تفسير سورة سورة مريم من كتاب إعراب القرآن وبيانه
المعروف بـإعراب القرآن و بيانه
.
لمؤلفه
محيي الدين الدرويش
.
المتوفي سنة 1403 هـ
ﰡ
(١٩) سورة مريم مكيّة وآياتها ثمان وتسعون
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١ الى ٦]
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)
اللغة:
(وَهَنَ) : في المصباح: «وهن يهن من باب وعد ضعف فهو واهن في الأمر والعمل والبدن، ووهنته أضعفته يتعدى ولا يتعدّى في لغة فهو موهون البدن والعظم والأجود أن يتعدى بالهمزة فيقال:
أوهنته والوهن بفتحتين لغة في المصدر ووهن يهن بكسرتين لغة قال أبو زيد: سمعت من الأعراب من يقرأ فما وهنوا» وفي القاموس وغيره: وهنه يهنه وهنا وأوهنه أضعفه ووهن وأوهن الرجل دخل في الوهن من الليل ووهن ووهن يهن ووهن يوهن وهنا ووهنا ووهن يوهن وهنا ضعف في الأمر أو العمل أو البدن وتوهّن البعير
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤)وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)
اللغة:
(وَهَنَ) : في المصباح: «وهن يهن من باب وعد ضعف فهو واهن في الأمر والعمل والبدن، ووهنته أضعفته يتعدى ولا يتعدّى في لغة فهو موهون البدن والعظم والأجود أن يتعدى بالهمزة فيقال:
أوهنته والوهن بفتحتين لغة في المصدر ووهن يهن بكسرتين لغة قال أبو زيد: سمعت من الأعراب من يقرأ فما وهنوا» وفي القاموس وغيره: وهنه يهنه وهنا وأوهنه أضعفه ووهن وأوهن الرجل دخل في الوهن من الليل ووهن ووهن يهن ووهن يوهن وهنا ووهنا ووهن يوهن وهنا ضعف في الأمر أو العمل أو البدن وتوهّن البعير
53
اضطجع والطائر أثقل من أكل الجيف فلم يقدر على النهوض والوهن مصدر ومن الرجال أو الإبل: الغليظ القصير والوهن من الليل نحو منتصفه أو بعد ساعة منه والموهن من الليل كالوهن، والوهنانة من النساء الكسلى عن العمل تنعما.
(الْمَوالِيَ) : الذين يلونني في النسب كبني العم والموالي جمع مولى وهو العاصب.
(عاقِراً) : لا تلد، قال في القاموس: عقرت تعقر عقرا وعقرا وعقارا وعقرت تعقر عقرا وعقارة وعقارة وعقرت المرأة أو الناقة صارت عاقرا أي حبس رحمها فلم تلد وعقر عقرا الأمر لم ينتج عاقبة وعقر عقرا الرجل دهش».
(وَلِيًّا) : ابنا وهو أحد معانيه الكثيرة.
الإعراب:
(كهيعص،) (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) كهيعص تقدم القول في فواتح السور واعرابها ومعانيها فارجع اليه وذكر خبر لمبتدأ محذوف أي هذا المتلو عليك من القرآن أو مبتدأ محذوف الخبر أي فيما يتلى عليك ذكر، ورحمة ربك مضافة لذكر من اضافة المصدر لمفعوله والفاعل مستتر أي ذكر الله رحمة عبده زكريا وعبده مفعول به لرحمة وزكريا بدل من عبده أو عطف بيان له. (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) إذ ظرف لما مضى من الزمن وهو متعلق برحمة ربك أي رحمة الله إياه وقت أن ناداه وقيل العامل فيه ذكر وقيل هو بدل اشتمال من زكريا، وجملة نادى مضاف إليها الظرف والفاعل مستتر تقديره هو ونداء
(الْمَوالِيَ) : الذين يلونني في النسب كبني العم والموالي جمع مولى وهو العاصب.
(عاقِراً) : لا تلد، قال في القاموس: عقرت تعقر عقرا وعقرا وعقارا وعقرت تعقر عقرا وعقارة وعقارة وعقرت المرأة أو الناقة صارت عاقرا أي حبس رحمها فلم تلد وعقر عقرا الأمر لم ينتج عاقبة وعقر عقرا الرجل دهش».
(وَلِيًّا) : ابنا وهو أحد معانيه الكثيرة.
الإعراب:
(كهيعص،) (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) كهيعص تقدم القول في فواتح السور واعرابها ومعانيها فارجع اليه وذكر خبر لمبتدأ محذوف أي هذا المتلو عليك من القرآن أو مبتدأ محذوف الخبر أي فيما يتلى عليك ذكر، ورحمة ربك مضافة لذكر من اضافة المصدر لمفعوله والفاعل مستتر أي ذكر الله رحمة عبده زكريا وعبده مفعول به لرحمة وزكريا بدل من عبده أو عطف بيان له. (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) إذ ظرف لما مضى من الزمن وهو متعلق برحمة ربك أي رحمة الله إياه وقت أن ناداه وقيل العامل فيه ذكر وقيل هو بدل اشتمال من زكريا، وجملة نادى مضاف إليها الظرف والفاعل مستتر تقديره هو ونداء
54
مفعول مطلق وخفيا صفة. (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) ربي منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة وان واسمها وجملة وهن العظم خبرها ومني حال واشتعل عطف على وهن والرأس فاعل وشيبا تمييز محول عن الفاعل أي انتشر الشيب في رأسي وسيأتي سر هذه الاستعارة في باب البلاغة. (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) الواو عاطفة ولم حرف نفي وقلب وجزم وأكن فعل مضارع ناقص مجزوم بلم واسمها مستتر تقديره أنا وشقيا خبرها وبدعائك متعلقان بشقيا ورب منادى مضاف الى ياء المتكلم المحذوفة. (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) وإني عطف على إني وهن والياء اسم ان وجملة خفت خبرها والموالي مفعول به ومن ورائي متعلقان بمحذوف أو بمعنى الولاية في الموالي ولا يجوز أن يتعلق بخفت لفساد المعنى ووجه فساده أن الخوف واقع في الحال لا فيما يستقبل فلو جعل من ورائي متعلقا بخفت لزم أن يكون الخوف واقعا في المستقبل أي بعد موته وهو كما ترى، ظاهر الفساد وعبارة الزمخشري: «من ورائي بعد موتي وقرأ ابن كثير من وراي بالقصر وهذا الظرف لا يتعلق بخفت لفساد المعنى ولكن بمحذوف أو بمعنى الولاية في الموالي أي خفت فعل الموالي وهو تبديلهم وسوء خلافتهم من ورائي أو خفت الذين يلون الأمر من ورائي، وقرأ عثمان ومحمد بن علي وعلي بن الحسين رضي الله عنهم خفت الموالي من ورائي وهذا على معنيين أحدهما أن يكون ورائي بمعنى خلفي وبعدي فيتعلق الظرف بالموالي أي قلوا وعجزوا عن إقامة أمر الدين. فسأل ربه تقويتهم ومظاهرتهم بولي يرزقه، والثاني أن يكون بمعنى قدّامي فيتعلق بخفت ويريد أنهم خفّوا قدامه ودرجوا ولم يبق منهم من به تقوّ واعتضاد. وقال ابن هشام في المغني «الثاني قوله تعالى: وإني خفت الموالي من ورائي،
55
فإن المتبادر تعلق من بخفت وهو فاسد في المعنى والصواب تعلقه بالموالي لما فيه من معنى الولاية أي وخفت ولايتهم من بعدي وسوء خلافتهم أو بمحذوف هو حال من الموالي أو مضاف إليهم أي كائنين من ورائي أو فعل الموالي من ورائي وأما من قرأ خفت بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء فمن متعلقة بالفعل المذكور. وكانت امرأتي عاقرا الواو عاطفة وكان واسمها وخبرها. (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) الفاء الفصيحة أي وإلا فهب لي، وهب فعل أمر ولي متعلقان بهب ومن لدنك حال ووليا مفعول به لهب. (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) جملة يرثني صفة لوليا ولذلك رفعت وقرئ بالجزم على أنه جواب الطلب ويرث عطف على يرثني ومن آل يعقوب متعلقان بيرث ومفعول يرث محذوف تقديره الشرع والحكمة والعلم لأن الأنبياء لا تورث المال وقيل يرثني الحبورة وكان حبرأ ويرث من آل يعقوب الملك فعلى هذا تكون الياء في يرثني منصوبة بنزع الخافض أي يرث مني الحبورة، واجعله فعل دعاء وفاعل مستتر ورب منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة ورضيا مفعول به ثان لا جعله.
وقد استشكل بعضهم جملة يرثني صفة بناء على أن نبي الله يحيى مات قبل والده بأن دعاء النبي قد يتخلف وذلك لأنه بموته قبله لم يرثه ومعلوم ما يورث من الأنبياء ورأى هذا المستشكل أن الجملة مستأنفة لا صفة وأجيب بأن دعاء الأنبياء قد يتخلف وقد وقع لنبينا محمد ﷺ أنه سأل في ثلاثة أمور فاستجيب له في اثنين وتأخرت الاجابة في الثالث وقد اعترض القول بالاستئناف بأن مفاد الجملة حينئذ الإخبار واخبار الأنبياء لا يتخلف قطعا وأجيب بأن هذا الاخبار باعتبار غلبة الظن لأن نبي الله زكريا لما كان مسنا غلب على
وقد استشكل بعضهم جملة يرثني صفة بناء على أن نبي الله يحيى مات قبل والده بأن دعاء النبي قد يتخلف وذلك لأنه بموته قبله لم يرثه ومعلوم ما يورث من الأنبياء ورأى هذا المستشكل أن الجملة مستأنفة لا صفة وأجيب بأن دعاء الأنبياء قد يتخلف وقد وقع لنبينا محمد ﷺ أنه سأل في ثلاثة أمور فاستجيب له في اثنين وتأخرت الاجابة في الثالث وقد اعترض القول بالاستئناف بأن مفاد الجملة حينئذ الإخبار واخبار الأنبياء لا يتخلف قطعا وأجيب بأن هذا الاخبار باعتبار غلبة الظن لأن نبي الله زكريا لما كان مسنا غلب على
56
ظنه أنه متى وهب له ولد يرثه. هذا وقد ذكر الجلال السيوطي الإشكال في كتاب شرح عقود الجمان وذكر مثل الجواب الذي أوردناه آنفا ثم قال: «وأجاب الشيخ بهاء الدين بأن المراد إرث النبوة والعلم وقد حصل في حياته». قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث» ورواه البزاز بلفظ نحن معاشر إلخ وتمام الحديث:
«ما تركناه صدقة» ونصب معاشر على الاختصاص بفعل محذوف وجوبا تقديره أخص وما تركناه ما موصولة في محل رفع بالابتداء وتركنا صلته والعائد محذوف أي تركناه وصدقة خبر ما، والحكمة في أن الأنبياء لا يورثون انه وقد وقع في قلب الإنسان شهوة موت مورثه ليأخذ ماله فنزّه الله أنبياءه وأهاليهم عن ذلك ولئلا يظن بهم مبطل انهم يجمعون المال لورثتهم ولأنهم كالآباء لأمتهم فيكون مالهم لجميع الأمة وهو معنى الصدقة العامة وأما قوله تعالى «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ» وقوله «وورث سليمان» فالمراد الوراثة في العلم والنبوة وبهذا يندفع أن عدم الإرث مختص بنبينا صلى الله عليه وسلم، فإن قيل إن الله أخبر عن بعضهم بقوله:
«واني خفت الموالي» إذ لا تخاف الموالي على النبوة أجيب بأنه خاف من الموالي الاختلاف من بعده الرجوع عن الحق فتمنى ولدا نبيا يقوم فيهم. بقي هنا شيء لا بد من التنويه به وهو أن الأنبياء هل يرثون؟
قال صاحب التتمة: إن النبوة مانعة من الإرث وذكر البزاز الواعظ أنه روي: نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث ويعارضه ما ذكر الماوردي في الاحكام السلطانية أنه ﷺ ورث من أبيه أم أيمن الحبشية واسمها بركة وخمسة جمال وقطعة من غنم ومولاه شقران واسمه صالح وقد شهد بدرا وورث من أمه دارها ومن خديجة دارها.
«ما تركناه صدقة» ونصب معاشر على الاختصاص بفعل محذوف وجوبا تقديره أخص وما تركناه ما موصولة في محل رفع بالابتداء وتركنا صلته والعائد محذوف أي تركناه وصدقة خبر ما، والحكمة في أن الأنبياء لا يورثون انه وقد وقع في قلب الإنسان شهوة موت مورثه ليأخذ ماله فنزّه الله أنبياءه وأهاليهم عن ذلك ولئلا يظن بهم مبطل انهم يجمعون المال لورثتهم ولأنهم كالآباء لأمتهم فيكون مالهم لجميع الأمة وهو معنى الصدقة العامة وأما قوله تعالى «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ» وقوله «وورث سليمان» فالمراد الوراثة في العلم والنبوة وبهذا يندفع أن عدم الإرث مختص بنبينا صلى الله عليه وسلم، فإن قيل إن الله أخبر عن بعضهم بقوله:
«واني خفت الموالي» إذ لا تخاف الموالي على النبوة أجيب بأنه خاف من الموالي الاختلاف من بعده الرجوع عن الحق فتمنى ولدا نبيا يقوم فيهم. بقي هنا شيء لا بد من التنويه به وهو أن الأنبياء هل يرثون؟
قال صاحب التتمة: إن النبوة مانعة من الإرث وذكر البزاز الواعظ أنه روي: نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث ويعارضه ما ذكر الماوردي في الاحكام السلطانية أنه ﷺ ورث من أبيه أم أيمن الحبشية واسمها بركة وخمسة جمال وقطعة من غنم ومولاه شقران واسمه صالح وقد شهد بدرا وورث من أمه دارها ومن خديجة دارها.
57
البلاغة:
في هذه الآيات فنون عديدة نوجز القول فيها:
١- الاختراس في قوله «نِداءً خَفِيًّا»
وقد تقدم القول فيه وانه عبارة عن أن يأتي المتكلم بمعنى يتوجه عليه فيه دخل أو لبس أو إيهام فيفطن لذلك حال العمل فيأتي في صلب الكلام بما يخلصه من ذلك كله وقد تقدمت أمثلة عديدة منه كما ستأتي له نظائر مشبهة وهو هنا في كلمة خفيا فقد أتى بها مراعاة لسنة الله في إخفاء دعوته لأن الجهر والإخفاء عند الله سيان فكان الأولى به أن يحترس مما يوهم الرياء أمام الناس الذين يحكمون على الظاهر ويجهلون حقيقة الدخائل أو لئلا يلام على طلب الولد في إبان الكبرة والشيخوخة ودفعا للفضول الذي يطلق الألسنة بمختلف أنواع الملام وقيل احترس من مواليه الذين خافهم وقيل ليس في الأمر احتراس وانما الكلام جار على حقيقته لأن خفوت صوته ناتج عن ضعفه وهرمه حيث يخفت الصوت ويكل اللسان وتعشى العينان وتثقل الآذان على حدّ قول عوف بن محلم الخزاعي:
وقد قيل في صفات الشيخ «صوته خفات، وسمعه تارات».
٢- الاستعارة المكنية:
في قوله تعالى «وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً» شبّه الشيب بشواظ النار في بياضه وإثارته وانتشاره في الشعر وفشوه فيه وأخذه منه كل مأخذ ثم أخرجه مخرج الاستعارة المكنية وأسند الاشتعال الى
في هذه الآيات فنون عديدة نوجز القول فيها:
١- الاختراس في قوله «نِداءً خَفِيًّا»
وقد تقدم القول فيه وانه عبارة عن أن يأتي المتكلم بمعنى يتوجه عليه فيه دخل أو لبس أو إيهام فيفطن لذلك حال العمل فيأتي في صلب الكلام بما يخلصه من ذلك كله وقد تقدمت أمثلة عديدة منه كما ستأتي له نظائر مشبهة وهو هنا في كلمة خفيا فقد أتى بها مراعاة لسنة الله في إخفاء دعوته لأن الجهر والإخفاء عند الله سيان فكان الأولى به أن يحترس مما يوهم الرياء أمام الناس الذين يحكمون على الظاهر ويجهلون حقيقة الدخائل أو لئلا يلام على طلب الولد في إبان الكبرة والشيخوخة ودفعا للفضول الذي يطلق الألسنة بمختلف أنواع الملام وقيل احترس من مواليه الذين خافهم وقيل ليس في الأمر احتراس وانما الكلام جار على حقيقته لأن خفوت صوته ناتج عن ضعفه وهرمه حيث يخفت الصوت ويكل اللسان وتعشى العينان وتثقل الآذان على حدّ قول عوف بن محلم الخزاعي:
إن الثمانين وبلغتها | قد أحوجت سمعي الى ترجمان |
٢- الاستعارة المكنية:
في قوله تعالى «وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً» شبّه الشيب بشواظ النار في بياضه وإثارته وانتشاره في الشعر وفشوه فيه وأخذه منه كل مأخذ ثم أخرجه مخرج الاستعارة المكنية وأسند الاشتعال الى
58
مكان الشعر ومنبته وهو الرأس وأخرج الشيب مميزا ولم يضف الرأس أي أم يقل رأسي اكتفاء بعلم المخاطب انه رأس زكريا فمن ثم فصحت هذه الجملة وشهد لها بالبلاغة ونزيد على ذلك وجوه الشبه الأربعة الكامنة في هذا الخيال البعيد، وهي:
آ- السرعة: وذلك أن النار حين تشتعل وتندلع أسنتها فإنها تسرع في التهام ما تمتد اليه وهكذا الشيب لا يكاد يخط الرأس حتى بمتد بسرعة عجيبة.
ب- تعذر التلافي: وذلك أن النار إذا شبت وتدافع شؤبوبها وتطاير لهيبها اجتاحت كل ما تصادفه وذل لها الصخر والخشب على حد قول أبي تمام:
فيعنو لها الصخر ويذل الخشب ويستلسم لشؤبوبها كل ما يناله دون أن تجدي في ذلك حيلة وقد يتعذر على رجل الإطفاء إخماد لهيبها وكثيرا ما يصبح الماء بمثابة الحطب الذي يذكيها وكذلك الشيب ينتشر بسرعة غريبة في أجزاء الرأس ويتمادى في سرعته بحيث يتعذر بل يستحيل تلافيه، وكثيرا ما يجنح الذين أصيبوا بالشيب الى تغطية شيبهم بالأصابيغ الكاذبة ليخفوا حقيقتهم وليستهووا قلوب الغانيات فلن يبدل ذلك شيئا من الواقع الراهن.
ج- الألم: وكما أن النار لذاعة كواءة تؤلم من تلامسه فكذلك الشيب يؤلم الأشيب وقد صدت عنه الغواني واقتحمته العيون على حد قول ابن الرومي:
آ- السرعة: وذلك أن النار حين تشتعل وتندلع أسنتها فإنها تسرع في التهام ما تمتد اليه وهكذا الشيب لا يكاد يخط الرأس حتى بمتد بسرعة عجيبة.
ب- تعذر التلافي: وذلك أن النار إذا شبت وتدافع شؤبوبها وتطاير لهيبها اجتاحت كل ما تصادفه وذل لها الصخر والخشب على حد قول أبي تمام:
لقد تركت أمير المؤمنين بها | للنار يوما ذليل الصخر والخشب |
ج- الألم: وكما أن النار لذاعة كواءة تؤلم من تلامسه فكذلك الشيب يؤلم الأشيب وقد صدت عنه الغواني واقتحمته العيون على حد قول ابن الرومي:
59
وكنت جلاء للعيون من القذى | فقد أصبحت تقذي بشيبي وترمد |
هي الأعين النجل التي كنت تشتكي | مواقعها في القلب والرأس أسود |
يا نسيب الثغام ذنبك أبقى | حسناتي عند الحسان ذنوبا |
لو رأى الله أن في الشيب خيرا | جاورته الأبرار في الخلد شيبا |
رأين الغواني الشيب لاح بعوارضي | فأعرضن عني بالخدود النواضر |
شيعت أحلامي بقلب باك | ولمت من طرق الملاح شباكي |
ورجعت أدراج الشباب وورده | أمشي مكانهما على الأشواك |
وبجانبي واه كأن خفوقه | لمّا تلفت جهشة المتباكي |
هذا وقد أوجزنا القول في عدم إضافة الرأس بالاكتفاء بعلم المخاطب ولا بد من إيضاحه الآن فنقول أن للاستعارة مطلوبات ثلاثة:
المبالغة في التشبيه والظهور والإيجاز وكل استعارة تتناول واحدا من هذه المطلوبات أما هذه الاستعارة فقد تناولت المطلوبات الثلاثة بكاملها فإن الكلام أن يقال: شيب الرأس ولو جاء الكلام كذلك لأفاد الظهور فقط دون المبالغة واللفظ الأول يعطى عموم الشيب جميع نواحي الرأس كما انك إذا قلت: اشتعلت نار البيت صدق ذلك على اشتعال النار في بعض نواحيه دون بقيته بخلاف ما إذا قلت اشتعل البيت نارا فإن مفهوم ذلك اشتمال النار على كل البيت بجميع أجزائه فتنبه لهذا الفصل وإن طال بعض الطول فإنه كالحسن غير مملول.
هذا وقد اقتبس ابن دريد اشتعال الرأس شيبا فقال في مقصورته:
واشتعل المبيض في مسودّه | مثل اشتعال النار في جزل الغضا |
61
الدلالة على العيوب أو الألوان وقال الشهاب الخفاجي انه على وزن الوصف من المصائب الخلقية فعدوه من العيوب، ولأبي الحسن الزوزني:
فشائب خطأ لم يستعمل.
هذا وفي قوله واشتعل الرأس شيبا فن الإطناب فقد انتقل أولا من شخت الدال على ضعف البدن وشيب الرأس إجمالا الى هذا التفصيل لمزيد التقرير، وثانيا من هذه المرتبة إلى ثالثة أبلغ منها وهي الكناية التي هي أبلغ من التصريح، وثالثا من هذه المرتبة الى رابعة أبلغ في التقرير وهي بناء الكناية على المبتدأ أي قولك: أنا وهنت عظام بدني، ورابعا من هذه المرتبة الى خامسة أبلغ وهي إدخال إن على المبتدأ أعني قولك إني وهنت عظام بدني، وخامسا الى مرتبة سادسة وهي سلوك طريق الإجمال ثم التفصيل أعني إني وهنت العظام من بدني، وسادسا الى مرتبة سابعة وهي ترك توسيط البدن لا دعاء اختصاصها بالبدن بحيث لا يحتاج الى التصريح بالبدن، وسابعا الى مرتبة ثامنة وهي ترك جمع العظم إلى الإفراد لشمول الوهن العظام فردا فردا.
٣- التجريد:
وذلك في قوله تعالى «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ
كفى الشيب عيبا ان صاحبه إذا | أردت به وصفا له قلت أشيب |
وكان قياس الأصل لو قلت شائبا | ولكنه في جملة العيب يحسب |
هذا وفي قوله واشتعل الرأس شيبا فن الإطناب فقد انتقل أولا من شخت الدال على ضعف البدن وشيب الرأس إجمالا الى هذا التفصيل لمزيد التقرير، وثانيا من هذه المرتبة إلى ثالثة أبلغ منها وهي الكناية التي هي أبلغ من التصريح، وثالثا من هذه المرتبة الى رابعة أبلغ في التقرير وهي بناء الكناية على المبتدأ أي قولك: أنا وهنت عظام بدني، ورابعا من هذه المرتبة الى خامسة أبلغ وهي إدخال إن على المبتدأ أعني قولك إني وهنت عظام بدني، وخامسا الى مرتبة سادسة وهي سلوك طريق الإجمال ثم التفصيل أعني إني وهنت العظام من بدني، وسادسا الى مرتبة سابعة وهي ترك توسيط البدن لا دعاء اختصاصها بالبدن بحيث لا يحتاج الى التصريح بالبدن، وسابعا الى مرتبة ثامنة وهي ترك جمع العظم إلى الإفراد لشمول الوهن العظام فردا فردا.
٣- التجريد:
وذلك في قوله تعالى «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ
62
آلِ يَعْقُوبَ»
وقد قدمنا القول فيه مختصرا وسنورده الآن مستوفى:
فنقول ان التجريد هو أن ينتزع المتكلم من أمر ذي صفة أمرا آخر بمثاله له فيها مبالغة لكمالها فيه كأنه بلغ من الاتصاف بتلك الصفة الى حيث يصح أن ينتزع منه موصوف آخر بتلك الصفة وهو أقسام:
أ- أن يكون بمن التجريدية كقولهم لي من فلان صديق حميم ومنه الآية الكريمة ومثله للقاضي الفاضل في وصف السيوف:
ب- أن يكون بالباء التجريدية الداخلة على المنتزع منه نحو قول ابن هانىء:
وقال أبو تمام:
والمراد بأتم من قمر السماء نفس أبي الوليد.
