تفسير سورة عبس

حومد
تفسير سورة سورة عبس من كتاب أيسر التفاسير المعروف بـحومد .
لمؤلفه أسعد محمود حومد .

(١) - كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْماً يُخَاطِبُ أَحَدَ سَادَةِ قُرِيْشٍ، وَقَدْ طَمِعَ فِي إِسْلاَمِهِ، فَبَيْنَمَا كَانَ يَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ، إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَهُوَ رَجُلٌ أَعْمَى، وَكَانَ أَسْلَمَ، قَدِيماً، وَهَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ، وَقَدْ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ لِيَسْأَلَهُ عَنْ شَيءٍ، وَأَلَحَّ عَلَى النَّبِيِّ فِي السُّؤُالِ. وَوَدَّ النَّبِيُّ أَنْ لَوْ كَفَّ ابْنُ أُمْ مَكْتُومٍ، سَاعَتَهُ تِلْكَ، لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابِعَةِ حَدِيثِهِ مَعَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، طَمَعاً فِي هِدَايَتِهِ. وَعَبَسَ فِي وَجْهِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الآخَرِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَاتِ مُعَاتِباً رَسُولَهُ الكَرِيمَ.
فَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ يَهَشُّ لابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَيَلْقَاهُ بِالعِنَايَةِ والتَّكْرِيمِ وَيَقُولُ لَهُ: أَهْلاً بِمَنْ عَاتَبَنِي فِيهِ رَبِّي.
وَمَعْنَى الآيَةِ: أَنَّ الرَّسُولَ قَطَّبَ وَجْهَهُ كَارِهاً وَأَعْرَضَ.
(٢) - لأَنَّ الأعْمَى قَدْ جَاءَهُ يَسْأَلُ عَنْ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ دِينِهِ، وَقَطَعَ حَدِيثَ الرَّسُولِ، مَعَ أَنَّهُ بِسَبَبِ عَمَاه يَسْتَحِقُّ مَزِيداً مِنَ الرِّفْقِ والرَّأْفَةِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِكَ أَنْ تَخُصَّهُ بِالجَفْوَةِ وَالإِعْرَاضِ؟
(٣) - وَمَا يُدْرِيكَ حَالَ هَذَا الأَعْمَى؟ فَقَدْ يَتَطَهَّرُ بِمَا يَسْمَعُهُ مِنْكَ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ.
يَزَّكَّى - يَتَطَهَّرُ بِتَعْلِيمِكَ مِنْ دَنَسِ الجَهَالَةِ.
(٤) - أَوْ يَتَّعِظُ فَتَنفعُهُ ذِكْرَاكَ وَعِظَتُكَ.
يَذَّكَّرُ - يَتَّعِظُ.
(٥) - أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى بِمَالِهِ وَقُوَّتِهِ عَنِ الإِيْمَانِ.
(٦) - فَأَنْتَ تَتَعَرَّضُ لَهُ، وَتَهْتُمُّ بِتَبْلِيغِهِ الدَّعْوَةَ، لَعَلَّهُ يَهْتَدِي.
(٧) - وَمَا يَضُرُّكَ أَنْ يَبْقَى عَلَى ضَلاَلِهِ، وَأَنْ لاَ يَتَطَّهَرَ مِنْ أَدْرَانِ الشِّرْكِ وَالجَهَالَةِ، فَأَنْتَ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَقَدْ أَدَّيْتَ رِسَالَتَكَ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ.
(٨) - وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى مُسْرِعاً فِي طَلَبِ العِلْمِ والهُدَى وَالتَّقْرُّبِ مِنْ رَبِّهِ.
جَاءَكَ يَسْعَى - وَصَلَ إِلَيْكَ مُسْرِعاً.
(٩) - وَهُوَ يَخْشَى رَبَّهُ، وَيَحْذَرُ الوُقُوعَ فِي الغوَايَةِ.
(١٠) - فَأَنْتَ تَتَلَهَّى وَتَتَشَاغَلُ عَنْهُ، وَتُعْرِضُ عَنْ إِجَابَتِهِ، وَالرَّدِّ عَلَيْهِ.
تَلَهَّى - تَتَشَاغَلُ.
(١١) - لَيْسَ الصَّوَابُ مَا تَفْعَلُهُ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بِأَنْ تَعْبِسَ فِي وَجْهِ الأَعْمَى الذِي جَاءَكَ يَسْعَى، وَهُوَ يَخْشَى، وَتُقْبِلَ عَلَى مَنِ اسْتَغْنَى، وَقَدْ جَاءَ فِي الكُتُبِ الإِلَهِيَّةِ تَذْكِيرٌ وَوَعْظٌ وَتَنْبِيهٌ لِمَنْ غَفَلَ عَنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكَرِيمِ.
