تفسير سورة المدّثر

روح البيان
تفسير سورة سورة المدثر من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

قدم لنفسك قبل موتك صالحا واعمل فليس الى الخلود سبيل
(وروى) عن عمر رضى الله عنه انه اتخذ حيسا يعنى تمرا بلبن فجاءه مسكين فأخذه ودفعه اليه فقال بعضهم ما يدرى هذا المسكين ما هذا فقال عمر لكن رب المسكين يدرى ما هو فكأنه قال وما تقدموا إلخ
تو نيكى كن بآب انداز اى شاه اگر ماهى نداند داند الله
وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ اى سلوا الله المغفرة لذنوبكم فى جميع أوقاتكم وكافة أحوالكم فان الإنسان قلما يخلوه عن تفريط وكان السلف الصالح يصلون الى طلوع الفجر ثم يجلسون للاستغفار الى صلاة الصبح واستحب الاستغفار على الأسماء من القرآن مثل أن يقول استغفر الله انه كان توابا استغفر الله ان الله غفور رحيم استغفر الله انه كان غفارا رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ يغفر ما دون أن يشرك به رَحِيمٌ يبدل السيئات حسنات وفى عين المعاني غفور يستر على اهل الجهل والتقصير رحيم يخفف عن اهل الجهل والتوفير ومن عرف انه الغفور الذي لا يتعاظمه ذنب يعفره اكثر من الاستغفار وهو طلب
المغفرة ثم ان كان مع الانكسار فهو صحيح وان كان مع التوبة فهو كامل وان كان عريا عنهما فهو باطل ومن كتب سيد الاستغفار وجرعه لمن صعب عليه الموت انطلق لسانه وسهل عليه الموت وقد جرب مرارا وسيد الاستغفار قوله اللهم أنت ربى لا اله الا أنت خلقتنى وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبي فاغفرلى انه لا يغفر الذنوب الا أنت تمت سورة المزمل بعونه تعالى يوم الأربعاء الثاني والعشرين من ذى القعدة من سنة ست عشرة ومائة وألف
تفسير سورة المدثر
مكية وآيها ست وثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) بتشديدين أصله المتدثر وهو لابس الدثار وهو ما يلبس فوق الشعار الذي بلى الجسد ومنه قوله عليه السلام الأنصار شعار والناس دثار وفيه اشارة الى ان الولاية كالشعار من حيث تعلقها بالباطن والنبوة كالدثار من حيث تعلقها بالظاهر ولذلك خوطب عليه السلام فى مقام الانذار بالمدثر (روى) عن جابر رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال كنت على جبل حرآء فنوديت يا محمد انك رسول الله فنظرت عن يمينى وعن يسارى ولم أر شيأ فنظرت فوقى فاذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض يعنى الملك الذي ناداه فرعبت ورجعت الى خديجة رضى الله عنها فقلت دثرونى دثرونى وصبوا على ماء باردا فنزل جبريل وقال يا أيها المدثر يعنى انه انما تدثر بناء على اقشعرار جلده وارتعاد فرآئصه رعبا من الملك النازل من حيث انه رأى ما لم يره قبل
وذلك ان الغادر والفاجر يسمى دنس الثياب كما ان اهل الصدق والوفاء يسمى طاهر الثياب. ودر نفحات از شيخ ابو الحسن شاذلى قدس سره نقل ميكند كه حضرت رسالت را ﷺ در خواب ديدم ومرا كفت اى على طهر ثيابك من الدنس تحفظ بمدد الله فى كل نفس يعنى پاكيزه كردان جامهاى خود را از چرك تا بهره مند كردى بمدد وتأييد خداى تعالى در هر نفسى كفتم يا رسول الله ثياب من كدامست فرمود كه بر تو حق تعالى پنج خلعت پوشانيد خلعت محبت وخلعت معرفت وخلعت توحيد وخلعت ايمان وخلعت اسلام هر كه خدايرا دوست دارد بر وى آسان شود هر چيز وهر كه خدايرا بشناسد در نظر وى خرد نمايد هر چيز وهر كه خدايرا به يكانكى بداند بوى شريك نيارد هيچ چيز را وهر كه خداى تعالى را ايمان آرد ايمن كردد از هر چيز وهر كه بإسلام متصف بود خدايرا عاصى نشود واگر عاصى شود اعتذار كند و چون اعتذار كند قبول افتد بفضل الله تعالى پس شيخ فرمود از اينجا دانستم قول خدايرا وثيابك فطهر
در تو پوشيد لطف يزدانى خلعتى از صفات روحانى
دارش از لوث خشم وشهوت دور تا بپاكيزكى شوى مشهور
