تفسير سورة سورة الطور من كتاب تفسير القرآن العزيز
                             المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
                        .
                            
                    لمؤلفه 
                                            ابن أبي زَمَنِين
                                                            .
                                             المتوفي سنة 399 هـ
                                    
                         
    
                                                                                         تفسير سورة الطور وهي مكية كلها. 
                                                                ﰡ
                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: ﴿وَالطور﴾ الطُّور: الْجَبَل.
قَالَ محمدٌ: رُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: كل جبل يدعى طوراً.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فِي رق منشور﴾ تَفْسِير الْحسن: الْقُرْآن فِي أَيدي السفرة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالْبَيْت الْمَعْمُور﴾ تَفْسِير ابْن عَبَّاس قَالَ: الْبَيْت الْمَعْمُور: بَيت فِي السَّمَاء حِيَال الْكَعْبَة، يَحُجُّه كلَّ يَوْم سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ [... ].
قَالَ قَتَادَة: قَالَ اللَّه - عز وَجل - لآدَم: [أهبط مَعَك] (ل ٣٤٠) بَيْتِي يُطَاف حوله؛ كَمَا يُطَاف حول عَرْشِي، فحجه آدم وَمَا بعده من الْمُؤمنِينَ، فَلَمَّا كَانَ زمَان الطوفان رَفعه اللَّه وطهرَّه من أَن تصيبه عُقُوبَة أهل الأَرْض؛
                                                                            
293
                                                                     
                                                                                                                فَصَارَ معمور السَّمَاء، فتتبع إِبْرَاهِيم الأساس فبناه على أساس قديم كَانَ قبله.
                                                                            
294
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿والسقف الْمَرْفُوع﴾ يَعْنِي: السَّمَاء بَينهَا وَبَين الأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة عَام
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالْبَحْر الْمَسْجُور﴾ تَفْسِير عَليّ بْن أبي طَالب: الْبَحْر الْمَسْجُور فِي السَّمَاء.
قَالَ محمدٌ: الْمَسْجُور مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة: المَمْلُوء، قَالَ النَّمِر يصف وَعلًا:
| (إذَا شَاءَ طَالَعَ مَسْجُورةً  |  تَرَى حَوْلَهَا النَّبْعَ والسَّاسَما) | 
أَي: عينا مَمْلُوءَة. أقسم بِهَذَا كُله.
                                                                    
 
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع﴾ بالمشركين
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿مَا لَهُ﴾ مَا للعذاب ﴿من دَافع﴾ يَدْفَعهُ من الله
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَوْم تمور السَّمَاء مورا﴾ فِيهَا تَقْدِيم: إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع بهم ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مورا﴾ أَي: تحرّك تحركاً
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وتسير الْجبَال سيرا﴾ كَقَوْلِه: ﴿وَإِذا الْجبَال سيرت﴾.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنى: أَنَّهَا تسير عَن وَجه الأَرْض، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ يحيى.
﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ فويل يومئذ للمكذبين( ١١ ) ﴾.  قال محمد ( الويل ) كلمة تقولها العرب في كل من وقع في هلكة. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ﴾ وخوضهم التَّكْذِيب.
قَالَ محمدٌ: (الويلُ) كلمةٌ تَقُولهَا الْعَرَب فِي كل من وَقع فِي هلكة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَوْم يدعونَ﴾ يُدْفَعُون ﴿إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ دفعا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿هَذِه النَّار﴾ يُقَال لَهُم:
هَذِه النَّار ﴿الَّتِي كُنْتُم بهَا تكذبون﴾ فِي الدُّنْيَا أَنَّهَا لَا تكون.
تَفْسِير سُورَة الطّور من الْآيَة ١٥ إِلَى الْآيَة ٢٠.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أفسحر هَذَا﴾ يُقَال لَهُم ذَلِك على الِاسْتِفْهَام ﴿أم أَنْتُم لَا تبصرون﴾ يَعْنِي: فِي الدُّنْيَا إِذْ كُنْتُم تَقولُونَ: هَذَا سحْرٌ، أَي: لَيْسَ بِسحر
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿اصلوها﴾ يَعْنِي: النَّار ﴿فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تصبروا سَوَاء عَلَيْكُم﴾ كَقَوْل: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا﴾.
قَالَ محمدٌ: (سواءٌ) مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَر مَحْذُوف، فَالْمَعْنى: سواءٌ عَلَيْكُم الصَّبْرُ والجزع.
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جنَّات ونعيم﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فاكهين﴾ أَي: مسرورين ﴿بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾ أَي: أَعْطَاهُم.
قَالَ محمدٌ: ﴿فَاكِهِينَ﴾ نصب على الْحَال.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿هَنِيئًا﴾ منصوبٌ، وَهِي صفة فِي مَوضِع الْمصدر، الْمَعْنى: يُقَال لَهُم: كلوا وَاشْرَبُوا هنئتم هَنِيئًا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿متكئين على سرر مصفوفة﴾.
                                                                            
