ﰡ
وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [١٢٧].
وقوله (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) فالضيق ما ضاق عَنْهُ صدرك، والضيق ما يكون فِي الَّذِي يتسع مثل الدار والثوب وأشباه ذَلِكَ وإذا رأيت الضَّيق وقع فِي موقع الضيق كَانَ عَلَى وجهين: أحدهما أن يكون جَمعًا واحدته ضَيْقَة كما قَالَ «٢» :
كَشَف الضَّيْقة عَنّا وَفَسَحْ
والوجهُ الآخر أن يُراد بِهِ شيء ضَيِّق فيكون مخففًا، وأصله التشديد مثل هين ولين تريد هيّن ليّن.
ومن سورة بنى إسرائيل
قوله: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ. الحرم كله مسجد، يعني مكة وحرمها (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) : بيت المقدس (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) بالثمار والأنهار.
وقوله: (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) يعني النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أُسْرِيَ بِهِ ليريه تِلْكَ الليلة العجائب. وأُري الأنبياء حَتَّى وصفهم لأهل مكة، فقالوا: فإن لنا إبلا فى طريق الشام فأخبرنا
(٢) هو الأعشى. وصدره:
فلئن ربك من رحمته
وقوله: أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا [٢] يُقال: رَبًّا، ويُقال: كافيًا.
وقوله: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا [٣] منصوبة عَلَى النداء ناداهم: يا ذُرِّية من حملنا مع نوح، يعني فِي أصلاب الرجال وأرحام النساء مِمّن لَمْ يُخْلَق.
وقوله: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ [٤].
أعلمناهم أنهم سيفسدون مرتين.
وقوله: (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) يقول: عقوبة أولى المرتين، وهو أول الفسادين (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ «١» عِباداً لَنا) يعني بُخْتَنصر فسَبَى وقتل.
وقوله: (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) يعني: قتلوكم بين بيوتكم (فَجاسُوا) فِي معنى أخذوا وحاسوا أيضًا بالحاء فِي ذَلِكَ المعنى.
وقوله: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ [٦] يعني عَلَى بختنصَّر جاء رجل بعثه الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بختنصر فقتله وأعاد الله إليهم ملكهم وأمرهم، فعاشوا، ثُمَّ أفسدوا وهو آخر الفسادين.
وقوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ [٧] يقول القائل: أين جواب (إذا) ؟
ففيه وجهان. يقال: فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسُوء الله وجوهكم «٢» لِمن قرأ بالياء. وقد يكون
(٢) هى قراءة ابن عامر وأبى بكر وحمزة وخلف، كما في الإتحاف.
ولو جعلتها مفتوحة اللام كانت جَوَابًا لإذا بلا ضمير فعل. تَقُولُ إذا أتيتني لأسُوءَنَّك ويكون دخول الواو فيما بعد (لنسوءن) بِمنزلة قوله (وَكَذلِكَ نُرِي «١» إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ) نريه «٢» الملكوت، كذلك الواو فى (وَلِيَدْخُلُوا) تضمر لَهَا فعلًا «٣» بعدها، وقد قُرئت (لِيَسُوءُوا وجوهكم) الذين «٤» يدخلون.
وقوله: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [٩]. يقول: لشهادة أن لا إله إلا الله.
(وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ) أوقعت البشارة عَلَى قوله (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) ويَجوز أن يكون المؤمنون بُشروا أيضًا بقوله (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) لأن الكلام يحتمل أن تَقُولُ: بشرت عبد الله بأنه سيعطى وأن عدّوه سيُمنع، ويكون «٥». ويبشر الَّذِينَ لا يؤمنون بالآخرة أنا أعتدنا لَهم عذابًا أليمًا، وإن لَمْ يوقع التبشير عليهم كما أوقعه عَلَى المؤمنين قبل (أنَّ) فيكون بِمنزلة قولك فِي الكلام بَشّرت أن الغيث آتٍ فِيهِ معنى بشرت الناس أن الغيث آتٍ وإن لَمْ تذكرهم. ولو استأنفْت (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) صلح ذَلِكَ ولم أسمع أحدًا.
قرأ بِهِ.