ح- أن يكون بدخول في على المنتزع منه أو مدخول ضميره كقوله تعالى «لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ» أي في جهنم وهي دار الخلد ولكنه انتزع منها دارا أخرى للمبالغة وقال المتنبي:
وقد قدمنا القول فيه مختصرا وسنورده الآن مستوفى:
فنقول ان التجريد هو أن ينتزع المتكلم من أمر ذي صفة أمرا آخر بمثاله له فيها مبالغة لكمالها فيه كأنه بلغ من الاتصاف بتلك الصفة الى حيث يصح أن ينتزع منه موصوف آخر بتلك الصفة وهو أقسام:
أ- أن يكون بمن التجريدية كقولهم لي من فلان صديق حميم ومنه الآية الكريمة ومثله للقاضي الفاضل في وصف السيوف:
تمدا إلى الأعداء منها معاصسا | فترجع من ماء الكلي بأساور |
وضربتم هام الكماة ورعتم | بيض الخدور بكل ليث مخدر |
هتك الظلام أبو الوليد بغرة | فتحت لنا باب الرجاء المقفل |
بأتم من قمر السماء وإن بدا | بدرا وأحسن في العيون وأجمل |
وأجل من قس إذا استنطقته | رأيا وألطف في الأمور وأجزل |
ح- أن يكون بدخول في على المنتزع منه أو مدخول ضميره كقوله تعالى «لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ» أي في جهنم وهي دار الخلد ولكنه انتزع منها دارا أخرى للمبالغة وقال المتنبي:
63
تمضي المواكب والأبصار شاخصة | منها الى الملك الميمون طائر |
قد حرن في بشر في تاجه قمر | في درعه أسد تدمى أظافره |
د- أن يكون بدخول بين كقول ابن النبيه:
يهتز بين وشاحيها قضيب نقا | حمائم الحلي في أفنانه صدحت |
فلئن بقيت لأرحلن بعزة | تحوي الغنائم أو يموت كريم |
ولو تراهم وإيانا وموقفنا | في موقف البين لاستهلالنا زجل |
من حرقة أطلقتها فرقة أسرت | قلبا ومن غزل في نحره عذل |
سنع الأسامي مسبلي أزر | حمر تمس الأرض بالهدب |
(عِتِيًّا) : في المختار: «عتا من باب سما وعتيا أيضا بضم العين وكسرها وهو عات فالعاتي المجاوز للحد في الاستكبار وعتا الشيخ
67
يعتو عتوا بضم العين وكسرها كبر وولى» وقال الزمخشري: «أي بلغت عتيا وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود القاحل يقال عتا العود وعسا من أجل الكبر والطعن في السن العالية أو بلغت من مدارج الكبر ومراتبه ما يسمى عتيا» (آيَةً) : علامة على حمل امرأتي.
(الْمِحْرابِ) : في القاموس: «المحراب: الغرفة، وصدر البيت وأكرم مواضعه ومقام الامام من المسجد والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس» وأما المحراب المعروف الآن وهو طاق مجوف في حائط المسجد يصلي فيه الامام فهو محدث لا تعرفه العرب فتسميته محرابا اصطلاح للفقهاء، هذا ما قاله الشهاب في حاشيته على البيضاوي ولكن المغني اللغوي الذي ذكره الفيروز بادي ينطبق عليه وهو «مقام الإمام في المسجد».
(الْحُكْمَ) : الحكمة ومنه قول النابغة:
(الْمِحْرابِ) : في القاموس: «المحراب: الغرفة، وصدر البيت وأكرم مواضعه ومقام الامام من المسجد والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس» وأما المحراب المعروف الآن وهو طاق مجوف في حائط المسجد يصلي فيه الامام فهو محدث لا تعرفه العرب فتسميته محرابا اصطلاح للفقهاء، هذا ما قاله الشهاب في حاشيته على البيضاوي ولكن المغني اللغوي الذي ذكره الفيروز بادي ينطبق عليه وهو «مقام الإمام في المسجد».
(الْحُكْمَ) : الحكمة ومنه قول النابغة:
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت | الى حمام شراع وارد الثمد |
ألا ليتما هذا الحمام لنا | إلى حمامتنا أو نصفه فقد |
فحسّبوه فألفوه كما ذكرت | ستا وستين لم تنقص ولم تزد |
وضاقت الأرض حتى كادها ربهم | إذا رأى غير شيء ظنه رجلا |
«قد أوخذ في هذا البيت فقيل: كيف يرى غير شيء، وغير شيء
73
معدوم والمعدوم لا يرى؟ وفيه تناقض. وليس الأمر كما قالوا بل أراد غير شيء يعبأ به» وقال أبو بكر الخوارزمي: «رأى في هذا البيت ليست من رؤية العين وإنما هو من رؤية القلب يريد به التوهم وغير الشيء يجوز أن يتوهم ومثله كثير» وقال الواحدي: «إذا رأى غير شيء يعبأ به أو يفكر في مثله ظنه إنسانا يطلبه وكذلك عادة الخائف الهارب كقول جرير:
قال أبو عبيد: لما أنشد الأخطل قول جرير هذا قال: سرقه والله من كتابهم «يحسبون كل صيحة عليهم» ويجوز حذف الصفة وترك الموصوف دالا عليها كقوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» أجمعوا على أن المعنى لا صلاة كاملة فاضلة، ويقولون: هذا ليس بشيء يريدون شيئا جيدا. وقال بعض المتكلمين:
إن الله خلق الأشياء من لا شيء فقيل هذا خطأ لأن لا شيء لا يخلق منه شيء ومن قال إن الله يخلق من لا شيء جعل لا شيء يخلق منه والصحيح أن يقال يخلق لا من شيء لأنه إذا قال لا من شيء نفى أن يكون قبل خلقه شيء يخلق منه الأشياء» والصحيح ما قاله: أي إذا رأى غير شيء يخاف منه، ومن هذا الوادي «حتى إذا جاءه أم يجده شيئا» معناه يريده أو يطلبه أو يغنيه عن الماء أي شيئا نافعا مغنيا.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١٦ الى ٢١]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠)
قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١)
ما زال يحسب كل شيء بعدهم | خيلا تكر عليهم ورجالا |
إن الله خلق الأشياء من لا شيء فقيل هذا خطأ لأن لا شيء لا يخلق منه شيء ومن قال إن الله يخلق من لا شيء جعل لا شيء يخلق منه والصحيح أن يقال يخلق لا من شيء لأنه إذا قال لا من شيء نفى أن يكون قبل خلقه شيء يخلق منه الأشياء» والصحيح ما قاله: أي إذا رأى غير شيء يخاف منه، ومن هذا الوادي «حتى إذا جاءه أم يجده شيئا» معناه يريده أو يطلبه أو يغنيه عن الماء أي شيئا نافعا مغنيا.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١٦ الى ٢١]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠)
قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١)
74
اللغة:
(انْتَبَذَتْ)
: الانتباذ الاعتزال والانفراد فقد تخلت مريم للعبادة في مكان مما يلي شرقي بيت المقدس أو من دارها معتزلة عن الناس الناس وقيل غير ذلك والتفاصيل في المطولات وفي المصباح: «وانتبذت مكانا اتخذته بمعزل يكون بعيدا عن القوم».
(بَغِيًّا) : البغي: الفاجرة التي تبغي الرجال وهي فعول عند المبرد أي بغوي فأدغمت الواو في الياء وقال ابن جني في كتاب التمام «هي فعيل ولو كانت فعولا لقيل بغوّ كما قيل فلان نهوّ عن المنكر» وبغت فلانة بغاء بكسر الباء ومنه قيل للإماء البغايا لأنهن كنّ يباغين في الجاهلية بقال: قامت البغايا على رؤوسهم قال الأعشى:
وفي القاموس وشرحه: «بغى يبغي من باب ضرب الشيء بغاء بضم الباء وبغيا بفتحها وبغى وبغية طلبه وبغى الرجل عدل عن الحق وعصى وبغى عليه استطال عليه وظلمه فهو باغ» فلعل إطلاقهم كلمة البغاء على العهر والزنا مأخوذ من هذا المعنى لأنه من دواعي ما يطلبه أهل الخنا والفجور.
(انْتَبَذَتْ)
: الانتباذ الاعتزال والانفراد فقد تخلت مريم للعبادة في مكان مما يلي شرقي بيت المقدس أو من دارها معتزلة عن الناس الناس وقيل غير ذلك والتفاصيل في المطولات وفي المصباح: «وانتبذت مكانا اتخذته بمعزل يكون بعيدا عن القوم».
(بَغِيًّا) : البغي: الفاجرة التي تبغي الرجال وهي فعول عند المبرد أي بغوي فأدغمت الواو في الياء وقال ابن جني في كتاب التمام «هي فعيل ولو كانت فعولا لقيل بغوّ كما قيل فلان نهوّ عن المنكر» وبغت فلانة بغاء بكسر الباء ومنه قيل للإماء البغايا لأنهن كنّ يباغين في الجاهلية بقال: قامت البغايا على رؤوسهم قال الأعشى:
والبغايا يركضن أكسية الاضر | يج والشرعبيّ ذا الأذيال |
75
الإعراب:
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا)
واذكر الواو استئنافية واذكر فعل أمر وفاعل مستتر تقديره أنت وفي الكتاب جار ومجرور متعلقان باذكر ومريم مفعول به وإذ: قال أبو البقاء ما نصه: في إذ أربعة أوجه أحدها أنها ظرف والعامل فيه محذوف تقديره واذكر خبر مريم إذ انتبذت والثاني أن تكون حالا من المضاف المحذوف والثالث أن يكون منصوبا بفعل محذوف أي وبيّن إذ انتبذت فهو على كلام آخر كما قال سيبويه في قوله تعالى «انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ» وهو في الظرف أقوى وان كان مفعولا به والرابع أن يكون بدلا من مريم بدل اشتمال لأن الأحيان تشتمل على الجثث ذكره الزمخشري وهو بعيد لأن الزمان إذا لم يكن حالا من الجثة ولا خبرا عنها ولا وصفا لها لم يكن بدلا منها وقيل إذ بمعنى أن المصدرية كقولك لا أكرمك إذ لم تكرمني أي لأنك لم تكرمني فعلى هذا يصح بدل الاشتمال أي واذكر مريم انتباذها.
واضطرب قول ابن هشام فيها فبينما يقول في صدد بحثه عن إذ «الوجه الثالث أن تكون بدلا من المفعول نحو «وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ»
فإذ بدل اشتمال من مريم على حد البدل في:
«يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه» يعود فيقول: «وزعم الجمهور أن إذ لا تقع إلا ظرفا أو مضافا إليها وأنها في نحو «واذكروا إذ كنتم قليلا» ظرف لمفعول محذوف أي واذكروا نعمة الله إذ كنتم قليلا، وفي نحو إذ انتبذت ظرف لمضاف الى مفعول محذوف أي واذكر قصة مريم.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا)
واذكر الواو استئنافية واذكر فعل أمر وفاعل مستتر تقديره أنت وفي الكتاب جار ومجرور متعلقان باذكر ومريم مفعول به وإذ: قال أبو البقاء ما نصه: في إذ أربعة أوجه أحدها أنها ظرف والعامل فيه محذوف تقديره واذكر خبر مريم إذ انتبذت والثاني أن تكون حالا من المضاف المحذوف والثالث أن يكون منصوبا بفعل محذوف أي وبيّن إذ انتبذت فهو على كلام آخر كما قال سيبويه في قوله تعالى «انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ» وهو في الظرف أقوى وان كان مفعولا به والرابع أن يكون بدلا من مريم بدل اشتمال لأن الأحيان تشتمل على الجثث ذكره الزمخشري وهو بعيد لأن الزمان إذا لم يكن حالا من الجثة ولا خبرا عنها ولا وصفا لها لم يكن بدلا منها وقيل إذ بمعنى أن المصدرية كقولك لا أكرمك إذ لم تكرمني أي لأنك لم تكرمني فعلى هذا يصح بدل الاشتمال أي واذكر مريم انتباذها.
واضطرب قول ابن هشام فيها فبينما يقول في صدد بحثه عن إذ «الوجه الثالث أن تكون بدلا من المفعول نحو «وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ»
فإذ بدل اشتمال من مريم على حد البدل في:
«يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه» يعود فيقول: «وزعم الجمهور أن إذ لا تقع إلا ظرفا أو مضافا إليها وأنها في نحو «واذكروا إذ كنتم قليلا» ظرف لمفعول محذوف أي واذكروا نعمة الله إذ كنتم قليلا، وفي نحو إذ انتبذت ظرف لمضاف الى مفعول محذوف أي واذكر قصة مريم.
76
وقال شهاب الدين الحلبي المعروف بالسمين: «في إذ أوجه أحدها أنها منصوبة باذكر على أنها خرجت عن الظرفية إذ يستحيل أن تكون باقية على مضيها والعامل فيها ما هو نصّ في الاستقبال والثاني أنها منصوبة بمحذوف مضاف لمريم تقديره واذكر خبر مريم أو نبأها إذ انتبذت فإذ منصوبة بذلك الخبر أو النبأ، الثالث أنها بدل من مريم بدل اشتمال قال الزمخشري: لأن الأحيان مشتملة على ما فيها لأن المقصود بذكر مريم ذكر وقتها لوقوع هذه القصة العجيبة فيه» وجملة انتبذت مضافة إلى إذ ومن أهلها حال ومكانا ظرف متعلق بانتبذت أي في مكان وشرقيا نعت ويجوز أن يعرب مكانا مفعولا به على أن معنى انتبذت أتت، ونص المصباح يؤيد كونه مفعولا به فتأمله في باب اللغة. (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)
الفاء عاطفة واتخذت فعل ماض وفاعل مستتر ومن دونهم مفعول به ثان وحجابا مفعول به أول فأرسلنا عطف على فاتخذت وإليها متعلقان بأرسلنا وروحنا مفعول به، فتمثل عطف أيضا ولها متعلقان بتمثل وبشرا حال وسويا نعت وسوغ وقوع الحال جامدة وصفها وسيأتي مزيد بحث عنها في باب الفوائد. (قالَتْ: إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا)
ان واسمها وجملة أعوذ خبرها والجملة مقول القول وبالرحمن متعلقان بأعوذ ومنك متعلقان بأعوذ أيضا وإن حرف شرط جازم وكنت فعل ماض ناقص والتاء اسمها وتقيا خبرها وجواب الشرط محذوف والمعنى إن كان يرجى منك أن تتقي الله وتخشاه وتحفل بالاستعاذة به فإني عائذة به منك. (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا)
إنما كافة ومكفوفة وأنا مبتدأ ورسول ربك خبر واللام للتعليل وأهب فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام ولك متعلقان بأهب وغلاما مفعول به وزكيا صفة. (قالَتْ: أَنَّى يَكُونُ
الفاء عاطفة واتخذت فعل ماض وفاعل مستتر ومن دونهم مفعول به ثان وحجابا مفعول به أول فأرسلنا عطف على فاتخذت وإليها متعلقان بأرسلنا وروحنا مفعول به، فتمثل عطف أيضا ولها متعلقان بتمثل وبشرا حال وسويا نعت وسوغ وقوع الحال جامدة وصفها وسيأتي مزيد بحث عنها في باب الفوائد. (قالَتْ: إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا)
ان واسمها وجملة أعوذ خبرها والجملة مقول القول وبالرحمن متعلقان بأعوذ ومنك متعلقان بأعوذ أيضا وإن حرف شرط جازم وكنت فعل ماض ناقص والتاء اسمها وتقيا خبرها وجواب الشرط محذوف والمعنى إن كان يرجى منك أن تتقي الله وتخشاه وتحفل بالاستعاذة به فإني عائذة به منك. (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا)
إنما كافة ومكفوفة وأنا مبتدأ ورسول ربك خبر واللام للتعليل وأهب فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام ولك متعلقان بأهب وغلاما مفعول به وزكيا صفة. (قالَتْ: أَنَّى يَكُونُ
77
لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)
أنى اسم استفهام بمعنى كيف وقد تقدم إعرابه في قصة زكريا ولم يمسسني الواو حالية ولم حرف نفي وقلب وجزم ويمسسني مضارع مجزوم بلم والياء مفعول به وبشر فاعل، ولم أك بغيا: لم حرف نفي وقلب وجزم وأك مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة للتخفيف واسم أك مستتر وبغيا خبرها. (قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) كذلك خبر لمبتدأ محذوف وقد تقدم إعراب نظيرها. (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) لنجعله تعليل معلله محذوف أي فعلنا ذلك أو هو معطوف على مضمر أي لنبين به قدرتنا ولنجعله آية وآية مفعول به ثان لنجعله وللناس صفة لآية ورحمة منا عطف على آية وكان أمرا مقضيا كان واسمها المستتر وخبرها ومقضيا صفة.
الفوائد:
معنى بشرا سويا:
تقدم بحث الحال الموطئة وانها ان تكون جامدة موصوفة وهذا أحد شروطها التي تبرر كونها جامدة وهو في الآية بشرا فهو حال من فاعل تمثل وهو الملك والاعتماد فيها على الصفة وهي سويا وهو اسم مشتق لأنه صفة مشبهة، وعبارة ابن هشام: «الثاني انقسامها بحسب قصدها لذاتها وللتوطئة بها الى قسمين مقصودة وهو الغالب وموطئة وهي الجامدة الموصوفة نحو فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
» واعترض بعضهم على هذا الإعراب فقال: ان دعوى الحال تقتضي أن المعنى متمثل لها في حال كونها بشرا ولا يخفى انه وقت التمثيل ملك لا بشر فالأقرب انه منصوب بنزع الخافض أي فتمثل لها ببشر أي تشبه به وتصور بصورته.
أنى اسم استفهام بمعنى كيف وقد تقدم إعرابه في قصة زكريا ولم يمسسني الواو حالية ولم حرف نفي وقلب وجزم ويمسسني مضارع مجزوم بلم والياء مفعول به وبشر فاعل، ولم أك بغيا: لم حرف نفي وقلب وجزم وأك مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة للتخفيف واسم أك مستتر وبغيا خبرها. (قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) كذلك خبر لمبتدأ محذوف وقد تقدم إعراب نظيرها. (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) لنجعله تعليل معلله محذوف أي فعلنا ذلك أو هو معطوف على مضمر أي لنبين به قدرتنا ولنجعله آية وآية مفعول به ثان لنجعله وللناس صفة لآية ورحمة منا عطف على آية وكان أمرا مقضيا كان واسمها المستتر وخبرها ومقضيا صفة.
الفوائد:
معنى بشرا سويا:
تقدم بحث الحال الموطئة وانها ان تكون جامدة موصوفة وهذا أحد شروطها التي تبرر كونها جامدة وهو في الآية بشرا فهو حال من فاعل تمثل وهو الملك والاعتماد فيها على الصفة وهي سويا وهو اسم مشتق لأنه صفة مشبهة، وعبارة ابن هشام: «الثاني انقسامها بحسب قصدها لذاتها وللتوطئة بها الى قسمين مقصودة وهو الغالب وموطئة وهي الجامدة الموصوفة نحو فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
» واعترض بعضهم على هذا الإعراب فقال: ان دعوى الحال تقتضي أن المعنى متمثل لها في حال كونها بشرا ولا يخفى انه وقت التمثيل ملك لا بشر فالأقرب انه منصوب بنزع الخافض أي فتمثل لها ببشر أي تشبه به وتصور بصورته.
78
واعلم أنه وقع هنا للبيضاوي ما لا يليق حيث قال: «أتاها جبريل عليه السلام بصورة شاب أمرد سوي الخلق لتستأنس بكلامه ولعله ليهيج شهوتها فتنحدر نطفتها إلى رحمها» فقوله ليهيج إلخ عبارة غير لائقة بمريم مع التحقيق أن عيسى عليه السلام كان من عالم الأمر أي أمر التكوين الممثل بقوله تعالى: «إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» إذ ليس ثم قول ولا كان ولا يكون وهذا وجه المماثلة بين عيسى وآدم في قوله تعالى: «إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ» أي في التكوين بالأمر من غير واسطة ولا نطفة والنفخ المدلول عليه بقوله تعالى «فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا» من قبيل التمثيل استعير لإفاضة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها. لا حقيقة النفخ التي هي إجراء الريح الى جوف صالح لإمساكها والامتلاء بها.
ولا يصح الاعتذار للقاضي البيضاوي بأنه نظر الى العادة الإلهية الجارية بخلق المسببات عقب الأسباب لأن السبب لا بد أن يكون تاما ونطفة المرأة وحدها ليست بسبب تام لحصول الولد وإنما تمثل لها بصورة حسنة لتأنس به ولا تنفر منه وتصغي اليه وترهف السمع لسماع البشرى وكان بصورة أمرد لإلف النساء الى الأطفال ومن قرب منهن وعدم الاحتشام منهن. أما رواية الزمخشري فهي: «وقيل قعدت في مشرفة للاغتسال من الحيض محتجبة بحائط أو بشيء يسترها وكان موضعها المسجد فإذا حاضت تحولت الى بيت خالتها فإذا طهرت عادت الى المسجد فبينما هي في مغتسلها أتاها الملك في صورة آدمي شاب وضيء الوجه، جعد الشعر، سوي الخلق، لم ينتقص من الصورة الآدمية شيئا أو حسن الصورة مستوي الخلق وإنما مثل لها في صورة الإنسان لتستأنس بكلامه ولا تنفر منه ولو بدا لها في
ولا يصح الاعتذار للقاضي البيضاوي بأنه نظر الى العادة الإلهية الجارية بخلق المسببات عقب الأسباب لأن السبب لا بد أن يكون تاما ونطفة المرأة وحدها ليست بسبب تام لحصول الولد وإنما تمثل لها بصورة حسنة لتأنس به ولا تنفر منه وتصغي اليه وترهف السمع لسماع البشرى وكان بصورة أمرد لإلف النساء الى الأطفال ومن قرب منهن وعدم الاحتشام منهن. أما رواية الزمخشري فهي: «وقيل قعدت في مشرفة للاغتسال من الحيض محتجبة بحائط أو بشيء يسترها وكان موضعها المسجد فإذا حاضت تحولت الى بيت خالتها فإذا طهرت عادت الى المسجد فبينما هي في مغتسلها أتاها الملك في صورة آدمي شاب وضيء الوجه، جعد الشعر، سوي الخلق، لم ينتقص من الصورة الآدمية شيئا أو حسن الصورة مستوي الخلق وإنما مثل لها في صورة الإنسان لتستأنس بكلامه ولا تنفر منه ولو بدا لها في
79
الصورة الملكية لنفرت ولم تقدر على استماع كلامه» واستأنف الزمخشري كلامه فقال: «ودل على عفافها وورعها أنها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة، الفائقة الحسن، وكان تمثيله على تلك الصفة ابتلاء لها، وسبرا لعفتها، وقيل: كانت في منزل زوج أختها زكريا ولها محراب على حدة تسكنه وكان زكريا إذا خرج أغلق عليها الباب فتمنت أن تجد خلوة في الجبل لتفلي رأسها فانفجر السقف لها فخرجت فجلست في المشرفة وراء الجبل فأتاها الملك».
ونختم هذا الفصل الذي خالفنا فيه شرط كتابنا لأهميته بتذييل للشيخ عبد الرزاق الكاشي وهذا هو نصه: «إنما تمثل لها بشرا سوي الخلق حسن الصورة، لتتأثر نفسها به فتتحرك على مقتضى الجبلة أو يسري الأثر من الخيال في الطبيعة فتتحرك شهوتها فتنزل كما يقع في المنام من الاحتلام، وانما أمكن تولد الولد من نطفة واحدة لأنه ثبت في العلوم الطبيعية: أن مني الذكر في تولد الجنين بمنزلة الإنفحة من الجبن، ومني الأنثى بمنزلة اللبن: أي العقد من مني الذكر والانعقاد من مني الأنثى، لا على معنى أن مني الذكر ينفرد بالقوة العاقدة ومني الأنثى ينفرد بالقوة المنعقدة بل على معنى أن القوة العاقدة في مني الذكر أقوى، وإلا لم يمكن أن يتحدا شيئا واحدا ولم ينعقد مني الذكر حتى يصير جزءا من الولد فعلى هذا إذا كان مزاج الأنثى قويا ذكوريا كما تكون أمزجة النساء الشريفة النفس القوية القوى وكان مزاج كبدها حارا كان المني الذي ينفصل عن كليتها اليمنى أحر كثيرا من المني الذي ينفصل عن كليتها اليسرى فإذا اجتمعا في الرحم كان مزاج الرحم قويا في الإمساك والجذب قام المنفصل من الكلية اليمنى مقام مني الرجل في شدة قوة العقد والمنفصل من الكلية اليسرى مقام مني الأنثى في قوة الانعقاد فيخلق الولد.
ونختم هذا الفصل الذي خالفنا فيه شرط كتابنا لأهميته بتذييل للشيخ عبد الرزاق الكاشي وهذا هو نصه: «إنما تمثل لها بشرا سوي الخلق حسن الصورة، لتتأثر نفسها به فتتحرك على مقتضى الجبلة أو يسري الأثر من الخيال في الطبيعة فتتحرك شهوتها فتنزل كما يقع في المنام من الاحتلام، وانما أمكن تولد الولد من نطفة واحدة لأنه ثبت في العلوم الطبيعية: أن مني الذكر في تولد الجنين بمنزلة الإنفحة من الجبن، ومني الأنثى بمنزلة اللبن: أي العقد من مني الذكر والانعقاد من مني الأنثى، لا على معنى أن مني الذكر ينفرد بالقوة العاقدة ومني الأنثى ينفرد بالقوة المنعقدة بل على معنى أن القوة العاقدة في مني الذكر أقوى، وإلا لم يمكن أن يتحدا شيئا واحدا ولم ينعقد مني الذكر حتى يصير جزءا من الولد فعلى هذا إذا كان مزاج الأنثى قويا ذكوريا كما تكون أمزجة النساء الشريفة النفس القوية القوى وكان مزاج كبدها حارا كان المني الذي ينفصل عن كليتها اليمنى أحر كثيرا من المني الذي ينفصل عن كليتها اليسرى فإذا اجتمعا في الرحم كان مزاج الرحم قويا في الإمساك والجذب قام المنفصل من الكلية اليمنى مقام مني الرجل في شدة قوة العقد والمنفصل من الكلية اليسرى مقام مني الأنثى في قوة الانعقاد فيخلق الولد.
