تفسير سورة سورة مريم من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
المعروف بـتفسير ابن عباس
.
لمؤلفه
الفيروزآبادي
.
المتوفي سنة 817 هـ
ﰡ
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿كهيعص﴾ قَالَ هُوَ ثَنَاء أثنى بِهِ على نَفسه يَقُول كَاف هاد عَالم صَادِق وَيُقَال كَاف كَاف لخلقه هاهادى لخلقه يَا يدالله على خلقه وَعين عَالم بأمرهم صَاد صَادِق بوعده وَيُقَال الْكَاف من كريم وَالْهَاء من هاد وَالْيَاء من حَلِيم وَالْعين من عليم وَالصَّاد من صَادِق وَيُقَال من صَدُوق وَيُقَال هُوَ قسم أقسم بِهِ
﴿ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ﴾ يَقُول هَذَا ذكر رَبك ﴿عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ﴾ رَحمته بِولد مقدم ومؤخر
﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ دَعَا زَكَرِيَّا ربه فِي الْمِحْرَاب ﴿نِدَاء خفِيا﴾ أشره وأخفاه من قومه
﴿قَالَ رَبِّ﴾ يَا رب
﴿إِنَّي وَهَنَ الْعظم مِنِّي﴾ ضعف بدني
﴿واشتعل الرَّأْس شَيْباً﴾ أَخذ الرَّأْس شُمْطًا
﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً﴾
253
يَقُول لم أكن عنْدك بدعائي يَا رب خائبا
254
﴿وَإِنِّي خِفْتُ الموَالِي﴾ يَعْنِي الْوَرَثَة ﴿مِن وَرَآئِي﴾ أَن لَا يكون من بعدِي وَارِث يَرث حبورتي ومكاني وَيُقَال قلت ورثتي إِن قَرَأت بِنصب الْخَاء وَكسر الْفَاء ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتي﴾ صَارَت امْرَأَتي حنة أُخْت أم مَرْيَم بنت عمرَان بن ماثان ﴿عَاقِراً﴾ عقيماً من الْوَلَد ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ﴾ من عنْدك ﴿وَلِيّاً﴾ ولدا
﴿يَرِثُنِي﴾ يَرث حبورتي ومكاني ﴿وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ إِن كَانَ لَهُم حبورة وَملك وَكَانَ آل يَعْقُوب أخوال يحيى ﴿واجعله رَبِّ رَضِيّاً﴾ مرضيا صَالحا
فناداه جِبْرِيل فَقَالَ ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ﴾ بِولد ﴿اسْمه يحيى﴾ يُسمى يحيى باحيائه رحم أمه ﴿لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً﴾ أَي لم نجْعَل لزكريا من قبل يحيى سمياً ولدا يُسمى يحيى وَيُقَال لم يكن قبل يحيى أحد يُسمى يحيى
﴿قَالَ﴾ زَكَرِيَّا لجبريل ﴿رَبِّ﴾ يَا رب وسيدي ﴿أَنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ﴾ من أَيْن يكون لي ولد ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتي﴾ صَارَت امْرَأَتي ﴿عَاقِراً﴾ عقيماً من الْوَلَد ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكبر عِتِيّاً﴾ يبوساً وَيُقَال سني اثْنَان وَسَبْعُونَ سنة إِن قَرَأت بِكَسْر الْعين
﴿قَالَ﴾ لَهُ جِبْرِيل ﴿كَذَلِك﴾ هَكَذَا كَمَا قلت لَك ﴿قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ أَي خلقه هُوَ عَليّ هَين ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ﴾ وَقد جعلتك يَا زَكَرِيَّا ﴿مِن قَبْلُ﴾ من قبل يحيى ﴿وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾
﴿قَالَ رَبِّ﴾ يَا رب ﴿اجْعَل لي آيَةً﴾ عَلامَة إِذا حبلت امْرَأَتي ﴿قَالَ آيَتُكَ﴾ علامتك ﴿أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاس﴾ لَا تقدر أَن تكلم النَّاس ﴿ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً﴾ صَحِيحا بِلَا خرس وَلَا مرض
﴿فَخَرَجَ على قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَاب﴾ من الْمَسْجِد ﴿فَأوحى إِلَيْهِمْ﴾ فَأَشَارَ إِلَيْهِم وَيُقَال كتب لَهُم على الأَرْض ﴿أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ صلوا لَهُ غدْوَة وَعَشِيَّة
