تفسير سورة الفرقان

غريب القرآن لابن قتيبة
تفسير سورة سورة الفرقان من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة .
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة الفرقان
مكية كلها
١- تَبارَكَ من البركة.
٣- و (النّشور) : الحياة بعد الموت.
افْتَراهُ: تخرّضه.
١٢- سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً أي: تغيظا عليهم. كذلك قال المفسرون.
وقال قوم: «بل يسمعون فيها تغيظ المعذبين وزفيرهم». واعتبروا ذلك بقول الله جل ثناؤه: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ [سورة هود آية: ١٠٦].
واعتبر الأولون قولهم، بقوله تعالى في سورة الملك: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ. وهذا أشبه التفسيرين- إن شاء الله- بما أريد، لأنه قال سبحانه:
سَمِعُوا لَها، ولم يقل: سمعوا فيها، ولا منها.
١٣- دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً أي: بالهلكة. كما يقول القائل:
وا هلاكاه!.
١٨- نَسُوا الذِّكْرَ يعني: القرآن.
وَكانُوا قَوْماً بُوراً أي هلكي، وهو من «بار يبور» : إذا هلك
266
وبطل. يقال: بار الطعام، إذا كسد. وبارت الأيّم: إذا لم يرغب فيها.
وكان رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- يتعوّذ بالله من بوار الأيّم.
قال ابو عبيدة: «يقال: رجل بور، [ورجلان بور]، وقوم بور. ولا يجمع ولا يثني». واحتج بقول الشاعر:
يا رسول المليك! إنّ لساني راتق ما فتقت إذ انا بور
وقد سمعنا [هم يقولون] : رجل بائر. ورأيناهم ربما جمعوا «فاعلا» على «فعل»، نحو عائذ وعوذ، وشارف وشرف.
١٩- فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً، وَلا نَصْراً. قال يونس: الصّرف:
الحيلة من قولهم: إنه ليتصرف [أي يحتال].
فأما قولهم: «ما يقبل منه صرف ولا عدل»، فيقال: إن العدل الفريضة، والصرف النافلة. سميت صرفا: لأنها زيادة على الواجب.
وقال ابو إدريس الخولانيّ «١» :«من طلب صرف الحديث- يبتغي به إقبال وجوه الناس إليه- لم يرح رائحة الجنة». أي طلب تحسينه بالزيادة فيه.
وفي رواية أبي صالح: «الصّرف: الدّية. والعدل: رجل مثله» كأنه يراد: لا يقبل منه ان يفتدي برجل مثله وعدله، ولا ان يصرف عن نفسه بدية.
ومنه قيل: صيرفيّ، وصرفت الدراهم بدنانير. لأنك تصرف هذا إلى هذا.
وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ أي يكفر.
(١) هو أبو إدريس الخولاني عائذ بن عبد الله فقيه أهل الشام وقاصهم وقاضيهم، سمع من أبي الدرداء وطبقته، وقال ابن عبد الله: سماع أبي إدريس عندنا عن معاذ صحيح. توفي سنة ثمانين للهجرة. (انظر شذرات الذهب ص ٨٨ ج ١).
267
٢٠- وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً يعني: الشريف للوضيع، والوضيع للشريف.
٢١- وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا أي لا يخافون.
٢٢- وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً أي: حراما محرّما ان تكون لهم بشري.
وإنما قيل للحرام حجر: لأنه حجر عليه بالتحريم. يقال: حجرت حجرا. واسم ما حجرت عليه: حجر.
٢٣- وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ أي عمدنا إليه، فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً. وأصل «الهباء المنثور» : ما رأيته في الكوة، مثل الغبار، من الشمس. واحدها: هباءة و «الهباء المنبث» : وأسطع من سنابك الخيل وهو من «الهبوة» والهبوة: الغبار.
٢٥- تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ أي تتشقق عن الغمام. وهو سحاب أبيض، فيما يذكر.
٢٧- يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا أي سببا ووصلة.
٣٠- يا رَبِّ! إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً: هجروا فيه، أي: جعلوه كالهذيات. والهجر الاسم. يقال: فلان يهجر في منامه، أي يهذي.
٣٨- وَأَصْحابَ الرَّسِّ والرسّ: المعدن. قال الجعدي:
تنابلة يحفرون الرّساسا «١» أي آبار المعدن. وكلّ ركيّة تطوي فهي: رسّ.
٣٩- تَبَّرْنا تَتْبِيراً أي أهلكنا ودمّرنا.
(١) البيت هو.
سبقت إلى فرط بأهل... تنابلة يحفرون الرساسا
[.....]
٤٣- أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ؟ يقول: يتّبع هواه ويدع الحقّ، فهو له كالإله. أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا؟! أي كفيلا. وقيل: حافظا.
٤٥- كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وامتداده: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي مستقرّا دائما لا تنسخه الشمس.
٤٦- ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً أي خفيّا. كذلك هو في بعض اللغات.
٤٧- جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً أي سترا. وَالنَّوْمَ سُباتاً أي راحة. وأصل السّبات: التمدّد. وقد بينت هذا في كتاب «المشكل».
وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً أي ينتشرون فيه.
٥٠- وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ يعني المطر: يسقي أرضا، ويترك أرضا.
٥٢- وَجاهِدْهُمْ بِهِ أي بالقرآن.
٥٣- وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ أي خلاهما. يقال: مرج السلطان الناس، إذا خلّاهم. ويقال: امرج الدابة، إذا رعاها.
و (الفرات) : العذب.
و (الأجاج) : أشدّ المياه ملوحة. وقيل: هو الذي يخالطه مرارة.
ويقال: ماء ملح، ولا يقال: مالح.
وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً أي حاجزا- وكذلك الحجز والحجاز-: لئلا يختلطا.
٥٤- خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً يعني من النّطفة. فَجَعَلَهُ نَسَباً يعني قرابة النّسب، وَصِهْراً يعني: قرابة النكاح.
٥٥- ظَهِيراً أي عونا.
٦٢- جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً أي يخلف هذا هذا. قال زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
«الآرام» : الظباء البيض. والآرام: الأعلام. واحدة: أرم. أي إذا ذهب فوج الوحش، جاء فوج.
٦٣- وَعِبادُ الرَّحْمنِ أي عبيد الرحمن. نسبهم إليه- والناس جميعا عبيده-: [لأصطفائه] إيّاهم. كما يقال: «بيت الله» - والبيوت كلها لله- و «ناقة الله».
يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً. أي مشيا رويدا.
وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً أي سدادا من القول: لا رفث فيه، ولا هجر.
٦٥- كانَ غَراماً أي هلكة.
٦٨- وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً أي عقوبة. قال الشاعر:
[عقوقا] والعقوق له أثام «١» أي عقوبة.
٧٢- مَرُّوا كِراماً: لم يخضوا فيه، وأكرموا أنفسهم عنه.
٧٣- لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً أي لم يتغافلوا عنها: فكأنهم صمّ لم يسمعوها، عمي لم يرها.
٧٧- قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي مفسر في كتاب «المشكل».
(١) البيت لبلعام بن قيس الكناني وهو:
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
جزى الله ابن عروة حيث أمس عقوقا والعقوق له أثام