تفسير سورة الأنبياء

المصحف المفسّر
تفسير سورة سورة الأنبياء من كتاب المصحف المفسّر .
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة الأنبياء وآياتها اثنتا عشرة ومائة

تفسير المعاني :
اقترب يوم القيامة، وأزف وقوف الناس للحساب وهم لا يزالون في غفلة معرضين.
تفسير الألفاظ :
﴿ محدث ﴾ أي جديد. ﴿ يلعبون ﴾ أي يستهزئون.
تفسير المعاني :
ما يأتيهم من ذكر جديد إلا استمعوه وهم يستهزئون.
تفسير الألفاظ :
﴿ وأسرّوا النجوى ﴾ أي وأخفوا التحادث. يقال ناجاه يناجيه حادثه، والنجوى التحادث. ﴿ الذين ظلموا ﴾ فاعل وأسرّوا بدل من الواو.
تفسير المعاني :
لاهية قلوبهم، وأخفى الذين ظلموا تحادثهم ليخفوا ما ينوونه من الدسائس، وقالوا : هل محمد إلاّ بشر مثلكم ؟ أفتقعون في السحر وأنتم تبصرون ؟
تفسير الألفاظ :
فقل لهم : إن كنتم تكتمون ما تتناجون فيه، فإن الله يعلم كل ما يحدث في السماوات والأرض من خفيّات الأمور ودقائق الأحوال، فلا فائدة من تكلفكم التخفّي فإن الله يفضحكم ويمكنه منكم، إن ربي سميع لما يهمس به في الآذان، بل ولما لا يمر على اللسان.
تفسير الألفاظ :
﴿ أضغاث أحلام ﴾ أي تخاليط أحلام. الأضغاث جمع ضِغث، وهي الحزمة الصغيرة. والحزمة خليط من نباتات مختلفة شبهت بها تخاليط الأحلام.
تفسير المعاني :
بل قالوا : إن ما يقوله محمد تخاليط أحلام، بل افتراء على الله، بل هو شاعر، فإن كان يريد منا أن نؤمن به فليأتنا بمعجزة كما أرسل الأنبياء الأوّلون على أممهم بالمعجزات. قال هؤلاء الكفرة هذا القول وغفلوا عن أن كل الأمم المتقدمة جاءتها معجزات باهرة، فما رفعوا بها رأسا، وما زالوا مصرّين على ما هم عليه حتى أتاهم العذاب فهلكوا.
تفسير الألفاظ :
﴿ أهل الذكر ﴾ هم أهل العلم بالكتب الإلهية السابقة، والعارفون بسنن الله في خلقه.
تفسير المعاني :
وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ما نشاء لا ملائكة، فاسألوا أهل الكتب السابقة إن كنتم لا تعلمون.
تفسير المعاني :
وما جعلنا الرسل أجسادا لا يأكلون الطعام، بل كانوا يأكلون ويشربون كسائر الناس، وما كانوا خالدين بل ماتوا كما مات غيرهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ثم صدقناهم الوعد ﴾ أي ثم أنجزنا لهم الوعد.
تفسير المعاني :
ثم أنجزنا لهم ما وعدناهم به من النصر، فأنجيناهم ومن شئنا من المؤمنين، وأهلكنا الذين أسرفوا في الكفر من المعاندين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لقد أنزلنا إليكم كتابا ﴾ الخطاب للعرب، والكتاب المراد به القرآن. ﴿ فيه ذكركم ﴾ أي فيه صيتكم وحسن سمعتكم، لقوله :﴿ وإنه لذكر لك ولقومك ﴾. وقيل معناه : فيه موعظتكم، أو ما تطلبون به حسن الذكر من مكارم الأخلاق.
تفسير المعاني :
لقد أنزلنا إليكم أيها العرب كتابا فيه موعظتكم أفلا تعقلون فتؤمنوا به ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ وكم قصمنا من قرية ﴾ أي وكم أهلكنا من قرية. والقَصْم كسر يبطل تلاؤمها وحركتها. فعله قصمه يقصمه قصما.
تفسير المعاني :
وكم أهلكنا من قرية كانت ظالمة، وأنشأنا بعدها قوما آخرين !
