٢ أوصلها ابن الفرس إلى ثلاث آيات..
ﰡ
أقام بعض الناس من هذا الموضع إبطال القول بالتقليد جملة١ وهو مذهب حذاق الأصوليين خلافا للحشوية والتعلمية الذين ذهبوا إلى أن ٢ طريق معرفة الحق التقليد، وأن ذلك هو الواجب وأن النظر والبحث حرام.
وهو انتزاع حسن لأنهم اتبعوا الشيطان بمجرد دعواهم ولم يطلبوا منه برهانا. فحكى الله تعالى قول الشيطان تقبيحا لذلك الفعل منهم وإجابتهم بغير أسبابه، فدل هذا أنه لا يقلد أحد بمجرد دعواه.
٢ "أن" ساقط في (أ)..
اختلف المفسرون في الحين كم هو في هذه الآية. فقال ابن عباس وعكرمة وغيرهما ١ سنة. وقال الحسن – وروي عن ابن عباس وعكرمة أيضا – ستة أشهر. وقال ابن المسيب شهران، وقال الضحاك وغيره عن ابن عباس : كل حين أي غدوة وعشية ومتى أريد جناها. فمن راعى أن ثمر ٢ النخلة وجناها إنما يأتي على كل سنة قال بالقول الأول. ومن راعى وقت جذاذ النخل إلى حملها في الوقت المقبل قال بالقول الثاني. ومن راعى مدة في الجني في النخل قال بالقول الثالث. وأما القول الرابع فضعيف لأن الشجرة ليست أبدا تأتي أكلها غدوة وعشيا، ومتى أريد جناها. وبحسب الاختلاف في مقدار الحين هنا اختلف فيمن حلف أن لا يكلم فلانا حينا. فذهب مالك وجماعة غيره إلى أنه لا يكلمه سنة، واحتجوا بالآية. وذهب قوم إلى أنه لا يكلمه ستة أشهر وتأولوا الآية على مذهبهم وهو قول أبي حنيفة ٣، وذكر أنه قاله اتباعا لعكرمة. وقال قوم لا يكلمه شهرين. وتأولوها أيضا على مذهبهم. ويأتي على المذهب الرابع في تفسير الآية قول رابع وهو ٤ أن لا يكلمه يوما واحدا. وحكي عن سعيد بن المسيب أنه بلغه قول عكرمة في الحين أنه ستة أشهر، فقال انتقرها عكرمة. فقيل إنه يحتمل المدح والذم. فعلى المدح يكون استخرجها واستنبط ٥ علمها من كتاب الله عز وجل، وأصلها من النقر، وهو البحث عن الشيء. والانتقار أيضا بمعنى الاختصاص. قال طرفة ٦ : ألا ترى الأديب فينا ينتقر. فكأنها ٧ على هذا التأويل اختص بها عكرمة وتفرد بعلمها، وما أشبه ذلك من الكلام. وعلى الذم يكون المعنى أفتى بها من قبل ٨ نفسه واختص بقول فيها لم يتابع عليه أو نحو هذا من الكلام. وأصل الحين في لغة العرب المدة من الزمن ٩ غير معلومة. إلا أنه قد ينضاف ١٠ إليها من الكلام ما يدل على تحديها كهذه الآية ونحوها. وقد قيل إن الحين الساعة ومنه قول النابغة١١ : تطلقه حينا وحينا تراجع. والحين أيضا أربعون سنة. وأما الشافعي فرأى الحين لفظا مجملا لم يوضع لمعنى معين. وقال تعالى :﴿ ليسجننه حتى حين ﴾ [ يوسف : ٣٥ ] وعنى به ثلاثة عشرة سنة. وقال تعالى :﴿ ولتعلمن نبأه بعد حين ( ٨٨ ) ﴾ [ ص : ٨٨ ] يعني يوم القيامة ١٢.
٢ في (أ)، (ز): "أن تمر"..
٣ قال الكيا الهراسي: والذي ذكره أبو حنيفة من تقييد الحين في الحلف بستة أشهر اتباعا لعكرمة تحكم وتخصيصه بإدراك النخل لا مأخذ له فلا معنى لاعتباره. راجع أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٢٣٨..
٤ في (ح): "وهي"..
٥ "استخرجها واستنبط" بياض في (ب)..
٦ طرفة: هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد البكري الوائلي، أبو عمرو. شاعر جاهلي من الطبقة الأولى ولد في بادية البحرين. اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله من ندمائه. مات مقتولا سنة ٦٠ ق. هـ. / ٥٦٤م. انظر شرح الشواهد ص ٢٧٢..
٧ في (أ)، (ز): "فكأنه"..
٨ في (ح): "من فيه"..
٩ في غير (أ)، (ز): "الزمان"..
١٠ في (أ)، (ز): "يضاف"..
١١ النابغة: هو أبو أمامة، زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري. شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز وهو أحد الأشراف في الجاهلية. كان خطيبا عند النعمان بن المنذر. توفي نحو ١٨ قبل الهجرة / ٦٠٤ م. انظر الأعلام ٣/ ٥٤..
١٢ راجع مختلف هذه الأقوال في أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٢٣٧، المحرر الوجيز ١٠/ ٨٣..
قد مر الكلام على معاني هذه الآية في غير ما موضع. والله الموفق لا رب غيره ١.