﴿يَا يحيى﴾ قَالَ الله ليحيى بعد مَا بلغ وَأدْركَ ﴿خُذِ الْكتاب﴾ اعْمَلْ بِمَا فِي الْكتاب التَّوْرَاة ﴿بِقُوَّةٍ﴾ بجد ومواظبة النَّفس ﴿وَآتَيْنَاهُ﴾ أعطيناه يَعْنِي يحيى ﴿الحكم﴾ الْفَهم وَالْعلم ﴿صَبِيّاً﴾ فِي صغره
﴿وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا﴾ أعطيناه رَحْمَة من عندنَا لِأَبَوَيْهِ ﴿وَزَكَاةً﴾ صَدَقَة لَهما وَيُقَال صلاحا فِي دينه ﴿وَكَانَ تَقِيّاً﴾ مُطيعًا لرَبه
﴿وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ﴾ لطيفاً بِوَالِديهِ ﴿وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً﴾ فِي دينه قتالاً فِي الْغَضَب ﴿عَصِيّاً﴾ عَاصِيا لرَبه
﴿وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ﴾ سَلامَة ومغفرة وسعادة منا على يحيى ﴿يَوْمَ وُلِدَ﴾ حِين ولد ﴿وَيَوْمَ يَمُوتُ﴾ حِين يَمُوت ﴿وَيَوْمَ يُبْعَثُ﴾ حِين يبْعَث من الْقَبْر ﴿حَيا﴾
﴿وَاذْكُر﴾ يَا مُحَمَّد ﴿فِي الْكتاب﴾ فِي الْقُرْآن ﴿مَرْيَمَ﴾ خبر مَرْيَم ﴿إِذِ انتبذت﴾ انْفَرَدت وتنحت ﴿من أَهلهَا مَكَانا شرقيا﴾ مشرقة دَرَاهِم
﴿فاتخذت مِن دُونِهِم﴾ فَأَرختْ من دون أَهلهَا ﴿حِجَاباً﴾ سترا لكَي تَغْتَسِل فِيهِ من الْحيض ﴿فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ﴾ بعد مَا فرغت ﴿رُوحَنَا﴾ رَسُولنَا جِبْرِيل ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا﴾ فتشبه لَهَا ﴿بَشَراً سَوِيّاً﴾ فِي صُورَة شَاب لم ينقص
﴿قَالَتْ﴾ مَرْيَم ﴿إِنِّي أَعُوذُ﴾ أمتنع ﴿بالرحمن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً﴾ مُطيعًا للرحمن وَيُقَال التقي كَانَ اسْم رجل سوء فظنت أَنه هُوَ ذَلِك الرجل فَمن ذَلِك تعوذت مِنْهُ
﴿قَالَ﴾ لَهَا جِبْرِيل ﴿إنمآ أَنا رَسُول رَبك لأَهَبَ لَكِ﴾ لكَي يهب الله لَك ﴿غُلاَماً زَكِيّاً﴾ ولدا صَالحا
﴿قَالَتْ﴾ مَرْيَم لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام
﴿أَنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ﴾ من أَيْن يكون لي ولد
254
﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾ لم يقربنِي زوج
﴿وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً﴾ فاجرة
255
﴿قَالَ﴾ لَهَا جِبْرِيل ﴿كَذَلِك﴾ هَكَذَا كَمَا قلت لَك ﴿قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ خلقه عَليّ هَين بِلَا أَب ﴿وَلِنَجْعَلَهُ﴾ لكَي نجعله ﴿آيَةً﴾ عَلامَة وعبرة ﴿لِّلْنَّاسِ﴾ لبني إِسْرَائِيل ولدا بِلَا أَب ﴿وَرَحْمَةً مِّنَّا﴾ لمن آمن بِهِ ﴿وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً﴾ قَضَاء كَائِنا أَن يكون ولدا بِلَا أَب
﴿فَحَمَلَتْهُ﴾ مَرْيَم وَكَانَ حمله تِسْعَة أشهر وَيُقَال يَوْم وَاحِد ﴿فانتبذت﴾ فانفردت ﴿بِهِ﴾ بولادتها إِيَّاه ﴿مَكَاناً قَصِيّاً﴾ بَعيدا من النَّاس
﴿فَأَجَآءَهَا الْمَخَاض﴾ فألجأها الطلق ﴿إِلَى جِذْعِ النَّخْلَة﴾ إِلَى أصل نَخْلَة يابسة ﴿قَالَت يَا لَيْتَني مِتُّ قَبْلَ هَذَا﴾ الْوَلَد وَيُقَال قبل هَذَا الْيَوْم ﴿وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً﴾ شَيْئا متروكاً لم يذكر وَيُقَال حَيْضَة ملقاة وَيُقَال سقطة
﴿فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ﴾ من تَحت أَسْفَلهَا يَعْنِي جِبْرِيل ﴿أَلاَّ تَحْزَنِي﴾ يَا مَرْيَم على ولادَة عِيسَى ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً﴾ نَبيا وَيُقَال فناداها من تحتهَا إِن قَرَأت بِنصب الْمِيم يَعْنِي عِيسَى أَن لَا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سرياً نَهرا صَغِيرا
﴿وهزى إِلَيْكِ﴾ خذي إِلَيْك ﴿بِجِذْعِ النَّخْلَة﴾ بِأَصْل النَّخْلَة فحركيها ﴿تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً﴾ غضاً طريا
﴿فَكُلِي﴾ من الرطب ﴿واشربي﴾ من النَّهر ﴿وَقَرِّي عَيْناً﴾ طيبي نفسا بِوِلَادَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبشر﴾ من الْآدَمِيّين ﴿أَحَداً﴾ بعد هَذَا الْيَوْم ﴿فَقولِي إِنِّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْماً﴾ صمتا ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْم إِنسِيّاً﴾ آدَمِيًّا ثمَّ اسكتي بعد ذَلِك حَتَّى يتَكَلَّم بعذرك عِيسَى
﴿فَأَتَتْ بِهِ﴾ بِعِيسَى ﴿قَوْمَهَا﴾ إِلَى قَومهَا ﴿تَحْمِلُهُ﴾ وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ يَوْمًا ﴿قَالُوا يَا مَرْيَم لقد جِئْت شَيْئا فريا﴾ مُنْكرا عَظِيما
﴿يَا أُخْت هَارُون﴾ يَا شَبيهَة هرون فى الْعِبَادَة وَكَانَ هرون رجلا صَالحا من أمثل النَّاس وَيُقَال كَانَ هرون رجل سوء فضربوها بِهِ وَيُقَال كَانَ هرون أخاها من أَبِيهَا ﴿مَا كَانَ أَبُوكِ امْرأ سَوْءٍ﴾ رجلا زَانيا ﴿وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً﴾ فاجرة
﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَن كَلمُوهُ ﴿قَالُواْ﴾ لَهَا ﴿كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المهد﴾ فِي الْحجر وَيُقَال فِي السرير ﴿صَبِيّاً﴾ صَغِيرا ابْن أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَتكلم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام
﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله آتَانِيَ الْكتاب﴾ عَلمنِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فِي بطن أُمِّي ﴿وَجَعَلَنِي نَبِيّاً﴾ بعد الْخُرُوج من بطن أُمِّي
﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً﴾ معلما للخير ﴿أَيْنَ مَا كُنتُ﴾ حَيْثُمَا كنت وأقمت ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ﴾ بإتمام الصَّلَاة ﴿وَالزَّكَاة﴾ الصَّدَقَة ﴿مَا دُمْتُ حَيّاً﴾ مَا حييت
﴿وَبَرّاً بِوَالِدَتِي﴾ لطيفاً بوالدتي ﴿وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً﴾ فِي ديني قتالاً فِي الْغَضَب ﴿شَقِيّاً﴾ عَاصِيا لربى
﴿وَالسَّلَام عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ﴾ السَّلامَة عَليّ حِين ولدت من لُمزَة الشَّيْطَان ﴿وَيَوْمَ أَمُوتُ﴾ حِين أَمُوت من ضغطة الْقَبْر ﴿وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً﴾ حِين أبْعث من الْقَبْر حَيا
﴿ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَمَ﴾ خبر عِيسَى ابْن مَرْيَم ﴿قَوْلَ الْحق﴾ خبر الْحق ﴿الَّذِي فِيهِ﴾ فِي عِيسَى ﴿يَمْتُرُونَ﴾ يَشكونَ يَعْنِي النَّصَارَى وَقَالَ بَعضهم هُوَ الله وَقَالَ بَعضهم هُوَ ابْن الله وَقَالَ بَعضهم هُوَ شَرِيكه
﴿مَا كَانَ لِلَّهِ﴾ مَا يَنْبَغِي لله
﴿أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ﴾ نزه نَفسه عَن الْوَلَد وَالشَّرِيك
﴿إِذَا قضى أَمْراً﴾
255
إِذا أَرَادَ أَن يخلق ولدا بِلَا أَب
﴿فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون﴾ ولدا بِلَا أَب مثل عِيسَى فَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بالرسالة إِلَى قومه قَالَ إِنِّي عبد الله ومسيحه
256
﴿وَإِنَّ الله﴾ هُوَ ﴿رَبِّي﴾ خالقي ورازقي ﴿وَرَبُّكُمْ﴾ خالقكم ورازقكم ﴿فاعبدوه﴾ وحدوه ﴿هَذَا﴾ التَّوْحِيد الَّذِي آمركُم بِهِ ﴿صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ دين قَائِم يرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام
﴿فَاخْتلف الْأَحْزَاب﴾ الْكفَّار ﴿مِن بَيْنِهِمْ﴾ فِيمَا بَينهم فَقَالَ بَعضهم هُوَ الله وَقَالَ بَعضهم هُوَ ابْن الله وَقَالَ بَعضهم هُوَ شَرِيكه ﴿فَوْيْلٌ﴾ الويل وَاد فِي جَهَنَّم من قيح وَدم وَيُقَال جب فِي النَّار وَيُقَال فويل فشدة الْعَذَاب ﴿لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ تحزبوا فِي عِيسَى ﴿مِن مَّشْهِدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ من عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة
﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾ مَا أسمعهم وَمَا أبصرهم ﴿يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة أَن عِيسَى لم يكن الله وَلَا وَلَده وَلَا شَرِيكه ﴿لَكِن الظَّالِمُونَ﴾ الْمُشْركُونَ ﴿الْيَوْم﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ فِي كفر بيّن بقَوْلهمْ إِن عِيسَى هُوَ الله أَو وَلَده أَو شَرِيكه
﴿وَأَنْذِرْهُمْ﴾ يَا مُحَمَّد خوفهم ﴿يَوْمَ الْحَسْرَة﴾ الندامة ﴿إِذْ قُضِيَ الْأَمر﴾ فرغ من الْحساب وَأدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار وَذبح الْمَوْت ﴿وهم فِي غَفلَة﴾ فى جهلة وسمى عَن ذَلِك ﴿وهم لَا يُؤمنُونَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله وَالْقُرْآن والبعث بعد الْمَوْت
﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْض﴾ نملك الأَرْض ﴿وَمَنْ عَلَيْهَا﴾ نملك من عَلَيْهَا وَيُقَال نميت من فِيهَا ونرث من عَلَيْهَا نميتهم ونحييهم ﴿وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ يَوْم الْقِيَامَة فأجزيهم بأعمالهم الْحَسَنَة بِالْحَسَنَة والسيئة بِالسَّيِّئَةِ
﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِبْرَاهِيمَ﴾ خبر إِبْرَاهِيم ﴿إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً﴾ مُصدقا بإيمانه ﴿نَّبِيّاً﴾ مُرْسلا يخبر عَن الله
﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ﴾ آزر ﴿يَا أَبَت لِمَ تَعْبُدُ﴾ من دون الله ﴿مَا لاَ يَسْمَعُ﴾ إِن دَعوته ﴿وَلاَ يَبْصِرُ﴾ إِن عبدته ﴿وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً﴾ من عَذَاب الله
﴿يَا أَبَت إِنِّي قَدْ جَآءَنِي﴾ من الله ﴿مِنَ الْعلم﴾ الْبَيَان ﴿مَا لم يأتك﴾ مالم يجىء إِلَيْك أَن من عبد غير الله يعذبه الله تَعَالَى بالنَّار ﴿فاتبعني﴾ فِي دين الله ﴿أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً﴾ أدلك إِلَى طَرِيق عدل قَائِم يرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام
﴿يَا أَبَت لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَان﴾ لَا تُطِع الشَّيْطَان فِي عبَادَة الْأَصْنَام ﴿إِنَّ الشَّيْطَان كَانَ للرحمن عَصِيّاً﴾ كَافِرًا
﴿يَا أَبَت إِنِّي أَخَافُ﴾ أعلم ﴿أَن يَمَسَّكَ﴾ يصيبك ﴿عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن﴾ إِن لم تؤمن بِهِ ﴿فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً﴾ قريناً فِي النَّار
﴿قَالَ﴾ آزر ﴿أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي﴾ عَن عبَادَة آلهتى ﴿يَا إِبْرَاهِيم لَئِن لَّمْ تَنتَهِ﴾ عَن مَقَالَتك ﴿لأَرْجُمَنَّكَ﴾ لأسبنك وَيُقَال لأَقْتُلَنك ﴿واهجرني مَلِيّاً﴾ واعتزلني مَا دمت حَيا وَيُقَال اتركني وَلَا تكلمني طَويلا وَيُقَال دهرا
﴿قَالَ﴾ إِبْرَاهِيم ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ أَدْعُو لَك رَبِّي ﴿إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً﴾ عَالما إِن أَرَادَ أَن يستجيب دَعْوَتِي
﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ﴾ أترككم ﴿وَمَا تَدْعُونَ﴾ تَعْبدُونَ ﴿مِن دُونِ الله﴾ من الْأَوْثَان ﴿وَأَدْعُو رَبِّي﴾ أعبد رَبِّي ﴿عَسى﴾ وَعَسَى من الله وَاجِب ﴿أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي﴾ بِعبَادة رَبِّي ﴿شَقِيّاً﴾ خائباً
