمنين يوم القيامة تشرق بتوحيد سيدهم، والاقتداء بسنة نبيهم صلّى الله عليه وسلّم.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٧٤]
وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤)
قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ [٧٤] قال: إن الحمد منهم في الجنة ليس على جهة التعبد، إذ التعبد قد رفع عنهم، كما رفع خوف الكسب والقطع، وبقي خوف الإجلال والتعظيم لله عزَّ وجلَّ، وإنما الحمد منهم لذة لنفس الطبع ونفس الروح والعقل، والله سبحانه وتعالى أعلم.
Icon