تفسير سورة الإنفطار

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن .
لمؤلفه الشنقيطي - أضواء البيان . المتوفي سنة 1393 هـ

قوله تعالى :﴿ إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ ﴾.
أي انشقت، كما في سورة الانشقاق ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ ﴾، قيل : هيبة الله.
وقيل : لنزول الملائكة، كقوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً ﴾.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، في سورة الشورى عند الكلام على قوله تعالى في وصف أهوال القيامة ﴿ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً ١٧ السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ ﴾.
ومثل الانفطار والتشقق الانفراج، كقوله :﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ٨ وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ ﴾.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾.
أي بعثر من فيها. كما في قوله تعالى :﴿ أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا في الْقُبُورِ ٩ وَحُصِّلَ مَا في الصُّدُورِ ﴾.
وقد دل هذا اللفظ على سرعة الانتشار، كبعثرة الحب من الكف كما في قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً ﴾.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة ق عند قوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ﴾.
قوله تعالى :﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾.
أي كل نفس، كما تقدم في سورة التكوير.
وقد تكلم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه على ذلك في دفع إيهام الاضطراب في سورة الانفطار هذه، عند نفس الآية.
قوله تعالى :﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ٧ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان ذلك في سورة الكهف عند قوله تعالى :﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ﴾، أي هذه أطوار الإنسان في خلقته.
ومما يشهد لحسن الخلقة، وكمال الصورة قوله تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾.
واختلاف الصور إنما هو من آيات الله وابتداء من الرحم، كما قال :﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾.
وتقدم في صورة الحشر ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ البارئ الْمُصَوِّرُ ﴾.
وفي اختلاف الصور على تشابهها من أعظم آيات الله تعالى.
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان ذلك في سورة ق عند الكلام على قوله تعالى :﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾.
وأحال عندها على بعض ما جاء في سورة مريم عند قوله تعالى :﴿ كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ ﴾.
وبين رحمة الله تعالى علينا وعليه أن هذه الكتابة لإقامة الحجة على الإنسان، كما في قوله :﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ١٣ اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾.
وقيل في حافظين : يحفظون بدن الإنسان.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأنعام عند الكلام على قوله تعالى :﴿ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً ﴾ مستدلاً بقوله تعالى :﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾.
وممَّا تجدر الإشارة إليه، أن في وصف الحفظة هنا بهذه الصفات، من كونهم حافظين كراماً يعلمون، فاجتمعت لهم كل صفات التأهيل، لا على درجات الكناية من حفظ وعلو منزلة، وعلم بما يكتبون.
وكأنه توجيه لما ينبغي لولاة الأمور مراعاته في استكتاب الكتاب والأمناء.
ولذا قالوا : على القاضي أن يتخير كاتباً أميناً حسن الخط فاهماً.
ومن هذا الوصف يعلم أنه لا يختلط عليهم عمل يعمل، وكونهم حفظة لا يضيعون شيئاً، ولو كان مثقال الذرة ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان ذلك في سورة ق عند الكلام على قوله تعالى :﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾.
وأحال عندها على بعض ما جاء في سورة مريم عند قوله تعالى :﴿ كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ ﴾.
وبين رحمة الله تعالى علينا وعليه أن هذه الكتابة لإقامة الحجة على الإنسان، كما في قوله :﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ١٣ اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾.
وقيل في حافظين : يحفظون بدن الإنسان.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأنعام عند الكلام على قوله تعالى :﴿ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً ﴾ مستدلاً بقوله تعالى :﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾.
وممَّا تجدر الإشارة إليه، أن في وصف الحفظة هنا بهذه الصفات، من كونهم حافظين كراماً يعلمون، فاجتمعت لهم كل صفات التأهيل، لا على درجات الكناية من حفظ وعلو منزلة، وعلم بما يكتبون.
وكأنه توجيه لما ينبغي لولاة الأمور مراعاته في استكتاب الكتاب والأمناء.
ولذا قالوا : على القاضي أن يتخير كاتباً أميناً حسن الخط فاهماً.
ومن هذا الوصف يعلم أنه لا يختلط عليهم عمل يعمل، وكونهم حفظة لا يضيعون شيئاً، ولو كان مثقال الذرة ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان ذلك في سورة ق عند الكلام على قوله تعالى :﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾.
وأحال عندها على بعض ما جاء في سورة مريم عند قوله تعالى :﴿ كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ ﴾.
وبين رحمة الله تعالى علينا وعليه أن هذه الكتابة لإقامة الحجة على الإنسان، كما في قوله :﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ١٣ اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾.
وقيل في حافظين : يحفظون بدن الإنسان.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأنعام عند الكلام على قوله تعالى :﴿ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً ﴾ مستدلاً بقوله تعالى :﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾.
وممَّا تجدر الإشارة إليه، أن في وصف الحفظة هنا بهذه الصفات، من كونهم حافظين كراماً يعلمون، فاجتمعت لهم كل صفات التأهيل، لا على درجات الكناية من حفظ وعلو منزلة، وعلم بما يكتبون.
وكأنه توجيه لما ينبغي لولاة الأمور مراعاته في استكتاب الكتاب والأمناء.
ولذا قالوا : على القاضي أن يتخير كاتباً أميناً حسن الخط فاهماً.
ومن هذا الوصف يعلم أنه لا يختلط عليهم عمل يعمل، وكونهم حفظة لا يضيعون شيئاً، ولو كان مثقال الذرة ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾.