295
                                                                     
                                                                                                                يحيى: عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَتَنَعَّمُ فِي تُكَأَةٍ وَاحِدَةٍ سَبْعِينَ عَامًا، فَتُنَادِيهِ أَبْهَى مِنْهَا وَأَجْمَلُ مِنْ غُرْفَةٍ أُخْرَى: أَمَا لَنَا مِنْكَ دَوْلَةٌ بَعْدُ؟ فَيَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتِ؟! فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ اللاتِي قَالَ اللَّهُ: 
﴿وَلَدَيْنَا مزِيد﴾ فَيَتَحَوَّلُ إِلَيْهَا فَيَتَنَعَّمُ مَعَهَا سَبْعِينَ عَامًا فِي تُكَأَةٍ وَاحِدَةٍ، فَتُنَادِيهِ أَبْهَى مِنْهَا وَأَجْمَلُ مِنْ غُرْفَةٍ أُخْرَى فَتَقُولُ: أَمَا لَنَا مِنْكَ دَوْلَةٌ بَعْدُ؟ فَيَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ اللاتِي قَالَ اللَّهُ: 
﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ فَيَتَحَوَّلُ إِلَيْهَا، فَيَتَنَعَّمُ مَعَهَا فِي تُكَأَةٍ وَاحِدَةٍ سَبْعِينَ عَامًا، فَهُمْ كَذَلِكَ يَدُورُونَ ".
﴿وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ الْحور: الْبيض؛ فِي تَفْسِير قَتَادَة والعامة. وَالْعين: عِظَام الْعُيُون.
تَفْسِير سُورَة الطّور من الْآيَة ٢١ إِلَى الْآيَة ٢٩
                                                                            
296
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتَهُمْ﴾.
يَحْيَى: عَنْ (سَعِيدٍ) عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ لِلْمُؤْمِنِ وَلَدَهُ فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فِي الْعَمَلِ؛ لَتَقَرَّ بِهِمْ عَيْنُهُ ".
                                                                            
297
                                                                     
                                                                                                                وَكَذَلِكَ الْآبَاء يُرفَعُون للأبناء؛ إِذا كَانَت الْآبَاء دون الْأَبْنَاء فِي الْعَمَل.
قَوْله: 
﴿وَمَا ألتناهم﴾ أَي: وَمَا نقصناهم 
﴿مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ﴾ يَعْنِي: أهل النَّار 
﴿بِمَا كَسَبَ﴾ من عمل 
﴿رَهِينٌ﴾.
                                                                            
298
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وأمددناهم بفاكهة﴾.
يحيى: عَنْ [عُثْمَانَ، عَنْ] نُعَيْمِ [بْنِ] عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَنَاوَلُونَ مِنْ قُطُوفِهَا وَهُمْ مُتَّكِئُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ مَا تَصِلُ إِلَى يَدِ [أَحَدِهِمْ حَتَّى يُبْدِلَ اللَّهُ مَكَانهَا أُخْرَى] ".
(ل ٣٤١)
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يتنازعون فِيهَا﴾ أَي: لَا يتعاطون فِيهَا ﴿كَأْسًا﴾ والكأس: الخَمْرُ ﴿لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تأثيم﴾ تَفْسِير مُجَاهِد: لَا يَسْتَبُّون فِيهَا، وَلَا يأثمون فِي شَيْء.
قَالَ محمدٌ: الكَأْسُ فِي اللُّغَة: الْإِنَاء المملوء؛ فَإِذا كَانَ فَارغًا فَلَيْسَ بكأسٍ. وتقرأ: ﴿لَا لَغْوَ فِيهَا وَلَا تأثيمَ﴾ بالنَّصْب، إِلَّا أَن الِاخْتِيَار عِنْد النَّحْوِيين إِذا كُررت " لَا " فِي مثل هَذَا الْموضع الرفعُ، وَالنّصب جائزٌ، فَمن رفع فعلى الإبتداء و " فِيهَا " هُوَ الخبرُ، وَمن نصبَ فعلى النَّفْي والتبرئة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون﴾ يَعْنِي: صفاء ألوانهم والمكنون فِي أصدافه
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ يُسَائل بَعضهم بَعْضًا عَن شفقتهم فِي الدُّنْيَا من عَذَاب اللَّه
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿فِي أهلنا مشفقين﴾ من عَذَاب النَّار
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
                                                                            
299
                                                                     
                                                                                                                
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ٢ - ! (إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ} أَن يَقِينا عَذَاب السمُوم ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ بر بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيم بهم.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} الْآيَة.
قَالَ محمدٌ: هُوَ كَمَا تَقول: مَا أَنْت بِحَمْد اللَّه.
تَفْسِير سُورَة الطّور من الْآيَة ٣٠ إِلَى الْآيَة ٣١.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ ريب الْمنون﴾ أَي: قد قَالُوا: نتربَّصُ بِهِ الدَّهْر حَتَّى يَمُوت.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    فِي تَفْسِير الْحسن قَالَ اللَّه للنَّبِي: 
﴿قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المتربصين﴾ كَانُوا يتربَّصون بِالنَّبِيِّ أَن يَمُوت، وَكَانَ النَّبِي يتربَّصُ بهم أَن يَأْتِيهم الْعَذَاب.
و 
﴿ريب الْمنون﴾ فِي تَفْسِير مُجَاهِد: حوادثُ الدَّهْر.
قَالَ محمدٌ: المنونُ عِنْد أهل اللُّغَة: الدهْرُ، ورَيْبُه: حَوَادثُه وأوجاعه ومصائبه، وَالْعرب تَقول: لَا أُكَلِّمُك آخر الْمنون. وَأنْشد بَعضهم قَوْلَ أبي ذُؤَيْبٍ:
| (أَمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ  |  وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ) | 
يَعْنِي: أَمِنَ الدَّهْر ورَيْبه تتوجع؟!
تَفْسِير سُورَة الطّور من الْآيَة ٣٢ إِلَى الْآيَة ٤٣.
                                                                    
 
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا﴾ بالتكذيب، أَي: لَيست لَهُم أحلامٌ ﴿أم هم قوم طاغون﴾ أَي: بل هُمْ قومٌ طاغون يَقُول: إِن الطغيانَ - وَهُوَ الشّرك - يَأْمُرهُم بِهَذَا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أم يَقُولُونَ تَقوله﴾ محمدٌ، يَعْنِي: الْقُرْآن؛ أَي: قد قَالُوهُ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فليأتوا بِحَدِيث مثله﴾ مثل الْقُرْآن ﴿إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ أَي: لَا يأْتونَ بِمثلِهِ، وَلَيْسَ ذَلِك عِنْدهم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾ أَي: لمْ يخلقوا من غير شَيْء خلقناهم من نُطْفَة وَأول ذَلِك من ترابٍ ﴿أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ أَي: لَيْسُوا بالخالقين وهم مخلوقون
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أم خلقُوا السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: لمْ يخلقوها ﴿بَلْ لَا يوقنون﴾ بِالْبَعْثِ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أم عِنْدهم خَزَائِن رَبك﴾ يَعْنِي: علمَ الْغَيْب ﴿أَمْ هُمُ المصيطرون﴾ يَعْنِي: الأرباب، أَي: إنّ اللَّه هُوَ الرَّبُّ - تبَارك اسْمُه.
قَالَ محمدٌ: يُقَال: تَصيطرتَ عليَّ، أَي: اتخذتّني خَوَلًا. وَيكْتب بِالسِّين وَالصَّاد، والأصْلُ السِّين وكل سين بعْدهَا طاءٌ يجوز أَن تقلب صادًا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: 
﴿أم لَهُم سلم﴾ درج 
﴿يَسْتَمِعُون فِيهِ﴾ إِلَى السَّمَاء، والسُّلّمُ أَيْضا
                                                                            
