ﰡ
* * *
﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾.
[١] قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ﴾ لكَ يا محمدُ على من عاداك وناوأك ﴿وَالْفَتْحُ﴾ هو فتح مكّة والطائف ومدن الحجاز وكثير من اليمن.
* * *
﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)﴾.
[٢] ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا﴾ نصب على الحال من فاعل (يَدْخُلُونَ) أي: جماعات متفرقة؛ لأنّه - ﷺ - لما فتح مكّة، جاءه العرب من أقطار العرب طائعين بعد أن كانوا يدخلون واحدًا واحدًا، واثنين اثنين، وما مات - ﷺ - وفي بلاد العرب كلها موضع لم يدخله الإسلام.
* * *
[٣] ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببال أحد، حامدًا له عليه ﴿وَاسْتَغْفِرْهُ﴾ ترجية عظيمة للمستغفرين.
﴿إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ لمن استغفر، فإنك حينئذ (١) لاحق به، وذائق الموت كما ذاق مَنْ قبلك من الرسل، وعند الكمال يُترقب الزَّوال.
قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: "لما نزلت هذه السورة، علم النّبيّ - ﷺ - أنّه قد نُعيت إليه نفسه" (٢)، وكان - ﷺ - بعد نزولها يكثر من قول: سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله وأتوب إليه (٣)، فعاش بعدها سنتين، لم يُرَ ضاحكًا مستبشرًا (٤)، وحج - ﷺ - فنزل: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣]، فعاش أحدًا وثمانين يومًا، فنزل: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾ [النساء: ١٧٦]، فعاش خمسين يومًا، فنزل: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨]، فعاش خمسة وثلاثين يومًا، فنزل: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨١]، فعاش أحدًا وعشرين يومًا، وتوفي - ﷺ - يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل، وفرغ من جهازه يوم الثلاثاء، ودفن ليلة الأربعاء في سنة إحدى عشرة من الهجرة الشريفة، وكان مرضه ثلاث عشرة
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٤٤). وروى البخاريّ (٤٦٨٥) من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما نحوه.
(٣) رواه مسلم (٤٨٤)، كتاب: الصّلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٣٢١) عن مقاتل.
قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "لما كانَ اليومُ الّذي دخلَ فيه رسولُ الله - ﷺ - يعني: المدينة أضاء منها كلُّ شيء، فلما كان اليوم الّذي مات فيه، أظلمَ منها كلُّ شيء - ﷺ -" (١) وشَرَّفَ وكَرَّم.
* * *