ﰡ
إن قلتَ : هذا يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بُعث إلى العرب خاصة، فكيف الجمع بينه وبين قوله :﴿ قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ﴾ ؟ [ الأعراف : ١٥٨ ] وقوله :﴿ وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ﴾ ؟ [ سبأ : ٢٨ ].
قلتُ : أُرسل إلى الناس كافة بلسان قومه وهم العرب، ونزوله بلسانهم مع الترجمة لباقي الألسن كاف، لحصول الغرض بذلك، ولأنه أبعد عن التحريف والتبديل، وأسلم من التنازع والاختلاف.
قوله تعالى :﴿ لا يقدرون مما كسبوا على شيء... ﴾ [ إبراهيم : ١٨ ].
قدّم " مما كسبوا " على ما بعده، لأن الكسب هو المقصود بالذكر، بقرينة ما قبله، وإن كان القياس عكس ذلك كما في البقرة( ١ )، لأن ﴿ على شيء ﴾( ٢ ) صلة ل ﴿ يقدرون ﴾ و﴿ مما كسبوا ﴾ صفة لشيء.
٢ - في المحمودية: "قبله" وهو خطأ، وما أثبتناه هو الصواب كما في مخطوطة الجامعة..
إن قلتَ : كيف جعل الأصنام مضلَّة، والمضِلّ ضارّ، وقد نفى عنهم الضرر بقوله :﴿ ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ﴾ ؟ ! [ يونس : ١٨ ].
قلتُ : نسبة الإضلال إليه مجاز، من باب نسبة الشيء، إلى سببه، كما يُقال : فتنتهم الدنيا، ودواء مُسْهِلٌ، فهي سبب الإضلال، وفاعله حقيقة هو الله تعالى.
إن قلتَ : كيف استغفر إبراهيم عليه السلام لوالديه وهما كافران، والاستغفار للكافر حرام ؟ !
قلتُ : المعنى : واغفر لوالديّ إن أسلما( ١ )، أو أراد بهما آدم وحواء...
إن قلتَ : كيف يحسبه النبي صلى الله عليه وسلم غافلا، وهم أعلم الخلق بالله ؟ !
قلتُ : المراد دوام نهيه عن ذلك، كقوله تعالى :﴿ ولا تكونن من المشركين ﴾ [ القصص : ٨٧ ] وقوله :﴿ ولا تدع مع الله إلها آخر ﴾ [ الشعراء : ٢١٣ ].
ونظيره في الأمر قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله ﴾ [ النساء : ١٣٦ ].
أو هو نهي لغير( ١ ) النبي صلى الله عليه وسلم ممّن يحسبه غافلا، لجهله بصفاته تعالى.