تفسير سورة الإنفطار

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب البحر المديد في تفسير القرآن المجيد .
لمؤلفه ابن عجيبة . المتوفي سنة 1224 هـ
سورة الانفطار
مكية. وهي تسع عشرة آية. ومناسبتها : قوله تعالى :﴿ لمن شاء منكم أن يستقيم( ٢٨ ) ﴾ [ التكوير : ٢٧ ] مع قوله تعالى :﴿ علمت نفس ما قدمت وأخرت ﴾ أي : من الاستقامة وغيرها.

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ إِذا السماءُ انفطرتْ ﴾ أي : انشقت لنزول الملائكة، كقوله :
﴿ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً ﴾ [ النبأ : ١٩ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إذا سماء المعاني انفطرت، أي : تشققت وظهرت من أصداف الأواني، وإذا نجوم على الرسوم انتثرت عند طلوع شمس العيان، وإذا بحار الأحدية فُجِّرتْ وانطبقت على الكائنات فأفنتها، وإذا القلوب الميتة بُعثت وحييت بالمعرفة، عَلِمَتْ نفسٌ ما قدّمت من المجاهدة، وما أخَّرت منها ؛ إذ بقدر المجاهدة في خرق العوائد تكون المشاهدة، وبقدر الشكر يكون الصحو، وبقدر الشُرب يكون الرّي، فعند النهاية يظهر قدر البداية، البدايات مجلاة النهايات " فمَن أشرقت بدايته، أشرقت نهايته ". وبالله التوفيق.
﴿ وإِذا الكواكبُ انتثرتْ ﴾ أي : تساقطت متفرقة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إذا سماء المعاني انفطرت، أي : تشققت وظهرت من أصداف الأواني، وإذا نجوم على الرسوم انتثرت عند طلوع شمس العيان، وإذا بحار الأحدية فُجِّرتْ وانطبقت على الكائنات فأفنتها، وإذا القلوب الميتة بُعثت وحييت بالمعرفة، عَلِمَتْ نفسٌ ما قدّمت من المجاهدة، وما أخَّرت منها ؛ إذ بقدر المجاهدة في خرق العوائد تكون المشاهدة، وبقدر الشكر يكون الصحو، وبقدر الشُرب يكون الرّي، فعند النهاية يظهر قدر البداية، البدايات مجلاة النهايات " فمَن أشرقت بدايته، أشرقت نهايته ". وبالله التوفيق.
﴿ وإِذا البحار فُجِّرتْ ﴾ ؛ فُتح بعضها إلى بعض، فاختلط العذب بالأُجاج، وزال ما بينها من البرزخ والحاجز، وصارت البحار بحراً واحداً. رُوي : أنَّ الأرض تنشق، فتغور تلك البحار، وتسقط في جهنم، فتصير نيراناً، وهو معنى التسجير المتقدم عند الحسن.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إذا سماء المعاني انفطرت، أي : تشققت وظهرت من أصداف الأواني، وإذا نجوم على الرسوم انتثرت عند طلوع شمس العيان، وإذا بحار الأحدية فُجِّرتْ وانطبقت على الكائنات فأفنتها، وإذا القلوب الميتة بُعثت وحييت بالمعرفة، عَلِمَتْ نفسٌ ما قدّمت من المجاهدة، وما أخَّرت منها ؛ إذ بقدر المجاهدة في خرق العوائد تكون المشاهدة، وبقدر الشكر يكون الصحو، وبقدر الشُرب يكون الرّي، فعند النهاية يظهر قدر البداية، البدايات مجلاة النهايات " فمَن أشرقت بدايته، أشرقت نهايته ". وبالله التوفيق.
﴿ وإِذا القبورُ بُعْثرِتْ ﴾ أي : قُلب ترابها، وأُخرج موتاها، يقال : بعثرت الحوض وبحثرته : إذا جعلت أسفله أعلاه، وجواب " إذا " :﴿ عَلِمَتْ نفسٌ ما قدَّمتْ وأخَّرَتْ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إذا سماء المعاني انفطرت، أي : تشققت وظهرت من أصداف الأواني، وإذا نجوم على الرسوم انتثرت عند طلوع شمس العيان، وإذا بحار الأحدية فُجِّرتْ وانطبقت على الكائنات فأفنتها، وإذا القلوب الميتة بُعثت وحييت بالمعرفة، عَلِمَتْ نفسٌ ما قدّمت من المجاهدة، وما أخَّرت منها ؛ إذ بقدر المجاهدة في خرق العوائد تكون المشاهدة، وبقدر الشكر يكون الصحو، وبقدر الشُرب يكون الرّي، فعند النهاية يظهر قدر البداية، البدايات مجلاة النهايات " فمَن أشرقت بدايته، أشرقت نهايته ". وبالله التوفيق.