80
ﯜﯝﯞﯟﯠﯡ
ﰕ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ
ﰖ
ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ
ﰗ
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ
ﰘ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ
ﰙ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ
ﰚ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ
ﰛ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ
ﰜ
ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ
ﰝ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ﰞ
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣ
ﰟ
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ
ﰠ
هذا وخصوصا إذا كانت النفس متأيدة بروح القدس متقوية به يسري أثر اتصالها به الى الطبيعة والبدن ويغير المزاج ويمد جميع القوى في أفعالها بالمدد الروحاني فتصير أقدر على أفعالها بما لا يضبط في القياس».
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٢ الى ٣٣]
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١)
وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣)
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٢ الى ٣٣]
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١)
وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣)
81
اللغة:
(قَصِيًّا) : بعيدا من أهلها.
(فَأَجاءَهَا) : يقال: جاء وأجاء لغتان بمعنى واحد والأصل في جاء أن يتعدى لواحد بنفسه فإذا دخلت عليه الهمزة كان القياس يقتضي تعديته لاثنين إلا أن استعماله قد تغير بعد النقل فصار بمعنى ألجأه الى كذا ألا تراك لا تقول: جئت المكان وأجاءنيه زيد كما تقول بلغته وأبلغنيه ونظيره آتى حيث لم يستعمل إلا في الإعطاء ولم تقل أتيت المكان وآتانيه فلان.
(الْمَخاضُ) : وجع الولادة، وفي القاموس: مخض يمخض بتثليث الخاء في المضارع مخضا اللبن استخرج زبده فهو لبن مخيض وممخوض ومخض الشيء حركه شديدا ومخض الرأي قلبه وتدبر عواقبه حتى ظهر له الصواب ومخضت بكسر الخاء تمخض بفتحها الحامل مخاضا بكسر الميم ومخاضا بفتحها ومخضت بالبناء للمجهول، ومخضت بتشديد الخاء وتمخضت الحامل دنا ولادها وأخذ الطلق فهي ماخض والجمع مخض بضم الميم وتشديد الخاء ومواخض. وللميم والخاء مجتمعتين معنى يكاد يكون متقاربا فهي تشير الى الانزلاق ومنه مخر البحر والماء أي شقه مع صوت ومخط وامتخط معروفة.
(مِتُّ) : بكسر الميم وضمها يقال مات يمات ومات يموت.
(نَسْياً) : النسي بفتح النون وكسرها بمعنى المنسي كالذبح بمعنى المذبوح وكل ما من حقه أن يطرح ويرمى وينسى.
(قَصِيًّا) : بعيدا من أهلها.
(فَأَجاءَهَا) : يقال: جاء وأجاء لغتان بمعنى واحد والأصل في جاء أن يتعدى لواحد بنفسه فإذا دخلت عليه الهمزة كان القياس يقتضي تعديته لاثنين إلا أن استعماله قد تغير بعد النقل فصار بمعنى ألجأه الى كذا ألا تراك لا تقول: جئت المكان وأجاءنيه زيد كما تقول بلغته وأبلغنيه ونظيره آتى حيث لم يستعمل إلا في الإعطاء ولم تقل أتيت المكان وآتانيه فلان.
(الْمَخاضُ) : وجع الولادة، وفي القاموس: مخض يمخض بتثليث الخاء في المضارع مخضا اللبن استخرج زبده فهو لبن مخيض وممخوض ومخض الشيء حركه شديدا ومخض الرأي قلبه وتدبر عواقبه حتى ظهر له الصواب ومخضت بكسر الخاء تمخض بفتحها الحامل مخاضا بكسر الميم ومخاضا بفتحها ومخضت بالبناء للمجهول، ومخضت بتشديد الخاء وتمخضت الحامل دنا ولادها وأخذ الطلق فهي ماخض والجمع مخض بضم الميم وتشديد الخاء ومواخض. وللميم والخاء مجتمعتين معنى يكاد يكون متقاربا فهي تشير الى الانزلاق ومنه مخر البحر والماء أي شقه مع صوت ومخط وامتخط معروفة.
(مِتُّ) : بكسر الميم وضمها يقال مات يمات ومات يموت.
(نَسْياً) : النسي بفتح النون وكسرها بمعنى المنسي كالذبح بمعنى المذبوح وكل ما من حقه أن يطرح ويرمى وينسى.
82
(سَرِيًّا) : السري فيه قولان: أحدهما أنه الرجل المرتفع القدر من سرو يسرو كشرف يشرف فهو سري فأعل إعلال سيد فلامه واو يقال هو سري من السراة والسروات، قال بشامة بن حزن النهشلي:
والثاني أنه النهر الصغير ويناسبه فكلي واشربي، واشتقاقه من سرى يسري لأن الماء يسري فيه فلامه على هذا ياء، قال لبيد يصف حمارا وحشيا:
يقول إنه مضى خلف أتانه نحو الماء وقدمها أمامه وأقدامها اسم كان وألحقها التاء لأنها بمعنى التقدمة وعادة خبر كانت والتعريد التأخر والجبن فتوسطا أي الحمار والأتان عرض السري أي ناحية النهر الصغير فصدعا أي شقا عينا مسجورة أي مملوءة.
(رُطَباً جَنِيًّا) : الرطب بضم ففتح ما نضج من البسر قبل أن يصير تمرا والجني فعيل بمعنى فاعل أي صار طريا صالحا للاجتناء.
(وَقَرِّي عَيْناً) : أي طيبي نفسا ولا تغتمي وارفضي ما أحزنك يقال قرت عينه تقر بفتح العين وكسرها في المضارع وفي وصف العين بذلك تأويلان أولهما أنه مأخوذ من القر وهو البرد وذلك أن العين إذا فرح صاحبها كان دمعها باردا وإذا حزن كان دمعها حارا ولذلك قالوا في الدعاء عليه أسخن الله عينك والثاني انه من الاستقرار والمعنى أعطاه
وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة | يوما سراة كرام الناس فادعينا |
فمضى وقدّمها وكانت عادة | منه إذا هي عردت أقدامها |
فتوسّطا عرض السري فصدعا | مسجورة متجاورا أقلامها |
(رُطَباً جَنِيًّا) : الرطب بضم ففتح ما نضج من البسر قبل أن يصير تمرا والجني فعيل بمعنى فاعل أي صار طريا صالحا للاجتناء.
(وَقَرِّي عَيْناً) : أي طيبي نفسا ولا تغتمي وارفضي ما أحزنك يقال قرت عينه تقر بفتح العين وكسرها في المضارع وفي وصف العين بذلك تأويلان أولهما أنه مأخوذ من القر وهو البرد وذلك أن العين إذا فرح صاحبها كان دمعها باردا وإذا حزن كان دمعها حارا ولذلك قالوا في الدعاء عليه أسخن الله عينك والثاني انه من الاستقرار والمعنى أعطاه
83
الله ما يسكن عينه فلا تطمح الى غيره وفي المصباح: وقرت العين من باب ضرب قرة بالضم وقرورا بردت سرورا وفي لغة أخرى من باب تعب.
(صَوْماً) : صمتا وخيل صائمة وصيام قال:
وقيل المراد بصائمة وغير صائمة واقفة وغير واقفة.
وصامت الريح ركدت وصام النهار وصامت الشمس كبّدت وجئته والشمس في مصامها وشاخ فصامت عنه النساء.
(فَرِيًّا) : الفري البديع من فرى الجلد، والفري العظيم من الأمر يقال في الخير والشر وقيل الفري العجيب وقيل المفتعل ومن الأول الحديث في وصف عمر بن الخطاب: فلم أرى عبقريا يفرى فريه، والفري قطع الجلد للخرز والإصلاح، وفي المختار: «فرى الشيء قطعه لاصلاحه وبابه رمى وفرى كذبا خلقه وافتراه واختلقه والاسم الفرية وقوله تعالى: «شَيْئاً فَرِيًّا» أي مصنوعا مختلقا وقيل عظيما وأفرى الأوداج قطعها وأفرى الشيء شقه فانفرى وتفرى أي انشق، وقال الكسائي: أفرى الأديم قطعه على جهة الإفساد وفراه قطعه على جهة الإصلاح».
الإعراب:
(فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) الفاء عاطفة على محذوف، تقديره فنفخ جبريل في جيب درعها فحملته وسيأتي سر هذا التعقيب
(صَوْماً) : صمتا وخيل صائمة وصيام قال:
خيل صيام وخيل غير صامتة | تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما |
وصامت الريح ركدت وصام النهار وصامت الشمس كبّدت وجئته والشمس في مصامها وشاخ فصامت عنه النساء.
(فَرِيًّا) : الفري البديع من فرى الجلد، والفري العظيم من الأمر يقال في الخير والشر وقيل الفري العجيب وقيل المفتعل ومن الأول الحديث في وصف عمر بن الخطاب: فلم أرى عبقريا يفرى فريه، والفري قطع الجلد للخرز والإصلاح، وفي المختار: «فرى الشيء قطعه لاصلاحه وبابه رمى وفرى كذبا خلقه وافتراه واختلقه والاسم الفرية وقوله تعالى: «شَيْئاً فَرِيًّا» أي مصنوعا مختلقا وقيل عظيما وأفرى الأوداج قطعها وأفرى الشيء شقه فانفرى وتفرى أي انشق، وقال الكسائي: أفرى الأديم قطعه على جهة الإفساد وفراه قطعه على جهة الإصلاح».
الإعراب:
(فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) الفاء عاطفة على محذوف، تقديره فنفخ جبريل في جيب درعها فحملته وسيأتي سر هذا التعقيب
84
في باب الفوائد فانتبذت عطف على فحملته وبه جار ومجرور في موضع نصب على الحال وقد رمق سماءه أبو الطيب المتنبي في قصيدة يمدح بها علي بن مكرم بن سيار التميمي ويصف الخيل:
يريد أن خيولهم لم تنفر منهم كأنها كانت في صغرها تسقى في قحوف رءوسهم اللبن يعنى قحوف رءوس الأعداء والعرب كان من عادتها أن تسقي كرام خيولها اللبن وقحف الرأس ما انضم على أم الدماغ، والجمجمة العظم الذي فيه الدماغ فوطئت رءوسهم وصدورهم ولم تنفر عنهم فكأنها ألفتهم والتريب والتريبة واحدة الترائب وهو موضع القلادة ومن طريف الأخطاء أن بعضهم تصدى لشرح هذا البيت ولما لم يعرف معنى التريب قال بالحرف: والتريب والتراب لغة في التراب.
زاده الله فهما!!.
ومكانا مفعول فيه أو مفعول به وقد تقدم وقصيا صفة.
(فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) الفاء عاطفة للتعقيب وأجاءها فعل ماض ومفعول به مقدم والمخاض فاعل مؤخر والى جذع النخلة متعلقان بمحذوف حال وسيأتي السر في تعريف النخلة في باب البلاغة.
(قالَتْ: يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) يا حرف نداء والمنادى محذوف أو يا لمجرد التنبيه وليت واسمها وجملة مت خبرها وهي فعل وفاعل والظرف منصوب لأنه أضيف وهو متعلق بمت وهذا مضاف اليه وكنت الواو عاطفة وكان واسمها ونسيا خبرها ومنسيا تأكيد لنسيا لأنه بمعناه ولك أن تعربه نعتا. (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) الفاء عاطفة وناداها فعل ومفعول
كأن خيولنا كانت قديما | تسقّى في قحوفهم الحليبا |
فمرّت غير نافرة عليهم | تدوس بنا الجماجم والتريبا |
زاده الله فهما!!.
ومكانا مفعول فيه أو مفعول به وقد تقدم وقصيا صفة.
(فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) الفاء عاطفة للتعقيب وأجاءها فعل ماض ومفعول به مقدم والمخاض فاعل مؤخر والى جذع النخلة متعلقان بمحذوف حال وسيأتي السر في تعريف النخلة في باب البلاغة.
(قالَتْ: يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) يا حرف نداء والمنادى محذوف أو يا لمجرد التنبيه وليت واسمها وجملة مت خبرها وهي فعل وفاعل والظرف منصوب لأنه أضيف وهو متعلق بمت وهذا مضاف اليه وكنت الواو عاطفة وكان واسمها ونسيا خبرها ومنسيا تأكيد لنسيا لأنه بمعناه ولك أن تعربه نعتا. (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) الفاء عاطفة وناداها فعل ومفعول
85
به وفاعل مستتر يعود على الملك أو عيسى ومن تحتها متعلقان بناداها أي في مكان أسفل من مكانها أو بمحذوف حال من فاعل أي ناداها وهو تحتها وأن مفسرة لأن النداء فيه معنى القول دون حروفه ولا ناهية وتحزني مجزوم بلا ويجوز أن تكون مصدرية، ولا نافية وتحزني منصوب بها وأن وما بعدها نصب بنزع الخافض المتعلق بالنداء والأول أسهل وقد حرف تحقيق وجعل ربك فعل وفاعل وتحتك ظرف متعلق بمحذوف هو المفعول الثاني لجعل وسريا هو المفعول الأول وسيأتي السرّ في علة انتزاع الحزن عنها بسبب وجود الطعام والشراب.
(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) : الواو عاطفة وهزي فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والياء هي الفاعل وإليك متعلقان بهزي وبجذع النخلة أورده بن هشام في مغني اللبيب شاهدا على زيادة الباء في المفعول به وأكثر المعربين على ذلك ولكن الزمخشري قال بعد ذكر وجه الزيادة ما معناه: يحتمل انه نزل هزي منزلة اللازم وإن كان متعديا ثم عداه بالباء كما يعدى اللازم والمعنى افعلي به الهز وتساقط مجزوم لأنه جواب الطلب وعليك متعلقان بتساقط ورطبا مفعول به وجنيا صفة، وتساقط يتعدى بنفسه ومن أمثلته لا من شواهده لأن البحتري غير محتج بكلامه.
وعن المبرد أن رطبا مفعول هزي وباء بجذع النخلة للاستعانة ولا يخفى ما فيه من التكلف بتأخير ما في حيز الأمر عن جوابه وستأتي أوجه زيادة الباء في باب الفوائد. (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً) الفاء الفصيحة أي إذا تم لك هذا كله فكلي، وكلي فعل أمر والياء فاعل
(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) : الواو عاطفة وهزي فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والياء هي الفاعل وإليك متعلقان بهزي وبجذع النخلة أورده بن هشام في مغني اللبيب شاهدا على زيادة الباء في المفعول به وأكثر المعربين على ذلك ولكن الزمخشري قال بعد ذكر وجه الزيادة ما معناه: يحتمل انه نزل هزي منزلة اللازم وإن كان متعديا ثم عداه بالباء كما يعدى اللازم والمعنى افعلي به الهز وتساقط مجزوم لأنه جواب الطلب وعليك متعلقان بتساقط ورطبا مفعول به وجنيا صفة، وتساقط يتعدى بنفسه ومن أمثلته لا من شواهده لأن البحتري غير محتج بكلامه.
فمن لؤلؤ تجلوه عند ابتسامها | ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه |
86
وما بعده عطف عليه وعينا تمييز من الفاعل لأنه منقول عنه إذ الأصل لتقر عينك. (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) الفاء عاطفة وإن شرطية أدغمت نونها بما الزائدة وترين فعل الشرط وأصله ترأيين بهمزة هي عين الفعل وياء مكسورة هي لامه وأخرى ساكنة هي ياء الضمير والنون علامة الرفع وقد حذفت لام الفعل لتحركها وانفتاح ما قبلها فقلبت ألفا فالتقت ساكنة مع ياء الضمير فحذفت لالتقاء الساكنين، ومن البشر حال لأنه كان في الأصل صفة لأحدا وأحدا مفعول به. (فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) الفاء رابطة لجواب الشرط وقولي فعل أمر مبني على حذف النون والياء فاعل وإن واسمها وجملة نذرت خبرها والجملة مقول القول وسيرد إشكال أجبنا عنه في باب الفوائد، وللرحمن متعلقان بنذرت وصوما مفعول به، فلن الفاء استئنافية ولن حرف نفي ونصب واستقبال وأكلم منصوب بلن واليوم ظرف متعلق بأكلم وإنسيا مفعول به. (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) الفاء استئنافية وأتت فعل وفاعل مستتر والتاء للتأنيث وبه علقه أبو البقاء بمحذوف حال أي مصحوبة به وهو جميل ولا نرى مانعا بتعلقه بأتت وقومها مفعول به وجملة تحمله حال ثانية إما من ضمير مريم وإما من ضمير عيسى في به، قالوا فعل وفاعل ويا حرف نداء ومريم منادى واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وجئت فعل وفاعل وشيئا مفعول به أي فعلت شيئا وفريا نعت ويجوز إعراب شيئا على المصدرية أي نوعا من المجيء غريبا.
(يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) يا حرف نداء وأخت هارون منادى مضاف أي يا شبيهته، وهارون رجل صالح شبهوها به في عفتها وصلاحها وليس المراد منه أخوة النسب وقيل إنما عنوا هارون أخا موسى لأنها كانت من نسله والعرب تقول للتميمي
(يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) يا حرف نداء وأخت هارون منادى مضاف أي يا شبيهته، وهارون رجل صالح شبهوها به في عفتها وصلاحها وليس المراد منه أخوة النسب وقيل إنما عنوا هارون أخا موسى لأنها كانت من نسله والعرب تقول للتميمي
87
يا أخا تميم وقيل غير ذلك مما تراه في المطولات وما نافية وكان أبوك امرأ سوء كان واسمها وخبرها وما كانت أمك بغيا عطف على الجملة التي سبقتها أي ما دمت بهذه المثابة من مظنة العفة والصلاح فمن أين لك هذا الولد؟ (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) الفاء عاطفة وأشارت فعل وفاعل مستتر وإليه متعلقان بأشارت، قالوا فعل وفاعل وكيف اسم استفهام في محل نصب حال ونكلم فعل مضارع وفاعل مستتر تقديره نحن ومن اسم موصول مفعول به وجملة كان صلة واسم كان مستتر تقديره هو وفي المهد جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال وصبيا خبر كان وقد اعتبرنا كان على بابها من النقصان ودلالتها على اقتران مضمون الجملة في الزمن الماضي من غير تعرض للانقطاع كقوله تعالى: «وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً» وقد نشب بين علماء العربية خلاف حول «كان» هنا نذكره مبسوطا في باب الفوائد لما تضمنه من فوائد. (قالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) جملة إني عبد الله مقول القول ولذلك كسرت همزة إن لوقوعها بعد القول وان واسمها وعبد الله خبرها وقد وصف نفسه بثماني صفات أولها العبودية وجملة آتاني الكتاب حالية وهذه هي الصفة الثانية والكتاب مفعول به ثان وجعلني نبيا فعل ماض وفاعل مستتر ومفعولاه وهذه هي الصفة الثالثة. (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) وجعلني مباركا عطف على وجعلني نبيا وهذه هي الصفة الرابعة وأينما اسم شرط جازم في محل نصب على الظرفية المكانية والجواب محذوف مدلول عليه بما تقدم أي أينما كنت جعلني مباركا وهو متعلق بالجواب المحذوف وكان تامة والتاء فاعلها ويجوز أن تكون الناقصة وأينما متعلق بمحذوف خبرها المقدم. (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) ما دمت ما مصدرية ظرفية ودمت فعل ماض ناقص والتاء اسمها وحيا خبرها
88
والمصدر المؤول نصب على الظرفية والظرف متعلق بأوصاني وهذه هي الصفة الخامسة. (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) وبرا بفتح الباء معطوف نسقا على مباركا أي وجعلني برا. جعل ذاته برا لفرط بره ولك أن تنصبه بفعل مقدر بمعنى أوصاني تفاديا للفصل الطويل وهذه هي الصفة السادسة وبوالدتي متعلقان ببرا ولم يجعلني عطف على وجعلني وجبارا مفعول به ثان وشقيا صفة وهذه هي الصفة السابعة.
(وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) السلام مبتدأ وعلي خبره واختلف في معنى إلى الداخلة على السلام فقيل هي للعهد لأنه تقدم ذكر السلام الموجه الى يحيى فهو موجه إليه أيضا، وقال الزمخشري: «والصحيح أن يكون هذا التعريف تعريضا باللغة على متهمي مريم عليها السلام وأعدائها من اليهود وتحقيقه أن اللام للجنس وإذا قال وجنس السلام عليّ خاصة فقد عرض بأن ضده عليكم ونظيره قوله تعالى: والسلام على من اتبع الهدى يعني أن العذاب على من كذب وتولى وكان المقام مقام مناكرة وعناد فهو مئنته لنحو هذا من التعريض» ويوم متعلق بمعنى الاستقرار المتعلق به عليّ ولا يجوز نصبه للسلام للفصل بين المصدر ومعموله وجملة ولدت مضافا إليها الظرف ويوم أبعث عطف على يوم ولدت وكذلك يوم أبعث وحيا حال وهذه هي الصفة الثامنة والأخيرة.
البلاغة:
التعريف:
وذلك في تعريف النخلة التي جاءها المخاض عندها وهذا التعريف لا يخلو إما أن يكون من تعريف الأسماء الغالبة كتعريف النجم والصعق كأن تلك الصحراء كان فيها جذع نخلة متعالم عند الناس فإذا قيل
(وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) السلام مبتدأ وعلي خبره واختلف في معنى إلى الداخلة على السلام فقيل هي للعهد لأنه تقدم ذكر السلام الموجه الى يحيى فهو موجه إليه أيضا، وقال الزمخشري: «والصحيح أن يكون هذا التعريف تعريضا باللغة على متهمي مريم عليها السلام وأعدائها من اليهود وتحقيقه أن اللام للجنس وإذا قال وجنس السلام عليّ خاصة فقد عرض بأن ضده عليكم ونظيره قوله تعالى: والسلام على من اتبع الهدى يعني أن العذاب على من كذب وتولى وكان المقام مقام مناكرة وعناد فهو مئنته لنحو هذا من التعريض» ويوم متعلق بمعنى الاستقرار المتعلق به عليّ ولا يجوز نصبه للسلام للفصل بين المصدر ومعموله وجملة ولدت مضافا إليها الظرف ويوم أبعث عطف على يوم ولدت وكذلك يوم أبعث وحيا حال وهذه هي الصفة الثامنة والأخيرة.
البلاغة:
التعريف:
وذلك في تعريف النخلة التي جاءها المخاض عندها وهذا التعريف لا يخلو إما أن يكون من تعريف الأسماء الغالبة كتعريف النجم والصعق كأن تلك الصحراء كان فيها جذع نخلة متعالم عند الناس فإذا قيل
89
جذع النخلة فهم منه ذلك دون غيره من جذوع النخيل وإما أن يكون من تعريف الجنس أي جذع هذه الشجرة خاصة كأن الله تعالى إنما أرشدها الى النخلة ليطعمها منها الرطب الذي هو خرسة النفساء الموافقة لها ولأن النخلة أقل شيء صبرا على البرد وثمارها إنما هي من جمارها فلموافقتها لها مع جميع الآيات فيها اختارها لها وألجأها إليها.
الفوائد:
١- خلاصة قصة ميلاد عيسى في القرآن الكريم:
هذا ولم يعن كتاب من الكتب الدينية بميلاد المسيح والدفاع عن طهارة والدته العذراء والإشادة بفضلها وتفضيلها على سائر النساء كما عني القرآن الكريم فقد وردت فيه عن ميلاد المسيح عليه السلام، وحياته وجهاده في سبيل الدعوة الى الله وإصلاح البشر عدة آيات في عدد من السور وقد أتى في براءة العذراء وقنوتها بما لم تأت به كتب أخرى بل كانت السورة الثانية الكبرى من القرآن الكريم وهي سورة آل عمران، وعمران هو والد العذراء وكان عالما من علماء الدين ولم تأت سورة من السور باسم سيدة من سيدات التاريخ غير اسم مريم وهي تحتوي على عدة آيات في ميلاد المسيح كما وردت آيات أخرى في هذا الحادث الجليل.
ولقد اصطفى الله آل عمران كما اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين، وكان عمران أبو مريم رجلا تقيا ورعا، كما كانت زوجته صالحة تقية فلما حملت نذرت الى الله أن يكون حملها خادما للهيكل فلما وضعت وتبين لها أنها أنثى، وليس الذكر كالأنثى، سمتها أمها مريم ولكن الله تقبلها في الهيكل بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا.
الفوائد:
١- خلاصة قصة ميلاد عيسى في القرآن الكريم:
هذا ولم يعن كتاب من الكتب الدينية بميلاد المسيح والدفاع عن طهارة والدته العذراء والإشادة بفضلها وتفضيلها على سائر النساء كما عني القرآن الكريم فقد وردت فيه عن ميلاد المسيح عليه السلام، وحياته وجهاده في سبيل الدعوة الى الله وإصلاح البشر عدة آيات في عدد من السور وقد أتى في براءة العذراء وقنوتها بما لم تأت به كتب أخرى بل كانت السورة الثانية الكبرى من القرآن الكريم وهي سورة آل عمران، وعمران هو والد العذراء وكان عالما من علماء الدين ولم تأت سورة من السور باسم سيدة من سيدات التاريخ غير اسم مريم وهي تحتوي على عدة آيات في ميلاد المسيح كما وردت آيات أخرى في هذا الحادث الجليل.
ولقد اصطفى الله آل عمران كما اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين، وكان عمران أبو مريم رجلا تقيا ورعا، كما كانت زوجته صالحة تقية فلما حملت نذرت الى الله أن يكون حملها خادما للهيكل فلما وضعت وتبين لها أنها أنثى، وليس الذكر كالأنثى، سمتها أمها مريم ولكن الله تقبلها في الهيكل بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا.
