تفسير سورة البينة

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة البينة من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " : اسم عزيز تنصل إليه المذنبون فغفر لهم وجبهم، وتوسل إليه المطيعون فوصلهم ونصرهم.
تعرف إليه العارفون فبصرهم، وتقرب منه العارفون فقربهم. . . لكنه – سبحانه – في جلاله حيرهم.

قوله جلّ ذكره :﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾.
" منفكين " : مُنْتَهين عن كفرهم حتى تأتيهم البيَّنة، وهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي لم يزالوا مجتمعين عَلَى تصديقه ؛ لِمَا وَجَدوه في كُتُبهم إلى أنْ بَعَثَه الله تعالى. فلمّا بَعَثَه حسدوه وكفروا.
أي حتى يأتيهم رسول من الله يقرأ كُتُباً مُطَهَّرَةً عن تبديل الكفار.
﴿ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ﴾ : مستوية ليس فيها اعوجاج.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِِّنَةُ ﴾.
يعني : القرآن.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لَيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾.
﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ أي موحِّدين لا يُشرِكون بالله شيئاً ؛ فالإخلاصُ أَلاَّ يكونَ شيءٌ من حركاتك وسَكَنَاتك إلاَّ لله.
ويقال : الإخلاصُ تصفيةُ العملِ من الخَلَلِ.
" حنفاء " : مائلين إلى الحقِّ، عادلين عن الباطل.
﴿ وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ. . . وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ : أي دينُ الملَّةِ القيمة، والأمة القيِّمة، والشريعة القيِّمة.
قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ البَرِيَّةِ ﴾.
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ : مقيمين :﴿ الْبَرِيَّةِ ﴾ : الخليقة.
أي : خير الخَلْق، وهذا يدل عَلَى أنهم أفضلُ من الملائكة.
قوله جلّ ذكره :﴿ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ﴾.
﴿ جَزَاؤُهُمْ ﴾ : أي ثوابهم في الآخرة عَلَى طاعاتهم.
﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ : أي : من تحت أَشجارها الأنهار.
﴿ رَّضيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ﴾. فلم تَبْقَ لهم مطالبةٌ إلاَّ حَقَّقَها لهم.
﴿ ذَالِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾. أي : خافَهُ في الدنيا.
والرضا : سرورُ القلب بمرِّ القضَا. ويقال : هو سكونُ القلبِ تحت جَرَيان الحُكْم.
Icon