قوله تعالى :﴿ إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾.
أي دائم، كما في قوله تعالى :﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ٢١ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ﴾.
قوله تعالى :﴿ وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴾.
دليل من دلة خلود الكفار في النار.
لقوله :﴿ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴾.
كقوله تعالى :﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾.
وهكذا غالباً أسلوب المقابلة بين الفريقين ومهلهما.
ثم بين أن ذلك يوم الدين وهو يوم الجزاء، كما تقدم في سورة الفاتحة ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾.
ثمّ بين تعالى شدة الهول في ذلك اليوم ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ١٧ ﴾.
وتقدم في ﴿ الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ ﴾.
ومثله قوله تعالى :﴿ الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ ﴾.
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ١٩ ﴾.
أي لشدة هوله وضعف الخلائق، كما تقدم في قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٥ ﴾، وقوله :﴿ لِكُلِّ امرئ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ٣٧ ﴾.
ولحديث الشفاعة : " كل نبي يقول : نفس نفسي، إلى أن تنتهي إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها ".
وحديث فاطمة : " اعملي.... ".
وقوله تعالى :﴿ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾، ونحو ذلك.
وقوله :﴿ وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ١٩ ﴾، ظاهر هذه الآية تقييد الأمر بالظرف المذكور، ولكن الأمر لله في ذلك اليوم، وقيل ذلك اليوم، كما في قوله تعالى :﴿ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ﴾.
وقوله :﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾، أي يتصرف في خلقه بما يشاء من أمره لا يشركه أحد، كما لا يشركه أحد في خلقه.
ولذا قال لرسوله صلى الله عليه وسلم :﴿ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ ﴾.
وقال :﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شيْءٌ ﴾ ونحو ذلك.
ولكن جاء الظرف هنا لزيادة تأكيد، لأنه قد يكون في الدنيا لبعض الناس بعض الأوامر، كما في مثل قوله تعالى :﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاََةِ ﴾.
وقوله :﴿ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾.
وقوله :﴿ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ٩٧ ﴾، وهي كلها في الواقع أوامر نسبية. وما تشاءون إلا أن يشاء الله.
ولكن يوم القيامة حقيقة الأمر كله، والملك كله لله تعالى وحده، لقوله تعالى :﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾.
فلا أمر مع أمره، ولا متقدم عليه حتى ولا بكلمة، إلاَّ من أذن له الرحمن وقال صواباً، وهو كقوله :﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ ﴾، مع أن هنا في الدنيا ملوكاً، كما في قصة يوسف، ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ﴾.
وفي قصة الخضر وموسى ﴿ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ ﴾.
أما يوم القيامة فيكونون كما قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ﴾.
وكقوله :﴿ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾، فقد ذهب كل سلطان وكل ملك، والملك يومئذ لله الواحد القهار.
Icon