{ عَلِمَتْ نفسٌ ما قدَّمتْ وأخَّرَتْ أي : إذا كانت هذه الأشياء قرأ كلُّ إنسان كتابه، وجُوزي بعمله، لأنَّ المراد بها زمان واحد، مبدأه : النفخة الأولى، ومنتهاه : الفصل بين الخلائق ونشر الصُحف، لا أزمنة متعددة حسب تعددها، وإنما كررت لتهويل ما في حيّزها من الدواهي، ومعنى " ما قَدَّم وأخَّر " : ما سلف مِن عملٍ ؛ خير أو شر، من سَنّ سُنة حسنة أو سيئة يُعمل بها بعده، قاله ابن عباس وابن مسعود. وعن ابن عباس أيضاً : ما قدّم من معصية وأخّر من طاعة، وقيل : ما قدَّم من أمواله لنفسه، وما أخَّر لورثته، وقيل : ما قدَّم من فرض، وأخّر منه عن وقته، وقيل : ما قدمتْ من الأسقاط والأفراط، وأخّرت من الأولاد. والله تعالى أعلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إذا سماء المعاني انفطرت، أي : تشققت وظهرت من أصداف الأواني، وإذا نجوم على الرسوم انتثرت عند طلوع شمس العيان، وإذا بحار الأحدية فُجِّرتْ وانطبقت على الكائنات فأفنتها، وإذا القلوب الميتة بُعثت وحييت بالمعرفة، عَلِمَتْ نفسٌ ما قدّمت من المجاهدة، وما أخَّرت منها ؛ إذ بقدر المجاهدة في خرق العوائد تكون المشاهدة، وبقدر الشكر يكون الصحو، وبقدر الشُرب يكون الرّي، فعند النهاية يظهر قدر البداية، البدايات مجلاة النهايات " فمَن أشرقت بدايته، أشرقت نهايته ". وبالله التوفيق.
ثم عاتب تعالى من غرته نفسه حتى غفل عن مجاهدتها، فلم تقدم شيئا أمامها، فقال :
﴿ يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾*﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾*﴿ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾*﴿ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴾*﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴾*﴿ كِرَاماً كَاتِبِينَ ﴾*﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ يا أيها الإِنسانُ ما غرّكَ بربك الكريم ﴾ ؛ أيّ شيءٍ خدعك وجرّأك على عصيانه، وقد علمتَ ما بين يديك من الدواهي التامة، والعواطب الطامّة، وما سيكون حينئذ من مشاهدة ما قَدَّمتَ من أعمالِك، وما أخّرت ؟ والتعرُّض لعنوان كرمه تعالى للإيذان بأنه مما لا يصلح أن يكون مداراً للاغترار، حسبما يغويه الشيطان، ويقول : افعل ما شئتَ فإنَّ ربك كريم، قد تفضّل عليك في الدنيا، وسيفعل مثله في الآخرة، فإنه قياس عقيم، وتمنية باطلة، بل هو مما يُوجب الإقبال على الإيمان والطاعة، والاجتناب عن الكفر والعصيان، كأنه قيل : ما حملك على عصيان ربك، الموصوف بالصفات الزاجرة عنه، الداعية إلى خلافه.
رُوي أنه صلى الله عليه وسلم لمّا قرأها قال :" غرَّه جهلُه " ١ وعن عمر رضي الله عنه : غرّه حُمقه، وقال قتادة : غرّه عدوه المسلّط عليه يعني الشيطان وقيل للفضيل : لو أقامك اللهُ تعالى يوم القيامة بين يديه فقال لك :﴿ ما غرَّك بربك الكريم ﴾ ماذا كنتَ تقول ؟ قال : أقول : ستُورك المرخاة، لأنَّ الكريم هو الستّار وأنشدوا٢ :
يا كاتِمَ الذنْب أمَا تَسْتَحِي واللّهُ في الخلوة رَائِيكَا
غَرَّكَ مِنْ رَبِّك إمْهَالُه وسترُه طولَ مسَاوِيكا
وقال مقاتل : غرّه عفو الله حين لم يعجل عليه العقوبة، وقال السدي : غرّه رفق الله به، وقال يحيى بن معاذ : لو أقامني بين يديه، فقال لي : ما غرّك بي ؟ لقلتُ : غرّني بك بِرّك سالفاً وآنفاً، وقال آخر : أقول : غرّني حلمك، وقال أبو بكر الورّاق : لو قال لي : ما غرَّك بي ؟ لقلتُ : غرّني بك كرم الكريم. وهذا السر في التعبير بالكريم، دون سائر الصفات، كأنه لقَّنه الإجابة حتى يقول : غرّني كرم الكريم، وهكذا قال أبو الفضل العابد : غرّني تقييد تهديدك بالكريم، وقال منصور بن عمّار : لو قيل لي : ما غرّك ؟ قلت : ما غرّني إلا ما علمتُه من فضلك على عبادك، وصفحك عنهم. ه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يا أيها الإنسان، ما غرَّك بالله حتى لم تنهض إلى حضرة قدسه ؟ ! غرّه جهله ومتابعة هواه، أو قناعته من ربه، والقناعة من الله حرمان، أو غلطه، ظن أنه كامل وهو ناقص من كل وجهٍ، أو ظنّ أنه واصل، وهو ما رحل عن نفسه قدماً واحداً، ظنّ أنه في أعلى عليين باق في أسفل سافلين، وهذا الغلط هو الذي غَرّ كثيراً من الصالحين، تراموا على مراتب الرجال، وهم في مقام الأطفال، سبب ذلك عدم صُحبتهم للعارفين، ولو صَحِبوا الرجالَ لرأوا أنفسهم في أول قدم مِن الإرادة، وهذا هو الجهل المركّب، جَهلوا، وجهلوا أنهم جاهلون. ثم شوّقه إلى السير إليه بالنظر إلى صورة بشريته، فإنه عدلها في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه روحاً قدسية سماوية من روحه القديم، ثم لمّا زجر عن الاغترار لم ينزجروا، بل تمادوا على الغرور، وفعلوا فعل المكذِّب بالبعث والحساب ؛ مع أنّ عليهم من الله حفظة كِراماً، يعلمون ما يفعلون، فلم يُراقبوا الله جلّ جلاله، المُطَّلع على سرهم وعلانيتهم، ولم يحتشموا من ملائكته المُطَّلعين على أفعالهم. والله تعالى أعلم.

