تفسير سورة الصافات

المنتخب في تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الصافات من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه المنتخب . المتوفي سنة 2008 هـ
بدأت هذه السورة بالقسم بطوائف من خلق الله لها صفة والزجر والتلاوة على أن الله واحد، والآيات شاهدة بذلك، فهو رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، الذي زين السماء الدنيا بالكواكب، وجعلها محفوظة من كل مارد خارج عن طاعة الله. وبعد تقرير عقيدة التوحيد أتبعت ذلك بتقرير عقيدة البعث، وهددت المرتابين فيه بأنه سيفاجئهم وهم ينظرون، وساقت أدلة إمكانه وسهولة وقوعه، وهم يرونه يقولون : هذا يوم الدين، ويقال لهم : هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون. ويحشر فيه الظالمون وما كانوا يعبدون، ويسألون ويتحاجون، ويحمل بعضهم بعضا إثم ما أصابه، وهم جميعا في العذاب مشتركون، فقد استكبروا عن توحيد الله، ورموا رسولهم بالخبال والجنون، مع أنه جاءهم بالحق، وصدق المرسلين فيما جاءوا به عن الله. والمؤمنون المخلصون يمتعون بأنواع النعيم، ويتذكرون نعم الله، ويطلعون على قرناء السوء فيرونهم في سواء الجحيم، فيحمدون لله نعمة عصمتهم ونجاتهم من دعوتهم. وبعد ذلك أخذت السورة تصف منازل الظالمين ومنازل المؤمنين، وأتبعت ذلك بسرد أخبار المرسلين تسلية لرسول الله وعظة لقومه الجاحدين. وتذكر بعض قصص تعددت وقائعه واختلفت أزمانه وأشخاصه بين فيه منزلة الرسالة والمرسلين ونقضت السورة مزاعم المشركين من أن لله البنات ولهم البنون، وأنه جعل الملائكة إناثا، وأن بين الرسول وبين الجنة نسبا تنزه الله عما يصفون وعباده هم المنصورون، وجنده هم الغالبون، وعذابه يسيء صباح المنذرين، وختمت السورة بتنزيه رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

١- أُقسم بطوائف من خلقي، تصطف بنفسها صفا مُحكماً في مقام العبودية والانقياد.
٢- فالمانعات للمتجاوز حدوده منعاً شديداً، يبقى النظام ويحفظ الأكوان.
٣- فالتاليات للآيات يذكرون الله ذكراً بالتسبيح والتمجيد.
٤- إن إلهكم المستوجب للعبادة لواحد لا شريك له في ذات أو فعل أو صفة.
٥- هو - وحده - خالق السماوات والأرض وما بينهما، ومدبِّر الأمر، ومالك المشارق لكل ما له مشرق١.
١ الله خالق السماوات السبع وما بينهما من مختلف الأجرام وكواكبها. وهو القيم المهيمن كذلك على مواضع شروق الشمس وشروق سائر النوم، فهو الذي يظهرها كل يوم في موضع في الأفق الشرقي يختلف عن الموضع الذي أظهرها منه في اليوم السابق، وذلك بما سنه في النظام الشمسي من قوانين حيث تدور الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق كل يوم مرة وتجري في فلكها الإهليجي حول الشمس في الوقت نفسه.