(وَقَدْ يَكُونُ المَعْنَى: إِنَّ مَهَمَّةَ الرِّسَالَةِ التَّنْبِيهُ وَالتَّذْكِيرُ).
كَلاَّ - إِرْشَادٌ لِتَرْكِ المُعَاوَدَةِ.
إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ - إِنَّ آيَاتِ القُرْآنِ مَوْعِظَةٌ وَتَذْكِيرٌ.
(١٢) - وَهَذِهِ التَّذْكِرَةُ بَيِّنَةٌ ظَاهِرَةٌ يَسْتَطِيعُ كُلُّ عَاقِلٍ أَنْ يَعِيَهَا، وَيَتَدَبِّرَهَا إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ.
(١٣) - وَقَدْ أُوْدِعَتْ هَذِهِ التَّذْكِرَةُ فِي الكُتُبِ الإِلَهِيَّةِ ذَاتِ الشَّرَفِ وَالرِّفْعَةِ.
(١٤) - وَهَذِهِ الصُّحُفُ الإِلَهِيَّةُ (الصُّحُفُ المُكَرَّمَةُ) مُعَظَّمَةٌ مُوَقَّرَةٌ، عَالِيَةُ القَدْرِ، مُطَهَّرَةٌ مِنَ النَّقَائِصِ وَلاَ تَشُوبُهَا الضَّلاَلاَتُ.
(١٥) - وَتَتَنَزَّلُ هَذِهِ الصُّحُفُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ الكِرَامِ بِوَاسِطَةِ سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ هُمُ المَلاَئِكَةُ المُطَهَّرُونَ، لِيَقُومَ الأَنْبِيَاءُ بِإِبْلاَغِهَا إِلَى النَّاسِ.
سََفَرَةٍ - مَلاَئِكَةٍ مُرْسَلِينَ.
(١٦) - وَالمَلائِكَةُ السَّفَرَةُ هُمْ كِرَامٌ عَلَى اللهِ، وَأَبْرَارٌ وَأَطْهَارٌ لاَ يُقَارِفُونَ ذَنْباً، وَلاَ يَجْتَرِحُونَ إِثْماً، وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ.
بَرَرَةٍ - مُطِيعِينَ للهِ أَوْ صَادِقِينَ.
﴿الإنسان﴾
(١٧) - يَذُمُّ اللهُ تَعَالَى مَنْ أَنْكُرَ البَعْثِ وَالنُّشُورَ فَيَقُولُ: أَخْزَى اللهُ الإِنْسَانَ الكَفُورَ، وَلَعَنَهُ مَا أَشَدَّ كُفْرَانَهُ لِلنِّعَمِ التِي يَتَقَلَّبُ فِيهَا، وَمَا أَكْثَرَ ذُهُولَهُ عَنْ مُسْدِيهَا إِلَيْهِ، وَمُنْعِمِهَا عَلَيْهِ.
قُتِلَ - لُعِنَ وَأُخْزِيَ وَعُذِّبَ.
(١٨) - أَخَذَ اللهُ تَعَالَى يُفَصِّلُ مَا أَجْمَلَهُ فِي الآيَةِ السَّابِقَةِ، وَيُبَيِّنُ مَا أَفَاءَهُ عَلَى الإِنْسَانِ مِنَ النِّعَمِ فِي مَرَاحِلِ حَيَاتِهِ وَنَشْأَتِهِ. فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللهَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ شَيءٍ حَقِيرٍ فَلا يَنْبَغِي لَهُ التَّكَبُّرُ والتَّجَبُّرُ، أَلاَ يَعْلَمُ هَذَا الإِنْسَانُ مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ رَبُّهُ؟
(١٩) - لَقَدْ خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ مِنَ مَاءٍ مَهِينٍ (نُطْفَةٍ مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى كَمَا جَاءَ فِي آيةٍ أُخْرَى) وَقَدَّرَهُ أَطْوَاراً وَأَحْوَالاً، وََأَتَمَّ خَلْقَهُ بِمَا يُلاَئِمُ حَاجَاتِهِ، وَأَوْدَعَ فِيهِ القُوَّةَ التِي تُمَكِّنُهُ مِنِ اسْتِعْمَالِ أَعْضَائِهِ وَحَوَاسِّهِ، وَتَصْرِيفِهَا فِيمَا خُلِقَتْ لَهُ وَجَعَلَ كُلَّ ذَلِكَ بِمِقْدَارٍ مَحْدُودٍ.
فَقَدَّرَهُ - خَلَقَهُ أَطْوَاراً وَهَيَّأَهُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ.