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ قرأ عاصم فى رواية حفص الرجز بالضم والباقون بكسر الراء ومعناهم واحد وهو الأوثان وقد سبق معنى الهجر فى المزمل اى ارفض عبادة الأوثان ولا تقربها كما قال ابراهيم عليه السلام واجنبنى وبنى ان نعبد الأصنام ويقال الرجز العذاب اى واهجر العذاب بالثبات على هجر ما يؤدى اليه من الما آثم سمى ما يؤدى الى العذاب رجزا على تسمية المسبب باسم سببه والمراد الدوام على الهجر لانه كان بريئا من عبادة الأوثان ونحوها وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ برفع تستكثر لانه مستقبل فى معنى الحال اى ولا تعط مستكثرا اى رائيا لما تعطيه كثيرا او طالبا للكثير على انه نهى عن الاستغزار وهو أن يهب شيأ وهو يطمع أن يتعوض من الموهوب له اكثر مما أعطاه وهو جائز ومنه الحديث المستغزر يثاب من هبته اى يعوض منها والغزارة بالغين المعجمة وتقديم الزاى الكثرة فهو اما للتحريم وهو خاص برسول الله عليه السلام لعلو منصبه فى الأخلاق الحسنة ومن ذلك حلت الزكاة لفقراء أمته ولم تحل له ولأهله لشرفه او للتنزيه للكل اى له ولامته وقال بعضهم هو من المنة لان من يمن بما يعطى يستكثره ويعتد به والمنة تهدم الصنيعة خصوصا إذا من بعمله على الله بأن يعده كثيرا فان العمل من الله منة عليه كما قال تعالى بل الله يمن عليكم ومن شكر طول عمره بالعبادة لم يقض شكر نعمة الإيجاد فضلا عما لا يحصى من انواع الجود وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ اى فاصبر لحكم ربك ولا تتألم من اذية المشركين فان المأمور بالتبليغ لا يخلو عن أذى الناس ولكن بالصبر يستحيل المر حلوا وبالتمرن يحصل الذوق
تحمل چوزهرت نمايد نخست ولى شهد كردد چودر طبع رست
وقال بعض اهل المعرفة اى جرد صبرك عن ملاحظة الغير فى جميع المراتب اى فى الصبر عن المعصية والصبر على الله والصبر فى البلاء كما قال تعالى واصبر وما صبرك الا بالله وقال القاشاني يا أيها المدثر
له فى وجاهته ولا فى ماله وكان يفتخر بنفسه ويقول أنا الوحيد ابن الوحيد ليس لى فى العرب نظير لا لأبى المغيرة نظير أيضا فسماه الله بالوحيد تهكما به واستهزاء بلقبه كقوله تعالى ذق انك أنت العزيز الكريم وصرفا له عن الغرض الذي يؤمونه من مدحه الى جهة ذمه بكونه وحيدا من المال والولد أو وحيدا من أبيه ونسبه لانه كان زنيما وهو من ألحق بالقوم وليس منهم كما مر أو وحيدا فى الشرارة والخباثة والدناءة وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً اى مبسوطا كثيرا وهو ما كان له بين مكة ولطائف من صنوف الأموال وقال النوري كان له ألف ألف دينار وَبَنِينَ ودادم او را پسران شُهُوداً جمع شاهد مثل قاعد وقعود وشهده كسمعه حضره اى حضورا معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم لا يفارقونه للتصرف فى عمل او تجارة لكونهم مكفيين لوفور نعمهم وكثرة خدمهم او حضورا معه فى الاندية والمحافل لوجاهتهم واعتبارهم وكان له عشرة بنين اسلم منهم ثلاثة خالد وهشام وعمارة قاله المفسرون وأطبق المحدثون على ان الوليد بن الوليد اسلم وعمارة قتل كافرا اما يوم بدر أو فى الحبشة على يد النجاشي قال السهيلي رحمه الله هم هشام بن الوليد والوليد بن الوليد وخالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله واما غير هؤلاء ممن مات منهم على دين الجاهلية فلم نسمه وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً وبسطت له الرياسة والجاه العريض فأتممت عليه النعمة فان اجتماع المال والجاه هو الكمال عند اهل الدنيا ولذا كان يلقب ريحانة قريش والريحان نبت طيب الرائحة والولد والرزق وفى التأويلات النجمية يشير الى الوليد بن مغيرة النفس الوحيدة فى الشر والظلم والجور والجهل وكثرة اموال اعماله السيئة الذميمة وثروة أجناس أخلاقه الذميمة والى بنى اتباعه الخبيثة الخسيسة وبسطة وسلطنته ورياسته ووجاهته عند ارباب النفوس المتمردة عن أوامر الحق ونواهيه المعربدة مع الحق وأهاليه وهم القوى الطبيعية الظلمانية يعنى دعنى وإياه فانى أسلط عليه أبا بكر الخفي وعمر الروح وعثمان السر وعلى القلب حتى انهم بأنوار روحانيتهم يطمسون ظلمات نفسانيته ويغيرون على اعماله ويقتلون بنى اتباعه وشيعته ويطوون بساط سلطنته ويسدون باب بسطته ثُمَّ يَطْمَعُ يرجو أَنْ أَزِيدَ على ما أوتيه من المال والولد وثم استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه اما لانه لا مزيد على ما أوتيه سعة وكثرة يعنى انه اوتى غاية ما اوتى عادة لامثاله او لانه مناف لما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم اى لا يجمع له بعد اليوم بين الكفر والمزيد من النعم كَلَّا ردع وزجر له عن طمعه الفارغ وقطع لرجائه الخائب فيكون متصلا بما قبله إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً يقال عند خالف الحق ورده عارفا به فهو عنيد وعاند يعنى منكر وستيزه كننده. والمعاندة المفارقة والمجانبة والمعارضة بالخلاف كالعناد والعنيد هنا بمعنى المعاند كالجليس والاكيل والعشير بمعنى المجالس والمؤاكل والمعاشر وهو تعليل لما قبله على وجه الاستئناف التحقيقى فان معاندة آيات المنعم وهى الآيات القرآنية مع وضوحها وكفران له مع سبوغها مما يوجب حرمانه بالكلية وانما اوتى ما اوتى استدراجا وتقديم لآياتنا على متعلقه وهو عنيدا يدل على التخصيص فتخصيص العناد بها مع كونه