وتبدو الشمس والنجوم لسكان الأرض كل يوم بدوران حول محورها مشرقة في مواضع مختلفة، وكلما غيرت الأرض موضعها في رحلتها على القبة السماوية بدت مشرقة من مواضع مختلفة، فإذا رصدت الشمس بانتظام ابتداء من أواخر مارس أي في الاعتدال الربيعي "ومن نصف الكرة الشمالي" فإنها ترى وهي تشرق في نقطة في الشرق على الأفق، وكلما مر يوم رآها الراصد تشرق في نقطة أقرب إلى الشمال. وفي أواخر يونيو ترى مشرقة في مكان هو نهاية اقترابها من الشمال ثم تبدو الشمس بعد ذلك وهي تقفل راجعة متبعة نفس التغييرات حتى أواخر سبتمبر (عند الاعتدال الخريفي) حيث ترى مشرقة من المكان الذي أشرقت منه عند الاعتدال الربيعي ثم تبدو بعد ذلك مستمرة في الحركة نحو الجنوب، حيث ترى مشرقة في أقرب نقطة إلى الجنوب في أواخر ديسمبر، ثم تأخذ في الرجوع ظاهريا نحو الشمال حيث تكمل دورتها في الاعتدال الربيعي التالي، ويستغرق ذلك كله ٣٦٥ يوما وربع يوم، ويلاحظ أن النجوم ترى كذلك مشرقة في مواضع مختلفة في الأفق الشرقي أثناء رحلة الأرض إلى القبة السماوية خاصة نجوم الأبراج الاثني عشر التي تنتقل الشمس فيها على مدار السنة..

٦- إنَّا جمَّلْنا السماء القريبة من أهل الأرض بزينة هي الكواكب المشرقة المختلفة الأحجام والأوضاع في محيط الكون التي نراها كل مساء بالعين المجردة.
٧- وحفظناها حفظاً محكماً من كل شيطان عات متمرد.
٨- لا يمكن عتاة الشياطين من التسمع إلى ما يجري في عالم الملائكة، ويُرْمَوْن من كل بما يدفعهم.
٩- يُطردون طرداً عنيفاً عن الوصول إلى تسمع أخبار السماء، ولهم عذاب شديد دائم في الآخرة.
١٠- إلا من اختلس الكلمة من أخبار السماء، فإننا نتبعه بشعلة من النار تثقب الجو بضوئها فتحرقه.
١١- فاستخبر - أيها النبي - المنكرين للبعث والمستبعدين لحصوله : أهُم أصعب خلقاً أم من خلقنا من السماوات والأرض والكواكب وغير ذلك ؟. إنا خلقناهم من طين لاصق بعضه ببعض، فَلِمَ يستبعدون إعادتهم ؟ !.
١٢- بل عجبت - أيها النبي - من إنكارهم للبعث - مع قيام الأدلة على قدرة الله - وهم يسخرون من تعجبك وتقريرك له.
١٣- وإذا ووجهوا بأدلة قدرة الله على البعث لا يلتفتون ولا ينتفعون بدلالتها.
١٤- وإذا رأوا برهاناً على قدرة الله دعا بعضهم بعضاً إلى المبالغة في الاستهزاء به.
١٥- وقال الكافرون في الآيات الدالة على القدرة : ما هذا الذي نراه إلا سحر واضح.
١٦- أئذا متنا وصرنا تراباً وعظاماً أئنا لمُخرجون من قبورنا أحياء ؟.
١٧- أنحيا ويبعث آباؤنا الأولون الذين ماتوا قبلنا فبادوا وهلكوا ؟ !
١٨- قل - أيها النبي - لهم : نعم ستبعثون جميعاً وأنتم أذلاء صاغرون.
١٩- فإنما البعثة صيحة واحدة فإذا هم أحياء ينظرون ما كانوا يوعدون.
٢٠- وقال المشركون : يا هلاكنا.. هذا يوم الحساب والجزاء على الأعمال.
٢١- فيجابون : هذا يوم القضاء والفصل في الأعمال الذي كنتم به في الدنيا تكذبون.
٢٢- اجمعوا - يا ملائكتي - الظالمين أنفسهم بالكفر وأزواجهم الكافرات وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله من الأوثان والأنداد، فعرفوهم طريق النار ليسلكوها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:٢٢- اجمعوا - يا ملائكتي - الظالمين أنفسهم بالكفر وأزواجهم الكافرات وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله من الأوثان والأنداد، فعرفوهم طريق النار ليسلكوها.
٢٤- واحبسوهم في هذا الموقف، إنهم مسئولون عن عقائدهم وأعمالهم.
٢٥- ما لكم - أيها المشركون - لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم تتناصرون في الدنيا ؟ !
٢٦- لا يتناصرون في هذا اليوم، بل هم منقادون مستسلمون لأمر الله.
٢٧- وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ويتخاصمون، ويسأل بعضهم بعضاً عن مصيرهم السيئ.
٢٨- قال الضعفاء للذين استكبروا : إنكم كنتم تأتوننا من الناحية التي نظن فيها الخير واليُمن، لتصرفونا عن الحق إلى الضلال.
٢٩- قال المستكبرون : لم نصرفكم، بل أنتم أبيتم الإيمان وأعرضتم عنه باختياركم.
٣٠- وما كان لنا من تسلط عليكم نسلبكم به اختياركم، بل كنتم قوماً خارجين على الحق.
٣١- فحق علينا كلمة ربنا : إنا لذائقون العذاب يوم القيامة.
٣٢- فدعوناكم إلى الغي والضلال فاستجبتم لدعوتنا، إن شأننا التحايل لدعوة الناس إلى ما نحن عليه من الضلال، فلا لوم علينا.
٣٣- فإن الأتباع والمتبوعين يوم القيامة في العذاب مشتركون.
٣٤- إن مثل ذلك العذاب نفعل بالذين أجرموا في حق الله بالشرك وفعل المعاصي.
٣٥- إن هؤلاء كانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يأبون الإقرار بذلك تكبراً واستعظاماً.
٣٦- ويقولون : أنحن نترك عبادة آلهتنا لقول شاعر متخبل مستور العقل ؟.
٣٧- بل جاءهم رسولهم بالتوحيد الذي دعا إليه جميع الرسل، وصدق بذلك دعوة المرسلين.
٣٨- إنكم - يا أيها المشركون - لذائقوا العذاب الشديد في الآخرة.
٣٩- وما تلقون من جزاء في الآخرة إلا جزاء عملكم في الدنيا.
٤٠- إلا عباد الله المخلصين، فإنهم لا يذوقون العذاب، لأنهم أهل إيمان وطاعة.
٤١- هؤلاء المخلصون لهم في الآخرة رزق معلوم عند الله.
٤٢- فواكه متنوعة، وهم مرفهون معظمون.
٤٣- في جنات النعيم.
٤٤- يجلسون فيها على سرر يقابل بعضهم بعضاً.
٤٥- يطوف عليهم ولدان بإناء فيه شراب من منابع جارية لا تنقطع.
٤٦- بيضاء عند مزجها، شهية للشاربين.
٤٧- ليس فيها غائلة الصداع تأخذهم على غرة، ولا هم بشربها يذهب وعيهم شيئاً فشيئاً.
٤٨- وعند هؤلاء المخلصين في الجنة حوريات طبعن على العفاف، قد قصرن أبصارهن على أزواجهن، فلا يتطلعن لشهوة ضالة، نُجْلُ العيون حسانها.
٤٩- كأن قاصرات الطرف بيض النعام، المصون بأجنحته، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٥٠- فأقبل بعض هؤلاء المخلصين على بعض يتساءلون عن أحوالهم. وكيف كانوا في الدنيا ؟
٥١- قال قائل منهم عند ذلك : إني كان لي صاحب من المشركين، يجادلني في الدين وما جاء به القرآن الكريم.
٥٢- يقول : أئِنك لمن الذين يصدقون بالبعث بعد الموت والحساب والجزاء ؟.
٥٣- أبعد أن نفنى ونصير تراباً وعظاماً نحيا مرة أخرى، لنحاسب ونجازى على ما قدمنا من عمل ؟ !.
٥٤- قال المؤمن لجلسائه : هل أنتم يا أهل الجنة مُطَّلعون على أهل النار، فأرى قَرِيني ؟.
٥٥- ودار ببصره نحو النار، فرأي صاحبه القديم في وسطها، يُعذب بنارها.
٥٦- قال حينما رآه : تالله إن كدت في الدنيا لتهلكني لو أطعتك في كفرك وعصيانك.
٥٧- ولولا نعمة ربي بهدايته وتوفيقه لي إلى الإيمان بالله وبالبعث لكنت مثلك من المحضرين في العذاب.
٥٨- أنحن مُخلَّدون منعَّمون في الجنة، فلا نموت أبداً غير موتتنا الأولى في الدنيا، وما نحن بمعذبين بعد دخولنا الجنة ؟
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٨:٥٨- أنحن مُخلَّدون منعَّمون في الجنة، فلا نموت أبداً غير موتتنا الأولى في الدنيا، وما نحن بمعذبين بعد دخولنا الجنة ؟
٦٠- إن هذا الذي أعطانا الله من الكرامة في الجنة لهو الفوز العظيم، والنجاة الكبرى مما كنا نحذره في الدنيا من عقاب الله.
٦١- لنيل مثل ما حظي به المؤمنون من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا العاملون، ليدركوا ما أدركوه.
٦٢- أذلك الرزق المعلوم المعد لأهل الجنة خير أم شجرة الزقوم المعدة لأهل النار ؟
٦٣- إنا جعلنا هذه الشجرة محنة وعذاباً في الآخرة للمشركين.
٦٤- إنها شجرة في وسط الجحيم، غذيت من النار ومنها خلقت.
٦٥- ثمرها قبيح المنظر، كريه الصورة، تنفر منه العيون كأنه رؤوس الشياطين التي لم يرها الناس، ولكن وقع في وهمهم شناعتها وقبح منظرها.
٦٦- فإنهم لآكلون من هذه الشجرة فمالئون من طلعها بطونهم، إذ لا يجدون غيرها ما يأكلون.
٦٧- ثم إن لهؤلاء المشركين على ما يأكلون من الزَّقوم لخلطاً ومزاجاً من ماء حار يشوى وجوههم، وتنقطع منه أمعاؤهم.
٦٨- ثم إن مصيرهم إلى النار، فهم في عذاب دائم، إذ يؤتى بهم من النار إلى شجرة الزَّقوم، فيأكلون ثم يسقون، ثم يرجع بهم إلى محلهم من الجحيم.
٦٩- إنهم وجدوا آباءهم ضالين، فهم يُسرعون الخطى على آثارهم، ويستعجلون السير في طريقهم، مقلدين لا متبصرين، كأنهم يزعجون ويحثون على الإسراع إلى متابعة الآباء من غير تدبر ولا تعقل.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٩:٦٩- إنهم وجدوا آباءهم ضالين، فهم يُسرعون الخطى على آثارهم، ويستعجلون السير في طريقهم، مقلدين لا متبصرين، كأنهم يزعجون ويحثون على الإسراع إلى متابعة الآباء من غير تدبر ولا تعقل.
٧١- ولقد ضل عن قصد السبيل وطريق الإيمان قبل مشركي مكة أكثر الأمم الخالية من قبلهم.
٧٢- ولقد أرسلنا في هذه الأمم الخالية رسلاً ينذرونهم ويخوفونهم عذاب الله فكذبوهم.
٧٣- فانظر - يا من يتأتى منك النظر - كيف كان مآل الذين أنذرتْهم رسلهم ؟ ! لقد أُهْلِكوا، فصاروا عبرة للناس.
٧٤- لكن هناك مؤمنون استخلصهم الله لعبادته، لينالوا فضل كرامته، ففازوا بثوابه، ونجوا من عذابه.
٧٥- ولقد نادانا نوح حين يئس من قومه فلنعم المجيبون كنا له إذ استجبنا دعاءه، فأهلكنا قومه بالطوفان.
٧٦- ونجينا نوحاً ومن آمن معه من الغرق والطوفان.
٧٧- وجعلنا ذرية نوح هم الباقين في الأرض بعد هلاك قومه.
٧٨- وتركنا ذكراً جميلاً على نوح في الآخرين من الأمم إلى يوم القيامة.
٧٩- تحية سلام وأمن لنوح في الملائكة والثقلين جميعاً.
٨٠- إنا مثل هذا الجزاء نجزى من أحسن، فجاهد لإعلاء كلمتنا، وتحمل الأذى في سبيلنا.
٨١- إنه من عبادنا الذين آمنوا بنا، وَوَفُوا بعهدنا، وأدوا رسالتنا.
٨٢- ثم أغرقنا الآخرين من كفار قومه.
٨٣- وإن ممن على طريقته وسنته في الدعوة إلى التوحيد والإيمان بالله لإبراهيم.
٨٤- إذ أقبل على ربه بقلب نقى من الشرك، مخلصاً له العبادة.
٨٥- إذ أنكر على أبيه وقومه ما هم عليه من عبادة الأصنام بقوله : ما هذه الأوثان التي تعبدونها ؟.
٨٦- أترتكبون كذباً فاضحاً بما تصنعون، إذ تعبدون غير الله، وتريدون هذا الإفك بلا مسوغ إلا اختياركم له ؟.
٨٧- ما ظنكم بمن هو الجدير والمستحق بالعبادة لكونه خالقاً للعالمين، إذا لاقيتموه وقد أشركتم معه في العبادة غيره ؟.
٨٨- فنظر نظرة في النجوم، ليستدل بها على خالق الكون، فوجدها متغيرة متحولة.
٨٩- أخاف على نفسي الضلال وسقم الاعتقاد.
٩٠- فانصرف عنه قومه معرضين عن قوله.
٩١- فمال إلى أصنامهم مسرعاً متخفياً، وعرض عليها من الطعام الذي وضعوه أمامها. ليصيبوا من بركتها في زعمهم، فقال في سخرية واستهزاء : ألا تأكلون. ؟.
٩٢- ما لكم عجزتم عن الكلام بالإيجاب أو السلب ؟.
٩٣- فمال عليهم ضرباً باليد اليمنى - لأنها أقوى الباطشتين - فحطمها.
٩٤- فأسرعوا إلى إبراهيم - وبعد أن تبيَّن لهم أن ما حدث لآلهتهم من التكسير كان بفعله - يعاقبونه على ارتكب في شأن آلهتهم.
٩٥- قال إبراهيم موبخاً لهم : أتعبدون ما سويتم بأيديكم من أحجار ؟. فأين ذهبت عقولكم ؟.
٩٦- والله خلقكم، وخلق ما تصنعون بأيديكم من الأوثان، فهو المستحق - وحده - للعبادة.
٩٧- قال عُبَّاد الأصنام لبعض - لما قرعتهم الحُجَّة، ولجأوا إلى القوة، فعزموا على إحراقه - : ابنوا له بنياناً، واملأوه ناراً متأججة، وألقوه في وسطها.
٩٨- فأرادوا بهذا أن يُنزلوا به الأذى، فأنجاه الله من النار بعد أن أُلقى فيها، وعلا شأنه بما كان له من كرامة، وجعلهم الله هم الأسفلين.
٩٩- وقال إبراهيم - لما يئس من إيمانهم - : إني مهاجر إلى المكان الذي أمرني ربي بالمسير إليه، سيهديني ربي إلى المقر الأمين والبلد الطيب.
١٠٠- رب هب لي ذرية من الصالحين، تقوم على الدعوة إليك من بعدى.
١٠١- فبشرته الملائكة بابن يتحلى بالعقل والحلم.
١٠٢- وَوُلِدَ إسماعيل وشَبّ، فلما بلغ معه مبلغ السعي في مطالب الحياة اختُبر إبراهيم فيه برؤية رآها. قال إبراهيم : يا بني إني أرى في المنام وحياً من الله يطلب منى ذبحك، فانظر ماذا ترى ؟ قال الابن الصالح : يا أبت أنجز أمر ربك، ستجدني من الصابرين إن شاء الله.
١٠٣- فلما استسلم الوالد والمولود لقضاء الله، ودفعه إبراهيم على الرمل المتجمع، وأسقطه على شقه، فوقع جبينه على الأرض، وتهيأ لذبحه.
١٠٤- وعلم الله صِدْق إبراهيم وابنه في الاختبار، وناداه الله - نداء الخليل - : يا إبراهيم، قد استجبت مطمئنا لوحي الرؤيا، ولم تتردد في الامتثال، فحسبك هذا، إنا نخفف عنك اختبارنا جزاء إحسانك، كما نجزى المحسنين على إحسانهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠٤:١٠٤- وعلم الله صِدْق إبراهيم وابنه في الاختبار، وناداه الله - نداء الخليل - : يا إبراهيم، قد استجبت مطمئنا لوحي الرؤيا، ولم تتردد في الامتثال، فحسبك هذا، إنا نخفف عنك اختبارنا جزاء إحسانك، كما نجزى المحسنين على إحسانهم.
١٠٦- إن هذا الابتلاء الذي ابتلينا به إبراهيم وابنه لهو الابتلاء الذي أبان جوهر إيمانهما ويقينهما في رب العالمين.
١٠٧- وفديناه بمذبوح عظيم القدر لكونه بأمر الله تعالى.
١٠٨- وتركنا له الثناء على ألسنة مَنْ جاء بعده.
١٠٩- تحية أمن وسلام على إبراهيم.
١١٠- مثل ذلك الجزاء الدافع للبلاء نجزى المحسنين في امتثال أوامر الله.
١١١- إن إبراهيم من عبادنا المذعنين للحق.
١١٢- وبشرته الملائكة - بأمرنا - بأنه سيرزق ابنه إسحاق على يأس وعقم من امرأته، وأنه سيكون نبياً من الصالحين.
١١٣- ومنحناه وابنه البركة والخير في الدنيا والآخرة، ومن ذريتهما محسن لنفسه بالإيمان والطاعة، وظالم لها بيِّن الضلال بكفره ومعصيته.
١١٤- ولقد أنعمنا على موسى وهارون بالنبوة والنعم الجسام.
١١٥- ونجيناهما وقومهما من الكرب الشديد الذي كان ينزله بهم فرعون وقومه.
١١٦- ونصرناهم على أعدائهم، فكانوا هم الغالبين.
١١٧- وآتينا موسى وهارون الكتاب الواضح المبين لأحكام الدين، وهي التوراة.
١١٨- وأرشدناهما إلى الطريق المعتدل.
١١٩- وأبقينا ثناءً حسناً عليهما في الآخرين الذين جاءوا من بعدهم.
١٢٠- تحية أمن وسلام على موسى وهارون.
١٢١- إن مثل الجزاء الذي جازينا به موسى وهارون نجزى كل المحسنين.
١٢٢- إنهما من عبادنا المذعنين للحق.
١٢٣- وإن إلياس لَمنَ الذين أرسلناهم لهداية أقوامهم.
١٢٤- إذ قال إلياس لقومه - وكانوا يعبدون صنماً لهم - : أتستمرون على غيِّكم، فلا تخافون الله باتقاء عذابه ؟.
١٢٥- أتعبدون الصنم المسمى بَعْلاً، وتتركون عبادة الله الذي خلق العالم فأحسن خلقه ؟.
١٢٦- الله خلقكم وحفظكم أنتم وآباءكم الأولين، فهو الحقيق بالعبادة.
١٢٧- فكذَّبوه، فجزاؤهم أن يُحضروا إلى النار يوم القيامة.
١٢٨- إلا عباد الله الذين كمل إخلاصهم في إيمانهم، فهؤلاء هم الفائزون.
١٢٩- وجعلنا له ذكراً حسناً على ألسنة من جاءوا من بعده.
١٣٠- سلام على إل ياسين، أو عليه وعلى آله بتغليبه عليهم.
١٣١- إن مثل الجزاء الذي جازينا به آل ياسين نجزى كل محسن على إحسانه.
١٣٢- إن إلياس من عبادنا المؤمنين.
١٣٣- وإن لوطاً لمن المرسلين الذين أرسلناهم لتبليغ رسالتنا إلى الناس.
١٣٤- لقد نجيناه وأهله جميعاً، مما حل بقومه من العذاب.
١٣٥- إلا امرأته العجوز، فقد هلكت مع الهالكين.
١٣٦- ثم أهلكنا من سِوى لوط ومن آمن به.
١٣٧- وإنكم يا أهل مكة لتمرون على ديار قوم لوط في سفركم إلى الشام صباحاً ومساء، أفقدتم عقولكم فلا تعقلون ما حل بهم جزاء تكذيبهم ؟.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٧:١٣٧- وإنكم يا أهل مكة لتمرون على ديار قوم لوط في سفركم إلى الشام صباحاً ومساء، أفقدتم عقولكم فلا تعقلون ما حل بهم جزاء تكذيبهم ؟.
١٣٩- وإن يونس لمن الذين أرسلناهم لتبليغ رسالتنا إلى الناس.
١٤٠- إذ هجر قومه من غير أمر ربه، وذهب إلى سفينة مملوءة فركب فيها، فتعرضت السفينة للغرق فاقترعوا لإخراج أحد ركابها عن حمولتها، فخرجت القرعة على يونس، فكان من المغلوبين بالقرعة، فأُلْقِىَ في البحر على حسب عُرْفهم في ذلك الحين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤٠:١٤٠- إذ هجر قومه من غير أمر ربه، وذهب إلى سفينة مملوءة فركب فيها، فتعرضت السفينة للغرق فاقترعوا لإخراج أحد ركابها عن حمولتها، فخرجت القرعة على يونس، فكان من المغلوبين بالقرعة، فأُلْقِىَ في البحر على حسب عُرْفهم في ذلك الحين.
١٤٢- فابتلعه حوت وهو مستحق للملامة، جزاء هروبه من الدعوة إلى الحق وعدم الصبر على المخالفين.
١٤٣- فلولا أن يونس كان من المنزّهين لله، المواظبين على ذكره، لمات في بطن الحوت، وما خرج منه إلى يوم البعث.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤٣:١٤٣- فلولا أن يونس كان من المنزّهين لله، المواظبين على ذكره، لمات في بطن الحوت، وما خرج منه إلى يوم البعث.
فطرحناه في الفضاء الواسع من الأرض، لا يواريه شيء من شجر أو بناء، وهو عليل مما كان فيه.
وأنبتنا عليه شجرة لا تقوم على ساق فغطته ووقته غوائل الجو.
حتى إذا صح مما أصابه، أرسلناه إلى عدد كبير يقول من رآه : إنهم مائة ألف أو يزيدون.
فاستجابوا لدعوته، فبسطنا عليهم نعمتنا إلى وقت معلوم.
فاستفت قومك - أيها النبي - : ألخالقك البنات دونهم، ولهم البنون دونه ؟.
بل أخلقنا الملائكة إناثاً وهم معاينون خلقهم، فتعلقوا بما شاهدوه ؟.
١٥١- تنبه - أيها السامع - لحديثهم، إنهم من كذبهم ليقولون : ولد الله، وهو المُنَزَّهُ عن الوالدية والولدية، وإنهم لكاذبون في هذا القول بشهادة الأدلة على وحدانيته.
أختار لنفسه البنات المكروهة في زعمكم على البنين المحبوبين منكم، وهو الخالق للبنات والبنين ؟.
ماذا أصابكم حين حكمتم بلا دليل ؟، كيف تحكمون بذلك مع وضوح بطلانه ؟.