١ أخرجه ابن حجر في الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف ١٨٢..
٢ البيتان لابن السماك في تفسير القرطبي ٨/٤٢٨، وتفسير البحر المحيط ٨/ ٤٢٨..
﴿ الذي خَلَقك فَسَوَّاكَ ﴾ أي : جعلك مستوي الخلْقِ، سالم الأعضاء مُعَدّة لمنافعها، ﴿ فعدلك ﴾ ؛ فصيّرك معتدلاً متناسب الخَلق، غير متفاوت فيه، ولم يجعل إحدى اليدين أطول، ولا أحدى العينين أوسع، ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضه أسود، أو : جعلك معتدلاً تمشي قائماً، لا كالبهائم. وقراءة التخفيف كالتشديد، وقيل : معنى التخفيف : صَرَفك إلى ما شاء من الهيئات والأشكال، فيكون من العدول.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يا أيها الإنسان، ما غرَّك بالله حتى لم تنهض إلى حضرة قدسه ؟ ! غرّه جهله ومتابعة هواه، أو قناعته من ربه، والقناعة من الله حرمان، أو غلطه، ظن أنه كامل وهو ناقص من كل وجهٍ، أو ظنّ أنه واصل، وهو ما رحل عن نفسه قدماً واحداً، ظنّ أنه في أعلى عليين باق في أسفل سافلين، وهذا الغلط هو الذي غَرّ كثيراً من الصالحين، تراموا على مراتب الرجال، وهم في مقام الأطفال، سبب ذلك عدم صُحبتهم للعارفين، ولو صَحِبوا الرجالَ لرأوا أنفسهم في أول قدم مِن الإرادة، وهذا هو الجهل المركّب، جَهلوا، وجهلوا أنهم جاهلون. ثم شوّقه إلى السير إليه بالنظر إلى صورة بشريته، فإنه عدلها في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه روحاً قدسية سماوية من روحه القديم، ثم لمّا زجر عن الاغترار لم ينزجروا، بل تمادوا على الغرور، وفعلوا فعل المكذِّب بالبعث والحساب ؛ مع أنّ عليهم من الله حفظة كِراماً، يعلمون ما يفعلون، فلم يُراقبوا الله جلّ جلاله، المُطَّلع على سرهم وعلانيتهم، ولم يحتشموا من ملائكته المُطَّلعين على أفعالهم. والله تعالى أعلم.
﴿ في أيّ صورةٍ ما شاء رَكَّبَك ﴾ أي : رَكَّبك في أيّ صورة شاءها من الصور المختلفة، و " ما " : مزيدة، و( شاء ) : صفة لصورة، أي : ركَّبك في أيّ صورة شاءها واختارها من الصور العجيبة الحسنة، كقوله تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [ التين : ٤ ] وإنما لم يعطف الجملة على ما قبلها ؛ لأنها بيان ل " عدلك ".
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يا أيها الإنسان، ما غرَّك بالله حتى لم تنهض إلى حضرة قدسه ؟ ! غرّه جهله ومتابعة هواه، أو قناعته من ربه، والقناعة من الله حرمان، أو غلطه، ظن أنه كامل وهو ناقص من كل وجهٍ، أو ظنّ أنه واصل، وهو ما رحل عن نفسه قدماً واحداً، ظنّ أنه في أعلى عليين باق في أسفل سافلين، وهذا الغلط هو الذي غَرّ كثيراً من الصالحين، تراموا على مراتب الرجال، وهم في مقام الأطفال، سبب ذلك عدم صُحبتهم للعارفين، ولو صَحِبوا الرجالَ لرأوا أنفسهم في أول قدم مِن الإرادة، وهذا هو الجهل المركّب، جَهلوا، وجهلوا أنهم جاهلون. ثم شوّقه إلى السير إليه بالنظر إلى صورة بشريته، فإنه عدلها في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه روحاً قدسية سماوية من روحه القديم، ثم لمّا زجر عن الاغترار لم ينزجروا، بل تمادوا على الغرور، وفعلوا فعل المكذِّب بالبعث والحساب ؛ مع أنّ عليهم من الله حفظة كِراماً، يعلمون ما يفعلون، فلم يُراقبوا الله جلّ جلاله، المُطَّلع على سرهم وعلانيتهم، ولم يحتشموا من ملائكته المُطَّلعين على أفعالهم. والله تعالى أعلم.
