تفسير سورة سورة الطور من كتاب جامع البيان في تأويل آي القرآن
المعروف بـالطبري
.
لمؤلفه
الطبري
.
المتوفي سنة 310 هـ
ﰡ
تفسير سورة الطور بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨) ﴾
يعني تعالى ذكره بقوله: (والطور) : والجبل الذي يُدعى الطور.
وقد بيَّنت معنى الطور بشواهده، وذكرنا اختلاف المختلفين فيه فيما مضى بما أغْنى عن إعادته في هذا الموضع
وقد حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تبارك وتعالى: (والطور) قال الجبل بالسُّريانية.
وقوله: (وكتاب مسطور) يقول: وكتاب مكتوب; ومنه قول رُؤْبة:
إني وآياتٍ سُطِرْنَ سَطْرًا (١)
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨) ﴾
يعني تعالى ذكره بقوله: (والطور) : والجبل الذي يُدعى الطور.
وقد بيَّنت معنى الطور بشواهده، وذكرنا اختلاف المختلفين فيه فيما مضى بما أغْنى عن إعادته في هذا الموضع
وقد حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تبارك وتعالى: (والطور) قال الجبل بالسُّريانية.
وقوله: (وكتاب مسطور) يقول: وكتاب مكتوب; ومنه قول رُؤْبة:
إني وآياتٍ سُطِرْنَ سَطْرًا (١)
(١) البيت من مشطور الرجز، وبعده بيت يكمله (اللسان: سطر) وهو قوله: * لقائل يا نصر نصر نصرا *
ولم ينسبهما في اللسان. وقال العيني في فرائد القلائد، (شرح مختصر الشواهد) في شواهد عطف البيان: " عزاه سيبويه " إلى رؤبة. وقال الصاغاني: " وليس له " أ. هـ. قلت ومحل الشاهد قوله: " سطرن سطرا " أي خططن وكتبن. أقسم بالسطور التي خطت وكتبت. ولعله يريد سطور القرآن.
ولم ينسبهما في اللسان. وقال العيني في فرائد القلائد، (شرح مختصر الشواهد) في شواهد عطف البيان: " عزاه سيبويه " إلى رؤبة. وقال الصاغاني: " وليس له " أ. هـ. قلت ومحل الشاهد قوله: " سطرن سطرا " أي خططن وكتبن. أقسم بالسطور التي خطت وكتبت. ولعله يريد سطور القرآن.
450
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن. قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) قال: صحف.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) والمسطور: المكتوب.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (مَسْطُورٍ) قال: مكتوب.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (مَسْطُور) قال: مكتوب.
وقوله: (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) يقول: في ورق منشور.
وقوله: "في" من صلة مسطور، ومعنى الكلام: وكتاب سطر، وكُتب في ورق منشور.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) وهو الكتاب.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، (فِي رَقٍّ) قال: الرقّ: الصحيفة.
وقوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) يقول: والبيت الذي يعمر بكثرة غاشيته وهو بيت فيما ذُكر في السماء بحيال الكعبة من الأرض، يدخله كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة، ثم لا يعودون فيه أبدا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن. قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) قال: صحف.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) والمسطور: المكتوب.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (مَسْطُورٍ) قال: مكتوب.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (مَسْطُور) قال: مكتوب.
وقوله: (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) يقول: في ورق منشور.
وقوله: "في" من صلة مسطور، ومعنى الكلام: وكتاب سطر، وكُتب في ورق منشور.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) وهو الكتاب.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، (فِي رَقٍّ) قال: الرقّ: الصحيفة.
وقوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) يقول: والبيت الذي يعمر بكثرة غاشيته وهو بيت فيما ذُكر في السماء بحيال الكعبة من الأرض، يدخله كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة، ثم لا يعودون فيه أبدا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
454
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، رجل من قومه قال: قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: "رفِعَ إليَّ البَيْتُ المَعْمُورُ، فَقُلْتُ: يا جبريلُ ما هَذَا؟ قال: البَيْتُ المَعْمُورُ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْم سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إذَا خَرَجوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ ما عَلَيْهِمْ".
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا خالد بن الحارث، قال: ثنا شعبة، عن قتاده، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة رجل من قومه، عن النبي ﷺ بنحوه.
حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب، عن خالد بن عُرعُرة، أن رجلا قال لعليّ رضي الله عنه: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء يقال له الضراح، وهو بحيال الكعبة، من فوقها حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض، يصلي فيه كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة، ولا يعودون فيه أبدا.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت خالد بن عرعرة، قال: سمعت عليا رضي الله عنه، وخرج إلى الرحبة، فقال له ابن الكوّاء أو غيره: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء السادسة يقال له الضراح، يدخله كل يوم سبعون ألف مَلَك لا يعودون فيه أبدا.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا طلق بن غنام، عن زائدة، عن عاصم، عن عليّ بن ربيعة، قال: سأل ابن الكوّاء عليا، رضي الله عنه عن البيت المعمور، قال: مسجد في السماء يقال له الضراح، يدخله كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة، لا يرجعون فيه أبدا.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن عبيد المكتب،
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، رجل من قومه قال: قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: "رفِعَ إليَّ البَيْتُ المَعْمُورُ، فَقُلْتُ: يا جبريلُ ما هَذَا؟ قال: البَيْتُ المَعْمُورُ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْم سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إذَا خَرَجوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ ما عَلَيْهِمْ".
