تفسير سورة سورة ص من كتاب مجاز القرآن
.
لمؤلفه
أبو عبيدة
.
المتوفي سنة 210 هـ
ﰡ
قوله ﴿ ص ﴾ مجازها مجاز ابتداء فواتح السور.
﴿ فَنَادَوْا وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴾ : إنما هي " ولا " وبعض العرب تزيد فيها الهاء فتقول " لاه " فتزيد فيها هاء الوقف فإذا اتصلت صارت تاء والمناص مصدر ناص ينوص وهو المنجاة والفوت. قال عمرو بن شأي الأسدي :
تذكَّرتُ ليلَى لاتَ حينَ تذكِر ***
وقال أبو النجم :
آسادُ غِيلٍ حين لا مناصُ ***
أي لا تحرك.
تذكَّرتُ ليلَى لاتَ حينَ تذكِر ***
وقال أبو النجم :
آسادُ غِيلٍ حين لا مناصُ ***
أي لا تحرك.
﴿ إنَّ هَذَا لَشَيْءُ عُجَابٌ ﴾ مجازه مجاز عجيب وقد تحول العرب " فَعيلاً " إلى " فُعال " قال عباس بن مرداس :
إنَّكِ عَيْنٌ حَذِلْتِ مُضَاعَهْ ***تَبْكِي على جارِ بنِي جُدَاعَهْ
تَعْدُو به سَلْهَبَةٌ سُرَاعَهُ ***
أي سريعة. والحذل في العين سقوط الهدب واحتراق الأشفار، وقد قالوا للهدب أيضاً " أشفار "، وقال المعقر بن حمار البارقي وكان أعمى :
جداعه رهط الصمة وهو من بني غزية من بني جشم بن سعد بن بكر.
إنَّكِ عَيْنٌ حَذِلْتِ مُضَاعَهْ ***تَبْكِي على جارِ بنِي جُدَاعَهْ
أَيْنَ دُرَيْدٌ وهْو ذو بَرَاعَهُ | حتى تَرَوْه كاشِفاً قِناعَهْ |
أي سريعة. والحذل في العين سقوط الهدب واحتراق الأشفار، وقد قالوا للهدب أيضاً " أشفار "، وقال المعقر بن حمار البارقي وكان أعمى :
فأَخلفها الذي ظنَّتْ وقاظتْ | ومَأْقِي عَيْنِها حَذِلٌ نَطُوفُ |
﴿ فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ ﴾ : تقول العرب للرجل الفاضل في الدين : قد ارتقى فلان في الأسباب، والسبب الحبل أيضاً، والسبب أيضاً ما تسببت به من رحم أو يد أو دين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل سبب ونسب يوم القيامة منقطع إلا سببي ونسبي "، والمسلم إذا تقرب إلى رجل ليس بينهما نسب قال : إن الإسلام أقوى سببٍ وأقرب نسبٍ.
﴿ كَذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ﴾ : فقوم من العرب يؤنثون القوم وقوم منهم يذكرون، فإن احتج عليهم بهذه الاية قالوا : وقع المعنى على العشيرة واحتجوا بهذه الاية :﴿ كَلْا إنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴾ المضمر فيه مذكر.
﴿ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ ﴾ كان أبو عمرو بن العلاء يقول : أصحاب الأيكة الحرجة من النبع والسدر وهو الملتف، قال رجل من عبد القيس وهو مسند إلى عنترة :
يعني يحمل السيف وهي الحمالة والحمائل وجماع المحمل محامل ؛ وبعضهم يقول " لَيْكة " لا يقطعون الألف ولم يعرفوا معناها.
َأفَمِنْ بُكاء حَمامةٍ في أَيْكَةٍ | يَرَفضُّ دَمْعُكَ فوقَ ظهر المِحْمَلِ |
﴿ مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ﴾ من فتحها قال : ما لها من راجة، ومن ضمها قال : فواق وجعلها من فواق ناقة ما بين الحلبتين، وقوم قالوا : هما واحد بمنزلة حمام المكول وحمام المكول وقصاص الشعر وقصاص الشعر.
﴿ عَجِّلْ لَنَا قِطّنَا ﴾ القط : الكتاب، قال الأعشى :
القطوط : الكتب بالجوائز ؛ ويأفق : يفضل ويعلو يقال : ناقة أفقة وفرس أفق إذا فضله على غيره.
ولا المَلِكُ النُّعمانُ يوم لقيتُه | بإِمَّته يُعطِى القُطوطَ وَيأفِقُ |
﴿ ذَا الأيْدِ ﴾ : ذا القوة وبعض العرب تقول آد، قال العجاج :
من أَنْ تبدَّلتُ بآدي آدا***...................