(٢٠) - ثُمَّ جَعَلَهُ مُتَمَكِّناً مِنِ اخْتِيَارِ السَّبِيلِ التِي يَسِيرُ فِيهَا - سَبيلِ الخَيْرِ أَوْ سَبِيلِ الشَّرِّ- فَقَدْ آتَاهُ اللهُ القُدْرَةَ عَلَى العَمَلِ، وَوَهَبَهُ العَقْلَ الذِي يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الخَيرِ والشَّرِّ، وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الكُتُبَ المُشْتَملَةَ عَلَى العِظَاتِ وَالأَحْكَامِ.
يَسَّرَهُ - سَهَّلَ لَهُ طَرِيقَ الهُدَى والضَّلاَلِ.
(٢١) - ثُمَّ أَمَاتَهُ اللهُ، وَلَمْ يَتْرُكْهُ مَطْرُوحاً فِي العَرَاءِ تَنْهَشُهُ الوُحُوشُ، بَلْ تَفَضَّلَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ فِي غَرِيزَةِ النَّوْعِ الإِنْسَانِيِّ أَنْ يُوَارِيَ أَمْوَاتَهُ فِي قُبُورٍ تَكْرِمَةً لَهُمْ.
(٢٢) - ثُمَّ إِذَا شَاءَ اللهُ تَعَالَى أَحْيَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَبَعَثَهُ لِلْحِسَابِ وَالجَزَاءِ فِي الوَقْتِ الذِي قَدَّرَهُ اللهً لِذَلِكَ.
أَنْشَرَهُ - أَحْيَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.
(٢٣) - حََقّاً إِنَّ حَالَ الإِنْسَانِ لَعَجِيبٌ، فَإِنَّهُ رَأَى فِي نَفْسِهِ مِنْ آيَاتِ اللهِ العَظِيمَةِ، مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَجِّهَهُ إِلَى الصَّوَابِ والسَّدَادِ، وَالهُدَى وَالرَّشَادِ، وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِمَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ مِنَ التَّأَمُّلِ فِي دَلاَئِلِ قُدْرَةِ رَبِّهِ، وَتَدَبُّرِ مَا يَدُلُّ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ تَعَالَى، مِمَّا يُوجِبُ عَلَيْهِ التَّوَجُّهَ إِلَى رَبِّهِ بِالعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ.
لَمَّا يَقْضِ - لَمْ يَفْعَلْ مَا أَمْرَهُ بِهِ رَبُّهُ.
﴿الإنسان﴾
(٢٤) - فَلْيَتَدَبِّرِ الإِنْسَانُ شَأْنَ نَفْسِهِ، وَلْيُفَكِّرْ فِي أَمْرِ طَعَامِهِ، وَتَدْبِيرِهِ وَتَهْيِئَتِهِ حَتَّى يَكُونَ غِذَاءً صَالِحاً نَافِعاً تَقُومُ بِهِ بُنْيَتُهُ، وَيَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَاءِ مَهَمَّتِهِ فِي الحَيَاةِ.
(٢٥) - لَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ المَاءَ مِنَ السَّحَابِ إِنْزَالاً.
(٢٦) - وَحِينَمَا يَصِلُ المَاءُ إِلَى بُذُورِ النَّبَاتَاتِ المَوْجُودَةِ فِي بَاطِنِ الأَرْضِ فَإِنَّهَا تَبْدَأُ بِالحَيَاةِ وَالتَّحَرُّكِ، وَتَشُقُّ الأَرْضَ لِتَخْرُجَ مِنْهَا سُوقَهَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ لِتَنْمُوَ وَتَتَنَفَّسَ.
شَقَقْنَا الأَرْضَ - بِالنَّبَاتِ أَوِ بِالحَرْثِ.
(٢٧) - وَيُنْبِتُ اللهُ تَعَالَى الحَبَّ كَالحِنْطَةِ والشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَقْتَاتُ بِهِ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ.
(٢٨) - وَيُخْرِجُ اللهُ مِنَ الأَرْضِ العِنَبَ وَالنَّبَاتَاتِ التِي تُؤكَلُ طَرِيَّةً غَضَّةً. (قَضْباً).
(٢٩) - وَيُنْبِتُ الزَّيْتُونَ وَالنَّخْلَ، وَهُمَا ثَمَرانِ مَعْرُوفَانِ نَبَاتاً وَثَمَراً.
﴿حَدَآئِقَ﴾
(٣٠) - وَبَسَاتِينَ مُسَوَّرَةً، فِيهَا أَشْجَارٌ ضَخْمَةٌ مُثْمِرَةٌ.
الحَدَائِِقُ - البَسَاتِينُ المُسَوَّرَةُ.