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا خالد بن الحارث، قال: ثنا شعبة، عن قتاده، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة رجل من قومه، عن النبي ﷺ بنحوه.
حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب، عن خالد بن عُرعُرة، أن رجلا قال لعليّ رضي الله عنه: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء يقال له الضراح، وهو بحيال الكعبة، من فوقها حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض، يصلي فيه كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة، ولا يعودون فيه أبدا.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت خالد بن عرعرة، قال: سمعت عليا رضي الله عنه، وخرج إلى الرحبة، فقال له ابن الكوّاء أو غيره: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء السادسة يقال له الضراح، يدخله كل يوم سبعون ألف مَلَك لا يعودون فيه أبدا.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا طلق بن غنام، عن زائدة، عن عاصم، عن عليّ بن ربيعة، قال: سأل ابن الكوّاء عليا، رضي الله عنه عن البيت المعمور، قال: مسجد في السماء يقال له الضراح، يدخله كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة، لا يرجعون فيه أبدا.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن عبيد المكتب،
455
عن أبي الطفيل، قال: سأل ابن الكوّاء عليًا عن البيت المعمور، قال: بيت بحيال البيت العتيق في السماء يدخله كلّ يوم سبعون ألف مَلك على رسم راياتهم، يقال له الضراح، يدخله كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يرجعون فيه أبدا.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا بهرام، قال: ثنا سفيان، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، عن عليّ رضي الله عنه، قال: سأله رجل عن البيت المعمور، قال: بيت في السماء يقال له الضريح قصد البيت، يدخله كلّ يوم سبعون ألف مَلَك، ثم لا يعودون فيه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قال: هو بيت حذاء العرش تعمره الملائكة، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبُّويه، قال: ثنا عليّ بن الحسن، قال: ثنا حسين، قال: سُئل عكرمة وأنا جالس عنده عن البيت المعمور، قال: بيت في السماء بحيال الكعبة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قال: بيت في السماء يقال له الضراح.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (والبيت المعمور) ذكر لما أن نبيّ الله ﷺ قال يوما لأصحابه: "هَلْ تَدْرُونَ مَا البَيْتُ المَعْمُورُ" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنَّهُ مَسْجِدٌ في السَّماء تَحْتَهُ الكَعْبَة لَوْ خَرّ لَخَرّ عَلَيها، أَوْ عَلَيْه، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك إذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخرَ مَا عَلَيهِمْ".
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا بهرام، قال: ثنا سفيان، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، عن عليّ رضي الله عنه، قال: سأله رجل عن البيت المعمور، قال: بيت في السماء يقال له الضريح قصد البيت، يدخله كلّ يوم سبعون ألف مَلَك، ثم لا يعودون فيه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قال: هو بيت حذاء العرش تعمره الملائكة، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبُّويه، قال: ثنا عليّ بن الحسن، قال: ثنا حسين، قال: سُئل عكرمة وأنا جالس عنده عن البيت المعمور، قال: بيت في السماء بحيال الكعبة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قال: بيت في السماء يقال له الضراح.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (والبيت المعمور) ذكر لما أن نبيّ الله ﷺ قال يوما لأصحابه: "هَلْ تَدْرُونَ مَا البَيْتُ المَعْمُورُ" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنَّهُ مَسْجِدٌ في السَّماء تَحْتَهُ الكَعْبَة لَوْ خَرّ لَخَرّ عَلَيها، أَوْ عَلَيْه، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك إذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخرَ مَا عَلَيهِمْ".
456
حدُثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) يزعمون أنه يروح إليه كلّ يوم سبعون ألف مَلك من قبيلة إبليس، يقال لهم الجنّ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قال: بيت الله الذي في السماء. وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بَيْتَ الله في السماء لَيَدخلُهُ كُلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ شَمْسُه سَبْعُونَ ألْفَ مَلَك، ثُمَّ لا يَعُودُونَ فِيهِ أبَدًا بَعْدَ ذَلِك".
حدثنا محمد بن مرزوق، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "البَيْتُ المَعْمُورُ في السَّماءِ السَّابِعَة يَدخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك، ثُمَّ لا يَعُودُون إِلَيهِ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ".
حدثنا محمد بن سِنان القَزّاز، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا سليمان عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمّا عَرَجَ بِي المَلَكُ إلَى السَّماء السَّابِعَة انْتَهَيْتُ إلَى بِنَاء فَقُلْتُ للْمَلَك: ما هَذَا؟ قال: هذا بِنَاء بَنَاه اللهُ للمَلائكَةِ يَدخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك، يُقَدِّسُونَ اللهَ ويُسَبِّحُونَهُ، لا يَعُودُونَ فِيه".
وقوله: (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) يعني بالسقف في هذا الموضع: السماء، وجعلها سقفا، لأنها سماء للأرض، كسماء البيت الذي هو سقفه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن خالد بن عرعرة، أن رجلا قال لعليّ رضي الله عنه: ما السقف المرفوع؟ قال: السماء.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سماك، عن خالد بن عُرْعرة، عن عليّ، قال: السقف المرفوع: السماء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قال: بيت الله الذي في السماء. وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بَيْتَ الله في السماء لَيَدخلُهُ كُلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ شَمْسُه سَبْعُونَ ألْفَ مَلَك، ثُمَّ لا يَعُودُونَ فِيهِ أبَدًا بَعْدَ ذَلِك".
حدثنا محمد بن مرزوق، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "البَيْتُ المَعْمُورُ في السَّماءِ السَّابِعَة يَدخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك، ثُمَّ لا يَعُودُون إِلَيهِ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ".
حدثنا محمد بن سِنان القَزّاز، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا سليمان عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمّا عَرَجَ بِي المَلَكُ إلَى السَّماء السَّابِعَة انْتَهَيْتُ إلَى بِنَاء فَقُلْتُ للْمَلَك: ما هَذَا؟ قال: هذا بِنَاء بَنَاه اللهُ للمَلائكَةِ يَدخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك، يُقَدِّسُونَ اللهَ ويُسَبِّحُونَهُ، لا يَعُودُونَ فِيه".
وقوله: (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) يعني بالسقف في هذا الموضع: السماء، وجعلها سقفا، لأنها سماء للأرض، كسماء البيت الذي هو سقفه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن خالد بن عرعرة، أن رجلا قال لعليّ رضي الله عنه: ما السقف المرفوع؟ قال: السماء.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سماك، عن خالد بن عُرْعرة، عن عليّ، قال: السقف المرفوع: السماء.
457
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عُرْعرة، عن عليّ رضي الله عنه قال: سأله رجل عن السقف المرفوع، فقال: السماء.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت خالد بن عُرْعرة، قال: سمعت عليًّا يقول: والسقف المرفوع: هو السماء، قال: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ).
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (السقف المرفوع) : قال: السماء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (والسقف المرفوع) سقف السماء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) : سقف السماء.
وقوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) اختلف أهل التأويل في معنى البحر المسجور، فقال بعضهم: الموقد. وتأويل ذلك: والبحر الموقد المحميّ.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن داود، عن سعيد بن المسيب، قال: قال عليّ رضي الله عنه لرجل من اليهود: أين جهنم؟ فقال: البحر، فقال: ما أراه إلا صادقا، (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) مخففة.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن حفص بن حُميد، عن شمر بن عطية، في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: بمنزلة التنُّور المسجور.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت خالد بن عُرْعرة، قال: سمعت عليًّا يقول: والسقف المرفوع: هو السماء، قال: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ).
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (السقف المرفوع) : قال: السماء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (والسقف المرفوع) سقف السماء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) : سقف السماء.
وقوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) اختلف أهل التأويل في معنى البحر المسجور، فقال بعضهم: الموقد. وتأويل ذلك: والبحر الموقد المحميّ.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن داود، عن سعيد بن المسيب، قال: قال عليّ رضي الله عنه لرجل من اليهود: أين جهنم؟ فقال: البحر، فقال: ما أراه إلا صادقا، (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) مخففة.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن حفص بن حُميد، عن شمر بن عطية، في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: بمنزلة التنُّور المسجور.
458
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث. قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: الموقد.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: الموقد، وقرأ قول الله تعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) قال: أوقدت.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وإذا البحار مُلئت، وقال: المسجور: المملوء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) الممتلئ.
وقال آخرون: بل المسجور: الذي قد ذهب ماؤه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: سجره حين يذهب ماؤه ويفجر.
وقال آخرون: المسجور: المحبوس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) يقول: المحبوس.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه: والبحر المملوء المجموع ماؤه بعضه في بعض، وذلك أن الأغلب من معاني السجر: الإيقاد، كما يقال: سجرت التنور، بمعنى: أوقدت، أو الامتلاء على ما
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: الموقد، وقرأ قول الله تعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) قال: أوقدت.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وإذا البحار مُلئت، وقال: المسجور: المملوء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) الممتلئ.
وقال آخرون: بل المسجور: الذي قد ذهب ماؤه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: سجره حين يذهب ماؤه ويفجر.
وقال آخرون: المسجور: المحبوس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) يقول: المحبوس.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه: والبحر المملوء المجموع ماؤه بعضه في بعض، وذلك أن الأغلب من معاني السجر: الإيقاد، كما يقال: سجرت التنور، بمعنى: أوقدت، أو الامتلاء على ما
459
وصفت، كما قال لبيد:
وكما قال النمر بن تولب العكلي:
إذَا شاءَ طالَعَ مَسْجورةً... تَرَى حَوْلَهَا النَّبْعَ والسَّاسمّا سَقَتْها رَوَاعِدُ مِنْ صَيّفٍ... وَإنْ مِنْ خَريفٍ فَلَنْ يَعدمَا (٢)
فإذا كان ذلك الأغلب من معاني السَّجْر، وكان البحر غير مُوقَد اليوم، وكان الله تعالى ذكره قد وصفه بأنه مسجور، فبطل عنه إحدى الصفتين، وهو الإيقاد صحّت الصفة الأخرى التي هي له اليوم، وهو الامتلاء، لأنه كلّ وقت ممتلئ.
وقيل: إن هذا البحر المسجور الذي أقسم به ربنا تبارك وتعالى بحر في السماء تحت العرش.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، عن عليّ (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: بحر في السماء تحت العرش. ٠
فتوسطا عُرْضَ السَّريِّ وصدعا | مسجورةً متجاورًا قُلامُها (١) |
إذَا شاءَ طالَعَ مَسْجورةً... تَرَى حَوْلَهَا النَّبْعَ والسَّاسمّا سَقَتْها رَوَاعِدُ مِنْ صَيّفٍ... وَإنْ مِنْ خَريفٍ فَلَنْ يَعدمَا (٢)
فإذا كان ذلك الأغلب من معاني السَّجْر، وكان البحر غير مُوقَد اليوم، وكان الله تعالى ذكره قد وصفه بأنه مسجور، فبطل عنه إحدى الصفتين، وهو الإيقاد صحّت الصفة الأخرى التي هي له اليوم، وهو الامتلاء، لأنه كلّ وقت ممتلئ.
وقيل: إن هذا البحر المسجور الذي أقسم به ربنا تبارك وتعالى بحر في السماء تحت العرش.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، عن عليّ (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: بحر في السماء تحت العرش. ٠
(١) البيت للبيد من معلقته المشهورة. وقد مر الاستشهاد به عند قوله تعالى في سورة مريم " قد جعل ربك تحتك سريا " (١٦: ٧١) فراجعه ثمة.
(٢) البيتان للنمر بن تولب العكلي، كما في خزانة الأدب الكبرى للبغدادي (٤: ٤٣٤ - ٤٢) وهما من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ٢٢٨ ب) عند قوله تعالى " والبحر المسجور ". والشاعر يصف وعلا. وقوله مسجورة: يريد عينا كثيرة الماء، أي مملوءة. والنبع: شجر يتخذ منه القسي. والساسم: قيل هو الآبنوس. وقيل شجر يشبهه، ومنابتهما أعالي الجبال. سقتها: أي العين. والرواعد: جمع راعدة، وهي السحابة الماطرة، وفيها صوت الرعد غالبا. والصيف بتشديد الياء المكسورة: المطر الذي يجيء في الصيف، والخريف الفصل بين الصيف والشتاء، يريد مطر الخريف. يريد الشاعر أن هذا الوعل يشرب من هذه العين المسجورة المملوءة إما من مطر الصيف وإما من مطر الخريف، فهو لن يعدم الماء على كل حال. والشاهد في قوله مسجورة: أي مملوءة.
(٢) البيتان للنمر بن تولب العكلي، كما في خزانة الأدب الكبرى للبغدادي (٤: ٤٣٤ - ٤٢) وهما من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ٢٢٨ ب) عند قوله تعالى " والبحر المسجور ". والشاعر يصف وعلا. وقوله مسجورة: يريد عينا كثيرة الماء، أي مملوءة. والنبع: شجر يتخذ منه القسي. والساسم: قيل هو الآبنوس. وقيل شجر يشبهه، ومنابتهما أعالي الجبال. سقتها: أي العين. والرواعد: جمع راعدة، وهي السحابة الماطرة، وفيها صوت الرعد غالبا. والصيف بتشديد الياء المكسورة: المطر الذي يجيء في الصيف، والخريف الفصل بين الصيف والشتاء، يريد مطر الخريف. يريد الشاعر أن هذا الوعل يشرب من هذه العين المسجورة المملوءة إما من مطر الصيف وإما من مطر الخريف، فهو لن يعدم الماء على كل حال. والشاهد في قوله مسجورة: أي مملوءة.
460
قال: ثنا مهران، قال: وسمعته أنا من إسماعيل، قال: ثنا مهران عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: بحر تحت العرش.
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: بحر تحت العرش.
وقوله: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) يا محمد، لكائن حالّ بالكافرين به يوم القيامة.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) وقع القسم ها هنا (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) وذلك يوم القيامة.
وقوله: (مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) يقول: ما لذلك العذاب الواقع بالكافرين من دافع يدفعه عنهم، فينقذهم منه إذا وقع.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: إن عذاب ربك لواقع (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) فيوم من صلة واقع، ويعني بقوله: تمور: تدور وتكفأ. وكان معمر بن المثنى يُنشد بيت الأعشى:
فالمور على روايته: التكفي والترهيل في المشية، وأما غيره فإنه كان يرويه
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: بحر تحت العرش.
وقوله: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) يا محمد، لكائن حالّ بالكافرين به يوم القيامة.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) وقع القسم ها هنا (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) وذلك يوم القيامة.
وقوله: (مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) يقول: ما لذلك العذاب الواقع بالكافرين من دافع يدفعه عنهم، فينقذهم منه إذا وقع.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: إن عذاب ربك لواقع (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) فيوم من صلة واقع، ويعني بقوله: تمور: تدور وتكفأ. وكان معمر بن المثنى يُنشد بيت الأعشى:
كأنَّ مشْيتَها مِنْ بَيْتِ جارَتها | مَوْرُ السَّحابَة لا رَيْثٌ ولا عَجًلُ (١) |
(١) هذا البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه طبعة القاهرة ٥٥) وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ٢٢٨ ب) والرواية فيه: مور السحابة في موضع " مر السحابة " في رواية الديوان. وقد أنشده شاهدًا على قوله تعالى: (يوم تمور السماء مورًا) أي تكفأ، وهو أن ترهيأ في مشيتها، أي ترهيأ كما ترهيأ النخلة العيدانة. وقال في (اللسان: رهأ) الرهيأة: الضعف والعجز والتواني، والمراة ترهيأ في مشيتها أي تكفأ كما ترهيأ النخلة العيدانة أ. هـ.
461
مرّ السحابة.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: يقول: تحريكا.
حدثنا ابن المثنى وعمرو بن مالك، قالا حدثنا أبو معاوية الضرير، عن سفيان بن عُيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: تدور السماء دورا.
حدثنا الحسن بن عليّ الصدائي، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان بن عيينة قال: أخبروني عن معاوية الضرير، عني، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: تدور دورا.
حدثنا هارون بن حاتم المقري، قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: ثني أبو معاوية، عني، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: تدور دورا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) مورها: تحريكها.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) يعني: استدارتها وتحريكها لأمر الله، وموج بعضها في بعض.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: قال الضحاك (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: تموج بعضها في بعض، وتحريكها لأمر الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: هذا يوم القيامة، وأما المور: فلا علم لنا به.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: يقول: تحريكا.
حدثنا ابن المثنى وعمرو بن مالك، قالا حدثنا أبو معاوية الضرير، عن سفيان بن عُيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: تدور السماء دورا.
حدثنا الحسن بن عليّ الصدائي، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان بن عيينة قال: أخبروني عن معاوية الضرير، عني، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: تدور دورا.
حدثنا هارون بن حاتم المقري، قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: ثني أبو معاوية، عني، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: تدور دورا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) مورها: تحريكها.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) يعني: استدارتها وتحريكها لأمر الله، وموج بعضها في بعض.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: قال الضحاك (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: تموج بعضها في بعض، وتحريكها لأمر الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: هذا يوم القيامة، وأما المور: فلا علم لنا به.
462
وقال آخرون: مورها: تشققها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: يوم تشقَّق السماء.
وقوله: (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) يقول: وتسير الجبال عن أماكنها من الأرض سيرا، فتصير هباء منبثا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: فالوادي الذي يسيل من قيح وصديد في جهنم، يوم تمور السماء مورا، وذلك يوم القيامة للمكذّبين بوقوع عذاب الله للكافرين، يوم تمور السماء مورا. وكان بعض نحويّي البصرة يقول: أدخلت الفاء في قوله: (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) لأنه في معنى إذا كان كذا وكذا، فأشبه المجازاة، لأن المجازاة يكون خبرها بالفاء. وقال بعض نحويّي الكوفة: الأوقات تكون كلها جزاء مع الاستقبال، فهذا من ذاك، لأنهم قد شبهوا "إن" وهي أصل الجزاء بحين، وقال: إن مع يوم إضمار فعل، وإن كان التأويل جزاء، لأن الإعراب يأخذ ظاهر الكلام، وإن كان المعنى جزاء.
وقوله: (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) يقول: الذين هم في فتنة واختلاط في الدنيا يلعبون، غافلين عما هم صائرون إليه من عذاب الله في الآخرة.
وقوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول تعالى ذكره: فويل
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: يوم تشقَّق السماء.
وقوله: (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) يقول: وتسير الجبال عن أماكنها من الأرض سيرا، فتصير هباء منبثا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: فالوادي الذي يسيل من قيح وصديد في جهنم، يوم تمور السماء مورا، وذلك يوم القيامة للمكذّبين بوقوع عذاب الله للكافرين، يوم تمور السماء مورا. وكان بعض نحويّي البصرة يقول: أدخلت الفاء في قوله: (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) لأنه في معنى إذا كان كذا وكذا، فأشبه المجازاة، لأن المجازاة يكون خبرها بالفاء. وقال بعض نحويّي الكوفة: الأوقات تكون كلها جزاء مع الاستقبال، فهذا من ذاك، لأنهم قد شبهوا "إن" وهي أصل الجزاء بحين، وقال: إن مع يوم إضمار فعل، وإن كان التأويل جزاء، لأن الإعراب يأخذ ظاهر الكلام، وإن كان المعنى جزاء.
وقوله: (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) يقول: الذين هم في فتنة واختلاط في الدنيا يلعبون، غافلين عما هم صائرون إليه من عذاب الله في الآخرة.
وقوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول تعالى ذكره: فويل
463
للمكذبين يوم يُدَعُّونَ.
وقوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ) ترجمة عن قوله: (يَوْمَئِذٍ) وإبدال منه. وعنى بقوله: (يُدَعُّونَ) يدفعون بإرهاق وإزعاج، يقال منه: دعَعْت في قفاه: إذا دفعت فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول: يدفعون.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفعون فيها دفعا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول: يدفعون إلى نار جهنم دفعا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ) قال: يدفعون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يزعجون إليها إزعاجا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة بنحوه.
وقوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ) ترجمة عن قوله: (يَوْمَئِذٍ) وإبدال منه. وعنى بقوله: (يُدَعُّونَ) يدفعون بإرهاق وإزعاج، يقال منه: دعَعْت في قفاه: إذا دفعت فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول: يدفعون.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفعون فيها دفعا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول: يدفعون إلى نار جهنم دفعا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ) قال: يدفعون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يزعجون إليها إزعاجا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة بنحوه.
464
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) الدعّ: الدفع والإرهاق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفعون دفعا، وقرأ قول الله تبارك وتعالى: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قال: يدفعه، ويغلظ عليه.
وقوله: (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ) يقول تعالى ذكره: يقال لهم: هذه النار التي كنتم بها في الدنيا تكذّبون، فتجحدون أن تردوها، وتصلوها، أو يعاقبكم بها ربكم وترك ذكر يُقال لهم، اجتزاء بدلالة الكلام عليه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفعون دفعا، وقرأ قول الله تبارك وتعالى: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قال: يدفعه، ويغلظ عليه.
وقوله: (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ) يقول تعالى ذكره: يقال لهم: هذه النار التي كنتم بها في الدنيا تكذّبون، فتجحدون أن تردوها، وتصلوها، أو يعاقبكم بها ربكم وترك ذكر يُقال لهم، اجتزاء بدلالة الكلام عليه.
465
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦) ﴾
يقول تعالى ذكره مخبرا عما يقول لهؤلاء المكذبين الذين وصف صفتهم إذا وردوا جهنم يوم القيامة: أفسحر أيها القوم هذا الذي وردتموه الآن أم أنتم لا تعاينونه ولا تبصرونه؟ وقيل هذا لهم توبيخا لا استفهاما.
وقوله: (اصْلَوْها) يقول: ذوقوا حرّ هذه النار التي كنتم بها تكذبون، وردوها فاصبروا على ألمها وشدتها، أو لا تصبروا على ذلك، سواء عليكم صبرتم أو لم تصبروا (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يقول: ما تجزون إلا أعمالكم: أي لا تعاقبون إلا على معصيتكم في الدنيا ربكم وكفركم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (١٨) ﴾
يقول تعالى ذكره مخبرا عما يقول لهؤلاء المكذبين الذين وصف صفتهم إذا وردوا جهنم يوم القيامة: أفسحر أيها القوم هذا الذي وردتموه الآن أم أنتم لا تعاينونه ولا تبصرونه؟ وقيل هذا لهم توبيخا لا استفهاما.
وقوله: (اصْلَوْها) يقول: ذوقوا حرّ هذه النار التي كنتم بها تكذبون، وردوها فاصبروا على ألمها وشدتها، أو لا تصبروا على ذلك، سواء عليكم صبرتم أو لم تصبروا (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يقول: ما تجزون إلا أعمالكم: أي لا تعاقبون إلا على معصيتكم في الدنيا ربكم وكفركم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (١٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه في جنات: يقول في بساتين ونعيم فيها، وذلك في الآخرة.
وقوله: (فَاكِهِينَ) يقول: عندهم فاكهة كثيرة، وذلك نظير قول العرب للرجل يكون عنده تمر كثير: رجل تامر، أو يكون عنده لبن كثير، فيقال: هو لابن، كما قال الحُطَيئة:
وقوله: (بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ) يقول: عندهم فاكهة كثيرة بإعطاء الله إياهم ذلك (وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) يقول: ورفع عنهم ربهم عقابه الذي عذَّب به أهل الجحيم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: كلوا واشربوا، يقال لهؤلاء المتقين في الجنات: كلوا أيها القوم مما آتاكم ربكم، واشربوا من شرابها هنيئا، لا تخافون مما تأكلون وتشربون فيها أذى ولا غائلة بما كنتم تعملون في الدنيا لله من الأعمال.
وقوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) قد جعلت صفوفا، وترك قوله: على نمارق، اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام عليه.
وقوله: (فَاكِهِينَ) يقول: عندهم فاكهة كثيرة، وذلك نظير قول العرب للرجل يكون عنده تمر كثير: رجل تامر، أو يكون عنده لبن كثير، فيقال: هو لابن، كما قال الحُطَيئة:
أَغَرَرْتَني وَزَعمْتَ أنَّك | لابنٌ في الصَّيف تامِرْ (١) |
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: كلوا واشربوا، يقال لهؤلاء المتقين في الجنات: كلوا أيها القوم مما آتاكم ربكم، واشربوا من شرابها هنيئا، لا تخافون مما تأكلون وتشربون فيها أذى ولا غائلة بما كنتم تعملون في الدنيا لله من الأعمال.
وقوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) قد جعلت صفوفا، وترك قوله: على نمارق، اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام عليه.
(١) البيت للحطيئة (ديوانه ١٧). واستشهد به المؤلف على أن معنى قوله تعالى (فاكهين بما آتاهم ربهم) أي عندهم فاكهة كثيرة، وهو مثل قوله الحطيئة " لابن " و " تامر " أي ذو لبن وذو تمر، أي عندك منهما في الصيف كثير. وقال السكري في شرح الديوان: يعني أنك غررتني، وزعمت أنك تطعمني التمر واللبن، فقنعت بهما، فلم تفعل أ. هـ. يمدح بغيضا ويهجو الزبرقان. وقد تقدم الاستشهاد بالبيت في الجزء (٢٣: ١٩) وشرحناه بأوسع من شرحه هنا، فراجعه ثمة.
وقوله: (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) يقول تعالى ذكره: وزوّجنا الذكور من هؤلاء المتقين أزواجا بحور عين من النساء، يقول الرجل: زوّج هذا الخلف الفرد أو النعل الفرد بهذا الفرد، بمعنى: اجعلهما زوجا. وقد بينَّا معنى الزوج فيما مضى بما أغنى عن إعادته ها هنا، والحُور: جمع حَوْراء، وهي الشديدة بياض مقلة العين في شدة سواد الحدقة.
وقد ذكرت اختلاف أهل التأويل في ذلك، وبيَّنت الصواب فيه عندنا بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع، والعين: جمع عَيْنَاء، وهي العظيمة العَيْن في حُسن وسعة.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) ﴾
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان، ألحقنا بهم ذرياتهم المؤمنين في الجنة، وإن كانوا لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم، تكرمة لآبائهم المؤمنين، وما ألتنا آباءهم المؤمنين من أجور أعمالهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، في هذه الآية: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ) فقال: إن الله تبارك وتعالى يرفع للمؤمن ذريته، وإن كانوا دونه في العمل، ليقرّ الله بهم عينه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: إن الله تبارك وتعالى ليرفع ذرّية المؤمن
وقد ذكرت اختلاف أهل التأويل في ذلك، وبيَّنت الصواب فيه عندنا بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع، والعين: جمع عَيْنَاء، وهي العظيمة العَيْن في حُسن وسعة.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) ﴾
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان، ألحقنا بهم ذرياتهم المؤمنين في الجنة، وإن كانوا لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم، تكرمة لآبائهم المؤمنين، وما ألتنا آباءهم المؤمنين من أجور أعمالهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، في هذه الآية: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ) فقال: إن الله تبارك وتعالى يرفع للمؤمن ذريته، وإن كانوا دونه في العمل، ليقرّ الله بهم عينه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: إن الله تبارك وتعالى ليرفع ذرّية المؤمن
467
في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، ليقرَّ بهم عينه، ثم قرأ "والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء".
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عمرو بن مرّة الجملي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: إن الله تبارك وتعالى ليرفع ذريَّة المؤمن معه في درجته، ثم ذكر نحوه، غير أنه قرأ (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ).
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا محمد بن بشر، قال: ثنا سفيان بن سعيد، عن سماعة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، نحوه.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس، أنه قال في هذه الآية (والَّذِينَ آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ) قال: المؤمن ترفع له ذرّيته، فيلحقون به، وإن كانوا دونه في العمل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: والذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيَّاتهم التي بلغت الإيمان بإيمانٍ، ألحقنا بهم ذرياتهم الصغار التي لم تبلغ الإيمان، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) يقول: الذين أدرك ذريتهم الإيمان، فعملوا بطاعتي، ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنة، وأولادهم الصغار نلحقهم بهم.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عمرو بن مرّة الجملي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: إن الله تبارك وتعالى ليرفع ذريَّة المؤمن معه في درجته، ثم ذكر نحوه، غير أنه قرأ (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ).
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا محمد بن بشر، قال: ثنا سفيان بن سعيد، عن سماعة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، نحوه.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس، أنه قال في هذه الآية (والَّذِينَ آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ) قال: المؤمن ترفع له ذرّيته، فيلحقون به، وإن كانوا دونه في العمل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: والذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيَّاتهم التي بلغت الإيمان بإيمانٍ، ألحقنا بهم ذرياتهم الصغار التي لم تبلغ الإيمان، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) يقول: الذين أدرك ذريتهم الإيمان، فعملوا بطاعتي، ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنة، وأولادهم الصغار نلحقهم بهم.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا
468
بهم ذرّيَّاتِهِمْ) يقول: من أدرك ذريته الإيمان، فعملوا بطاعتي ألحقتهم بآبائهم في الجنة، وأولادهم الصغار أيضا على ذلك.
وقال آخرون نحو هذا القول، غير أنهم جعلوا الهاء والميم في قوله: (أَلْحَقْنَا بِهِمْ) من ذكر الذرّية، والهاء والميم في قوله: ذرّيتهم الثانية من ذكر الذين. وقالوا: معنى الكلام: والذين آمنوا واتبعتهم ذرّيتهم الصغار، وما ألتنا الكبار من عملهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: أدرك أبناؤهم الأعمال التي عملوا، فاتبعوهم عليها واتبعتهم ذرّياتهم التي لم يدركوا الأعمال، فقال الله جلّ ثناؤه (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) قال: يقول: لم نظلمهم من عملهم من شيء فننقصهم، فنعطيه ذرّياتهم الذين ألحقناهم بهم، الذين لم يبلغوا الأعمال ألحقتهم بالذين قد بلغوا الأعمال.
وقال آخرون: بل معنى ذلك (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) فأدخلناهم الجنة بعمل آبائهم، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت داود يحدّث عن عامر، أنه قال في هذه الآية (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيءٍ) فأدخل الله الذرّية بعمل الآباء الجنة، ولم ينقص الله الآباء من عملهم شيئا، قال: فهو قوله: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ).
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن سعيد بن جبير
وقال آخرون نحو هذا القول، غير أنهم جعلوا الهاء والميم في قوله: (أَلْحَقْنَا بِهِمْ) من ذكر الذرّية، والهاء والميم في قوله: ذرّيتهم الثانية من ذكر الذين. وقالوا: معنى الكلام: والذين آمنوا واتبعتهم ذرّيتهم الصغار، وما ألتنا الكبار من عملهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: أدرك أبناؤهم الأعمال التي عملوا، فاتبعوهم عليها واتبعتهم ذرّياتهم التي لم يدركوا الأعمال، فقال الله جلّ ثناؤه (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) قال: يقول: لم نظلمهم من عملهم من شيء فننقصهم، فنعطيه ذرّياتهم الذين ألحقناهم بهم، الذين لم يبلغوا الأعمال ألحقتهم بالذين قد بلغوا الأعمال.
وقال آخرون: بل معنى ذلك (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) فأدخلناهم الجنة بعمل آبائهم، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت داود يحدّث عن عامر، أنه قال في هذه الآية (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيءٍ) فأدخل الله الذرّية بعمل الآباء الجنة، ولم ينقص الله الآباء من عملهم شيئا، قال: فهو قوله: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ).
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن سعيد بن جبير
469
أنه قال في قول الله: (أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيءٍ) قال: ألحق الله ذرياتهم بآبائهم، ولم ينقص الآباء من أعمالهم، فيردَّه على أبنائهم.
وقال آخرون: إنما عنى بقوله: " أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ": أعطيناهم من الثواب ما أعطينا الآباء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، قال: سمعت إبراهيم في قوله: (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: أعطوا مثل أجور آبائهم، ولم ينقص من أجورهم شيئًا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن إبراهيم (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: أعطوا مثل أجورهم، ولم ينقص من أجورهم.
قال: ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ) يقول: أعطيناهم من الثواب ما أعطيناهم (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يقول: ما نقصنا آباءهم شيئا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتاده، قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ) كذلك قالها يزيد (ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: عملوا بطاعة الله فألحقهم الله بآبائهم.
وأولى هذه الأقوال بالصواب وأشبهها بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، القول الذي ذكرنا عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وهو: والذين آمنوا بالله ورسوله، وأتبعناهم ذرياتهم الذين أدركوا الإيمان بإيمان، وآمنوا بالله ورسوله، ألحقنا بالذين آمنوا ذريتهم الذين أدركوا الإيمان فآمنوا، في الجنة فجعلناهم معهم في درجاتهم، وإن قصرت أعمالهم عن أعمالهم تكرمة منا لآبائهم، وما ألتناهم
وقال آخرون: إنما عنى بقوله: " أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ": أعطيناهم من الثواب ما أعطينا الآباء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، قال: سمعت إبراهيم في قوله: (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: أعطوا مثل أجور آبائهم، ولم ينقص من أجورهم شيئًا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن إبراهيم (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: أعطوا مثل أجورهم، ولم ينقص من أجورهم.
قال: ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ) يقول: أعطيناهم من الثواب ما أعطيناهم (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يقول: ما نقصنا آباءهم شيئا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتاده، قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ) كذلك قالها يزيد (ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: عملوا بطاعة الله فألحقهم الله بآبائهم.
وأولى هذه الأقوال بالصواب وأشبهها بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، القول الذي ذكرنا عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وهو: والذين آمنوا بالله ورسوله، وأتبعناهم ذرياتهم الذين أدركوا الإيمان بإيمان، وآمنوا بالله ورسوله، ألحقنا بالذين آمنوا ذريتهم الذين أدركوا الإيمان فآمنوا، في الجنة فجعلناهم معهم في درجاتهم، وإن قصرت أعمالهم عن أعمالهم تكرمة منا لآبائهم، وما ألتناهم
470
من أجور عملهم شيئا.
وإنما قلت: ذلك أولى التأويلات به، لأن ذلك الأغلب من معانيه، وإن كان للأقوال الأخر وجوه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) فقرأ ذلك عامه قرّاء المدينة (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) على التوحيد بإيمان (أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) على الجمع، وقرأته قراء الكوفة (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) كلتيهما بإفراد. وقرأ بعض قرّاء البصرة وهو أبو عمرو (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ).
والصواب من القول في ذلك أن جميع ذلك قراءات معروفات مستفيضات في قراءة الأمصار، متقاربات المعاني، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يقول تعالى ذكره: وما ألتنا الآباء، يعني بقوله: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ) : وما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئا، فنأخذه منهم، فنجعله لأبنائهم الذين ألحقناهم بهم، ولكنا وفَّيناهم أجور أعمالهم، وألحقنا أبناءهم بدرجاتهم، تفضلا منا عليهم. والألت في كلام العرب: النقص والبخس، وفيه لغة أخرى، ولم يقرأ بها أحد نعلمه، ومن الألت قول الشاعر:
يعني: لا نُقصان ولا زيادة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وإنما قلت: ذلك أولى التأويلات به، لأن ذلك الأغلب من معانيه، وإن كان للأقوال الأخر وجوه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) فقرأ ذلك عامه قرّاء المدينة (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) على التوحيد بإيمان (أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) على الجمع، وقرأته قراء الكوفة (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) كلتيهما بإفراد. وقرأ بعض قرّاء البصرة وهو أبو عمرو (وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ).
والصواب من القول في ذلك أن جميع ذلك قراءات معروفات مستفيضات في قراءة الأمصار، متقاربات المعاني، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يقول تعالى ذكره: وما ألتنا الآباء، يعني بقوله: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ) : وما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئا، فنأخذه منهم، فنجعله لأبنائهم الذين ألحقناهم بهم، ولكنا وفَّيناهم أجور أعمالهم، وألحقنا أبناءهم بدرجاتهم، تفضلا منا عليهم. والألت في كلام العرب: النقص والبخس، وفيه لغة أخرى، ولم يقرأ بها أحد نعلمه، ومن الألت قول الشاعر:
أبْلغْ بني ثُعَل عَنَّي مُغلغَلَةً | جَهْدَ الرّسالة لا ألْتا ولا كَذبا (١) |
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(١) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة ٣١٣ - ٣١٤) قال: وقوله: " وما ألتناهم " الألت: النقص. وفيه لغة أخرى: " وما ألتناهم من عملهم من شيء ". وكذلك هي في قراءة عبد الله (ابن مسعود) وأبي بن كعب، قال الشاعر: " أبلغ بني ثعل... البيت ". يقول: لا نقصان ولا زيادة. وقال الآخر (نسبه أبو عبيدة إلى رؤبة) :