وقوله: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ [١١] حذفت الواو منها فِي اللفظ ولم تُحذف فِي المعنى لأنَّها فِي موضع رفع، فكان حذفها باستقبالها اللام السَّاكنة. ومثلها (سَنَدْعُ «٦» الزَّبانِيَةَ) وكذلك
(٢) يريد أن متعلق الجار والمجرور فى قوله: «وليكون» هو فعل مقدر مؤخر وهو (نريه الملكوت)
(٣) أي وليد خلوا المسجد قدرنا ذلك وكتبناه
(٤) هذا تفسير للضمير فى (ليسوءوا)
(٥) هذا وجه آخر والمراد بالتبشير هنا الإخبار، ولا يراعى فى الخير أنه سار
(٦) الآية ١٨ سورة العلق
كفاكَ كفٌّ ما تُليق دِرْهمًا | جُودًا وأخرى تُعْطِ بالسيف الدَّمَا «٤» |
لَيْسَ تَخفى بشارتي قَدْر يومٍ | ولقد تُخْفِ شِيمتي إعساري «٥» |
وقوله: فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ [١٢] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أبى الأسود الدّؤلي رَفَعَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: هُوَ اللَّطْخُ الَّذِي فِي الْقَمَرِ.
وقوله: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ [١٣] وهو عمله، إن خيرًا فخيرًا وإن شرًا فشرًا (وَنُخْرِجُ لَهُ) قرأها يَحْيَى بن وثّاب بالنون «٦» وقرأها غيره بالياء «٧» مفتوحة: (وَيَخْرُجُ لَهُ) طائره، منهم مجاهدو الحسن. وقرأ أَبُو جَعْفَر المدني (ويُخرج... له كتابًا) معناهُ: ويُخْرِج لَهُ عمله كتابًا.
وكلٌّ حسن.
(٢) الآية ٤١ سورة ق. [.....]
(٣) الآية ٥ سورة القمر
(٤) تليق: تمسك. يصفه بالكرم والشجاعة. وقد ورد البيت فى اللسان (لوق) من غير عزو
(٥) «بشارتى» كذا فى ا، ش. وفى اللسان (يسر) : يسارتى» واليسارة الغنى. وهذه الرواية ظاهرة. والبشارة الجمال وحسن المظهر. يريد أنه لا تظهر عليه الكآبة نوما.
(٦) وكذا قرأها أكثر المفسرين.
(٧) هى قراءة يعقوب، وقد وافقه الحسن وابن محيصن
فيقال: أكفرتم.
وقوله: أَمَرْنا مُتْرَفِيها
[١٦] قرأ الأعمش ٩٩ اوعاصم ورجال من أهل المدينة (أَمَرْنا)
خفيفة حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي سفيان بن عيينة عن حميد الأعرج عن مجاهد (أَمَرْنا)
خفيفة.
وفسّر بعضهم (أَمَرْنا مُتْرَفِيها)
بالطاعة (فَفَسَقُوا)
أي إن المترف إذا أُمر بالطاعة خالفَ إلى الفسوق «٣».
وَفِي قراءة أُبي بن كعب (بعثنا فيها أكابر مجرميها) وقرأ الْحَسَن (آمرَنا) وروى عَنْهُ (أمِرنا) ولا ندري أنّها حُفظت عَنْهُ لأنا «٤» لا نعرف معناها هاهنا. ومعنى (آمرنا) بالمد: أكثرنا. وقرأ أَبُو العالية الرياحي (أمَّرنا مُتْرفيها) وهو موافق لتفسير ابن عباس، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: سلَّطْنَا رؤساءها ففسقوا فيها.
قوله: كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [١٤] وكل ما فِي القرآن من قوله (وَكَفى بِرَبِّكَ) (وَكَفى بِاللَّهِ) و (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ) فلو ألقيت الباء كَانَ الحرف مرفوعًا كما قَالَ الشاعر «٥» :
ويُخبرني عَن غائب الْمَرْء هَدْيُه | كَفَى الْهَدْيُ عَمَّا غَيَّب المرءُ مُخْبِرا |
(٢) الآية ١٠٦ سورة آل عمران.
(٣) ب: «الفسق»
(٤) روى عن أبى زيد أن (أمر) بكسر الميم كأمر بفتحها بمعنى أكثر. وانظر البحر ٦/ ٢٠
(٥) هو زيادة بن زيد العدوى كما فى اللسان (هدى). والهدى: السيرة والسمت.