أنسيتم دلائل القدرة والتنزيه فلا تتذكرون حتى وقعتم في الضلال ؟.
بل ألكم قوة دليل بَيّن تستدلون به على ما تدعون ؟.
فأتوا بحجتكم - إن كان لكم حجة في كتاب سماوي - إن كنتم صادقين فيما تقولون وتحكمون.
تمادوا في اعتقادهم، وجعلوا بين الله وبين الجِنة المستورين عنهم قرابة، ولقد علمت الجِنَّة إن الكفار لمحضرون إلى الله، لينالوا جزاءهم المحتوم.
تنزيهاً لله - تعالى - عما يذكره المفترون من صفات العجز والنقص.
لكن عباد الله المخلصين برآء مما يصفه الكافرون.
فإنكم - أيها الكفار - وما تعبدون من دون الله، ما أنتم على ما تعبدون من دونه بمضلين أحداً بإغوائكم، إلا من سبق في علمه - تعالى - أنه من أهل الجحيم وسيصلى نارها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦١: فإنكم - أيها الكفار - وما تعبدون من دون الله، ما أنتم على ما تعبدون من دونه بمضلين أحداً بإغوائكم، إلا من سبق في علمه - تعالى - أنه من أهل الجحيم وسيصلى نارها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦١: فإنكم - أيها الكفار - وما تعبدون من دون الله، ما أنتم على ما تعبدون من دونه بمضلين أحداً بإغوائكم، إلا من سبق في علمه - تعالى - أنه من أهل الجحيم وسيصلى نارها.
وقالت الملائكة - متحيزين لموقف العبودية - : ما أحد منا إلا له مقام في المعرفة والعبادة معلوم لا يتعداه.
١٦٥- وإنا لنحن الصافون أنفسنا في مواقف العبودية دائماً.
وإنا لنحن المنزهون لله - تعالى - عما لا يليق به في كل حال.
وإن كان كفار مكة قبل بعثة الرسول ليقولون : لو أن عندنا كتاباً من جنس كتب الأولين - كالتوراة والإنجيل - لكنَّا عباد الله المخلصين له العبادة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٧: وإن كان كفار مكة قبل بعثة الرسول ليقولون : لو أن عندنا كتاباً من جنس كتب الأولين - كالتوراة والإنجيل - لكنَّا عباد الله المخلصين له العبادة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٧: وإن كان كفار مكة قبل بعثة الرسول ليقولون : لو أن عندنا كتاباً من جنس كتب الأولين - كالتوراة والإنجيل - لكنَّا عباد الله المخلصين له العبادة.
وجاءهم الكتاب فكفروا به، فسوف يعلمون عاقبة كفرهم.
أقسم : لقد سبق قضاؤنا لعبادنا المرسلين أن النصر والعاقبة لهم على الكافرين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧١: أقسم : لقد سبق قضاؤنا لعبادنا المرسلين أن النصر والعاقبة لهم على الكافرين.
وإن أتباعنا وأنصارنا لهم الغلبة - وحدهم - على المخالفين.
فأعرض عنهم وانتظر إلى وقت مؤجل، فإننا سنعجل لك العاقبة والنصر والظفر.
وأنظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك، فسوف يعاينون الهزيمة بصفوفهم، ويرون نصر الله للمؤمنين.
أسلبوا عقولهم فبعذابنا يستعجلون ؟
فإذا نزل العذاب بفنائهم الواسع فساء صباح المنذرين بالعذاب.
وأعرض عنهم إلى حين ينتهي إليه أمرهم.
وأبصر ما يستقبلهم ويستقبلك، فسوف يرون ما به يستعجلون.
تنزيهاً لله خالقك وخالق القوة والغلبة عما ينعتونه به من المفتريات.
وسلام على الأصفياء المرسلين.
والثناء لله - وحده - خالق العالمين، والقائم على الخلق أجمعين.
Icon