تفسير سورة سورة الذاريات من كتاب تفسير العز بن عبد السلام
المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام
.
لمؤلفه
عز الدين بن عبد السلام
.
المتوفي سنة 660 هـ
سُورَةُ الذّاريَاتِ مكية اتفاقاً.
ﰡ
١ - ﴿الذاريات﴾ الرياح واحدتها ذارية لأنها تذرو التراب والتبن أي تفرقه في الهواء ﴿ذَرْواً﴾ مصدر، أو مَا ذَرَتْه أقسم بها وبما ذرته.
٢ - ﴿فَالْحَامِلاتِ﴾ السحاب موقرة بالمطر، أو الرياح موقرة بالسحاب.
٣ - ﴿فَالْجَارِيَاتِ﴾ السفن، أو السحاب ﴿يُسْرًا﴾ إلى حيث يسرها الله من البلاد، أو سهولة تيسيرها.
٤ - ﴿فَالْمُقَسِّمَاتِ﴾ السحاب يقسم الله بها الحظوظ بين الناس، أو الملائكة تقسم أمره في خلقه: جبريل صاحب الوحي والغلظة، وميكائيل صاحب الرزق والرحمة، وإسرافيل صاحب الصور واللوح، وعزرائيل قابض الأرواح؛ أقسم الله تعالى بذلك لما فيه من الآيات والمنافع.
٥ - ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ يوم القيامة كائن، أو الثواب والعقاب حق.
٦ - ﴿الدِّينَ﴾ الحساب لواجب، أو الجزاء لكائن.
٧ - ﴿والسَّمَآءِ﴾ السحاب أو السماء المعروفة على المشهور قال ابن عمر - رضي الله عنهما - هي السماء السابعة ﴿الْحُبُكِ﴾ الاستواء " ع "، أو الشدة، أو الصفاقة، أو الطرائق من حباك الحمام طرائق على جناحه، أو الحسن والزينة، أو كحبك الماء إذا ضربته الريح، أو الريح، أو لأنها حبكت بالنجوم " ح ".
٨ - ﴿قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ﴾ أمر مختلف فمؤمن وكافر ومطيع وعاصٍ، أو مصدق بالقرآن ومكذب به، أو أهل الشرك يختلف عليهم الباطل.
٩ - ﴿يُؤْفَكُ﴾ يضل عنه من ضل " ع "، أو يصرف عنه من صرف، أو يؤفن عنه من أفن، والأفَن فساد العقل، أو يخدع عنه من خدع، أو يكذب فيه من كذب، أو يدفع عنه من دفع.
١٠ - ﴿قتل﴾ لعن [١٨٥ / ب] / ﴿الْخَرَّاصُونَ﴾ المرتابون، أو الكذابون، أو أهل الظنون والفرية، أو المتكهنون، والخرص هاهنا تعمد الكذب، أو ظن الكذب لأن الخرص حذر وظن ومنه خرص الثمار، خرصوا للتكذيب بالرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو بالبعث.
١١ - ﴿غَمْرَةٍ﴾ غفلة لاهون " ع "، أو ضلالة يتمادون، أو عمىً وشبهة يترددون.
١٢ - ﴿أَيَّانَ﴾ متى يوم الجزاء قيل إنها مركبة من أي والآن.
١٣ - ﴿يُفْتَنُونَ﴾ يعذبون، أو يطبخون ويحرقون كما يفتن الذهب بالنار،
230
أو يكذبون توبيخاً وتقريعاً.
231
١٤ - ﴿فتنتكم﴾ عذابكم أو تكذيبكم أو حريقكم.
﴿إن المتقين في جناتٍ وعيون (١٥) ءاخذين ما ءاتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين (١٦) كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون (١٧) وبالأسحار هم يستغفرون (١٨) وفي أموالهم حقٌ للسائل والمحروم (١٩) وفي الأرض ءايات للموقنين (٢٠) وفي أنفسكم أفلا تبصرون (٢١) وفي السماء رزقكم وما توعدون (٢٢) فورب السماء والأرض إنه لحقٌ مثل ما أنكم تنطقون (٢٣) ﴾
١٦ - ﴿ما آتاهم رَبُّهُمْ﴾ من الفرائض " ع "، أو الثواب ﴿قَبْلَ ذَلِكَ﴾ قبل الفرائض ﴿مُحْسِنِينَ﴾ بالإجابة، أو قبل القيامة محسنين بالفرائض.
١٧ - ﴿كَانُواْ قَلِيلاً﴾ تم الكلام ثم قال ﴿مِّنَ الليل مَا يَهْجَعُونَ﴾ الهجوع: النوم، أو كان هجوعهم قليلاً، أو كان القليل منهم ما يهجعون وإن كان الأكثر هجوعاً، أو كانوا في قليل من الليل ما يهجعون حتى صلوا المغرب والعشاء، أو قليلاً يهجعون وما صلة وهذا لما كان قيام الليل فرضاً.
١٨ - ﴿يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يصلون، أو يؤخرون الاستغفار إلى السَّحَر كما آخره يعقوب لبنيه، قال ابن زيد: السَّحَر هو السدس الأخير من الليل.
١٩ - ﴿حَقٌّ﴾ معلوم: الزكاة، أو غيرها مما يصل به رحماً، أو يقري به ضيفاً، أو يحمل به كلاً، أو يغني به محروماً " ع " ﴿وَالْمَحْرُومِ﴾ الذي لا يسأل، أو الذي يجيء بعد الغنيمة ليس له فيها سهم، أو من لا سهم له في الإسلام " ع " أو من لا يكاد يتيسر له كسب أو من يطلب الدنيا وتدبر عنه " ع "، أو المصاب بثمره وزرعه، أو المملوك، أو الكلب.
٢٠ - ﴿وفي الأرض آيات﴾ الجبال والبحار والأنهار، أو من أهلك من الأمم الخالية.
٢١ - ﴿وَفِى أَنفُسِكُمْ﴾ سبيل البول والغائط، أو تسوية مفاصل الأيدي والأرجل والجوارح دال على أنه خلقكم لعبادته، أو خلقكم من تراب، فإذا أنتم بشر أو حياتكم وقوتكم وما يخرج ويدخل من طعامكم وشرابكم، أو الكبر والضعف والشيب بعد الشباب والقوة والسواد " ح ".
٢٢ - ﴿وَفِى السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ﴾، من عند الله الذي في السماء، أو المطر والثلج ينبتان الزرع فيحيا به الخلق فهو رزق من السماء ﴿وَمَا تُوعَدُونَ﴾ من خير وشر، أو جنة ونار، أو أمر الساعة.
٢٣ - ﴿إنه لحق﴾ ما جاء به الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو ما عدده في هذه السورة من آياته وذكره من عظاته.
﴿هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين (٢٤) إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلامٌ قومٌ منكرون (٢٥) فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمين (٢٦) فقربه إليهم قال ألا تأكلون (٢٧) فأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف وبشروه بغلامٍ عليمٍ (٢٨) فأقبلت امرأته في صرةٍ فصكت وجهها وقالت عجوزٌ عقيم (٢٩) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم (٣٠) قال فما خطبكم أيها المرسلون (٣١) قالوا إنا أرسلنا إلى قومٍ مجرمين (٣٢) لترسل عليهم حجارةً من طينٍ (٣٣) مسومةً عند ربك للمسرفين (٣٤) فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين (٣٥) فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين (٣٦) وتركنا فيها ءاية للذين يخافون العذاب الأليم (٣٧) ﴾
٢٤ - ﴿الْمُكْرَمِينَ﴾ عند الله تعالى، أو خدمهم إبراهيم بنفسه.
٢٥ - ﴿سَلاماً﴾ من المسالمة، أو دعاء بالسلامة عند الجمهور، ﴿مُّنكَرُونَ﴾ لا يُعرفون أو يخافون أنكرته خفته أنكرهم لمجيئهم على غير صور البشر وعلى غير [١٨٦ / أ] / صور الملائكة التي يعرفها.
٢٦ - ﴿فَرَاغَ﴾ فعدل، أو مال خفية ﴿بِعِجْلٍ﴾ كان عامة ماله البقر سُمي عجلاً لعجلة بني إسرائيل بعبادته، أو لأنه عجل في اتباع أمه.
٢٨ - ﴿بِغُلامٍ﴾ إسحاق من سارة فبشرنا بإسحاق، أو إسماعيل من هاجر.