وقوله: عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [١٨] أي ذَلِكَ منا لِمن نريد.
وقوله: كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ أوقعت عليهما نُمد أي نُمدهم جَميعًا أي نرزق المؤمن والكافر من عطاء ربّك.
وقوله: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا [٢٣] كقولك: أمر ربك وهي فِي قراءة عبد الله (وَأَوْصَى ربَك) وقال ابن عباس هي (وَوَصَّى) التصقت واوها. والعربُ تَقُولُ تركته يقضي أمور الناس أي يأمر فيها فينفذ أمره.
وقوله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) معناهُ: وأوصى بالوالدين إحسانًا. والعرب تَقُولُ أوصيكَ بِهِ خيرًا، وآمرك بِهِ خيرًا. وَكَانَ معناهُ: آمرك أن تفعل بِهِ ثُمَّ تحذف (أنْ «١» ) فتوصل الخير بالوصية وبالأمر، قَالَ الشاعر:
عجبتُ من دَهْمَاء إذ تشكونا | ومن أبي دهماء إذ يوصينا |
وقوله: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ) فإنه ثنى «٢» لأن الوالدين قد ذكر قبله فصار الفعل عَلَى عددهما، ثُمَّ قَالَ (أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) على الائتناف «٣» كقوله (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا «٤» ) ثم استأنف فقال: (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) وكذلك قوله (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا «٥» النَّجْوَى) ثم استأنف فقال:
(الَّذِينَ ظَلَمُوا) وقد قرأها ناس كَثِير (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ) جعلت (يَبْلُغَنَّ) فعلًا لأحدهما. فكررت «٦» ب فكرت عَلَيْهِ كلاهما.
(٢) هى قراءة حمزة والكسائي وخلف.
(٣) كأن المراد أن يكون الكلام على تقدير فعل أي إن يبلغ أحدهما أو كلاهما كما جاء فى إعراب العكبري والمعروف أن (أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) بدل من الضمير فى (يَبْلُغَنَّ)، وكذا ما بعده مما جعله على الائتناف هو يدل من الضمير فى الفعل قبله عند الكثير، وعند الفراء فاعل لفعل مقدر.
(٤) الآية ٧١ سورة المائدة [.....]
(٥) الآية ٣ سورة الأنبياء
(٦) يريد: عطفت. وفى ا، ش: «فكرت»
سمعت تغٍ تغٍ لصوت الضحك. والذين لَمْ ينونوا وخفضوا قالوا: أفّ عَلَى ثلاثة أحرف، وأكثر الأصوات إنما يكون عَلَى حرفين مثل صَهْ ومثل يغ ومَهْ، فذلك الَّذِي يُخفض ويُنَوَّن فِيهِ لأنه متحرك الأول. ولسنا بمضطرين إلى حركة الثاني من الأدوات وأشباهِها فيُخْفَض «١» فخفض بالنون:
وشبهت أفَّ بقولك مُدَّ ورُدَّ إذ كانت عَلَى ثلاثة أحرف. ويدل عَلَى ذَلِكَ أن بعض العرب قد رفعها فيقول أفُّ لك. ومثله قول الراجز:
سألتُها الوصلَ فقالت مِضِّ... وحَرَّكت لي رأسها بالنَغْض «٢»
كقول «٣» القائل (لا) يقولها بأضراسه. ويُقال: ما علّمك أهلك إلا (مضِّ «٤» ومِضُّ) وبعضهم:
إلا مِضّا يوقع عليها الفعل. وقد قَالَ بعضُ العرب: لا تقولن له أُفا ولا تُفّا يجعل كالاسم فيصيبه الخفض والرفع [والنصب] ثبت فِي ب والنصب «٥» بلا نون يَجوز كما قالوا رُدّ. والعربُ تَقُولُ: جعل يتأفف من ريح وجدها، معناهُ يقول: أفِّ أفِّ. وقد قَالَ الشاعر «٦» فيما نُوّن:
وقفنا فقلنا إِيهِ عَن أمّ سالِمٍ... وَمَا بال تكليم الديار البلاقع
(٢) النغض تحريك الرأس
(٣) فى اللسان (مضض) فى نقل عبارة الفراء: «مض كقول القائل... » وهى ظاهرة.
