تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب تفسير القرآن العزيز
المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
.
لمؤلفه
ابن أبي زَمَنِين
.
المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة الزخرف وهي مكية كلها.
ﰡ
ﮂﮃ
ﰁ
قَوْله: ﴿وَالْكتاب الْمُبين﴾ الْبَين وَهَذَا قسم
﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن ﴿قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون﴾ لكَي تعقلوا
﴿وَإنَّهُ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن ﴿فِي أُمِّ الْكِتَابِ لدينا﴾ عندنَا ﴿لعَلي﴾ رفيع ﴿حَكِيم﴾ مُحكم، و ﴿أم الْكتاب﴾: (ل ٣١٣) اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ، وَتَفْسِيرُ أُمِّ الْكِتَابِ: جملَة الْكتاب وَأَصله.
قَالَ محمدٌ: وَمعنى ﴿جَعَلْنَاهُ﴾ بَيناهُ، كَذَلِك قَالَ غير يحيى.
قَالَ محمدٌ: وَمعنى ﴿جَعَلْنَاهُ﴾ بَيناهُ، كَذَلِك قَالَ غير يحيى.
﴿أفنضرب عَنْكُم الذّكر﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن ﴿صفحا﴾ تَفْسِير الْكَلْبِيّ يَقُول: أَنَذَرُ الذّكْرَ من أجلكم؟! ﴿أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مسرفين﴾ مُشْرِكين أَي: لَا نَذَرُه.
قَالَ مُحَمَّد: تقْرَأ ﴿إِن كُنْتُم﴾ بِالْفَتْح وبالكسر، فَمن فتح فَالْمَعْنى: لِأَن كُنْتُم وَمن كسر فعلى الِاسْتِقْبَال؛ الْمَعْنى: إِن تَكُونُوا مسرفين نضرب عَنْكُم الذّكر.
وَيُقَال: ضربْتُ عَنهُ الذّكر وأضْربتُ بِمَعْنى وَاحِد إِذا امسكت. وَقَوله:
قَالَ مُحَمَّد: تقْرَأ ﴿إِن كُنْتُم﴾ بِالْفَتْح وبالكسر، فَمن فتح فَالْمَعْنى: لِأَن كُنْتُم وَمن كسر فعلى الِاسْتِقْبَال؛ الْمَعْنى: إِن تَكُونُوا مسرفين نضرب عَنْكُم الذّكر.
وَيُقَال: ضربْتُ عَنهُ الذّكر وأضْربتُ بِمَعْنى وَاحِد إِذا امسكت. وَقَوله:
175
﴿صفحا﴾ أَي: إعْرَاضًا يُقَال: صفحت عَن فلانٍ أَي: أَعرَضت عَنهُ، وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَنَّك توليه صفحة عُنُقك.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٦ إِلَى آيَة ١٠.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٦ إِلَى آيَة ١٠.
176
﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلين﴾ أَي: كثيرا
﴿فأهلكنا أَشد مِنْهُم بطشا﴾ يَعْنِي: أشدّ من مُشْركي الْعَرَب قُوَّة ﴿وَمضى مثل الْأَوَّلين﴾ يَعْنِي: وقائعه فِي الْأُمَم السَّالفة بتكذيبهم رسلهم
﴿وَلَئِن سَأَلتهمْ﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين ﴿من خلق السَّمَاوَات وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾
ثمَّ قَالَ: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مهادًا﴾ أَي: بساطًا وفراشًا ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سبلا﴾ طرقا ﴿لَعَلَّكُمْ تهتدون﴾ لكَي تهتدوا الطّرق.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ١١ إِلَى آيَة ١٤.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ١١ إِلَى آيَة ١٤.
﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقدر﴾.
يَحْيَى: عَنْ عَاصِمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ،
يَحْيَى: عَنْ عَاصِمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ،
176
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " مَا عَامٌ بِأَكْثَرِ مَطَرًا مِنْ عَامٍ - أَوْ قَالَ: مَاءٌ - وَلَكِنَّ اللَّهَ يَصْرِفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ".