تاركا للعناد فى سائر الأشياء يدل على غاية الخسران قيل ما زال بعد نزول هذه الآية فى نقصان من ماله حتى هلك وهو فقير
آنكس كه نصيحت ز عزيزان نكند كوش بسيار بخايد سر انگشت ندامت
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً قال الراغب رهقه الأمر غشيه بقهر يقال رهقته وأرهقته مثل ردفته وأردفته وتبعته واتبعته ومنه ارهقت الصلاة اى أخرتها حتى غشى وقت الاخرى والصعود العقبة الشاقة ويستعار لكل مشاق وهو مفعول ثان لأرحق وفى بعض التفاسير صعودا اما فعول بمعنى فاعل يستوى فيه المذكر والمؤنث مثل عقبة كؤود فيكون من قبيل تسمية المحل باسم الحال أو بمعنى مفعول من صعده وهو الظاهر فيكون تذكيره اما باعتبار كون موصوفه طريقا او باتباع مثل كؤود والمعنى سأكلفه كرها بدل ما يطمعه من الزيادة ارتقاء عقبة شاقة المصعد على حذف المضاف بحيث تغشاه شدة ومشقة من جميع الجوانب على ان يكون الارهاق تكليف الشيء العظيم المشقة بحيث تغشى المكلف شدته ومشقته من جميع الجوانب وقال الغزالي رحمه الله حالة تصعد فيها نفسه للنزع وان لم يتعقبه موت انتهى وهو مثال لما يلقى من العذاب الصعب الذي لا يطاق ويجوز أن يحمل على حقيقته كما قال عليه السلام الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوى كذا ابدا. يعنى بر بالاى آن نتوان رفت او را در زنجيرهاى آتشين كشيده از پيش مى كشند واز عقب كرزهاى آتشين كشيده از پس مى كشند واز عقب كرزهاى آتشين ميزنند تا بر آنجا ميرود در هفتاد سال وباز كشتن وزير افتادن او همچنين است. قوله سبعين خريفا اى سبعين عاما لان الخريف آخر السنة فيه تتم الثمار وتدرك فصار بذلك كأنه العام كله وهذا كما تسمى العلة الصورية علة تامة لذلك قال فى القاموس الخريف كأمير ثلاثة أشهر بين القيظ والشتاء تخترف فيها الثمار اى تجتنى وعنه عليه السلام يكلف ان يصعد عقبه فى النار كلما وضع يده عليها ذابت فاذا رفعها عادت وإذا وضع رجله ذابت فاذا رفعها عادت إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ تعليل للوعيد واستحقاقه له من التفكير بمعنى التفكر والتأمل كما قال فى تاج المصادر التفكير انديشه كردن. والتقدير اندازه وتهيئه كردن. اى فكر ماذا يقول فى حق القرآن وشأنه من جهة الطعن وقدر فى نفسه ما يقوله وهيآه فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ تعجيب من تقديره وأصابته فيه الغرض الذي كان ينتحيه قريش قاتلهم الله او ثناء عليه بطريق الاستهزاء به على معنى ان هذا لذى ذكره وهو كون القرآن سحرا فى غاية الركاكة والسقوط او حكاية لما ذكروه من قولهم قتل كيف قدر تهكما بهم وباعجابهم بتقديره واستعظامهم لقوله ومعنى قولهم قتله الله ما اشجعه وأخزاه الله ما أشعره الاشعار بانه قد بلغ من الشجاعة والشعر مبلغا حقيقا بأن يدعو عليه حاسده بذلك وقد سبق فى قاتلهم الله فى المنافقين مزيد البيان (روى) ان الوليد مر بالنبي عليه السلام وهو يقر أحم السجدة وفى بعض التفاسير فواتح سورة حم المؤمن فقال لبنى مخزوم والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجن ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة اى حسنا وبهجة وقبولا وان أعلاه لمثمر وان
أسفله لمغدق اى كثير الماء شبه القرآن بالشجرة الغضة الطرية التي استحكم أصلها بكثرة الماء وأثمرت فروعها فى السماء واثبت له أعلى وأسفل ولأعلاه الأثمار ولأسفله الاغداق على طريق التخييل (قال الكاشفى) مر او را حلاوتى وعذوبتى هست كه هيچ سخن را نباشد وبروى طراوتى وتازكى هست كه هيچ حديثى را نبود اعلاى آن نهال مثمر سعادات كليه وأسفل اين شجره طيبه عروق فضائل وحكم عليه است. ثم قال الوليد وانه يعلو ولا يعلى فقالت قريش صبأ والله الوليد اى مال عن دينه وخرج الى دين غيره والله لتصبأن قريش كلهم اى بمتابعته لكونه رئيس القوم فقال ابن أخيه أبو جهل أنا أكفيكموه فقعد عنده حزينا وكلمه ما أحماه اى أغضبه. يعنى كفت كه قريش ميكويند تو سخنان محمد را عليه السلام پسند ميدهى وآنرا بزرك ميدارى