﴿ أَوَّابٌ ﴾ الأواب الرجاع وهو التواب مخرجها، من آب إلى أهله أي رجع، قال يزيد بن ضبة الثقفي : والبيت لعبيد بن الأبرص :
وكل ذي غيبة يؤوبُ *** وغائبُ الموت لا يؤوبُ
أي لا يرجع.
من أَنْ تبدَّلتُ بآدي آدا***...................
﴿ أَوَّابٌ ﴾ الأواب الرجاع وهو التواب مخرجها، من آب إلى أهله أي رجع، قال يزيد بن ضبة الثقفي : والبيت لعبيد بن الأبرص :
وكل ذي غيبة يؤوبُ *** وغائبُ الموت لا يؤوبُ
أي لا يرجع.
﴿ نَبَؤُا الَخْصَمِ ﴾ : الخصم يقع لفظه على الواحد والجميع قال لبيد :
﴿ إذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ﴾ أشرف كل مجلس وبيت ومقدمه هو محرابه، وقال الشاعر :
وخصم يعدَّون الذُحول كأنهم | قُرومٌ غَيَارى كُلَّ أَزهَر مُصْعَبِ |
رَبَّةُ مِحرابٍ إِذا جئتها | لم ألقها أو ارتقي سُلّما |
﴿ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمانِ ﴾ رجع إلى معنى الواحد منه.
﴿ وَلاَ تُشْطِطْ ﴾ أي لا تسرف، قال الحوص :
ويقال : كلفتني شططاً، منه أيضاً : وشطت الدار بعدت وقال الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة :
﴿ وَلاَ تُشْطِطْ ﴾ أي لا تسرف، قال الحوص :
أَلا يا لِقْومٍ قد أَشطّتْ عَواذِليِ | ويزعمْن أن أودى بحقيَ باطلي |
تَشطُّ غداً دارُ جيرانِنا | وللدارُ بعدَ غدٍ أَبْعُد |
﴿ وَلِيَ نَعْجَةُ وَاحِدَةٌ ﴾ مجازها مجاز امرأة قال الأعشى :
يعني امرأة الرجل.
﴿ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا ﴾ مجازه مجاز ﴿ كَفَّلَهَا زَكَريَّا ﴾ أي ضمها إليه وكفلت بالمال والنفس أي ضمنت.
﴿ وَعَزَّنِي فيِ الْخِطَابِ ﴾ أي صار أعز مني فيه.
فرميتُ غفلةَ عَيْنِه عن شاتِه | فأصبتُ حَبَّة قلبها وطِحالِها |
﴿ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا ﴾ مجازه مجاز ﴿ كَفَّلَهَا زَكَريَّا ﴾ أي ضمها إليه وكفلت بالمال والنفس أي ضمنت.
﴿ وَعَزَّنِي فيِ الْخِطَابِ ﴾ أي صار أعز مني فيه.
﴿ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ ﴾ مصدر " سألت " استعطيت.
﴿ الْخُلَطَاءِ ﴾ الشركاء.
﴿ وَظَنَّ دَاوُدُ ﴾ أي أيقن.
﴿ الْخُلَطَاءِ ﴾ الشركاء.
﴿ وَظَنَّ دَاوُدُ ﴾ أي أيقن.
﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأْرَضِ ﴾ ليس لها جواب استفهام فخرجت مخرج التوعد.
﴿ كِتاَبٌ أَنَزلْنَاَهُ ﴾ ابتداء.
﴿ إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِياَدُ ﴾ من الخيل، والصافن الذي يجمع بين يديه ويثني طرف سنبك احدى رجليه والسنبك مقدم الحافر وقال بعض العرب : بل الصافن الذي يجمع يديه والذي يرفع طرف سنبك رجله فهو مخيم.
﴿ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ﴾ مجازه أحببته : حباً ثم أضاف الحب إلى الخير.
﴿ حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ المعنى للشمس وهي مضمرة.
﴿ حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ المعنى للشمس وهي مضمرة.
﴿ فَطَفِقَ مَسْحاً ﴾ ما زال يفعل ذاك و " كرب " مثلها مجازها يمسح مسحاً والمعنى يضرب، يقال : مسح علاوته أي ضربها.
﴿ هَبْ لِي مُلْكاً لاَ يَنْبِغِي لأَحدٍ مِنْ بَعْدِي ﴾ : لا يكون لأحد من بعدي، قال أبو عبيدة : قال الحجاج : إن كان لحسوداً، قال ابن أحمر :
لا يبتغي أي لا يكون فوقها سهل ولا جبل أحصن منها.
ما أُم غُفْرٍ عَلى دَعْجاء ذي عَلَقٍ | ينفي القَرامِيدَ عنها الأعْصَمُ الوَقِلُ |
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة | لا يبتغي دونها سَهْل ولا جَبَلُ |
﴿ بِأَمْرِهِ رُخَاءً ﴾ أي رخوة لينة وهي من الرخاوة.