﴿ كلاَّ ﴾، ردع عن الاغترار بكرم الله تعالى، وجعله ذريعة إلى الكفر المعاصي، مع كونه موجباً للشكر والطاعة. والإضرابَ في قوله تعالى :﴿ بل تُكذِّبون بالدين ﴾ عن جملة مقدّرة ينساق إليها الكلام، كأنه قيل بعد الردع بطريق الاعتراض : وأنتم لا ترتدعون عن ذلك، بل تجترئون على أقبح من ذلك، وهو تكذيبكم بالجزاء والبعث، أو بدين الإسلام، الذي هو من جملة أحكامه، فلا تُصدقون به.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يا أيها الإنسان، ما غرَّك بالله حتى لم تنهض إلى حضرة قدسه ؟ ! غرّه جهله ومتابعة هواه، أو قناعته من ربه، والقناعة من الله حرمان، أو غلطه، ظن أنه كامل وهو ناقص من كل وجهٍ، أو ظنّ أنه واصل، وهو ما رحل عن نفسه قدماً واحداً، ظنّ أنه في أعلى عليين باق في أسفل سافلين، وهذا الغلط هو الذي غَرّ كثيراً من الصالحين، تراموا على مراتب الرجال، وهم في مقام الأطفال، سبب ذلك عدم صُحبتهم للعارفين، ولو صَحِبوا الرجالَ لرأوا أنفسهم في أول قدم مِن الإرادة، وهذا هو الجهل المركّب، جَهلوا، وجهلوا أنهم جاهلون. ثم شوّقه إلى السير إليه بالنظر إلى صورة بشريته، فإنه عدلها في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه روحاً قدسية سماوية من روحه القديم، ثم لمّا زجر عن الاغترار لم ينزجروا، بل تمادوا على الغرور، وفعلوا فعل المكذِّب بالبعث والحساب ؛ مع أنّ عليهم من الله حفظة كِراماً، يعلمون ما يفعلون، فلم يُراقبوا الله جلّ جلاله، المُطَّلع على سرهم وعلانيتهم، ولم يحتشموا من ملائكته المُطَّلعين على أفعالهم. والله تعالى أعلم.
﴿ وإِنَّ عليكم لَحافِظين ﴾ : حال مفيدة لبطلان تكذيبهم، وتحقيق ما يُكذِّبون به، أي : تُكذِّبون بالجزاء، والحال أنَّ عليكم مِن قِبلنا لحافظين لأعمالكم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يا أيها الإنسان، ما غرَّك بالله حتى لم تنهض إلى حضرة قدسه ؟ ! غرّه جهله ومتابعة هواه، أو قناعته من ربه، والقناعة من الله حرمان، أو غلطه، ظن أنه كامل وهو ناقص من كل وجهٍ، أو ظنّ أنه واصل، وهو ما رحل عن نفسه قدماً واحداً، ظنّ أنه في أعلى عليين باق في أسفل سافلين، وهذا الغلط هو الذي غَرّ كثيراً من الصالحين، تراموا على مراتب الرجال، وهم في مقام الأطفال، سبب ذلك عدم صُحبتهم للعارفين، ولو صَحِبوا الرجالَ لرأوا أنفسهم في أول قدم مِن الإرادة، وهذا هو الجهل المركّب، جَهلوا، وجهلوا أنهم جاهلون. ثم شوّقه إلى السير إليه بالنظر إلى صورة بشريته، فإنه عدلها في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه روحاً قدسية سماوية من روحه القديم، ثم لمّا زجر عن الاغترار لم ينزجروا، بل تمادوا على الغرور، وفعلوا فعل المكذِّب بالبعث والحساب ؛ مع أنّ عليهم من الله حفظة كِراماً، يعلمون ما يفعلون، فلم يُراقبوا الله جلّ جلاله، المُطَّلع على سرهم وعلانيتهم، ولم يحتشموا من ملائكته المُطَّلعين على أفعالهم. والله تعالى أعلم.
﴿ كِراماً ﴾ عندنا ﴿ كاتبين ﴾ لها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يا أيها الإنسان، ما غرَّك بالله حتى لم تنهض إلى حضرة قدسه ؟ ! غرّه جهله ومتابعة هواه، أو قناعته من ربه، والقناعة من الله حرمان، أو غلطه، ظن أنه كامل وهو ناقص من كل وجهٍ، أو ظنّ أنه واصل، وهو ما رحل عن نفسه قدماً واحداً، ظنّ أنه في أعلى عليين باق في أسفل سافلين، وهذا الغلط هو الذي غَرّ كثيراً من الصالحين، تراموا على مراتب الرجال، وهم في مقام الأطفال، سبب ذلك عدم صُحبتهم للعارفين، ولو صَحِبوا الرجالَ لرأوا أنفسهم في أول قدم مِن الإرادة، وهذا هو الجهل المركّب، جَهلوا، وجهلوا أنهم جاهلون. ثم شوّقه إلى السير إليه بالنظر إلى صورة بشريته، فإنه عدلها في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه روحاً قدسية سماوية من روحه القديم، ثم لمّا زجر عن الاغترار لم ينزجروا، بل تمادوا على الغرور، وفعلوا فعل المكذِّب بالبعث والحساب ؛ مع أنّ عليهم من الله حفظة كِراماً، يعلمون ما يفعلون، فلم يُراقبوا الله جلّ جلاله، المُطَّلع على سرهم وعلانيتهم، ولم يحتشموا من ملائكته المُطَّلعين على أفعالهم. والله تعالى أعلم.