وثنا ميكويى تا از فضله طعام ايشان بهره بردارى اگر چنين است تا همه قريش فراهم شوند وترا كفايتى حاصل كنند تا از طعام ايشان بى نياز شوى وليد اين سخن از ابو جهل بشنيد در خشم شد كفت الم تعلم قريش انى من أكثرهم مالا وولدا واين اصحاب محمد خود هركز از طعام سير نشوند واز فقر وفاقه نياسايند چهـ صورت بندد كه ايشانرا فضله طعام بود تا بديگرى دهند پس هر دو برخاستند وبر انجمن قريش شادند وليد كفت شما كه قريش ايد بدانيد كه حال وكار اين محمد در عرب منتشر كشت وموسم حج نزديكست كه عرب مى آيند واز حال وى پرسند جواب ايشان چهـ خواهيد داد. تزعمون انه مجنون فهل رأيتموه يخنق لان العرب كانت تعتقد ان الشيطان ويخنق المجنون ويتخبطه وتقولون انه كاهن فهل رأيتموه يتكهن وتزعمون انه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط وتزعمون انه كذاب فهل جربتم عليه شيأ من الكذاب فقالوا فى كل ذلك اللهم لاثم قالوا فما هو وما تقول فى حقه ففكر فقال ما هو الا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل واهله وولده ومواليه وما الذي يقوله الا سحر يأثره عن اهل بابل فارتج النادي فرحا وتفرقوا معجبين بقوله متعجبين منه راضين به ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ تكرير للتعجب للمبالغة فى التشتيع وثم للدلالة على ان النكرة الثانية فى التعجيب ابلغ من الاولى اى للتراخى بحسب الرتبة وان اللائق فى شأنه ليس الا هذا القول دعاء عليه وفيما بعد على أصلها من الترخى الزمانى ثُمَّ نَظَرَ اى فى القرآن مرة بعد مرة وتأمل فيه ثُمَّ عَبَسَ فقلت وجه يعنى روى فاهم در كشيد وترش كرفت.
لانه لم يجد فيه مطعنا ولم يدر ماذا يقول وَبَسَرَ اتباع لعبس قال سعدى المفتى لكن عطف الاتباع على المتبوع غير معروف والظاهر ان كلا منهما له معنى مغاير لمعنى الآخر فعبس بمعنى قطب وجهه وبسر بمعنى قبض ما بين عينيه من السوء واسود وجهه منه ذكره الحلبي والعدة عليه وقال الراغب البسر الاستعجال بالشيء قبل أوانه نحو ابسر الرجل حاجته طلبها فى غير أوانها وقوله ثم عبس وبسر اى اظهر العبوس قبل أوانه وفى غير وقته انتهى ثُمَّ أَدْبَرَ عن الحق وَاسْتَكْبَرَ عن اتباعه فَقالَ عقيب توليه عن الحق إِنْ نافية بمعنى ما لذا أورد الا بعدها هذا الذي يقوله محمد عليه السلام اى القرآن
إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ اى يروى ويتعلم من الغير وليس هو من سحره بنفسه يقال اثرت الحديث آثره اثرا إذا حدثت به عن قوم فى آثارهم اى بعد ما ماتوا هذا هو الأصل ثم كان بمعنى الرواية عمن كان وحديث مأثور اى منقول ينقله خلف عن سلف وادعية مأثورة اى مروية عن الأكابر وفى تعلم السحر لحكمة رخصة واعتقاد حقيته والعمل به كفر كما قيل (عرفت الشر لا للشر لكنى لتوقيه. ومن لم يعرف الشر من الناس يقع فيه) وقد سبق معناه وما يتعلق به فى مواضعه إِنْ هذا ما هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ تأكيد لما قبله ولذا اخلى عن العاطف قاله تمردا وعنادا لا على سبيل الاعتقاد لما روى قبل انه أقر بأن القرآن ليس من كلام الانس والجن وأراد بالبشر يسارا وجبرا وأبا فكيهة اما الأولان فكانا عبدين من بلاد فارس وكانا بمكة وكان النبي عليه السلام يجلس عندهما واما أبو فكيهة فكان غلاما روميا يتردد الى مكة من طرف مسيلمة الكذاب فى اليمامة سَأُصْلِيهِ سَقَرَ اى ادخله جهنم لما قال فى الصحاح سقر اسم من اسماء النار وقال ابن عباس رضى الله عنهما اسم للطبقة السادسة من جهنم يقال سقرته الشمس إذا آذته وآلمته وسميت سقر لايلامها قوله سأصليه سقر بدل من سارهقه صعود أبدل الاشتمال سوآء جعل مثلا لما يلقى من الشدائد أو اسم جبل من نار لان سقر تشتمل على كل منهما وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ ما الاولى مبتدأ وادراك خبره وما الثانية خبر لقوله سقر لانها المفيدة لما قصد افادته من التهويل والتفظيع دون العكس كما سبق فى الحاقة والمعنى اى شىء أعلمك ما سقر فى وصفها يعنى انه خارج عن دائرة ادراك العقول ففيه تعظيم لشأنه لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ بيان لوصفها وحالها وانجاز للوعد الضمنى الذي يلوح به وما ادراك ما سقر أي لا تبقى شيأ يلقى فيها الا أهلكته بالإحراق وإذا هلك لم تذره هالكا حتى يعاد خلقا جديدا وتهلكه إهلاكا ثانيا وهكذا كما قال تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها اولا تبقى على شىء اى لا تترحم عليه ولا تدعه من الهلاك بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة لانها خلقت من غضب الجبار قال فى تهذيب المصادر الإبقاء باقى كردن ونيز شفقت بردن. وقيل لا تبقى حيا ولا نذر ميتا كقوله تعالى ثم لا يموت فيها ولا يحيى لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ يقال لاحت النار الشيء إذا أحرقته وسودته ولاحه السفر او العطش اى غيره وذلك ان الشيء إذا كان فيه دسومة فاذا احرق اسود والبشر جمع بشرة وهى ظاهر جلد الإنسان اى مغيرة لأعلى الجلد وظواهره مسودة لها قيل تلفح الجلد لفسحة فتدعه أشد سوادا من الليل فان قلت لا يمكن وصفها بتسويد البشرة مع قوله لا تبقى ولا تذر قلت ليس فى الآية دلالة على انها تفنى بالكلية مع انه يجوز ان يكون الافناء بعد التسويد وقيل لامحة للناس على ان لواحة اسم فاعل من لاح يلوح اى ظهر وأن البشر بمعنى الناس قيل انها تلوح للبشر من مسيرة خمسمائة عام فهو كقوله تعالى ويرزت الجحيم لمن يرى فيصل الى الكافر سمومها وحرورها كما يصل الى المؤمن ريح الجنة ونسيمها من مسيرة خمسمائة عام عَلَيْها اى على سقر تِسْعَةَ عَشَرَ اى ملكا يتولون أمرها ويتسلطون على أهلها وهم مالك وثمانية عشر معه أعينهم كالبرق
231
الخاطف وأنيابهم كالصياصى وأشعارهم تمس أقدامهم بخرج لهب النار من أفواههم ما بين منكبى أحدهم مسيرة سنة نزعت منهم الرأفة والرحمة يأخذ أحدهم سبعين ألفا فى كفه ويرميهم حيث أراد من جهنم قيل هذه التسعه عشر عد الرؤساء والنقباء واما جملة أشخاصهم فكما قال تعالى وما يعلم جنود ربك الا هو فيجوز أن يكون لكل واحد منهم أعوان لا تعد ولا تحصى ذكر ارباب المعاني والمعرفة فى تقدير هذا العدد وتخصيصه وجوها (منها ان سبب فساد النفس الانسانية فى قوتها النظرية والعملية هو القوى الحيوانية والطبيعية فالقوى الحيوانية هى الخمس الظاهرة والخمس الباطنة والشهوة والغضب ومجموعها اثنتا عشرة واما القوى الطبيعية فهى الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة فالمجموع تسع عشرة قال ابن الشيخ والمراد
بالقوى الحيوانية القوى التي تختص بالحيوان من بين المواليد الثلاثة الحيوان والنبات والمعدن وهى قسمان مدركة وفاعله فالاركة اى ما لها مدخل فى الإدراك بالمشاهدة والحفظ عشر وهى الحواس لخمس الظاهرة والخمس الباطنة والفاعلة اى مالها مدخل فى الفعل اما باعثة او محركة وهما اثنتان الشهوة والغضب والقوى الطبيعية هى القوى التي لا تختص بالحيوان بل توجد فى النبات ايضا وهى سبع ثلاث منها مخدومة وهى الغاذية والنامية والمولدة واربع منها خوادم وهى الجاذبة والهاضمة والماسكة والدافعة فلما كان منشأ الآفات هو هذه القوى التسع عشرة كان عدد الزبانية هكذا قال سعدى المفتى وأنت خبير بأن اثبات هذه القوى بناؤه على الأصول الفلسفية ونقى الفاعل المختار فيصان تفسير كلام الله عن أمثاله اى وان ذكرها الامام فى التفسير الكبير وتبعه من بعده وقال ايضا والحق ان يحال علمه الى الله تعالى فالعقول البشرية قاصرة عن ادراك أمثاله انتهى ويرده ما قال الامام السهيلي فى الأمالي ان النكتة التي من أجلها كانوا تسعة عشر عددا ولم يكونوا اكثرأ وأقل فلعمرى ان فى الكتاب والسنة لدليلا عليها واشارة إليها ولكنها كالسر المكنون والناس اسرع شىء الى انكار ما لم يألفوه وتزييف ما لم يعرفوه ولا يؤمن فى نشرها وذكرها سوء التأويل لقصور اكثر الافهام عن الوعى والتحصيل مع قلة الانصاف فى هذا الجبل انتهى (ومنها ان أبواب جهنم سبعة سنة منها للكفار وواحد للفساق ثم ان الكفار يدخلون النار لأمور ثلاثة ترك الاعتقاد وترك الإقرار وترك العمل فيكون لكل باب من تلك الأبواب السنة ثلاثة فالمجموع ثمانيه عشر واما باب الفساق فليس هناك الا ترك العمل فالمجموع تسعة عشر (ومنها ان الساعات اربع وعشرون خمس منها مشغولة بالصلوات الخمس فيبقى منها تسع عشرة مشغولة بغير العبادة مصروفة الى ما يؤاخذ به بأنواع العذاب يعنى انه لم يخلق فى مقابلة الخمس التي جعلت مواقيت الصلاة زبانية تكريما لها فلا يلزم الاختصاص بالمصلين من عصاة المؤمنين كما فى حواشى سعدى المفتى فلا جرم صار عد الزبانية تسعه عشر ومنها انه تعالى حفظ جهنم بما حفظ به الأرض من الجبال وهى مائة وتسعون أصلها تسعة عشر (ومنها ان المدبرات للعالم النجوم السيارة وهى سبعة والبروج الاثنا عشر الموكلة بتدبير العالم السفلى المؤثرة فيه تقمعهم بسياط التأثير وترديهم فى مهاويها) ومنها ما قال السجاوندى فى عين
232
المستغفرين لمن فى الأرض ومنهم الموكلون بايصال الشرائع ومنهم الموكلون بالممات ومنهم الموكلون بالإلهام وهم الموصلون العلوم الى القلوب ومنهم الموكلون بالأرحام بتصوير ما يكون لله فى الأرحام ومنهم الموكلون بنفخ الأرواح ومنهم الملائكة التسعة عشر الموكلون بالفشاعة لمن دخل النار ومنهم الموكلون بالأرزاق ومنهم الموكلون بالامطار ومنهم الصافات والزاجرات والتاليات والمقسمات والمرسلات والناشرات والنازعات والناشطات والسابقات والسابحات والملقيات والمدبرات ولذلك قالوا وما منا الا له مقام معلوم فما من حادث بحدثه الله فى العالم الا وقد وكل الله بإجرائه الملائكة ولكن بأمر هؤلاء الولاة من الملائكة فلا يزالون تحت سلطانهم إذ هم خصائص الله ثم ان العامة ما تشهد من هؤلاء الملائكة الا منازلهم التي هى اجرام الكواكب ولا تشهد اعيان الحجاب ولا النقباء واما اهل الكشف فيشهدونهم فى منازلهم عيانا. ثم اعلم ان الله قد جعل فى هذا العالم العنصري خلقا من جنسهم ولاة عليهم نظير العالم العلوي فمنهم الرسل والخلفاء والسلاطين والملوك وولاة امور جميع العالم من القضاة واضرابهم ثم جعل بين أرواح هؤلاء الولاة الذين هم فى الأرض والولاة الذين هم فى السموات مناسبات ودقائق تمتد إليهم بالعدل مطهرة من الشوائب مقدسة عن العيوب فيقبل هؤلاء الولاة الارضيون منهم بحسب استعدادتهم فمن كان استعداده حسنا قويا قبل ذلك الأمر على صورته طاهرا مطهرا فكان والى عدل وامام فضل ومن كان استعداده رديئا قبل ذلك الأمر الطاهر ورده الى شكله من الرداءة والقبح والجور فكان والى جور ونائب ظلم وبخل فلا يلومن الا نفسه فهذه أمهات مراتب حكام العالم اصحاب المراتب على سبيل الإجمال واما لرعية فلا يحصى عددهم الا الله ولله تعالى فى الأرض ملائكة لا يصعدون الى السماء أبدا وملائكة فى السماء لا ينزلون الى الأرض أبدا كل قد علم صلاته وتسبيحه بالهام من الله تعالى كذا فى كتاب الجواهر للامام الشعراني رحمه الله وَما هِيَ اى سقر وذكر صفتها إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ الا تذكرة وعظة وإنذار لهم بسوء عاقبة الكفر والضلال وتخصيص الانس مع انها تذكرة للجن ايضا لانهم هم الأصل فى القصد بالتذكرة او وما عدة الخزنة الا تذكرة لهم ليتذكروا ويعلموا ان الله قادر على ان يعذب الكثير الغير المحصور من كفار الثقلين وعصاتهم بهذا العدد بل هو لا يحتاج فى ذلك الى أعوان وأنصار أصلا فانه لو قلب شعرة واحدة فى عين ابن آدم او سلط الألم على عرق واحد من عروق بدنه لكفاه ذلك بلاء ومحنة وانما عين العدد وخلق الجنود لحكمة لا لاحتياج ويجوز أن يعود الضمير الى الآيات الناطقة بأحوال سقر فانها تذكرة لاشتمالها على الانذار كَلَّا ردع لمن أنكر سقر أي ارتدع عن إنكارها فانها حق او انكار ونفى لان تكون لهم تذكرة فان كونها ذكرى للبشر لا ينافى ان بعضهم لا يتذكرون بل يعرضون عنها بسوء اختيارهم ألا يرى الى قوله تعالى فما لهم عن التذكرة معرضين وَالْقَمَرِ مقسم به مجرور بواو القسم يعنى وسوكند بماه كه معرفت اوقات وآجال بوى باز بسته است. وفى فتح الرحمن تخصيص تشريف وتنبيه على النظر فى عجائبه وقدرته فى حركاته
عنها الاصحاب اليمين من السعداء الذين تجردوا عن الهيئات الجسدانية وخلصوا الى مقام الفطرة ففكوا رقابهم من الرهن فِي جَنَّاتٍ كأنه قيل ما بال اصحاب اليمين فقيل هم فى جنات لا يكتنه كنهها ولا يوصف وصفها كما دل عليه التنكير والمراد ان كلا منهم ينال جنة منها يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ تفاعل هنا بمعنى فعل اى يسألون المجرمين عن أحوالهم وقد حذف المسئول لكونه عين المسئول عنه ولدلالة ما بعده عليه (يروى) ان الله يطلع اهل الجنة وهم فى الجنة حتى يرون اهل النار وهم فى النار فيسألونهم ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ مقدر بقول هو حال مقدرة من فاعل يتساءلون اى قائلين اى شىء أدخلكم فيها وكان سببا لدخولكم من سلكت الخيط فى الابرة سلكا اى أدخلته فيها فهو من السلك بمعنى الإدخال لا من السلوك بمعنى الذهاب فان قلت لم يسألونهم وهم عالمون بذلك قلت توبيخا لهم وتحسيرا ولتكون حكاية الله ذلك فى كتابه تذكرة للسامعين قرأ ابو عمر وسلكم بإدغام الكاف فى الكاف والباقون