تفسير سورة الإنفطار

معاني القرآن للفراء
تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب معاني القرآن للفراء المعروف بـمعاني القرآن للفراء .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

كما تقول: ما هو بضنين بالغيب. والذين قالوا: بظنين. احتجوا بأن على تقوى «١» قوهم، كما تَقُولُ:
ما أنت عَلَى فلان بمتهم، وتقول: ما هو عَلَى الغيب بظنين: بضعيف، يَقُولُ: هُوَ محتمل لَهُ، والعرب تَقُولُ للرجل الضعيف أَوِ الشيء القليل: هُوَ ظنون. سمعت بعض قضاعة يَقُولُ: ربما دلّك عَلَى الرأي الظنون، يريد: الضعيف من الرجال، فإن يكن معنى ظنين: ضعيفًا، فهو كما قيل: ماءٌ شريب، وشروب، وقرونى، وقرينى، وسمعت: قرونى وقرينى، وقرونتى وقرينتي «٢» - إلا أنّ الوجه ألّا تدخِل الهاء. وناقة طعوم وطعيم، وهي التي»
بين الغثّة والسمينة.
وقوله عز وجل: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) ؟
العرب تَقُولُ: إلى أَيْنَ تذهب؟ وأينَ تذهب؟ ويقولون: ذهبت الشامَ، وذهبت السوق، وانطلقت الشام، وانطلقت السوق، وخرجت الشام- سمعناه فِي هَذِهِ الأحرف الثلاثة: خرجت، وانطلقت، وذهبت. وقَالَ الكِسَائِيّ: سمعت العرب تَقُولُ: انطُلِقَ بِهِ الفورَ، فتنصب عَلَى معنى إلقاء الصفة، وأنشدني بعض بني عُقَيل «٤» :
تَصيحُ بنا حَنيفةُ إذ رأتنا وأيّ الأرضِ تذهبُ للصِّياح
يريد: إلى أي الأرض تذهب [١٣٠/ ا] واستجازوا فِي هَؤُلَاءِ الأحرف إلقاءَ (إلى) لكثرة استعمالهم إياها.
ومن سورة إذا السماء انفطرت
قوله عز وجل: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (١) : انشقت.
وقوله عز وجل: وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤).
خرج ما فِي بطنها من الذهب والفضة، وخرج الموتى بعد ذَلِكَ، وهو «٥» من أشراط الساعة:
أن تخرج الأرضُ أفلاذَ كبدها من ذهبها وفضتها. قَالَ الفراء: الأفلاذ القِطَعُ من الكبد المشرح والمشرحة «٦»، الواحد فلذ، وفلذة.
(١) فى ش: يقوى.
(٢) وقرونى وقرينى، وقرونتى وقرينتى، وهى النفس والعزيمة.
(٣) فى ش: وهى بين.
(٤) نقل القرطبي فى تفسيره، ما حكاه الفراء عن العرب هنا، ثم أورد البيت وجعل «بالصياح» مكان «للصياح» (تفسير القرطبي: ١٩/ ١٤٢).
(٥) سقط فى ش.
(٦) من هامش ب، وصلب ش.
وقوله تبارك وتعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ من عملها وَأَخَّرَتْ (٥).
وما أخرت: ما سنت من سنة حسنة، أَوْ سيئة فعُمل بها.
وجواب: «إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ» (١) قوله: «عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ».
وقوله جل وعز: الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧).
قرأها الْأَعْمَش وعاصم: «فَعَدَلَكَ» مخففة «١». وقرأها أهل الحجاز: «فَعَدَلَكَ» مشددة. فمن قرأها بالتخفيف فوجهه والله أعلم: فصرفكَ إلى أيِّ صورةٍ شاءَ إما: حَسَنٌ، أَوْ قَبيحٌ، أَوْ طويل، أَوْ قصير.
قال: [حدثنا «٢» الفراء قال] «٣» : وحدثني بعض المشيخة عنْ ليثٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح أَنَّهُ قَالَ:
فِي صورة عمٍّ فِي صورة أبٍ، فِي صورة بعض القرابات تشبيهًا.
ومن قَرَأَ: «فَعَدَلَكَ» مشددة، فإنه أراد- والله أعلم: جعلك معتدلا معدّل الخلق، وهو أعجب الوجهين إليَّ، وأَجودُهما فِي العربية لأنك تَقُولُ: فِي أي صورة ما شاء ركبك، فتجعل- فِي- للتركيب أقوى فِي العربية من أن يكون «٤» فى للعدل [١٣٠/ ب] لأنك تَقُولُ: عَدَلتك إلى كذا وكذا، وصرفتك إلى كذا وكذا، أجود من أن تَقُولُ: عدلتك فِيه، وصَرفتك فِيهِ.
وقوله جل وعز: كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩).
بالتاء، وقرأ بعض أهل المدينة بالياءِ «٥»، وبعضهم بالتاءِ، والْأَعْمَشُ وعاصمٌ بالتاء، والتاء أحسنُ الوجهين لقوله: «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ» ولم يقل: عليهم.
وقوله جل وعز: وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) :
يَقُولُ: إِذَا دخلوها فليسوا بمخْرَجين منها.
اجتمع القراء عَلَى نصب «يَوْمَ لا تَمْلِكُ» (١٩) والرفع
(١) وهى أيضا قراءة حمزة والكسائي وخلف، وافقهم الحسن والأعمش (الإتحاف ٤٣٤).
(٢) فى ش: قال الفراء: وحدثنى.
(٣) زيادة فى ش.
(٤) فى ش: تكون.
(٥) ممن قرأ بالياء: أبو جعفر والحسن.
Icon