تفسير سورة الضحى

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الضحى من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " : اسم لا يشبهه كفو في ذاته وصفاته، ولا يستفزه لهو في إثبات مصنوعاته، ولا يعتريه سهو في علمه وحكمته، ولا يعترضه لغو في قوله وكلمته.
فهو حكيم لا يلهو، وعليم لا يسهو، وحليم يثبت ويمحو ؛ فالصدق قوله، والحق حكمه، والخلق خلقه والملك ملكه.

قوله جل ذكره :﴿ وَالضُّحَى وَالَّليْلِ إِذَا سَجَى ﴾.
" والضحى " : ساعةٌ من النهار. أو النهارُ كلُّ يُسَمّى ضُحًى. ويقال : أقسم بصلاة الضُّحى.
ويقال : الضحى الساعةٌ التي كَلَّم فيها موسى عليه السلام.
﴿ وَالَّليْلِ إِذَا سَجَى ﴾ أي : ليلة المعراج، و " سجا " : أي سَكَن، ويقال : هو عامٌّ في جِنْسِ الليل.
ويقال :" الضحى " وقت الشهود. ﴿ وَالَّليْلِ إِذَا سَجَى ﴾ الذي قال : إنه ليُغَانّ على قلبي. .
ويقال :﴿ الليل إذا سجا ﴾ حين ينزل اللَّهُ فيه إلى السماء الدنيا - على التأويل الذي يصحُّ في وصفه.
ما قَطَعَ عنك الوحيَ وما أبغضك.
وكان ذلك حين تأخَّر جبريلُ - عليه السلام - عنه أياماً، فقال أهل مكة : إن محمداً قد قلاه ربُّه. ثم أنزل هذه السورة.
وقيل : احتبس عنه جبريل أربعين يوماً، وقيل : اثني عشر يوماً، وقيل : خمسة وعشرين يوماً.
ويقال : سبب احتباسه أن يهودياً سأله عن قصة ذي القرنين وأصحاب الكهف، فوَعَدَ الجوابَ ولم يقل : إن شاء الله.
أي : ما يعطيك في الآخرة خيرٌ لَكَ مما يعطيك في الدنيا.
ويقال : ما أعطاك من الشفاعة والحوض، وما يُلْبِسُك من لباس التوحيدِ - غداً - خيرٌ مما أعطاكَ اليومَ.
قيل : أفترضى بالعطاء عن المُعْطِي ؟ قال : لا.
قوله جل ذكره :﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ﴾.
قيل : إلى عمِّه أبي طالب.
ويقال : بل آواه إلى كَنَفِ ظِلِّه، وربَّاه بلطف رعايته.
ويقال : فآواكَ إلى بِساطِ القربة بحيث انفردْتَ بمقامِك، فلم يُشَارككْ فيه أحدٌ.
أي : ضللْتَ في شِعابِ مكة، فَهَدَى إليك عَمَّك أبا طالبٍ في حال صباك.
ويقال :" ضالاً " فينا متحيِّراً. . فهديناك بنا إلينا.
ويقال :" ضالاً " عن تفصيل الشرائع ؛ فهديناك إليها بأن عرَّفناك تفصيلها.
ويقال : فيما بين الأقوام ضلالٌ فهداهم بك.
وقيل :" ضالاً " للاستنشاء فهداك لذلك.
وقيل :" ضالاً " في محبتنا، فهديناك بنور القربة إلينا.
ويقال :" ضالاً " عن محبتي لك فعرَّفتك أنِّي أُحِبُّك.
ويقال : جاهلاً بمحلِّ شرفِكَ، فعرَّفْتُك قَدْرَكَ.
ويقال : مستتراً في أهل مكة لا يعرفك أحدٌ فهديناهم إليك حتى عرفوك.
في التفسير : فأغناكَ بمال خديجة.
ويقال : أغناك عن الإرادة والطلب بأن أرضاك بالفَقْد.
ويقال : أغناك بالنبوَّة والكتاب. ويقال : أغناك بالله.
ويقال : أغناك عن السؤال حينما أعطاك ابتداءً ؛ بلا سؤالٍ منك.
قوله جل ذكره :﴿ فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تَقْهَر ﴾.
فلا تُخِفْه، وارفقْ به، وقرِّبْه.
أي : إمَّا أن تُعْطِيَه. . أو تَرُدَّه برِفْقٍ، أو وعدٍ.
ويقال : السائلُ عنَّا، والسائلُ المتحيِّرُ فينا - لا تنهرهم، فإنَّا نهديهم، ونكشف مواضع سؤالهم عليهم. . فلاطِفْهم أنت في القول.
فاشكُرْ، وصَرِّحْ بإحسانه إليك، وإنعامه عليك.
Icon