﴿فَأَنْشَرْنَا بِهِ﴾ يَعْنِي: فأحيينا بِهِ ﴿بَلْدَةً مَيْتًا﴾ الْيَابِسَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَبَات ﴿كَذَلِك تخرجُونَ﴾ يَعْنِي: الْبَعْثَ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا مَنِيًا؛ كَمَنِيِّ الرِّجَالِ فَتَنْبُتُ بِهِ جسمانهم ولحمانهم؛ كَمَا ينْبت الأَرْض الثرى
﴿فَأَنْشَرْنَا بِهِ﴾ يَعْنِي: فأحيينا بِهِ ﴿بَلْدَةً مَيْتًا﴾ الْيَابِسَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَبَات ﴿كَذَلِك تخرجُونَ﴾ يَعْنِي: الْبَعْثَ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا مَنِيًا؛ كَمَنِيِّ الرِّجَالِ فَتَنْبُتُ بِهِ جسمانهم ولحمانهم؛ كَمَا ينْبت الأَرْض الثرى
177
﴿وَالَّذِي خلق الْأزْوَاج كلهَا﴾ تَفْسِير الْحسن: يَعْنِي: الشتَاء والصيف، وَاللَّيْل وَالنَّهَار، وَالسَّمَاء وَالْأَرْض، وكل اثْنَيْنِ، فالواحد مِنْهُمَا زوج. قَالَ محمدٌ: وَقيل: معنى الْأزْوَاج: الْأَصْنَاف، تَقول: عِنْدِي من كل زوجٍ أَي: من كل صنف.
﴿وَجَعَلَ لكم﴾ أَي: خلق لكم ﴿مِنَ الْفُلْكِ والأنعام مَا تَرْكَبُونَ﴾
﴿وَجَعَلَ لكم﴾ أَي: خلق لكم ﴿مِنَ الْفُلْكِ والأنعام مَا تَرْكَبُونَ﴾
﴿لتستووا على ظُهُوره﴾ ظُهُور مَا سخر لكم؛ أَي: تركبوه.
﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ يَعْنِي: مطيقين، قَالَ: تَقول: أَنا مقرنٌ لَك؛ أَي مطيقٌ لَك؛ وَقيل: إِن اشتقاق اللَّفْظَة من قَوْلهم: أَنا قِرْنٌ لفُلَان إِذا كنت مثله فِي الشدَّة، فَإِذا أردْت السنّ قلت: قَرْنُه بِفَتْح الْقَاف.
﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ يَعْنِي: مطيقين، قَالَ: تَقول: أَنا مقرنٌ لَك؛ أَي مطيقٌ لَك؛ وَقيل: إِن اشتقاق اللَّفْظَة من قَوْلهم: أَنا قِرْنٌ لفُلَان إِذا كنت مثله فِي الشدَّة، فَإِذا أردْت السنّ قلت: قَرْنُه بِفَتْح الْقَاف.
177
قَالَ قَتَادَة: قد بيَّن الله لكم مَا تَقُولُونَ إِذَا رَكِبْتُمْ فِي الْبر، وَمَا تَقولُونَ إِذا ركبتم فِي الْبَحْرِ؛ إِذَا رَكِبْتُمْ فِي الْبَرِّ قَلْتُمْ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ وَإِذَا رَكِبْتُمْ فِي الْبَحْرِ قُلْتُمْ: ﴿بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا﴾ الْآيَةَ.
يحيى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ وعثاء السّفر وكآبة المنقلب وَسُوء المنظر فِي الْأَهْل وَالْمَال ".
يحيى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ وعثاء السّفر وكآبة المنقلب وَسُوء المنظر فِي الْأَهْل وَالْمَال ".
178
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ١٥ إِلَى آيَة ٢٠.
179
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:﴿ لتستووا على ظهوره ﴾ ظهور ما سخر لكم ؛ أي : تركبوه.
