تفسير سورة الإنفطار

تفسير ابن كثير ط العلمية
تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب تفسير القرآن العظيم المعروف بـتفسير ابن كثير ط العلمية .
لمؤلفه ابن كثير . المتوفي سنة 774 هـ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الانفطار (٨٢) : الآيات ١ الى ١٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤)
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥) يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩)
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)
يَقُولُ تَعَالَى: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ أَيِ انشقت كما قال تعالى: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ [المزمل: ١٨] وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ أَيْ تَسَاقَطَتْ وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَجَّرَ اللَّهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: فَجَّرَ اللَّهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ فذهب ماؤها، وقال قتادة: اختلط عذبها بمالحها.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مُلِئَتْ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بُحِثَتْ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: تُبَعْثَرُ تُحَرَّكُ فَيَخْرُجُ مَنْ فِيهَا عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ أَيْ إِذَا كَانَ هَذَا حَصَلَ هَذَا. وقوله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ هَذَا تَهْدِيدٌ لَا كَمَا يَتَوَهَّمُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُ إِرْشَادٌ إِلَى الْجَوَابِ حَيْثُ قَالَ الْكَرِيمِ حَتَّى يَقُولَ قَائِلُهُمْ غَرَّهُ كَرَمُهُ، بَلِ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ:
مَا غَرَّكَ يَا ابْنَ آدَمَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أَيِ الْعَظِيمِ حَتَّى أَقْدَمْتَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَقَابَلْتَهُ بِمَا لَا يَلِيقُ. كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «يَقُولُ اللَّهُ تعالى يوم القيامة يا ابن آدم ما غرك بي؟ يا ابْنَ آدَمَ مَاذَا أَجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ؟».
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَنَّ عُمَرَ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ فَقَالَ عُمَرُ: الْجَهْلُ. وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْبَكَّاءُ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: غَرَّهُ وَاللَّهِ جَهْلُهُ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ وَالْحَسَنِ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ شَيْءٌ، مَا غَرَّ ابْنَ آدَمَ غَيْرُ هَذَا الْعَدْوِ الشَّيْطَانِ.
وَقَالَ الْفَضِيلُ بْنُ عِيَاضٍ: لَوْ قَالَ لِي مَا غَرَّكَ بِي لَقُلْتُ: سُتُورُكَ الْمُرْخَاةُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: لَوْ قَالَ لِي مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ لَقُلْتُ: غَرَّنِي كَرَمُ الْكَرِيمِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِشَارَةِ: إِنَّمَا قَالَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ دُونَ سَائِرِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ كَأَنَّهُ لَقَّنَهُ الْإِجَابَةَ وَهَذَا الَّذِي تَخَيَّلَهُ هَذَا الْقَائِلُ لَيْسَ بِطَائِلٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَتَى بِاسْمِهِ الْكَرِيمِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَابَلَ الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور، وقد حَكَى الْبَغَوِيُّ عَنِ الْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ أَنَّهُمَا قَالَا: نزلت هذه الآية في الأخنس بْنِ شَرِيقٍ ضَرَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُعَاقَبْ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ فَأَنْزَلَ الله تعالى: ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ.
339
وقوله تعالى: الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ أَيْ مَا غَرَّكَ بِالرَّبِّ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ أَيْ جعلك سويا مستقيما مُعْتَدِلَ الْقَامَةِ مُنْتَصِبَهَا فِي أَحْسَنِ الْهَيْئَاتِ وَالْأَشْكَالِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ جِحَاشٍ الْقُرَشِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَقَ يَوْمًا فِي كَفِّهِ فَوَضَعَ عَلَيْهَا أُصْبُعَهُ ثُمَّ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ أَنَّى تُعْجِزُنِي وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ؟ حَتَّى إِذَا سَوَّيْتُكَ وَعَدَلْتُكَ مَشَيْتَ بَيْنَ بُرْدَيْنِ وَلِلْأَرْضِ مِنْكَ وَئِيدٌ، فَجَمَعْتَ وَمَنَعْتَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي قُلْتَ أَتَصَدَّقُ وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ؟» وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ «٢» عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ بِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عن عبد الرّحمن بن ميسرة.
وقوله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ قَالَ مُجَاهِدٌ: فِي أَيِّ شَبَهِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ خَالٍ أَوْ عَمٍّ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٣» : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُطَهَّرُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «مَا وُلِدَ لَكَ؟» قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَسَى أَنْ يُولَدَ لِي إِمَّا غُلَامٌ وَإِمَّا جَارِيَةٌ. قَالَ «فَمَنْ يُشْبِهُ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ عَسَى أَنْ يُشْبِهَ إِمَّا أَبَاهُ وَإِمَّا أُمَّهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا: «مَهْ لَا تَقُولَنَّ هَكَذَا إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِمِ أَحْضَرَهَا اللَّهُ تعالى كُلَّ نَسَبٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ آدَمَ؟ أَمَا قَرَأْتَ هذه الآية في كتاب الله تعالى فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ قَالَ: شكلك.
