والآن لم يبق لنا إلا أن ننتقل إلى سورة إبراهيم المكية، وسنلاحظ أنها مبدوءة بحروف الهجاء المقطعة كسورة الرعد التي سبقتها ﴿ أ. ل. ر. ﴾ وسنجد أن أول ما يذكر فيها بعد هذه الحروف كتاب الله والتنويه به، كما هو المعتاد في السور المبدوءة بمثل هذه الحروف ﴿ كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ﴾.
وأطلق على هذه السورة اسم ﴿ سورة إبراهيم ﴾، لما جاء فيها من الآيات المتعلقة بإبراهيم الخليل عليه السلام، ابتداء من قوله تعالى :﴿ وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام، رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ﴾ إلى قوله تعالى في نفس السياق حكاية لدعاء إبراهيم عليه السلام ﴿ ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ﴾.
ﰡ
بعدما تناولت الآيات الكريمة السابقة بالذكر قصة موسى مع قومه باختصار، وبينت ما أمر الله به موسى من تذكير قومه بأيام الله، بما فيها من نعم ونقم، وبعد أن حذر الله مشركي العرب ومن والاهم من أن يصيبهم ما أصاب قوم نوح وعاد وثمود، انتقل كتاب الله إلى الحديث عن الرسل وأقوامهم عامة، من عرفت أسماؤهم وقصصهم عن طريق الوحي، ومن استأثر الله بعلمهم دون خلقه، فلم يرد عن أحوالهم أي بيان أو تفصيل ﴿ والذين من بعدهم، لا يعلمهم إلا الله، جاءتهم رسلهم بالبينات ﴾ |الآية : ٩|
﴿ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ﴾.
بعدما تناولت الآيات الكريمة السابقة بالذكر قصة موسى مع قومه باختصار، وبينت ما أمر الله به موسى من تذكير قومه بأيام الله، بما فيها من نعم ونقم، وبعد أن حذر الله مشركي العرب ومن والاهم من أن يصيبهم ما أصاب قوم نوح وعاد وثمود، انتقل كتاب الله إلى الحديث عن الرسل وأقوامهم عامة، من عرفت أسماؤهم وقصصهم عن طريق الوحي، ومن استأثر الله بعلمهم دون خلقه، فلم يرد عن أحوالهم أي بيان أو تفصيل ﴿ والذين من بعدهم، لا يعلمهم إلا الله، جاءتهم رسلهم بالبينات ﴾ |الآية : ٩|
﴿ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ﴾.
بعدما تناولت الآيات الكريمة السابقة بالذكر قصة موسى مع قومه باختصار، وبينت ما أمر الله به موسى من تذكير قومه بأيام الله، بما فيها من نعم ونقم، وبعد أن حذر الله مشركي العرب ومن والاهم من أن يصيبهم ما أصاب قوم نوح وعاد وثمود، انتقل كتاب الله إلى الحديث عن الرسل وأقوامهم عامة، من عرفت أسماؤهم وقصصهم عن طريق الوحي، ومن استأثر الله بعلمهم دون خلقه، فلم يرد عن أحوالهم أي بيان أو تفصيل ﴿ والذين من بعدهم، لا يعلمهم إلا الله، جاءتهم رسلهم بالبينات ﴾ |الآية : ٩|
﴿ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ﴾.
بعدما تناولت الآيات الكريمة السابقة بالذكر قصة موسى مع قومه باختصار، وبينت ما أمر الله به موسى من تذكير قومه بأيام الله، بما فيها من نعم ونقم، وبعد أن حذر الله مشركي العرب ومن والاهم من أن يصيبهم ما أصاب قوم نوح وعاد وثمود، انتقل كتاب الله إلى الحديث عن الرسل وأقوامهم عامة، من عرفت أسماؤهم وقصصهم عن طريق الوحي، ومن استأثر الله بعلمهم دون خلقه، فلم يرد عن أحوالهم أي بيان أو تفصيل ﴿ والذين من بعدهم، لا يعلمهم إلا الله، جاءتهم رسلهم بالبينات ﴾ |الآية : ٩|
﴿ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ﴾.
بعدما تناولت الآيات الكريمة السابقة بالذكر قصة موسى مع قومه باختصار، وبينت ما أمر الله به موسى من تذكير قومه بأيام الله، بما فيها من نعم ونقم، وبعد أن حذر الله مشركي العرب ومن والاهم من أن يصيبهم ما أصاب قوم نوح وعاد وثمود، انتقل كتاب الله إلى الحديث عن الرسل وأقوامهم عامة، من عرفت أسماؤهم وقصصهم عن طريق الوحي، ومن استأثر الله بعلمهم دون خلقه، فلم يرد عن أحوالهم أي بيان أو تفصيل ﴿ والذين من بعدهم، لا يعلمهم إلا الله، جاءتهم رسلهم بالبينات ﴾ |الآية : ٩|
﴿ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ﴾.
