ﰡ
٧٤٦- إن الحكمة في أن الله تعالى إنما يبعث رسله بألسنة قومهم ليكون ذلك أبلغ في الفهم عنه ومنه، وهو أيضا يكون أقرب ليفهم عنهم جميع مقاصدهم في الموافقة والمخالفة وإزاحة الأعذار والعلل والأجوبة عن الشبهات المعارضة وإيضاح البراهين القاطعة. فإن مقصود الرسالة في أول وهلة إنما هو البيان والإرشاد. وهو مع اتحاد اللغة أقرب، وإنما أمر جماعة من الرسل عليهم السلام بالقتال بعد اليأس من النفع بالبيان.
فإذا تقررت نبوة النبي في قومه قامت الحجة على غيرهم، فإن أقارب الإنسان ومخالطيه المطلعين على حاله والعارفين بوجوه الطعن عليه أكثر من غيرهم إذا سلموا ووافقوا، فغيرهم أولى أن يسلم ويوافق. فهذه هي الحكمة في إرسال الرسول بلسان قومه ومن قومه.
وفرق بين قوله تعالى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ﴾ وبين قوله : " وما أرسلنا من رسول إلا لقومه ". فالقول الثاني هو المفيد لاختصاص الرسالة بهم لا الأول. بل لا فرق بين قوله تعالى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ﴾ وبين قوله : " وما أرسلنا من رسول إلا مكلفا بهداية قومه "، فكما أن الثاني لا إشعار له بأنه لم يكلف بهداية غيرهم، فكذلك الأول.
فمن لم تكن لديه معرفة بدلالة الألفاظ ومواقع الخطابات سوى بين المختلفات وفرق بين المؤتلفات. ( الذخيرة : ٩/١٩٠. الأجوبة الفاخرة : ٦٩ إلى ٧١ ).
والجواب : أن حصر الكفار لهم حصر مطلق. وتقديره : " ما أنتم مثلنا مطلقا في نفس الأمر ليس لكم مزية على ما نحن فيه "، فحصروا رسلهم في صفات البشرية المعتادة، ليمنعوهم من الاتصاف بغيرها في الواقع. وأما حصر الرسل فليس على الإطلاق، بل حصروا أنفسهم في البشرية المعتادة باعتبار ذواتهم مع قطع النظر عن تفضل الله تعالى عليهم. فهم يقولون : " أما نحن من حيث ذواتنا فليس لنا إلا البشرية الصرفة، وإنما جاءنا ما ندعيه من الرسالة من فضل ربنا لا من ذواتنا ". فلم يمنعوا في حصرهم الاتصاف بالرسالة الربانية مطلقا، بل من جهة ذواتهم خاصة، كما قال الله تعالى :﴿ إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ﴾١، أي : " ليس له من ذاته إلا العبودية، وما زاد عن ذلك فمن إنعام الله تعالى عليه ". وأما الكفار فسلبوا في حصرهم سلبا عاما، وسلب الرسل خاص. وأما الثبوت في الكلامين فواحد، إنما افترقا من جهة السلبين. فهذا هو الفرق بين الحصرين والاستثناءين.
وأما المستثنى والمستثنى منه في الكلامين، فهو في المعنى من الأحوال والصفات، أي : " لا صفة ولا حالة لكم إلا البشرية ". وأما من حيث اللفظ فالاستثناء من الإخبار عن هذا المبتدإ المذكور بعدها، أي : جميع ما يخبر به عنه منفي إلا البشرية، فإنها ثابتة خبرا عنه. ( الاستغناء : ٢١٥- ٢١٦ ).
والجواب : أن حصر الكفار لهم حصر مطلق. وتقديره :" ما أنتم مثلنا مطلقا في نفس الأمر ليس لكم مزية على ما نحن فيه "، فحصروا رسلهم في صفات البشرية المعتادة، ليمنعوهم من الاتصاف بغيرها في الواقع. وأما حصر الرسل فليس على الإطلاق، بل حصروا أنفسهم في البشرية المعتادة باعتبار ذواتهم مع قطع النظر عن تفضل الله تعالى عليهم. فهم يقولون :" أما نحن من حيث ذواتنا فليس لنا إلا البشرية الصرفة، وإنما جاءنا ما ندعيه من الرسالة من فضل ربنا لا من ذواتنا ". فلم يمنعوا في حصرهم الاتصاف بالرسالة الربانية مطلقا، بل من جهة ذواتهم خاصة، كما قال الله تعالى :﴿ إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ﴾١، أي :" ليس له من ذاته إلا العبودية، وما زاد عن ذلك فمن إنعام الله تعالى عليه ". وأما الكفار فسلبوا في حصرهم سلبا عاما، وسلب الرسل خاص. وأما الثبوت في الكلامين فواحد، إنما افترقا من جهة السلبين. فهذا هو الفرق بين الحصرين والاستثناءين.
وأما المستثنى والمستثنى منه في الكلامين، فهو في المعنى من الأحوال والصفات، أي :" لا صفة ولا حالة لكم إلا البشرية ". وأما من حيث اللفظ فالاستثناء من الإخبار عن هذا المبتدإ المذكور بعدها، أي : جميع ما يخبر به عنه منفي إلا البشرية، فإنها ثابتة خبرا عنه. ( الاستغناء : ٢١٥- ٢١٦ ).
٧٥٠- روى ابن وهب عن مالك ترددا في الدهر : هل هو سنة أم لا ؟. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سنة، لقوله تعالى :﴿ تؤتي أكلها كل حين ﴾ إشارة إلى أن الشجرة إذا حملت في وقت لا تحمل بعد ذلك إلا في ذلك الوقت.
وهذه الإشارات كلها إلى أصل وجود الاستعمال، ولا يلزم من حصول أصل الاستعمال أن يحمل اللفظ عليه من غير قرينة صارفة، ولا يلزم من استعمال اللفظ المتواطئ في بعض أفراده مرة واحدة أو مرات أن يقال له : شرعي، ولا عرفي، بل ذلك شأن استعمال اللفظ المتواطئ ينتقل في أفراده. والمنقول في اللغة أن " الحين " اسم لجزء ما من الزمان، وإن قل فهو يصدق على القليل والكثير. ( الفروق : ٣/٨٥ ).