تفسير الألفاظ :
﴿ فلما أحسوا بأسنا ﴾ أي فلما شعروا بشدّة عذابنا. ﴿ يركضون ﴾ أي يهربون مسرعين راكضي دوابهم. يقال ركض دابته يركضها ركضا، أي دفعها في الجرى.
تفسير المعاني :
فلما شعروا بعذابنا إذا هم منها يهربون.
تفسير الألفاظ :
﴿ وارجعوا على ما أترفتم فيه ﴾ الإتراف إبطار النعمة، والترف التنعم، وأترفته النعمة أي أبطرته.
تفسير المعاني :
فقيل لهم : لا تهربوا وارجعوا إلى النعم التي أبطرتكم وإلى مساكنكم لعلكم تسألون عن أعمالكم أو تعذبون.
تفسير المعاني :
قالوا : يا ويلنا إنا كنا ظالمين لأنفسنا.
تفسير الألفاظ :
﴿ حصيدا ﴾ أي مثل الحصيد، وهو النبت المحصود.
تفسير المعاني :
فما زالوا يرددون قولهم ذلك حتى جعلناهم كالنبات المحصود.
تفسير المعاني :
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاهين.
تفسير المعاني :
لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من جهة قدرتنا إن كنا فاعلين.
تفسير الألفاظ :
﴿ نقذف ﴾ أي نرمي. ﴿ فيدمغه ﴾ أي فيكسر دماغه. وفي هذا التعبير مبالغة بديعة في إزهاق الباطل. ﴿ زاهق ﴾ أي هالك. ﴿ الويل ﴾ أي العذاب والهلاك.
تفسير المعاني :
بل نرمي بالحق على الباطل فيمحقه فإذا هو هالك، ولكم الويل مما تصفونه به.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومن عنده ﴾ يعني الملائكة. ﴿ ولا يستحسرون ﴾ أي ولا يكلون من الحسور وهو الإعياء.
تفسير المعاني :
وله كل من في السماوات والأرض خلقا وملكا، ومن عنده من الملائكة لا يستكبرون عن عبادته ولا يكلون.
تفسير الألفاظ :
﴿ يسبحون ﴾ أي ينزّهون.
تفسير المعاني :
يسبّحونه الليل والنهار لا يفترون.
تفسير الألفاظ :
﴿ هم ينشرون ﴾ أي يحيون الموتى. يقال أنشره ينشره أي بعثه بعد الموت.
تفسير المعاني :
أم اتخذوا لهم آلهة من الأرض محتقرين، لهم قدرة على إحياء الموتى كما يحييها الله ؟ بل هم لا يعقلون.
تفسير المعاني :
لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا، فسبحان الله رب العرش عما يصفونه به من حاجته إلى الشركاء والشفعاء.
تفسير المعاني :
لا يسأل عما يفعل لأنه المتصرّف المطلق، وهم يسألون لأنهم مملوكون مربوبون.
تفسير المعاني :
أم اتّخذوا لهم من دونه آلهة ؟ فقل : هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين في زعمكم أنهم آلهة، فلو عجزتم عن إقامة الدليل فأنتم ضالّون. هذا القرآن فيه ذكر المعاصرين لي وذكر السابقين من الأمم، فانظروا هل تجدون في الكتب السماوية غير الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك بالله ؟ بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون.
تفسير المعاني :
وما أرسلنا قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدوني.
تفسير المعاني :
وزعموا أن الله اتخذ ولدا، سبحانه عما يقولون، بل الذين قالوا عنهم إنهم أولاده هم عباد له مكرمون. " نزلت هذه الآية في نبي خزاعة حيث قالوا : إن الملائكة بنات الله ".
تفسير المعاني :
لا يقولون شيئا حتى يكون هو البادئ به، وهم بأمره يصدعون.
تفسير الألفاظ :
﴿ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ﴾ أي يعلم ما هو أمامهم وخلفهم. والمراد : لا تخفى عليه منهم خافية مما قدموا وأخرجوا. ﴿ مشفقون ﴾ أي خائفون. يقال أشفق منه أي خاف منه، وأشفق عليه أي خاف عليه.
تفسير المعاني :
يعلم ما قدّموا وما أخروا، ولا يشفعون إلا لمن أراد أن يشفعوا له وهم منه خائفون.