بعدما تناولت الآيات الكريمة السابقة بالذكر قصة موسى مع قومه باختصار، وبينت ما أمر الله به موسى من تذكير قومه بأيام الله، بما فيها من نعم ونقم، وبعد أن حذر الله مشركي العرب ومن والاهم من أن يصيبهم ما أصاب قوم نوح وعاد وثمود، انتقل كتاب الله إلى الحديث عن الرسل وأقوامهم عامة، من عرفت أسماؤهم وقصصهم عن طريق الوحي، ومن استأثر الله بعلمهم دون خلقه، فلم يرد عن أحوالهم أي بيان أو تفصيل ﴿ والذين من بعدهم، لا يعلمهم إلا الله، جاءتهم رسلهم بالبينات ﴾ |الآية : ٩|
﴿ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ﴾.
فها هنا يشير الله إلى الدعوة العامة والوحيدة التي جاء بها كافة الرسل عن الله في جميع العصور والأجيال، كما يشير إلى الرد القبيح المتشابه، الذي توارثه خصوم الرسالات الإلهية من أولياء الشياطين، المتعصبين المتحذلقين ﴿ قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده، وما كان لنا أن نأتيهم بسلطان إلا بإذن الله، وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾.
وقوله تعالى هنا :﴿ ليغفر لكم من ذنوبكم ﴾ ذهب سيبويه إلى أن ﴿ من ﴾ في هذه الآية للتبعيض، وعليه يكون المعنى أن الكافر إذا أسلم غفر له ما تقدم من ذنبه، أما ما يذنبه بعد دخوله في الإسلام فهو في المشيئة، وهكذا تقع المغفرة في الذنب السالف على الإسلام، ويبقى الأمر معلقا بمشيئة الله فيما وراء ذلك، ويشبه هذه الآية قوله تعالى في سورة الأحقاف :﴿ يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ﴾ |الآية : ٣١|، وقوله تعالى في سورة نوح :﴿ قال يا قوم إني لكم نذير مبين، أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون، يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ﴾ |الآيات : ٢، ٣، ٤| فكلها تقتضي غفران بعض الذنوب للكفار إذا آمنوا، وهذا البعض يشمل جملة ذنوبهم قبل الإيمان، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى :﴿ قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ﴾ |الأنفال : ٣٨|.
وكلمة ﴿ سلطان ﴾ في قوله تعالى :﴿ بسلطان مبين ﴾ ترد في القرآن بمعنيين : المعنى الأول : الحجة والبرهان، ويشمل نفس المعجزات، كما ورد في هذه الآيات، والمعنى الثاني : القوة والقهر، كما في قوله تعالى متحديا معشر الجن والإنس :﴿ لا تنفذون إلا بسلطان ﴾ |الرحمان : ٣٣| أي لا تخترقون أقطار السماوات والأرض وتجاوزونها إلى ما وراءها إلا بقوة وقهر، وأنى لكم ذلك ؟
بعدما تناولت الآيات الكريمة السابقة بالذكر قصة موسى مع قومه باختصار، وبينت ما أمر الله به موسى من تذكير قومه بأيام الله، بما فيها من نعم ونقم، وبعد أن حذر الله مشركي العرب ومن والاهم من أن يصيبهم ما أصاب قوم نوح وعاد وثمود، انتقل كتاب الله إلى الحديث عن الرسل وأقوامهم عامة، من عرفت أسماؤهم وقصصهم عن طريق الوحي، ومن استأثر الله بعلمهم دون خلقه، فلم يرد عن أحوالهم أي بيان أو تفصيل ﴿ والذين من بعدهم، لا يعلمهم إلا الله، جاءتهم رسلهم بالبينات ﴾ |الآية : ٩|
﴿ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ﴾.
فها هنا يشير الله إلى الدعوة العامة والوحيدة التي جاء بها كافة الرسل عن الله في جميع العصور والأجيال، كما يشير إلى الرد القبيح المتشابه، الذي توارثه خصوم الرسالات الإلهية من أولياء الشياطين، المتعصبين المتحذلقين ﴿ قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده، وما كان لنا أن نأتيهم بسلطان إلا بإذن الله، وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾.
