ﰡ
قوله: (من الملائكة) أي فكل واحد من الآدميين له ملكان، ملك عن يمينه يكتب الحسنات، وآخر عن يساره يكتب السيئات. وقيل: اثنان بالليل، وأثنان بالنهار، واختلفوا في الكفار فقيل: ليس عليهم حفظة، لأن أمرهم ظاهر وعلمهم واحد، وقيل: عليهم حفظة لظاهر هذه الآية. إن قلت: فأي شيء يكتب الذي على يمينه مع أنه لا حسنة له. أجيب: بأن الذي عن شماله يكتب بإذن صاحب اليمين، فيكون شاهداً على ذلك، فالمراد بالحفظة هنا، حفظة الأعمال الكاتبون لها، وأما حفظة البدن، فهم المذكورون في قوله تعالى:﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ ﴾[الرعد: ١١] وفي هذه الآية دليل على أن الشاهد، لا يشهد، إلا بعد العلم، لوصف الملائكة بكونهم حافظين كراماً كاتبين، يعلمون ما يفعلون.
قوله: ﴿ يَصْلَوْنَهَا ﴾ الجملة مستأنفة أو حالية من الضمير في خبر ﴿ إِنَّ ﴾.
قوله: (الجزاء) أي الذي كانوا يكذبون به. قوله: ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾ ﴿ مَآ ﴾ اسم متبدأ، وجملة ﴿ أَدْرَاكَ ﴾ خبره، والكاف مفعول أول، وجملة ﴿ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ ﴾ من المبتدأ والخبر، سادة مسد المفعول الثاني، والاستفهام الأول للإنكار، والثاني للتعظيم والتهويل، والمعنى: وأي شيء أدراك عظم يوم الدين وشدة هوله، أي لا علم لك به إلا بإعلام منا. قوله: ﴿ يَوْمُ ﴾ بالرفع والنصب قراءتان سبعيتان، فالرفع على أنه خبر لمحذوف أي هو يوم، والنصب على أنه مفعول لفعل محذوف، وقرئ شذوذاً برفعه لقطعه عن الإضافة، والجملة بعده نعت له. قوله: ﴿ شَيْئاً ﴾ (من المنفعة) جواب عما يقال: إن بعض الناس المقبولين يملكون الشفاعة لغيرهم، فالجواب: أن المنفي ثبوت الملك بالاستقلال، والشفاعة ليست كذلك، بل لا تكون إلا بإذن خاص. قوله: ﴿ وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ أي ظاهراً أو باطناً، فلا تصرف لغيره فيه أصلاً. قول: (بخلاف الدنيا) أي فالعبيد متصرفون فيها، وينسب لهم الملك والأمر والنهي ظاهراً.