﴿فَلَمَّا اعتزلهم﴾ تَركهم
﴿وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله﴾ من الْأَوْثَان
﴿وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ﴾
256
الضاحك
﴿وَيَعْقُوبَ﴾ ولد الْوَلَد
﴿وَكُلاًّ﴾ إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب
﴿جَعَلْنَا نَبِيّاً﴾ أكرمناهم بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام
257
﴿وَوَهَبْنَا لَهْمْ مِّن رَّحْمَتِنَا﴾ من نعمتنا ولدا صَالحا ومالاً حَلَالا ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً﴾ أكرمناهم بالثناء الْحسن
﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب مُوسَى﴾ خبر مُوسَى ﴿إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً﴾ مَعْصُوما من الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش وَيُقَال مخلصاً بِالْعبَادَة والتوحيد إِن قَرَأت بِكَسْر اللَّام ﴿وَكَانَ رَسُولاً﴾ إِلَى بني إِسْرَائِيل ﴿نَّبِيّاً﴾ يخبر عَن الله تَعَالَى
﴿وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطّور﴾ الْجَبَل ﴿الْأَيْمن﴾ عَن يَمِين مُوسَى ﴿وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً﴾ أَي قربناه حَتَّى سمع صرير الْقَلَم وَيُقَال كلمناه من قريب
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ﴾ من نعمتنا ﴿أَخَاهُ هَارُون نَبيا﴾ وزيرا معينا
﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل﴾ خبر إِسْمَعِيل ﴿إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْد﴾ إِذا وعد أنْجز ﴿وَكَانَ رَسُولاً﴾ مُرْسلا إِلَى قومه ﴿نَّبِيّاً﴾ يخبر عَن الله
﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ﴾ قومه ﴿بِالصَّلَاةِ﴾ بإتمام الصَّلَاة ﴿وَالزَّكَاة﴾ بِإِعْطَاء الزَّكَاة الصَّدَقَة ﴿وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مرضيا﴾ صَالحا
﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِدْرِيسَ﴾ خبر إِدْرِيس ﴿إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً﴾ مُصدقا بإيمانه ﴿نَّبِيَّاً﴾ يخبر عَن الله
﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً﴾ فِي الْجنَّة
﴿أُولَئِكَ الَّذين﴾ ذكرتهم إِبْرَاهِيم وإسمعيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب ومُوسَى وَهَارُون وَعِيسَى وَإِدْرِيس وَسَائِر الْأَنْبِيَاء ﴿أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيين﴾ أكْرمهم الله بِالنُّبُوَّةِ والرسالة وَالْإِسْلَام ﴿من ذُرِّيَّة آدم وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ﴾ من ذُرِّيَّة نوح أَوْلَاده ﴿وَمن ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم﴾ إِسْمَعِيل وَإِسْحَاق ﴿وَإِسْرَائِيلَ﴾ وَمن ذُرِّيَّة يَعْقُوب يُوسُف وَإِخْوَته ﴿وَمِمَّنْ هَدَيْنَا﴾ أكرمنا بِالْإِيمَان ﴿واجتبينآ﴾ اصْطَفَيْنَا بِالْإِسْلَامِ ومتابعة النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه ﴿إِذَا تتلى عَلَيْهِمْ﴾ إِذا تقْرَأ عَلَيْهِم ﴿آيَاتُ الرَّحْمَن﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً﴾ يَسْجُدُونَ ويبكون من مَخَافَة الله
﴿فَخَلَفَ﴾ فَبَقيَ ﴿مِن بَعْدِهِمْ﴾ من بعد الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ ﴿خَلْفٌ﴾ سوء ﴿أَضَاعُواْ الصَّلَاة﴾ تركُوا الصَّلَاة وَكَفرُوا بِاللَّه ﴿وَاتبعُوا الشَّهَوَات﴾ اشتغلوا باللذات فِي الدُّنْيَا وَتزَوج الْأَخَوَات من الْأَب وهم الْيَهُود ﴿فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً﴾ وَاديا فِي جَهَنَّم