تفسير المعاني :
ومن يزعم منهم أنه إله جزيناه جهنم، وعلى هذا النحو نجزي الظالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ كانتا رتقا ﴾ أي كانتا مرتوقتين، أي مضمومتين ملتحمتين، ورتق بين الشيئين يرتق أي ضمهما ولحمهما. يقال شيء رتق أي مرتوق كشيء رَفْض أي مرفوض.
تفسير المعاني :
ألم ير الكافرون أن السماوات والأرض كانتا جميعا كتلة واحدة ففصلنا بعضها عن بعض، وجعلناها كواكب وشمسا وتوابع، وجعلنا من الماء كل حيوان ونبات أفلا يؤمنون ؟ " نقول : هذا من أغرب معجزات القرآن. فإن العلم الحديث يقرر ذلك حرفيا ".
تفسير الألفاظ :
﴿ رواسي ﴾ أي جبالا رواسي، أي ثابتات. يقال رسا الشيء يرسو رسوا أي رسخ وثبت. ﴿ أن تميد ﴾ أي كراهة أن تميد، أي تميل وتضطرب. ﴿ فجاجا ﴾ جمع فج، أي طرقا واسعة.
تفسير المعاني :
وجعلنا في الأرض جبالا رواسخ كراهة أن تميل بكم وتضطرب، وجعلنا فيها طرقا واسعة لعلهم يهتدون إلى منافعهم فيها.
تفسير المعاني :
وجعلنا السماء سقفا محفوظا من السقوط وهم عن آياتنا معرضون.
تفسير المعاني :
وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسرعون إسراع السابح على سطح الماء.
تفسير الألفاظ :
﴿ الخلد ﴾ أي الخلود.
تفسير المعاني :
وما جعلنا لأحد من قبلك الخلود في الأرض أفإن متّ فهم يخلدون ؟ " نزلت هذه الآية حين قالوا نتربص به ريب المنون.
تفسير الألفاظ :
﴿ ونبلوكم ﴾ أي نختبركم. ﴿ فتنة ﴾ أي ابتلاء.
تفسير المعاني :
ننتظر حتى يموت فنرتاح منه " كل نفس ذائقة الموت، ونبلوكم بتسليط البلايا عليكم أو بغمركم بالنعم، اختبارا لقواكم المعنوية، وتربية لصفاتكم النفسية وإلينا ترجعون.
تفسير الألفاظ :
﴿ إن يتخذونك ﴾ أي ما يتخذونك.
تفسير المعاني :
وإذا رآك الذين كفروا لا يتخذونك إلا هزوا، ويقولون : أهذا الذي يذكر آلهتكم بسوء ؟ وهم كافرون بذكر الله وبتوحيده.
تفسير المعاني :
خلق الإنسان من عجل، أي أنه قد طبع على العجلة فيريد أن يجد كل ما يجول في خاطره حاضرا، فتمهلوا سأريكم آياتي فلا تستعجلوني، فإن لكل شيء وقتا مقدرا لا يتقدم عنه ولا يتأخر.
تفسير المعاني :
ويقولون : متى يتحقق هذا الوعد بنزول العذاب إن كنتم الصادقين ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ لا يكفون ﴾ أي لا يمنعون.
تفسير المعاني :
لو يعلم الذين كفروا حين تحيط بهم النار من كل مكان فلا يستطيعون منعها عن وجوههم وظهرهم، لما استعجلوا نزول العذاب.
تفسير الألفاظ :
﴿ فتبهتهم ﴾ أي فتغلبهم أو تحيرهم. يقال بهته يبهته بهتا، أخذه بغتة فتحير ودهش. ﴿ ينظرون ﴾ أي يمهلون. يقال أنظره ينظره إنظارا أي أمهله.
تفسير المعاني :
بل تأتيهم الساعة بغتة فتحيرهم فلا يستطيعون ردّها ولا هم يمهلون.
تفسير الألفاظ :
﴿ فحاق ﴾ أي فأحاط. يقال حاق به العذاب يحيق حيقا، أي أحاط به. ﴿ سخروا ﴾ أي استهزءوا.