301
                                                                     
                                                                                                                السَّبَب وَقَوله (فِيهِ) بِمَعْنى: عَلَيْه 
﴿فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبين﴾ بِحجَّة بيّنة بِمَا همْ عَلَيْهِ من الشّرك، أَي: لَيْسَ عِنْدهم بذلك حجَّة
                                                                            
302
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾ وَذَلِكَ لقَولهم: أَن الْمَلَائِكَة بَنَات الله. وَجعلُوا لأَنْفُسِهِمْ الغلمان
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أم تَسْأَلهُمْ أجرا﴾ على الْقُرْآن ﴿فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مثقلون﴾ فقد أثقلهم الغُرْمُ، أَي: إِنَّك لَا تَسْأَلهُمْ أجرا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أم عِنْدهم الْغَيْب﴾ يَعْنِي: علم غَيْب الْآخِرَة ﴿فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ لأَنْفُسِهِمْ مَا يتخيّرون؛ لقَوْل الْكَافِر: ﴿وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لي عِنْده للحسنى﴾ يَعْنِي للجنة إِن كَانَت جنَّة، أَي: لَيْسَ عِنْدهم علم غيب الْآخِرَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أم يُرِيدُونَ كيدا﴾ بِالنَّبِيِّ، أَي: قد أرادوه
﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا هم المكيدون﴾ كَقَوْلِه: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كيدا﴾ لأريهم جَزَاء كيدهم وَهُوَ الْعَذَاب
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَالَ ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ الله﴾ أَي (ل ٣٤٢) ﴿شَاعِر نتربص بِهِ﴾ إِلَى هَذَا الْموضع كالاستفهام وكذبهم بِهِ كُله.
تَفْسِير سُورَة الطّور من الْآيَة ٤٤ إِلَى الْآيَة ٤٩.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ والكِسْفُ: القطْعة ﴿سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مركوم﴾ بعضُه على بعض، وَذَلِكَ أَنه قَالَ فِي سُورَة سبأ: ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا من السَّمَاء﴾ فَقَالُوا للنَّبِي: لن نؤمن لَك حَتَّى تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كسفاً؛ فَأنْزل اللَّه: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مركوم﴾ أَي: وَلم يُؤمنُوا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَالَ اللَّه: ﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يومهم الَّذِي فِيهِ يصعقون﴾ أَي: يموتون، وَهِي النفخة الأولى؛ فِي تَفْسِير الْحسن، يَعْنِي: كفار آخر هَذِه الْأمة الَّذين يكون هلاكهم بِقِيَام السَّاعَة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئا﴾ لَا تغني عَنْهُم عبَادَة الْأَوْثَان وَلَا مَا كَادُوا للنَّبِي شَيْئا ﴿وَلَا هم ينْصرُونَ﴾ إِذا جَاءَهُم الْعَذَاب.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَالَ: ﴿وَإِن للَّذين ظلمُوا﴾ أشركوا ﴿عذَابا دون ذَلِك﴾ بِالسَّيْفِ؛ يَعْنِي: من أُهلك يَوْم بدر؛ فِي تَفْسِير الْحسن ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرهم﴾ أَي: جَمَاعَتهمْ ﴿لَا يعلمُونَ﴾ يَعْنِي: من لَا يُؤمن بِهِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿واصبر لحكم رَبك﴾ أَي: لما حكم اللَّه عَلَيْك، فَأمره بقتالهم ﴿فَإنَّك بأعيننا﴾ أَي: نرى مَا تصنع وَمَا يصنع بك، فسنجزيك ونجزيهم.
﴿وَسَبِّحْ بِحَمْد رَبك حِين تقوم﴾ من مقامك، يَعْنِي: صَلَاة الصُّبْح؛ فِي تَفْسِير الْحسن.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمن اللَّيْل فسبحه﴾ يَعْنِي: صَلاةَ الْمَغْرِبِ وَصَلاةَ الْعِشَاءِ 
﴿وإدبار النُّجُوم﴾.
                                                                            
303
                                                                     
                                                                                                                يَحْيَى: عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ قَوْله: 
﴿وإدبار النُّجُوم﴾. فَقَالَ: هُمَا الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْح ".
                                                                            
304
                                                                     
                                                                                                                تَفْسِير سُورَة النَّجْم وَهِي مَكِّيَّة كلهَا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير سُورَة النَّجْم من الْآيَة ١ إِلَى الْآيَة ١٨.
                                                                            
305