90
ولم يعش عمران حتى تشب مريم وتكبر فتوفي وهي صغيرة فكفلها زوج خالتها النبي زكريا وكانت مريم صادقة مباركة يفيض الله عليها من رزقه من حيث تعلم ولا تعلم فكان زكريا كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا كثيرا فيسألها قائلا: يا مريم أنّى لك هذا فتجيبه: هو من عند الله.
وكانت مريم تتعبد في الهيكل بعيدا عن أهلها وعن الناس، قد انتبذت مكانا شرقيا في الناصرة من مدينة الجليل، وكانت مخطوبة لرجل من أبناء عمومتها اسمه يوسف النجار ولكن لم يتم زواجهما لأنها وهبت نفسها الى الله ولكن الله تعالى شاء أن يهب الى البشر من هذه الفتاة الطاهرة الكريمة التقية نبيا كريما، ورسولا عظيما، ويجعل منها ومن ابنها آية للناس كما قال تعالى «وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ» لم يتم زواج يوسف بمريم وبعث الله جبريل فبشرها بحملها بالسيد المسيح وهي في عزلتها تعبد الله وتخلص له العبادة والتقوى فعجبت لذلك وأجفلت وقالت: كيف يكون لي ولد ولم يمسسني بشر، فكان الجواب عليها كما جاء في القرآن، كما صور القرآن فزع مريم في سورة «مريم» حين جاءها الملك بهذه البشارة متمثلا لها في صورة إنسان ظهر لها في عزلتها، على حين غرة من أمرها فاستعاذت بالله منه فهدأ من روعها وأنبأها أنه مرسل من السماء ليهب لها غلاما زكيا فجاء في هذه السورة «واذكر في الكتاب مريم إلخ الآيات» وقد اتفق إنجيل لوقا وإنجيل برنابا والقرآن الكريم في حادث ولادة المسيح على أنه آية للناس ولم يكن نتيجة اتصال مريم بخطيبها يوسف النجار، كما جاء في بعض الأناجيل الاخرى كإنجيل متى الذي نصّ على أن «يسوع بن يوسف النجار
وكانت مريم تتعبد في الهيكل بعيدا عن أهلها وعن الناس، قد انتبذت مكانا شرقيا في الناصرة من مدينة الجليل، وكانت مخطوبة لرجل من أبناء عمومتها اسمه يوسف النجار ولكن لم يتم زواجهما لأنها وهبت نفسها الى الله ولكن الله تعالى شاء أن يهب الى البشر من هذه الفتاة الطاهرة الكريمة التقية نبيا كريما، ورسولا عظيما، ويجعل منها ومن ابنها آية للناس كما قال تعالى «وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ» لم يتم زواج يوسف بمريم وبعث الله جبريل فبشرها بحملها بالسيد المسيح وهي في عزلتها تعبد الله وتخلص له العبادة والتقوى فعجبت لذلك وأجفلت وقالت: كيف يكون لي ولد ولم يمسسني بشر، فكان الجواب عليها كما جاء في القرآن، كما صور القرآن فزع مريم في سورة «مريم» حين جاءها الملك بهذه البشارة متمثلا لها في صورة إنسان ظهر لها في عزلتها، على حين غرة من أمرها فاستعاذت بالله منه فهدأ من روعها وأنبأها أنه مرسل من السماء ليهب لها غلاما زكيا فجاء في هذه السورة «واذكر في الكتاب مريم إلخ الآيات» وقد اتفق إنجيل لوقا وإنجيل برنابا والقرآن الكريم في حادث ولادة المسيح على أنه آية للناس ولم يكن نتيجة اتصال مريم بخطيبها يوسف النجار، كما جاء في بعض الأناجيل الاخرى كإنجيل متى الذي نصّ على أن «يسوع بن يوسف النجار
91
ابن يعقوب بن متان بن اليعازر، ابن اليهود بن أخيم» الى آخر هذا النسب الذي يصل الى يعقوب بن اسحق بن ابراهيم عليهم السلام.
فالقرآن الكريم نزل بأن مريم عذراء وانه بعد بشارة الملك لها بهذا الغلام الزكي حملت به وانتبذت مكانا بعيدا عن الناس، وعانت وحدها آلام وضعه حتى تمنت الموت قبل هذا كما جاء في القرآن الكريم «فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ» إلخ الآيات. خاطبها هذا الوليد الكريم في مهده وهدأ من روعها، وطلب إليها أن تستعين على ضعفها بالرطب الجني، والماء الهني أو خاطبها الملك.
وكان أن وقع ما خشيته مريم من اتهامها بالسوء، فلما جاءت به الى قومها أنكروا عليها، واتهموها بما هي براء منه، فصامت عن الكلام وتولى الطفل الصغير في مهده الدفاع عن أمه الطاهرة النقية كما جاء في القرآن الكريم.
٢- أسرار الفاءات:
وعدناك أن نتحدث عن أسرار الفاءات في قوله تعالى «فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ» في هذه الفاءات دليل على أن حملها به ووضعها إياه لأنه عطف الحمل والانتباذ الى المكان الذي مضت اليه والمخاض الذي هو الطلق بالفاء وهي للفور ولو كانت كغيرها من النساء لعطف بثم التي هي للتراخي والمهلة ألا ترى أنه قد جاء في الأخرى: «قتل الإنسان ما أكفره، من أي شيء خلقه، من نطفة خلقه فقدره، ثم السبيل يسره» فلما كان بين تقديره في البطن وإخراجه مدة متراخية عطف ذلك بثم وهذا بخلاف قصة مريم عليها
فالقرآن الكريم نزل بأن مريم عذراء وانه بعد بشارة الملك لها بهذا الغلام الزكي حملت به وانتبذت مكانا بعيدا عن الناس، وعانت وحدها آلام وضعه حتى تمنت الموت قبل هذا كما جاء في القرآن الكريم «فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ» إلخ الآيات. خاطبها هذا الوليد الكريم في مهده وهدأ من روعها، وطلب إليها أن تستعين على ضعفها بالرطب الجني، والماء الهني أو خاطبها الملك.
وكان أن وقع ما خشيته مريم من اتهامها بالسوء، فلما جاءت به الى قومها أنكروا عليها، واتهموها بما هي براء منه، فصامت عن الكلام وتولى الطفل الصغير في مهده الدفاع عن أمه الطاهرة النقية كما جاء في القرآن الكريم.
٢- أسرار الفاءات:
وعدناك أن نتحدث عن أسرار الفاءات في قوله تعالى «فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ» في هذه الفاءات دليل على أن حملها به ووضعها إياه لأنه عطف الحمل والانتباذ الى المكان الذي مضت اليه والمخاض الذي هو الطلق بالفاء وهي للفور ولو كانت كغيرها من النساء لعطف بثم التي هي للتراخي والمهلة ألا ترى أنه قد جاء في الأخرى: «قتل الإنسان ما أكفره، من أي شيء خلقه، من نطفة خلقه فقدره، ثم السبيل يسره» فلما كان بين تقديره في البطن وإخراجه مدة متراخية عطف ذلك بثم وهذا بخلاف قصة مريم عليها
92
السلام، فانها عطفت بالفاء وقد اختلف الناس في مدة حملها فقيل:
انه كحمل غيرها من النساء وقيل: لا بل كان مدة ثلاثة أيام، وقيل:
أقل، وقيل: أكثر، وهذه الآية مزيلة للخلاف لأنها دلت صريحا على أن الحمل والوضع كانا متقاربين على الفور من غير مهلة وربما كان ذلك في يوم واحد أو أقل أخذا بما دلت عليه الآية. هذا ما ورد في المثل السائر لابن الأثير، وقد رد ابن أبي الحديد في الفلك الدائر على ذلك بما أوردناه في سورة النحل من أن التعقيب على حسب ما يصح إما عقلا وإما عادة الى أن يقول: وليست الفاء للفور الحقيقي الذي معناه حصول هذا بعد هذا بغير فصل ولا زمان كما توهمه هذا الرجل ألا ترى الى قوله تعالى: «لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ»
فإن العذاب متراخ عن الافتراء فلا يدل قوله تعالى في قصة مريم على أن الحمل والمخاض كانا في يوم واحد.
قلت:
قلت: بحث ابن أبي الحديد متجه والذي قاله ابن الأثير لا يخلو من ضعف وقد اختلف المفسرون في مدة حملها فقال ابن عباس تسعة أشهر كما في سائر النساء وقال عطاء وأبو العالية والضحاك سبعة أشهر وقال ابن عباس أيضا في ساعة واحدة وقال آخر لثمانية أشهر وقال آخرون ستة أشهر وقال آخرون ثلاث ساعات ورجح الامام الرازي انه في ساعة وقال: «ويمكن الاستدلال له بوجهين» وذكر في الوجه الاول ما قاله ابن الأثير وذكر في الوجه الثاني: «ان الله تعالى قال في وصفه: ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون فثبت أن عيسى عليه السلام لما قال الله له كن فكان وهذا مما
انه كحمل غيرها من النساء وقيل: لا بل كان مدة ثلاثة أيام، وقيل:
أقل، وقيل: أكثر، وهذه الآية مزيلة للخلاف لأنها دلت صريحا على أن الحمل والوضع كانا متقاربين على الفور من غير مهلة وربما كان ذلك في يوم واحد أو أقل أخذا بما دلت عليه الآية. هذا ما ورد في المثل السائر لابن الأثير، وقد رد ابن أبي الحديد في الفلك الدائر على ذلك بما أوردناه في سورة النحل من أن التعقيب على حسب ما يصح إما عقلا وإما عادة الى أن يقول: وليست الفاء للفور الحقيقي الذي معناه حصول هذا بعد هذا بغير فصل ولا زمان كما توهمه هذا الرجل ألا ترى الى قوله تعالى: «لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ»
فإن العذاب متراخ عن الافتراء فلا يدل قوله تعالى في قصة مريم على أن الحمل والمخاض كانا في يوم واحد.
قلت:
قلت: بحث ابن أبي الحديد متجه والذي قاله ابن الأثير لا يخلو من ضعف وقد اختلف المفسرون في مدة حملها فقال ابن عباس تسعة أشهر كما في سائر النساء وقال عطاء وأبو العالية والضحاك سبعة أشهر وقال ابن عباس أيضا في ساعة واحدة وقال آخر لثمانية أشهر وقال آخرون ستة أشهر وقال آخرون ثلاث ساعات ورجح الامام الرازي انه في ساعة وقال: «ويمكن الاستدلال له بوجهين» وذكر في الوجه الاول ما قاله ابن الأثير وذكر في الوجه الثاني: «ان الله تعالى قال في وصفه: ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون فثبت أن عيسى عليه السلام لما قال الله له كن فكان وهذا مما
93
لا يتصور فيه مدة الحمل انما تعقل تلك المدة في حق من يتولد من النطفة».
ومذهب الشافعية أن أكثر مدة الحمل أربع سنين وأقله ستة أشهر وقد ولد الضحاك بن مزاحم لستة عشر شهرا وشعبة ولد لسنتين وهرم بن سنان ولد لأربع سنين ولذلك سمي هرما ومالك بن أنس حمل به أكثر من ثلاث سنين، والحجاج بن يوسف ولد لثلاثين شهرا، ويقال انه كان يقول: اذكروا ليلة ميلادي، ويقال: إن عبد الملك بن مروان حمل به ستة أشهر والشافعي حمل به أربع سنين أو أقل، والحنفية يقولون للشافعية: ما جسر إمامكم أن يظهر الى الوجود حتى توفي إمامنا، ويجيبهم الشافعية بقولهم: بل إمامكم ما ثبت لظهور إمامنا.
القول الفصل في الفاء العاطفة:
والفاء في أصل وضعها للترتيب المتصل، والترتيب على ضربين:
١- الترتيب في المعنى: هو أن يكون المعطوف بها لاحقا متصلا بلا مهلة كقوله تعالى «خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ» والأكثر كون المعطوف بها متسببا عما قبله كقولك: أملته فمال وأقمته فقام.
٢- الترتيب في الذكر: وهو نوعان: أحدهما عطف مفصل على مجمل هو هو في المعنى كقولك توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ورجليه ومنه قوله تعالى: «وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي... » الآية.
وتكون عطفا لمجرد المشاركة في الحكم بحيث يحسن بالواو كقول امرئ القيس: «بين الدخول فحومل».
ومذهب الشافعية أن أكثر مدة الحمل أربع سنين وأقله ستة أشهر وقد ولد الضحاك بن مزاحم لستة عشر شهرا وشعبة ولد لسنتين وهرم بن سنان ولد لأربع سنين ولذلك سمي هرما ومالك بن أنس حمل به أكثر من ثلاث سنين، والحجاج بن يوسف ولد لثلاثين شهرا، ويقال انه كان يقول: اذكروا ليلة ميلادي، ويقال: إن عبد الملك بن مروان حمل به ستة أشهر والشافعي حمل به أربع سنين أو أقل، والحنفية يقولون للشافعية: ما جسر إمامكم أن يظهر الى الوجود حتى توفي إمامنا، ويجيبهم الشافعية بقولهم: بل إمامكم ما ثبت لظهور إمامنا.
القول الفصل في الفاء العاطفة:
والفاء في أصل وضعها للترتيب المتصل، والترتيب على ضربين:
١- الترتيب في المعنى: هو أن يكون المعطوف بها لاحقا متصلا بلا مهلة كقوله تعالى «خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ» والأكثر كون المعطوف بها متسببا عما قبله كقولك: أملته فمال وأقمته فقام.
٢- الترتيب في الذكر: وهو نوعان: أحدهما عطف مفصل على مجمل هو هو في المعنى كقولك توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ورجليه ومنه قوله تعالى: «وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي... » الآية.
وتكون عطفا لمجرد المشاركة في الحكم بحيث يحسن بالواو كقول امرئ القيس: «بين الدخول فحومل».
94
وتخنص الفاء بعطف ما لا يصلح كونه صلة على ما هو صلة كقولك الذي يطير فيغضب زيد الذباب فلو جعلت موضع الفاء واوا أو غيرها فقلت الذي يطير ويغضب زيد، أو ثم يغضب زيد الذباب لم تجز المسألة لأن يغضب زيد جملة لا عائد فيها على الذي فلا يصلح أن يعطف على الصلة لأن شرط ما يعطف على الصلة أن يصلح وقوعه صلة فإن كان العطف بالفاء لم يشترط دلك لأنها تجعل ما بعدها مع ما قبلها في حكم جملة واحدة لإشعارها بالسببية كأنك قلت: الذي ان يطر يغضب زيد الذباب وقد يعطف بالفاء متراخيا كقوله تعالى: «وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى» إما لتقدير متصل قبله وإما لحمل الفاء على ثم.
الفاء الفصيحة:
وقد تحذف الفاء مع المعطوف بها إذا أمن اللبس وكذلك الواو فمن حذف الفاء قوله تعالى: «فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ» التقدير فامتثلتم فتاب عليكم وقوله تعالى: «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» معناه فأفطر فعليه عدة وهذه العاطفة على الجواب المحذوف يسميها أرباب المعاني «الفاء الفصيحة» قال صاحب الكشاف في قوله تعالى:
«وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ» تقديره فعملا به وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة وقالا الحمد لله.
وقال صاحب المفتاح: «هو إخبار عما صنع بهما وعما قالاه كأنه قيل: نحن فعلنا الإيتاء وهما فعلا الحمد وهذا الباب كثير في القرآن وهو من جملة فصاحته ولهذا أسماها أرباب المعاني الفاء الفصيحة.
الفاء الفصيحة:
وقد تحذف الفاء مع المعطوف بها إذا أمن اللبس وكذلك الواو فمن حذف الفاء قوله تعالى: «فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ» التقدير فامتثلتم فتاب عليكم وقوله تعالى: «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» معناه فأفطر فعليه عدة وهذه العاطفة على الجواب المحذوف يسميها أرباب المعاني «الفاء الفصيحة» قال صاحب الكشاف في قوله تعالى:
«وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ» تقديره فعملا به وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة وقالا الحمد لله.
وقال صاحب المفتاح: «هو إخبار عما صنع بهما وعما قالاه كأنه قيل: نحن فعلنا الإيتاء وهما فعلا الحمد وهذا الباب كثير في القرآن وهو من جملة فصاحته ولهذا أسماها أرباب المعاني الفاء الفصيحة.
95
أما ابن الحاجب فقد قال: ان المعتبر ما يعد في العادة مرتبا من غير مهلة فقد يطول الزمان والعادة تقضي في مثله بانتفاء المهلة وقد تقصر والعادة تقضي بالعكس فإن الزمن الطويل قد بستغرب بالنسبة الى عظم الأمر فتستعمل الفاء وقد يستبعد الزمن القريب بالنسبة الى طول أمر يقضي العرف بحصوله في زمان أقل منه، والذي يظهر من كلام الجماعة أن استعمال الفاء فيما تراخى زمانه ووقوعه من الأول سواء قصر في أولا وإنما هو بطريق المجاز».
وقال الجرمي: لا تفيد الترتيب في البقاع ولا في الأمطار بدليل «بين الدخول فحومل» مطرنا مكان كذا فمكان كذا إذا كان وقوع المطر فيهما في وقت واحد واعترض على معنى التعقيب بقوله تعالى:
«الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى» فإن إخراج المرعى لا يعقبه جعله غثاء أحوى أي يابسا أسود والجواب من وجهين:
آ- ان جملة فجعله غثاء أحوى معطوفة على جملة محذوفة وان التقدير فمضت مدة فجعله غثاء.
ب- ان الفاء نابت عن ثم والمعنى جعله غثاء وسيأتي تفصيل ذلك في حينه.
٣-لماذا انقشع الحزن عنها بسبب وجود الطعام والشراب؟
ولا بد هنا من الاجابة على سؤال قد يرد فإن ظاهر الكلام يدل على أن حزنها سينقشع بسبب وجود الطعام والشراب وذلك في قوله تعالى: «فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً» ومعلوم بأن حزنها لم يكن بسبب ذلك، ولا هو ناجم عن فقدان الطعام والشراب ولكن السر في
وقال الجرمي: لا تفيد الترتيب في البقاع ولا في الأمطار بدليل «بين الدخول فحومل» مطرنا مكان كذا فمكان كذا إذا كان وقوع المطر فيهما في وقت واحد واعترض على معنى التعقيب بقوله تعالى:
«الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى» فإن إخراج المرعى لا يعقبه جعله غثاء أحوى أي يابسا أسود والجواب من وجهين:
آ- ان جملة فجعله غثاء أحوى معطوفة على جملة محذوفة وان التقدير فمضت مدة فجعله غثاء.
ب- ان الفاء نابت عن ثم والمعنى جعله غثاء وسيأتي تفصيل ذلك في حينه.
٣-لماذا انقشع الحزن عنها بسبب وجود الطعام والشراب؟
ولا بد هنا من الاجابة على سؤال قد يرد فإن ظاهر الكلام يدل على أن حزنها سينقشع بسبب وجود الطعام والشراب وذلك في قوله تعالى: «فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً» ومعلوم بأن حزنها لم يكن بسبب ذلك، ولا هو ناجم عن فقدان الطعام والشراب ولكن السر في
96
ذلك أن التسلية ونسيان الحزن لم يقعا بها من حيث أنهما طعام وشراب ولكن من حيث أنهما معجزة باهرة ترهص لها، وتدحض باطل القوم وتثبت كذبهم وإرجافهم، كما تثبت أنها من أهل العصمة والبعد من الريبة وأنها بمعزل عما قرفوها به ثم ان الأمور الخارجة عن العادات لا يمكن إلا أن تكون إلهية ولحكمة نجهلها ومن ذلك ولادتها عيسى من غير فحل وهذا من عجائب الاساليب.
لماذا منعت من الكلام؟
وهناك سؤال آخر قد يثب الى الذهن بعد هذا كله وهو: ان الله أمرها بأن تمتنع من الكلام لأمرين:
آ- أن يكون عيسى عليه السلام هو المتكلم عنها ليكون أقوى لحجتها وأرهص للمعجزة وبالتالي لإزالة عوامل الريبة المؤدية الى اتهامها بما يشين.
ب- تشريع الكراهية لأية مجادلة مع السفهاء وقد رمق الشاعر سماء هذا المعنى فقال:
٤- مواضع زيادة الباء:
آ- في الفاعل وزيادتها تكون واجبة في فعل التعجب الوارد على صيغة الأمر نحو أحسن بزيد وعلة الزيادة إصلاح اللفظ وإعرابه أحسن فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون العارض لأجل الصيغة وبزيد الباء حرف جر زائد وزيد فاعل
لماذا منعت من الكلام؟
وهناك سؤال آخر قد يثب الى الذهن بعد هذا كله وهو: ان الله أمرها بأن تمتنع من الكلام لأمرين:
آ- أن يكون عيسى عليه السلام هو المتكلم عنها ليكون أقوى لحجتها وأرهص للمعجزة وبالتالي لإزالة عوامل الريبة المؤدية الى اتهامها بما يشين.
ب- تشريع الكراهية لأية مجادلة مع السفهاء وقد رمق الشاعر سماء هذا المعنى فقال:
يخاطبني السفيه بكل قبح | وأكره أن أكون له مجيبا |
آ- في الفاعل وزيادتها تكون واجبة في فعل التعجب الوارد على صيغة الأمر نحو أحسن بزيد وعلة الزيادة إصلاح اللفظ وإعرابه أحسن فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون العارض لأجل الصيغة وبزيد الباء حرف جر زائد وزيد فاعل
97
مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد وتكون غالبة وذلك في فاعل كفى التي بمعنى حسب والتي هي فعل لازم نحو كفى بالله شهيدا ولا تزاد الباء في فاعل كفى التي بمعنى أجزأ أو أغنى ولا التي بمعنى وقى والأولى متعدية لواحد نحو:
والثانية متعدية لاثنين كقوله تعالى «وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ».
قال ابن هشام: «ووقع في شعر المتنبي زيادة الباء في فاعل كفى المتعدية لواحد قال:
ولم أر من انتقد عليه» وقد استعجل ابن هشام بهذا الحكم فقد انتقد عليه ذلك أبو البقاء في شرحه الممتع للديوان وأفاض في إعراب البيت كما انتقد المعري أيضا ولسنا بصدد التحقيق في ذلك فلعلك ترجع الى شرح أبي البقاء والى مغني اللبيب.
ب- في المفعول به نحو قوله تعالى: «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ» وقول أبي الطيب:
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠)
الإعراب:
(ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) ذلك اسم اشارة مبتدأ وعيسى خبره وابن مريم بدل وقول الحق مفعول مطلق لفعل محذوف أي قلت، أو مصدر مؤكد لمضمون الجملة كقولك هو عبد الله حقا واختار الزمخشري أن يكون منصوبا على المدح بفعل محذوف تقديره امدح، هذا وقد فرق أبو حيان بين الاعرابين فقال:
«وانتصاب قول على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة أي هذه الأخبار عن عيسى بن مريم ثابت صدق ليس منسوبا لغيرها أي انها ولدته من غير مس بشر كما تقول هذا عبد الله الحق لا الباطل أي أقول الحق وأقول قول الحق فيكون الحق هو الصدق وهو من إضافة
قليل منك يكفيني ولكن | قليلك لا يقال له قليل |
قال ابن هشام: «ووقع في شعر المتنبي زيادة الباء في فاعل كفى المتعدية لواحد قال:
كفى ثعلا فخرا بأنك منهم | ودهر لأن أمسيت من أهله أهل |
ب- في المفعول به نحو قوله تعالى: «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ» وقول أبي الطيب:
كفى بجسمي نحولا انني رجل | لولا مخاطبتي إياك لم ترني |
فما رجعت بخائبة ركاب | حكيم بن المسيّب منتهاها |
٥- مبحث هام حول كان:
قوله تعالى «كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا» جرينا في اعرابها على أنها ناقصة واسمها مستتر تقديره هو وصبيا خبرها وممن أعربها كذلك الزمخشري ووعدنا أن ننقل الخلاف الذي ثار حولها لطرافته ولما فيه من رياضة ذهنية:
أما أبو البقاء فقد أعربها زائدة أي من هو في المهد وصبيا حال من الضمير في الجار والضمير المنفصل المقدر كان متصلا بكان وقيل كان الزائدة لا يستتر فيها ضمير فعلى هذا لا تحتاج الى تقدير هو بل يكون الظرف صلة من وقيل ليست زائدة بل هي كقوله «وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً» وقيل هي بمعنى صار وقيل هي التامة ومن بمعنى الذي وقيل شرطية وجوابها كيف.
99
وقال الشهاب الحلبي المعروف بالسمين: في كان هذه أقوال:
آ- انها زائدة وهو قول أبي عبيد أي كيف نكلم من في المهد، وصبيا على هذا نصب على الحال من الضمير المستتر في الجار والمجرور والواقع صلة.
ب- انها تامة بمعنى حدث ووجد والتقدير كيف نكلم من وجد صبيا وصبيا حال من الضمير في كان.
ح- انها بمعنى صار أي كيف نكلم من صار في المهد صبيا، وصبيا على هذا خبرها.
د- انها الناقصة على بابها من دلالتها على اقتران مضمون الجملة بالزمان الماضي من غير تعرض للانقطاع كقوله تعالى «وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً» ولذلك يعبر عنها بأنها ترادف لم يزل.
وقال ابن الأنباري في «أسرار العربية» كان هنا تامة وصبيا منصوب على الحال ولا يجوز أن تكون ناقصة لأنه لا اختصاص لعيسى عليه السلام في ذلك لأن كلا كان في المهد صبيا ولا عجب في تكليم من كان فيما مضى في حال الصبا.
