ﰡ
قولُه تعالى: ﴿فَقُولِي إنّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً﴾:
من قال: إن شرائع من كان قبلَنا من الأنبياء جائزٌ لنا العملُ بها ما لمنؤمر بغيرها. قال: هذا منسوخٌ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صمتُ يوماً إلى اللَّيل"، والصوم - في الآية -: الصمت.
ومن قال: لا يلزمنا منها إلا ما (أُمِرْنَا) به لم يجعل هذا منسوخاً، لأنه لم يكن لازماً لنا فعله فَنُسِخَ عنّا.
قوله تعالى: ﴿وإن مِنْكُم إلاَّ واردُهَا﴾ الآية.
قال قوم: إنه منسوخ بقوله: ﴿إنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِنَّا الحُسْنَى﴾ [الأنبياء: ١٠١]- الآية -.
ولا يحسن هذا لأنه خبر لا يجوز نسخه.
وأيضاً فإنَّ النَّسْخَ: إِزالةُ الحكم كُلِّه، وهذا لا يزول حُكْمُه كُلُّه، لا بدّ من ورود خلق كثير إلى النار. ولكنه تخصيص وبيان أنّ من سبقت لهالحسنى لا يَرِدُها. وهذا إنما يكون على قول من قال: الورودُ لازمٌ للجميع، ثم يُبْعَدُ منها منهم من سبقت له الحسنى.
فأما من قال: إن الآية في الورود للكفار خاصة فلا تخصيص فيهاولا نسخ. وهذه الآية قد بسطنا الاختلاف فيها في كتاب الهداية.