﴿ وما كنا له مقرنين( ١٣ ) ﴾ يعني : مطيقين، قال : تقول : أنا مقرن لك ؛ أي مطيق لك ؛ وقيل : إن اشتقاق اللفظة من قولهم : أنا قرن لفلان إذا كنت مثله في الشدة، فإذا أردت السن قلت : قرنه بفتح القاف.
قال قتادة : قد بين الله لكم ما تقولون إذا ركبتم في البر، وما تقولون إذا ركبتم في البحر ؛ إذا ركبتم في البر قلتم :﴿ سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين( ١٣ ) وإنا إلى ربنا لمنقلبون( ١٤ ) ﴾ وإذا ركبتم في البحر قلتم ﴿ بسم الله مجراها ومرساها... ﴾ الآية.
يحيى : عن إبراهيم بن محمد، عن أيوب بن موسى، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا ركب راحلته :" بسم الله اللهم ازو لنا الأرض وهون علينا السفر، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال " ١.
﴿ وما كنا له مقرنين( ١٣ ) ﴾ يعني : مطيقين، قال : تقول : أنا مقرن لك ؛ أي مطيق لك ؛ وقيل : إن اشتقاق اللفظة من قولهم : أنا قرن لفلان إذا كنت مثله في الشدة، فإذا أردت السن قلت : قرنه بفتح القاف.
قال قتادة : قد بين الله لكم ما تقولون إذا ركبتم في البر، وما تقولون إذا ركبتم في البحر ؛ إذا ركبتم في البر قلتم :﴿ سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين( ١٣ ) وإنا إلى ربنا لمنقلبون( ١٤ ) ﴾ وإذا ركبتم في البحر قلتم ﴿ بسم الله مجراها ومرساها... ﴾ الآية.
يحيى : عن إبراهيم بن محمد، عن أيوب بن موسى، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا ركب راحلته :" بسم الله اللهم ازو لنا الأرض وهون علينا السفر، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال " ١.
١ رواه أحمد في المسند (٢/٤٠١، ٤٣٣) وأبو داود (٢٥٩١) والترمذي (٣٤٣٨) والنسائي (٥٥١٦) ومالك في الموطأ (٢/٧٤٤)،(٣٤) والنسائي في الكبرى (١٠٣٣٤) والطبراني في الدعاء (٨٠٨) وابن السني في اليوم والليلة (٤٩٨) وغيرهم من حديث أبي هريرة وابن عمر به فذكره نحوه..
﴿وَجعلُوا لَهُ﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين ﴿مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ قَالَ مُجَاهِد: يَعْنِي: الْمَلَائِكَة حَيْثُ جعلوهم بَنَات الله ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لكفور مُبين﴾ يَعْنِي: الْكَافِر
﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ على الِاسْتِفْهَام ﴿وأصفاكم بالبنين﴾ أَي: لم يفعل
﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ للرحمن مثلا﴾ أَي: بِالْأُنْثَى لما كَانُوا يَقُولُونَ أَن الْمَلَائِكَة بَنَات الله؛ فألحقوا الْبَنَات بِهِ، فيقتلون بناتهم ﴿ظَلَّ وَجهه مسودا﴾ أَي: مغيرا ﴿وَهُوَ كظيم﴾ يَعْنِي: كُظِم على الغيظ والحزن، أَي: رَضوا لله مَا كَرهُوا لأَنْفُسِهِمْ.
قَالَ محمدٌ: الكظم أَصله فِي اللُّغَة: الْحَبْس.
قَالَ محمدٌ: الكظم أَصله فِي اللُّغَة: الْحَبْس.
﴿أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾ وَهَذَا تبعٌ للْكَلَام الأول ﴿أَمِ اتخذ مِمَّا يخلق بَنَات﴾ يَقُول: أنتخذ من ينشأ فِي الحُلى - يَعْنِي: النِّسَاء - بَنَات؟! ﴿وَهُوَ فِي الْخِصَام﴾ الْخُصُومَة.
﴿غير مُبين﴾ أَي: لَا تبين عَن نَفسهَا من ضعفها (ل ٣١٤} (وأصفاكم
﴿غير مُبين﴾ أَي: لَا تبين عَن نَفسهَا من ضعفها (ل ٣١٤} (وأصفاكم
179
بالبنين} اي: لم يفعل
180
﴿وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ﴾ قَالَ السّديّ: يَعْنِي: وصفوا.
قَالَ مُحَمَّد: الْجعل هَا هُنَا فِي معنى القَوْل، وَالْحكم تَقول: جعلت فلَانا أعلم النَّاس؛ أَي: قد وَصفته بذلك وحكمت بِهِ.
﴿الَّذِينَ هُمْ عِند الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾، كَقَوْلِه: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته﴾ وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: ﴿الَّذِينَ هُمْ عباد الرَّحْمَن﴾ كَقَوْلِه سُبْحَانَهُ: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾ أَي: أَنهم لم يشْهدُوا خلقهمْ ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة
قَالَ مُحَمَّد: الْجعل هَا هُنَا فِي معنى القَوْل، وَالْحكم تَقول: جعلت فلَانا أعلم النَّاس؛ أَي: قد وَصفته بذلك وحكمت بِهِ.
﴿الَّذِينَ هُمْ عِند الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾، كَقَوْلِه: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته﴾ وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: ﴿الَّذِينَ هُمْ عباد الرَّحْمَن﴾ كَقَوْلِه سُبْحَانَهُ: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾ أَي: أَنهم لم يشْهدُوا خلقهمْ ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة
﴿وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم﴾ أَي: لَو كره الله هَذَا الدّين الَّذِي نَحن عَلَيْهِ لحوَّلنا عَنهُ إِلَى غَيره، ولكنَّ الله لم يكرههُ. قَالَ الله: ﴿مَّا لَهُم بِه مِنْ عِلْمٍ﴾ بِأَنِّي أمرت أَن يعبدوا غَيْرِي، إِنَّمَا قَالُوا ذَلِك على الشَّك وَالظَّن.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٢١ إِلَى آيَة ٢٣.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٢١ إِلَى آيَة ٢٣.
﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ﴾ من قبل الْقُرْآن فِيهِ مَا يدّعون من قَوْلهم أَن الْمَلَائِكَة بَنَات الله [وَقَوْلهمْ]: لَو كره اللَّهُ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ لَحَوَّلَنَا عَنهُ إِلَى غَيره
180
﴿فهم﴾ بذلك الْكتاب ﴿مستمسكون﴾ يحاجوننا بِهِ أَي: لم نؤتهم كتابا فِيهِ مَا يَقُولُونَ
181
﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا على أمة﴾ مِلَّة، وَهِي ملَّة الشّرك ﴿وَإِنَّا على آثَارهم مهتدون﴾ أَي: أَنهم كَانُوا على هدى وَنحن نتبعهم على ذَلِك الْهدى،
قَالَ الله: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِير﴾ نَبِي ينذرهم الْعَذَاب ﴿إِلا قَالَ مترفوها﴾ وهم أهل السُّمعَة والقادة فِي الشّرك ﴿وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ أَي: أَنهم كَانُوا مهتدين فَنحْن نقتدي بهداهم.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٢٤ إِلَى آيَة ٣٠.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٢٤ إِلَى آيَة ٣٠.
قَالَ اللَّه للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ﴿قَالَ أَوَ لَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ﴾ ثمَّ رَجَعَ إِلَى قصَّة الْأُمَم، فَأخْبر بِمَا قَالُوا لأنبيائهم ﴿قَالُوا﴾ لَهُم: ﴿إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافرون﴾.
قَالَ مُحَمَّد: قَوْله: ﴿قل أَو لَو جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُم﴾ الْمَعْنى: أتتبعون مَا وجدْتُم عَلَيْهِ آبَاءَكُم وَإِن جِئتُكُمْ بأهدى مِنْهُ؟!