(٤) فى ا: «مض» وفى ش، ب «إض ومض» وما أثبت من اللسان فى (مضض)
(٥) ا، ش: «إحنا» وما أثبت من اللسان فى الموضع السابق
(٦) هو هو ذو الرمة، وإيه استزادة فى الحديث وأصلها التنوين. ولذلك يقول الفراء: «فيما نون». وانظر الديوان ٣٥٦.
فقُلْن عَلَى الفردوس أوَّل مشرب | أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره |
وقوله: وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ [٢٨] يقول: إذا أتتك قرابتك أو سواهم من المحتاجين يسألونك فأعرضت لأنه لا شيء عندك تعطيهم فقل لهم: قولا ميسورا، يقول: عِدْهُم عِدة حَسَنةً. ثُمَّ نَهاهُ «٥» أن يعطي كل ما عنده حَتَّى لا يبقى محسورًا لا شيء عنده. والعرب تَقُولُ للبعير:
هُوَ محسور إذا انقطعَ سيره وحسرت الدابة إذا سرتها حَتَّى ينقطع سيرها. وقوله: (يَنْقَلِبْ «٦» إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) يحسر عند أقصى بلوغ المنظر.
(٢) هو مضرس بن ربعى الأسدى. والفردوس موضع فى بلاد بنى يربوع. والدعائر جمع دعثور وهو الخوض المتهدم وأصله دعاثيره فحذف الياء للضرورة، والضمير فى «دعائره» للفردوس أو للمشرب. يقول: إن النسوة ارتحلن وذكرن أن أول منهل يصادفنه فى رحلتهن فى الفردوس، فأجابهن الشاعر: حقا ذلك تشربن من هذا الموضع إن أبيحت حياضه ولم تمنع. هذا ويذكر البغدادي فى شرح شواهد المغني فى مبحث جير أن الرواية فى البيت:
وقلن ألا الفردوس أول محضر | من الحي إن كانت أبيرت دعاثره |
(٣) فى ش: «عنهما» والمناسب ما أثبت أي عن هذه القراءة. وأبو بكر هو أحد رواة عاصم.
(٤) أي كلاهما مصدر الذليل. والأولى: «مصدرا الذليل».
(٥) أي فى قوله تعالى فى الآية التالية: «وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا»
(٦) الآية ٤ سورة الملك. [.....]
كما قالوا: قِتْب «٢» وقَتَب، وحِذْرٌ وَحَذَرٌ، ونجسٌ ونَجَسٌ. ومثله قراءة من قرأ (هم «٣» أولاء على أثرى) و (إثرى).
وقوله: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً [٣٣] فِي الاقتصاص أو قبول الدية.
ثُمَّ قَالَ: (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) فقرئت بالتاء «٤» والياء. فمن قَالَ بالياء ذهبَ إلى الولي أي لا يقتلنَّ غير قاتله. يقول فلا يُسرف لولي فِي القتل. قَالَ: حدّثنا القراء قَالَ وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ مِنْدَلٌ وَجَرِيرٌ وَقَيْسٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّهُ قَرَأَ (فَلا تُسْرِفْ) بِالتَّاءِ.
وَفِي قراءة أُبَيّ (فلا يُسْرِفوا فِي القتل).
وقوله (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) يُقال: إن وليَّه كَانَ منصورًا. ويُقال الْهَاء للدم. إن دم المقتول كَانَ منصورًا لأنه ظلم. وقد تكون الْهَاء للمقتول نفسه، وتكون للقتل لأنه فعل فيجري مجرى الدم والله أعلمُ بصواب ذَلِكَ.
وقوله: حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [٣٤] حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ وَحَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الأَشُدُّ. مَا بَيْنَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ إِلَى ثَلاثِينَ.
وقوله: وَلا تَقْفُ [٣٦] أكثر القراء يجعلونها من قفوت، فتحرَّك الفاء إلى الواو، فتقول (وَلا تَقْفُ) وبعضهم قَالَ (ولا تَقُفْ «٥» ) والعربُ تَقُولُ قُفْت أثره وقفوته. ومثله يعتام ويعتمى «٦»
(٢) القتب والقتب: إكاف البعير.
(٣) الآية ٨٤ سورة طه.
(٤) القراءة بالتاء لحمزة والكسائي وخلف، وبالياء لغيرهم.
(٥) فى البحر نسبتها إلى معاذ القارئ.
(٦) أي يختار.
وقد قَالَ الشاعر:
ولو أني رأيتك من بعيد | لعاقكَ من دعاء النِّيب عَاقِي |
حَسِبْتَ بُغَامَ راحِلَتي عَنَاقًا | وما هِيَ وَيْبَ غَيْرِكَ بالعَنَاق «١» |
وقوله: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ [٤٤].
أكثر القراء عَلَى التاء. وهي فِي قراءة عبد الله (سبَّحت لَهُ السموات السبع) فهذا يقوِّي الَّذِينَ قرءوا بالتاء. ولو قرئت «٣» بالياء لكان صوابا كما قرءوا (تَكادُ «٤» السَّماواتُ) و (يكادُ) «٥» وإنَّما حسنت الياء لأنه عدد قليل، وإذا قلَّ العدد من المؤنث والمذكر كانت الياء فِيهِ أحسن من التاء قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي المؤنث القليل (وَقالَ نِسْوَةٌ «٦» فِي الْمَدِينَةِ)، وقال فِي المذكر (فَإِذَا «٧» انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) فجاء بالتذكير. وَذَلِكَ أن أول فعل المؤنث إذا قلّ يكون بالياء، فيقال:
النسوة يقمن ١٠٠ ب. فإذا تقدم الفعل سقطت النون من آخره لأن الاسم ظاهر فثبت الفعل من أوله على
(٢) القراءة الأولى لابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وافقهم الحسن والأعمش والقراءة الآخرة للباقين.
(٣) هى قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبى بكر وأبى جعفر ورويس كما فى الإتحاف.
(٤) الآية ٩٠ سورة مريم.
(٥) هى قراءة نافع والكسائي.
(٦) الآية ٣٠ سورة يوسف.
(٧) الآية ٥ سورة التوبة.
وقوله: عِظاماً وَرُفاتاً: الرفات: التراب لا واحد لَهُ، بِمنزلة الدُّقَاق والحطام.
وقوله: أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ [٥١] قالوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرأيت لو كُنّا الموت من يميتنا؟ فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ (أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) يعني الموت نفسه أي لبعث الله عليكم من يميتكم.
وقوله (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) يُقال أنغض رأسه أي حرَّكه إلى فوق وإلى أسفل.
وأرانا ذَلِكَ أَبُو زكريا «١» فقال برأسه، فألصقه بِحَلْقِه ثُمَّ رفعه كأنه ينظرُ إلى السّقف. والرأس ينغض وينغض. والثنيّة إذا تحركت: قيل نغضت سنة. وإنما يسمى الظليم نَغضًا لأنه إذا عجل مشيه ارتفع وانخفض.
وقوله: (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ) يعني البعث.
وقوله: وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا [٥٤] يقول: حافظا وربّا.
وقوله: زَبُوراً [٥٥] قال الفراء وَحَدَّثَنِي أَبُو بكر قَالَ كَانَ عَاصِم يقرأ (زَبُوراً) بالفتح فِي كل القرآن. وقرأ حَمْزَةُ بالضم.
وقوله: أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ [٥٧] يعني الجن الَّذِينَ كانت خُزاعة تعبدهم. فقال الله عز وجل (أُولئِكَ) يعني الجن الَّذِينَ (يَدعونَهم) يبتغونَ إلى الله. ف (يَدْعُونَ) فعل للذين يعبدونهم. و (يَبْتَغُونَ) فعل للجنّ به «٢» ارتفعوا.
(٢) يريد أن الضمير فى (يبتغون) ارتفع بالفعل.
وقوله: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ [٥٩] (أنْ) فِي موضع نصب (إِلَّا أَنْ كَذَّبَ) أن فِي موضع رفع كما تَقُولُ: ما منعهم الإيمان إلَّا تكذيبهم.
وقوله (النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) جعل الفعل لَهَا. ومن «١» قرأ (مَبْصَرة) أراد: مثل قول عنترة.
والكفر مَخبثَة لنفس المنعم «٢»
فإذا وضعت مفعلة فِي معنى فاعل كفت من الجمع والتأنيث، فكانت موحدة مفتوحة الْعَين، لا يجوز كسرها. العرب تَقُولُ: هَذَا عُشْب مَلْبَنَة «٣» مسمنة «٤»، والولد مبخلة مجبنة. فما ورد عليك منه فأخرجه عَلَى هَذه الصورة. وإن كَانَ من الياء والواو فأظهرهما. تَقُولُ: هَذَا شراب مَبْولة، وهذا كلام مهيبة للرجال «٥»، ومتيهة، وأشباه ذَلِكَ. ومعنى (مبصرة) مضيئة، كما قَالَ الله عز وجل (والنَّهارَ مُبْصِراً) :«٦» مضيئا.
وقوله: إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ [٦٠] يعني أهل مكة أي أَنَّهُ سيفتح لك (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً) يريد: ما أريناكَ ليلة الإسراء إلا فتنة لَهُم، حَتَّى قَالَ بعضهم: ساحر، وكاهن، وأكثروا. (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ) هي شجرة الزَّقوم، نصبتها بجعلنا. ولو رُفعت تُتْبَع الاسم «٧» الَّذِي فِي فتنة من الرؤيا كَانَ صوابًا. ومثله فِي الكلام جعلتك عاملًا وزيدا وزيد.
(٢) صدره:
نبئت عمرا غير شاكر نعمتى
وهو من معلقته.
(٣) أي يغزر عليه اللبن إذا رعى.
(٤) أي يكثر السمن فى لبن المال إذا رعاه.
(٥) ش، ب: «للرجل»
(٦) الآيات ٦٧ سورة يونس، ٨٦ سورة النمل، ٦١ سورة غافر.
(٧) كأنه يريد الضمير فى (فتنة) وعند الكوفيين أن الخبر الجامد يتحمل ضميرا. وفى العكبري أن الرفع قراءة شاذة وأنه على جعل (الشجرة) مبتدأ محذوف الخبر أي فتنة
وقوله: وَاسْتَفْزِزْ [٦٤] يقول استخفّ (بِصَوْتِكَ) بدعائك (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) يعني خيل المشركين ورجالهم.
وقوله (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) كل مال خالطه حرام فهو شركُهُ. وقوله (وَعِدْهُمْ) أي قل لَهُم: لا جنّة ولا نار. ثُمَّ قَالَ الله تبارك وتعالى (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً).
وقوله: لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً [٦٩] يُقال: ثائرًا وطالبًا. فتبيع فِي معنى تابع.
وقوله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ [٧١] قراءة العوامّ بالنون. و (يدعوا «١» ) أيضًا لله تبارك وتعالى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الفراء قَالَ: وسألني هُشيم فقَالَ: هَلْ يجوز (يوم يدعوا كُلُّ أناس) روَوه عَن الْحَسَن فأخبرته أني لا أعرفه، فقال: قد سألتُ أهل العربية عَن ذَلِكَ فلم يعرفوه «٢».
وقوله: وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى [٧٢] يعنى: فى نعم الدُّنْيَا التي اقتصصناها عليكم (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ) فى نعم الآخرة (أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا).
والعرب إذا قالوا: هُوَ أفعل منك قالوه فِي كل فاعل وفَعِيل، وما لا يزاد فِي فعله شيء عَلَى ثلاثة أحرف. فإذا كان على فعللت مثل زخرفت، أو أفعلت مثل احمررت واصفررت لَمْ يقولوا: هُوَ أفعل منك إلا أن يقولوا: هُوَ أشد حمرةً منك، وأشد زخرفةً منك. وإنما جازَ فِي العمى لأنه لَمْ يُرد بِهِ عمى الْعَين، إنّما أراد بِهِ- والله أعلم- عَمَى القلب. فيُقال: فلان أعمى من فلان فِي القلب
(٢) فى الكشاف أن هذا جاء على قلب الألف واوا فى لغة من يقول: أفعو فى أفعى.
فإن جاءك منه شيء فِي شعر فأجزته احتمل النوعان «٣» الإجازة: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي شيخ من أهل البصرة أَنَّهُ سمع العرب تَقُولُ: ما أسود شعره. وسئل الفراء عَن الشيخ فقال: هَذَا بشار الناقط. وقال الشاعر «٤» :
أمّا الملوك فأنتَ اليومَ ألأمهم | لُؤمًا وأبيضهم سِرْبَالَ طبَّاخ |
وقوله: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ [٧٦] لَمّا قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة حسدته اليهود وثَقُلَ عليهم مكانه، فقالوا: إنك لتعلم أن هَذِه البلاد ليست ببلاد الأنبياء، إنما بلادهم
(٢) كأنه يريد مازاد على ثلاثة أحرف كاحمر.
(٣) كأنه يريد بالنوعين ما ليس له فعل ثلاثى، وماله فعل ثلاثى ولا تفاوت فيه ولا تفاضل.
(٤) هو طرفة بن العبد، يقوله فى هجاء عمرو بن هند، كما فى التاج. والسربال: الثوب. كنى ببياض سربال طباخه عن قلة طبخه فيبقى سرباله نظيفا، وهذا يراد به البخل وأنه لا يبذل طعامه، إذ لو كان كذلك لاسود سربال طباخه ويقول ابن الكلبي: إن هذا الشعر منحول لطرفة. وانظر الخزانة ٣/ ٤٨٤ [.....]
(٥، ٦) فى القاموس: «حبالا» وقد نقل هذا عن الصاغاني. وفى التكملة له «حالا» كما هنا فيبدو أنه الصواب.
ولم أقف على وصف هذه اللعبة.
وقوله: سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ [٧٧] نصب السنة عَلَى العذاب المضمر، أي يُعذبون كسنة من قد أرسلنا (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا).
وقوله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ [٧٨].
جاء عَن ابن عباس قَالَ: هُوَ زَيغوغتها وزوالها للظهر. قَالَ أَبُو زكريّا: ورأيت العرب تذهب بالدلوك إلى غياب الشمس أنشدني بعضهم:
هَذَا مَقَام قدَمَيْ رَبَاحِ | ذبَّبَ حَتَّى دَلَكتْ بِراحِ |
وقوله (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) : أوّل ظلمته للمغرب والعشاء.
وقوله (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) أي وأقم قرآن الفجر (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.
وقوله: نافِلَةً لَكَ [٧٩] ليست لأحد نافلة إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه لَيْسَ من أحد إلا يخاف عَلَى نفسه، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد غُفِرَ لَهُ ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فعمله نافلة.
وقوله: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ [٨٠] قَالَ لَهُ فِي المنصرف لِمَا رجع من معسكره إلى المدينة حين أراد الشام (وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) إلى مكة.
وانظر اللسان (برح)
وقوله: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ [٨٤] : ناحيته. وهي الطريقة والجديلة. وسمعت بعض العرب من قضاعة يقول: وعبد الملك إذا ذاك عَلَى جديلته وابن الزبير عَلَى جديلته. والعربُ تَقُولُ: فلان عَلَى طريقة صالِحة، وخيْدَبة صالِحة، وسُرْجُوجة. وعُكْل تَقُولُ: سِرْجيجة.
وقوله: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [٨٥] يقول: مِن علم ربي، لَيْسَ من علمكم.
وقوله: إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [٨٧] استثناء «٤» كقوله (إِلَّا حاجَةً «٥» فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها).
وقوله: عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ [٨٨] جواب «٦» لقوله (لئن) والعربُ إذا أجابت (لئن) ب (لا) جعلوا ما بعد لا رفعًا لأن (لئن) كاليمين، وجواب اليمين ب (لا) مرفوع.
وربما جَزَم الشاعر، لأن (لئن) «٧» إن التي يُجازي بِهَا زيدت عليها لام، فوجّه الفعل فيها إلى فعل، ولو أُتي بيفعل لجاز جزمه. وقد جزم بعضُ الشعراء بلئن، وبعضهم بلا التي هى جوابها.