وقوله تعالى هنا :﴿ ليغفر لكم من ذنوبكم ﴾ ذهب سيبويه إلى أن ﴿ من ﴾ في هذه الآية للتبعيض، وعليه يكون المعنى أن الكافر إذا أسلم غفر له ما تقدم من ذنبه، أما ما يذنبه بعد دخوله في الإسلام فهو في المشيئة، وهكذا تقع المغفرة في الذنب السالف على الإسلام، ويبقى الأمر معلقا بمشيئة الله فيما وراء ذلك، ويشبه هذه الآية قوله تعالى في سورة الأحقاف :﴿ يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ﴾ |الآية : ٣١|، وقوله تعالى في سورة نوح :﴿ قال يا قوم إني لكم نذير مبين، أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون، يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ﴾ |الآيات : ٢، ٣، ٤| فكلها تقتضي غفران بعض الذنوب للكفار إذا آمنوا، وهذا البعض يشمل جملة ذنوبهم قبل الإيمان، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى :﴿ قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ﴾ |الأنفال : ٣٨|.
وكلمة ﴿ سلطان ﴾ في قوله تعالى :﴿ بسلطان مبين ﴾ ترد في القرآن بمعنيين : المعنى الأول : الحجة والبرهان، ويشمل نفس المعجزات، كما ورد في هذه الآيات، والمعنى الثاني : القوة والقهر، كما في قوله تعالى متحديا معشر الجن والإنس :﴿ لا تنفذون إلا بسلطان ﴾ |الرحمان : ٣٣| أي لا تخترقون أقطار السماوات والأرض وتجاوزونها إلى ما وراءها إلا بقوة وقهر، وأنى لكم ذلك ؟
والمراد بقوله هنا :﴿ ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي ﴾ ما أنا بمغيثكم، وما أنتم بمغيثين لي، فليس في استطاعة أي واحد إنقاذ الآخر مما هو فيه من العذاب، بل كل منهما عاجز عن إنقاذ نفسه فضلا عن إنقاذ الآخر.
وختم هذا الربع بما يؤكد قدرة الله المطلقة، وتصرفه الشامل في خلقه، فقال تعالى :﴿ ويفعل الله ما يشاء ﴾ على غرار قوله تعالى في آية ثانية :﴿ إذا أراد شيئا أن يقول له كن، فيكون ﴾ |يس : ٨٢| وقوله تعالى في آية ثالثة :﴿ ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين ﴾ |الأعراف : ٥٤|.
في بداية هذا الربع، يلفت كتاب الله نظر كل من له عقل وبصيرة إلى سوء تصرف الأشقياء من العباد، حيث يحيلون نعمة الله نقمة وخيره شرا، وحيث لا يكتفون بالإساءة إلى أنفسهم بسوء تصرفهم، بل تكون إساءتهم سببا في إذاية الآخرين وجرهم معهم إلى الهلاك المحقق، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى :﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار، جهنم يصلونها، وبيس القرار ﴾ أي المقر.
والمراد من هذه الآية إثارة التعجب من حال جميع الذين لا يقدرون نعم الله حق قدرها، ويعدلون عن شكرها، وإن كانت هذه الآية في رأي بعض المفسرين تشير أولا وبالذات إلى أئمة الشرك، وما جرى لهم ولقريش على يدهم من هزائم وخسارات في الأنفس والأموال، وقحط وجدب طيلة سبع سنين، أثناء تصديهم للإسلام، الذي هو أكبر نعمة عليهم وعلى الناس، بالمهاجمة والمقاومة والتنكيل. قال ابن كثير : " إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ونعمة للناس، فمن قبل نعمته وقام بشكرها دخل الجنة، ومن ردها وكفرها دخل النار ".
وقوله تعالى هنا :﴿ بدلوا نعمة الله كفرا ﴾ أي بدلوا شكر نعمته كفرا، فهو على حذف مضاف، نظير قوله تعالى :﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ |الواقعة : ٨٢| أي تجعلون شكر رزقكم.
وقوله تعالى :﴿ وأحلوا قومهم دار البوار جهنم ﴾، أي كانوا سببا في سوء العاقبة لمن اتبعهم وأطاعهم، وحلولهم بدار الهلاك وهي جهنم، ويفهم من هذه الآية أنه إذا كان مآل الأتباع حلول دار البوار، فإن القادة المتبوعين يكونون بحلولها أحق وأولى.