وبعد كتابة ما تقدم وقعت على ما قاله أبو طاهر حمزة في رسالة له سماها «المنيرة المعربة عن شرف الاعراب» وأنقل لك خلاصته ففيه وجاهة وطرافة وهي تؤيد ما ذهبنا اليه من بقاء كان على وجهها قال:
«لكن الوجه ان كان من قصد الخبر الآن عن حالهم لأنهم أكبروا ذلك
آ- انها زائدة وهو قول أبي عبيد أي كيف نكلم من في المهد، وصبيا على هذا نصب على الحال من الضمير المستتر في الجار والمجرور والواقع صلة.
ب- انها تامة بمعنى حدث ووجد والتقدير كيف نكلم من وجد صبيا وصبيا حال من الضمير في كان.
ح- انها بمعنى صار أي كيف نكلم من صار في المهد صبيا، وصبيا على هذا خبرها.
د- انها الناقصة على بابها من دلالتها على اقتران مضمون الجملة بالزمان الماضي من غير تعرض للانقطاع كقوله تعالى «وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً» ولذلك يعبر عنها بأنها ترادف لم يزل.
وقال ابن الأنباري في «أسرار العربية» كان هنا تامة وصبيا منصوب على الحال ولا يجوز أن تكون ناقصة لأنه لا اختصاص لعيسى عليه السلام في ذلك لأن كلا كان في المهد صبيا ولا عجب في تكليم من كان فيما مضى في حال الصبا.
وبعد كتابة ما تقدم وقعت على ما قاله أبو طاهر حمزة في رسالة له سماها «المنيرة المعربة عن شرف الاعراب» وأنقل لك خلاصته ففيه وجاهة وطرافة وهي تؤيد ما ذهبنا اليه من بقاء كان على وجهها قال:
«لكن الوجه ان كان من قصد الخبر الآن عن حالهم لأنهم أكبروا ذلك
100
في وقت كونه في المهد فكأنه قال: أكبروا تكليم صبي كائن في المهد طفلا فيكون الكون من لفظ المخبر لا من لفظهم كقول الحطيئة يصف الرياض:
فلم يك فانيا قبل دبيبه بل وقت دبيبه فذكر الكون من لفظ المخبر».
قلت:
قلت: وهذا كله دندنة في غير طائل والأجود ما اخترناه واختاره الزمخشري ويأتي في المرتبة بعده أن تكون زائدة أما تقديرها تامة فبعيد جدا لأن عيسى لم يخلق ابتداء في المهد.
٦- بغيا:
أصله بغويا اجتمعت فيه الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ثم أدغم الياء في الياء وإلا لو كان فعيلا بمعنى فاعل لحقته التاء وقال البيضاوي: «وهو فعول من البغي قلبت واوه وأدغمت ثم كسرت العين اتباعا ولذلك لم تلحقه التاء أو فعيل بمعنى فاعل لم تلحقه التاء لأنه للمبالغة أو للنسب كطالق» وقال بعضهم: البغي خاص بالمؤنث فلا يقال رجل بغي انما يقال امرأة بغي لكن نقل بعضهم عن المصباح انه يقال رجل بغي كما يقال امرأة بغي.
يظل بها الشيخ الذي كان فانيا | يدب على عوج له نخرات |
قلت:
قلت: وهذا كله دندنة في غير طائل والأجود ما اخترناه واختاره الزمخشري ويأتي في المرتبة بعده أن تكون زائدة أما تقديرها تامة فبعيد جدا لأن عيسى لم يخلق ابتداء في المهد.
٦- بغيا:
أصله بغويا اجتمعت فيه الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ثم أدغم الياء في الياء وإلا لو كان فعيلا بمعنى فاعل لحقته التاء وقال البيضاوي: «وهو فعول من البغي قلبت واوه وأدغمت ثم كسرت العين اتباعا ولذلك لم تلحقه التاء أو فعيل بمعنى فاعل لم تلحقه التاء لأنه للمبالغة أو للنسب كطالق» وقال بعضهم: البغي خاص بالمؤنث فلا يقال رجل بغي انما يقال امرأة بغي لكن نقل بعضهم عن المصباح انه يقال رجل بغي كما يقال امرأة بغي.
101
ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ
ﰡ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ
ﰢ
ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ
ﰣ
ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ
ﰤ
ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ
ﰥ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ
ﰦ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ
ﰧ
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٤ الى ٤٠]
ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨)وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠)
الإعراب:
(ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) ذلك اسم اشارة مبتدأ وعيسى خبره وابن مريم بدل وقول الحق مفعول مطلق لفعل محذوف أي قلت، أو مصدر مؤكد لمضمون الجملة كقولك هو عبد الله حقا واختار الزمخشري أن يكون منصوبا على المدح بفعل محذوف تقديره امدح، هذا وقد فرق أبو حيان بين الاعرابين فقال:
«وانتصاب قول على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة أي هذه الأخبار عن عيسى بن مريم ثابت صدق ليس منسوبا لغيرها أي انها ولدته من غير مس بشر كما تقول هذا عبد الله الحق لا الباطل أي أقول الحق وأقول قول الحق فيكون الحق هو الصدق وهو من إضافة
102
الموصوف الى الصفة»، والذي نعت للقول إن أريد به عيسى وسمي قولا كما سمي كلمة لأنه عنها نشأ أو صفة للحق نفسه وفيه متعلقان بيمترون وجملة يمترون صلة الموصول. (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ) ما نافية وكان فعل ماض ناقص ولله خبرها المقدم وأن يتخذ مصدر مؤول اسم كان ومن زائدة وولد مجرور بمن لفظا مفعول به منصوب محلا وسبحانه مفعول مطلق لفعل محذوف. (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) تقدم اعراب أمثالها كثيرا ونعيد اعراب فيكون الفاء استئنافية ويكون مرفوع أي فهو يكون وكان هنا تامة وقرئ بنصب فيكون بأن مضمرة بعد فاء السببية الواقعة بعد الطلب.
(وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) الواو استئنافية والجملة مستأنفة ولذلك كسرت همزة إن وقرئ بفتحها بحذف حرف الجر وان واسمها وربي خبرها وربكم عطف على ربي فاعبدوه الفاء الفصيحة وقد تقدم بحثها واعبدوه فعل أمر وفاعل ومفعول به وهذا مبتدأ وصراط خبر ومستقيم صفة لصراط والجملة حالية وسمي القول صراطا مستقيما تشبيها له بالطريق الآيل للنجاة. (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) الفاء استئنافية واختلف الأحزاب فعل وفاعل ومن بينهم حال من الأحزاب والمعنى حال كون الأحزاب بعضهم وتفصيل اختلافهم وأنواع فرقهم يرجع إليها في الملل والنحل للشهرستاني وفي الفصل بين الملل والنحل لابن حزم الاندلسي وفي المطولات. (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) الفاء عاطفة وويل مبتدأ وساغ الابتداء بالنكرة لتضمنها معنى الدعاء وللذين خبر ويل وجملة كفروا صلة ومن مشهد متعلقان بويل ومشهد مصدر ميمي أي من شهودهم بمعنى حضورهم ويجوز أن يكون اسم زمان أو مكان. (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أسمع فعل ماض أتى على صيغة الأمر أو مبني على
(وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) الواو استئنافية والجملة مستأنفة ولذلك كسرت همزة إن وقرئ بفتحها بحذف حرف الجر وان واسمها وربي خبرها وربكم عطف على ربي فاعبدوه الفاء الفصيحة وقد تقدم بحثها واعبدوه فعل أمر وفاعل ومفعول به وهذا مبتدأ وصراط خبر ومستقيم صفة لصراط والجملة حالية وسمي القول صراطا مستقيما تشبيها له بالطريق الآيل للنجاة. (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) الفاء استئنافية واختلف الأحزاب فعل وفاعل ومن بينهم حال من الأحزاب والمعنى حال كون الأحزاب بعضهم وتفصيل اختلافهم وأنواع فرقهم يرجع إليها في الملل والنحل للشهرستاني وفي الفصل بين الملل والنحل لابن حزم الاندلسي وفي المطولات. (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) الفاء عاطفة وويل مبتدأ وساغ الابتداء بالنكرة لتضمنها معنى الدعاء وللذين خبر ويل وجملة كفروا صلة ومن مشهد متعلقان بويل ومشهد مصدر ميمي أي من شهودهم بمعنى حضورهم ويجوز أن يكون اسم زمان أو مكان. (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أسمع فعل ماض أتى على صيغة الأمر أو مبني على
103
الفتح المقدر على الآخر الساكن والباء حرف جر زيدت في الفاعل الذي أتى ضمير نصب أو جر لمناسبة الباء وقد تقدم بحث التعجب مفصلا والتعجب هنا مصروف الى المخاطبين، لكن مخففة مهملة والظالمون مبتدأ وفي ضلال خبر ومبين صفة وأوقع الظاهر موقع المضمر اشعارا بأن ظلمهم بلغ الغاية وأربى على النهاية ويوم يأتوننا متعلق بأسمع وأبصر. (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أنذرهم فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول ويوم الحسرة ظرف متعلق بأنذرهم والأحسن أن يكون مفعولا به أي خوّفهم نفس اليوم وإذ متعلق بالحسرة والمصدر المعرف بأل يعمل في المفعول الصريح فكيف بالظرف ويجوز أن يكون بدلا من يوم الحسرة فيكون معمولا لأنذر وبذلك يتأكد أن يوم الحسرة مفعول به لا ظرف، وهم الواو حالية وهم مبتدأ وفي غفلة خبر وهم لا يؤمنون جملة حالية منتظمة مع سابقتها والحالان إما من الضمير المستتر في قوله في ضلال مبين أي استقروا في ضلال مبين على هاتين الحالين السيئتين فتكون جملة وأنذرهم اعتراضا واما من المفعول في أنذرهم على هاتين الحالين السيئتين، (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) إن واسمها ونحن تأكيد لاسم نا الذي هو بمعنى نحن لأنه بمعناه وجملة نرث الأرض خبر إنا ومن عطف على الأرض وعليها متعلقان بمحذوف صلة من وإلينا متعلقان بيرجعون ويرجعون فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل ولك في الواو بقوله وإلينا أن تجعلها حالية أو عاطفة.
البلاغة:
المجاز المرسل في قوله «لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» والعلاقة الحالية والمراد جهنم فأطلق الحال وأريد المحل لأن الضلال لا يحل فيه
البلاغة:
المجاز المرسل في قوله «لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» والعلاقة الحالية والمراد جهنم فأطلق الحال وأريد المحل لأن الضلال لا يحل فيه
104
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ
ﰨ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ
ﰩ
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ
ﰪ
ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ
ﰫ
ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ
ﰬ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ
ﰭ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ
ﰮ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ
ﰯ
ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ
ﰰ
ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ
ﰱ
وإنما يحل في مكانه وكذلك قوله: وهم في غفلة والغفلة لا يحل فيها أيضا وإنما يحل بالمتالف التي توقع الغفلة أصحابها فيها.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٤١ الى ٥٠]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥)
قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠)
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٤١ الى ٥٠]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥)
قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠)
105
اللغة:
(الصِّدِّيقُ) : من أبنية المبالغة ونظيره الضحيّك والنّطّيق والمراد أنه بليغ الصدق في أقواله وأفعاله وفي تصديق غيوب الله تعالى وآياته وكتبه ورسله.
(مَلِيًّا) : دهرا طويلا.
(حَفِيًّا) :
في المختار: «وحفي به بالكسر حفاوة بفتح الحاء فهو حفي أي بالغ في إكرامه وإلطافه والعناية بأمره، والحفي أيضا المستقصي في السؤال ومن الأول قوله تعالى: «إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا» ومن الثاني قوله تعالى: «كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها».
الإعراب:
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) الواو استئنافية واذكر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وفي الكتاب متعلقان باذكر وابراهيم مفعول به وان واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر تقديره هو وصديقا خبر كان الأول ونبيا خبرها الثاني. (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً)
إذ اختلف المعربون فيها فعلقها الزمخشري وأبو البقاء وغيرهما بكان أو بصديقا نبيا أي كان جامعا لخصائص النبيين والصديقين حين خاطب أباه تلك المخاطبات وهذا مبني على عمل كان الناقصة وأخواتها في الظرف غير خبرها واسمها وفيه خلاف وأعربها الزمخشري وأبو البقاء وغيرهما أيضا بدلا من ابراهيم بناء على حذف مضاف أي نبأ ابراهيم فتكون جملة إنه كان صديقا نبيا معترضة وفيه أيضا انه مبني على تصرف إذ
(الصِّدِّيقُ) : من أبنية المبالغة ونظيره الضحيّك والنّطّيق والمراد أنه بليغ الصدق في أقواله وأفعاله وفي تصديق غيوب الله تعالى وآياته وكتبه ورسله.
(مَلِيًّا) : دهرا طويلا.
(حَفِيًّا) :
في المختار: «وحفي به بالكسر حفاوة بفتح الحاء فهو حفي أي بالغ في إكرامه وإلطافه والعناية بأمره، والحفي أيضا المستقصي في السؤال ومن الأول قوله تعالى: «إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا» ومن الثاني قوله تعالى: «كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها».
الإعراب:
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) الواو استئنافية واذكر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وفي الكتاب متعلقان باذكر وابراهيم مفعول به وان واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر تقديره هو وصديقا خبر كان الأول ونبيا خبرها الثاني. (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً)
إذ اختلف المعربون فيها فعلقها الزمخشري وأبو البقاء وغيرهما بكان أو بصديقا نبيا أي كان جامعا لخصائص النبيين والصديقين حين خاطب أباه تلك المخاطبات وهذا مبني على عمل كان الناقصة وأخواتها في الظرف غير خبرها واسمها وفيه خلاف وأعربها الزمخشري وأبو البقاء وغيرهما أيضا بدلا من ابراهيم بناء على حذف مضاف أي نبأ ابراهيم فتكون جملة إنه كان صديقا نبيا معترضة وفيه أيضا انه مبني على تصرف إذ
106
وقد تقدم بحثها والقول بأنها لا تتصرف وجملة قال مضافة إليها الظرف ولأبيه متعلقان بقال ويا حرف نداء وأبت منادى مضاف لياء المتكلم المعوض عنها بالتاء وقد تقدمت الاشارة الى ذلك ولا يجوز الجمع بين المعوض والمعوض عنه فلا يقال يا أبتي ويقال يا أبتا لكون الألف بدلا من الياء وشبه ذلك سيبويه بأينق وتعويض الياء فيه عن الواو الساقطة وسيرد المزيد من هذا البحث في باب الفوائد مع ترجمة مستفيضة لسيبويه. ولم أصلها اللام الجارة وما الاستفهامية وقد تقدم أن ألفها تحذف إذا سبقها حرف جر وتنزل اللام معها منزلة الكلمة الواحدة فتكتب الألف ياء فتقول إلام وعلام وحتام وهي متعلقة مع مجرورها بتعبد وفاعل تعبد ضمير مستتر تقديره أنت وما اسم موصول مفعول به وجملة لا يسمع صلة وما بعدها معطوفة عليها وشيئا مفعول به أو مفعول مطلق وقد تقدم تقريره. (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) يا أبت تقدم اعرابها وان واسمها وجملة قد جاءني خبرها ومن العلم متعلقان بجاءني ومن للتبعيض وما اسم موصول فاعل وجملة لم يأتك صلة فاتبعني الفاء الفصيحة أي ان شئت الهداية والنجاة واتبعني فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به واهدك جواب الطلب ولذلك جزم والكاف مفعول به وصراطا مفعول به ثان أو منصوب بنزع الخافض وسويا صفة لصراطا. (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) لا ناهية وتعبد فعل مضارع مجزوم بلا الناهية والفاعل مستتر تقديره أنت والشيطان مفعول به وإن واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر وللرحمن متعلقان بعصيا وعصيا خبر كان. (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) إن واسمها وجملة أخاف خبرها وأن يمسك ظرف مؤول مفعول به لأخاف وعذاب فاعل يمسك ومن
107
الرحمن صفة لعذاب فتكون عطف على أن يمسك واسم تكون مستتر تقديره أنت وللشيطان متعلقان بوليا، ووليا خبر تكون ومعنى الولي هنا القرين. (قالَ: أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ) الهمزة للاستفهام الانكاري وراغب مبتدأ وسوغ الابتداء اعتماده على أداة الاستفهام وأنت فاعل سد مسدّ الخبر وأعربه الزمخشري خبرا مقدما وأنت مبتدأ مؤخرا ولا موجب لذلك بعد وجود القاعدة وسيأتي تقريرها في باب الفوائد وما تخللها من أبحاث تذهل الألباب، ويا حرف نداء وابراهيم منادى مفرد علم مبني على الضم. (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) اللام موطئة للقسم وإن شرطية ولم حرف نفي وقلب وجزم وتنته فعل مضارع مجزوم بلم ولأرجمنك اللام واقعة في جواب القسم كما هي القاعدة في اجتماع القسم والشرط وأرجمنك فعل مضارع مبني على الفتح والفاعل مستتر تقديره أنا والكاف مفعول به واهجرني الواو عاطفة واهجرني معطوف على محذوف عند من يمنع عطف الانشائية على الخبرية والتقدير فاحذرني واهجرني، على أن سيبويه يجيز عطف الجملة الخبرية على الجملة الانشائية فليس هذا التقدير بلازم ومليا ظرف زمان متعلق باهجرني وقيل هو حال من فاعل اهجرني ومعناه سالما سويا لا يصيبك من معرة. (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) سلام مبتدأ وسوغ
الابتداء به ما فيه من معنى الدعاء والمراد بالدعاء هنا التوديع والازماع على الفراق وعليك خبر وسأستغفر السين للاستقبال وأستغفر فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنا وإنما جاز له الاستغفار للكافر الرجاء بأن يوفق الى الايمان الموجب لغفران الذنوب ولك متعلقان بأستغفر وربي مفعول به وجملة إنه تعليلية لا محل لها وإن واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر تقديره هو وحفيا خبرها وبي متعلقان بحفيا. (وَأَعْتَزِلُكُمْ
الابتداء به ما فيه من معنى الدعاء والمراد بالدعاء هنا التوديع والازماع على الفراق وعليك خبر وسأستغفر السين للاستقبال وأستغفر فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنا وإنما جاز له الاستغفار للكافر الرجاء بأن يوفق الى الايمان الموجب لغفران الذنوب ولك متعلقان بأستغفر وربي مفعول به وجملة إنه تعليلية لا محل لها وإن واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر تقديره هو وحفيا خبرها وبي متعلقان بحفيا. (وَأَعْتَزِلُكُمْ
108
وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)
الواو عاطفة وأعتزلكم أي أترككم مرتحلا من بلادكم والفاعل مستتر والكاف مفعول به وما الواو حرف عطف وما يجوز أن تكون موصولة أو مصدرية. وعلى كل حال موضعها نصب عطف على الكاف أو مفعول معه وجملة تدعون صلة ومن دون الله حال. (وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) وأدعو عطف على أعتزلكم وفاعله مستتر تقديره أنا وربي مفعول به وعسى فعل ماض من أفعال الرجاء واسمها مستتر وأن وما في حيزها هي الخبر واسم أكون مستتر تقديره أنا وبدعاء متعلقان بشقيا وربي مضاف لدعاء وشقيا خبر أكون. (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا) لما ظرفية حينية أو رابطة واعتزلهم فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به وما يعبدون من دون الله تقدم اعرابها أي تركهم فعلا من بابل الى الأرض المقدسة وجملة وهبنا لا محل لها لأنها جواب لما وله متعلقان بوهبنا واسحق مفعول وهبنا ويعقوب عطف على اسحق وكلا مفعول به أول لجعلنا ونبيا هو المفعول الثاني. (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) ووهبنا عطف على وهبنا الأولى ولهم متعلقان بوهبنا أي لابراهيم وولديه ومن رحمتنا متعلقان بوهبنا أيضا وجعلنا عطف على وهبنا ولهم في موضع المفعول الثاني لجعلنا ولسان صدق هو المفعول الاول وعليا صفة للسان وهو الثناء الحسن كما سيأتي في باب البلاغة.
البلاغة:
١- فن الاستدراج:
بلغت هذه الآيات ذروة البلاغة، وانطوت على معاجز تذهل العقول فأول ما يطالعنا منها فن يعرف بالاستدراج وهو يقوم على
الواو عاطفة وأعتزلكم أي أترككم مرتحلا من بلادكم والفاعل مستتر والكاف مفعول به وما الواو حرف عطف وما يجوز أن تكون موصولة أو مصدرية. وعلى كل حال موضعها نصب عطف على الكاف أو مفعول معه وجملة تدعون صلة ومن دون الله حال. (وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) وأدعو عطف على أعتزلكم وفاعله مستتر تقديره أنا وربي مفعول به وعسى فعل ماض من أفعال الرجاء واسمها مستتر وأن وما في حيزها هي الخبر واسم أكون مستتر تقديره أنا وبدعاء متعلقان بشقيا وربي مضاف لدعاء وشقيا خبر أكون. (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا) لما ظرفية حينية أو رابطة واعتزلهم فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به وما يعبدون من دون الله تقدم اعرابها أي تركهم فعلا من بابل الى الأرض المقدسة وجملة وهبنا لا محل لها لأنها جواب لما وله متعلقان بوهبنا واسحق مفعول وهبنا ويعقوب عطف على اسحق وكلا مفعول به أول لجعلنا ونبيا هو المفعول الثاني. (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) ووهبنا عطف على وهبنا الأولى ولهم متعلقان بوهبنا أي لابراهيم وولديه ومن رحمتنا متعلقان بوهبنا أيضا وجعلنا عطف على وهبنا ولهم في موضع المفعول الثاني لجعلنا ولسان صدق هو المفعول الاول وعليا صفة للسان وهو الثناء الحسن كما سيأتي في باب البلاغة.
البلاغة:
١- فن الاستدراج:
بلغت هذه الآيات ذروة البلاغة، وانطوت على معاجز تذهل العقول فأول ما يطالعنا منها فن يعرف بالاستدراج وهو يقوم على
109
مخادعة المخاطب تقوم فيه الأقوال مقام الأفعال فلا يزال يترفق بالمخاطب ويداوره ويلاينه حتى يسقط في يده ويستلين ويعلن استسلامه وهو يشبه أصحاب الجدل في الكلام والمنطق والفلسفة ولكن أولئك يتصرفون في المغالطات القياسية أما الشاعر أو الكاتب فهو في استدراجه يتصرف في المغالطات الخطابية. وقد أحسن الامام الزمخشري في تحليل هذا الفن وان لم يسمه فحلل هذا الفصل تحليلا عجيبا وقد شاء ضياء الدين بن الأثير الذي استخرج هذا الفن أن يغير على فصل الزمخشري فنسفه برمته ونسبه اليه وسننصف الزمخشري من سالبيه فننقل فصله برمته وعلى طوله فهو كالحسن غير مملول.
«انظر حين أراد أن ينصح أباه ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطأ العظيم والارتكاب الشنيع الذي عصى فيه أمر العقلاء وانسلخ عن قضية التمييز، ومن الغباوة التي ليس بعدها غباوة كيف رتب الكلام معه في أحسن اتساق، وساقه أرشق مساق مع استعمال المجاملة واللطف والرفق واللين والأدب الجميل والخلق الحسن منتصحا في ذلك بنصيحة ربه عز وعلا... وذلك أنه طلب منه أولا العلة في خطئه طلب منبه على تماديه، موقظ لإفراطه وتناهيه لأن المعبود لو كان حيا مميزا سميعا بصيرا مقتدرا على الثواب والعقاب، نافعا ضارا، إلا أنه بعض الخلق لاستخفّ عقل من أهلّه للعبادة ووصفه بالربوبية، ولسجل عليه بالغي المبين والظلم العظيم وان كان أشرف الخلق وأعلاهم منزلة... فما ظنك بمن وجه عبادته إلى جماد ليس به حس ولا شعور فلا يسمع يا عابده ذكرك له، وثناءك عليه، ولا يرى هيئات خضوعك وخشوعك له فضلا أن يغني عنك بأن تستدفعه بلاء فيدفعه أو تسنح لك حاجة فيكفيكها، ثم ثنّى بدعوته الى الحق مترفقا به متلطفا فلم يسم إياه بالجهل المفرط ولا نفسه بالعلم الفائق ولكنه قال:
«انظر حين أراد أن ينصح أباه ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطأ العظيم والارتكاب الشنيع الذي عصى فيه أمر العقلاء وانسلخ عن قضية التمييز، ومن الغباوة التي ليس بعدها غباوة كيف رتب الكلام معه في أحسن اتساق، وساقه أرشق مساق مع استعمال المجاملة واللطف والرفق واللين والأدب الجميل والخلق الحسن منتصحا في ذلك بنصيحة ربه عز وعلا... وذلك أنه طلب منه أولا العلة في خطئه طلب منبه على تماديه، موقظ لإفراطه وتناهيه لأن المعبود لو كان حيا مميزا سميعا بصيرا مقتدرا على الثواب والعقاب، نافعا ضارا، إلا أنه بعض الخلق لاستخفّ عقل من أهلّه للعبادة ووصفه بالربوبية، ولسجل عليه بالغي المبين والظلم العظيم وان كان أشرف الخلق وأعلاهم منزلة... فما ظنك بمن وجه عبادته إلى جماد ليس به حس ولا شعور فلا يسمع يا عابده ذكرك له، وثناءك عليه، ولا يرى هيئات خضوعك وخشوعك له فضلا أن يغني عنك بأن تستدفعه بلاء فيدفعه أو تسنح لك حاجة فيكفيكها، ثم ثنّى بدعوته الى الحق مترفقا به متلطفا فلم يسم إياه بالجهل المفرط ولا نفسه بالعلم الفائق ولكنه قال:
110
إن معي طائفة من العلم وشيئا منه ليس معك وذلك علم الدلالة على الطريق السوي فلا تستنكف، وهب أني وإياك في مسير وعندي معرفة بالهداية دونك فاتبعني أنجك من أن تضلّ وتتيه، ثم ثلث بتثبيطه ونهيه عما كان عليه بأن الشيطان الذي استعصى على ربك الرحمن، الذي جميع ما عندك من النعم من عنده، وهو عدوك الذي لا يريد بك إلا كل هلاك وخزي ونكال، وعدو أبيك آدم وأبناء جنسك كلهم هو الذي ورطك في هذه الضلالة وأمرك بها وزينها لك فأنت إن حققت النظر عابد الشيطان إلا أن ابراهيم عليه السلام لإمعانه في الإخلاص ولارتقاء همته في الربانية لم يذكر من جنايتي الشيطان إلا التي تختص منهما برب العزة من عصيانه واستكباره ولم يلتفت الى ذكر معاداته لآدم وذريته، كأن النظر في عظم ما ارتكب من ذلك غمر فكره وأطبق على ذهنه، ثم ربع بتخويفه سوء العاقبة وبما يجره ما هو فيه من التبعة والوبال ولم يخل ذلك من حسن الأدب حيث لم يصرح بأن العقاب لا حق له، وأن العذاب لاصق به ولكنه قال: أخاف أن يمسك عذاب، فذكر الخوف والمس ونكر العذاب وجعل ولاية الشيطان ودخوله في جملة أشياعه وأوليائه أكبر من العذاب وذلك أن رضوان الله أكبر من الثواب نفسه وسماه الله تعالى المشهود له بالفوز العظيم... فكذلك ولاية الشيطان التي هي معارضة رضوان الله أكبر من العذاب نفسه وأعظم، وصدر كل نصيحة من النصائح الأربع بقوله «يا أبت» توسلا إليه واستعطافا... أقبل عليه الشيخ بفظاظة الكفر وغلظ العناد فناداه باسمه ولم يقابل قوله با أبت بقوله يا بني وقدم الخبر على المبتدأ في قوله «أراغب أنت» لأنه كان أهم عنده وفيه ضرب من التعجب والإنكار لرغبة ابراهيم عن آلهته».