بالإظهار قالُوا اى المجرمون مجيبين للسائلين لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ للصلوات الواجبة فعدم إقرارنا بفرضية الصلاة وعدم ادائها سلكنا فيها أصله نكن حذف النون للتخفيف مع كثرة الاستعمال وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ على معنى استمرار نفى الإطعام لا على نفى استمرار الإطعام والمراد ايضا الإطعام الواجب والا فما ليس بواجب من الصلاة والإطعام لا يجوز التعذيب على تركه وكانوا يقولون أنطعم من لو يشاء الله أطعمه فكانوا لا يرحمون المساكين بالاطعام ولا يحضون عليه ايضا كما سبق ففيه ذم للبخل ودلالة على ان الكفار مخاطبون بالفروع فى حق المؤاخذة قال فى التوضيح الكفار مخاطبون بالايمان والعقوبات والمعاملات اجماعا اما العبادات فهم مخاطبون بها فى حق المؤاخذة فى الآخرة اتفاقا ايضا لقوله تعالى ما سلككم فى سقر الآيات اما فى حق وجوب الأداء فمختلف فيه قال العراقيون من مشايخنا نعم وقال مشايخ ديارنا لا وفى بعض التفاسير وللحنفى ان يقول هذا انما هو تأسف منهم على تفريطهم فى كسب الخير وحرمانهم مما ناله المصلون والمزكون من المؤمنين ولا يلزم من ذلك ان يكونوا مأمورين بالعمل قبل الايمان وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ اى نشرع فى الباطل مع الشارعين فيه والمراد بالباطل ذم النبي عليه السلام وأصحابه رضى الله عنهم وغببتهم وقولهم بانه شاعر او ساحر او كاهن وغير ذلك والخوض فى الأصل بمعنى الشروع مطلقا فى اى شىء كان ثم غلب فى العرف بمعنى الشروع فى الباطل والقبيح وما لا ينبغى وفى الحديث اكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم خوضا فى معصية الله وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ اى بيوم الجزاء أضافوه الى الجزاء مع ان فيه من الدواهي والأهوال ما لا غاية له لانه ادهاها وانهم ملابسوه وقد مضت بقية الدواهي وتأخير جنايتهم هذه مع كونها أعظم من الكل إذ هو تكذيب القيامة وإنكارها كفر والأمور الثلاثة المتقدمة فسق لتفخيمها والترقي من القبيح الى القبيح كأنهم قالوا وكنا بعد ذلك كله مكذبين بيوم الدين ولبيان كون تكذيبهم به مقارنا لسائر جناياتهم المعدودة مستمرا الى آخر عمرهم حسبما ينطق به قولهم حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ اى الموت ومقدماته فانه امر متيقن لا شك فى إتيانه وبالفارسية
تفد بما مرك ومقدمات او بر همان حال مرديم. فان قلت أيريدون ان كل واحد منهم بمجموع هذه الأربع دخل النار أم دخلها بعضهم بهذه وبعضهم بهذه قلت يحتمل الامرين جميعا كما فى الكشاف وفيه اشارة الى ان بقاءهم فى سقر الطبيعة انما كان بسبب هذه الرذائل والذمائم فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ من الأنبياء والملائكة وغيرهم اى لو قدر اجتماعهم على شفاعتهم على سبيل فرض المحال لا تنفعهم تلك الشفاعة فليس المراد أنهم يشفعون لهم ولا تنفعهم شفاعتهم إذا الشفاعة يوم القيامة موقوفة على الاذن وقابلية المحل فلو وقعت من المأذون للقابل قبلت والكافر ليس بنا بل لها فلا اذن فى الشفاعة له فلا شفاعة ولا نفع فى الحقيقة وفيه دليل على صحة الشفاعة ونفعها يومئذ لعصاة المؤمنين والا لما كان لتخصيصهم بعدم منفعة الشفاعة وجه قال ابن مسعود رضى الله عنه تشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون وجميع المؤمنين فلا يبقى فى النار الا اربعة ثم تلا قوله قالوا لم نك من المصلين الى قوله بيوم الدين وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان محمدا عليه السلام يشفع ثلاث مرات ثم تشفع الملائكة ثم الأنبياء ثم الآباء ثم الأبناء ثم يقول الله بقيت رحمتى ولا يدع فى النار الا من حرمت عليه الجنة ويقول الرجل من اهل النار لواحد من اهل الجنة يا فلان اما تعرفنى أنا الذي سقيتك شربة ويقول آخر أنا الذي وهبت لك وضوأ ويقول آخر أطعمتك لقمة وآخر كسونك خرقة وعلى هذا فيشفع له فيدخله الجنة اما قبل دخول النار او بعده فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ الفاء لترتيب أنكال اعراضهم عن القرآن بغير سبب على ما قبلها من موجبات الإقبال عليه والاتعاظ به من سوء حال المكذبين ومعرضين حال من الضمير فى الجار الواقع خبرا لما الاستفهامية وعن متعلقة به اى فاذا كان حال المكذبين به على ما ذكر فأى شىء حصل لهم معرضين عن القرآن مع تعاضد موجبات الإقبال عليه