﴿ يعلمون ما تفعلون ﴾ من الخير والشر، قليلاً أو كثيراً، ويضبطونه نقيراً أو قطميراً. وفي تعظيم " الكاتبين "، بالثناء عليهم ؛ تفخيم لأمر الجزاء، وأنه عند الله من جلائل الأمور، حيث يستعمل فيها هؤلاء الكِرام.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يا أيها الإنسان، ما غرَّك بالله حتى لم تنهض إلى حضرة قدسه ؟ ! غرّه جهله ومتابعة هواه، أو قناعته من ربه، والقناعة من الله حرمان، أو غلطه، ظن أنه كامل وهو ناقص من كل وجهٍ، أو ظنّ أنه واصل، وهو ما رحل عن نفسه قدماً واحداً، ظنّ أنه في أعلى عليين باق في أسفل سافلين، وهذا الغلط هو الذي غَرّ كثيراً من الصالحين، تراموا على مراتب الرجال، وهم في مقام الأطفال، سبب ذلك عدم صُحبتهم للعارفين، ولو صَحِبوا الرجالَ لرأوا أنفسهم في أول قدم مِن الإرادة، وهذا هو الجهل المركّب، جَهلوا، وجهلوا أنهم جاهلون. ثم شوّقه إلى السير إليه بالنظر إلى صورة بشريته، فإنه عدلها في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه روحاً قدسية سماوية من روحه القديم، ثم لمّا زجر عن الاغترار لم ينزجروا، بل تمادوا على الغرور، وفعلوا فعل المكذِّب بالبعث والحساب ؛ مع أنّ عليهم من الله حفظة كِراماً، يعلمون ما يفعلون، فلم يُراقبوا الله جلّ جلاله، المُطَّلع على سرهم وعلانيتهم، ولم يحتشموا من ملائكته المُطَّلعين على أفعالهم. والله تعالى أعلم.
ثم بين مآل من انزجر عن غروره، ومن لم ينزجر، فقال :
﴿ إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾*﴿ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾*﴿ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ﴾*﴿ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴾*﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾*﴿ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾*﴿ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ إِنَّ الأبرارَ ﴾ أي : المؤمنين ﴿ لَفِي نعيم ﴾ عظيم، وهو نعيم الجنان.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : إنَّ الأبرار لفي نعيم الشهود والحضور، وإنَّ الفجار لفي جحيم الحجاب والغيبة، يَصْلونها يومَ الدين، يحترقون بنار الحجاب، ونيران الاحتجاب يوم الجزاء والثواب، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يومُ الدين، يُشير إلى التعجُّب من كُنه أمره، وشأن شأنه، يوم لا تملك نفسٌ لنفس شيئاً، لفناء الكل، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً. هـ. ﴿ والأمر يومئذ للّه ﴾، قال الواسطي : الأمر اليوم ويومئذ ولم يزل ولا يزال لله، لكن الغيب بحقيقته لا يُشاهده إلاّ الأكابر من الأولياء، وهذا خطاب للعموم، إذا شاهدوا الغيب تيقّنوا أنَّ الأمر كله لله. فأما أهل المعرفة فمُشَاهَد لهم الأمر كمشاهدتهم يومئذٍ، لا تزيدهم مشاهدة الغيب عياناً على مشاهدته لهم تصديقاً، كعامر بن عبد القيس، حين يقول : لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً. هـ. وقاله أيضاً عليّ رضي الله عنه. وقال القشيري : الأمر يومئذ لله وقبله وبعده، ولكن تنقطع الدعاوى ذلك اليوم، ويتضح الأمر، وتصير المعارف ضرورية. هـ. وقال الشيخ ابن عبّاد رضي الله عنه في رسائله الكبرى، بعد كلام : وليت شعري، أيّ وقت كان المُلك لسواه حتى يقع التقييد بقوله :﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾ [ الحج : ٥٦ ] وقوله :﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ لولا الدعاوى العريضة من القلوب المريضة. هـ. وقال الورتجبي : دعا بهذه الآية العبادَ إلى الإقبال عليه بالكلية بنعت ترك ما سواه، فإنَّ المُلك كله لله في الدنيا والآخرة، يُضل مَن يشاء، ويهدي مَن يشاء. هـ. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
﴿ وإِنَّ الفُجَّار ﴾ أي : الكفار ﴿ لَفِي جحيم ﴾ كذلك، وفي تنكيرهما من التفخيم والتهويل ما لا يخفى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : إنَّ الأبرار لفي نعيم الشهود والحضور، وإنَّ الفجار لفي جحيم الحجاب والغيبة، يَصْلونها يومَ الدين، يحترقون بنار الحجاب، ونيران الاحتجاب يوم الجزاء والثواب، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يومُ الدين، يُشير إلى التعجُّب من كُنه أمره، وشأن شأنه، يوم لا تملك نفسٌ لنفس شيئاً، لفناء الكل، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً. هـ. ﴿ والأمر يومئذ للّه ﴾، قال الواسطي : الأمر اليوم ويومئذ ولم يزل ولا يزال لله، لكن الغيب بحقيقته لا يُشاهده إلاّ الأكابر من الأولياء، وهذا خطاب للعموم، إذا شاهدوا الغيب تيقّنوا أنَّ الأمر كله لله. فأما أهل المعرفة فمُشَاهَد لهم الأمر كمشاهدتهم يومئذٍ، لا تزيدهم مشاهدة الغيب عياناً على مشاهدته لهم تصديقاً، كعامر بن عبد القيس، حين يقول : لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً. هـ. وقاله