111
٢- المجاز المرسل:
وفي قوله تعالى «وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا» مجاز مرسل من إطلاق اسم الآلة وهي اللسان لأنها آلة الكلام وإرادة ما ينشأ عنها فعبر باللسان عما يوجد باللسان كما عبر باليد عما يطلق باليد وهو العطاء فهو مجاز علاقته السببية.
الفوائد:
١- المبتدأ الصفة:
قد يرفع الوصف بالابتداء إن لم يطابق موصوفه تثنية أو جمعا فلا يحتاج الى خبر بل يكتفي بالفاعل أو نائبه فيكون مرفوعا به سادا مسدّ الخبر بشرط أن يتقدم الوصف نفي أو استفهام وتكون الصفة حينئذ بمنزلة الفعل فلا تثنى ولا تجمع ولا توصف ولا تصغر ولا تعرف ويتناول الوصف اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل والمنسوب ولا فرق بين أن يكون الوصف مشتقا نحو:
ما ناجح الكسولان وهل محبوب المجتهدون أو اسما جامدا فيه معنى الصفة نحو هل صخر هذان المعاندان فصخر مبتدأ وهو اسم جامد بمعنى الوصف لأنه بمعنى صلب قاس وهذان فاعل لصخر أغنى عن الخبر، وما وحشي أخلاقك فوحشي مبتدأ وهو اسم جامد فيه معنى الصفة لأنه اسم منسوب فهو بمعنى اسم المفعول وأخلاقك نائب فاعل له أغنى عن الخبر ولا فرق بين أن يكون النفي والاستفهام بالحرف أو بغيره نحو: ليس كسول ولداك وغير كسول أبناؤك وكيف سائر أخواك غير انه مع ليس يكون الوصف اسما لها والمرفوع بعده مرفوعا
وفي قوله تعالى «وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا» مجاز مرسل من إطلاق اسم الآلة وهي اللسان لأنها آلة الكلام وإرادة ما ينشأ عنها فعبر باللسان عما يوجد باللسان كما عبر باليد عما يطلق باليد وهو العطاء فهو مجاز علاقته السببية.
الفوائد:
١- المبتدأ الصفة:
قد يرفع الوصف بالابتداء إن لم يطابق موصوفه تثنية أو جمعا فلا يحتاج الى خبر بل يكتفي بالفاعل أو نائبه فيكون مرفوعا به سادا مسدّ الخبر بشرط أن يتقدم الوصف نفي أو استفهام وتكون الصفة حينئذ بمنزلة الفعل فلا تثنى ولا تجمع ولا توصف ولا تصغر ولا تعرف ويتناول الوصف اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل والمنسوب ولا فرق بين أن يكون الوصف مشتقا نحو:
ما ناجح الكسولان وهل محبوب المجتهدون أو اسما جامدا فيه معنى الصفة نحو هل صخر هذان المعاندان فصخر مبتدأ وهو اسم جامد بمعنى الوصف لأنه بمعنى صلب قاس وهذان فاعل لصخر أغنى عن الخبر، وما وحشي أخلاقك فوحشي مبتدأ وهو اسم جامد فيه معنى الصفة لأنه اسم منسوب فهو بمعنى اسم المفعول وأخلاقك نائب فاعل له أغنى عن الخبر ولا فرق بين أن يكون النفي والاستفهام بالحرف أو بغيره نحو: ليس كسول ولداك وغير كسول أبناؤك وكيف سائر أخواك غير انه مع ليس يكون الوصف اسما لها والمرفوع بعده مرفوعا
112
به سادا مسد الخبر ومع غير ينتقل الابتداء إليها ويجر الوصف بالاضافة إليها ويكون ما بعد الوصف مرفوعا به سادا مسد الخبر وبذلك ينحل الإشكال الوارد في بيت أبي نواس:
غير مأسوف على زمن... ينقضي بالهم والحزن
فغير مبتدأ لا خبر له بل لما أضيف اليه مرفوع يغني عن الخبر وذلك لأنه في معنى النفي والوصف بعده مجرور لفظا وهو في قوة المرفوع بالابتداء أي فحركة الرفع التي على غير هي التي يستحقها هذا الاسم بالاصالة لكنه لما كان مشغولا بحركة الجر لأجل الاضافة جعلت حركته التي كانت له بطريق الأصالة من حيث هو مبتدأ على بطريق العارية وعلى زمن في محل رفع نائب فاعل لمأسوف سد مسد الخبر وجملة ينقضي بالهم والحزن صفة لزمن وقد أورد بن هشام هذا البيت في مغني اللبيب وأورد وجهين آخرين تراهما بعيدين كل البعد وخاصة الثالث الذي اعترف ابن هشام بتصفه فليرجع إليهما.
فإن لم يقع الوصف بعد نفي أو استفهام فلا يجوز هذا الاستعمال فلا يقال مجتهد غلاماك بل تجب المطابقة نحو مجتهدان غلاماك وحينئذ يكون خبرا مقدما وما بعده مبتدأ مؤخرا وأجازه الكوفيون لأنهم لم يشترطوا اعتماد الصفة على النفي والاستفهام واستشهدوا بقوله:
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا... مقالة لهبي إذا الطير مرت
فأعربوا قوله بنو لهب فاعلا لخبير دون أن يعتمد على نفي أو استفهام واعتذر البصريون عن البيت بأن خبيرا على وزن فعيل وفعيل على وزن المصدر كصهيل وزئير والمصدر يخبر به عن المفرد أو المثنى
غير مأسوف على زمن... ينقضي بالهم والحزن
فغير مبتدأ لا خبر له بل لما أضيف اليه مرفوع يغني عن الخبر وذلك لأنه في معنى النفي والوصف بعده مجرور لفظا وهو في قوة المرفوع بالابتداء أي فحركة الرفع التي على غير هي التي يستحقها هذا الاسم بالاصالة لكنه لما كان مشغولا بحركة الجر لأجل الاضافة جعلت حركته التي كانت له بطريق الأصالة من حيث هو مبتدأ على بطريق العارية وعلى زمن في محل رفع نائب فاعل لمأسوف سد مسد الخبر وجملة ينقضي بالهم والحزن صفة لزمن وقد أورد بن هشام هذا البيت في مغني اللبيب وأورد وجهين آخرين تراهما بعيدين كل البعد وخاصة الثالث الذي اعترف ابن هشام بتصفه فليرجع إليهما.
فإن لم يقع الوصف بعد نفي أو استفهام فلا يجوز هذا الاستعمال فلا يقال مجتهد غلاماك بل تجب المطابقة نحو مجتهدان غلاماك وحينئذ يكون خبرا مقدما وما بعده مبتدأ مؤخرا وأجازه الكوفيون لأنهم لم يشترطوا اعتماد الصفة على النفي والاستفهام واستشهدوا بقوله:
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا... مقالة لهبي إذا الطير مرت
فأعربوا قوله بنو لهب فاعلا لخبير دون أن يعتمد على نفي أو استفهام واعتذر البصريون عن البيت بأن خبيرا على وزن فعيل وفعيل على وزن المصدر كصهيل وزئير والمصدر يخبر به عن المفرد أو المثنى
113
والجمع فأعطي حكم ما هو على زنته فهو على حد قوله تعالى «وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ»، وقد شايع أبو الطيب الكوفيين لأنه من الكوفة ولأن له كلفا بمراغمة النحاة كما أشرنا الى ذلك غير مرة فقال بيته الممتع:
فمفترق مبتدأ وجاران فاعل سد مسد الخبر ولا يجوز أن تقول إن مفترقا خبر مقدم لأنه كان يجب أن يطابق قوله جاران والحاصل:
انه إذا رفع الوصف ما بعده فله ثلاثة أحوال:
١- وجوب الابتداء إذا لم يطابق ما بعده في التثنية والجمع نحو أقائم أخواك.
٢- وجوب الخبرية إذا طابق ما بعده في التثنية والجمع نحو أقائمان أخواك.
٣- جواز الوجهين إذا طابق ما بعده في التذكير والتأنيث نحو:
أقائم أخوك وأ قائمة أختك.
ومحل جواز الوجهين ما لم يوجد مانع وجعل بعض العلماء من الموانع في قوله تعالى «أراغب أنت عن آلهتي» فتتعين الابتدائية للزوم الفصل إذا جعلته خبرا بينه وبين معموله وهو الجار والمجرور وردّ ذلك آخرون مدافعين عن الزمخشري بأن قوله عن آلهتي متعلق آخر أما الزمخشري وابن الحاجب فقد اشترطا في الأصل أن يكون المرفوع اسما ظاهرا ولكن الزمخشري نفسه أجاز إعراب أنت فاعلا لراغب.
دع النفس تأخذ وسعها قبل بينها | فمفترق جاران دارهما العمر |
انه إذا رفع الوصف ما بعده فله ثلاثة أحوال:
١- وجوب الابتداء إذا لم يطابق ما بعده في التثنية والجمع نحو أقائم أخواك.
٢- وجوب الخبرية إذا طابق ما بعده في التثنية والجمع نحو أقائمان أخواك.
٣- جواز الوجهين إذا طابق ما بعده في التذكير والتأنيث نحو:
أقائم أخوك وأ قائمة أختك.
ومحل جواز الوجهين ما لم يوجد مانع وجعل بعض العلماء من الموانع في قوله تعالى «أراغب أنت عن آلهتي» فتتعين الابتدائية للزوم الفصل إذا جعلته خبرا بينه وبين معموله وهو الجار والمجرور وردّ ذلك آخرون مدافعين عن الزمخشري بأن قوله عن آلهتي متعلق آخر أما الزمخشري وابن الحاجب فقد اشترطا في الأصل أن يكون المرفوع اسما ظاهرا ولكن الزمخشري نفسه أجاز إعراب أنت فاعلا لراغب.
114
٢- عود إلى «يا أبت» :
تحدثنا عن اللغات في المنادى المضاف الى ياء المتكلم فأما التاء في يا أبت ويا أمت فتاء التأنيث بمنزلة التاء في قائمة وامرأة، قال سيبويه:
سألت الخليل عن التاء في يا أبت لا تفعل ويا أمت فقال هذه التاء بمنزلة الهاء في خالة وعمة يعني أنها للتأنيث والذي يدل على أنها للتأنيث أنك تقول في الوقف يا أبه ويا أمه فتبدلها هاء في الوقف كقاعد وقاعده على حد خال وخاله وعم وعمه ودخلت هذه التاء كالعوض من ياء الاضافة والأصل يا أبي ويا أمي فحذفت الياء اجتزاء بالكسرة قبلها ثم دخلت التاء عوضا عنها ولذلك لا تجتمعان فلا تقول يا أبتي ولا يا أمتي لئلا يجمع بين المعوض والمعوض عنه ولا تدخل هذه التاء فيما له مؤنث من لفظه فلو قلت في يا خالي ويا عمي يا خالت ويا عمت لم يجز لأنه كان يلتبس بالمؤنث فأما دخول التاء على الأم فلا إشكال فيها لأنها مؤنثة.
وأما دخولها على الأب فلمعنى المبالغة كما في راوية وعلامة.
٣- من هو سيبويه:
وقد تردد اسم سيبويه كثيرا ولا بد لنا من إلقاء نظرة عاجلة على قصة حياته لأن فيها فائدة ولأنه ترك لنا في نحو البصريين الكتاب الذي خلد الى يومنا هذا، وكان كتاب النحو الجامع حتى قيل فيه قرآن النحو.
فهو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي وهي نسبة الى الحارث بن كعب قبيلة يمنية وهذه النسبة بالولاء فقد كان سيبويه فارسيا فأما لقبه فسيبويه وقد غلب عليه وهو فارسي مركب مزجي من سيب أي التفاح وبوى أي الرائحة فمعناه رائحة التفاح على قاعدة
تحدثنا عن اللغات في المنادى المضاف الى ياء المتكلم فأما التاء في يا أبت ويا أمت فتاء التأنيث بمنزلة التاء في قائمة وامرأة، قال سيبويه:
سألت الخليل عن التاء في يا أبت لا تفعل ويا أمت فقال هذه التاء بمنزلة الهاء في خالة وعمة يعني أنها للتأنيث والذي يدل على أنها للتأنيث أنك تقول في الوقف يا أبه ويا أمه فتبدلها هاء في الوقف كقاعد وقاعده على حد خال وخاله وعم وعمه ودخلت هذه التاء كالعوض من ياء الاضافة والأصل يا أبي ويا أمي فحذفت الياء اجتزاء بالكسرة قبلها ثم دخلت التاء عوضا عنها ولذلك لا تجتمعان فلا تقول يا أبتي ولا يا أمتي لئلا يجمع بين المعوض والمعوض عنه ولا تدخل هذه التاء فيما له مؤنث من لفظه فلو قلت في يا خالي ويا عمي يا خالت ويا عمت لم يجز لأنه كان يلتبس بالمؤنث فأما دخول التاء على الأم فلا إشكال فيها لأنها مؤنثة.
وأما دخولها على الأب فلمعنى المبالغة كما في راوية وعلامة.
٣- من هو سيبويه:
وقد تردد اسم سيبويه كثيرا ولا بد لنا من إلقاء نظرة عاجلة على قصة حياته لأن فيها فائدة ولأنه ترك لنا في نحو البصريين الكتاب الذي خلد الى يومنا هذا، وكان كتاب النحو الجامع حتى قيل فيه قرآن النحو.
فهو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي وهي نسبة الى الحارث بن كعب قبيلة يمنية وهذه النسبة بالولاء فقد كان سيبويه فارسيا فأما لقبه فسيبويه وقد غلب عليه وهو فارسي مركب مزجي من سيب أي التفاح وبوى أي الرائحة فمعناه رائحة التفاح على قاعدة
115
الأوصاف باللغة الفارسية سمي بذلك لطيب رائحته أو لجماله وحسن خلقه وقيل مركب من سيب وويه اسم صوت ويذكر بعض العارفين باللسان الفارسي ان ويه في هذا اللسان معناها مثل وشبه، فمعنى التركيب مثل التفاح وهكذا نفطويه: مثل النفط وعمرويه: مثل عمرو.
حكم سيبويه:
والجاري على الألسنة سيبويه بفتح الباء والواو والهاء مكسورة وهذا حكم شائع في الاعلام المختومة بويه جاء في الكتاب قول سيبويه:
«وعمرويه عندهم بمنزلة حضر موت في انه ضم الآخر الى الأول وعمرويه في المعرفة مكسور في حال الجر والرفع والنصب غير منون وفي النكرة تقول هذا عمرويه آخر ورأيت عمرويه آخر» وتراه في الكتاب اقتصر على المشهور عند الناس وقد ينطق سيبويه بضم الباء وفتح الياء وسكون الهاء ويعزى هذا الى العجم تجنبوا الصورة الأولى لأن ويه صوت ندبة.
مولده ونشأته:
ولد سيبويه في البيضاء من كورة إصطخر بفارس من أبوين فارسيين ولا يعرف على وجه اليقين تاريخ ولادته وقد انتقل الى البصرة فتلقى العلم فيها وكانت هي والكوفة المصرين المبرزين في علوم العربية والدين ولا يعرف شيئا عن أسرته إلا ما ذكر أنه مات بين يدي أخيه ولا ندري هل انتقلت معه الى البصرة أسرته ونحن لا نرى لأبيه ذكرا ونرى بشارا يهجوه حين اشتهر أمره فيقول:
أي لست منسوبا لإنسي ولكن لملك وبالغ في ذلك حتى جعله نازلا من جهة السماء يصوب أي يقصد الى جهة معينة والملأك معفل بتقديم العين من الألوكة بالفتح وهي الرسالة وقال أبو عبيدة هو مفعل على اسم المكان من لأك إذا أرسل ولعله جاء على مفعل لتصوير أن الرسول مكان الرسالة وقال ابن كيسان: هو فعأل من الملك فالهمزة زائدة وعلى كل يخفف بالنقل فيقال ملك.
(لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ) له خبر مقدم وما موصول مبتدأ مؤخر والجملة حال من ربك والظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول وأيدينا مضافة للظرف وما خلفنا عطف على ما بين أيدينا وما بين ذلك عطف أيضا. (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) الواو حرف عطف وما نافية وكان واسمها وخبرها. (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) رب السموات والأرض خبر لمبتدأ محذوف أي هو رب السموات والأرض ويجوز أن يعرب بدلا من ربك. (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) الفاء هي الفصيحة ولا حاجة لتأويل الكلام بجعلها عاطفة من باب عطف الإنشاء على الخبر أي إذا عرفت ربوبيته الكاملة فاعبده واصطبر عطف على اعبده ولعبادته متعلقان باصطبر وقد أحسن الزمخشري في الفهم حيث جعل العبادة بمنزلة القرن تقول للمحارب اصطبر لقرنك أي اثبت له فيما يورد عليك من شداته وصولاته والمراد لا تضق ذرعا ولا تهن قوة إذا تأخر عنك الوحي ولا تبتئس لشماتة الكافرين فما هي إلا غمرة ثم تنجلي، وظلمة ثم تنحسر وهل حرف
حكم سيبويه:
والجاري على الألسنة سيبويه بفتح الباء والواو والهاء مكسورة وهذا حكم شائع في الاعلام المختومة بويه جاء في الكتاب قول سيبويه:
«وعمرويه عندهم بمنزلة حضر موت في انه ضم الآخر الى الأول وعمرويه في المعرفة مكسور في حال الجر والرفع والنصب غير منون وفي النكرة تقول هذا عمرويه آخر ورأيت عمرويه آخر» وتراه في الكتاب اقتصر على المشهور عند الناس وقد ينطق سيبويه بضم الباء وفتح الياء وسكون الهاء ويعزى هذا الى العجم تجنبوا الصورة الأولى لأن ويه صوت ندبة.
مولده ونشأته:
ولد سيبويه في البيضاء من كورة إصطخر بفارس من أبوين فارسيين ولا يعرف على وجه اليقين تاريخ ولادته وقد انتقل الى البصرة فتلقى العلم فيها وكانت هي والكوفة المصرين المبرزين في علوم العربية والدين ولا يعرف شيئا عن أسرته إلا ما ذكر أنه مات بين يدي أخيه ولا ندري هل انتقلت معه الى البصرة أسرته ونحن لا نرى لأبيه ذكرا ونرى بشارا يهجوه حين اشتهر أمره فيقول:
ظللت تغني سادرا في مساءتي | وأمك بالمصرين تعطي وتأخذ |
أمن حلم أصبحت تنكت واجما | وقد تعتري الأحلام من كان نائما |
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره | ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما |
122
الإعراب:
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) الفاء عاطفة وخلف فعل ماض ومن بعدهم حال وخلف فاعل وجملة أضاعوا الصلاة صفة لخلف واتبعوا الشهوات عطف على أضاعوا الصلاة والفاء الفصيحة أي إن شئت أن تعلم عاقبتهم، وسوف حرف استقبال ويلقون فعل مضارع وفاعل وغيا مفعول به.
(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) إلا أداة استثناء و «من» إن جعلنا الاستثناء منقطعا كانت إلا بمعنى لكن ومن مستثنى واجب النصب ووجه الانقطاع أن المستثنى منه كفار والمستثنى مؤمنون وهذا اختيار الزجاج واختار أبو حيان الاتصال وربما كان أظهر لأنه خطاب صالح لكل أمة وفيها من آمن ومن كفر وعلى كل حال هو واجب النصب لأن الكلام تام موجب، وجملة تاب صلة وآمن عطف على تاب وعمل عطف أيضا وصالحا يجوز أن يكون مفعولا به وأن يكون مفعولا مطلقا أي عملا صالحا، فأولئك الفاء الفصيحة وأولئك مبتدأ وجملة يدخلون خبر والجنة مفعول به على السعة ولا يظلمون عطف على يدخلون وشيئا مفعول مطلق ولك أن تجعله مفعولا ثانيا بتضمين يظلمون معنى ينقصون. (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) جنات بدل من الجنة وعدن مضاف إليه من عدن بالمكان أي أقام وقد جرى مجرى العلم ولذلك ساغ وصفها بالتي والتي صفة لجنات عدن وجملة وعد صلة والرحمن فاعل وعد وعباده مفعول وبالغيب حال من عباده أي من المفعول والمعنى غائبة عنهم لا يشاهدونها ويحتمل أن يكون حالا من ضمير الجنة وهو الضمير العائد على الموصول أي وعدها وهم غائبون عنها لا يرونها.
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) الفاء عاطفة وخلف فعل ماض ومن بعدهم حال وخلف فاعل وجملة أضاعوا الصلاة صفة لخلف واتبعوا الشهوات عطف على أضاعوا الصلاة والفاء الفصيحة أي إن شئت أن تعلم عاقبتهم، وسوف حرف استقبال ويلقون فعل مضارع وفاعل وغيا مفعول به.
(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) إلا أداة استثناء و «من» إن جعلنا الاستثناء منقطعا كانت إلا بمعنى لكن ومن مستثنى واجب النصب ووجه الانقطاع أن المستثنى منه كفار والمستثنى مؤمنون وهذا اختيار الزجاج واختار أبو حيان الاتصال وربما كان أظهر لأنه خطاب صالح لكل أمة وفيها من آمن ومن كفر وعلى كل حال هو واجب النصب لأن الكلام تام موجب، وجملة تاب صلة وآمن عطف على تاب وعمل عطف أيضا وصالحا يجوز أن يكون مفعولا به وأن يكون مفعولا مطلقا أي عملا صالحا، فأولئك الفاء الفصيحة وأولئك مبتدأ وجملة يدخلون خبر والجنة مفعول به على السعة ولا يظلمون عطف على يدخلون وشيئا مفعول مطلق ولك أن تجعله مفعولا ثانيا بتضمين يظلمون معنى ينقصون. (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) جنات بدل من الجنة وعدن مضاف إليه من عدن بالمكان أي أقام وقد جرى مجرى العلم ولذلك ساغ وصفها بالتي والتي صفة لجنات عدن وجملة وعد صلة والرحمن فاعل وعد وعباده مفعول وبالغيب حال من عباده أي من المفعول والمعنى غائبة عنهم لا يشاهدونها ويحتمل أن يكون حالا من ضمير الجنة وهو الضمير العائد على الموصول أي وعدها وهم غائبون عنها لا يرونها.
123
(إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) إن واسمها والضمير يعود على الله تعالى أي الرحمن والمعنى أن الرحمن كان وعده مأتيا أو انه ضمير الشأن لأنه مقام تعظيم وتفخيم والجملة تعليلية مستأنفة وجملة كان خبر إن واسم كان يعود على الله تعالى أيضا ووعده بدلا من ذلك الضمير بدل اشتمال ومأتيا خبرها ويجوز أن لا يكون فيها ضمير، ووعده اسمها ومأتيا خبرها واختار الجلال وشراحه أن يكون مآتيا مفعول بمعنى فاعل أي آتيا ولم يرتضه الزمخشري فإنه قال: «قيل في مأتيا مفعول بمعنى فاعل والوجه أن الوعد هو الجنة وهم يأتونها» والحقّ مع الزمخشري لأن ما تأتيه فهو يأتيك فلا موجب للتأويل. (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) الجملة حال من جنات عدن ولا نافية ويسمعون فعل مضارع والواو فاعل وفيها متعلقان بمحذوف حال أي حالة كونهم في الجنة ولغوا مفعول به أي مالا طائل تحته من الكلام وهو ما يشقشق به أكثر الناس في مجالسهم من ثلب للآخرين وتدخل في شؤون الناس أو من حديث تافه أشبه بالفضول، وإلا أداة حصر وسلاما بدل من لغوا أو يحمل على الاستثناء المنقطع وسيأتي تفصيل ذلك في باب البلاغة ولهم خبر مقدم ورزقهم مبتدأ مؤخر وفيها حال وبكرة ظرف متعلق بمعنى الاستقرار المستكن في الخبر المقدم وعشيا عطف على بكرة. (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) اسم الاشارة مبتدأ والجنة خبر والتي صفة للجنة وجملة نورث صلة ومن اسم موصول مفعول نورث وجملة كان صلة واسم كان مستتر تقديره هو وجملة تقيا خبر كان.