تفسير المعاني :
ولقد استهزأ الكافرون من كل الأمم برسل من قبلك، فأحاط بالذين استهزءوا بهم جزاء ما كانوا به يستهزئون.
تفسير الألفاظ :
﴿ يكلؤكم ﴾ أي يحفظكم. يقال كلأه يكلؤه كلأ أي حفظه.
تفسير المعاني :
قل لهم : من يحفظكم بالليل والنهار من بأس الرحمن غير رحمته التي وسعت كل شيء ؟ بل أكثرهم لا يُخطرون الله ببالهم فضلا عن أن يخافوا بأسه ويتّقوا عذابه.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولا هم منا يصحبون ﴾ أي ولا هم يُصحبون بنصر منا.
تفسير المعاني :
أم لهم آلهة تحميهم من عذابنا ؟ إنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم، فضلا عن نصرهم لغيرهم، ولا هم يصحبون بنصر منا.
تفسير المعاني :
بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طالت أعمارهم فحسبوا أنهم لا يزالون متمتعين، وأن تمتعهم كان بسبب ما هم عليه. وهذا خطأ. أفلا يرون أننا ننقص بلادهم من أطرافها بتسليط المسلمين عليها ؟ أفهم الغالبون لمحمد وأصحابه قل : إنما أنذركم بوحي من الله، ولا يسمع الطرش النداء إذا أنذروا.
تفسير الألفاظ :
﴿ أنذركم بالوحي ﴾ أي بما يوحي إليّ لا من تلقاء نفسي. ﴿ الصم ﴾ الطرش. يقال صَمّ يَصمُّ وأصمّ يصم، أي أصابه صمم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٤:تفسير المعاني :
بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طالت أعمارهم فحسبوا أنهم لا يزالون متمتعين، وأن تمتعهم كان بسبب ما هم عليه. وهذا خطأ. أفلا يرون أننا ننقص بلادهم من أطرافها بتسليط المسلمين عليها ؟ أفهم الغالبون لمحمد وأصحابه قل : إنما أنذركم بوحي من الله، ولا يسمع الطرش النداء إذا أنذروا.

تفسير الألفاظ :
﴿ نفحة ﴾ أي أدنى شيء. وأصل النفح هبوب رائحة الشيء، فعله نفح ينفح نفحا. ﴿ يا ويلنا ﴾ أي يا هلاكنا. والويل الهلاك والعذاب.
تفسير المعاني :
ولئن مسّهم شيء دنيء من عذاب الله ليقولن : يا ويلنا إنا كنا ظالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الموازين القسط ﴾ أي الموازين العادلة. وإنما أفرد القسط لأنه مصدر وصف به يستوي فيه المفرد والجمع، فعله قسط يقسط ويقسٌط قسطا أي عدل. ﴿ وإن كان مثقال حبة من خردل ﴾ أي وإن كان ثقل حبة من نبت الخردل، وهي حبة صغيرة جدا.
تفسير المعاني :
ونضع الموازين العادلة ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا. وإن كان ثقل حبة من خردل أتينا بها، وكفى بنا حاسبين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الفرقان ﴾ أي الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل.
تفسير المعاني :
ولقد أعطينا موسى كتابا فارقا بين الحق والباطل ونورا وموعظة للمتقين.
تفسير الألفاظ :
﴿ مشفقون ﴾ أي خائفون.
تفسير المعاني :
الذين يخافون ربهم دون أن يروا ما لديه من أنواع العذاب، وهم من القيامة وَجلون.
تفسير الألفاظ :
﴿ مبارك ﴾ أي كثير الخيرات.
تفسير المعاني :
وهذا ذكر، يعني القرآن، كثر الخيرات والفوائد أوحيناه إلى محمد، أفأنتم له منكرون ؟ فما أشد غفلتكم !
تفسير الألفاظ :
﴿ رشده ﴾ أي الهداية إلى وجوه الصلاح.
تفسير المعاني :
ولقد منحنا إبراهيم هدايته لطرق صلاحه من قبل موسى وهرون، وكنا بصلاحيته لما ندبناه إليه عالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لها عاكفون ﴾ أي مواظبون على عبادتها وملازمتها. والأصل أن عكف يعدّى بعلى، فيقال عاكفون عليها، فعديت هنا بإلى على تقدير أنتم فاعلون العكوف لها.