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُطَهَّرِ بْنِ الْهَيْثَمِ بِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ فَيْصَلًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَكِنَّ إِسْنَادَهُ لَيْسَ بِالثَّابِتِ، لَأَنَّ مُطَهَّرَ بْنَ الْهَيْثَمِ قَالَ فِيهِ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ كَانَ مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ، يُرْوَى عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ مَا لَا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْأَثْبَاتِ، وَلَكِنْ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، قَالَ «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟»
قَالَ نَعَمْ، قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا» قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: «فَهَلْ فِيهَا مَنْ أَوْرَقَ» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ» قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزْعَةَ عِرْقٍ. قَالَ:
«وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزْعَةَ عِرْقٍ» «٤».
وقد قال عكرمة في قوله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ إِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ قِرْدٍ وَإِنْ شَاءَ فِي صورة خنزير، وكذا قال أبو صالح فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ إِنْ شاء في صورة
(١) المسند ٤/ ٢١٠.
(٢) كتاب الوصايا باب ٤.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ٤٧٩، ٤٨٠.
(٤) أخرجه البخاري في الطلاق باب ٢٦، ومسلم في اللعان حديث ١٨، ٢٠.
340
كَلْبٍ وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ حِمَارٍ وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ خِنْزِيرٍ «١». وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ قَالَ: قَادِرٌ وَاللَّهِ رَبُّنَا عَلَى ذَلِكَ، وَمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ النُّطْفَةِ عَلَى شَكْلٍ قَبِيحٍ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْمُنْكَرَةِ الْخَلْقِ، وَلَكِنْ بِقُدْرَتِهِ وَلُطْفِهِ وَحِلْمِهِ يَخْلُقُهُ عَلَى شَكْلٍ حَسَنٍ مُسْتَقِيمٍ مُعْتَدِلٍ تَامٍّ حسن المنظر والهيئة.
وقوله تعالى: كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ أي إِنَّمَا يَحْمِلُكُمْ عَلَى مُوَاجَهَةِ الْكَرِيمِ وَمُقَابَلَتِهِ بِالْمَعَاصِي تَكْذِيبٌ فِي قُلُوبِكُمْ بِالْمَعَادِ وَالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ يَعْنِي وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَمَلَائِكَةً حَفَظَةً كِرَامًا فَلَا تُقَابِلُوهُمْ بِالْقَبَائِحِ فَإِنَّهُمْ يَكْتُبُونَ عَلَيْكُمْ جَمِيعَ أَعْمَالِكُمْ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا علي بن محمد الطنافسي حدثنا وكيع سفيان ومسعر عن علقمة بن مرثد حدثنا عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْرِمُوا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إِحْدَى حَالَتَيْنِ الْجَنَابَةِ وَالْغَائِطِ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فليستتر بجرم حَائِطٍ أَوْ بِبَعِيرِهِ أَوْ لِيَسْتُرْهُ أَخُوهُ».
وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فَوَصَلَهُ بِلَفْظٍ آخَرَ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّهَ يَنْهَاكُمْ عَنِ التَّعَرِّي فَاسْتَحْيُوا مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ الَّذِينَ مَعَكُمْ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ الَّذِينَ لَا يفارقونكم إلا عند ثَلَاثِ حَالَاتٍ: الْغَائِطِ وَالْجَنَابَةِ وَالْغُسْلِ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أحدكم بالعراء فليستتر بثوبه أو بجرم حَائِطٍ أَوْ بِبَعِيرِهِ» ثُمَّ قَالَ حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ وَاحْتُمِلَ حَدِيثُهُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ حَدَّثَنَا تَمَّامُ بْنُ نَجِيحٍ عَنِ الْحَسَنِ يَعْنِي الْبَصْرِيَّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا مِنْ حَافِظَيْنِ يَرْفَعَانِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا حَفِظَا فِي يَوْمٍ فَيَرَى فِي أَوَّلِ الصَّحِيفَةِ وفي آخرها استغفارا إِلَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي مَا بَيْنَ طَرَفَيِ الصَّحِيفَةِ» ثُمَّ قَالَ تَفَرَّدَ بِهِ تَمَّامُ بْنُ نَجِيحٍ وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ.
(قُلْتُ) : وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَرَمَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِالْوَضْعِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا أَعْرِفُ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْقُلُوسِيُّ حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ حِمْرَانَ حَدَّثَنَا سَلَامٌ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَعْرِفُونَ بَنِي آدَمَ- وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَيَعْرِفُونَ أَعْمَالَهُمْ- فَإِذَا نَظَرُوا إِلَى عَبْدٍ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ذَكَرُوهُ بَيْنَهُمْ وَسَمَّوْهُ وَقَالُوا أَفْلَحَ اللَّيْلَةَ فُلَانٌ، نَجَا اللَّيْلَةَ فُلَانٌ، وَإِذَا نَظَرُوا إلى عبد يعمل بمعصية الله
(١) انظر تفسير الطبري ١٢/ ٤٧٩.
341
Icon