البلاغة:
١- توكيد المديح بما يشبه الذم وعكسه:
في قوله تعالى «لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً» فن رفيع من
البلاغة:
١- توكيد المديح بما يشبه الذم وعكسه:
في قوله تعالى «لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً» فن رفيع من
124
فنون البلاغة وهو توكيد المدح بما يشبه الذم وقد سبقت الاشارة اليه في المائدة ولم نقسمه آنذاك فنقول انه ينقسم الى نوعين:
آ- أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح لذلك الشيء بتقدير دخولها في صفة الذم المنفية ومنه قول النابغة الذبياني:
فقد جعل الفلول عيبا على سبيل التجوز بتا لنفي العيب بالكلية كأنه يقول: إن كان فلول السيف من القراع عيبا فانهم ذوو عيب معناه إن لم يكن عيبا فليس فيهم عيب البتة لأنه لا شيء سوى هذا فهو بعد هذا التجوز والفرض استثناء متصل.
ب- ان تثبت لشيء صفة مدح وتعقب ذلك بأداة استثناء يليها صفة مدح أخرى لذلك الشيء نحو: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وقال النابغة أيضا:
وأصل الاستثناء في هذا الضرب أن يكون منقطعا لكنه لم يقدّر متصلا بل بقي على حاله من الانقطاع لأنه ليس في هذا الضرب صفة ذم منفية عامة يمكن تقدير دخول صفة المدح فيها فحينئذ لا يستفاد التوكيد فيه إلا من الوجه الثاني من الوجهين المذكورين في الضرب الاول ولهذا كان الضرب الاول أبلغ لإفادته التأكيد من الوجهين.
إذا عرفت هذا فاعلم أن في الآية الكريمة: «لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما» ثلاثة أوجه:
آ- أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح لذلك الشيء بتقدير دخولها في صفة الذم المنفية ومنه قول النابغة الذبياني:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم | بهن فلول من قراع الكتائب |
ب- ان تثبت لشيء صفة مدح وتعقب ذلك بأداة استثناء يليها صفة مدح أخرى لذلك الشيء نحو: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وقال النابغة أيضا:
فتى كملت أوصافه غير أنه | جواد فما يبقي على المال باقيا |
إذا عرفت هذا فاعلم أن في الآية الكريمة: «لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما» ثلاثة أوجه:
125
آ- أن يكون معناه إن كان تسليم بعضهم على بعض أو تسليم الملائكة لغوا فلا يسمعون لغوا إلا ذلك وهو بهذا من وادي قول النابغة:
ب- انهم لا يسمعون فيها إلا قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة وهذا يتعين فيه الاستثناء المنقطع.
ج- ان معنى السلام هو الدعاء بالسلامة وهي دار السلامة وأهلها أغنياء عن الدعاء بالسلامة فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث لولا ما فيه من فائدة الإكرام، ففي الوجه الاول والثالث يتعين الاتصال في الاستثناء أما الأول فلجعل ذلك لغوا على سبيل التجوز والفرض وأما الثاني فواضح لأنه فيه اطلاق اللغو على السلام وأما الثالث فلحمل الكلام على ظاهره من دون تجوز أو فرض.
٢- التشبيه التمثيلي البليغ:
وذلك في قوله تعالى «تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا» فقد شبه عطاء الجنة لهم بالعطاء الذي لا يرد وهو الميراث الذي يرثه الوارث فلا يرجع فيه المورث أي نبقيها عليهم من ثمرة تقواهم كما يبقى على الوارث مال مورثه والوارثة أقوى لفظ يستعمل في التمليك والاستحقاق من حيث أنها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا تبطل برد ولا إسقاط والإرث في اللغة البقاء، قال عليه الصلاة والسلام: «إنكم على إرث من إرث أبيكم ابراهيم» أي على بقية من
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم | بهن فلول من قراع الكتائب |
ج- ان معنى السلام هو الدعاء بالسلامة وهي دار السلامة وأهلها أغنياء عن الدعاء بالسلامة فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث لولا ما فيه من فائدة الإكرام، ففي الوجه الاول والثالث يتعين الاتصال في الاستثناء أما الأول فلجعل ذلك لغوا على سبيل التجوز والفرض وأما الثاني فواضح لأنه فيه اطلاق اللغو على السلام وأما الثالث فلحمل الكلام على ظاهره من دون تجوز أو فرض.
٢- التشبيه التمثيلي البليغ:
وذلك في قوله تعالى «تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا» فقد شبه عطاء الجنة لهم بالعطاء الذي لا يرد وهو الميراث الذي يرثه الوارث فلا يرجع فيه المورث أي نبقيها عليهم من ثمرة تقواهم كما يبقى على الوارث مال مورثه والوارثة أقوى لفظ يستعمل في التمليك والاستحقاق من حيث أنها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا تبطل برد ولا إسقاط والإرث في اللغة البقاء، قال عليه الصلاة والسلام: «إنكم على إرث من إرث أبيكم ابراهيم» أي على بقية من
126
بقايا شريعته والوارث الباقي من أسماء الله تعالى أي الباقي بعد فناء خلقه وهو في الشرع انتقال مال الغير الى الغير على سبيل الخلافة.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٤ الى ٦٥]
وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)
الإعراب:
(وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) الجملة مستأنفة مسوقة لحكاية قول جبريل حيث استبطأه الرسول عليه السلام لما سئل عن قصة أهل الكهف وذي القرنين والروح ولم يدر ما يجيب، كما تقدم، فأبطأ عليه خمسة عشر يوما وقيل أربعين حتى قال المشركون: ودعه ربه وقلاه، فالواو استئنافية وما نافية وتتنزل فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن وإلا بأمر ربك استثناء من أعم الأحوال فإلا أداة حصر وبأمر متعلقان بمحذوف حال فالتنزل نزول فيه إبطاء أو بمعنى النزول على الإطلاق، قال الشاعر:
وهذا البيت لرجل من عبد القيس يمدح الملك النعمان بن المنذر وقيل لأبي وجرة يمدح عبد الله بن الزبير وقبله:
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٤ الى ٦٥]
وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)
الإعراب:
(وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) الجملة مستأنفة مسوقة لحكاية قول جبريل حيث استبطأه الرسول عليه السلام لما سئل عن قصة أهل الكهف وذي القرنين والروح ولم يدر ما يجيب، كما تقدم، فأبطأ عليه خمسة عشر يوما وقيل أربعين حتى قال المشركون: ودعه ربه وقلاه، فالواو استئنافية وما نافية وتتنزل فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن وإلا بأمر ربك استثناء من أعم الأحوال فإلا أداة حصر وبأمر متعلقان بمحذوف حال فالتنزل نزول فيه إبطاء أو بمعنى النزول على الإطلاق، قال الشاعر:
فلست لإنسيّ ولكن لملأك | تنزل من جو السماء يصوب |
127
تعاليت ان تعزى الى الانس جلة | وللإنس من يعزوك فهو كذوب |
(لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ) له خبر مقدم وما موصول مبتدأ مؤخر والجملة حال من ربك والظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول وأيدينا مضافة للظرف وما خلفنا عطف على ما بين أيدينا وما بين ذلك عطف أيضا. (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) الواو حرف عطف وما نافية وكان واسمها وخبرها. (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) رب السموات والأرض خبر لمبتدأ محذوف أي هو رب السموات والأرض ويجوز أن يعرب بدلا من ربك. (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) الفاء هي الفصيحة ولا حاجة لتأويل الكلام بجعلها عاطفة من باب عطف الإنشاء على الخبر أي إذا عرفت ربوبيته الكاملة فاعبده واصطبر عطف على اعبده ولعبادته متعلقان باصطبر وقد أحسن الزمخشري في الفهم حيث جعل العبادة بمنزلة القرن تقول للمحارب اصطبر لقرنك أي اثبت له فيما يورد عليك من شداته وصولاته والمراد لا تضق ذرعا ولا تهن قوة إذا تأخر عنك الوحي ولا تبتئس لشماتة الكافرين فما هي إلا غمرة ثم تنجلي، وظلمة ثم تنحسر وهل حرف
128
استفهام معناه النفي وتعلم فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنت وسميا مفعول به والسمي هو الشريك في الاسم.
الفوائد:
عطف الإنشاء على الخبر وبالعكس:
منعه البيانيون وبعض النحاة وأجازه بعض النحاة قال أبو حيان:
وأجاز سيبويه ذلك واستدل بقول امرئ القيس:
فجملة إن شفائي إلخ خبرية وجملة وهل عند رسم إلخ جملة انشائية عطفا على الخبرية وقول الآخر:
وقول الآخر:
ورد ابن هشام هذه الأقوال فقال ردا على أبي حيان: «وأما ما نقله أبو حيان عن سيبويه فغلط عليه وأما بيت امرئ القيس فالاستفهام خرج معناه الى النفي كما ذكرنا، وأما قوله فانكح فتاتهم فهو معطوف على فعل أمر محذوف مفهوم من المبتدأ أي تنبه لخولان وأما وكحل مآقيك إلخ فيتوقف على النظر فيما قبله من الأبيات وقد
الفوائد:
عطف الإنشاء على الخبر وبالعكس:
منعه البيانيون وبعض النحاة وأجازه بعض النحاة قال أبو حيان:
وأجاز سيبويه ذلك واستدل بقول امرئ القيس:
وإن شفائي عبرة مهراقة | وهل عند رسم دارس من معول |
تناغي غزالا عند باب ابن عامر | وكحّل مآقيك الحسان بإثمد |
وقائلة خولان فانكح فتاتهم | وأكرومة الحيين خلوكما هيا |
129
يكون معطوفا على أمر مقدر يدل على المعنى أي فافعل كذا وكحل كما قيل في لأرجمنك واهجرني ان التقدير فاحذرني واهجرني مليا لدلالة لأرجمنك.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٦ الى ٧٢]
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠)
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢)
اللغة:
(جِثِيًّا) : بضم الجيم وكسرها وبهما قرئ جمع جاث من جثا يجثو أجثى ويجثي لغتان: أي جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه فهو جاث.
(صِلِيًّا) : بكسر الصاد وضمها وبهما قرئ مصدر صلي بكسر اللام وفتحها النار أي دخلها.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٦ الى ٧٢]
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠)
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢)
اللغة:
(جِثِيًّا) : بضم الجيم وكسرها وبهما قرئ جمع جاث من جثا يجثو أجثى ويجثي لغتان: أي جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه فهو جاث.
(صِلِيًّا) : بكسر الصاد وضمها وبهما قرئ مصدر صلي بكسر اللام وفتحها النار أي دخلها.
130
الإعراب:
(وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) الواو استئنافية ويقول الإنسان فعل مضارع وفاعل وأل فيه للجنس والهمزة للاستفهام بمعنى النفي وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بفعل محذوف دل عليه قوله لسوف أخرج لأن اللام تمنع من تعليقه بأخرج المذكورة لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها وما زائدة وجملة مت صلة واللام لام الابتداء وسوف حرف استقبال واخرج فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره أنا وحيا حال وساغ اجتماع اللام وهي نمحض الفعل للحال وسوف وهي تمحضه للاستقبال ان اللام هنا لمجرد التوكيد وإنما جردت اللام من معناها لتلائم سوف دون أن تجرد سوف من معناها لتلائم اللام لأنه لو عكس هذا للغت سوف إذ لا معنى لها سوى الاستقبال وأما اللام فانها إذا جردت من الحال بقي لها التوكيد فلم تلغ. (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) أولا: الهمزة للاستفهام الانكاري والواو عاطفة ولا نافية ويذكر فعل مضارع معطوف على يقول ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف والإنسان فاعل وأنّا: ان واسمها وجملة خلقناه خبر أنا وان وما بعدها في تأويل مصدر مفعول يذكر ومن قبل الجار والمجرور متعلقان بيذكر ولم الواو حالية ولم حرف نفي وقلب وجزم ويك فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون المقدر على النون المحذوفة للتخفيف واسمها ضمير مستتر تقديره هو، وشيئا خبر يك والمضاف الى قبل محذوف تقديره قبل الحالة التي هو فيها وهي حالة بقائه وقدره بعضهم قبل بعثه. (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) الفاء عاطفة والواو للقسم وربك مجرور بواو القسم وهما متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم وفائدة هذا القسم سترد في باب البلاغة
(وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) الواو استئنافية ويقول الإنسان فعل مضارع وفاعل وأل فيه للجنس والهمزة للاستفهام بمعنى النفي وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بفعل محذوف دل عليه قوله لسوف أخرج لأن اللام تمنع من تعليقه بأخرج المذكورة لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها وما زائدة وجملة مت صلة واللام لام الابتداء وسوف حرف استقبال واخرج فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره أنا وحيا حال وساغ اجتماع اللام وهي نمحض الفعل للحال وسوف وهي تمحضه للاستقبال ان اللام هنا لمجرد التوكيد وإنما جردت اللام من معناها لتلائم سوف دون أن تجرد سوف من معناها لتلائم اللام لأنه لو عكس هذا للغت سوف إذ لا معنى لها سوى الاستقبال وأما اللام فانها إذا جردت من الحال بقي لها التوكيد فلم تلغ. (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) أولا: الهمزة للاستفهام الانكاري والواو عاطفة ولا نافية ويذكر فعل مضارع معطوف على يقول ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف والإنسان فاعل وأنّا: ان واسمها وجملة خلقناه خبر أنا وان وما بعدها في تأويل مصدر مفعول يذكر ومن قبل الجار والمجرور متعلقان بيذكر ولم الواو حالية ولم حرف نفي وقلب وجزم ويك فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون المقدر على النون المحذوفة للتخفيف واسمها ضمير مستتر تقديره هو، وشيئا خبر يك والمضاف الى قبل محذوف تقديره قبل الحالة التي هو فيها وهي حالة بقائه وقدره بعضهم قبل بعثه. (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) الفاء عاطفة والواو للقسم وربك مجرور بواو القسم وهما متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم وفائدة هذا القسم سترد في باب البلاغة
131
واللام واقعة في جواب القسم ونحشرنهم فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن والهاء مفعول به والشياطين عطف على الهاء أو الواو بمعنى مع والشياطين مفعول معه. (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) ثم حرف عطف للتراخي ولنحضرنهم عطف على لنحشرنهم وحول ظرف مكان متعلق بنحضرنهم وجهنم مضاف اليه وجثيا حال. (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) ثم لننزعن عطف على لنحضرنهم ومن كل شيعة متعلقان بننزعن وأيهم اسم موصول بمعنى الذي وحركتها عند سيبويه حركة بناء لخروجها عن النظائر أي لأنها أضيفت وحذف صدر صلتها وهي في محل نصب مفعول به لننزعن وأشد خبر لمبتدأ محذوف والجملة صلة أي وعتيا تمييز وعلى الرحمن متعلقان بأشد أو بمحذف حال وسيأتي مزيد بحث في هذه الآية في باب الفوائد. (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا) ثم حرف عطف للترتيب والتراخي واللام للابتداء ونحن مبتدأ وأعلم خبر وبالذين متعلقان بأعلم وهم مبتدأ وأولى خبر والجملة صلة وبها متعلقان بأولى وصليا تمييز وقيل صليا جمع صال فانتصب على الحال وفي التمييز فائدة وهي التخصيص بشدة العذاب لا التخصيص بأصل العذاب لاشتراكهم فيه. (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) الواو عاطفة وإن نافية ومنكم صفة لمبتدأ محذوف تقديره أحد أي ما منكم أحد وإلا أداة حصر وواردها خبر وكان فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو أي الورود وحتما خبرها ومقضيا صفة لحتما. (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) ثم ننجي عطف على ما تقدم وفاعل ننجي مستتر تقديره نحن والذين موصول مفعول واتقوا صلة ونذر عطف على ننجي والفاعل مستتر تقديره نحن والظالمين مفعول به وفيها متعلقان بنذر أو
132
بجثيا ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من جثيا لأنه في الأصل صفة لنكرة قدم عليها فنصب على الحال، وجثيا حال أو تجعلها مفعولا ثانيا لنذر أي نتركهم فيها جثيا.
البلاغة:
١- فن القسم:
في قوله تعالى «فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ» فن القسم وهو أن يريد المتكلم الحلف على شيء فيحلف بما يكون فيه فخر له وتعظيم لشأنه أو تنويه لقدره أو ما يكون ذما لغيره أو جاريا مجرى الغزل والترقق أو خارجا مخرج الموعظة والزهد فقد أفاد القسم هنا أمران أحدهما أن العادة جرت بتأكيد الخبر باليمين والثاني أن في إقسام الله تعالى باسمه مضافا الى رسوله ﷺ رفعا منه لقدره وتنويها بشأنه كما رفع من شأن السماء والأرض في قوله «فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ» وسيأتي تحقيق ذلك في مواضعه.
وقد توسّع الشعراء في القسم لأن فيه حلاوة ورفعا لشأن المتغزل به، وما ألطف قول عبد المحسن الصوري وهو من أبرع ما سمغنا:
يا غزالا قد رمى باللحظ... قلبي فأصابا
بالذي ألهم تعذيبي... ثناياك العذابا
والذي ألبس خديك... من الورد نقابا
والذي أودع في فيك من الشهد شرابا
والذي صيّر حظي... منك هجرا واجتنابا
البلاغة:
١- فن القسم:
في قوله تعالى «فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ» فن القسم وهو أن يريد المتكلم الحلف على شيء فيحلف بما يكون فيه فخر له وتعظيم لشأنه أو تنويه لقدره أو ما يكون ذما لغيره أو جاريا مجرى الغزل والترقق أو خارجا مخرج الموعظة والزهد فقد أفاد القسم هنا أمران أحدهما أن العادة جرت بتأكيد الخبر باليمين والثاني أن في إقسام الله تعالى باسمه مضافا الى رسوله ﷺ رفعا منه لقدره وتنويها بشأنه كما رفع من شأن السماء والأرض في قوله «فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ» وسيأتي تحقيق ذلك في مواضعه.
وقد توسّع الشعراء في القسم لأن فيه حلاوة ورفعا لشأن المتغزل به، وما ألطف قول عبد المحسن الصوري وهو من أبرع ما سمغنا:
يا غزالا قد رمى باللحظ... قلبي فأصابا
بالذي ألهم تعذيبي... ثناياك العذابا
والذي ألبس خديك... من الورد نقابا
والذي أودع في فيك من الشهد شرابا
والذي صيّر حظي... منك هجرا واجتنابا
133
ما الذي قالته عينا... ك لقلبي فأجابا
ولابن خفاجة الاندلسي:
لا وسحر بين أجفانكم... فتن الحب به من فتنا
وحديث من مواعيدكم... تحسد العين عليه الأذنا
ما رحلت العيس عن أرضكم... فرأت عيناي شيئا حسنا
وبلغ العباس بن الأحنف الغاية بقوله:
واني ليرضيني قليل نوالكم... وإن كان لا أرضى لكم بقليل
بحرمة ما قد كان بيني وبينكم... من الود إلا عدتم بجميل
وأبدع أبو الطيب بقوله:
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا... والبين جار على ضعفي وما عدلا
والوجد يقوى كما تقوى النوى أبدا... والصبر ينحل في جسمي كما نحلا
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
بما بجفنيك من سحر صلي دنفا... يهوى الحياة وأما إن صددت فلا
ولابن خفاجة الاندلسي:
لا وسحر بين أجفانكم... فتن الحب به من فتنا
وحديث من مواعيدكم... تحسد العين عليه الأذنا
ما رحلت العيس عن أرضكم... فرأت عيناي شيئا حسنا
وبلغ العباس بن الأحنف الغاية بقوله:
واني ليرضيني قليل نوالكم... وإن كان لا أرضى لكم بقليل
بحرمة ما قد كان بيني وبينكم... من الود إلا عدتم بجميل
وأبدع أبو الطيب بقوله:
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا... والبين جار على ضعفي وما عدلا
والوجد يقوى كما تقوى النوى أبدا... والصبر ينحل في جسمي كما نحلا
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
بما بجفنيك من سحر صلي دنفا... يهوى الحياة وأما إن صددت فلا
134
٢- الافتنان:
وذلك في قوله تعالى «ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا» والافتنان هو أن يفتن المتكلم فيأتي في كلامه بفنين إما متضادين أو مختلفين أو متفقين والآية التي نحن بصددها جمعت بين المتضادين:
جمعت بين الوعد والوعيد، بين التبشير والتحذير وما يلزم من هذين الفنين من المدح للمختصين بالبشارة والذم لأهل النذارة وستأتي منه أمثلة عديدة في القرآن الكريم.
ومن الجمع بين المتضادين في الشعر قول عبد الله بن طاهر بن الحسين ونسبهما في الكامل لأبي دلف:
فانظر كيف جمع في هذا الشعر بين الغزل والحماسة والغزل لين والحماسة شدة وقال عنترة وأبدع:
وهذا من أحسن ما قيل في هذا الباب فإنه جمع فيه بين الغزل والحماسة والجد والهزل فأتى فيه بنادرة طريفة وطرفة غريبة حيث قال بعد وصفها بستر وجهها دونه بالقناع حتى صار ما بين بصره وبين وجهها كالليل المغدف الذي يحول بين الأبصار والمبصرات: انني طب بأخذ الفارس المستلئم يقول: إن تتبرقعي دوني فانني خبير لدربتي بالحرب بأخذ الفارس الذي سترته لأمته، وحالت دوني ودون مقاتلته فأبرز
وذلك في قوله تعالى «ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا» والافتنان هو أن يفتن المتكلم فيأتي في كلامه بفنين إما متضادين أو مختلفين أو متفقين والآية التي نحن بصددها جمعت بين المتضادين:
جمعت بين الوعد والوعيد، بين التبشير والتحذير وما يلزم من هذين الفنين من المدح للمختصين بالبشارة والذم لأهل النذارة وستأتي منه أمثلة عديدة في القرآن الكريم.
ومن الجمع بين المتضادين في الشعر قول عبد الله بن طاهر بن الحسين ونسبهما في الكامل لأبي دلف:
أحبك يا ظلوم وأنت مني | مكان الروح من جسد الجبان |
ولو أني أقول مكان روحي | خشيت عليك بادرة الطعان |
إن تغد في دوني القناع فانني | طب بأخذ الفارس المستلئم |
135
الجد في صورة الهزل فجاء في بيته مع الافتنان التندير الطريف وعبر عن معناه اللطيف بهذا اللفظ الشريف.
وجمع الحطيئة بين المدح والهجاء في بيت واحد من قصيدة يمدح بها بغيضا ويهجو الزبرقان وقد شكاه الزبرقان بسببها الى عمر بن الخطاب:
ومعنى هذا البيت لا يعرفه إلا من عرف أن عادة العرب إذا منوا على أسير أعطوه نبلا من نبلهم عليها اشارة تدلّ على أنها لأولئك القوم لا تزال في كنانته، فقال الحطيئة لهذا الممدوح الذي عناه بهذا المدح:
إن عداك لما فاخروك سلوا من كنانتهم تلك التي أعطيتها لهم حتى مننت عليهم تشهد لك بأنهم عتقاؤك فكان هذا مجدا تليدا لك لا يقدرون على جحده تثبته لك هذه النبل التي ليست بأنكاس يعني الصائبات التي لا تنكب إذا ناضلت بها عن الغرض وهذا غاية المدح للمدوح ونهاية الهجاء لعداه إذ أخبر بأنهم مع معرفتهم بفضله عليهم يفاخرونه بما إذا أظهروه أثبت له الفضل عليهم وهذا غاية الجهل منهم والغباوة.
ومن الجمع بين الهجاء والمدح أو الفخر قول أبي العلاء المعري:
وجمع الحطيئة بين المدح والهجاء في بيت واحد من قصيدة يمدح بها بغيضا ويهجو الزبرقان وقد شكاه الزبرقان بسببها الى عمر بن الخطاب:
قد ناضلونا وسلوا من كنانتهم | مجدا تليدا ونبلا غير أنكاس |
إن عداك لما فاخروك سلوا من كنانتهم تلك التي أعطيتها لهم حتى مننت عليهم تشهد لك بأنهم عتقاؤك فكان هذا مجدا تليدا لك لا يقدرون على جحده تثبته لك هذه النبل التي ليست بأنكاس يعني الصائبات التي لا تنكب إذا ناضلت بها عن الغرض وهذا غاية المدح للمدوح ونهاية الهجاء لعداه إذ أخبر بأنهم مع معرفتهم بفضله عليهم يفاخرونه بما إذا أظهروه أثبت له الفضل عليهم وهذا غاية الجهل منهم والغباوة.
