ﰡ
خلق سبعا، ولو قرئت: «مِثْلَهُنَّ» إذ لم يظهر الفعل كَانَ صوابًا «١».
تَقُولُ فِي الكلام: رَأَيْت لأخيك إبلا، ولوالدك شاء كَثِير «٢»، إِذَا لم يظهر الفعل.
قَالَ يعني الآخِر «٣» جاز: الرفع، والنصب إِذَا كَانَ مَعَ الآخر صفة رافعة فقس عَلَيْهِ إن شاء اللَّه.
ومن سورة المحرّم «٤»
قوله جلّ وعز. يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ (١).
نَزَلَتْ فِي مَارِيَّةَ الْقِبْطِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه يَجْعَلُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ يَوْمًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَائِشَةَ زَارَتْهَا حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ، فَخَلا بَيْتُهَا، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه إِلَى مَارِيَّةَ الْقِبْطِيَّةِ، وَكَانَتْ «٥» مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه فِي مَنْزِلِ حَفْصَةَ، وَجَاءَتْ حَفْصَةُ إِلَى مَنْزِلِهَا فَإِذَا السِّتْرُ مُرْخًى، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتَكْتُمِينَ عَلَيَّ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ يَعْنِي مَارِيَّةَ، وَأُخْبِرُكِ: أَنَّ أَبَاكِ وَأَبَا بَكْرٍ سَيَمْلِكَانِ مِنْ بَعْدِي، فَأَخْبَرَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ الْخَبَرَ، وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَدَعَا حَفْصَةَ فَقَالَ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا فَعَلْتِ؟ قَالَتْ لَهُ: وَمَنْ أَخْبَرَكَ أَنِّي قُلْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ؟ قَالَ: «نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ» ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً، وَاعْتَزَلَ نِسَاءَهُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا. ونزل عليه: «لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ» مِنْ نِكَاحِ مَارِيَّةَ، ثُمَّ قَالَ:
«قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ «٦» تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ» (٢) يَعْنِي: كَفَّارَةَ أَيْمَانِكُمْ، فَأَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَبَةً، وَعَادَ إِلَى مَارِيَّةَ.
(٢) فى ش: شيئا تحريف.
(٣) فى ش: فى الآخر. [.....]
(٤) الأرجح أن (المحرم) تحريف المتحرم، فهى سورة التحريم والمتحرم، كما فى ح، ش، وبصائر ذوى التمييز: ١: ٤٧١، وفى الإتقان (٢: ٦٩) أنها تسمى أيضا: (لم تحرم).
(٥) فى ح ش: فكانت.
(٦) فى ش: الله تحلة، سقط.
[حدثنا محمد بن الجهم] «٥» حدثنا الفراء قال: حدثني مُحَمَّد بْن الفضل المروزي عنْ عطاء عنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السلمي «عَرَف» خفيفة.
حدثنا «٦» الفراء، وحدثني شيخ من بني أسد يعني الكِسَائِيّ عنْ نعيم عنْ «٧» أَبِي عَمْرو عنْ عطاء عنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن قَالَ: كَانَ إِذَا قرأ عليه الرجل: «عرّف بعضه» بالتشديد حصبه بالحصباء «٨»، وَكأن الَّذِينَ يقولون: عرَف خفيفة يريدون: غضب من ذَلِكَ وَجازى عَلَيْهِ، كما تَقُولُ للرجل يسيء إليك: أما والله لأعرفن «٩» لَكَ ذَلِكَ، وَقَدْ لعمري جازى حفصة بطلاقها، وهو وجه حسن، [وذكر عَنِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ قَرَأَ] «١٠» عرف بالتخفيف «١١» كأبي عَبْد الرحمن.
وقوله: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ (٤).
يعني: عَائِشَةَ وحفصة، وذلك: أن عَائِشَةَ قَالَتْ: يا رَسُول اللَّه، أما يوم غيري فتتمه «١٢»، وأمَّا يومي فتفعل فِيهِ ما فعلت؟ فنزل: إن تتوبا إلى الله من تعاونكما عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم «فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما» زاغت ومالت وإن تظاهرا عليه» تعاونا عليه، قرأها عاصم والأعمش بالتخفيف،
(٢) سقط فى ح ش.
(٣) وهى أيضا قراءة الكسائي (الاتحاف ٤١٩) وعلى وطلحة بن مصرّف، والحسن، وقتادة، والكلبي والأعمش عن أبى بكر (تفسير القرطبي: ١٨/ ١٨٧).
(٤ و ٧) سقط فى ش.
(٥) زيادة من ب، وفى ش: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حدثنا الفراء:
(٦) فى ب ش: قال.