٢٩ - ﴿صَرَّةٍ﴾ رنَّة، أو صيحة ومنه صرير الباب، أو جماعة ومنه صُرَّة الدراهم، المصرَّاة جُمع لبنها في ضرعها ﴿صكت﴾ لطمت " ع "، أو ضربت جبينها أتلد عجوز عقيم؟
﴿وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطانٍ مبينٍ (٣٨) فتولى بركنه وقال ساحرٌ أو مجنون (٣٩) فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم (٤٠) وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم (٤١) ما تذر من شيءٍ أتت عليه إلا جعلته كالرميم (٤٢) وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين (٤٣) فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون (٤٤) فما استطاعوا من قيامٍ وما كانوا منتصرين (٤٥) وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوماً فاسقين (٤٦) ﴾
٣٩ - ﴿فَتَوَلَّى﴾ أدبر، أو أقبل من الأضداد ﴿بِرُكْنِهِ﴾ جموعه وجنده، أو قوته " ع "، أو جانبه، أو عناده بالكفر وميله عن الحق.
٤١ - ﴿الْعَقِيمَ﴾ التي لا تلقح، أو لا تنبت، أو لا رحمة فيها، أو لا
233
منفعة لها وهي الجنوب، أو الدبور، أو الصبا قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " وأهلكت عاد بالدبور ".
234
٤٢ - ﴿كَالرَّمِيمِ﴾ التراب، أو الرماد، أو الشيء البالي الهالك، أو ما ديس من يابس النبات.
﴿والسماء بنيناها بأييدٍ وإنا لموسعون (٤٧) والأرض فرشناها فنعم الماهدون (٤٨) ومن كل شيءٍ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (٤٩) ففروا إلى الله إني لكم منه نذيرٌ مبينٌ (٥٠) ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر إني لكم منه نذيرٌ مبينٌ (٥١) ﴾
٤٧ - ﴿لَمُوسِعُونَ﴾ الرزق بالمطر، أو السماء، أو لا يضيق علينا شيء نريده، أو نخلق سماء مثلها، أو على الاتساع بأكثر من اتساع السماء.
٤٩ - ﴿زَوْجَيْنِ﴾ من كل جنس نوعين، أو أمر خلقه ضدين: صحة وسقم، وغنى وفقر، وموت وحياة، وفرح وحزن، وضحك وبكاء.
٥٠ - ﴿فَفِرُّواْ﴾ فتوبوا.
{كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسولٍ إلا قالوا ساحرٌ أو مجنون (٥٢) أتواصوا به بل هم قومٌ طاغون (٥٣) فتول عنهم فما أنت بملوم (٥٤) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين (٥٥) وما خلقت الجن والإنسَ إلا ليعبدون (٥٦) ما أريدُ منهم من رزقٍ وما أريدُ أن يطعمون (٥٧) إن الله هو الرزاق ذو القوةٍ المتين (٥٨) فإن للذين ظلموا ذَنوباً مثل ذنوب أصحابهم فلا
234
يستعجلون (٥٩) فويلٌ للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون (٦٠) }
235
٥٥ - ﴿وَذَكِّر﴾ بالقرآن، أو بالموعظة.
٥٦ - ﴿لِيَعْبُدُون﴾ ليقروا بالعبودية طوعاً، أو كرهاً " ع "، أو لآمرهم وأنهاهم، أو لأجبلهم على الشقاء والسعادة، أو ليعرفون، أو للعبادة.
٥٧ - ﴿مِّن رِزْقٍ﴾ أن يرزقوا عبادي ولا يطعموهم، أو يرزقوا أنفسهم ولا يطعموها، أو معونة ولا فضلاً.
٥٩ - ﴿ذَنُوباً﴾ عذاباً، أو سبيلاً، أو عني به الدلو " ع "، أو نصيباً
﴿أصحَابِهم﴾ مكذبو الرسل من الأمم السالفة.
235
سُورة الطُّور
مكية اتفاقاً
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿والطور (١) وكتاب مسطور (٢) في رق منشور (٣) والبيت المعمور (٤) والسقف المرفوع (٥) والبحر المسجور (٦) إن عذاب ربك لواقع (٧) ما له من دافع (٨) يوم تمور السماء مورا (٩) وتسير الجبال سيرا (١٠) فويلٌ يومئذٍ للمكذبين (١١) الذين هم في خوض يلعبون (١٢) يوم يُدَعون إلى نار جهنم دعا (١٣) هذه النار التي كنتم بها تكذبون (١٤) أفسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون (١٥) اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواءٌ عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون (١٦) ﴾
236