قَالَ مُحَمَّد: قَوْله: ﴿قل أَو لَو جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُم﴾ الْمَعْنى: أتتبعون مَا وجدْتُم عَلَيْهِ آبَاءَكُم وَإِن جِئتُكُمْ بأهدى مِنْهُ؟!
﴿فانتقمنا مِنْهُم﴾ يَعْنِي: الَّذين كذبُوا رسلهم (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
181
الْمُكَذِّبِينَ} أَي: كَانَ عاقبتهم أَن دمر الله عَلَيْهِم ثمَّ صيرهم إِلَى النَّار
182
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ﴾
قَالَ مُحَمَّد: قَوْله ﴿برَاء﴾ بِمَعْنى بريءٌ، وَالْعرب تَقول للْوَاحِد مِنْهَا: أَنا البراءُ مِنْك، وَكَذَلِكَ الِاثْنَان وَالْجَمَاعَة، وَالذكر وَالْأُنْثَى يَقُولُونَ: نَحن الْبَراء مِنْك، والخَلاء مِنْك، لَا يَقُولُونَ: نَحن البراآن مِنْك وَلَا نَحن البراءون مِنْك، الْمَعْنى: أَنا ذُو الْبَراء مِنْك، وَنحن ذَوُو الْبَراء مِنْك، كَمَا تَقول: رجلٌ عَدْلٌ، وامرأةٌ عدْلٌ، وَقوم عدل؛ الْمَعْنى: ذُو عدل، و [ذَات] عدل هَذَا أفْصح اللُّغَات.
قَالَ مُحَمَّد: قَوْله ﴿برَاء﴾ بِمَعْنى بريءٌ، وَالْعرب تَقول للْوَاحِد مِنْهَا: أَنا البراءُ مِنْك، وَكَذَلِكَ الِاثْنَان وَالْجَمَاعَة، وَالذكر وَالْأُنْثَى يَقُولُونَ: نَحن الْبَراء مِنْك، والخَلاء مِنْك، لَا يَقُولُونَ: نَحن البراآن مِنْك وَلَا نَحن البراءون مِنْك، الْمَعْنى: أَنا ذُو الْبَراء مِنْك، وَنحن ذَوُو الْبَراء مِنْك، كَمَا تَقول: رجلٌ عَدْلٌ، وامرأةٌ عدْلٌ، وَقوم عدل؛ الْمَعْنى: ذُو عدل، و [ذَات] عدل هَذَا أفْصح اللُّغَات.
﴿إِلاَ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ لَكِن أعبد الَّذِي فطرني: خلقني ﴿فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ أَي: يثيبني على الْإِيمَان.
﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً﴾ يَعْنِي: لَا إِلَه إِلَّا الله ﴿بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ تَفْسِير مُجَاهِد: فِي وَلَده ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لكَي يرجِعوا إِلَى الْإِيمَان
﴿بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَء وَآبَاءهُمْ﴾ يَعْنِي: قُريْشًا لم أعذبهم ﴿حَتَّى جَاءهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ﴾ مُحَمَّد صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٣١ إِلَى آيَة ٣٣.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٣١ إِلَى آيَة ٣٣.
﴿وَقَالُوا لَوْلاَ﴾ هلا ﴿نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ القريتين: مَكَّة والطائف أَي لَو كَانَ هَذَا الْقُرْآن حقًّا لَكَانَ هَذَانِ الرّجلَانِ أَحَق
182
بِهِ مِنْك يَا مُحَمَّد؛ يعنون: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي وَأَبا مَسْعُود الثَّقَفِيّ؛ فِي تَفْسِير قَتَادَة.
قَالَ محمدٌ: ﴿عَلَى رَجُلٍ مِنَ القريتين﴾ الْمَعْنى: على رجل من رَجُلَيِ القريتين عَظِيم.
قَالَ محمدٌ: ﴿عَلَى رَجُلٍ مِنَ القريتين﴾ الْمَعْنى: على رجل من رَجُلَيِ القريتين عَظِيم.