﴿إِلاَّ مَن تَابَ﴾ من الْيَهُود ﴿وَآمَنَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ خَالِصا فِيمَا بَينه وَبَين ربه ﴿فَأُولَئِك يَدْخُلُونَ الْجنَّة وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً﴾ لَا ينقص من حسناتهم وَلَا يُزَاد على سيئاتهم
ثمَّ بَين أَي الْجنَّة لَهُم فَقَالَ ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَن عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ﴾ بالغائب عَنْهُم ﴿إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً﴾ كَائِنا
﴿لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا﴾ فِي الْجنَّة ﴿لَغْواً﴾ حلفا بَاطِلا ﴿إِلَّا سَلاما﴾ لَكِن يسلم بَعضهم على بعض للإكرام ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا﴾ طعامهم فِي الْجنَّة ﴿بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ على مِقْدَار بكرَة وَعَشِيَّة فِي الدُّنْيَا
﴿تِلْكَ الْجنَّة﴾ هَذِه الْجنَّة
﴿الَّتِي نُورِثُ﴾
257
ننزل
﴿مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً﴾ من الْكفْر والشرك وَيُقَال مُطيعًا لرَبه
258
﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ﴾ من السَّمَاء ﴿إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ يَا مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل ذَلِك حِين حبس الله عَنهُ الْوَحْي فِيمَا سَأَلته قُرَيْش عَن الرّوح وَذي القرنين وَأَصْحَاب الْكَهْف ﴿لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾ من أَمر الْآخِرَة ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ من أَمر الدُّنْيَا ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِك﴾ مَا بَين النفختين ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ لم ينْسك رَبك مُنْذُ أُوحِي إِلَيْك
﴿رب﴾ خَالق ﴿السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا﴾ من الْخلق والعجائب هُوَ الله ﴿فاعبده﴾ فأطعه ﴿واصطبر لِعِبَادَتِهِ﴾ اصبر على عِبَادَته ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾ أحدا يُسمى الله
﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَان﴾ أبي بن خلف الجُمَحِي بانكار الْبَعْث ﴿أئذا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً﴾ من الْقَبْر بعد الْمَوْت هَذَا مَالا يكون
﴿أَوَلاَ يَذْكُرُ الإِنْسَانُ﴾ أَو لَا يتعظ أبي بن خلف الجُمَحِي ﴿أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ﴾ من قبل هَذَا من نُطْفَة مُنْتِنَة ﴿وَلَمْ يَكُ شَيْئاً﴾ فَإِنِّي قَادر على أَن أحييه
﴿فَوَرَبِّكَ﴾ أقسم بِنَفسِهِ ﴿لَنَحْشُرَنَّهُمْ﴾ يَوْم الْقِيَامَة يَعْنِي أَبَيَا وَأَصْحَابه ﴿وَالشَّيَاطِين ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ﴾ لنجمعنهم ﴿حَوْلَ جَهَنَّمَ﴾ وسط جَهَنَّم ﴿جِثِيّاً﴾ جَمِيعًا
﴿ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ﴾ لَنخْرجَنَّ ﴿مِن كُلِّ شِيعَةٍ﴾ من كل أهل دين ﴿أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَن عِتِيّاً﴾ جرْأَة بِالْقُرْآنِ
﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بالذين هُمْ أولى بِهَا﴾ أَحَق بهَا ﴿صِلِيّاً﴾ دُخُولا
﴿وَإِن مِّنكُمْ﴾ وَمَا مِنْكُم من أحد ﴿إِلاَّ وَارِدُهَا﴾ داخلها يَعْنِي النَّار غير النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ ﴿كَانَ على رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً﴾ قَضَاء كَائِنا وَاجِبا أَن يكون
﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذين اتَّقوا﴾ الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش ﴿وَّنَذَرُ﴾ نَتْرُك ﴿الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين ﴿فِيهَا﴾ فِي جَهَنَّم ﴿جِثِيّاً﴾ جَمِيعًا دَائِما
﴿وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ﴾ تقْرَأ عَلَيْهِم على النَّضر وَأَصْحَابه ﴿آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿قَالَ الَّذين كفرُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن والبعث يَعْنِي النَّضر وَأَصْحَابه ﴿لِلَّذِينَ آمنُوا﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن يَعْنِي أَبَا بكر وَأَصْحَابه ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ﴾ أهل دينين منا ومنكم ﴿خَيْرٌ مَّقَاماً﴾ منزلا ﴿وَأَحْسَنُ نَدِيّاً﴾ مَجْلِسا
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ﴾ قبل قُرَيْش ﴿مِّن قَرْنٍ﴾ من أُمَم خَالِيَة ﴿هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً﴾ أَكثر أَمْوَالًا وأولادا ﴿ورئيا﴾ أحسن منْظرًا
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿مَن كَانَ فِي الضَّلَالَة﴾ فِي الْكفْر والشرك ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ فليزدد ﴿لَهُ الرَّحْمَن مَدّاً﴾ زِيَادَة فِي المَال وَالْولد فانظرهم يَا مُحَمَّد ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ﴾ من الْعَذَاب ﴿إِمَّا الْعَذَاب﴾ يَوْم بدر بِالسَّيْفِ ﴿وَإِمَّا السَّاعَة﴾ وَإِمَّا عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة بالنَّار ﴿فَسَيَعْلَمُونَ﴾ وَهَذَا وَعِيد لَهُم ﴿مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً﴾ منزلا فِي الْآخِرَة وضيقاً فِي الدُّنْيَا ﴿وَأَضْعَفُ جُنداً﴾ أَهْون ناضراً
﴿وَيَزِيدُ الله الَّذين اهتدوا﴾ بِالْإِيمَان
﴿هُدًى﴾ بالشرائع وَيُقَال وَيزِيد الله الَّذين اهتدوا بالناسخ هدى بالمنسوخ
﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ والصلوات الْخمس
﴿خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً﴾ خير مَا يثيب الله بِهِ الْعباد الصَّلَوَات
258
﴿وَخَيْرٌ مَّرَدّاً﴾ أفضل مرجعاً فِي الْآخِرَة
259
﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن يَعْنِي الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي ﴿وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً﴾ لَئِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد فِي الْآخِرَة حَقًا لَأُعْطيَن مَالا وَولدا فى الْآخِرَة
فَرد الله عَلَيْهِ وَقَالَ ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْب﴾ أنظر فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَن لَهُ مَا يَقُول ﴿أَمِ اتخذ﴾ اعْتقد ﴿عِندَ الرَّحْمَن عَهْداً﴾ بِلَا إِلَه إِلَّا الله فَيكون لَهُ مَا يَقُول
﴿كَلاَّ﴾ رد عَلَيْهِ لَا يكون لَهُ مَا يَقُول ﴿سَنَكْتُبُ﴾ سنحفظ ﴿مَا يَقُولُ﴾ من الْكَذِب ﴿ونمد لَهُ﴾ نزيل لَهُ ﴿مِنَ الْعَذَاب مَدّاً﴾ زِيَادَة
﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ فِي الْجنَّة ونعطي غَيره من الْمُؤمنِينَ ﴿وَيَأْتِينَا﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿فَرْداً﴾ وحيداً خَالِيا من المَال وَالْولد وَالْخَيْر نزلت هَذِه الْآيَة فِي خباب بن الْأَرَت وَصَاحبه فِي خُصُومَة كَانَت بَينهمَا
﴿وَاتَّخذُوا﴾ عبدُوا أهل مَكَّة ﴿مِن دُونِ الله آلِهَةً﴾ يَعْنِي الْأَصْنَام ﴿لِّيَكُونُواْ لَهُمْ﴾ يَعْنِي الْأَصْنَام ﴿عِزّاً﴾ مَنْفَعَة من عَذَاب الله