أيضاً عليّ رضي الله عنه. وقال القشيري : الأمر يومئذ لله وقبله وبعده، ولكن تنقطع الدعاوى ذلك اليوم، ويتضح الأمر، وتصير المعارف ضرورية. هـ. وقال الشيخ ابن عبّاد رضي الله عنه في رسائله الكبرى، بعد كلام : وليت شعري، أيّ وقت كان المُلك لسواه حتى يقع التقييد بقوله :﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾ [ الحج : ٥٦ ] وقوله :﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ لولا الدعاوى العريضة من القلوب المريضة. هـ. وقال الورتجبي : دعا بهذه الآية العبادَ إلى الإقبال عليه بالكلية بنعت ترك ما سواه، فإنَّ المُلك كله لله في الدنيا والآخرة، يُضل مَن يشاء، ويهدي مَن يشاء. هـ. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
﴿ يَصْلَونها يومَ الدِّين ﴾ يُقاسون حرها يوم الجزاء، وهو استئناف بياني منبئ عن سؤال نشأ عن تهويلها، كأنه قيل : ما حالهم فيها ؟ فقال : يحترقون فيها يوم الدين، الذي كانوا يُكذِّبون به.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : إنَّ الأبرار لفي نعيم الشهود والحضور، وإنَّ الفجار لفي جحيم الحجاب والغيبة، يَصْلونها يومَ الدين، يحترقون بنار الحجاب، ونيران الاحتجاب يوم الجزاء والثواب، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يومُ الدين، يُشير إلى التعجُّب من كُنه أمره، وشأن شأنه، يوم لا تملك نفسٌ لنفس شيئاً، لفناء الكل، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً. هـ. ﴿ والأمر يومئذ للّه ﴾، قال الواسطي : الأمر اليوم ويومئذ ولم يزل ولا يزال لله، لكن الغيب بحقيقته لا يُشاهده إلاّ الأكابر من الأولياء، وهذا خطاب للعموم، إذا شاهدوا الغيب تيقّنوا أنَّ الأمر كله لله. فأما أهل المعرفة فمُشَاهَد لهم الأمر كمشاهدتهم يومئذٍ، لا تزيدهم مشاهدة الغيب عياناً على مشاهدته لهم تصديقاً، كعامر بن عبد القيس، حين يقول : لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً. هـ. وقاله أيضاً عليّ رضي الله عنه. وقال القشيري : الأمر يومئذ لله وقبله وبعده، ولكن تنقطع الدعاوى ذلك اليوم، ويتضح الأمر، وتصير المعارف ضرورية. هـ. وقال الشيخ ابن عبّاد رضي الله عنه في رسائله الكبرى، بعد كلام : وليت شعري، أيّ وقت كان المُلك لسواه حتى يقع التقييد بقوله :﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾ [ الحج : ٥٦ ] وقوله :﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ لولا الدعاوى العريضة من القلوب المريضة. هـ. وقال الورتجبي : دعا بهذه الآية العبادَ إلى الإقبال عليه بالكلية بنعت ترك ما سواه، فإنَّ المُلك كله لله في الدنيا والآخرة، يُضل مَن يشاء، ويهدي مَن يشاء. هـ. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
﴿ وما هم عنها بغائبين ﴾ طرفة عين بعد دخولها، وقيل : معناه : وما كانوا عنها غائبين قبل ذلك، بل كانوا يجدون سمومها في قبورهم، حسبما قال صلى الله عليه وسلم :" القَبْر رَوْضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنَّة، أو حُفْرة مِنْ حُفَرِ النَّار " ١.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : إنَّ الأبرار لفي نعيم الشهود والحضور، وإنَّ الفجار لفي جحيم الحجاب والغيبة، يَصْلونها يومَ الدين، يحترقون بنار الحجاب، ونيران الاحتجاب يوم الجزاء والثواب، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يومُ الدين، يُشير إلى التعجُّب من كُنه أمره، وشأن شأنه، يوم لا تملك نفسٌ لنفس شيئاً، لفناء الكل، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً. هـ. ﴿ والأمر يومئذ للّه ﴾، قال الواسطي : الأمر اليوم ويومئذ ولم يزل ولا يزال لله، لكن الغيب بحقيقته لا يُشاهده إلاّ الأكابر من الأولياء، وهذا خطاب للعموم، إذا شاهدوا الغيب تيقّنوا أنَّ الأمر كله لله. فأما أهل المعرفة فمُشَاهَد لهم الأمر كمشاهدتهم يومئذٍ، لا تزيدهم مشاهدة الغيب عياناً على مشاهدته لهم تصديقاً، كعامر بن عبد القيس، حين يقول : لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً. هـ. وقاله أيضاً عليّ رضي الله عنه. وقال القشيري : الأمر يومئذ لله وقبله وبعده، ولكن تنقطع الدعاوى ذلك اليوم، ويتضح الأمر، وتصير المعارف ضرورية. هـ. وقال الشيخ ابن عبّاد رضي الله عنه في رسائله الكبرى، بعد كلام : وليت شعري، أيّ وقت كان المُلك لسواه حتى يقع التقييد بقوله :﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾ [ الحج : ٥٦ ] وقوله :﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ لولا الدعاوى العريضة من القلوب المريضة. هـ. وقال الورتجبي : دعا بهذه الآية العبادَ إلى الإقبال عليه بالكلية بنعت ترك ما سواه، فإنَّ المُلك كله لله في الدنيا والآخرة، يُضل مَن يشاء، ويهدي مَن يشاء. هـ. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.