وتأكد الدواعي للايمان به وفى كشف الاسرار پس چهـ رسيدست ايشانرا كه از چنين پندى رو گردانيده اند. يقال لاعراض يكون بالجحود وبترك الاتباع له كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ حال من المستكن فى معرضين بطريق التداخل وحمر جمع حمار وهو معروف ويكون وحشيا وهو المراد هنا ومستنفرة من نفرت الدواب بمعنى هربت لا من نفر الحاج والمعنى مشبهين بحمر نافرة يعنى خران رميد گان. فاستنفر بمعنى نفر كما ان استعجب بمعنى عجب وقال الزمخشري كأنهم حمر تطلب النفار من نفوسها بسبب انهم جمعوا هم نفوسهم للنفار وحملوه عليها فابقى السين على بابها من الطلب قال الراغب مستنفرة قد قرئ بفتح الفاء وكسرها فاذا كسر الفاء فمعناه نافرة وإذا فتح فمعناه منفرة فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ اى من اسد لان الوحشية إذا عاينت لاسد تهرب أشد الهرب ومثل القسورة الحيدرة لفظا ومعنى وهى فعولة من القسر وهو القهر والغلبة لانه يغلب السباع ويقهرها قال ابن عباس رضى الله عنهما القسورة هو الأسد بلسان الحبشة وقيل هى جماعة الرماة الذين يتصيدونها (وقال الكاشفى) كريختند از شير يا از صياد يا ريسمان دام يا مردم تير انداز يا آوازهاى مختلف. شبهوا فى اعرضهم عن القرآن واستماع ما فيه من المواعظ وشرادهم
عنه بحمر جدت فى نفارها مما أفزعها يعنى چنانچهـ خر بيابانى از اينها مى كريزد ايشان از استماع قرآن مى كريزند زيرا كه كوش سخن شنو ودل پند پذير ندارند كما أشار اليه فى المثنوى
از كجا اين قوم و پيغام از كجا از جمادى جان كجا باشد رجا
فهمهاى كج مج كوته نظر صد خيال بد در آرد در نكر
راز جز با راز دان انباز نيست راز اندر كوش منكر راز نيست
وفيه من ذمهم وتهجين حالهم ما لا يخفى يعنى ان فى تشبيههم بالحمر شهادة عليهم بالبله ولا ترى مثل نفار حمر الوحش واطرادها فى العدو إذا خافت من شىء ومن أراد اهانة غليظة لاحد والتشنيع عليه باشنع شىء شبهه بالحمار (روى) ان واحدا من العلماء كان يعظ الناس فى مسجد جامع وحوله جماعة كثيرة فرأى ذلك رجل من البله وكان قد فقد حماره فنادى للواعظ وقال انى فقدت حمارا فاسأل هذه الجماعة لعل واحدا منهم رآه فقال له الواعظ اقعد مكانك حتى ادلك عليه فقعد الرجل فاذا واحد من اهل المجلس قام وأخذ فى أن يذهب فقال الواعظ للرجل خذ هذا فانه حمارك والظاهر أنه قال ذلك القول أخذ من هذا الكلام فانه فرمن تذكرة الملك العلام بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً عطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل لا يكفون بتلك التذكرة ولا يرضون بها عنادا ومكابرة بل يريد كل واحد منهم ان يؤتى قراصيس تنشر وتقرأ وذلك انهم اى أبا جهل بن هشام وعبد الله بن امية وأصحابهما قالوا لرسول الله ﷺ لن نتبعك حتى تأتى كل واحد منا بكتب من السماء او يصبح عند رأس كل رجل منا أوراق منشورة يعنى مهر بر كرفته. عنوانها من رب العالمين الى فلان ابن فلان نؤمر فيها باتباعك اى بأن يقال اتبع محمدا فانه رسول من قبلى إليك كما قالوا ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه وامرئ قال فى القاموس المرء مثلثة الميم الإنسان او الرجل ولا يجمع من لفظه ومع الف الوصل ثلاث لغات فتح الراء دائما واعرابها دائما وأن مع صلته مفعول يريد وصحفا مفعول ثان ليؤتى والاول ضمير كل ومنشرة صفة صحف جمع صحيفة بمعنى الكتاب قال فى تاج المصادر وصحف منشرة شدد للكثرة كَلَّا ردع عن اقتراحهم الآيات وإرادتهم ما أرادوه فانهم انما اقترحوها تعنتا وعنادا لاهدى ورشادا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ لاستهلاكهم فى محبة الدنيا فلعدم خوفهم منها اعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف كَلَّا ردع عن اعراضهم عن التذكرة إِنَّهُ الضمير فى انه وفى ذكره للتذكرة لانها بمعنى الذكر أو القرآن كالموعظة بمعنى الوعظ والصيحة بمعنى الصوت تَذْكِرَةٌ اى تذكرة فالتنوين للتعظيم اى تذكرة بليغة كافية وفى برهان القرآن اى تذكير للحق وعدل إليها للفاصلة فَمَنْ پس هر كه شاءَ ان يذكره ويتعظ به نبل الحلول فى القبر ذَكَرَهُ اى جعله نصب عينه وحاز بسببه سعادة الدارين فانه ممكن من ذلك وَما يَذْكُرُونَ بمجرد مشيئتهم للذكر كما هو المفهوم من ظاهر قوله تعالى فمن شاء ذكره إذ لا تأثير لمشيئة العبد وإرادته فى أفعاله وضمير الجمع اما ان يعود الى الكثرة لان
Icon