في بداية هذا الربع، يلفت كتاب الله نظر كل من له عقل وبصيرة إلى سوء تصرف الأشقياء من العباد، حيث يحيلون نعمة الله نقمة وخيره شرا، وحيث لا يكتفون بالإساءة إلى أنفسهم بسوء تصرفهم، بل تكون إساءتهم سببا في إذاية الآخرين وجرهم معهم إلى الهلاك المحقق، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى :﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار، جهنم يصلونها، وبيس القرار ﴾ أي المقر.
والمراد من هذه الآية إثارة التعجب من حال جميع الذين لا يقدرون نعم الله حق قدرها، ويعدلون عن شكرها، وإن كانت هذه الآية في رأي بعض المفسرين تشير أولا وبالذات إلى أئمة الشرك، وما جرى لهم ولقريش على يدهم من هزائم وخسارات في الأنفس والأموال، وقحط وجدب طيلة سبع سنين، أثناء تصديهم للإسلام، الذي هو أكبر نعمة عليهم وعلى الناس، بالمهاجمة والمقاومة والتنكيل. قال ابن كثير :" إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ونعمة للناس، فمن قبل نعمته وقام بشكرها دخل الجنة، ومن ردها وكفرها دخل النار ".
وقوله تعالى هنا :﴿ بدلوا نعمة الله كفرا ﴾ أي بدلوا شكر نعمته كفرا، فهو على حذف مضاف، نظير قوله تعالى :﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ |الواقعة : ٨٢| أي تجعلون شكر رزقكم.
وقوله تعالى :﴿ وأحلوا قومهم دار البوار جهنم ﴾، أي كانوا سببا في سوء العاقبة لمن اتبعهم وأطاعهم، وحلولهم بدار الهلاك وهي جهنم، ويفهم من هذه الآية أنه إذا كان مآل الأتباع حلول دار البوار، فإن القادة المتبوعين يكونون بحلولها أحق وأولى.
وقوله تعالى :﴿ من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ﴾ إشارة إلى وجوب مبادرة المؤمنين بأداء ما عليهم من الحقوق لله ولعباده، دون تأخير ولا إمهال ولا إهمال، حذرا من أن يفاجئهم الموت قبل أن يقوموا بها، فلا يمكنهم أن يتداركوها يوم القيامة، إذ إن يوم القيامة يوم لا تنفع فيه فدية بمال ولو كانت ملء الأرض ذهبا ﴿ يوم لا بيع فيه ﴾، ولا تنفع فيه محبة الأحباب وخلة الأصحاب ﴿ ولا خلال ﴾.
ثم عقب كتاب الله على ذلك كله بما يكون عليه حال الإنسان، الفاقد للإيمان، من ظلم في حق الله، بالشرك به، وظلم في حق نفسه، بالكفر بالله، وظلم للخلق، بتعدي حدود الله، فقال تعالى :﴿ إن الإنسان لظلوم كفار ﴾.
وقوله تعالى :﴿ واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ﴾ قال أبو القاسم ابن جزي : " اجنبني : أي امنعني، وبني : يعني من صلبه، وفيهم أجيبت دعوته، وأما أعقاب بنيه فعبدوا الأصنام ".
وقوله تعالى :﴿ واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ﴾ قال أبو القاسم ابن جزي :" اجنبني : أي امنعني، وبني : يعني من صلبه، وفيهم أجيبت دعوته، وأما أعقاب بنيه فعبدوا الأصنام ".
والأمر يتعلق بإسماعيل بن إبراهيم عندما حمله أبوه رضيعا مع أمه هاجر من الشام إلى مكة، وتركهما إبراهيم وديعة في يد الله، بأمر من الله، في نفس البقعة التي سيقام فيها البيت الحرام في البلد الحرام، وذلك قوله تعالى :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ﴾ أي عند المكان الذي سيبنى فيه بيتك ﴿ ربنا ليقيموا الصلاة، فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ﴾.
والمراد ﴿ بواد غير ذي زرع ﴾ مكة، والوادي في لسان العرب ما بين جبلين، وإن لم يكن فيه ماء، وحيث أن مكة لم يكن فيها زرع دعا إبراهيم ربه أن يرزقها من ثمرات البلاد الأخرى، إعانة للعاكفين بها والوافدين إليها على عبادة الله وطاعته وشكره، وقد استجاب الله دعاء إبراهيم الخليل، واستمر البلد الحرام رافلا في حلل النعيم جيلا بعد جيل، وامتنانا من الله تعالى على أهله والوافدين عليه، قال تعالى :﴿ أو لم نمكن لهم حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ﴾.