١ أخرجه الترمذي في القيامة حديث ٢٤٦٠..
﴿ وما أدراك ما يومُ الدين ثم ما أدراك ما يومُ الدين ﴾، هو تهويل وتفخيم لشأن يوم الدين الذي يُكذِّبون به، ببيان أنه خارج عن دائرة دراية الخلق ؛ فعلى أيّ صورة تصوروه، فهو فوقها، وكيفما تخيلوه فهو أهم من ذلك وأعظم، أي : أيُّ شيء جعلك دارياً ما هو يوم الدين ؟ على أنَّ " ما " الاستفهامية خبر " يوم "، كما هو رأي سيبويه، لما مَرّ من أنّ مدار الإفادة هو الخبر لا المبتدأ، ولا ريب أنّ مناط إفادة التهويل والفخامة هنا هو : ما يوم الدين أيّ شيء عجيب هو في الهول والفظاعة ؟ انظر أبا السعود. قال ابن عباس رضي الله عنه : كل ما في القرآن من قوله تعالى :﴿ وما أدراك ﴾ فقد دراه، وكل ما فيه من قوله :﴿ وما يدريك ﴾ فقد طوي عنه. ه. وينتقض بقوله تعالى :﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾ [ عبس : ٣ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : إنَّ الأبرار لفي نعيم الشهود والحضور، وإنَّ الفجار لفي جحيم الحجاب والغيبة، يَصْلونها يومَ الدين، يحترقون بنار الحجاب، ونيران الاحتجاب يوم الجزاء والثواب، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يومُ الدين، يُشير إلى التعجُّب من كُنه أمره، وشأن شأنه، يوم لا تملك نفسٌ لنفس شيئاً، لفناء الكل، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً. هـ. ﴿ والأمر يومئذ للّه ﴾، قال الواسطي : الأمر اليوم ويومئذ ولم يزل ولا يزال لله، لكن الغيب بحقيقته لا يُشاهده إلاّ الأكابر من الأولياء، وهذا خطاب للعموم، إذا شاهدوا الغيب تيقّنوا أنَّ الأمر كله لله. فأما أهل المعرفة فمُشَاهَد لهم الأمر كمشاهدتهم يومئذٍ، لا تزيدهم مشاهدة الغيب عياناً على مشاهدته لهم تصديقاً، كعامر بن عبد القيس، حين يقول : لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً. هـ. وقاله أيضاً عليّ رضي الله عنه. وقال القشيري : الأمر يومئذ لله وقبله وبعده، ولكن تنقطع الدعاوى ذلك اليوم، ويتضح الأمر، وتصير المعارف ضرورية. هـ. وقال الشيخ ابن عبّاد رضي الله عنه في رسائله الكبرى، بعد كلام : وليت شعري، أيّ وقت كان المُلك لسواه حتى يقع التقييد بقوله :﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾ [ الحج : ٥٦ ] وقوله :﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ لولا الدعاوى العريضة من القلوب المريضة. هـ. وقال الورتجبي : دعا بهذه الآية العبادَ إلى الإقبال عليه بالكلية بنعت ترك ما سواه، فإنَّ المُلك كله لله في الدنيا والآخرة، يُضل مَن يشاء، ويهدي مَن يشاء. هـ. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ وما أدراك ما يومُ الدين ثم ما أدراك ما يومُ الدين ﴾، هو تهويل وتفخيم لشأن يوم الدين الذي يُكذِّبون به، ببيان أنه خارج عن دائرة دراية الخلق ؛ فعلى أيّ صورة تصوروه، فهو فوقها، وكيفما تخيلوه فهو أهم من ذلك وأعظم، أي : أيُّ شيء جعلك دارياً ما هو يوم الدين ؟ على أنَّ " ما " الاستفهامية خبر " يوم "، كما هو رأي سيبويه، لما مَرّ من أنّ مدار الإفادة هو الخبر لا المبتدأ، ولا ريب أنّ مناط إفادة التهويل والفخامة هنا هو : ما يوم الدين أيّ شيء عجيب هو في الهول والفظاعة ؟ انظر أبا السعود. قال ابن عباس رضي الله عنه : كل ما في القرآن من قوله تعالى :﴿ وما أدراك ﴾ فقد دراه، وكل ما فيه من قوله :﴿ وما يدريك ﴾ فقد طوي عنه. ه. وينتقض بقوله تعالى :﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾ [ عبس : ٣ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : إنَّ الأبرار لفي نعيم الشهود والحضور، وإنَّ الفجار لفي جحيم الحجاب والغيبة، يَصْلونها يومَ الدين، يحترقون بنار الحجاب، ونيران الاحتجاب يوم الجزاء والثواب، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يومُ الدين، يُشير إلى التعجُّب من كُنه أمره، وشأن شأنه، يوم لا تملك نفسٌ لنفس