183
قَالَ الله: ﴿أهم يقسمون رَحْمَة رَبك﴾ يَعْنِي: النُّبُوَّة؛ أَي: لَيْسَ ذَلِك فِي أَيْديهم فيضعون النُّبُوَّة حَيْثُ شَاءُوا ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَات﴾ فِي الرزق ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سخريا﴾ أَي: يملك بَعضهم من بَاب السخرة ﴿وَرَحْمَة رَبك﴾ النُّبُوَّة ﴿خير مِمَّا يجمعُونَ﴾ خير مِمَّا يجمع الْمُشْركُونَ من الدُّنْيَا.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنى: فَكَمَا فضلنَا بَعضهم على بعضٍ فِي الرزق وَفِي الْمنزلَة كَذَلِك (ل ٣١٥) اصْطَفَيْنَا للرسالة من نشَاء.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنى: فَكَمَا فضلنَا بَعضهم على بعضٍ فِي الرزق وَفِي الْمنزلَة كَذَلِك (ل ٣١٥) اصْطَفَيْنَا للرسالة من نشَاء.
﴿وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَة﴾ تَفْسِير الْحسن: لَوْلَا أَن تجتمعوا على الْكفْر.
﴿لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا من فضَّة ومعارج عَلَيْهَا﴾ اي: درج ﴿عَلَيْهَا يظهرون﴾ أَي: يرقون إِلَى ظُهُور بُيُوتهم.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٣٤ إِلَى آيَة ٣٩.
﴿لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا من فضَّة ومعارج عَلَيْهَا﴾ اي: درج ﴿عَلَيْهَا يظهرون﴾ أَي: يرقون إِلَى ظُهُور بُيُوتهم.
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ٣٤ إِلَى آيَة ٣٩.
﴿ولبيوتهم﴾ أَي: لجعلنا لبيوتهم ﴿أبوابا﴾ من فضَّة ﴿وسررا﴾ من فضَّة ﴿عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ﴾
﴿وَزُخْرُفًا﴾ والزخرف: الذَّهَب ﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لما مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ يُسْتَمتع بِهِ ثمَّ يذهب ﴿وَالآخِرَةُ﴾ يَعْنِي: الْجنَّة ﴿عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
قَالَ محمدٌ: واحدُ المعارج: مَعْرَجٌ، وَيُقَال: ظَهرت على الْبَيْت إِذا عَلَوْت سطحه.
قَالَ محمدٌ: واحدُ المعارج: مَعْرَجٌ، وَيُقَال: ظَهرت على الْبَيْت إِذا عَلَوْت سطحه.
﴿وَمن يَعش عَن ذكر﴾ أَي: وَمن يعم عَن ذكر ﴿الرَّحْمَن﴾ أَي: الْمُشرك.
قَالَ محمدٌ: قِرَاءَة يحيى ﴿يغش﴾ بِفَتْح الشين، وَمن قَرَأَ ﴿يَعْشُ﴾ بِضَم الشين فَالْمَعْنى: وَمن يعرض عَن ذكر الرَّحْمَن، هَذَا قَول الزّجاج، قَالَ ابْن قُتَيْبَة المعني: يظلم بَصَره كَقَوْلِه: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾ قَالَ: وَالْعرب تَقول: عشوت إِلَى النَّار؛ إِذا استدللت إِلَيْهَا ببصر ضَعِيف، وَأنْشد للحُطيْئة.
قَالَ محمدٌ: قِرَاءَة يحيى ﴿يغش﴾ بِفَتْح الشين، وَمن قَرَأَ ﴿يَعْشُ﴾ بِضَم الشين فَالْمَعْنى: وَمن يعرض عَن ذكر الرَّحْمَن، هَذَا قَول الزّجاج، قَالَ ابْن قُتَيْبَة المعني: يظلم بَصَره كَقَوْلِه: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾ قَالَ: وَالْعرب تَقول: عشوت إِلَى النَّار؛ إِذا استدللت إِلَيْهَا ببصر ضَعِيف، وَأنْشد للحُطيْئة.
184