الغُلْبُ - المُتَكَاثِفَةُ الأَشْجَارِ.
﴿فَاكِهَةً﴾
(٣١) - وَتُخْرِجُ الأَرْضُ فَوَاكِهَ يَتَمَتَّعُ بِهَا الإِنْسَانُ كَالتَّينِ والعِنَبِ وَالتُّفَّاحِ.. وَتُخْرِجُ النَّبَاتَ الذِي تَأْكُلُهُ الدَّوابُّ كَالكَلأِ وَالتِّبْنِ وَغَيْرِهِ.
أَبّاً - كَلأً وَعُشْباً أَوْ هُوَ التِّبْنُ.
﴿مَّتَاعاً﴾ ﴿لأَنْعَامِكُمْ﴾
(٣٢) - وَقَدْ أَنْبَتَ اللهُ تَعَالَى ذَلِكَ لِيَتَمَتَّعَ بِهِ النَّاسُ، وَيَنْتَفِعُوا بِهِ هُمْ وَأَنْعَامُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا.
(٣٣) - فَإِذَا جَاءَ يَوْمُ القِيَامَةِ، (وَسُمِّيت القِيَامَةُ صَاخَّةً لأَنَّهُ يَحْدُثُ فِيهَا صَوْتٌ هَائِلٌ يَصُمُّ الآذَانَ وَيَصُخُّ الأَسْمَاعَ).
الصَّاخَّةُ - الصَّيْحَةُ العَظِيمَةُ تَصُمُّ الآذَانَ.
(٣٤) - وَهُوَ يَوْمٌ يَشْغَلُ كُلَّ امْرِيءٍ بِمَا يُصِيبُهُ وَيُعَانِيهِ مِنَ الأَهْوَالِ، فَيَفِرُّ مِمَّنْ كَانَ يََتَعَلَّقُ بِهِمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَتَوَهَّمُ أَنَّهُمْ قَدْ يُعِينُونَهُ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ، فَيَفِرُّ مُتَوارِياً مِنْ أَخِيهِ.
(٣٥) - كَمَا يَفِرُّ مِنْ أُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَهُمَا أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيهِ.
﴿صاحبته﴾
(٣٦) - وَيَفِرُّ مِنْ زَوْجَتِهِ التِي هِيَ أَلْصَقُ النَّاسِ بِهِ، وَيَفِرُّ مِنْ بَنِيهِ الذِينَ هُمْ أَفْلاَذُ كَبِدِهِ، وَقَدْ كَانَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا يَفْدِيهِمْ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ.
﴿يَوْمَئِذٍ﴾
(٣٧) - فَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ لاَ يَسْأَلُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يُفَكِّرُ فِيهِ لأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ هَمّاً يَمْلأُ صَدْرَهُ، حَتَّى لاَ يَبْقَى فِيهِ مُتَّسَعٌ لِهَمٍّ آخَرَ، وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ مَا يُغْنِيهِ عَنِ التَّفْكِيرِ فِي هُمُومِ الآخَرِينَ.
﴿يَوْمَئِذٍ﴾
(٣٨) - وَيَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرِيقَيْنِ: سُعَدَاءَ وَأَشْقِيَاءَ، فَالسُّعَدَاءُ تَكُونُ وُجُوهُهُمٍْ مُشْرِقَةً مُتَهَلِّلَةً.
(٣٩) - وَتَكُونُ ضَاحِكَةً يَعْلُوهَا البِشْرُ والسَّعَادَةُ بِمَا وَجَدَتْهُ عِنْدَ رَبِّهَا مِنْ كَرَامَةٍ وَرِضاً.
﴿يَوْمَئِذٍ﴾
(٤٠) - أَمَّا الكَفَرَةُ الأَشْقِيَاءُ فَتَعْلُو وُجُوهَهُمْ غَبَرَةُ الذُّلِّ وَالهَوَانِ.
غَبَرَةٌ - غُبَارٌ وَكدورَةٌ.
(٤١) - وَيَغْشَى وُجُوهَهُمْ سَوَادُ الغَمِّ وَالحُزْنِ.
تَرْهَقُهَا - تَغْشَاهَا.
قَتَرَةٌ - ظُلْمَةٌ وَسَوَادٌ.
﴿أولئك﴾
(٤٢) - وَهَؤُلاَءِ الذِينَ يَعْلُو وُجُوهَهُمْ غُبَارُ الذُّلِ، وَسَوَادُ الحُزْنِ، هُمُ الكَفَرَةُ الذِينَ لَمْ يٌؤْمِنُوا بِاللهِ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ، وَخَرَجُوا عَنْ حُدُودِ شَرَائِعِهِ، وَاجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ وَالمَعَاصِي.
Icon