تفسير المعاني :
إذ قال لأبيه وقومه : ما هذه التماثيل التي أنتم على عبادتها مواظبون ؟
تفسير المعاني :
قالوا : وجدنا آباءنا يعبدونها فحذونا حذوهم.
تفسير المعاني :
قال : كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين. فاستبعدوا أن يبلغ الأمر بإبراهيم أن يحكم بضلال آبائهم.
تفسير المعاني :
فقالوا له : أبجد تقول ذلك، أم أنت من الهازلين ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ فطرهن ﴾ أي خلقهن. يقال فطره يفطره فطرا أي خلقه.
تفسير المعاني :
قال : بل ربكم رب السماوات والأرض الذي خلقهن، وأنا على ذلكم من الشاهدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لأكيدن أصنامكم ﴾ أي لأكسرنها، وإنما عبر عنه بالكيد لأن في كسرها تكلفا للحيلة.
تفسير المعاني :
ووالله لأكسرنّ أصنامكم بعد أن تذهبوا إلى عيدكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ جذاذا ﴾ أي قطعا من الجذّ وهو القطع. يقال جذّه يجذّه جذا قطعه.
تفسير المعاني :
فدخل إلى هيكلهم فحكم آلهتهم إلا أكبرها حجما لعلهم يرجعون إليه بالسؤال عمن فعل ذلك.
تفسير المعاني :
قالوا : من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين.
تفسير المعاني :
قالوا : سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم.
تفسير المعاني :
قالوا : فائتوا به بمرأى من الناس ليشهدوا عقوبتنا له.
تفسير المعاني :
قالوا لإبراهيم : أأنت صنعت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟
تفسير المعاني :
قال : لا، بل فعله كبيرهم هذا- وأشار إلى الصنم الأكبر الذي تركه سليما- فاسألوهم إن كانوا ينطقون.
تفسير المعاني :
فراجعوا عقولهم. وقال بعضهم لبعض : إنكم أنتم الظالمون لسؤاله هذا السؤال، أو بعبادة ما لا ينطق ولا يدفع عن نفسه ضرّا.
تفسير الألفاظ :
﴿ ثم نكسوا على رءوسهم ﴾ أي ثم انقلبوا على المجادلة بالباطل بعد ما كانوا مستقيمين بالمراجعة. شبّه رجوعهم إلى الباطل بانقلاب الشيء وصيرورة أسفله مستعليا على أعلاه. يقال نكس الشيء ينكسه نكسا، أي جعل أعلاه أسفله.
تفسير المعاني :
ثم عادوا فانقلبوا إلى المجادلة بالباطل، وقالوا له : لقد علمت أن هؤلاء الأصنام لا ينطقون.
تفسير المعاني :
فقال إبراهيم : أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضرّكم ولا أنفسهم ينصرون ؟
تفسير المعاني :
أفّ لكم " كلمة تضجر ومعناها قبحا لكم ونتنا لكم " وأفّ لما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ حرقوه ﴾ أي أحرقوه.
تفسير المعاني :
قالوا : أحرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم ناصريها حقا. فأوقدوا نارا عظيمة وألقوه فيها.
تفسير المعاني :
فقلنا : يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ وأرادوا به كيدا ﴾ أي أرادوا به مكرا.
تفسير المعاني :
وأرادوا به مكرا فجعلناهم الأخسرين.
تفسير المعاني :
ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين، وهي الشام، وكانوا بالعراق، فنزل إبراهيم بفلسطين ولوط بالمؤتفكة، وبينهما مسيرة يوم وليلة.
تفسير الألفاظ :
﴿ نافلة ﴾ أي عطية زائدة على طلبه. يقال نفله ينفله نفلا، أي أعطاه نافلة، أي عطاء زائدا على طلبه.
تفسير المعاني :
ووهبنا له إسحق- وكان يدعو الله أن يهبه ولدا- وزدناه ولدا آخر هو يعقوب، وكلا منهما جعلناه من الصالحين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أئمة ﴾ جمع إمام، وهو الذي يقتدى به.