ومن الجمع بين الهجاء والمدح أو الفخر قول أبي العلاء المعري:
بأي لسان ذامني متجاهل | عليّ وخفق الريح فيّ ثناء |
تكلم بالقول المضلّل حاسد | وكل كلام الحاسدين هراء |
أتمشي القوافي تحت غير لوائنا | ونحن على قوالها أمراء |
ولا سار في عرض السماوة بارق | وليس له من قومنا خفراء |
غدوت مريض العقل والدين فالقني | لتخبر أبناء العقول الصحائح |
أما الجمع بين التهنئة والتعزية فهو غريب حقا وهو يحتاج الى الكثير من شفوف الطبع ورهافة الحس للاجادة فيه ومن أجمل ما سمعنا منه مثل قول المعزّي ليزيد بن معاوية عند ما جلس في دست الخلافة وأتت الوفود مهنئة معزية بأبيه فلما اجتمعوا لم يفتح على أحد بما فتح به لهم باب القول حتى تقدم هذا المتقدم ذكره فاستأذن في الكلام فلما أذن له قال: آجرك الله يا أمير المؤمنين على الرزية وبارك الله لك في العطية فلقد رزئت عظيما وأعطيت جسيما، رزئت خليفة الله، وأعطيت خلافة الله، فاصبر على ما رزئت، واشكر على ما أعطيت وأنشد:
اصبر يزيد فقد فارفت ذا ثقة | واشكر حباء الذي بالملك أصفاكا |
لا رزء أصبح في الأقوام تعلمه | كما رزئت ولا عقبى كعقباكا |
أصبحت راعي أمور الناس كلهم | فأنت ترعاهم والله يرعاكا |
طافت أمامة بالركبان آونة | يا حسنه من قوام ما ومنتقبا |
٢- معنى التفضيل:
قيل: ما معنى التفضيل في قوله «وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا» وهل ثمة من شك وهل للمفاخر شرك في الثواب والمرد وأجيب بجوابين أو لهما انه من وجيز كلامهم يقولون الصيف أحر من الشتاء أي أبلغ في حره من الشتاء في برده وثانيهما أن اسم التفضيل ذكر على سبيل المشاكلة لكلامهم السابق وقال الشهاب في حاشيته على البيضاوي: «وهذا جواب عما تخيل كيف فضلوا عليهم في خيرية الثواب والعاقبة والتفضيل يقتضي المشاركة وهم لا ثواب لهم وعاقبتهم لا خير فيها».
144
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٧ الى ٨٤]
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١)كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)
اللغة:
(أَطَّلَعَ) أصله أاطلع حذفت همزة الوصل وبقيت همزة الاستفهام المفتوحة واطلع يتعدى بنفسه وبحرف الجر يقال اطلع الأمر وعليه: علمه ويقال أيضا: اطّلع طلمع العدو بكسر الطاء وسكون اللام عرف باطن أمرهم وقد توهم بعضهم انه لا يتعدى إلا بعلى فأعرب الغيب بنزع الخافض وإنما هو من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى الى أعلاه وطلع الثنية قال جرير:
إني إذا مضر عليّ تحدثت | لاقيت مطلع الجبال وعورا |
145
ووعورا حال يقول: إذا تقولت على مضر مالا أرتضيه أو حدثتها نفسها بقتلي تمرست بالصعاب ولا أبالي بها وسيأتي مزيد بحث عن استعمالها في الآية في باب البلاغة.
(وَنَمُدُّ) : مضارع مد الشيء يمده من باب نصر أطاله وبسطه وجذبه ومدّ الحبل فامتدّ وهذا ممدّ الحبل قال ابن مقبل:
وتمدّد الأديم وطراف ممدّد وأمد الجيش وضم إليه ألف رجل مددا وللميم مع الدال خاصة التمدد كأن أصل المادة يشمل غيرها من الفروع وهذه من ميزات لغتنا العربية الخالدة ويقال مدحه وامتدحه أطال الثناء عليه، ومدخ فلانا بالخاء المعجمة أمده بالعون خيرا كان أم شرا عمله، وتمدخ تكبر وتطاول ولا يخفى ما في الكبرياء والتطاول من تمدد وانتفاخ، ومدر المكان طاله وامتد اليه ومدر الحوض شد خصاص حجارته بالمدر وهو الطين العلك الذي لا يخالطه رمل وهو سريع الامتداد إذا طينت به الحائط أو سيعته، ومدس الجلد ونحوه دلكه ليمتد، ومدشت عينه: امتد عليها الظلام وارتخى عصبها ومدشت يده نحلت وضؤلت فظهرت للرائي ممتدة لقلة اللحم عليها. والمدش بفتحتين ظلمة تمتد على العين من جوع ورخاوة عصب اليد وتمدل بالمنديل شده على رأسه أو اعتم به وهو قريب من معنى الامتداد، ومدّن المدائن بناها ومصرها وجدد بناءها فامتدت عرضا وطولا والمدينة مجتمع بيوت زادت وامتدت فسميت مدينة ومنها سميت مدينة بيثرب ومدينة السلام أي بغداد والمدائن مدينة قرب بغداد كان فيها إيوان كسرى وسميت بالجمع لكبرها وامتدادها وفيها يقول البحتري سينيته ويشير إليها بقوله:
(وَنَمُدُّ) : مضارع مد الشيء يمده من باب نصر أطاله وبسطه وجذبه ومدّ الحبل فامتدّ وهذا ممدّ الحبل قال ابن مقبل:
وللشمس أسباب كأن شعاعها | ممدّ حبال في خباء مطنّب |
146
حضرت رحلي الهموم فوجهت الى أبيض المدائن عنسي
ومدهه أي مدحه وقد تقدم والمدى الغاية الطويلة الممتدة وأمدى فلانا وماداه أمهله وأمدى الرجل تقدمت به السن وامتدت وتمادى في عيه دام على فعله وامتد في فجوره والمدية بضم الميم الشفرة الكبيرة الممتدة وهذا من غريب أمر لغتنا الشريفة.
(وَنَرِثُهُ) : أي نسلبه منه ونأخذه بأن نخرجه من الدنيا خاليا من ذلك والمراد نزوي عنه ما يقوله من أنه سيناله في الآخرة.
(تَؤُزُّهُمْ) : الأز: الاستفزاز والتهيج وشدة الإزعاج وهذه من أغراب مواد اللغة العربية كلها تدل على هذا المعنى والأز أيضا شدة الصوت ومنه أز المرجل أزا وأزيزا أي غلا واشتد غليانه حتى سمع له صوت وفي الحديث «فكان له أزيز» وفي القاموس: وأزّت القدر تؤز بالضم وتئز بالكسر أزا وأزيزا وأزازا بالفتح اشتد غليانها وأز النار أوقدها وأز الشيء حركه شديدا» وفي اللسان والأساس وغيرهما:
هالني أزيز الرعد وصدّعني أزيز الرحى وهزيزها وأزه على كذا:
أغراه به وحمله عليه بإزعاج وهو يأتز من كذا: يمتعض منه وينزعج وتأزر المجلس هاج بمن فيه جميع ذلك يدل على الحركة والانزعاج، وأزب الماء يأزب بالضم والكسر جرى مسرعا والميزاب مجرى الماء والجمع مآزيب، وأزج البيت بناه طولا وعرضا، وأزحت قدمه زلت، وأزر يأزر بالكسر بالشيء أحاط به والنبات التف وآزره مؤازرة عاونه وبادر الى إغاثته والأزر القوة والظهر يقال شد به أزره أي ظهره والمئزر معروف ويقال شد للأمر مئزره إذا تشمر له وسارع اليه. وأزف
أتسلى عن الهموم وآسى | لمحلّ من آل ساسان درس |
(وَنَرِثُهُ) : أي نسلبه منه ونأخذه بأن نخرجه من الدنيا خاليا من ذلك والمراد نزوي عنه ما يقوله من أنه سيناله في الآخرة.
(تَؤُزُّهُمْ) : الأز: الاستفزاز والتهيج وشدة الإزعاج وهذه من أغراب مواد اللغة العربية كلها تدل على هذا المعنى والأز أيضا شدة الصوت ومنه أز المرجل أزا وأزيزا أي غلا واشتد غليانه حتى سمع له صوت وفي الحديث «فكان له أزيز» وفي القاموس: وأزّت القدر تؤز بالضم وتئز بالكسر أزا وأزيزا وأزازا بالفتح اشتد غليانها وأز النار أوقدها وأز الشيء حركه شديدا» وفي اللسان والأساس وغيرهما:
هالني أزيز الرعد وصدّعني أزيز الرحى وهزيزها وأزه على كذا:
أغراه به وحمله عليه بإزعاج وهو يأتز من كذا: يمتعض منه وينزعج وتأزر المجلس هاج بمن فيه جميع ذلك يدل على الحركة والانزعاج، وأزب الماء يأزب بالضم والكسر جرى مسرعا والميزاب مجرى الماء والجمع مآزيب، وأزج البيت بناه طولا وعرضا، وأزحت قدمه زلت، وأزر يأزر بالكسر بالشيء أحاط به والنبات التف وآزره مؤازرة عاونه وبادر الى إغاثته والأزر القوة والظهر يقال شد به أزره أي ظهره والمئزر معروف ويقال شد للأمر مئزره إذا تشمر له وسارع اليه. وأزف
147
يأزف بالفتح أزفا وأزوفا اقترب وأزف الرجل عجل وآزفه إنزافا أعجله وأزفت الآزفة اقتربت القيامة وفلان يمشي الأزفى بثلاث حركات أي يمشي سريعا، والمأزق المضيق وموضع الحرب، وأزل يأزل وقع في ضيق وشدة، وأزمه أزما وأزوما عضه والحبل أحكم فتله وتأزم القوم أصابتهم أزمة والأزمة بفتح الهمزة وسكون الزاي والآزمة الشدة والضيقة وأزمى الرجل حاذاه وداناه وجلس ازاءه أي أمامه وفي كل ذلك ما يدل على الحركة وحرف الزاي اجمالا يدل على ذلك وما هو قريب منه وسيأتيك ما هو معجب من غريب أمره.
(وَوَلَداً) : الولد اسم مفرد قائم مقام الجمع والولد بضم الواو وسكون وقد قرئ بها بمعنى الولد فهما لغتان وقيل بل هي جمع لولد نحو أسد وأسد وعرب وعرب.
الإعراب:
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً) الهمزة للاستفهام التعجبي والفاء على حالها من التعقيب كأنه قال أخبرك أيضا بقصة هذا الكافر عقب حديث أولئك ورأيت هنا بمعنى أخبرني وقد تقدم بحثها مفصلا والذي هو مفعولها الأول وجملة كفر بآياتنا صلة وقال عطف على كفر، لأوتين اللام جواب لقسم مقدر ونائب الفاعل مضمر تقديره أنا وما لا مفعول به ثان لأوتين وولدا عطف على ما لا. (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) الهمزة للاستفهام واطلع فعل ماض وفاعله هو يعود على الكافر قيل هو العاصي بن وائل وستأتي قصته في باب الفوائد وأم حرف عطف معادل للهمزة واتخذ فعل ماض وفاعله مستتر يعود عليه وعند الرحمن مفعول به ثان لاتخذ وعهدا مفعول به أول.
(وَوَلَداً) : الولد اسم مفرد قائم مقام الجمع والولد بضم الواو وسكون وقد قرئ بها بمعنى الولد فهما لغتان وقيل بل هي جمع لولد نحو أسد وأسد وعرب وعرب.
الإعراب:
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً) الهمزة للاستفهام التعجبي والفاء على حالها من التعقيب كأنه قال أخبرك أيضا بقصة هذا الكافر عقب حديث أولئك ورأيت هنا بمعنى أخبرني وقد تقدم بحثها مفصلا والذي هو مفعولها الأول وجملة كفر بآياتنا صلة وقال عطف على كفر، لأوتين اللام جواب لقسم مقدر ونائب الفاعل مضمر تقديره أنا وما لا مفعول به ثان لأوتين وولدا عطف على ما لا. (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) الهمزة للاستفهام واطلع فعل ماض وفاعله هو يعود على الكافر قيل هو العاصي بن وائل وستأتي قصته في باب الفوائد وأم حرف عطف معادل للهمزة واتخذ فعل ماض وفاعله مستتر يعود عليه وعند الرحمن مفعول به ثان لاتخذ وعهدا مفعول به أول.
148
(كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) كلا حرف ردع وزجر وفيها أقوال كثيرة سنوردها في باب الفوائد وسنكتب فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن وصدره بالسين من باب ما يقوله المتوعد لخصمه سوف أنتقم منك يعني لا تغتر بطول الزمان فإن الانتقام آتيك أو سنظهر له ونعلمه أنا كتبنا، وما مفعول به وجملة يقول صلة ونمد عطف على نكتب وله متعلقان بنمد ومن العذاب حال لأنه كان صفة لمدا ومدا مفعول مطلق أو مفعول به ان كان بمعنى المدد.
(وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً) ونرثه عطف على نمد والفاعل نحن والهاء منصوب بنزع الخافض وما مفعول به والتقدير ونرث منه ما يقوله ويجوز أن تكون الهاء هي المفعول به وما بدل اشتمال من الهاء والمعنى نرث ما عنده من المال والأهل والولد وجملة يقول صلة ويأتينا عطف على ما تقدم والفاعل مستتر تقديره هو ونا ضمير فصل فاعل وفردا حال (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) واتخذوا فعل وفاعل وحذف المفعول الأول وهي الأوثان المفهومة من سياق الحديث ومن دون الله حال وآلهة هي المفعول الثاني، ليكونوا اللام لام التعليل ويكونوا فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد اللام والواو اسمها ولهم حال وعزا خبر يكونوا. (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) كلا تقدم أنها حرف ردع وزجر لتعززهم بها سيكفرون فعل مضارع مرفوع وبعبادتهم متعلقان بيكفرون أي سيجحدون عبادتها وينكرونها، فالمصدر أضيف الى مفعوله ويكونون عطف على يكفرون والواو اسمها وعليهم حال وضدا خبر يكونون ووحّده وهم جمع لمحا لأصله لأنه في الأصل مصدر والمصادر لا تثنى ولا تجمع أو لأنه مفرد في معنى الجمع وللزمخشري في توحيد الضد كلام حسن سننقله في باب البلاغة. (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى
(وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً) ونرثه عطف على نمد والفاعل نحن والهاء منصوب بنزع الخافض وما مفعول به والتقدير ونرث منه ما يقوله ويجوز أن تكون الهاء هي المفعول به وما بدل اشتمال من الهاء والمعنى نرث ما عنده من المال والأهل والولد وجملة يقول صلة ويأتينا عطف على ما تقدم والفاعل مستتر تقديره هو ونا ضمير فصل فاعل وفردا حال (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) واتخذوا فعل وفاعل وحذف المفعول الأول وهي الأوثان المفهومة من سياق الحديث ومن دون الله حال وآلهة هي المفعول الثاني، ليكونوا اللام لام التعليل ويكونوا فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد اللام والواو اسمها ولهم حال وعزا خبر يكونوا. (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) كلا تقدم أنها حرف ردع وزجر لتعززهم بها سيكفرون فعل مضارع مرفوع وبعبادتهم متعلقان بيكفرون أي سيجحدون عبادتها وينكرونها، فالمصدر أضيف الى مفعوله ويكونون عطف على يكفرون والواو اسمها وعليهم حال وضدا خبر يكونون ووحّده وهم جمع لمحا لأصله لأنه في الأصل مصدر والمصادر لا تثنى ولا تجمع أو لأنه مفرد في معنى الجمع وللزمخشري في توحيد الضد كلام حسن سننقله في باب البلاغة. (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى
149
الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)
ألم الهمزة للاستفهام التقريري ولم حرف نفي وقلب وجزم وتر فعل مضارع مجزوم بلم وفاعله أنت وأن وما في حيزها سدت مسد مفعولي تر وأن واسمها وجملة أرسلنا خبرها والشياطين مفعول به وجملة تؤزهم حالية وأزا مفعول مطلق. (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) الفاء الفصيحة أي إن عرفت هذا كله فلا تعجل وعليهم متعلقان بتعجل وإنما كافة ومكفوفة وجملة نعد لهم حالية وعدا مفعول مطلق.
البلاغة:
١- الاستعارة المكنية:
١- الاستعارة المكنية في قوله «اطلع الغيب» فقد شبه الغيب المجهول الملثم بالاسرار بجبل شامخ الذرا لا يرقى الطير الى مداه فهو مجهول تتحطم عليه آمال الذين يريدون استشفاف آفاقه وادراك تهاويله ثم حذف الجبل أي المشبه به وأخذ شيئا من خصائصه ولوازمه وهو الاطلاع والارتقاء واستشراف مغيباته والغرض من هذه الاستعارة السخرية البالغة كأنه يقول أو بلغ هذا مع حقارته وتفاهة أمره وصغار شأنه أن ارتقى الى الغيب المحجب بالاسرار المطلسم بالخفاء؟
٢- توحيد الضد:
قال الزمخشري: «فإن قلت: لم وحّد؟ قلت وحّد توحيد قوله عليه الصلاة والسلام «وهم يد على من سواهم» لاتفاق كلمتهم وانهم كشيء واحد لفرط تضامنهم وتوافقهم» والواو في يكفرون يجوز أن تعود على الآلهة أي يجحدون عبادتهم لها أو للمشركين أي ينكرونها لسوء المغبة والمصير.
ألم الهمزة للاستفهام التقريري ولم حرف نفي وقلب وجزم وتر فعل مضارع مجزوم بلم وفاعله أنت وأن وما في حيزها سدت مسد مفعولي تر وأن واسمها وجملة أرسلنا خبرها والشياطين مفعول به وجملة تؤزهم حالية وأزا مفعول مطلق. (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) الفاء الفصيحة أي إن عرفت هذا كله فلا تعجل وعليهم متعلقان بتعجل وإنما كافة ومكفوفة وجملة نعد لهم حالية وعدا مفعول مطلق.
البلاغة:
١- الاستعارة المكنية:
١- الاستعارة المكنية في قوله «اطلع الغيب» فقد شبه الغيب المجهول الملثم بالاسرار بجبل شامخ الذرا لا يرقى الطير الى مداه فهو مجهول تتحطم عليه آمال الذين يريدون استشفاف آفاقه وادراك تهاويله ثم حذف الجبل أي المشبه به وأخذ شيئا من خصائصه ولوازمه وهو الاطلاع والارتقاء واستشراف مغيباته والغرض من هذه الاستعارة السخرية البالغة كأنه يقول أو بلغ هذا مع حقارته وتفاهة أمره وصغار شأنه أن ارتقى الى الغيب المحجب بالاسرار المطلسم بالخفاء؟
٢- توحيد الضد:
قال الزمخشري: «فإن قلت: لم وحّد؟ قلت وحّد توحيد قوله عليه الصلاة والسلام «وهم يد على من سواهم» لاتفاق كلمتهم وانهم كشيء واحد لفرط تضامنهم وتوافقهم» والواو في يكفرون يجوز أن تعود على الآلهة أي يجحدون عبادتهم لها أو للمشركين أي ينكرونها لسوء المغبة والمصير.
150
الفوائد:
أوجه كلّا:
للنحاة في هذه اللفظة مذاهب ستة:
١- مذهب جمهور البصريين كالخليل وسيبويه وأبي الحسن الأخفش وأبي العباس المبرد أنها حرف ردع وزجر وهذا معنى لائق بها حيث وقعت في القرآن الكريم وقد زجر بها العشاق لائميهم فقال أحدهم وهو عروة بن أذينة على الأرجح:
يقلن لقد بكيت فقلت: كلّا... وهل يبكي من الطرب الجليد؟
ولكن أصاب سواد عيني... عويد قذى له طرف حديد
فقلن فما لدمعهما سواء... أكلتا مقلتيك أصاب عود؟
٢- مذهب النضر بن شميل أنها حرف تصديق بمعنى نعم فتكون جوابا ولا بد حينئذ من شيء يتقدمها لفظا أو تقديرا.
٣- مذهب الكسائي وأبي بكر بن الأنباري ونصر بن يوسف وابن واصل انها بمعنى حقا.
٤- مذهب أبي عبد الله الباهلي أنها رد لما قبلها وهذا قريب من الأول.
٥- انها صلة في الكلام بمعنى إي كذا قيل وفيه نظر فإن إي حرف جواب مختص بالقسم.
٦- انها حرف استفتاح وهو قول أبي حاتم.
أوجه كلّا:
للنحاة في هذه اللفظة مذاهب ستة:
١- مذهب جمهور البصريين كالخليل وسيبويه وأبي الحسن الأخفش وأبي العباس المبرد أنها حرف ردع وزجر وهذا معنى لائق بها حيث وقعت في القرآن الكريم وقد زجر بها العشاق لائميهم فقال أحدهم وهو عروة بن أذينة على الأرجح:
يقلن لقد بكيت فقلت: كلّا... وهل يبكي من الطرب الجليد؟
ولكن أصاب سواد عيني... عويد قذى له طرف حديد
فقلن فما لدمعهما سواء... أكلتا مقلتيك أصاب عود؟
٢- مذهب النضر بن شميل أنها حرف تصديق بمعنى نعم فتكون جوابا ولا بد حينئذ من شيء يتقدمها لفظا أو تقديرا.
٣- مذهب الكسائي وأبي بكر بن الأنباري ونصر بن يوسف وابن واصل انها بمعنى حقا.
٤- مذهب أبي عبد الله الباهلي أنها رد لما قبلها وهذا قريب من الأول.
٥- انها صلة في الكلام بمعنى إي كذا قيل وفيه نظر فإن إي حرف جواب مختص بالقسم.
٦- انها حرف استفتاح وهو قول أبي حاتم.
151
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ﱔ
ﮞﮟﮠﮡﮢ
ﱕ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ
ﱖ
ﮮﮯﮰﮱ
ﱗ
ﯔﯕﯖﯗ
ﱘ
ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ
ﱙ
ﯣﯤﯥﯦ
ﱚ
ﯨﯩﯪﯫﯬﯭ
ﱛ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ
ﱜ
ﯺﯻﯼﯽ
ﱝ
ﯿﰀﰁﰂﰃ
ﱞ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ
ﱟ
ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ
ﱠ
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ
ﱡ
هذا وقد ذكرت كلا في خمس عشرة سورة مكية وجملة ما ذكرت ثلاث وثلاثون مرة.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨٥ الى ٩٨]
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩)
تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤)
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨)
اللغة:
(وَفْداً) : الوفد مصدر وفد يفد وفدا ووفودا ووفادة وإفادة.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨٥ الى ٩٨]
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩)
تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤)
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨)
اللغة:
(وَفْداً) : الوفد مصدر وفد يفد وفدا ووفودا ووفادة وإفادة.
152
إلى أو على الأمير قدم وورد رسولا فهو وافد، وجمع وافد وهم القوم يجتمعون فيردون البلاد ويفدون على الأمير ونحوه.
(وِرْداً) : القوم الواردون الى الماء عطاشا قد تقطعت أعناقهم من العطش.
(إِدًّا) : بالكسر والفتح العجب وقيل العظيم المنكر ولادة الشدة وآدني الأمر أثقلني وعظم علي إدا وفي القاموس «الإد والإدة بكسرهما العجب والأمر الفظيع والداهية والمنكر كالأد بالفتح وأدته الداهية تؤده بالضم وتئده بالكسر وتأده بالفتح دهته».
(وُدًّا) : مودة ومحبة وفي المصباح «وودته أوده من باب تعب ودّا بفتح الواو وضمها أجببته والاسم المودة وودت لو كان كذا أيضا ودا وودادة تمنيته» وفي المختار: «الود بضم الواو وفتحها وكسرها المحبة فهي مثلثة الواو والأرجح الضم وبها قرأ السبعة وقرئ في غير السبعة بفتحها وكسرها ويحتمل أن يكون المفتوح مصدرا والمضموم والمكسور اسمين».
(لُدًّا) : جمع ألد أي شديد الخصومة وجميل قول الزمخشري:
«اللد الشداد والخصومة بالباطل الآخذون في كل لديد أي في كل شق من المراء والجدال لفرط لجاجهم» وفي الأساس: «رجل ألد وألندد ويلندد وفيه لدد وقوم لدّ ولادّه ملادة ولدادا وهو شديد اللداد وتركت فلانا يتردد ويتلدد يتلفت وضربه على لديدي عنقه وهما صفحتاها وضربه على متلدّده على عنقه قال:
(وِرْداً) : القوم الواردون الى الماء عطاشا قد تقطعت أعناقهم من العطش.
(إِدًّا) : بالكسر والفتح العجب وقيل العظيم المنكر ولادة الشدة وآدني الأمر أثقلني وعظم علي إدا وفي القاموس «الإد والإدة بكسرهما العجب والأمر الفظيع والداهية والمنكر كالأد بالفتح وأدته الداهية تؤده بالضم وتئده بالكسر وتأده بالفتح دهته».
(وُدًّا) : مودة ومحبة وفي المصباح «وودته أوده من باب تعب ودّا بفتح الواو وضمها أجببته والاسم المودة وودت لو كان كذا أيضا ودا وودادة تمنيته» وفي المختار: «الود بضم الواو وفتحها وكسرها المحبة فهي مثلثة الواو والأرجح الضم وبها قرأ السبعة وقرئ في غير السبعة بفتحها وكسرها ويحتمل أن يكون المفتوح مصدرا والمضموم والمكسور اسمين».
(لُدًّا) : جمع ألد أي شديد الخصومة وجميل قول الزمخشري:
«اللد الشداد والخصومة بالباطل الآخذون في كل لديد أي في كل شق من المراء والجدال لفرط لجاجهم» وفي الأساس: «رجل ألد وألندد ويلندد وفيه لدد وقوم لدّ ولادّه ملادة ولدادا وهو شديد اللداد وتركت فلانا يتردد ويتلدد يتلفت وضربه على لديدي عنقه وهما صفحتاها وضربه على متلدّده على عنقه قال: