آياتها تسع وثمانون
هي مكية إلا آية ٤٥ فإنها نزلت بالمدينة، قاله مقاتل، نزلت بعد الشورى.
ووجه مناسبتها ما قبلها : أن مفتتح هذه يشاكل مختتم تلك.
ﰡ
﴿ حم( ١ )والكتاب المبين( ٢ )إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون( ٣ )وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم( ٤ )أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين( ٥ )وكم أرسلنا من نبي في الأولين( ٦ )وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزؤون( ٧ )فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين ﴾( الزخرف : ١-٨ ).
المعنى الجملي : أقسم سبحانه بكتابه المبين لطريق الهدى إنه جعل هذا القرآن بلغة العرب لغة قومك ليفقهوا معناه ويحيطوا به خبرا، وإنه محفوظ في علمه تعالى فليس هو من عند محمد كما تدعون، وإننا لن نترك تذكيركم به لأجل إعراضكم عنه، وانهماككم في الكفر به، رحمة منا ولطفا بكم، ثم حذرهم وأنذرهم بأن كثيرا من الأمم قبلهم ممن كانوا أشد منهم قوة – كذبوا رسلهم فكان عاقبتهم ما رأيتم، وحل بهم ما تشاهدون آثاره.
الإيضاح :{ حم )تقدم الكلام في مثل هذا من قبل.
المعنى الجملي : أقسم سبحانه بكتابه المبين لطريق الهدى إنه جعل هذا القرآن بلغة العرب لغة قومك ليفقهوا معناه ويحيطوا به خبرا، وإنه محفوظ في علمه تعالى فليس هو من عند محمد كما تدعون، وإننا لن نترك تذكيركم به لأجل إعراضكم عنه، وانهماككم في الكفر به، رحمة منا ولطفا بكم، ثم حذرهم وأنذرهم بأن كثيرا من الأمم قبلهم ممن كانوا أشد منهم قوة – كذبوا رسلهم فكان عاقبتهم ما رأيتم، وحل بهم ما تشاهدون آثاره.
﴿ والكتاب المبين ﴾أي والقرآن المبين لطريق الهدى والرشاد، الموضح لما يحتاج إليه البشر في دنياهم وآخرتهم ليفوزوا بالسعادة، فمن سلك سبيله فاز ونجا، ومن تنكب عنه خاب سعيه، وضل سواء السبيل.
المعنى الجملي : أقسم سبحانه بكتابه المبين لطريق الهدى إنه جعل هذا القرآن بلغة العرب لغة قومك ليفقهوا معناه ويحيطوا به خبرا، وإنه محفوظ في علمه تعالى فليس هو من عند محمد كما تدعون، وإننا لن نترك تذكيركم به لأجل إعراضكم عنه، وانهماككم في الكفر به، رحمة منا ولطفا بكم، ثم حذرهم وأنذرهم بأن كثيرا من الأمم قبلهم ممن كانوا أشد منهم قوة – كذبوا رسلهم فكان عاقبتهم ما رأيتم، وحل بهم ما تشاهدون آثاره.
﴿ إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ﴾أي إنا أنزلناه قرآنا عربيا إذا كنتم أيها المنذرون به عربا، لتعقلوا ما فيه من عبر ومواعظ، ولتتدبروا معانيه، ولم ينزله بلسان العجم حتى لا تقولوا نحن عرب، وهذا كلام أعجمي لا نفقه شيئا مما فيه.
المعنى الجملي : أقسم سبحانه بكتابه المبين لطريق الهدى إنه جعل هذا القرآن بلغة العرب لغة قومك ليفقهوا معناه ويحيطوا به خبرا، وإنه محفوظ في علمه تعالى فليس هو من عند محمد كما تدعون، وإننا لن نترك تذكيركم به لأجل إعراضكم عنه، وانهماككم في الكفر به، رحمة منا ولطفا بكم، ثم حذرهم وأنذرهم بأن كثيرا من الأمم قبلهم ممن كانوا أشد منهم قوة – كذبوا رسلهم فكان عاقبتهم ما رأيتم، وحل بهم ما تشاهدون آثاره.
ثم بين شرفه في الملإ الأعلى تعظيما له، وليطيعه أهل الأرض فقال :
﴿ وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ﴾أي وإن هذا الكتاب في علمه الأزلي رفيع الشأن، لاشتماله على الأسرار والحكم التي فيها سعادة البشر وهدايتهم إلى سبيل الحق.
ونحو الآية قوله تعالى :﴿ إنه لقرآن كريم( ٧٧ )في كتاب مكنون( ٧٨ )لا يمسه إلا المطهرون( ٧٩ )تنزيل من رب العالمين ﴾( الواقعة : ٧٧-٨٠ ).
المعنى الجملي : أقسم سبحانه بكتابه المبين لطريق الهدى إنه جعل هذا القرآن بلغة العرب لغة قومك ليفقهوا معناه ويحيطوا به خبرا، وإنه محفوظ في علمه تعالى فليس هو من عند محمد كما تدعون، وإننا لن نترك تذكيركم به لأجل إعراضكم عنه، وانهماككم في الكفر به، رحمة منا ولطفا بكم، ثم حذرهم وأنذرهم بأن كثيرا من الأمم قبلهم ممن كانوا أشد منهم قوة – كذبوا رسلهم فكان عاقبتهم ما رأيتم، وحل بهم ما تشاهدون آثاره.
﴿ أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين ﴾أي أنترك إنذاركم وتذكيركم بالقرآن، لانهماككم في الكفر والإعراض عن أوامره ونواهيه ؟ كلا. لا نفعل ذلك رحمة بكم، وقد كانت حالكم تدعو إلى تخليتكم وما تريدون حتى تموتوا على الضلال.
قال قتادة : لو أن هذا القرآن قد رفع حين ردته أوائل هذه الأمة لهلكوا، ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته فكرره عليها ودعاهم إليه عشرين سنة أو ما شاء الله اه.
أراد أنه تعالى من رحمته ولطفه بخلقه لا يترك دعاءهم إلى الخير وإلى الذكر الحكيم وإن كانوا مسرفين معرضين عنه، بل يأمر به ليهتدي من قدر له الهداية، وتقوم الحجة على من كتب له الشقاوة.
ثم قال مسليا رسوله صلى الله عليه وسلم على تكذيب قومه، آمرا له بالصبر، مهددا للمشركين، منذرا لهم بشديد العقاب.
﴿ وكم أرسلنا من نبي في الأولين* وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون ﴾أي وكثيرا ما أرسلنا في الأمم الغابرة رسلا قبلك كما أرسلناك إلى قومك من قريش، وكلما أتى نبي أمته يدعوهم إلى الهدى وطريق الحق استهزؤوا به وسخروا منه كما يفعل قومك بك – فقومك ليسوا ببدع في الأمم، ولا أنت ببدع في الرسل، فلا تأس على ما تجد منهم ولا يشقن ذلك عليك، فهم قد سلكوا سبيل من قبلهم، واحتذوا حذوهم، ونهجوا نهجهم حذو القذة بالقذة، وكن كما كان أولو العزم من الرسل، واصبر كما صبروا على ما أوذوا في سبيل الله.
المعنى الجملي : أقسم سبحانه بكتابه المبين لطريق الهدى إنه جعل هذا القرآن بلغة العرب لغة قومك ليفقهوا معناه ويحيطوا به خبرا، وإنه محفوظ في علمه تعالى فليس هو من عند محمد كما تدعون، وإننا لن نترك تذكيركم به لأجل إعراضكم عنه، وانهماككم في الكفر به، رحمة منا ولطفا بكم، ثم حذرهم وأنذرهم بأن كثيرا من الأمم قبلهم ممن كانوا أشد منهم قوة – كذبوا رسلهم فكان عاقبتهم ما رأيتم، وحل بهم ما تشاهدون آثاره.
الإيضاح : ثم ذكر عقبى تكذيبهم واستهزائهم برسله تسلية لرسوله وتحذيرا لهم فقال :
﴿ فأهلكنا أشد منهم بطشا ﴾أي فأهلكنا المكذبين بالرسل ولم يقدروا على دفع بأسنا إذ أتاهم، وقد كانوا أشد بطشا من قومك وأشد قوة، فأحر بهؤلاء ألا يعجزونا.
ونحو الآية قوله :﴿ أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة ﴾الآية ( غافر : ٨٢ ).
﴿ ومضى مثل الأولين ﴾أي وقد مضت سنتنا في المكذبين لرسلهم من قبلكم، ورأيتم ما حل بهم، فاحذروا أن يحل بكم مثل ما حل بهم.
ونحو الآية قوله :﴿ فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ﴾( الزخرف : ٥٦ )وقوله :﴿ سنت الله التي قد خلت في عباده ﴾( غافر : ٨٥ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن المشركين منهمكون في كفرهم وإعراضهم عما جاء به القرآن من توحيد الله والبعث – أبان هنا أن أفعالهم تخالف أقوالهم، فإن سألتهم عن الخالق لهذا الكون من سمائه وأرضه ليقولن : الله، وهم مع اعترافهم به يعبدون الأوثان والأصنام، ثم ذكر سبحانه جليل أوصافه، فأرشد إلى أنه هو الذي جعل الأرض فراشا، وجعل فيها طرقا، لتهتدوا بها في سيركم، ونزل من السماء ماء بقدر الحاجة يكفي زرع النبات وسقي الحيوان، وخلق أصناف المخلوقات جميعا من حيوان ونبات، وسخر لكم السفن والدواب لتركبوها وتشكروا الله على ما آتاكم، وتقولوا : لولا لطف الله بنا ما كنا لذلك بمطيقين، وإنا يوم القيامة إلى ربنا راجعون، فيجازي كل نفس بما كسبت، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الإيضاح :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ﴾أي ولئن سألت أيها الرسول هؤلاء المشركين من قومك : من خلق السماوات والأرض ؟ لأجابوك : خلقهن العزيز في سلطانه وانتقامه من أعدائه، العليم بهن وما فيهن لا يخفى عليه شيء من ذلك.
والخلاصة : إنهم يعترفون بأنه لا خالق لهما سواه، وهم مع هذا يعبدون معه غيره من الأصنام والأوثان.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن المشركين منهمكون في كفرهم وإعراضهم عما جاء به القرآن من توحيد الله والبعث – أبان هنا أن أفعالهم تخالف أقوالهم، فإن سألتهم عن الخالق لهذا الكون من سمائه وأرضه ليقولن : الله، وهم مع اعترافهم به يعبدون الأوثان والأصنام، ثم ذكر سبحانه جليل أوصافه، فأرشد إلى أنه هو الذي جعل الأرض فراشا، وجعل فيها طرقا، لتهتدوا بها في سيركم، ونزل من السماء ماء بقدر الحاجة يكفي زرع النبات وسقي الحيوان، وخلق أصناف المخلوقات جميعا من حيوان ونبات، وسخر لكم السفن والدواب لتركبوها وتشكروا الله على ما آتاكم، وتقولوا : لولا لطف الله بنا ما كنا لذلك بمطيقين، وإنا يوم القيامة إلى ربنا راجعون، فيجازي كل نفس بما كسبت، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
ثم دل على نفسه بذكر مصنوعاته فقال :
( ١ )﴿ الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون ﴾أي والعزيز العليم هو الذي مهد لكم الأرض وجعلها لكم وطاء تطئونها بأقدامكم، وتمشون عليها بأرجلكم، وجعل لكم فيها طرقا تنتقلون فيها من بلد إلى آخر، ومن إقليم إلى إقليم لمعاشكم ومتاجركم وابتغاء رزقكم.
والخلاصة : إن الخلق كلهم يتربون على الأرض وهي موضع راحتهم كما يربى الصبي على مهده.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن المشركين منهمكون في كفرهم وإعراضهم عما جاء به القرآن من توحيد الله والبعث – أبان هنا أن أفعالهم تخالف أقوالهم، فإن سألتهم عن الخالق لهذا الكون من سمائه وأرضه ليقولن : الله، وهم مع اعترافهم به يعبدون الأوثان والأصنام، ثم ذكر سبحانه جليل أوصافه، فأرشد إلى أنه هو الذي جعل الأرض فراشا، وجعل فيها طرقا، لتهتدوا بها في سيركم، ونزل من السماء ماء بقدر الحاجة يكفي زرع النبات وسقي الحيوان، وخلق أصناف المخلوقات جميعا من حيوان ونبات، وسخر لكم السفن والدواب لتركبوها وتشكروا الله على ما آتاكم، وتقولوا : لولا لطف الله بنا ما كنا لذلك بمطيقين، وإنا يوم القيامة إلى ربنا راجعون، فيجازي كل نفس بما كسبت، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الإيضاح :( ٢ )﴿ والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون ﴾أي وهو الذي ينزل من السماء ماء بقدر الحاجة، فلا يجعله كثيرا حتى لا يكون عذابا كالطوفان الذي أنزل على قوم نوح، ولا قليلا لا يكفي النبات والزرع، لئلا تهلكوا جوعا، فتحيا به الأقاليم التي كانت خالية من النبات والشجر.
وكما أحيينا الأرض بعد موتها بالماء نحييكم ونخرجكم من قبوركم أحياء.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن المشركين منهمكون في كفرهم وإعراضهم عما جاء به القرآن من توحيد الله والبعث – أبان هنا أن أفعالهم تخالف أقوالهم، فإن سألتهم عن الخالق لهذا الكون من سمائه وأرضه ليقولن : الله، وهم مع اعترافهم به يعبدون الأوثان والأصنام، ثم ذكر سبحانه جليل أوصافه، فأرشد إلى أنه هو الذي جعل الأرض فراشا، وجعل فيها طرقا، لتهتدوا بها في سيركم، ونزل من السماء ماء بقدر الحاجة يكفي زرع النبات وسقي الحيوان، وخلق أصناف المخلوقات جميعا من حيوان ونبات، وسخر لكم السفن والدواب لتركبوها وتشكروا الله على ما آتاكم، وتقولوا : لولا لطف الله بنا ما كنا لذلك بمطيقين، وإنا يوم القيامة إلى ربنا راجعون، فيجازي كل نفس بما كسبت، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الإيضاح :( ٣ )﴿ والذي خلق الزواج كلها ﴾ أي وهو الذي خلق سائر الأصناف مما تنبت الأرض من نبات وأشجار وثمار وأزاهير، ومن الحيوان على اختلاف أجناسها وألوانها ولغاتها.
( ٤ )﴿ وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ﴾أي وهو الذي جعل لكم من السفن ما تركبونه في البحار إلى حيث تقصدون لمعايشكم ومتاجركم، ومن الأنعام ما تركبونه في البر كالخيل والبغال والحمير، ومما سيجد من وسائل المواصلات وطرق النقلة برا وبحرا كما جاء في سورة النحل من قوله تعالى :﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون ﴾( النحل : ٨ ).
لقد علم القبائل ما عقيل لنا في النائبات بمقرنينا
وقول الآخر :
ركبتم صعبتي أشر وحيف ولستم للصعاب بمقرنينا
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن المشركين منهمكون في كفرهم وإعراضهم عما جاء به القرآن من توحيد الله والبعث – أبان هنا أن أفعالهم تخالف أقوالهم، فإن سألتهم عن الخالق لهذا الكون من سمائه وأرضه ليقولن : الله، وهم مع اعترافهم به يعبدون الأوثان والأصنام، ثم ذكر سبحانه جليل أوصافه، فأرشد إلى أنه هو الذي جعل الأرض فراشا، وجعل فيها طرقا، لتهتدوا بها في سيركم، ونزل من السماء ماء بقدر الحاجة يكفي زرع النبات وسقي الحيوان، وخلق أصناف المخلوقات جميعا من حيوان ونبات، وسخر لكم السفن والدواب لتركبوها وتشكروا الله على ما آتاكم، وتقولوا : لولا لطف الله بنا ما كنا لذلك بمطيقين، وإنا يوم القيامة إلى ربنا راجعون، فيجازي كل نفس بما كسبت، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الإيضاح :﴿ لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ﴾أي لكي تستووا على ظهور ما تركبون من الفلك والأنعام، ثم تذكروا نعمة ربكم الذي أنعم به عليكم، فتعظموه وتمجدوه وتقولوا تنزيها له عما يصفه المشركون : سبحان الذي سخر لنا هذا الذي ركبناه، وما كنا لولا تسخيره وتذليله بمطيقين ذلك، فالأنعام مع قوتها ذللها للإنسان ينتفع بها حيث شاء وكيفما أراد، ولولا ذلك ما استطاع الانتفاع بها، ولقد أشار إلى نحو من هذا العباس ابن مرداس فقال في وصف الجمل :
وتضربه الوليدة بالهراوى فلا غير لديه ولا نكير
واعلم أنه سبحانه عين ذكرا خاصا حين ركوب السفينة وهو قوله :﴿ بسم الله مجراها ومرساها ﴾( هود : ٤١ )وذكرا آخر حين ركوب الأنعام وهو قوله :﴿ سبحان الذي سخر لنا هذا ﴾
وذكرا ثالثا حين دخول المنازل وهو قوله :﴿ رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ﴾( المؤمنون : ٢٩ ).
أخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر ركب راحلته ثم كبر ثلاثا ثم قال :﴿ سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ﴾.
قال القرطبي : علمنا سبحانه وتعالى ما نقول إذا ركبنا الدواب، وعرفنا في آية أخرى على لسان نوح عليه السلام ما نقول إذا ركبنا السفن، فكم من راكب دابة عثرت به أو شمست أو تقحمت أو طاح عن ظهرها فهلك، وكم من راكب سفينة انكسرت به فغرق.
فلما كان الركوب مباشرة أمر محظور، واتصالا بسبب من أسباب التلف، أمر ألا ينسى عند اتصاله به موته وأنه هالك لا محالة فمنقلب إلى الله عز وجل غير منفلت من قضائه، ولا يدع ذكر ذلك بقلبه ولسانه حتى يكون مستعدا للقاء الله، والحذر من أن يكون ركوبه ذلك من أسباب موته في علم الله وهو غافل عنه اه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن المشركين منهمكون في كفرهم وإعراضهم عما جاء به القرآن من توحيد الله والبعث – أبان هنا أن أفعالهم تخالف أقوالهم، فإن سألتهم عن الخالق لهذا الكون من سمائه وأرضه ليقولن : الله، وهم مع اعترافهم به يعبدون الأوثان والأصنام، ثم ذكر سبحانه جليل أوصافه، فأرشد إلى أنه هو الذي جعل الأرض فراشا، وجعل فيها طرقا، لتهتدوا بها في سيركم، ونزل من السماء ماء بقدر الحاجة يكفي زرع النبات وسقي الحيوان، وخلق أصناف المخلوقات جميعا من حيوان ونبات، وسخر لكم السفن والدواب لتركبوها وتشكروا الله على ما آتاكم، وتقولوا : لولا لطف الله بنا ما كنا لذلك بمطيقين، وإنا يوم القيامة إلى ربنا راجعون، فيجازي كل نفس بما كسبت، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الإيضاح : ولأجل ما تقدم أشار بقوله :
﴿ وإنا إلى ربنا لمنقلبون ﴾أي وإنا لصائرون إلى ربنا بعد مماتنا، فيجازي كل نفس بما عملت، فاستعدوا لهذا اليوم، ولا تغفلوا عن ذكره في حلكم وترحالكم، يوم ظعنكم ويوم إقامتكم.
تفسير المفردات : جزءا : أي ولدا ؛ إذا قالوا الملائكة بنات الله، وعبر عن الولد بالجزء، لأنه بضعة ممن ولد له، كما قال شاعرهم :
إنما أولادنا أكبا دنا تمشي على الأرض
مبين : أي ظاهر الكفر، من أبان بمعنى ظهر.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السماوات والأرض، أردف هذا ببيان أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلق السماوات والأرض يصفونه بصفات المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو، فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفي الأولاد، وما لو بشر أحدهم به اسود وجها وامتلأ غيظا، ومن يتربى في الزينة وهو لا يكاد يبين حين الجدل، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا، واختاروا لأنفسهم الذكران، ثم أعقبه بالنعي عليهم في جعلهم الملائكة إناثا، وزاد في الإنكار عليهم ببيان أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة، فهل هم شهدوا ذلك ؟ ثم توعدهم على هذه المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
ثم حكى عنهم شبهة أخرى، قالوا : لو شاء الله ألا نعبد الملائكة ما عبدناها، لكنه شاء عبادتها لأنها هي المتحققة فعلا فتكون حسنة ويمتنع النهي عنها، ثم رد مقالهم بأن المشيئة إنما هي ترجيح بعض الأشياء على بعض، ولا دخل لها في حسن أو قبح.
وبعد أن أبطل استدلالهم العقلي نفى أن يكون لهم دليل نقلي على صحة ما يدعون، ثم أبان أن ما فعلوه إنما هو بمحض التقليد عن الآباء دون حجة ولا برهان، وهم ليسوا ببدع في ذلك، فكثير من الأمم قبلهم قالوا مثل مقالهم، مع أن الرسل بينوا لهم الطريق السوي فكفروا به واتبعوا سنن من قبلهم حذو القذة بالقذة، فكان عاقبة أمرهم أن حل بهم نكالنا كما يشاهدون ويرون من آثارهم.
الإيضاح :﴿ وجعلوا له من عباده جزءا ﴾أي وأثبتوا لله ولدا، إذ قالوا الملائكة بنات الله قاله مجاهد والحسن، والولد جزء من والده كما قال عليه السلام :( فاطمة بضعة مني ).
وإن مقالهم هذا يقتضي الكفر من وجهين :
( ١ )كون الخالق جسما محدثا لمشابهة الولد له، فلا يكون إلها ولا خالقا.
( ٢ )الاستخفاف به، إذ جعلوا له أضعف نوعي الإنسان وأخسهما.
ثم أكد كفرهم بقوله :
﴿ إن الإنسان لكفور مبين ﴾أي إن الإنسان لجحود بنعم ربه التي أنعمها عليه، ظاهر كفره لمن تأمل حاله وتدبر أمره.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السماوات والأرض، أردف هذا ببيان أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلق السماوات والأرض يصفونه بصفات المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو، فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفي الأولاد، وما لو بشر أحدهم به اسود وجها وامتلأ غيظا، ومن يتربى في الزينة وهو لا يكاد يبين حين الجدل، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا، واختاروا لأنفسهم الذكران، ثم أعقبه بالنعي عليهم في جعلهم الملائكة إناثا، وزاد في الإنكار عليهم ببيان أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة، فهل هم شهدوا ذلك ؟ ثم توعدهم على هذه المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
الإيضاح : ثم زاد في الإنكار عليهم والتعجب من حالهم فقال :
﴿ أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ﴾أي هل اتخذ سبحانه من خلقه أخس الصنفين لنفسه، واختار لكم أفضلهما ؟ وكأنه قيل : هبو أنه اتخذ ولدا فأنتم قد ركبتم شططا في القسمة فادعيتم أنه سبحانه آثركم على نفسه بخير الجزأين وأعلاهما وترك لنفسه شرهما وأدناهما، فما أنتم إلا حمقى جهلاء.
ونحو الآية قوله :﴿ ألكم الذكر وله الأنثى( ٢١ )تلك إذا قسمة ضيزى ﴾( النجم : ٢١-٢٢ )-جائرة-.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السماوات والأرض، أردف هذا ببيان أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلق السماوات والأرض يصفونه بصفات المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو، فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفي الأولاد، وما لو بشر أحدهم به اسود وجها وامتلأ غيظا، ومن يتربى في الزينة وهو لا يكاد يبين حين الجدل، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا، واختاروا لأنفسهم الذكران، ثم أعقبه بالنعي عليهم في جعلهم الملائكة إناثا، وزاد في الإنكار عليهم ببيان أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة، فهل هم شهدوا ذلك ؟ ثم توعدهم على هذه المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
ثم زاد في التوبيخ والإنكار بقوله :
﴿ وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمان مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم ﴾أي وإذا بشر أحد هؤلاء بما نسبوه لله من البنات أنف وعلته الكآبة والحزن من سوء ما بشر به وتوارى من القوم خجلا.
روي أن بعض العرب وضعت امرأته أنثى فهجر البيت الذي ولدت فيه فقالت :
ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا
غضبان ألا نلد البنينا وليس لنا من أمرنا ماشينا
وإنما نأخذ ما أعطينا
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السماوات والأرض، أردف هذا ببيان أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلق السماوات والأرض يصفونه بصفات المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو، فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفي الأولاد، وما لو بشر أحدهم به اسود وجها وامتلأ غيظا، ومن يتربى في الزينة وهو لا يكاد يبين حين الجدل، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا، واختاروا لأنفسهم الذكران، ثم أعقبه بالنعي عليهم في جعلهم الملائكة إناثا، وزاد في الإنكار عليهم ببيان أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة، فهل هم شهدوا ذلك ؟ ثم توعدهم على هذه المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
ثم كرر الإنكار وأكده فقال :
﴿ أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ﴾أي أو قد جعلوا لله الأنثى التي تتربى في الزينة، وإذا خوصمت لا تقدر على إقامة حجة ولا تقرير دعوى، لنقصان عقلها وضعف رأيها ؟ وما كان ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك.
وفي قوله :﴿ ينشأ في الحلية ﴾إيماء إلى ما فيهن من الدعة ورخاوة الخلق بضعف المقاومة الجسمية واللسانية، كما أن فيه دلالة على أن النشوء في الزينة ونعومة العيش من المعايب والمذام للرجال، وهو من محاسن ربات الحجال، فعليهم أن يجتنبوا ذلك ويأنفوا منه ويربئوا بأنفسهم عنه، قال شاعرهم :
كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول
وروي عن عمر أنه قال :( اخشوشنوا في الطعام، واخشوشنوا في اللباس، وتمعددوا )أي تزيوا بزي معد في تقشفهم.
﴿ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمان إناثا ﴾أي سموهم وحكموا لهم بذلك، وفي هذا كفر من وجوه ثلاثة :
( ١ )إنهم نسبوا إلى الله الولد.
( ٢ )إنهم أعطوه أخس النصيبين.
( ٣ )إنهم استخفوا بالملائكة بجعلهم إناثا.
وقد رد الله عليهم مقالهم فقال :
﴿ أشهدوا خلقهم ﴾أي أحضروا خلق الله لهم، فشاهدوهم بنات حتى يحكموا بأنوثتهم ؟
ونحو الآية قوله :﴿ أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون ﴾( الصافات : ١٥٠ ).
وفي هذا تجهيل شديد لهم، ورمي لهم بالسفه والحمق.
ثم توعدهم على مقالهم فقال :
﴿ ستكتب شهادتهم ويسألون ﴾أي ستكتب هذه الشهادة التي شهدوا بها في الدنيا في ديوان أعمالهم، ويسألون عنها يوم القيامة ليأتوا ببرهان على صحتها، ولن يجدوا لذلك سبيلا.
وفي هذا دليل على أن القول بغير برهان منكر، وأن التقليد لا يغني من الحق شيئا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السماوات والأرض، أردف هذا ببيان أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلق السماوات والأرض يصفونه بصفات المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو، فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفي الأولاد، وما لو بشر أحدهم به اسود وجها وامتلأ غيظا، ومن يتربى في الزينة وهو لا يكاد يبين حين الجدل، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا، واختاروا لأنفسهم الذكران، ثم أعقبه بالنعي عليهم في جعلهم الملائكة إناثا، وزاد في الإنكار عليهم ببيان أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة، فهل هم شهدوا ذلك ؟ ثم توعدهم على هذه المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
الإيضاح : ثم حكى عنهم فنا آخر من فنون كفرهم بالله جاؤوا به للاستهزاء والسخرية فقال :
﴿ وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ﴾أي وقالوا : لو شاء الله لحال بيننا وبين عبادة الأصنام التي هي على صورة الملائكة، فإنه تعالى عالم بذلك وهو قد أقرنا عليه.
وقد جمعوا في هذا أفانين من الكفر وضروبا من الترهات والأباطيل، منها :
( ١ )إنهم جعلوا لله ولدا تقدس سبحانه وتنزه عن ذلك.
( ٢ )دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين، إذ جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمان إناثا.
( ٣ ) عبادتهم لهم بلا دليل ولا برهان ولا إذن من الله، بل بالرأي والهوى والتقليد للأسلاف.
( ٤ )احتجاجهم بتقدير الله ذلك، وقد جهلوا في هذا جهلا كبيرا، فإنه تعالى أنكر ذلك عليهم أشد الإنكار، وهو منذ أن بعث الرسل وأنزل الكتب يأمر بعبادته وحده لا شريك له، وينهى عن عبادة سواه كما قال :﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ﴾( النحل : ٣٦ )وقال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمان آلهة يعبدون ﴾( الزخرف : ٤٥ ).
ثم رد عليهم مقالهم وبين جهلهم بقوله :
﴿ ما لهم بذلك من علم ﴾أي ما لهم على ما قالوا، دليل ولا برهان يستندون إليه في تأييد دعواهم.
ثم أكد هذا الرد بقوله :
﴿ إن هم إلا يخرصون ﴾أي ما هم إلا كاذبون فيما قالوا، متمحلون تمحلا باطلا، متقولون على الله ما لم يقله.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السماوات والأرض، أردف هذا ببيان أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلق السماوات والأرض يصفونه بصفات المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو، فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفي الأولاد، وما لو بشر أحدهم به اسود وجها وامتلأ غيظا، ومن يتربى في الزينة وهو لا يكاد يبين حين الجدل، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا، واختاروا لأنفسهم الذكران، ثم أعقبه بالنعي عليهم في جعلهم الملائكة إناثا، وزاد في الإنكار عليهم ببيان أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة، فهل هم شهدوا ذلك ؟ ثم توعدهم على هذه المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
الإيضاح : وبعد أن بين بطلان قولهم بالعقل أتبعه ببطلانه بالنقل فقال :
﴿ أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون ﴾أي بل أأعطيناهم كتابا من قبل هذا القرآن ينطق بصحة ما يدعون، فهم بذلك الكتاب متمسكون، وعليه معولون.
والخلاصة : إنه لا كتاب لهم بذلك.
ولما بين أنه لا حجة لهم على ذلك من عقل ولا نقل- ذكر أن الحامل لهم على ما جنحوا إليه إنما هو التقليد فقال :
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السماوات والأرض، أردف هذا ببيان أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلق السماوات والأرض يصفونه بصفات المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو، فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفي الأولاد، وما لو بشر أحدهم به اسود وجها وامتلأ غيظا، ومن يتربى في الزينة وهو لا يكاد يبين حين الجدل، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا، واختاروا لأنفسهم الذكران، ثم أعقبه بالنعي عليهم في جعلهم الملائكة إناثا، وزاد في الإنكار عليهم ببيان أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة، فهل هم شهدوا ذلك ؟ ثم توعدهم على هذه المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
الإيضاح :﴿ بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ﴾أي ليس لهم مستند على ما هم فيه من الشرك سوى تقليد الآباء والأجداد، وقد قالوا إنهم أرجح منا أحلاما وأصح أفهاما، ونحن سائرون على طريقتهم، وسالكون نهجهم، ولم نأت بشيء من عند أنفسنا، ولم نغلط في الأتباع واقتفاء الآثار، كما قال قيس بن الخطيم :
كنا على أمة آبائنا ويقتدي بالأول الآخر
والخلاصة : إنهم اعترفوا بأن لا مستند لهم من حيث العيان ولا من حيث العقل ولا من حيث النقل، وإنما يستندون إلى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السماوات والأرض، أردف هذا ببيان أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلق السماوات والأرض يصفونه بصفات المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو، فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفي الأولاد، وما لو بشر أحدهم به اسود وجها وامتلأ غيظا، ومن يتربى في الزينة وهو لا يكاد يبين حين الجدل، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا، واختاروا لأنفسهم الذكران، ثم أعقبه بالنعي عليهم في جعلهم الملائكة إناثا، وزاد في الإنكار عليهم ببيان أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة، فهل هم شهدوا ذلك ؟ ثم توعدهم على هذه المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
الإيضاح : ثم بين سبحانه أن مقال هؤلاء قد سبقهم إلى مثله أشباههم ونظراؤهم من الأمم السالفة المكذبة للرسل فقال :
﴿ وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ﴾أي ومثل هذا المقال المتناهى في الشناعة قالت الأمم الماضية لإخوانك الأنبياء، فلم نرسل قبلك في قرية رسولا إلا قال رؤساؤها وكبراؤها : إنا وجدنا آباءنا على ملة ودين، وإنا على منهاجهم سائرون، نفعل مثل ما فعلوا، ونعبد ما كانوا يعبدون.
فقومك أيها الرسول ليسوا ببدع في الأمم، فهم قد سلكوا نهج من قبلهم من أهل الشرك في جواباتهم بما أجابوك به، واحتجاجهم بما احتجوا به لمقامهم على دينهم الباطل.
ونحو الآية قوله :﴿ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون( ٥٢ )أتواصوا به بل هم قوم طاغون ﴾( الذاريات : ٥٢-٥٣ ).
وإنما قال أولا :﴿ مهتدون ﴾، وثانيا :﴿ مقتدون ﴾، لأن الأول وقع في محاجتهم النبي صلى الله عليه وسلم وادعائهم أن آباءهم كانوا مهتدين وأنهم مهتدون كآبائهم، فناسبه ( مهتدون ) والثاني وقع حكاية عن قوم ادعوا الاقتداء بالآباء دون الاهتداء فناسبه( مقتدون ).
وفي هذا تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم ودلالة على أن التقليد في نحو ذلك ضلال قديم، وتخصيص المترفين بالذكر للإشعار بأن الترف هو الذي أوجب البطر وصرفهم عن النظر إلى التقليد.
ثم حكى ما قاله كل رسول لأمته :
﴿ قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ﴾أي قال لهم الرسول : أتبغون ذلك وتسيرون على نهجه، ولو جئتكم من عند ربكم بدين أهدى إلى طريق الحق، وأدل على سبيل الرشاد مما وجدتم عليه آباءكم من الدين والملة ؟
وتلخيص ذلك : أتتبعون آباءكم وتقلدونهم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم ؟
فأجابوه إجابة تيئيس من اتباعهم له على كل حال.
﴿ قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ﴾أي قالوا : إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه ولو جئتنا بما هو أهدى منه، فكأنهم يقولون : إنهم لو علموا صحة ما جئتهم به ما انقادوا لك، لسوء قصدهم ومكابرتهم للحق وأهله.
وحينئذ لم يبق لهم عذر، ومن ثم قال :
﴿ فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ﴾أي فانتقمنا من هؤلاء المكذبين لرسلهم الجاحدين بربهم، فانظر أيها الرسول كيف كان عاقبة أمرهم حين كذبوا بآياتنا ؟ ألم نهلكهم ونجعلهم عبرة لغيرهم ؟
وفي هذا سلوة لرسوله، وإرشاد له إلى عدم الاكتراث بتكذيب قومه له، ووعيد وتهديد لهم.
تفسير المفردات : لأبيه : أي آزر، براء : كلمة لا تثنى ولا تجمع يقولون : أنا منك براء، ونحن منك براء، فإن قلت : برئ ثنيت وجمعت،
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه في الآية السالفة أن الذي دعا الكفار إلى اعتناق العقائد الزائفة هو تقليد الآباء والأجداد، وبين أنه طريق باطل، ونهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد- أردف هذا أن ذكر لهم أن أشرف آبائهم وهو إبراهيم عليه السلام ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعتهم، فيجب عليكم تقليده، وحين عدل عن طريق آبائه جعل الله دينه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة، وأديان آبائه درست وبطلت.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه في الآية السالفة أن الذي دعا الكفار إلى اعتناق العقائد الزائفة هو تقليد الآباء والأجداد، وبين أنه طريق باطل، ونهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد- أردف هذا أن ذكر لهم أن أشرف آبائهم وهو إبراهيم عليه السلام ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعتهم، فيجب عليكم تقليده، وحين عدل عن طريق آبائه جعل الله دينه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة، وأديان آبائه درست وبطلت.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه في الآية السالفة أن الذي دعا الكفار إلى اعتناق العقائد الزائفة هو تقليد الآباء والأجداد، وبين أنه طريق باطل، ونهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد- أردف هذا أن ذكر لهم أن أشرف آبائهم وهو إبراهيم عليه السلام ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعتهم، فيجب عليكم تقليده، وحين عدل عن طريق آبائه جعل الله دينه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة، وأديان آبائه درست وبطلت.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
﴿ وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ﴾أي وجعل كلمة التوحيد( وهي لا إله إلا الله )كلمة باقية في ذريته يقتدي به فيها من هداه الله منهم، لعل أهل مكة يرجعون عما هم عليه إلى دين أبيهم إبراهيم، فإنهم إذا ذكروا أباهم الأعظم الذي بنى لهم البيت وأورثهم ذلك الفخر، تبعوه فيما يدين به.
قال قتادة : لا يزال من عقبه من يعبد الله إلى يوم القيامة. وقال ابن العربي : إنما كانت لإبراهيم في الأعقاب، موصولة بالأحقاب، بدعوتيه المجابتين : إحداهما قوله :﴿ إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ﴾ ( البقرة : ١٢٤ )فقد قال إلا من ظلم منهم فلا عهد له. ثانيهما قوله :{ واجنبني وبني أن نعبد الأصنام )( إبراهيم : ٣٥ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه في الآية السالفة أن الذي دعا الكفار إلى اعتناق العقائد الزائفة هو تقليد الآباء والأجداد، وبين أنه طريق باطل، ونهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد- أردف هذا أن ذكر لهم أن أشرف آبائهم وهو إبراهيم عليه السلام ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعتهم، فيجب عليكم تقليده، وحين عدل عن طريق آبائه جعل الله دينه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة، وأديان آبائه درست وبطلت.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
الإيضاح :﴿ بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين ﴾أي ولكني متعت هؤلاء المشركين وآباءهم من قبل، ومددت أعمارهم، وأكثرت نعمهم، فشغلتهم النعم والترف والشهوات، فأطاعوا الشيطان ونسوا كلمة التوحيد، فجريت على سنتي أن أجعل في بني إبراهيم من يوحد الله ويدعو من كفر منهم إلى الإيمان، فاخترت محمدا وأنزلت معه الكتاب ليدعو هؤلاء إلى ما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم، وسعادتهم في آخرتهم وأولاهم.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
الإيضاح : ثم وبخهم على إعراضهم عما جاء به من الحق وعدم النظر فيه فقال :
﴿ ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون ﴾أي ولما جاءهم القرآن والرسول الصادق بما معه من المعجزات قالوا : إن ما جاءنا به سحر وليس بوحي من عند الله وإنا به جاحدون، فضموا إلى شركهم معاندة الحق والاستخفاف به.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه في الآية السالفة أن الذي دعا الكفار إلى اعتناق العقائد الزائفة هو تقليد الآباء والأجداد، وبين أنه طريق باطل، ونهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد- أردف هذا أن ذكر لهم أن أشرف آبائهم وهو إبراهيم عليه السلام ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعتهم، فيجب عليكم تقليده، وحين عدل عن طريق آبائه جعل الله دينه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة، وأديان آبائه درست وبطلت.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
الإيضاح : ثم ذكر ضربا آخر من كفرهم بقوله :
﴿ وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ﴾أي وقالوا : إن منصب الرسالة منصب شريف، فلا يليق إلا برجل شريف كثير المال عظيم الجاه، ومحمد ليس بذاك، فمن الحق أن يسند هذا المنصب إما إلى الوليد بن المغيرة بمكة أو إلى عروة ابن مسعود الثقفي بالطائف.
ورحمة ربك : هي النبوة.
والسخري : هو الذي يقهر على العمل.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه في الآية السالفة أن الذي دعا الكفار إلى اعتناق العقائد الزائفة هو تقليد الآباء والأجداد، وبين أنه طريق باطل، ونهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد- أردف هذا أن ذكر لهم أن أشرف آبائهم وهو إبراهيم عليه السلام ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعتهم، فيجب عليكم تقليده، وحين عدل عن طريق آبائه جعل الله دينه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة، وأديان آبائه درست وبطلت.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
الإيضاح : فأنكر الله عليهم ذلك وجهلهم وعجب من حالهم بقوله :
﴿ أهم يقسمون رحمة ربك ﴾أي عجبا لهم كيف جهلوا قدر أنفسهم ؟ أو قد بلغ من أمرهم أن يصطفوا من يشاؤون للنبوة التي لا يصلح لها إلا من بلغ مرتبة روحانية خاصة، وكان ذا فضائل قدسية وكمالات خلقية، مستهينا بالزخارف الدنيوية التي انغمسوا فيها ؟ فهم ليسوا لها بأهل، فضلا عن أن يهبوها لمن يشاؤون.
ثم بين خطأهم في طلب الاصطفاء بحسب ما يهوون فقال :
﴿ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ﴾أي إننا في هذه الحياة فضلنا بعض العباد على بعض، في الغنى والفقر، والقوة والضعف، والعلم والجهل، والشهرة والخمول، لأنا لو سوينا بينهم فيها لم يخدم بعضهم بعضا ولم يسخر أحد غيره، وذلك مما يفضي إلى خراب العالم وفساد الدنيا، ولم يستطع أحد أن يغير نظامنا ولا أن يخرج عن حكمنا.
وإذا كانوا قد عجزوا عن ذلك في أحوال الدنيا فكيف يعترضون علينا في منصب الرسالة ؟
وقصارى ذلك : إنا قسمنا بينهم أرزاقهم، أفلا يقنعون بقسمتنا في أمر النبوة وتفويضها إلى من نشاء من خلقنا ؟
ثم علل ما سلف بقوله :
﴿ ورحمة ربك خير مما يجمعون ﴾أي ورحمة ربك وفضله بالنبوة وما يتبعها من وحي وكتاب ينزل، خير مما يجمعون من حطام الدنيا، فالدنيا على شفا جرف هار، ومظاهرها فانية لا قيمة لها، فهو قد أغدقها على الدواب والأنعام وكثير من جهلة بني آدم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه في الآية السالفة أن الذي دعا الكفار إلى اعتناق العقائد الزائفة هو تقليد الآباء والأجداد، وبين أنه طريق باطل، ونهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد- أردف هذا أن ذكر لهم أن أشرف آبائهم وهو إبراهيم عليه السلام ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعتهم، فيجب عليكم تقليده، وحين عدل عن طريق آبائه جعل الله دينه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة، وأديان آبائه درست وبطلت.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
﴿ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمان لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون* ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون* وزخرفا ﴾أي ولولا أن يعتقد كثير من الجهلة أن إعطاءنا المال للكفار دليل على محبتنا لمن أعطيناه، فيجتمعوا على الكفر، ويرغبوا فيه، إذا رأوا سعة الرزق عندهم – لجعلنا لبيوتهم سقفا من فضة، ومصاعد من فضة، وسررا من فضة، عليها يتكئون، وزينة في كل ما يرتفق به من شؤون الحياة.
ثم بين أن هذه المتعة قصيرة الأمد، سريعة الزوال، فهي متاع الحياة الفانية فقال :
﴿ وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ﴾أي وما كل ذلك إلا متاع قصير زائل، والآخرة بما فيها من ضروب النعيم التي لا يحيط بها عد ولا إحصاء-أعدها الله لمن اتقى الشرك والمعاصي، وعمل بطاعته، وآثر الآخرة على الدنيا.
أخرج الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ).
وكذلك لو أعطيت هذه النعم والسرر والأبواب المصنوعة من الذهب والفضة للمؤمنين، حتى ليصير الناس كلهم هكذا، لأخلت بالمقصود من الإيمان، لأن الترف والنعيم يحجب العقول عن عالم الروحانيات والرقي العقلي، فقل من يتخلص من شرك هذه الآفات، فالشهوات والزينة والزخارف للعقول أشبه بالقاذورات للأجسام، والأجسام القذرة يحوم حولها الذباب، فيلقي فيها بيوضه لتفرخ في القروح والعيون، ويخرج ذباب يعيش من تلك القاذورات، وهكذا النفوس الضعيفة تعيش فيها النفوس المماثلة لها من عالم الشياطين، وتلقي إليها بذور الفساد، فتزرع فيها وتحصدها النفوس خزيا وعارا في الدنيا والآخرة وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
﴿ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمان لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون* ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون* وزخرفا ﴾أي ولولا أن يعتقد كثير من الجهلة أن إعطاءنا المال للكفار دليل على محبتنا لمن أعطيناه، فيجتمعوا على الكفر، ويرغبوا فيه، إذا رأوا سعة الرزق عندهم – لجعلنا لبيوتهم سقفا من فضة، ومصاعد من فضة، وسررا من فضة، عليها يتكئون، وزينة في كل ما يرتفق به من شؤون الحياة.
ثم بين أن هذه المتعة قصيرة الأمد، سريعة الزوال، فهي متاع الحياة الفانية فقال :
﴿ وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ﴾أي وما كل ذلك إلا متاع قصير زائل، والآخرة بما فيها من ضروب النعيم التي لا يحيط بها عد ولا إحصاء-أعدها الله لمن اتقى الشرك والمعاصي، وعمل بطاعته، وآثر الآخرة على الدنيا.
أخرج الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ).
وكذلك لو أعطيت هذه النعم والسرر والأبواب المصنوعة من الذهب والفضة للمؤمنين، حتى ليصير الناس كلهم هكذا، لأخلت بالمقصود من الإيمان، لأن الترف والنعيم يحجب العقول عن عالم الروحانيات والرقي العقلي، فقل من يتخلص من شرك هذه الآفات، فالشهوات والزينة والزخارف للعقول أشبه بالقاذورات للأجسام، والأجسام القذرة يحوم حولها الذباب، فيلقي فيها بيوضه لتفرخ في القروح والعيون، ويخرج ذباب يعيش من تلك القاذورات، وهكذا النفوس الضعيفة تعيش فيها النفوس المماثلة لها من عالم الشياطين، وتلقي إليها بذور الفساد، فتزرع فيها وتحصدها النفوس خزيا وعارا في الدنيا والآخرة وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه في الآية السالفة أن الذي دعا الكفار إلى اعتناق العقائد الزائفة هو تقليد الآباء والأجداد، وبين أنه طريق باطل، ونهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد- أردف هذا أن ذكر لهم أن أشرف آبائهم وهو إبراهيم عليه السلام ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعتهم، فيجب عليكم تقليده، وحين عدل عن طريق آبائه جعل الله دينه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة، وأديان آبائه درست وبطلت.
ثم ذكر أن قريشا وآباءهم مد لهم في العمر والنعمة، فاغتروا بذلك واتبعوا الشهوات، وأعرضوا عن توحيد الله وشكره على آلائه، حتى جاءهم الرسول منبها لهم مذكرا بالنظر إلى من فطرهم وفطر السماوات والأرض وآتاهم من فضله ما يتمتعون به من زينة هذه الحياة، فكذبوه وقالوا : ساحر كذاب، ثم حكى عنهم أنهم قالوا : هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم الجاه كثير المال من إحدى القريتين مكة والطائف، فرد عليهم مقالهم، بأنه قسم الحظوظ الدنيوية بين عباده، فجعل منهم الغني والفقير، والسيد والمسود، والملوك والسوقة، والأقوياء والضعفاء، ولم يغير أحد ما حكم به في أحوال دنياهم على حقارتها، فكيف يعترضون على حكمه فيما هو أرفع درجة، وأشرف غاية، وأعظم مرتبة، وهو منصب النبوة ؟.
ثم ذكر أن التفاوت في شؤون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع والسير به على النهج القويم، فلولاه ما صرف بعضهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل المعيشة، ثم أعقب هذا ببيان أنه لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق لمتعهم بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبوابا من فضة وسقفا وسررا ومصاعد منها وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل والآخرة هي الباقية ؛ وهي لمن يتقي الله ويجتنب الكفر والمعاصي.
ولم يفعل ذلك بالمؤمنين فيوسع عليهم جميعا، ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي، لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض ليكون من يدخله، فإنما يدخله للدليل والبرهان وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
﴿ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمان لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون* ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون* وزخرفا ﴾أي ولولا أن يعتقد كثير من الجهلة أن إعطاءنا المال للكفار دليل على محبتنا لمن أعطيناه، فيجتمعوا على الكفر، ويرغبوا فيه، إذا رأوا سعة الرزق عندهم – لجعلنا لبيوتهم سقفا من فضة، ومصاعد من فضة، وسررا من فضة، عليها يتكئون، وزينة في كل ما يرتفق به من شؤون الحياة.
ثم بين أن هذه المتعة قصيرة الأمد، سريعة الزوال، فهي متاع الحياة الفانية فقال :
﴿ وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ﴾أي وما كل ذلك إلا متاع قصير زائل، والآخرة بما فيها من ضروب النعيم التي لا يحيط بها عد ولا إحصاء-أعدها الله لمن اتقى الشرك والمعاصي، وعمل بطاعته، وآثر الآخرة على الدنيا.
أخرج الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ).
وكذلك لو أعطيت هذه النعم والسرر والأبواب المصنوعة من الذهب والفضة للمؤمنين، حتى ليصير الناس كلهم هكذا، لأخلت بالمقصود من الإيمان، لأن الترف والنعيم يحجب العقول عن عالم الروحانيات والرقي العقلي، فقل من يتخلص من شرك هذه الآفات، فالشهوات والزينة والزخارف للعقول أشبه بالقاذورات للأجسام، والأجسام القذرة يحوم حولها الذباب، فيلقي فيها بيوضه لتفرخ في القروح والعيون، ويخرج ذباب يعيش من تلك القاذورات، وهكذا النفوس الضعيفة تعيش فيها النفوس المماثلة لها من عالم الشياطين، وتلقي إليها بذور الفساد، فتزرع فيها وتحصدها النفوس خزيا وعارا في الدنيا والآخرة وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله.
تفسير المفردات : يقال عشي فلان كرضي إذا حصلت له آفة في بصره، وعشا : كغزا إذا نظر نظر العشي لعارض قال : الحطيئة في المحلق الكلابي :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد
أي تنظر إليها نظر العشي لما يضعف بصرك من كثرة الوقود واتساع الضوء، فالمراد هنا أنه يتعامى عن ذكر الله، نقيض له : أي نهيئ له ونضم إليه، والقرين : الرفيق الذي لا يفارق.
المعنى الجملي : بعد أن بين أن المال متاع الدنيا وهو عرض زائل، ونعيم الآخرة هو النعيم الدائم الذي أعده الله للمتقين – ذكر هنا أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكر الله وصار من جلساء الشياطين الضالين المضلين الذين يصدونه عن السبيل القويم، ويظن أنه مهتد، لأنه يتلقى من الشياطين ما يلائم أخلاقه فيألفه ولا ينكره، ثم ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة تبرأ الكافر من الشيطان قرينه وقال له : ليت بيني وبينك بعد ما بين المشرقين، ثم أعقب هذا ببيان أن اشتراك الكافر مع قرينه الشيطان في العذاب لا يخفف عنه شيئا منه، لاشتغال كل منهما بنفسه.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح :﴿ ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين ﴾أي ومن يتعام عن ذكر الله وينهمك في لذات الدنيا وشهواتها نسلط عليه شياطين الإنس والجن يزينون له أن يرتع في الشهوات، ويلغ في اللذات، فلا يألوا جهدا في ارتكاب الآثام والمحرمات على ما جرت به سنتنا الكونية، كما نسلط الذباب على الأجسام القذرة ونخلق الحيات والعقارب والحشرات في المحال العفنة، لتلطف الجو وترحم الناس والحيوان، وهكذا النفوس الموسوسة للضعفاء توقعهم في الذنوب لاستعدادهم لها، فينالون جزاءهم من عقاب الله وعقوبات البشر واحتقارهم لهم، إلى ما ينالهم من الأمراض الفتاكة والأدواء التي لا يجدي فيها علاج، فيكون ذلك عبرة لهم ولغيرهم وأنى لهم أن تنفعهم تلك الذكرى فقد فات الأوان، ولا ينفع الندم على فائت :
ندم البغات ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
قال الزجاج : معنى الآية : إن من أعرض عن القرآن وما فيه من الحكم إلى أباطيل المضلين – يعاقبه الله بشيطان يقيضه له حتى يضله، ويلازمه قرينا له فلا يهتدي، مجازاة له حين آثر الباطل على الحق المبين اه.
أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي : أن قريشا قالت : قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد رجلا يأخذه، فقيضوا لأبي بكر طلحة بن عبيد الله، فأتاه وهو في القوم فقال أبو بكر : إلام تدعوني ؟قال : أدعوك إلى عبادة اللاّت والعزى قال أبو بكر : وما اللات ؟ قال : أولاد الله، قال : وما العزى ؟ قال : بنات الله، قال أبو بكر : فمن أمهم ؟ فسكت طلحة فلم يجبه، وقال لأصحابه : أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة : قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فأنزل الله هذه الآية، وثبت في صحيح مسلم وغيره أن مع كل مسلم قرينا من الجن.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح :﴿ وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ﴾أي وإن هؤلاء الشياطين الذين يقيضهم الله لكل من يعشو عن ذكر الرحمان ليحولن بينهم وبين سبيل الحق، ويوسوسن لهم أنهم على الجادة وسواهم على الباطل، فيطيعونهم ويكرهن إليهم الإيمان بالله والعمل بطاعته.
أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالع
يرد الشمس والقمر، وبعد المشرقين : أي بعد أحدهما من الآخر.
المعنى الجملي : بعد أن بين أن المال متاع الدنيا وهو عرض زائل، ونعيم الآخرة هو النعيم الدائم الذي أعده الله للمتقين – ذكر هنا أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكر الله وصار من جلساء الشياطين الضالين المضلين الذين يصدونه عن السبيل القويم، ويظن أنه مهتد، لأنه يتلقى من الشياطين ما يلائم أخلاقه فيألفه ولا ينكره، ثم ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة تبرأ الكافر من الشيطان قرينه وقال له : ليت بيني وبينك بعد ما بين المشرقين، ثم أعقب هذا ببيان أن اشتراك الكافر مع قرينه الشيطان في العذاب لا يخفف عنه شيئا منه، لاشتغال كل منهما بنفسه.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح : ثم ذكر حال الكافر مع القرين يوم القيامة فقال :
﴿ حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ﴾أي حتى إذا وافى الكافر يوم القيامة إلينا وعرض عليها أعرض عن قرينه الذي وكل به وتبرأ منه وقال : ليت بيني وبينك بعد ما بين المشرقين والمغربيين، فبئس القرين أنت أيها الشيطان، لأنك قد أضللتني وأوصلتني إلى هذا العذاب المهين، والخزي الدائم، والعيش الضنك، والمحل المقيض المضجع.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح : ثم حكى ما سيقال لهم حينئذ توبيخا وتأنيبا فقال :
﴿ ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون ﴾أي ولن ينفعكم في هذا اليوم اشتراككم في العذاب أنتم وقرناؤكم، كما كان ينفع في الدنيا الاشتراك في المهام الدنيوية، إذ يتعاونون في تحمل أعبائها، ويتقاسمون شدتها وعناءها، فإن لكل منهم من العذاب ما لا تبلغه طاقته، ولا قدرة له على احتماله.
وقد يكون المعنى : ولن ينفعكم ذلك من حيث التأسي، فإن المكروب في الدنيا يتأسى ويستروح بوجدان المشارك في البلوى، فيقول أحدهم لي في البلاء والمصيبة أسوة، فيسكن ذلك من حزنه كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخرا :
يذكرني طلوع الشمس صخرا وأذكره بكل مغيب شمس
فلولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يكون مثل أخي ولكن أعزي النفس عنه بالتأسي
وقصارى ذلك : إنه لا يخفف عنهم بسبب الاشتراك شيء من العذاب، إذ لكل منهم الحظ الأوفر منه.
وقد يكون المعنى : ولن ينفعكم اليوم الاعتذار والندم، فأنتم وقرناؤكم مشتركون في العذاب، كما كنتم مشتركين في سببه في الدنيا.
وقد وصفهم فيما سلف بالعشي ووصفهم بالعمي والصمم، من قبل أن الإنسان لاشتغاله بالدنيا يكون كمن حصل بعينيه ضعف في البصر، وكلما زاد انهماكه بها كان ميله إلى الجسمانيات أشد وإعراضه عن الروحانيات أكمل فقال :
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح :﴿ أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ﴾أي أفأنت تسمع من قد سلبهم الله استماع حججه التي ذكرها في كتابه، أو تهدي إلى طريق الحق من أعمى قلوبهم عن إبصارها، واستحوذ عليهم الشيطان فزين لهم طريق الردى.
والخلاصة : إن ذلك ليس إليك، إنما ذلك إلى من بيده تصريف القلوب وتوجيهها أنى شاء، فعليك البلاغ وعلينا الحساب.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يبالغ في دعاء قومه إلى الإيمان وهم لا يزيدون إلا غيا وتعاميا عما يشاهدون من دلائل النبوة وتصاما عما يسمعون من بينات القرآن.
المعنى الجملي : بعد أن بين أن المال متاع الدنيا وهو عرض زائل، ونعيم الآخرة هو النعيم الدائم الذي أعده الله للمتقين – ذكر هنا أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكر الله وصار من جلساء الشياطين الضالين المضلين الذين يصدونه عن السبيل القويم، ويظن أنه مهتد، لأنه يتلقى من الشياطين ما يلائم أخلاقه فيألفه ولا ينكره، ثم ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة تبرأ الكافر من الشيطان قرينه وقال له : ليت بيني وبينك بعد ما بين المشرقين، ثم أعقب هذا ببيان أن اشتراك الكافر مع قرينه الشيطان في العذاب لا يخفف عنه شيئا منه، لاشتغال كل منهما بنفسه.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح : وبعد أن أيأسه من إيمانهم سلاه بالانتقام منهم لأجله إما حال حياته أو بعد مماته فقال :
﴿ فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون* أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ﴾أي فإن نذهب بك أيها الرسول من بين أظهر المشركين بموت أو غيره فإنا منهم منتقمون كما فعلنا ذلك بغيرهم من الأمم المكذبة لرسلها، أو نرينك الذي وعدناك من الظفر بهم وإعلائك عليهم فإنا عليهم مقتدرون، فنظهرك عليهم ونخزيهم بيديك وأيدي المؤمنين.
وفي التعبير بالوعد وهو سبحانه لا يخالف الميعاد- إشارة إلى أن ذلك سيقع حتما وهكذا كان، فإنه لم يقبض رسوله حتى أقر عينيه من أعدائه، وحكمه في نواصيهم، وملكه ما تضمنته صياصيهم، قاله السدي واختاره ابن جرير.
المعنى الجملي : بعد أن بين أن المال متاع الدنيا وهو عرض زائل، ونعيم الآخرة هو النعيم الدائم الذي أعده الله للمتقين – ذكر هنا أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكر الله وصار من جلساء الشياطين الضالين المضلين الذين يصدونه عن السبيل القويم، ويظن أنه مهتد، لأنه يتلقى من الشياطين ما يلائم أخلاقه فيألفه ولا ينكره، ثم ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة تبرأ الكافر من الشيطان قرينه وقال له : ليت بيني وبينك بعد ما بين المشرقين، ثم أعقب هذا ببيان أن اشتراك الكافر مع قرينه الشيطان في العذاب لا يخفف عنه شيئا منه، لاشتغال كل منهما بنفسه.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح : وبعد أن أيأسه من إيمانهم سلاه بالانتقام منهم لأجله إما حال حياته أو بعد مماته فقال :
﴿ فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون* أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ﴾أي فإن نذهب بك أيها الرسول من بين أظهر المشركين بموت أو غيره فإنا منهم منتقمون كما فعلنا ذلك بغيرهم من الأمم المكذبة لرسلها، أو نرينك الذي وعدناك من الظفر بهم وإعلائك عليهم فإنا عليهم مقتدرون، فنظهرك عليهم ونخزيهم بيديك وأيدي المؤمنين.
وفي التعبير بالوعد وهو سبحانه لا يخالف الميعاد- إشارة إلى أن ذلك سيقع حتما وهكذا كان، فإنه لم يقبض رسوله حتى أقر عينيه من أعدائه، وحكمه في نواصيهم، وملكه ما تضمنته صياصيهم، قاله السدي واختاره ابن جرير.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
ثم أمر رسوله أن يستمسك بما أوحى به إليه فيعمل به فقال :
﴿ فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم ﴾أي فخذ بالقرآن المنزل على قلبك، فإنه هو الحق المفضي إلى الصراط المستقيم، والموصل إلى جنات النعيم، والخير الدائم المقيم.
المعنى الجملي : بعد أن بين أن المال متاع الدنيا وهو عرض زائل، ونعيم الآخرة هو النعيم الدائم الذي أعده الله للمتقين – ذكر هنا أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكر الله وصار من جلساء الشياطين الضالين المضلين الذين يصدونه عن السبيل القويم، ويظن أنه مهتد، لأنه يتلقى من الشياطين ما يلائم أخلاقه فيألفه ولا ينكره، ثم ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة تبرأ الكافر من الشيطان قرينه وقال له : ليت بيني وبينك بعد ما بين المشرقين، ثم أعقب هذا ببيان أن اشتراك الكافر مع قرينه الشيطان في العذاب لا يخفف عنه شيئا منه، لاشتغال كل منهما بنفسه.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح : ثم ذكر ما يستحثه على التمسك به فقال :
﴿ وإنه لذكر لك ولقومك ﴾ أي وإن القرآن لشرف عظيم لك ولقومك، لأنه نزل بلغتهم على رجل منهم، فهم أفهم الناس له، فينبغي أن يكونوا أسبق الناس إلى العمل به.
أخرج الطبراني وابن مردويه عن عدي بن حاتم قال :( كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( ألا إن الله تعالى علم ما في قلبي من حبي لقومي فبشرني فيهم فقال سبحانه :﴿ وإنه لذكر لك ولقومك ﴾الآية ). فجعل الذكر والشرف لقومي – إلى أن قال - فالحمد لله الذي جعل الصديق من قومي والشهيد من قومي، وإن الله قلب العباد ظهرا وبطنا، فكان خير العرب قريش وهي الشجرة المباركة )ثم قال عدي : ما رأيت رسول الله ذكرت عنده قريش بخير إلا سره حتى يتبين ذلك السرور في وجهه للناس كلهم اه.
ونظير الآية قوله في سورة الأنبياء :﴿ لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ﴾( الأنبياء : ١٠ )أي شرفكم، فالقرآن نزل بلسان قريش، وإياهم خاطب، فاحتاج أهل اللغات كلها إلى لسانهم وصاروا عيالا عليهم، حتى يقفوا على معانيه من أمر ونهي ونبأ وقصص وحكمة وأدب.
روى الترمذي عن معاوية رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبه الله تعالى على وجهه ما أقاموا الدين ).
وفي الآية إيماء إلى أن الذكر الجميل والثناء الحسن أمر مرغوب فيه، ولولا ذلك ما امتن الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم به، ولما طلبه إبراهيم عليه السلام بقوله :( واجعل لي لسان صدق في الآخرين )وقال ابن دريد :
وإنما المرء حديث بعده فكن حديثا حسنا لمن وعى
وقال المتنبي
ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته ما فاته وفضول العيش أشغال
﴿ وسوف تسألون ﴾ عن حقه وأداء شكر النعمة فيه.
وخلاصة ما سلف : إن القرآن نزل بلغة العرب، وقد وعد الله بنشر هذا الدين، وأبناء العرب هم العارفون بهذه اللغة، فهم الملزمون بنشرها ونشر هذا الدين للأمم الأخرى فمتى قصروا في ذلك أذلهم الله في الدنيا، وأدخلهم النار في الآخرة، فعسى أن يقرأ هذا أبناء العرب ويعلموا أنهم هم المعلمون للأمم، فيبشروا هذا القرآن ويكتبوا المصاحف باللغة العربية، ويضعوا على هوامشها تفاسير بلغات مختلفة كالإنجليزية والألمانية والروسية حتى تعرف الأمم كلها هذا الدين معرفة حقة خالية من الخرافات التي ألصقها به المبتدعون، ويعود سيرته الأولى، وما ذلك على الله بعزيز.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ؛ ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبي، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من بينهم في الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.
الإيضاح : ثم وبخ مشركي قريش بأن ما هم عليه من عبادة الأصنام لم يأت في شريعة من الشرائع فقال :
﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمان آلهة يعبدون ﴾أي واسأل أمم من أرسلنا من قبلك من الرسل : هل حكمنا بعبادة غير الله ؟ وهل جاء ذلك في ملة من الملل ؟ والمراد بهذا الاستشهاد بيان إجماع المرسلين على التوحيد والتنبيه إلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس ببدع من بين الرسل في الأمر به، حتى يكذب ويعادى له.
وقصارى ذلك : إن الرسل جميعا دعوا إلى ما دعا إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، ونهوا عن عبادة الأصنام.
ونحو الآية قوله :﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ﴾( النحل : ٣٦ ).
تفسير المفردات : الآيات : هي المعجزات، ملئه : أي أشراف قومه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح :﴿ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فقال إني رسول رب العالمين ﴾أي ولقد بعثنا موسى ومعه حججه الدالة على صدقه إلى فرعون وأشراف قومه، كما أرسلناك إلى هؤلاء المشركين من قومك، فقال لهم : إني رسول من قبل الله إليكم، كما قلت أنت لقومك : إني رسول الله إليكم.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح : فطالبوه بإحضار البينة على صدق دعواه كما يدل على ذلك قوله :
﴿ فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ﴾أي فلما جاءهم بالأدلة على صدق قوله فيما يدعوهم إليه من توحيد الله وترك عبادة الآلهة – إذا فرعون وقومه يضحكون من تلك المعجزات، كما أن قومك يسخرون مما جئتهم به.
وفي هذا تسلية لرسوله على ما كان يلقاه من قومه المشركين، وإعلام له بأن قومه لن يعدوا أن يكونوا كسائر الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رسله، وندب له أن يستن بسنة أولي العزم من الرسل في الصبر على أذى أقوامهم وتكذيبهم لهم، وإخبار بأن عقبى أمرهم الهلاك كسنته في الكافرين قبلهم، وظفره بهم، وعلو أمره كما فعل بموسى عليه السلام وقومه الذين آمنوا به من إظهارهم على فرعون وملئه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح :﴿ وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها ﴾أي وما أرينا فرعون وملأه حجة من حججنا الدالة على صدق رسولنا في دعواه الرسالة إلا كانت أعظم من سابقها في الحجية عليهم، وآكد في الدلالة على صحة ما يأمر به من توحيد الله، ومعنى الأخوة بين الآيات تشاكلها وتناسبها في الدلالة على صحة نبوة موسى كما يقال هذه صاحبة هذه أي هما قرينتان في المعنى.
ثم بين ما جوزوا به على تكذيبهم فقال :
﴿ وأخذناهم بالعذاب ﴾أي وأنزلنا عليهم ألوانا من العذاب كنقص الثمرات والجراد والقمل والضفادع.
ثم بين العلة في أخذه لهم بذلك وهو رجاء رجوعهم فقال :
﴿ لعلهم يرجعون ﴾أي لكي يرجعوا عن الكفر إلى الإيمان بالله وطاعته، والتوبة مما هم عليه مقيمون من المعاصي.
ولما عينوا ما جاءهم به من الآيات البينات، والدلالات الواضحات – ظنوا أن ذلك من قبيل السحر.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح :﴿ وقالوا يا أيها الساحر ﴾أي وقالوا : يا أيها العالم الماهر، وكانوا يسمون العلماء سحرة، ويوقرونهم ويعظمونهم ولم يكن السحر صفة ذم عندهم.
وقد يكونون نادوه بذلك في تلك الحال، لشدة شكيمتهم، وفرط حماقتهم.
﴿ ادع لنا ربك بما عهد عندك ﴾أي ادع لنا ربك ليكشف عنا العذاب بما أخبرتنا من عهده إليك، أنا إن آمنا به كشفه عنا.
﴿ إننا لمهتدون ﴾أي إنا لمؤمنون بما جئت به إن حدث ذلك.
ونحو ذلك ما جاء في سورة الأعراف من قولهم :﴿ لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ﴾( الأعراف : ١٣٤ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح : ثم بين ما حدث منهم بعد دعوة موسى وكشف العذاب فقال :﴿ فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ﴾أي فدعانا فكشفنا عنهم العذاب فلم يؤمنوا ونقضوا العهد، وقد كان هذا ديدنهم مع موسى، يعدونه في كل مرة أن يؤمنوا به إذا كشف عنهم الرجز، ثم ينقضون ما عاهدوا الله عليه.
ونحو الآية ما جاء في سورة الأعراف من قوله :﴿ فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين( ١٣٣ )ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل( ١٣٤ )فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ﴾( الأعراف : ١٣٣ – ١٣٥ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح : ثم أخبر سبحانه عن تمرد فرعون وعتوه وعناده فقال :
﴿ ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ﴾أي إنه جمع قومه ونادى فيهم متبجحا مفتخرا بملك مصر وتصرفه فيها وجري الأنهار المنبثقة من نهر النيل تحت قصوره وتحت جنانه وضياعه.
ثم أكد هذا بقوله :
﴿ أفلا تبصرون ﴾ذلك وتستدلون به على قوة ملكي وعظم قدري وضعف موسى عن مقاومتي لما فيه فقر وعي وحصر.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح :﴿ أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين ﴾أي بل أنا ولا شك خير بما لي من السعة في المال والجاه والملك العريض – من هذا المهين الحقير الذي لا يكاد يفصح عما يريد، إذ كان في لسانه حبسة في صغره فعابه بها، وهو لا يعلم أن الله استجاب سؤله حين قال :﴿ واحلل عقدة من لساني( ٢٧ )يفقهوا قولي ﴾( طه : ٢٧ – ٢٨ ). فحل عقدة لسانه كما جاء في قوله :﴿ قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ﴾( طه : ٣٦ ).
قال الحسن البصري : إنه قد بقي منها شيء لم يسأل زواله، وإنما سأل زوال ما يمنع الإبلاغ والإفهام ا. ه.
والأشياء الخلقية لا يعاب المرء بها ولا يذم، لكنه أراد الترويج على رعيته وصدهم عن الإيمان به.
ونحو الآية قوله :﴿ فحشر فنادى( ٢٣ )فقال أنا ربكم الأعلى( ٢٤ ) فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ﴾( النازعات : ٢٣ – ٢٥ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح : ثم ذكر شبهة مانعة له من الرياسة، وهي أنه لا يلبس لبس الملوك، فلا يكون رئيسا ولا رسولا لتلازمهما في زعمه فقال :﴿ فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب ﴾أي فهلا ألقى رب موسى عليه أساور من ذهب إن كان صادقا كما جرت عادتهم بذلك، وهذا شبيه بما قال كفار قريش في عظيم القريتين.
ثم ذكر شبهة أخرى وهي أنه ليس له خدم من الملائكة تعينه فقال :
﴿ أو جاء معه الملائكة مقترنين ﴾أي هلا جاء معه الملائكة متتابعين متقارنين إن كان صادقا، يعينونه على أمره، ويشهدون له بالنبوة، ويمشون معه كما نفعل نحن إذا أرسلنا رسولا في أمر هام يحتاج إلى دفاع، وفيه خصام ونزاع – وهو بهذا أوهم قومه أن الرسل لا بد أن يكونوا على هيئة الجبابرة، أو يكونوا محفوفين بالملائكة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح :
ثم ذكر أن هذه الخدع قد انطلت عليهم، وسحرت ألبابهم، لغفلتهم وضعف عقولهم، فاعترفوا بربوبيته، وكذبوا بنبوة موسى فقال :﴿ فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين ﴾أي فاستخف أحلامهم بقوله وكيده، وبما أبداه من عظمة الملك والرياسة، وجعلها مناطا للعلم والنبوة، وأنه لو كانت هناك نبوة لكان أولى بها، فأطاعوه فيما أمرهم، لأنهم كانوا قوما ذوي ضلال وغي ومن ثم أسرعوا إلى تلبية دعوة ذلك الفاسق الغوي.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح : ثم ذكر جزاءهم على ما اجترحوا من تكذيب رسوله على وضوح الدليل وظهور الحق فقال :﴿ فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ﴾أي فلما أغضبونا بعنادهم وعظيم استكبارهم وبغيهم في الأرض – انتقمنا منهم بعاجل عذابنا، فأغرقناهم جميعا.
وإنما أهلكوا بالغرق ليكون هلاكهم بما تعززوا به وهو الماء في قوله :﴿ وهذه الأنهار تجري من تحتي ﴾.
وفي هذا إشارة إلى أن من تعزز بشيء دون الله أهلكه الله به.
أخرج أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب وابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إذا رأيت الله يعطي العبد ما شاء وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك استدراج منه له )، وقرأ :﴿ فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه فقيرا عديم المال ولجاه – بين هنا أن موسى بعد أو أورد المعجزات الباهرة أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إني غني كثير المال عظيم الجاه، فلي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وموسى فقير مهين وليس له بيان ولا لسان، وهذا شبيه بما قاله كفار قريش.
وأيضا فإنه لما قال :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾( الزخرف : ٤٥ )ذكر هنا قصة موسى وعيسى عليهما السلام وهما أكثر الأنبياء اتباعا وقد جاءا بالتوحيد ولم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله.
ثم ذكر سبحانه أن فرعون قال : هلا ألقى إلى موسى مقاليد الملك فطوق بسوار من ذهب إن كان صادقا، زعما منه أن الرياسة من لوازم الرسالة، أو جاء معه جمع من الملائكة يعينونه على من خالفه، وأعقب هذا بأن ذكر أنه حين دعا قومه إلى تكذيب موسى في دعواه الرسالة أطاعوه لضلالهم وغوايتهم، ولما لم تجد فيهم المواعظ غضبنا وانتقمنا منهم، وجعلناهم قدوة للكافرين، وضربنا بهم الأمثال للناس ليكونوا عبرة لهم.
الإيضاح :﴿ فجعلناهم سلفا ﴾أي فجعلناهم قدوة لمن يعمل عملهم من أهل الضلال ككفار قومك.
﴿ ومثلا للآخرين ﴾أي وعبرة وموعظة لمن يأتي بعدهم من الكافرين.
تفسير المفردات : مثلا : أي حجة وبرهانا، يصدون :( بكسر الصاد ) : أي يصيحون ويرتفع لهم ضجيج وفرح،
المعنى الجملي : روى محمد بن إسحاق في السيرة :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما في المسجد مع الوليد بن المغيرة، فجاء النضر بن الحارث وجلس معهم وفي المسجد غير واحد من رجالات قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليهم :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾( الأنبياء : ٩٨ )، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي وجلس فقال له الوليد بن المغيرة : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال ابن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته، سلوا محمدا، أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :( كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته )وأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾( الأنبياء : ١٠١ )أي عيسى وعزير ومن عبد معهما، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلال أربابا من دون الله، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه السلام وأنه يعبد من دون الله﴿ ولما ضرب ابن مريم مثلا ﴾الآية.
الإيضاح :﴿ ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ﴾أي ولما ضرب ابن الزبعرى عيسى ابن مريم مثلا وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادة النصارى له، إذا قومك من هذا المثل يرتفع لهم ضجيج وجلبة فرحا وسرورا كما يرتفع لغط القوم ولجبهم إذا أعيوا في حجة ثم فتحت عليهم.
وقد روي أن عبد الله بن الزبعرى قبل إسلامه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وقد سمعه يقول :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ﴾ ( الأنبياء : ٩٨ ) أليس النصارى يعبدون المسيح وأنت تقول كان نبيا وعبدا صالحا، فإن كان في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه، ففرح قريش وضحكوا وارتفعت أصواتهم.
المعنى الجملي : روى محمد بن إسحاق في السيرة :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما في المسجد مع الوليد بن المغيرة، فجاء النضر بن الحارث وجلس معهم وفي المسجد غير واحد من رجالات قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليهم :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾( الأنبياء : ٩٨ )، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي وجلس فقال له الوليد بن المغيرة : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال ابن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته، سلوا محمدا، أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :( كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته )وأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾( الأنبياء : ١٠١ )أي عيسى وعزير ومن عبد معهما، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلال أربابا من دون الله، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه السلام وأنه يعبد من دون الله﴿ ولما ضرب ابن مريم مثلا ﴾الآية.
الإيضاح :﴿ وقالوا أآلهتنا خير أم هو ﴾ أي إن آلهتنا ليست خيرا من عيسى، فإذا كان عيسى من حصب جهنم كان أمر آلهتنا أهون.
﴿ ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ﴾أي ما ضربوا لك المثل إلا لأجل الجدل و الغلبة في القول لا لإظهار الحق، فإن قوله :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله ﴾ إنما ينطلق على الأصنام والأوثان ولا يتناول عيسى والملائكة، ولكنهم قوم ذوو لدد في الخصومة، مجبولون على سوء الخلق واللجاج.
قال صاحب الكشاف : إن ابن الزبعرى بخبه وخداعه وخبث دخلته لما رأى كلام الله ورسوله محتملا لفظه وجه العموم مع علمه بأن المراد به أصنامهم لا غير – وجد للحيلة مساغا فصرف معناه إلى الشمول والإحاطة بكل معبود غير الله، على طريقة المحك والجدال وحب المغالبة والمكابرة وتوقح في ذلك، فتوقر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أجاب عنه ربه بقوله :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾( الأنبياء : ١٠١ ) فدل به على أن الآية خاصة في الأصنام ا. ه.
أخرج سعيد بن منصور وأحمد في جماعة عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل )، ثم تلا هذه الآية.
المعنى الجملي : روى محمد بن إسحاق في السيرة :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما في المسجد مع الوليد بن المغيرة، فجاء النضر بن الحارث وجلس معهم وفي المسجد غير واحد من رجالات قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليهم :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾( الأنبياء : ٩٨ )، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي وجلس فقال له الوليد بن المغيرة : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال ابن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته، سلوا محمدا، أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :( كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته )وأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾( الأنبياء : ١٠١ )أي عيسى وعزير ومن عبد معهما، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلال أربابا من دون الله، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه السلام وأنه يعبد من دون الله﴿ ولما ضرب ابن مريم مثلا ﴾الآية.
الإيضاح : ثم بين أن عيسى عبد من عبيده الذين أنعم عليهم بقوله :
﴿ إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ﴾أي ما عيسى ابن مريم إلا عبد أنعمنا عليه بالنبوة وروادفها، فهو رفيع المنزلة علي القدر، وقد جعلناه آية، بأن خلقناه من غير أب، وشرفناه بالنبوة، وصيرناه عبرة سائرة، تفتح للناس باب التذكر والفهم، وليست مخالفة العادة بموجبة لعبادته كما يزعم النصارى، بل مذكرة بعبادة الخالق الحكيم.
المعنى الجملي : روى محمد بن إسحاق في السيرة :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما في المسجد مع الوليد بن المغيرة، فجاء النضر بن الحارث وجلس معهم وفي المسجد غير واحد من رجالات قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليهم :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾( الأنبياء : ٩٨ )، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي وجلس فقال له الوليد بن المغيرة : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال ابن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته، سلوا محمدا، أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :( كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته )وأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾( الأنبياء : ١٠١ )أي عيسى وعزير ومن عبد معهما، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلال أربابا من دون الله، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه السلام وأنه يعبد من دون الله﴿ ولما ضرب ابن مريم مثلا ﴾الآية.
الإيضاح :﴿ ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون ﴾أي ولو نشاء لجعلنا ذريتكم ملائكة يخلفونكم في الأرض كما يخلفكم أولادكم، كما خلقنا عيسى من أنثى بلا ذكر وجعلناه رجلا.
وقد يكون المعنى على التهديد والتخويف لقريش ويكون المراد – لو نشاء لأهلكناكم وجعلنا بدلكم في الأرض ملائكة يعمرونها ويعبدوننا.
والخلاصة : إننا لو نشاء لجعلنا في الأرض عجائب كأمر عيسى بحيث يلد الرجل ملكا فيخلفه، فباب العجائب وتغير السنن لا حد له عندنا، فكم من نواميس خافية عليكم بيدنا تصريفها.
المعنى الجملي : روى محمد بن إسحاق في السيرة :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما في المسجد مع الوليد بن المغيرة، فجاء النضر بن الحارث وجلس معهم وفي المسجد غير واحد من رجالات قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليهم :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾( الأنبياء : ٩٨ )، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي وجلس فقال له الوليد بن المغيرة : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال ابن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته، سلوا محمدا، أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :( كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته )وأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾( الأنبياء : ١٠١ )أي عيسى وعزير ومن عبد معهما، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلال أربابا من دون الله، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه السلام وأنه يعبد من دون الله﴿ ولما ضرب ابن مريم مثلا ﴾الآية.
الإيضاح :﴿ وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعوني هذا صراط مستقيم ﴾أي وإن القرآن ليعلمكم بقيام الساعة، ويخبركم عنها وعن أهوالها، فلا تشكن فيها واتبعوا هداي، فهذا الذي أدعوكم إليه هو الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه وهو الموصل إلى الحق.
الإيضاح :﴿ ولا يصدنكم الشيطان ﴾ أي ولا تغتروا بوساوس الشيطان وشبهه التي يوقعها في قلوبكم، فيمنعكم ذلك عن اتباعي، فإن الذي دعوتكم إليه هو دين الله الذي اتفق عليه رسله وكتبه.
ثم علل نهيهم عن اتباعه بعداوته لهم فقال :
﴿ إنه لكم عدو مبين ﴾أي إنه مظهر لعداوته لكم، غير متحاش ولا متكتم لها كما يدل على ذلك ما وقع بينه وبين أبيكم آدم من امتناعه عن السجود له، وما ألزم به نفسه من إغواء جميع بني آدم إلا عباد الله المخلصين.
المعنى الجملي : روى محمد بن إسحاق في السيرة :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما في المسجد مع الوليد بن المغيرة، فجاء النضر بن الحارث وجلس معهم وفي المسجد غير واحد من رجالات قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليهم :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾( الأنبياء : ٩٨ )، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي وجلس فقال له الوليد بن المغيرة : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال ابن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته، سلوا محمدا، أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :( كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته )وأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾( الأنبياء : ١٠١ )أي عيسى وعزير ومن عبد معهما، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلال أربابا من دون الله، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه السلام وأنه يعبد من دون الله﴿ ولما ضرب ابن مريم مثلا ﴾الآية.
الإيضاح :﴿ ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه ﴾ أي ولما جاء عيسى بالمعجزات الواضحة قال : قد جئتكم بالشرائع التي فيها صلاح البشر، ولأبين لكم بعض ما اختلف فيه قوم موسى من أحكام الدين دون أمور الدنيا كطرق الفلاحة والتجارة، فإن الأنبياء لم يبعثوا لبيانها كما يشير إلى ذلك قوله عليه الصلاة والسلام حين نهاهم عن تأبير النخل( تلقيحه بالطلع ) ففسد الثمر ولم يغل شيئا نافعا :( أنتم أعلم بأمور دنياكم وأنا أعلم بأمور دينكم ).
ولما بين لهم أصول الدين وفروعه قال :
﴿ فاتقوا الله وأطيعوني ﴾أي فاتقوا الله في مخالفتي، وخافوا أن يحل بكم عقابه، وأطيعوني فيما أبلغكم عنه من الشرائع والتكاليف.
الإيضاح : ثم فصل ما يأمرهم به بقوله :
﴿ إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه ﴾أي إن الله الذي يستحق إفراده بالألوهية وإخلاص الطاعة له – ربي وربكم، فأنا وأنتم عبيد له فقراء إليه.
﴿ هذا صراط مستقيم ﴾ أي هذا الذي جئتكم به هو الصراط المستقيم، وكل الديانات جاءت بمثله، فما هو إلا اعتقاد بوحدانية الله، وتعبد بشرائعه.
وقصارى ذلك : إنه علم بحقائق، وعمل بشرائع.
الإيضاح : ولما كان الطريق القويم يجب الاجتماع عليه، والاتفاق على سلوكه – بين أنهم خالفوا ذلك فاختلفوا فيه فقال :
﴿ فاختلف الأحزاب من بينهم ﴾ أي فاختلف النصارى وصاروا شيعا، من ملكانية إلى نسطورية إلى يعقوبية، فمنهم من يقر بأنه عبد الله ورسوله وهو الحق، ومنهم من يدعي أنه ابن الله، ومنهم من يقول إنه الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
﴿ فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ﴾ أي فالويل لهؤلاء المختلفين الذين أشركوا بالله وقالوا في عيسى ما كفروا به – من عذاب يوم القيامة حتى يحاسبون على ما قالوا وعلى ما عملوا.
الإيضاح : ثم حذرهم وأنذرهم على ما هم فيه من الخلاف دون أن يتبينوا وجه الحق فقال :
﴿ هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون ﴾أي هل ينتظر هؤلاء الأحزاب المختلفون في شأن عيسى القائلون فيه الباطل من القول – إلا أن تقوم الساعة بغتة وهم غافلون عنها لا يعلمون بمجيئها لاشتغالهم بأمر دنياهم وإنكارهم لها، فيندمون حين لا ينفعهم الندم، ولا يدفع ذلك عنهم شيئا.
ونحو الآية قوله تعالى :﴿ تأخذهم وهم يخصمون ﴾( يس : ٤٩ ).
روى ابن مردويه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( تقوم الساعة والرجلان يحلبان النعمة، والرجلان يطويان الثوب )، ثم قرأ :﴿ هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون ﴾.
تفسير المفردات : الأخلاء : واحدهم خليل، وهو الصديق الحميم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف أن يوم القيامة سيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون أردف ذلك بيان أحوال ذلك اليوم، فمنها أن الأخلاء يتعادون فيه إلا من تخالوا على الإيمان والتقوى، ومنها أن المؤمنون لا يخافون من سلب نعمة يتمتعون بها، ولا يحزنون على فقد نعمة قد فاتتهم، ومنها أنهم يتمتعون بفنون من الترف والنعيم فيطاف عليهم بصحاف من ذهب فيها ما لذ وطاب من المآكل، وبأكواب وأباريق فيها شهي المشارب، ويقال لهم هذا النعيم كفاء ما قدمتم من عمل بأوامر الشرع ونواهيه، وأسلفتم من إخلاص لله وتقوى له.
الإيضاح :﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾ أي كل صداقة وخلة فإنها تنقلب في ذلك اليوم إلى عداوة إلا ما كانت في الله وفي سبيله، فإنها تبقى في الدنيا والآخرة.
ونحو الآية ما قاله إبراهيم لقومه :﴿ إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ﴾( العنكبوت : ٢٥ ).
الإيضاح : ثم ذكر ما يتلقى به سبحانه عباده المؤمنين المتحابين في الله تشريفا لهم وتسكينا لروعهم مما يرون من الأهوال فقال :
﴿ يا عباد لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ﴾ أي ونقول لهم حينئذ : يا عباد لا تخافوا من عقابي، فإني قد أمنتكم منه برضاي عنكم، ولا تحزنوا على فراق الدنيا، فإن الذي تقدمون عليه خير لكم مما فارقتموه منها.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف أن يوم القيامة سيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون أردف ذلك بيان أحوال ذلك اليوم، فمنها أن الأخلاء يتعادون فيه إلا من تخالوا على الإيمان والتقوى، ومنها أن المؤمنون لا يخافون من سلب نعمة يتمتعون بها، ولا يحزنون على فقد نعمة قد فاتتهم، ومنها أنهم يتمتعون بفنون من الترف والنعيم فيطاف عليهم بصحاف من ذهب فيها ما لذ وطاب من المآكل، وبأكواب وأباريق فيها شهي المشارب، ويقال لهم هذا النعيم كفاء ما قدمتم من عمل بأوامر الشرع ونواهيه، وأسلفتم من إخلاص لله وتقوى له.
الإيضاح : ثم بين من يستحق هذا النداء وذلك التكريم فقال :
﴿ الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ﴾أي الذين آمنت قلوبهم، وصفت نفوسهم، وانقادت لشرع الله بواطنهم وظواهرهم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف أن يوم القيامة سيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون أردف ذلك بيان أحوال ذلك اليوم، فمنها أن الأخلاء يتعادون فيه إلا من تخالوا على الإيمان والتقوى، ومنها أن المؤمنون لا يخافون من سلب نعمة يتمتعون بها، ولا يحزنون على فقد نعمة قد فاتتهم، ومنها أنهم يتمتعون بفنون من الترف والنعيم فيطاف عليهم بصحاف من ذهب فيها ما لذ وطاب من المآكل، وبأكواب وأباريق فيها شهي المشارب، ويقال لهم هذا النعيم كفاء ما قدمتم من عمل بأوامر الشرع ونواهيه، وأسلفتم من إخلاص لله وتقوى له.
الإيضاح : ثم ذكر ما يقال لهم على سبيل البشرى فقال :﴿ ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ﴾أي ادخلوا الجنة أيها المؤمنون أنتم وأزواجكم مغبوطين بكرامة الله، مسرورين بما أعطاكم من مننه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف أن يوم القيامة سيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون أردف ذلك بيان أحوال ذلك اليوم، فمنها أن الأخلاء يتعادون فيه إلا من تخالوا على الإيمان والتقوى، ومنها أن المؤمنون لا يخافون من سلب نعمة يتمتعون بها، ولا يحزنون على فقد نعمة قد فاتتهم، ومنها أنهم يتمتعون بفنون من الترف والنعيم فيطاف عليهم بصحاف من ذهب فيها ما لذ وطاب من المآكل، وبأكواب وأباريق فيها شهي المشارب، ويقال لهم هذا النعيم كفاء ما قدمتم من عمل بأوامر الشرع ونواهيه، وأسلفتم من إخلاص لله وتقوى له.
الإيضاح : وبعدئذ ذكر طرفا مما يتمتعون به من النعيم فقال :
﴿ يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب ﴾أي وبعد أن يستقروا في الجنة ويهدأ روعهم يطاف عليهم بجفان من الذهب مترعة بألوان الأطعمة والحلوى، وبأكواب فيها أصناف الشراب مما لذ وطاب.
وبعد أن فصل بعض ما في الجنة من نعيم، عمم في ذلك فقال :
﴿ وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ﴾أي وفي الجنة ما تشتهيه أنفس أهلها من صنوف الأطعمة والأشربة والأشياء المعقولة والمسموعة ونحوها مما تطلبه النفوس وتهواه كائنا ما كان، جزاء لهم على ما منعوه أنفسهم من الشهوات، وفيها ما تقر أعينهم بمشاهدته، وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم، وأنتم لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولا.
أخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن عبد الرحمان بن سابط قال : قال رجل : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل في الجنة خيل فإني أحب الخيل ؟ قال :( إن يدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت إلا فعلت )، وسأله آخر فقال : يا رسول الله هل في الجنة من إبل فإني أحب الإبل ؟ فقال :( إن يدخلك الله الجنة يكن لك ما اشتهيت نفسك ولذت عينك ).
الإيضاح : ثم ذكر أن هذا كان فضلا من ربكم آتاكموه كفاء أعمالكم التي أسلفتموها فقال :
﴿ وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾أي وهذه الجنة جعلها الله لكم باقية كالميراث الذي يبقى عن المورث، جزاء ما قدمتم من عمل صالح.
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فالكافر يرث المؤمن منزله في النار، والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة )وذلك قوله :﴿ وتلك الجنة التي أورثتموها ﴾.
الإيضاح : وبعد أن ذكر الطعام والشراب ذكر الفاكهة فقال :
﴿ لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون ﴾أي لكم فيها صنوف من الفواكه لا حصر لها، تأكلون منها حيثما شئتم، وكيفما اخترتم.
تفسير المفردات : المراد بالمجرمين هنا الراسخون في الإجرام وهم الكفار.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أعد لأهل الجنة من النعيم المقيم، والتمتع بفنون اللذات من المآكل والمشارب والفواكه – أعقب ذلك بذكر ما يكون فيه الكفار من العذاب الأليم الدائم الذي لا يخفف عنهم أبدا، وهم في حزن لا ينقطع، ثم ذكر أن هذا ليس إلا جزاء وفاقا لما دسوا به أنفسهم من سيئ الأعمال، ثم أردف ذلك بمقال أهل النار لخزنة جهنم وطلبهم من ربهم أن يموتوا حتى يستريحوا مما هم فيه من العذاب، ثم إجابته لهم عن ذلك، ثم وبخهم على ما عملوا في الدنيا واستحقوا به العذاب، ثم ذكر ما أحكموا تدبيره من رد الحق وإعلاء شأن الباطل ظنا منهم أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، وقد وهموا فيما ظنوا، فإن الله عليم بذلك ورسله يكتبون كل ما صدر عنهم من قول أو فعل.
الإيضاح :﴿ إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ﴾أي إن الذين اجترموا الكفر بالله في الدنيا يجازيهم ربهم بعذاب جهنم خالدين فيه أبدا لا ينفك عنهم ولا يجدون عنه حولا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أعد لأهل الجنة من النعيم المقيم، والتمتع بفنون اللذات من المآكل والمشارب والفواكه – أعقب ذلك بذكر ما يكون فيه الكفار من العذاب الأليم الدائم الذي لا يخفف عنهم أبدا، وهم في حزن لا ينقطع، ثم ذكر أن هذا ليس إلا جزاء وفاقا لما دسوا به أنفسهم من سيئ الأعمال، ثم أردف ذلك بمقال أهل النار لخزنة جهنم وطلبهم من ربهم أن يموتوا حتى يستريحوا مما هم فيه من العذاب، ثم إجابته لهم عن ذلك، ثم وبخهم على ما عملوا في الدنيا واستحقوا به العذاب، ثم ذكر ما أحكموا تدبيره من رد الحق وإعلاء شأن الباطل ظنا منهم أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، وقد وهموا فيما ظنوا، فإن الله عليم بذلك ورسله يكتبون كل ما صدر عنهم من قول أو فعل.
الإيضاح :﴿ لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ﴾أي لا يخفف عنهم لحظة وهم فيه ساكتون سكوت يأس من النجاة والفرج، ولا منافاة بين هذا وبين قوله الآتي : ونادوا : يا مالك الخ لأن تلك أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة، فتختلف بهم الأحوال، فيسكتون تارة لغلبة اليأس عليهم وعلمهم أنه لا فرج، ويشتد عليهم العذاب أخرى فيستغيثون.
الإيضاح : ثم ذكر أن ذلك العذاب جزاء ما كسبت أيديهم فقال :
﴿ وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ﴾أي وما ظلمنا هؤلاء المجرمين بفعلنا بهم ما أخبرناكم أننا فاعلون بهم، ولكن هم الذين أساؤوا إلى أنفسهم، فكذبوا الرسل وعصوهم بعد أن أقاموا الحجة عليهم، فأتوهم بباهر المعجزات.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أعد لأهل الجنة من النعيم المقيم، والتمتع بفنون اللذات من المآكل والمشارب والفواكه – أعقب ذلك بذكر ما يكون فيه الكفار من العذاب الأليم الدائم الذي لا يخفف عنهم أبدا، وهم في حزن لا ينقطع، ثم ذكر أن هذا ليس إلا جزاء وفاقا لما دسوا به أنفسهم من سيئ الأعمال، ثم أردف ذلك بمقال أهل النار لخزنة جهنم وطلبهم من ربهم أن يموتوا حتى يستريحوا مما هم فيه من العذاب، ثم إجابته لهم عن ذلك، ثم وبخهم على ما عملوا في الدنيا واستحقوا به العذاب، ثم ذكر ما أحكموا تدبيره من رد الحق وإعلاء شأن الباطل ظنا منهم أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، وقد وهموا فيما ظنوا، فإن الله عليم بذلك ورسله يكتبون كل ما صدر عنهم من قول أو فعل.
الإيضاح : ثم ذكر ما يقوله أهل النار وما يجيبهم به خزنتها فقال :
﴿ ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ﴾أي ونادى المجرمون من شدة العذاب فقالوا : يا مالك ادع لنا ربك أن يقبض أرواحنا ليريحنا مما نحن فيه، فأجابهم بقوله : إنكم ماكثون لا خروج لكم منها، ولامحيص لكم عنها.
ونحو الآية قوله تعالى :﴿ لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ﴾ ( فاطر : ٣٦ ) وقوله :﴿ ويتجنبها الأشقى( ١١ )الذي يصلى النار الكبرى( ١٢ )ثم لا يموت فيها ولا يحيى ﴾( الأعلى : ١١ – ١٣ ).
الإيضاح : ثم خاطبهم خطاب تقريع وتوبيخ وبين سبب مكثهم فيها بقوله :
﴿ لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون ﴾أي لقد بينا لكم الحق على ألسنة رسلنا وأنزلنا إليكم الكتب مرشدة إليه، ولكن سجاياكم لا تقبله ولا تقبل عليه، وإنما تنقاد للباطل وتعظمه، وتصد عن الحق وتأباه، وتبغض أهله، فعودوا على أنفسكم بالملامة، واندموا حيث لا تنفعكم الندامة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أعد لأهل الجنة من النعيم المقيم، والتمتع بفنون اللذات من المآكل والمشارب والفواكه – أعقب ذلك بذكر ما يكون فيه الكفار من العذاب الأليم الدائم الذي لا يخفف عنهم أبدا، وهم في حزن لا ينقطع، ثم ذكر أن هذا ليس إلا جزاء وفاقا لما دسوا به أنفسهم من سيئ الأعمال، ثم أردف ذلك بمقال أهل النار لخزنة جهنم وطلبهم من ربهم أن يموتوا حتى يستريحوا مما هم فيه من العذاب، ثم إجابته لهم عن ذلك، ثم وبخهم على ما عملوا في الدنيا واستحقوا به العذاب، ثم ذكر ما أحكموا تدبيره من رد الحق وإعلاء شأن الباطل ظنا منهم أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، وقد وهموا فيما ظنوا، فإن الله عليم بذلك ورسله يكتبون كل ما صدر عنهم من قول أو فعل.
الإيضاح : وبعد أن ذكر كيفية عذابهم في الآخرة، بين سببه وهو مكرهم وسوء طويتهم في الدنيا فقال :﴿ أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون ﴾أي بل هم تحيلوا في رد الحق بالباطل بوجوه من الحيل والمكر، فكادهم الله تعالى ورد عليهم سوء كيدهم بتخليدهم في النار معذبين فيها أبدا.
وقصارى ذلك : أحكموا كيد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنا محكمون لهم كيدا قاله مجاهد وقتادة وابن زيد.
ونحو الآية قوله :﴿ ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون ﴾( النمل : ٥٠ ).
وقوله :﴿ أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون ﴾( الطور : ٤٢ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أعد لأهل الجنة من النعيم المقيم، والتمتع بفنون اللذات من المآكل والمشارب والفواكه – أعقب ذلك بذكر ما يكون فيه الكفار من العذاب الأليم الدائم الذي لا يخفف عنهم أبدا، وهم في حزن لا ينقطع، ثم ذكر أن هذا ليس إلا جزاء وفاقا لما دسوا به أنفسهم من سيئ الأعمال، ثم أردف ذلك بمقال أهل النار لخزنة جهنم وطلبهم من ربهم أن يموتوا حتى يستريحوا مما هم فيه من العذاب، ثم إجابته لهم عن ذلك، ثم وبخهم على ما عملوا في الدنيا واستحقوا به العذاب، ثم ذكر ما أحكموا تدبيره من رد الحق وإعلاء شأن الباطل ظنا منهم أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، وقد وهموا فيما ظنوا، فإن الله عليم بذلك ورسله يكتبون كل ما صدر عنهم من قول أو فعل.
الإيضاح :﴿ أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ﴾أي بل أيظنون أنا لا نسمع حديث أنفسهم بذلك، ولا ما يتكلمون به فيما بينهم بطريق التناجي.
﴿ بلى ورسلنا لديهم يكتبون ﴾أي بل نسمعهما ونطلع عليهما، والحفظة يكتبون جميع ما يصدر عنهم من قول وفعل.
والخلاصة : إنا نعلم ذلك، والملائكة يكتبون أعمالهم صغيرها وكبيرها.
قال يحيى بن معاذ : من ستر من الناس ذنوبه، وأبداها لمن لا تخفى عليه خافية – فقد جعله أهون الناظرين إليه، وهو من أمارات النفاق.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : بينا ثلاثة نفر بين الكعبة وأستارها، قرشيان وثقفي، فقال أحدهم : أترون أن الله يسمع كلامنا، وقال الثاني : إذا جهرتم سمع، وإذا أسررتم لم يسمع، وقال الثالث : إن كان يسمع إذا أعلنتم فهو يسمع إذا أسررتم، فنزلت الآية.
المعنى الجملي : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين إحقاقا للحق : إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون لم يكن بغضا منه لهم ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم وبنوا عليه عبادتهم لهم من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم ثم أخبر بأن لا معبود في السماء ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العليم بكل شيء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه، وأرضه هو الله، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم، وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح : قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين } أي قل لهم : إن ثبت ببرهان صحيح توردونه، وحجة واضحة تدلون بها – أن للرحمان ولدا، كنت أسبقكم إلى طاعته، والانقياد له، كما يعظم الرجل ابن الملك تعظيما لأبيه – ولا شك أن هذا أبلغ أسلوب في نفي الولد، كما يقول الرجل لمن يناظره ويجادله : إن ثبت ما تقول بالدليل فأنا أول من يعتقده ويقول به، وهذا ما اختاره ابن جرير ورجحه.
وخلاصته : إذا كنت لم أعترف بولد، بدليل أني لم أعبده مع أني أقرب الناس إلى الله، فالولد لا وجود له حتما – وكأنه يقول : إن انتفاء الولد مرتب على انتفاء عبادته، لما علم من أنه إذا انتفى اللازم لشيء انتفى ذلك الشيء، كما استدل بعدم فساد نظام الكون على وحدانية الله في قوله :﴿ لو كان فيهما – السماوات والأرض – آلهة إلا الله لفسدتا ﴾( الأنبياء : ٢٢ ).
المعنى الجملي : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين إحقاقا للحق : إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون لم يكن بغضا منه لهم ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم وبنوا عليه عبادتهم لهم من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم ثم أخبر بأن لا معبود في السماء ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العليم بكل شيء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه، وأرضه هو الله، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم، وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح : ثم نزه سبحانه نفسه فقال :
﴿ سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون ﴾أي تنزه مالك السماوات والأرض وما فيهما من الخلق، ورب العرش المحيط بذلك كله – عما يصفه به المشركون كذبا، وعما ينسبون إليه من الولد، إذ كيف تكون هذه العوالم كلها ملكا له، ويكون شيء منها جزءا منه، تعالى ربنا عن ذلك علوا كبيرا.
المعنى الجملي : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين إحقاقا للحق : إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون لم يكن بغضا منه لهم ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم وبنوا عليه عبادتهم لهم من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم ثم أخبر بأن لا معبود في السماء ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العليم بكل شيء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه، وأرضه هو الله، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم، وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح : ولما ذكر الدليل القاطع على نفي الولد أمره أن يتركهم وشأنهم فيما يقولون فقال :
﴿ فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ﴾ أي فاترك أيها الرسول هؤلاء المفترين على الله، الواصفيه بأن له ولدا، يخوضوا في باطلهم، ويلعبوا في دنياهم حتى يأتي ذلك اليوم الذي لا محيص عنه، وحينئذ يعلمون عاقبة أمرهم، ويذوقون الوبال والنكال جزاء ما اجترحوه من الشرك والآثام.
ولا يخفى ما في هذا من شديد الوعيد والتهديد.
المعنى الجملي : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين إحقاقا للحق : إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون لم يكن بغضا منه لهم ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم وبنوا عليه عبادتهم لهم من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم ثم أخبر بأن لا معبود في السماء ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العليم بكل شيء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه، وأرضه هو الله، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم، وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح : ثم أكد هذا التنزيه فقال :
﴿ وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم ﴾أي وهو الله الذي يعبده أهل السماء وأهل الأرض، ولا تصلح العبادة إلا له، وهو الحكيم في تدبير خلقه وتسخيرهم لما يشاء، العليم بمصالحهم، فالحكمة المقترنة بالعلم تخللت كل رطب ويابس وجليل وحقير، فمن يشاهد إتقان العالم وحسن تنسيقه وإبداعه يجد الحكمة فيه على أتم وجوهها، ويعجب مما فيه من جمال وكمال ويدهش لما يجد فيه من غرائب يحار فيها اللب، فأفردوا له العبادة، ولا تشركوا به شيئا سواه.
الإيضاح :﴿ وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما ﴾أي وتقدس خالق السماوات والأرض وما فيهما من عوالم لا ندري كنهها ولا نعلم حقيقتها، المتصرف فيهما بلا مدافعة ولا ممانعة من أحد، وهو العلي العظيم الذي بيده أزمة الأمور نقضا وإبراما.
﴿ وعنده علم الساعة ﴾ أي وعنده العلم بميقات الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو.
﴿ وإليه ترجعون ﴾أي وإليه المرجع فيجازي كل أحد بما يستحق، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
المعنى الجملي : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين إحقاقا للحق : إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون لم يكن بغضا منه لهم ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم وبنوا عليه عبادتهم لهم من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم ثم أخبر بأن لا معبود في السماء ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العليم بكل شيء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه، وأرضه هو الله، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم، وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح :﴿ ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ﴾ أي ولا تقدر الأصنام والأوثان التي يعبدونها على الشفاعة لهم كما زعموا أنهم شفعاء عند ربهم، ولكن من نطق بكلمة التوحيد وكان على بصيرة وعلم من ربه كالملائكة وعيسى تنفع شهادتهم عنده بإذنه لمن يستحقها.
وقال سعيد بن جبير : إن معنى الآية : لا يملك هؤلاء الشفاعة إلا لمن شهد بالحق وآمن على علم وبصيرة.
المعنى الجملي : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين إحقاقا للحق : إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون لم يكن بغضا منه لهم ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم وبنوا عليه عبادتهم لهم من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم ثم أخبر بأن لا معبود في السماء ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العليم بكل شيء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه، وأرضه هو الله، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم، وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح : ثم بين أن هؤلاء المشركين متناقضو الأقوال والأفعال فقال :
﴿ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ﴾أي ولئن سألت أيها الرسول هؤلاء المشركين بالله العابدين غيره، من خلق الخلق جميعا ؟ ليعترفن بأنه الله تعالى وحده لا شريك له في ذلك، ولا يستطيعون الجحود لظهور الأمر وجلائه.
﴿ فأنى يؤفكون ﴾ أي فكيف ينقلبون عن عبادة الله إلى عبادة غيره، وينصرفون عنها مع هذا الاعتراف، فإن المعترف بأن الله خالقه إذا عمد إلى صنم أو حيوان وعبده مع الله أو عبده وحده – فقد عبد بعض مخلوقات الله، فهم في غاية الجهل والسفه وضعف العقل.
و في هذا تعجيب شديد من إشراكهم بعد هذا.
المعنى الجملي : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين إحقاقا للحق : إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون لم يكن بغضا منه لهم ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم وبنوا عليه عبادتهم لهم من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم ثم أخبر بأن لا معبود في السماء ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العليم بكل شيء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه، وأرضه هو الله، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم، وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح :﴿ و قيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ﴾ أي و يعلم علم الساعة و قوله لربه شاكيا قومه الذين كذبوه و لقي منهم شديد الأذى : يا رب إن هؤلاء الذين أمرتني بإنذارهم و أرسلتني إليهم لتبليغهم دينك الحق- قوم لا يؤمنون.
المعنى الجملي : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين إحقاقا للحق : إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون لم يكن بغضا منه لهم ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم وبنوا عليه عبادتهم لهم من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم ثم أخبر بأن لا معبود في السماء ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العليم بكل شيء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه، وأرضه هو الله، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم، وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح : و لما شكا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه عدم إيمانهم أجابه بقوله :
﴿ فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ﴾ أي فأعرض عنهم وأنت آيس من إيمانهم، ولا تجبهم بمثل ما يخاطبونك به من سيئ الكلام، بل تألفهم واصفح عنهم قولا وفعلا، فسوف يعلمون عاقبة كفرهم، فإنك ستنتصر عليهم، ويحل بهم بأسنا الذي لا يرد.
وقد أنجز الله وعده، وأنفذ كلمته، وأعلى دينه، وشرع الجهاد والجلاد، فدخل الناس في دين الله أفواجا، وانتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.
فله الحمد والمنة على إظهار الحق وإعلاء مناره، وإزهاق الباطل وكبح جماحه، تعاليت ربنا يا ذا الجلال والإكرام، والطول والإنعام، وصلواتك على محمد وآله.