(٨) فى ا، ش بالحصى.
(٩) فى ش: لأعرفك تحريف.
(١٠) فى ح، ش كما يأتى: وقد ذكر أن الحسن البصري قرأ.
(١١) فى ح، ش: بالتخفيف عرف.
(١٢) فى ب: فتتممه. [.....]
(والملائكة) بعد نصرة هَؤُلَاءِ ظهير.
وأما قوله: «وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» فإنه موحد فِي مذهب الجميع «٥»، كما تَقُولُ: لا يأتيني إلا سائس «٦» الحرب، فمن كَانَ ذا «٧» سياسة للحرب فقد أمر بالمجيء واحدًا كَانَ «٨» أَوْ أكثر مِنْهُ، ومثله «٩» :
«وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما» «١٠»، هذا عامّ [٢٠١/ ب] وليس بواحد ولا اثنين، وكذلك قوله: «وَاللَّذَانِ يأتيانها منكم فآذوهما «١١»، وكذلك: «إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ» «١٢»، و «إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً» «١٣»، فِي كَثِير من القرآن يؤدي معنى الواحد عَنِ الجمع «١٤».
وقرأ عاصم والْأَعْمَش: «أَنْ يُبْدِلَهُ» بالتخفيف، وقرأ أهل الحجاز: «أَنْ يُبْدِلَهُ» [بالتشديد] «١٥» وكلّ صواب: أبدلت، وبدّلت.
وقوله: سائِحاتٍ (٥).
هنّ الصائمات، قَالَ: ونرى أن الصائم إنَّما سمّي سائحًا لأن السائح لا زاد معه، وإنما يأكل حيث يجد، فكأنه أخذ من ذلك «١٦» والله أعلم.
(٢) فى ب: ولو قال إن سقط.
(٣) فى ش: ظهير، تحريف.
(٤) فى ش: وصالح المؤمنين وللملائكة، تحريف.
(٥) فى ش: جمع.
(٦) فى ش: السايس.
(٧) فى ش: فرا خطأ.
(٨) سقط فى (ا).
(٩) فى ش: ومنه.
(١٠) سورة المائدة الآية ٣٨.
(١١) سورة النساء الآية: ١٦.
(١٢) سورة العصر الآية: ٢.
(١٣) سورة المعارج الآية: ١٩.
(١٤) فى ش الجميع. [.....]
(١٥) التكملة من ب بين السطرين.
(١٦) فى ب: ذاك.
وقوله: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ (٦).
علِّموا أهليكم ما يدفعون بِهِ المعاصي، علموهم ذلك.
وقوله: تَوْبَةً نَصُوحاً (٨).
قرأها بفتح النون أهلُ المدينة والْأَعْمَش، وذكر عنْ عاصم والحسن «نَصُوحاً»، بضم النون، وكأن الَّذِينَ قَالُوا: «نَصُوحاً» أرادوا المصدر مثل: قُعودًا، والذين قَالُوا: «نَصُوحاً» جعلوه «٢» من صفة التوبة، ومعناها: يحدّث نفسه إِذا تاب من ذَلِكَ الذنب ألّا يعود إِلَيْه أبدًا.
وقوله: يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا (٨).
لا يقوله كل من دخل الجنة، إنَّما يقوله أدناهم منزلة وذلك: أن السابقين فيما ذكر يمرون كالبرق عَلَى الصراط، وبعضهم كالريح، وبعضهم كالفرس الجواد، وبعضهم حَبْوًا وَزحفًا، فأولئك «٣» الَّذِينَ يقولون: «رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا» حتّى ننجو.
ولو قَرَأَ قارئ: «وَيُدْخِلَكُمْ «٤» » جزمًا لكان وجهًا لأن الجواب فِي عسى فيضمر فِي عسى- الفاء، وينوي بالدخول أن يكون معطوفًا عَلَى موقع الفاء، ولم يقرأ بِهِ أحدٌ «٥»، ومثله: «فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ» «٦».
ومثله قول الشَّاعِر:
فأبلوني بليتكُم لعلي | أصالحكم، واستدرجْ نَوِيَّا «٧» |
(٢) فى ش: جعلوا تحريف.
(٣) فى ش: أولئك.
(٤) قبلها: «تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ».
(٥) قرأ به ابن أبى عبلة (تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٠).
(٦) المنافقون: ١٠
(٧) البيت لأبى دواد. أبلونى: أحسنوا صنيعكم إلى. والبلية: اسم منه. أستدرج: أرجع أدراجى.
نوى: نواى، والنوى: الوجه الذي يقصد. انظر الخصائص: ١/ ١٧٦.
(٨) سقط فى ح ش.