شيئاً، لفناء الكل، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً. هـ. ﴿ والأمر يومئذ للّه ﴾، قال الواسطي : الأمر اليوم ويومئذ ولم يزل ولا يزال لله، لكن الغيب بحقيقته لا يُشاهده إلاّ الأكابر من الأولياء، وهذا خطاب للعموم، إذا شاهدوا الغيب تيقّنوا أنَّ الأمر كله لله. فأما أهل المعرفة فمُشَاهَد لهم الأمر كمشاهدتهم يومئذٍ، لا تزيدهم مشاهدة الغيب عياناً على مشاهدته لهم تصديقاً، كعامر بن عبد القيس، حين يقول : لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً. هـ. وقاله أيضاً عليّ رضي الله عنه. وقال القشيري : الأمر يومئذ لله وقبله وبعده، ولكن تنقطع الدعاوى ذلك اليوم، ويتضح الأمر، وتصير المعارف ضرورية. هـ. وقال الشيخ ابن عبّاد رضي الله عنه في رسائله الكبرى، بعد كلام : وليت شعري، أيّ وقت كان المُلك لسواه حتى يقع التقييد بقوله :﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾ [ الحج : ٥٦ ] وقوله :﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ لولا الدعاوى العريضة من القلوب المريضة. هـ. وقال الورتجبي : دعا بهذه الآية العبادَ إلى الإقبال عليه بالكلية بنعت ترك ما سواه، فإنَّ المُلك كله لله في الدنيا والآخرة، يُضل مَن يشاء، ويهدي مَن يشاء. هـ. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.

ثم بيَّن شأن ذلك اليوم إجمالاً، فقال :﴿ يومَ لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً ﴾ أي : لا تستطيع دفعاً عنها، ولا نفعاً لها بوجه، وإنما تملك الشفاعة به بالإذن، و( يوم ) : مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو بدل من ( يوم الدين )، ومَن نصب ؛ فبإضمار " اذكر "، كأنه قيل بعد تفخيم أمر يوم الدين وتشويقه صلى الله عليه وسلم إلى معرفته : اذكر يوم لا تملك نفس إلى آخره، فإنه يُدريك ما هو، ﴿ والأمرُ يومئذ لله ﴾ لا لغيره، فهو القاضي فيه وحده دون غيره، ولا شك أنَّ الأمر لله في الدارين، لكن لمّا كان في الدنيا خفياً، لا يعرفه إلاَّ العلماء بالله، وأمّا في الآخرة فيظهر المُلك لله لكل أحدٍ، خصّه به هناك. والله تعالى أعلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : إنَّ الأبرار لفي نعيم الشهود والحضور، وإنَّ الفجار لفي جحيم الحجاب والغيبة، يَصْلونها يومَ الدين، يحترقون بنار الحجاب، ونيران الاحتجاب يوم الجزاء والثواب، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يومُ الدين، يُشير إلى التعجُّب من كُنه أمره، وشأن شأنه، يوم لا تملك نفسٌ لنفس شيئاً، لفناء الكل، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً. هـ. ﴿ والأمر يومئذ للّه ﴾، قال الواسطي : الأمر اليوم ويومئذ ولم يزل ولا يزال لله، لكن الغيب بحقيقته لا يُشاهده إلاّ الأكابر من الأولياء، وهذا خطاب للعموم، إذا شاهدوا الغيب تيقّنوا أنَّ الأمر كله لله. فأما أهل المعرفة فمُشَاهَد لهم الأمر كمشاهدتهم يومئذٍ، لا تزيدهم مشاهدة الغيب عياناً على مشاهدته لهم تصديقاً، كعامر بن عبد القيس، حين يقول : لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً. هـ. وقاله أيضاً عليّ رضي الله عنه. وقال القشيري : الأمر يومئذ لله وقبله وبعده، ولكن تنقطع الدعاوى ذلك اليوم، ويتضح الأمر، وتصير المعارف ضرورية. هـ. وقال الشيخ ابن عبّاد رضي الله عنه في رسائله الكبرى، بعد كلام : وليت شعري، أيّ وقت كان المُلك لسواه حتى يقع التقييد بقوله :﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾ [ الحج : ٥٦ ] وقوله :﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ لولا الدعاوى العريضة من القلوب المريضة. هـ. وقال الورتجبي : دعا بهذه الآية العبادَ إلى الإقبال عليه بالكلية بنعت ترك ما سواه، فإنَّ المُلك كله لله في الدنيا والآخرة، يُضل مَن يشاء، ويهدي مَن يشاء. هـ. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
Icon