تفسير المعاني :
وجعلناهم أئمة يهدون الناس إلى الحق بأمرنا لهم بذلك، وأوحينا إليهم فعل الخيرات ليحثوهم على الأخذ بها ليجمعوا بين العلم والعمل، وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وكانوا لنا عابدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ حكما ﴾ أي حكمة أو بنوّة، وقيل فصلا بين الخصوم.
تفسير المعاني :
ولوطا منحناه حكمة وعلما، ونجيناه من القرية التي كانت اعتادت الخبائث، وهي اللواطة، إنهم كانوا قوم سوء خارجين عن الدين.
تفسير المعاني :
وأدخلناه في أهل رحمتنا إنه من الصالحين.
تفسير الألفاظ :
﴿ من الكرب العظيم ﴾ أي من الطوفان. وأصل الكرب الغمّ الشديد. يقال كربه الأمر يكربه كربا، أصابه منه غمّ شديد.
تفسير المعاني :
ونوحا إذ دعا على قومه بالهلاك، فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الغم الشديد وهو الطوفان.
تفسير المعاني :
ونصرناه من الكافرين إنهم قوم سوء فأغرقناهم أجمعين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الحرث ﴾ الزرع. ﴿ نفشت فيه ﴾ أي رعته ليلا. يقال نفشت الإبل تنفش وتنفش، رعت ليلا بلا راع.
تفسير المعاني :
وداود وسليمان إذ يحكمان في زرع رجل دخلت فيه غنم رجل آخر فرعته ليلا، فحكم داود بالغنم لصاحب الزرع. فقال ابنه سليمان، وهو ابن إحدى عشرة سنة : غير هذا أرفق بهما، وهو أن تدفع الغنم إلى صاحب الزرع لينتفع بألبانها وصوفها، ويسلم الزرع لصاحب الغنم ليقوم عليه حتى يعود لما كان عليه، فأصاب الحق في هذا الحكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ففهمناها سليمان ﴾ الضمير للفتوى، أي فهمنا الفتوى.
تفسير المعاني :
ففهمنا هذه الفتوى سليمان وكلا آتينا حكمة وعلما، وسخرنا مع داود الجبال والطير يسبّحن معه، وكنا فاعلين لأمثال هذه المعجزات.
تفسير الألفاظ :
﴿ صنعة لبوس ﴾ أي صنعة لباس، والمقصود به هنا الدرع. ﴿ لتحصنكم ﴾ أي لتحميكم. ﴿ من بأسكم ﴾ أي من شدّتكم.
تفسير المعاني :
وعلّمنا داود صنعة الدروع لتقيكم من شدّتكم في الحروب، فهل أنتم شاكرون ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ ولسليمان الريح ﴾ أي وسخرنا له الريح. ﴿ عاصفة ﴾ أي شديدة الهبوب. يقال عصفت الريح تعصف عصفا أي اشتد هبوبها. ﴿ الأرض التي باركنا فيها ﴾ هي الشام لأنها مقر الأنبياء.
تفسير المعاني :
وسخرنا لسليمان الريح شديدة الهبوب تحمل بساطه، وتجري به إلى الأرض التي باركنا فيها.
تفسير المعاني :
وأخضعنا له من الشياطين من يغوصون له البحار، ويستخرجون له منها اللآلئ، ويعملون له عملا دون ذلك، كبناء المدن والقصور.
تفسير المعاني :
وأيوب إذ دعها ربه أن يرفع عنه الضرّ، وكان قد ابتلاه الله بالمرض سنين بعد أن أهلك أولاده وماله.
تفسير المعاني :
فاستجاب له وأعاد له ضعف ما كان ذهب من ماله وعياله.
تفسير المعاني :
وإسماعيل وإدريس وذا الكفل، يعني إلياس، وقيل يوشع، وقيل زكريا لأنه كان ذا كفل من الله- والكفل الحظ والنصيب- كل هؤلاء كانوا من الصابرين.
تفسير المعاني :
وأدخلناهم في أهل رحمتنا إنهم من الصالحين.
تفسير الألفاظ :
﴿ وذا النون ﴾ أي وصاحب الحوت، هو يونس بن متى. والنون الحوت، جمعه نينان. ﴿ إذ ذهب مغاضبا ﴾ أي إذ هاجر مغاضبا قومه لشدّة ما لقى من عنادهم وكفرهم. ﴿ الظلمات ﴾ هي جمع ظلمة، وقيل ظلمات بطن الحوت.
