تفسير سورة التين

جامع البيان في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة التين من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن .
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة التين مكية
وهي ثماني آيات.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ والتين ﴾ : هو المعروف، خص من بين الفواكه لأنه يشبه فواكه الجنة من حيث إنه بلا عجم١، ﴿ والزيتون ﴾، خصه، لأنه شجرة مباركة نور وفاكهة وإدام، والأول : اسم مسجد دمشق، أو الجبل الذي عندها، والثاني : مسجد بيت المقدس.
١ ولا جلد/١٢ وجيز..
﴿ وطور سينين ﴾ : الجبل الذي كلم الله عليه موسى، قيل معنى سينين : المبارك بالسريانية، وقد مر شرحه في ﴿ وشجرة تخرج من طور سيناء ﴾ الآية ( المؤمنون : ٢٠ )،
﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ : أمانته أن يحفظ من دخله، كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه، فهو من آمن، أو المأمون من الغوائل، فهو من أمنه، والمراد : مكة، وعن كثير من العلماء أقسم بمحال ثلاثة، بعث الله في كل واحد نبيا من أولي العزم، فالأول : كناية عن بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى، والثاني : طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى، والثالث : البلد الحرام الذي أرسل فيه نبينا محمد- عليه وعليهم الصلاة والسلام.
﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ : تعديل لشكله، وتسوية لأعضائه، وتزيين بعقله،
﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾، إلى النار في شر صورة.
﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾، استثناء متصل، وهو كقوله :﴿ والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا ﴾ ( العصر : ١-٣ )، لفظا ومعنى١، وعن ابن عباس، وبعض آخر : المراد من أسفل سافلين أرذل العمر، فيكون الاستثناء٢ منقطعا، أي : لكن المؤمنين العاملين، ﴿ فلهم أجر غير ممنون ﴾ : غير منقطع على طاعتهم، ويكتب لهم مثل ما كانوا يعملون في الشباب، وإن لم يعملوا في الهرم.
١ هذا التوجيه يصح على أن يفسر "أسفل سافلين" بالنار، والثاني: خاص بأن يفسر بأرذل العمر فتأمل/١٢ منه..
٢ وعلى هذا معناه: رددنا عاجزين ناقصين في أمور الدنيا والدين، إلا من آمن وأطاع في شبابه، فإنه غير ناقص في أمور الدين، يكتب له مثل ما كان يعمل/١٢ وجيز..
﴿ فما يكذبك بعد ﴾ : فأي شيء يحملك يا إنسان على هذا الكذب، ويجعلك كاذبا، بعد هذه الأقسام الأكيدة، أو الدليل الذي هو خلق البداءة في صورة حسنة، ومن قدر على هذا قدر على الإعادة، ﴿ بالدين ﴾، بسبب الجزاء وإنكاره، يعني : أي شيء يضطرك إلى أن تكون كاذبا بسبب تكذيب الجزاء ؟ فالاستفهام للتوبيخ، أو معناه، أي شيء يكذبك يا محمد بعد ظهور هذه الدلائل بالجزاء والبعث ؟ فالاستفهام لإنكار شيء يكذبه دلالة ونطقا.
﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ : عدلا وتدبيرا، لا ظلم ولا عجز له بوجه، فلا محال، ويقدر على البعث والجزاء، ولا بد منهما، والسنة إذا قرأ " أليس الله بأحكم الحاكمين " أن يقال : بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين١.
١ وعن أبي هريرة مرفوعا: من قرأ والتين والزيتون، فقرأ "أليس الله بأحكم الحاكمين"، فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين، أخرجه الترمذي، وابن مردويه/١٢ فتح..
Icon