وفي تفسير هذه الآية قال جار الله الزمخشري وهو شاهد عيان لما كان عليه البلد الحرام في القرن الخامس الهجري وأوائل القرن الذي يليه : " لا جرم أن الله عز وجل أجاب دعوة إبراهيم، فجعله حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنه، ثم فضله، في وجود أصناف الثمار فيه، على كل ريف، وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثمارا، وفي أي بلد من بلاد الشرق والغرب ترى الأعجوبة التي يريكها الله بواد غير ذي زرع، وهي اجتماع البواكير والفواكه المختلفة الأزمان، من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد، وليس ذلك من آياته بعجيب، متعنا الله بسكنى حرمه، ووفقنا لشكر نعمه ".
وقوله تعالى هنا حكاية عن إبراهيم ﴿ فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ﴾، إشارة إلى ما حببه الله إلى المؤمنين من حج بيت الله الحرام، وقدومهم عليه من جميع أطراف العالم كل عام.
قال القاضي أبو بكر ﴿ ابن العربي ﴾ عند تفسيره هذه الآية ﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع ﴾ : " لا يجوز لأحد أن يتعلق به في طرح عياله وولده بأرض مضيعة ﴿ أي مفازة منقطعة ﴾ اتكالا على العزيز الرحيم، واقتداء بفعل إبراهيم، فإن إبراهيم فعل ذلك بأمر الله، لقولها ﴿ أي هاجر ﴾ له في هذا الحديث : آالله أمرك بهذا ؟ قال نعم. ولما كان بأمر منه أراد تأسيس الحال وتمهيد المقام، وخط الموضع للبيت الحرام والبلدة الحرام ".
وقوله :﴿ ليقيموا الصلاة ﴾ خصها من جملة الدين، لفضلها فيه، ومكانتها منه، وهي عهد الله عند العباد، قال النبي صلى الله عليه وسلم :( خمس صلوات كتبهن الله على عباده في اليوم والليلة، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة ). رواه مسلم في صحيحه.
وقد نبه علماء التفسير في هذا المقام إلى أن دعاء إبراهيم لوالديه معا حسبما ورد في هذه الآية كان سابقا على معرفته بما سيستقر عليه أمر والده، وإلى ذلك يشير قوله تعالى في سورة التوبة ﴿ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ﴾ |الآية : ١١٤|.
وقد نبه علماء التفسير في هذا المقام إلى أن دعاء إبراهيم لوالديه معا حسبما ورد في هذه الآية كان سابقا على معرفته بما سيستقر عليه أمر والده، وإلى ذلك يشير قوله تعالى في سورة التوبة ﴿ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ﴾ |الآية : ١١٤|.
وإذا كان توجيه الخطاب إلى عموم الناس في قوله تعالى :﴿ ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ﴾ وقوله تعالى :﴿ فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ﴾ أمرا مفهوما ومعقولا، فإن من غير المفهوم وغير المعقول أن يعتبر الخطاب فيهما موجها إلى الرسول نفسه عليه السلام، لأنه لا يتصور في حق الرسول أن يسيء الظن بالله أو يشك في إنجاز وعده الحق، قال أبو حيان في تفسيره : " الخطاب بقوله ﴿ ولا تحسبن الله غافلا ﴾ للسامع الذي يمكن منه حسبان مثل هذا، لجهله بصفات الله، لا للرسول صلى الله عليه وسلم فإنه مستحيل ذلك في حقه، والنهي عن الحسبان في قوله ﴿ فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ﴾ كهو في قوله ﴿ ولا تحسبن الله غافلا ﴾ ".
أما مظاهر التبديل والتغيير الذي يلحق الكون فقد خصص لها كتاب الله عدة آيات في عدة سور، منها : سور الدخان والطور والقمر والواقعة والحاقة والقيامة والمرسلات والنبأ والنازعات والتكوير والانفطار والانشقاق والزلزلة والقارعة، وفيها القول الفصل فيما سيؤول إليه أمر العالم في اليوم الموعود، طبقا لمشيئة الله القاهر فوق عباده، كقوله تعالى :﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين، يغشى الناس ﴾ |الدخان : ١٠، ١١| وقوله تعالى :﴿ يوم تمور السماء مورا، وتسير الجبال سيرا ﴾ |الطور : ٩، ١٠| وقوله تعالى :﴿ فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة، وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ﴾ |الحاقة : ١٣، ١٤| وقوله تعالى :﴿ فإذا برق البصر، وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر، يقول الإنسان يومئذ أين المفر ﴾ |القيامة : ٧، ٨، ٩، ١٠|. وقد اضطر العلم الحديث إلى الاعتراف بأمر هذا الانقلاب الكوني المنتظر، فصدق الخبر الخبر.