تفسير المعاني :
وذا النون إذ ترك قومه دون إذن من الله ضجرا من شدّة عنادهم وتماديهم في كفرهم، فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في ظلمات الليل أوفي ظلمات بطن الحوت، إذ كان التقمة عقوبة من الله له، أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
تفسير المعاني :
فاستجبنا له ونجيناه من الغم بأن قذفه الحوت الذي كان التقمه إلى الساحل بعد أربع ساعات، وكذلك ننجي المؤمنين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا تذرني ﴾ أي لا تتركني. هذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر.
تفسير المعاني :
وزكريا إذ دعا ربه قائلا : رب لا تتركني وحيدا بلا ولد وأنت خير الوارثين، أي فإن لم ترزقني بولد وورثتني أنت فلا أبالي، فأنت خير وارث.
تفسير الألفاظ :
﴿ رغبا ورهبا ﴾ أي ذوي رغب في الثواب، وذوي رهب من العقاب.
تفسير المعاني :
فاستجبنا له ووهبنا له يحيى بعد أن أصلحنا له زوجه للولادة، إنهم كانوا يبادرون على وجوه الخيرات، ويدعوننا راغبين وخائفين، وكانوا لنا مخبتين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أحصنت ﴾ أي جعلته حصينا لا يتعدى عليه.
تفسير المعاني :
واذكر التي حمت نفسها من الرجال حلالا وحراما، فنفخنا فيها من روحنا، وآتيناها بولد دون ملامسة بشر، وجعلناها وابنها علامة بينة على قدرة الخالق.
تفسير الألفاظ :
﴿ أمة واحدة ﴾ أي متجانسة العناصر موّحدة الميول، وقائمة على جامعة مشتركة.
تفسير المعاني :
إن هذه أمتكم أيها المؤمنون أمة واحدة وحّد الله بينها في الدين، وأنا ربكم فاعبدوني.
تفسير الألفاظ :
﴿ وتقطعوا أمرهم ﴾ أي جعلوا أمرهم قطعا موزعة بينهم، وهذا كناية عن أنهم اختلفوا.
تفسير المعاني :
وأما الذين تفرقوا في الدين فقد مزقوا أمرهم وسيرجعون إلينا فنجازيهم على ما كانوا يفعلون.
تفسير المعاني :
فمن يعمل صالحا وهو مؤمن فلا جحد لسعيه، فإنا نثبت أعماله في صحيفته، فلا يضيع من حقه مثقال ذرة.
تفسير الألفاظ :
﴿ وحرام على قرية ﴾ أي وممتنع على أهلها.
تفسير المعاني :
وممتنع على قرية نهلكها أن تعود إلى الحياة ثانية.
تفسير الألفاظ :
﴿ حدب ﴾ أي نشز من الأرض. والنشز الارتفاع من الأرض. ﴿ ينسلون ﴾ أي يسرعون. يقال نسل الذئب ينسل نسلانا أي أسرع.
تفسير المعاني :
حتى إذا فتح سدّ يأجوج ومأجوج وهم من كل نشز من الأرض يسرعون.
تفسير الألفاظ :
﴿ الوعد الحق ﴾ هو القيامة. ﴿ شاخصة أبصار الذين كفروا ﴾ أي مفتوحة لا تطرف من الحيرة فعله : شخص بصره يشخص شخوصا. ﴿ يا ويلنا ﴾ يا هلاكنا. والويل العذاب والهلاك.
تفسير المعاني :
واقترب يوم القيامة فإذا أبصار الذين كفروا ناظرة لا تطرف من الحيرة، ويقولون : يا ويلتنا قد كنا في غفلة عن هذا، بل كنا ظالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ حصب ﴾ الحصب كل ما يرمى في النار من حطب وغيره. يقال حصبه يحصبه رماه بالحصباء.
تفسير المعاني :
إنكم وما تعبدون أيها الوثنيون ترمون في النار كما يرمى لها الحصب لتهيج وتشتد.
تفسير المعاني :
لو كانت أصنامكم هذه آلهة ما أدخلوا إلى النار وكل فيها خالدون.