قال الأعشى:
(٢) الآية ٢٥٥ سورة البقرة
(٣) الآية ١٦٥ سورة الأعراف
(٤) يريد أنه استثناء منقطع بمعنى لكن الاستدراكية، كما فى آية يوسف
(٥) الآية ٦٨ سورة يوسف
(٦) أي قوله: لا يأتون»
(٧) ا: «بعد إن»
لَئِنْ مُنِيتَ بِنا عَن غِبِّ مَعْرَكةٍ | لا تلفنا من دماء القوم ننتفل «١» |
لئِن كَانَ ما حُدِّثْتُهُ اليومَ صادِقًا | أَصُمْ فِي نهار الْقَيْظِ للشَّمسِ بادِيَا |
وأَرْكَبْ حمارًا بين سرجٍ وفروةٍ | وأعْرِ من الخاتام صُغْرَى شماليا «٢» |
لئن تَكُ قد ضاقْت عليكم بُيوتُكُمْ | لَيَعْلَمُ ربي أن بيتي واسعُ «٣» |
وقوله: مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً [٩٠].
الَّذِي ينبع، ويقال: ينبع لغتان. و (تَفْجُرَ) قرأها يَحْيَى بن وثاب وأصحاب عبد الله بالتخفيف «٤». وكأن الفجر مرة واحدة و (فَتُفَجِّرَ) فكأن التفجير من أماكن. وهو بِمنزلة فتحت الأبواب وفتحتها.
وقوله: كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً [٩٢].
و (كِسَفاً) الكسف «٥» : الجماع. قَالَ: سمعت أعرابيًا يقول لبزاز ونحن بطريق مكة:
أعطنى كشفة أي قطعة. والكشف مصدر. وقد تكون الكسف جمع كسفة وكسف.
وقوله (أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا) أي كفيلًا.
وقوله: أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ [٩٣]. المعنى: إلى السماء. غير أن جوازه أنهم قالوا: أو تضع سُلَّمًا فترقى عَلَيْهِ إلى السماء، فذهبت (فى) إلى السلّم.
(٢) انظر ص ٦٧ من الجزء الأول
(٣) انظر ص ٦٦ من الجزء الأول
(٤) قراءة التخفيف العاصم والكسائي وحمزة ويعقوب وخلف وافقهم الحسن والأعمش. وقراءة التشديد للباقين
(٥) قرأ بفتح السين نافع وابن عامر وعاصم وأبو جعفر، وقرأ الباقون بإسكانها [.....]
(أَوْ يَكُونَ «١» لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي حبّان عن الكلبىّ قال: الزخرف: الذهب.
وقوله: لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ [١٠٢] قرأها ابن عباس وابن مسعود (علمت) بنصب التاء.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي هشيم عَن أبي بشر عَن سعيد بن جبير (لَقَدْ عَلِمْتَ) مثله بنصب التاء. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي قَيْسٌ وَأَبُو الأَحْوَصِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ مُرَادٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَلِمَ عَدُوُّ «٢» اللَّهِ، إِنَّمَا عَلِمَ مُوسَى. وَكَانَ يَقْرَأُ (عَلِمْتُ) بِرَفْعِ التَّاءِ. وفسره الكلبي بإسناده عَلَى قراءة عليّ وتفسيره. وأما ابن عباس وابن مسعود فقالا: قد قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ (وَجَحَدُوا «٣» بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) قَالَ الفراء: والفتح أحبّ إِليَّ وقال «٤» بعضهم: قرأ الْكِسَائي بالرفع، فقال: أخالفه أشدَّ الخلاف.
وقوله: يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً [١٠٢] ممنوعًا من الخير. والعرب تَقُولُ: ما ثَبَرك عَن ذا أي ما منعك منه وصرفك عنه.
وقوله: جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً [١٠٤] من هاهنا وهاهنا وكلّ جانب.
وقوله: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ [١٠٦] نصبت القرآن بأرسلناك أي ما أرسلناك إلا مبشّرا ونذيرا وقرآنا أيضًا كما تَقُولُ: ورحمة لأن القرآن رحمة. ويكون نصبه بفرقناهُ عَلَى راجع ذكره. فلما كانت الواو قبله
(٢) يريد فرعون
(٣) الآية ١٤ سورة النمل
(٤) الظاهر أن هذا من المستملي، أي قال المستملي للفراء: إن بعض القراء نسب إلى الكسائي القراءة بالضم فقال الفراء إنى أخالفه فى هذا ولا أقبل قراءته