﴿كَلاَّ﴾ رد عَلَيْهِم لَا يكون لَهُم مَنْفَعَة من عَذَاب الله ﴿سيكفرون بعبادتهم﴾ سيتبرءون يَعْنِي الْأَصْنَام من عبَادَة الْكفَّار ﴿وَيَكُونُونَ﴾ يَعْنِي الْأَصْنَام ﴿عَلَيْهِمْ﴾ على الْكفَّار ﴿ضِدّاً﴾ عوناً بِالْعَذَابِ
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ألم تخبر يَا مُحَمَّد ﴿أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِين﴾ سلطنا الشَّيَاطِين ﴿عَلَى الْكَافرين تَؤُزُّهُمْ أَزّاً﴾ تزعجهم إِلَى مَعْصِيّة الله إزعاجاً وتغريهم إغراء
﴿فَلاَ تَعْجَلْ﴾ فَلَا تستعجل ﴿عَلَيْهِمْ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً﴾ يَعْنِي النَّفس بعد النَّفس
﴿يَوْمَ﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ﴾ الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش ﴿إِلَى الرَّحْمَن﴾ إِلَى جنَّة الرَّحْمَن ﴿وَفْداً﴾ ركباناً على النوق
﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرمين﴾ الْمُشْركين ﴿إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً﴾ عطاشاً
﴿لاَّ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة﴾ لَا تشفع الْمَلَائِكَة لأحد ﴿إِلاَّ مَنِ اتخذ﴾ من اعْتقد ﴿عِندَ الرَّحْمَن عَهْداً﴾ بِلَا إِلَه إِلَّا الله
﴿وَقَالُواْ﴾ يَعْنِي الْيَهُود ﴿اتخذ الرَّحْمَن وَلَداً﴾ عُزَيْرًا ابْنا
﴿لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً﴾ قُلْتُمْ قولا مُنْكرا عَظِيما
﴿تَكَادُ السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ﴾ يتشققن ﴿مِنْهُ﴾ من قَوْلهم ﴿وَتَنشَقُّ الأَرْض﴾ تتصدع الأَرْض ﴿وَتَخِرُّ الْجبَال﴾ تسير الْجبَال ﴿هَدّاً﴾ كسراً
﴿أَن دَعَوْا﴾ بِأَن دعوا ﴿للرحمن وَلَداً﴾ عُزَيْرًا ابْنا
﴿وَمَا يَنبَغِي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ عُزَيْرًا ابْنا
﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ يَقُول مَا من أحد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض ﴿إِلاَّ آتِي الرَّحْمَن عَبْداً﴾ إِلَّا مقرا للرحمن بالعبودية مُطيعًا لَهُ غير الْكَافِر
﴿لقد أحصاهم﴾ حفظهم ﴿وعدهم عدا﴾ عَالم بعددهم
﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ﴾ يَجِيء إِلَى الله ﴿يَوْمَ الْقِيَامَة فَرْداً﴾ وحيداً بِلَا مَال وَلَا ولد
﴿إِن الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَن وُدّاً﴾ يُحِبهُمْ ويحببهم إِلَى الْمُؤمنِينَ
﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ﴾ هونا عَلَيْك قِرَاءَة الْقُرْآن ﴿لِتُبَشِّرَ بِهِ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿الْمُتَّقِينَ﴾ الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش ﴿وَتُنْذِرَ﴾ تخوف ﴿بِهِ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿قَوْماً لُّدّاً﴾ جدلاً بِالْبَاطِلِ
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ﴾ قبل قَوْمك يَا مُحَمَّد
259
﴿مِّن قَرْنٍ﴾ من الْقُرُون الْمَاضِيَة
﴿هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ﴾ هَل ترى مِنْهُم أحدا بعد الْهَلَاك
﴿أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً﴾ صَوتا بعد مَا هَلَكُوا ودرسوا
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا طه وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها مائَة وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وكلماتها ألف وثلثمائة وَوَاحِد وحروفها خَمْسَة آلَاف ومائتان وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ حرفا
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
260