تفسير الألفاظ :
﴿ زفير ﴾ أي أنين وتنفس شديد، فعله : زفر يزفر أي أخرج نفسه كمن صدره.
تفسير المعاني :
لهم فيها أنين : وتنفس طويل وهم لا يسمعون. صمّ من شدة العذاب.
تفسير الألفاظ :
﴿ الحسنى ﴾ أي الخصلة وهي السعادة.
تفسير المعاني :
إن الذين سبقت لهم منا السعادة أولئك عنها مبعدون.
تفسير الألفاظ :
﴿ حسيسها ﴾ الحسيس صوت يحس به.
تفسير المعاني :
لا يحسّون بصوت النار وهم فيها اشتهت أنفسهم مخلدون.
تفسير المعاني :
لا يحزنهم الفزع الأكبر فزع النفخ في الصور، أو فزع الحكم على الكافرين بالنار، وتتلقاهم الملائكة قائلين لهم : هذا يومكم الذي كنتم توعدون.
تفسير الألفاظ :
﴿ كطيّ السجل للكتب ﴾ السجل هو الدفتر الذي يحوي الكتب.
تفسير المعاني :
واذكر يوم نطوي السماء كطيّ الدفتر على ما حواه من الكتب لعدم الفائدة من وجودها بعد فناء بني آدم وانتقالهم للآخرة وقد كانت خاصة بهم، كما بدأنا أوّل خلق من العدم نعيده على العدم أيضا إنا كنا فاعلين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الزبور ﴾ كتاب داود. وكل كتاب يسمى زبورا، مأخوذ من زَبره يزبره زبرا، أي كتبه. ﴿ الذكر ﴾ المراد به هنا التوراة. وقيل اللوح المحفوظ.
تفسير المعاني :
ولقد كتبنا في الزبور المنزّل على داود من بعد التوراة، أن الأرض المقدسة، أو الأرض على وجه عام يرثها عبادي الصالحون لعمارتها واستثمار كنوزها والقيام بخلافة الله فيها.
تفسير الألفاظ :
﴿ إن في هذا لبلاغا ﴾ أي إن في هذا لكفاية، أو لسبب بلوغ. يقال في هذا بلاغ وبلغة وتبلغ أي كفاية.
تفسير المعاني :
إن في هذا، أي فيما ذكرنا من الأخبار والمواعيد، لكفاية لقوم يعبدون الله الحق، لا عابدين لأهوائهم متّبعين لأباطيلهم.
تفسير المعاني :
وما أرسلناك يا محمد إلا رحمة للعالمين ؛ لأن ما بعثت به بسبب لإصلاح شئونهم وتربية نفوسهم، وإقامتهم على منهاج الأحياء في محاولاتهم.
تفسير المعاني :
فقل لهم ما يوحي إليّ إلا أنه لا إله إلا إله واحد، فهل أنتم مستسلمون لهذه العقيدة، وتاركو ما أنتم عليه من أساطير الأولين وتقاليد المبطلين ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ آذنتكم على سواء ﴾ أي أعلمتكم ما أمرت به مستوين أنا وأنتم في العلم به. يقال آذنه بالخبر يؤذنه به إيذانا، أعلمه به. ﴿ وإن أدري ﴾ أي وما أدري.
تفسير المعاني :
فإن تولوا فقل : قد أعلمتكم بما أوحي إلي "، فاستوينا نحن وأنتم في العلم به، وما أدري أقريب أم بعيد ما توعدون به من العذاب ؟
تفسير المعاني :
إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تسرّون.
تفسير الألفاظ :
﴿ لعله فتنة لكم ﴾ أي لعلّ تأخير عذابكم وزيادة في افتتانكم أو في امتحانكم لينظر كيف تعلمون. ﴿ ومتاع إلى حين ﴾ أي وتمتيع لكم إلى أجل مقدر.
تفسير المعاني :
وما أدري ؟ لعلّ تأخير العذاب زيادة في اختباركم أو في استدراجكم وتمتيع إلى حين.
تفسير المعاني :
قال رسول الله : ربّ اقض بيننا بالحق. وربنا البليغ الرحمة، المستعان على مال تصفون من الحال بأن الغلبة ستكون لكم.
Icon