﴿ حَيْثُ أَصَابَ ﴾ حيث أراد يقال : أصاب الله بك خيراً أي أراد الله بك خيراً.
﴿ حَيْثُ أَصَابَ ﴾ حيث أراد يقال : أصاب الله بك خيراً أي أراد الله بك خيراً.
﴿ الأصْفادِ ﴾ الأغلال واحدها صفد، والصفد أيضاً الغطاء قال الأعشى :
وبعضهم يقول : صفدني.
وأَصفدني على الزَّمانة قائداً | ................... |
﴿ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ سبيلها سبيلان فأحدهما بغير جزاء والآخر بغير ثواب وبغير منة ولا قلةٍ.
﴿ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ : قال بشر بن أبي خازم :
أي بلاء وشر، وقال النابغة :
تقول العرب : أنصبني أي عذبني وبرح بي وبعضهم يقول : نصبني والنصب إذا فتحت وحركت حروفها كانت من الأعياء، والنصب إذا فتح أولها وأسكن ثانيها واحدة أنصاب الحرم وكل شيء نصبته وجعلته علماً يقال : لا نصبنك نصب العود.
تَعَنَّاكَ نُصْبٌ من أُمَيْمَةَ مُنصِبٌ | ................. |
كلِينِي لِهَمّ يا أُمَيْمَةَ ناصب | وليل أقاسيه بَطِيءٍ الكواكبِ |
﴿ اركُضْ بِرِجْلِكَ ﴾ وهو مختصر والركض هو الدفع بالرجل وهي حركة الرجل، يقال : ركضني الدابة ويقال : لم تركض ثوبك برجلك.
﴿ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ ﴾ وضوءٌ غسول وهو ما اغتسلت به من الماء ﴿ وَشَرَابٌ ﴾ أي وتشرب منه والموضع الذي يغتسل فيه يسمى مغتسلاً.
﴿ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ ﴾ وضوءٌ غسول وهو ما اغتسلت به من الماء ﴿ وَشَرَابٌ ﴾ أي وتشرب منه والموضع الذي يغتسل فيه يسمى مغتسلاً.
﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ﴾ : وهو ملء الكف من الشجر أو الحشيش والشماريخ وما أشبه ذلك قال عوف بن الخرع :
وأَسفلَ مني نَهْدةً قد ربَطتها | وألقيتُ ضِغثاً من خليً متطيَّبِ |
﴿ إنَا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ﴾ تنوين خالصةٍ عمل في ﴿ ذكرى ﴾.
﴿ الأَخْيَارِ ﴾ : والخيار واحد مثل الشرار والأشرار.
﴿ أَتْرَابٌ ﴾ أسنان واحدها ترب.
﴿ مِنْ شَكْلِهِ ﴾ من ضربه ما أنت من شكلى ما أنت من ضربى والشكل من المرأة ما علقت مما تحسن به وتشكل تغنج قال رؤبة :
لمّا اكتستْ من ضَرب كل شَكْلٍ | صُفْراً وخُضْراً كاخضرار البَقْلِ |
﴿ هَذَا فَوْجٌ ﴾ والفوج فرقة.
﴿ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ ﴾ تقول العرب للرجل : لا مرحباً بك أي لا رحبت عليك أي لا اتسعت قال أبو الأسود :
﴿ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ ﴾ تقول العرب للرجل : لا مرحباً بك أي لا رحبت عليك أي لا اتسعت قال أبو الأسود :
إذا جئتَ بَوّاباً له قال مَرْحباً | ألا مَرْحبٌ وادِيكَ غيرَ مُضَيِّقِ |
﴿ فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً ﴾ أي مضعفاً إليه مثله.
﴿ اتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً ﴾ من فتح الأول جعلها استفهاماً وجعل ﴿ أم ﴾ جواباً لها قال طرفة :
ومن لم يستفهم ففتحها على القطع فإنها خبر ومجاز ﴿ أم ﴾ مجاز بل وفي القرآن ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ﴾ مجازها بل أنا خير من هذا لأن فرعون لم يشك فيسأل أصحابه، إنما أوجب لنفسه، ومن كسر ﴿ سِخرِياً ﴾ جعله من الهزء ويسخر به ومن ضم أولها جعله من السخرة يتسخرونهم ويستذلونهم.
أشَجَاكَ الرَّبْعُ أَم قِدَمُهُ | أم رَمَادَ دراسٌ حُمَمُهْ |
﴿ إلاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ الذين أخلصهم الله والمخلصين الذين أخلصوا.
﴿ قَالَ فَالْحَقَّ وَالْحقَّ ﴾ أقول : نصبها على " قال حقاً "، و " يقول الحق ".