بعد ذلك ينتقل الحديث بصورة عتاب وتحذير إلى ذلك الإنسان الذي ينكر فضل ربه الكريم مع أنه خلقه فسوّاه في أبدع صورة وأحسن تقويم. إن الإنسان لا يعرف للنعمة حقها ولا يشكر ربه على الفضل الذي آتاه إياه.
ثم تبين السورة تكذيب الإنسان بيوم الدين وجحوده، وتؤكد وجود الملائكة الكرام البررة حافظين عليه، يكتبون كل ما يفعله ويقوله. وبعد ذلك تقرر أن الناس يوم الحساب فريقان : فريق في الجنة، وفريق في السعير. وتصور ذلك اليوم وهوله، وتَجرّد النفوس من كل حول فيه، مع تفرد الله سبحانه بأمره الجليل﴿ وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يوم الدين- يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ﴾.
السورة لطيفة في مبناها، عذبة في ألفاظها، تبشّر وتنذر، والأمر كله يعود إلى الله تعالى.
ﰡ
تبدأ السورة بعرض مشاهد من أهوال يوم القيامة :
إذا السماءُ انشقّت.
وتساقطت كواكبُها متبعثرة.
وإذا فُجّرت البحارُ وزال ما بينها من حواجز.
وإذا القبورُ فُتحتت وبُعثرت وخَرج من فيها من الناس أشتاتاً ليُرَوا أعمالهم.
عند ذلك تَعلَم كلُّ نفسٍ ما عملتْ وما لم تعمَل.
فعدَلَك : جعلك معتدلا متناسب الخَلق.
هو الذي أوجدَك من العدَم.
قراءات :
قرأ الجمهور : فعدَّلك بتشديد الدال، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي : فعَدَلك بفتح الدال من غير تشديد.
وخلقك في هذه الصورةِ المتناسبة الأعضاء مع اعتدال القامة في أحسن تقويم !
وبعد كل هذا نجدكم يا بني آدمَ، مكذبين بيوم الدين :
﴿ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين ﴾ ! ارتَدِعوا عن الاغترار بكرمي لكم، فإنكم محاسَبون ومسئولون.
ثم بين لهم أن أعمالَهم مكتوبةٌ يُحصيها عليهم،
أما كيفية حفظِهم وكتابتهم، وهل عندَهم أوراق وأقلام، أو هناك ألواح تُرسَم فيها الأعمال، فلا نعلم عن ذلك شيئا، وإنما نقول : إن قدرة الله كفيلة بأن يخلق من الطرق ما لا يَظلم به عبادَه.
﴿ إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ ﴾
إن المؤمنين الأبرار، الصادقين في إيمانهم سينالون جناتِ النعيم.
يدخلونها بعد الحساب.
﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ﴾.
إنك أيها الإنسان، تجهل ذلكَ اليومَ العظيم، فهو فوق ما تتصور بشدائده وأهواله.
﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ﴾.
إنك أيها الإنسان، تجهل ذلكَ اليومَ العظيم، فهو فوق ما تتصور بشدائده وأهواله.
قراءات :
قرأ ابن كثير وأبو عمرو يومُ لا تملكُ برفع يوم، والباقون يومَ لا تملِكُ بالنصب.
والحمد لله رب العالمين.