تفسير سورة الطور

معاني القرآن
تفسير سورة سورة الطور من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

وقوله عز وَجل :﴿ وَالطُّورِ ﴾.
أقسَم به وَهُو الجَبلُ الذي بمَدْيَنَ الذي كلّمَ اللهُ جلَّ وَعزَّ موسى عليه السلام عنده تكليماً.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ ﴾.
والرَّقُ : الصحائفُ التي تُخْرَجُ إلى بني آدَمَ، فآخِذٌ كتابَه بيمينهِ، وآخِذٌ كتابَه بشمالهِ.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ﴾.
بيت كان آدم صلى الله عليه بناه فرُفِع أيام الطوفانِ، وهو في السماء السادسَةِ بحيال الكعبةِ.
وقوله عز وجل :﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾.
كان على بن أبي طالب رحمه الله يقول : مسجورٌ بالنار، والمسجورُ في كلام العرب : المَمْلوء.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّماء مَوْراً ﴾.
تدورُ بما فيها وتسيرُ الجبال عن وجه الأرض : فتستوي هي والأرضُ.
وقوله عز وجل :﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نارِ جَهَنَّمَ ﴾.
يُدفعون : وكذلِكَ قولُه :﴿ فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ فَاكِهِينَ بِما آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ﴾.
مُعْجَبِينَ بما آتاهم ربُّهم.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم ﴾ :
قرأها عبدُ الله بن مسعود :( وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ). ﴿ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ على التوحيد.
قالَ حدثنا محمد بن الجهم قالَ : حدثنا الفراء قالَ : حدثني قيسُ والمفضلُ الضبي عن الأعمش عن إبراهيم، فأما المفضَّلُ فقال عن علقمة عن عبدِ اللهِ، وقالَ قيسٌ عن رجل عن عبد الله قالَ : قرأ رجل على عبدِ الله «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتّبَعهم ذُرِّيَّاتُهم بإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِِهم ». قال : فجعل عبدُ الله يقرؤها بالتوحيد. قالَ حتّى ردَّدَها عليه نحواً من عشرين مرةً لا يقول ليسَ كما يقولُ وقرأها الحسنُ : كلتيهما بالجمع، وقرأ بعض أهل الحجاز، الأولى بالتوحيد، والثانية بالجمع، ومعنى قوله :﴿ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم ﴾ يقالُ : إذا دَخَلَ أهلُ الجنةِ الجنة فإن كانَ الوالدُ أرفَع درجة من ابنه رُفِع ابنُه إليه، وإن كانَ الولدُ أرفعَ رُفعَ والدُه إليه :
[ ٥٧/ا ] وقوله عز وجل :﴿ وَما أَلَتْناهُمْ ﴾.
الألْتُ : النقصُ، وفيه لغةٌ أخرى :( وما لِتْناهم من عَملِهم من شيء )، وكذلِكَ هي في قراءة عبد الله، وأبي بن كعب قالَ الشاعرُ :
أبلغْ بني ثُمَلٍ عنِّى مُغَلْغَلَة جَهْدَ الرسالةِ لا أَلْتاً ولا كذِبا
يقولُ : لا نقصانٌ، ولا زيادةٌ، وقالَ الآخِرُ :
وليلةٍ ذات نَدىً سَرَيتُ ولم يَلتْني عن سُرَاها لَيْتُ
واللَّيْتُ ها هُنا مصدر لم يَثْننِي عنها نَقْصٌ بي ولا عَجْزٌ عنها.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ إِنا كُنا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ﴾.
إِنَّه قرأها عاصم والأعمشُ، والحسنُ ( إِنَّه ) بكسرِ الألفِ، وقرأها أبو جعفر المدني ونافع ( أنَّه )، فمن : كسرَ استأنفَ، ومَن نصَبَ أراد : كُنا ندعوه بأنه بَرٌ رحِيمٌ، وهو وجه حسنٌ. قال الفراء : الكسائي يفتحُ ( أنَّه )، وأنا أكسِرُ، وإنما قلتُ : حسنٌ لأن الكسائي قرأه.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴾.
أوجاعَ الدَّهر، فيشغل عنكم، ويتفرّقُ أصحابُه أو عُمْر أبائه، فإنا قد عرفنا أعمارَهم.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَذَا ﴾.
الأحلامُ في هذا الموضع : العقولُ والألبابُ.
وقوله عز وجل :﴿ الْمُصَيْطِرُونَ ﴾. و ﴿ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾.
[ ٥٧/ب ] كِتابتُها بالصاد، والقراءة بالسينِ والصادِ. وقرأها الكسائي بالسين ومثله : بصطةٌ، وبسطةً كُتبت بعضُها بالصادِ، وبعضُها بالسين. والقراءة بالسين في بَسَطة، ويَبْسُط وكل ذلِكَ أحسبُهُ قال صواب.
قال [ قال ] الفرَّاء : كُتِبَ في المصاحف في البقرة بَسْطةً، وفي الأعرافِ بصطةً بالصاد وسائر القرآنِ كُتبَ بالسين.
وقولُه عز وجل :﴿ حَتَّى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ ﴾ بالألف، وَقد قرأ بعضُهم ( يَلْقَوْا ) وَالملاقاة أعرَبُ وكلُّ حسنٌ.
وقوله عز وجل :﴿ فِيهِ يُصْعَقُونَ ﴾ قرأها عاصم، وَالأعمشُ ( يَصعقون ) [ وأهلُ الحجاز ( يُصعقون ) ] وَقرأها أبو عبد الرحمن السُّلميّ ( يَصعقون ) بفتح الياء مثل الأعمش.
وَالعربُ تقولُ : صُعِق الرجُلُ، وَصَعق وَسُعِد، وَسَعِدَ لغاتٌ كلُّها صوابٌ.
Icon