تفسير سورة نوح

فتح القدير
تفسير سورة سورة نوح من كتاب فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير المعروف بـفتح القدير .
لمؤلفه الشوكاني . المتوفي سنة 1250 هـ
سورة نوح
هي تسع وعشرون آية أو ثمان وعشرون آية وهي مكية وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت سورة ﴿ إنا أرسلنا نوحاً ﴾ بمكة.

سورة نوح
هي تسع وعشرون آية، أو ثمان وعشرون آية وهي مكية، وأخرج ابن الضريس والنحاس وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً بِمَكَّةَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة نوح (٧١) : الآيات ١ الى ٢٠]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١) قالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤)
قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (٦) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (٩)
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤)
أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩)
لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠)
قَوْلُهُ: إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ نُوحًا أَوَّلُ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ اللَّهُ، وهو نوح بن لامك ابن متوشلخ بن أخنوخ «١» بْنِ قَيْنَانَ بْنِ شَيْثَ بْنِ آدَمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مُدَّةُ لُبْثِهِ فِي قَوْمِهِ، وَبَيَانُ جَمِيعِ عُمُرِهِ، وَبَيَانُ السِّنِّ الَّتِي أُرْسِلَ وَهُوَ فِيهَا فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ أَيْ: بِأَنْ أَنْذِرْ، عَلَى أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُفَسِّرَةُ لِأَنَّ فِي الْإِرْسَالِ مَعْنَى الْقَوْلِ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْذِرْ بِدُونِ أَنْ، وَذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ، أَيْ: فَقُلْنَا لَهُ أَنْذِرْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَيْ: عَذَابٌ شَدِيدُ الْأَلَمِ، وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الطوفان، وجملة قالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَ نُوحٌ؟ فَقَالَ: قَالَ لَهُمْ... إِلَخْ. وَالْمَعْنَى: إِنِّي لَكُمْ مُنْذِرٌ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ، وَمُخَوِّفٌ لَكُمْ، وَمُبَيِّنٌ لِمَا فِيهِ نَجَاتُكُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ «أَنْ» هِيَ التَّفْسِيرِيَّةُ لِنَذِيرٍ، أَوْ هِيَ الْمَصْدَرِيَّةُ، أَيْ: بِأَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ غَيْرَهُ وَاتَّقُوهُ، أي: اجتنبوا ما يوقعكم في عذابه،
(١). في تفسير القرطبي: وهو إدريس بن يردين مهلايل بن أنوش.
355
وَأَطِيعُونِ فِيمَا آمُرُكُمْ بِهِ فَإِنِّي رَسُولٌ إِلَيْكُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ هذا جواب الأمر، و «من» لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: بَعْضَ ذُنُوبِكُمْ، وَهُوَ مَا سَلَفَ مِنْهَا قَبْلَ طَاعَةِ الرَّسُولِ وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْمَعْنَى يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، فَتَكُونُ «مِنْ» عَلَى هَذَا زَائِدَةً، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ، وَقِيلَ: هِيَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَقِيلَ: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ مَا اسْتَغْفَرْتُمُوهُ مِنْهَا وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أَيْ: يُؤَخِّرْ مَوْتَكُمْ إِلَى الْأَمَدِ الْأَقْصَى الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ لَكُمْ بِشَرْطِ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ فَوْقَ مَا قَدَّرَهُ لَكُمْ، عَلَى تَقْدِيرِ بَقَائِكُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ، وَقِيلَ: التَّأْخِيرُ بِمَعْنَى الْبَرَكَةِ فِي أَعْمَارِهِمْ إِنْ آمَنُوا، وَعَدَمِ الْبَرَكَةِ فِيهَا إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا. قَالَ مُقَاتِلٌ: يُؤَخِّرْكُمْ إِلَى مُنْتَهَى آجَالِكُمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ يُؤَخِّرْكُمْ عَنِ الْعَذَابِ فَتَمُوتُوا غَيْرَ مَيْتَةِ الْمُسْتَأْصِلِينَ بِالْعَذَابِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى لَا يُمِيتُكُمْ غَرَقًا وَلَا حَرْقًا وَلَا قَتْلًا إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ أَيْ: مَا قَدَّرَهُ لَكُمْ عَلَى تَقْدِيرِ بَقَائِكُمْ عَلَى الْكُفْرِ مِنَ الْعَذَابِ إِذَا جَاءَ، وَأَنْتُمْ بَاقُونَ عَلَى الْكُفْرِ، لَا يُؤَخَّرُ، بَلْ يَقَعُ لَا مَحَالَةَ، فَبَادِرُوا إِلَى الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ وَهُوَ الْمَوْتُ إِذَا جَاءَ لَا يُمْكِنُكُمُ الْإِيمَانُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِذَا جَاءَ الْمَوْتُ لَا يُؤَخَّرُ سَوَاءً كَانَ بِعَذَابٍ أَوْ بِغَيْرِ عَذَابٍ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَيْ: شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ لَسَارَعْتُمْ إِلَى مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، أَوْ لَعَلِمْتُمْ أَنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً أَيْ: قَالَ نُوحٌ مُنَادِيًا لِرَبِّهِ وَحَاكِيًا لَهُ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ: إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي إِلَى مَا أَمَرْتَنِي بِأَنْ أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ دُعَاءً دَائِمًا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً عَمَّا دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ وَبُعْدًا عَنْهُ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي تَبَاعُدًا مِنَ الْإِيمَانِ، وَإِسْنَادُ الزِّيَادَةِ إِلَى الدُّعَاءِ لِكَوْنِهِ سَبَبَهَا، كَمَا فِي قَوْلِهِ: زادَتْهُمْ إِيماناً. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: دُعَائِي بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَيَعْقُوبُ وَالدُّورِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِإِسْكَانِهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ أَيْ: كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ إِلَى سَبَبِ الْمَغْفِرَةِ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِكَ، وَالطَّاعَةُ لَكَ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا صَوْتِي وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ أَيْ: غَطَّوْا بِهَا وُجُوهَهُمْ لِئَلَّا يَرَوْنِي، وَقِيلَ: جَعَلُوا ثِيَابَهُمْ على رؤوسهم لِئَلَّا يَسْمَعُوا كَلَامِي، فَيَكُونُ اسْتِغْشَاءُ الثِّيَابِ عَلَى هَذَا زِيَادَةً فِي سَدِّ الْآذَانِ، وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْعَدَاوَةِ، يُقَالُ: لَبِسَ فُلَانٌ ثِيَابَ الْعَدَاوَةِ، وَقِيلَ: اسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ لِئَلَّا يَعْرِفَهُمْ فَيَدْعُوهُمْ وَأَصَرُّوا أَيِ: اسْتَمَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ، وَلَمْ يُقْلِعُوا عنه، ولا تابوا منه وَاسْتَكْبَرُوا عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ، وَعَنِ امْتِثَالِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ اسْتِكْباراً شَدِيدًا ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً أَيْ: مُظْهِرًا لَهُمُ الدَّعْوَةَ، مُجَاهِرًا لَهُمْ بِهَا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ أَيْ: دَعَوْتُهُمْ مُعْلِنًا لَهُمْ بِالدُّعَاءِ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً أَيْ: وَأَسْرَرْتُ لَهُمُ الدَّعْوَةَ إِسْرَارًا كَثِيرًا، قِيلَ: الْمَعْنَى: أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ يُكَلِّمُهُ سِرًّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ دَعَاهُمْ عَلَى وُجُوهٍ مُتَخَالِفَةٍ وَأَسَالِيبَ مُتَفَاوِتَةٍ، فَلَمْ يَنْجَعْ ذَلِكَ فِيهِمْ. قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَى أَعْلَنْتُ: صِحْتُ، وَقِيلَ: مَعْنَى أَسْرَرْتُ: أَتَيْتُهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ فَدَعَوْتُهُمْ فِيهَا. وَانْتِصَابُ جِهَارًا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ جِهَارًا وَيَكُونُ غَيْرَ جِهَارٍ، فَالْجِهَارُ نَوْعٌ مِنَ الدُّعَاءِ، كَقَوْلِهِمْ: قَعَدَ الْقُرْفُصَاءَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتَ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: دُعَاءً جِهَارًا، وَأَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ: مُجَاهِرًا، وَمَعْنَى ثُمَّ الدَّلَالَةُ
356
عَلَى تَبَاعُدِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ الْجِهَارَ أَغْلَظُ مِنَ الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلظ مِنْ أَحَدِهِمَا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ إِنِّي بِسُكُونِ الْيَاءِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْحَرَمِيُّونَ بِفَتْحِهَا فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً أَيْ:
سَلُوهُ الْمَغْفِرَةَ مِنْ ذُنُوبِكُمُ السَّابِقَةِ بِإِخْلَاصِ النِّيَّةِ، إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً أَيْ: كَثِيرَ الْمَغْفِرَةِ لِلْمُذْنِبِينَ، وَقِيلَ:
مَعْنَى اسْتَغْفِرُوا: تُوبُوا عَنِ الْكُفْرِ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا لِلتَّائِبِينَ، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً أَيْ: يُرْسِلْ مَاءَ السَّمَاءِ عَلَيْكُمْ، فَفِيهِ إِضْمَارٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ الْمَطَرُ، كَمَا فِي قَوْلُ الشَّاعِرِ «١» :
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غضابا
والمدرارا: الدُّرُورُ، وَهُوَ التَّحَلُّبُ بِالْمَطَرِ، وَانْتِصَابُهُ إِمَّا عَلَى الْحَالِ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَمْ يُؤَنَّثْ لِأَنَّ مِفْعَالًا لَا يُؤَنَّثُ تَقُولُ: امْرَأَةٌ مِئْنَاثٌ وَمِذْكَارٌ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: إِرْسَالًا مِدْرَارًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَجُزِمَ يُرْسِلْ لِكَوْنِهِ جَوَابَ الْأَمْرِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَطَرِ وَحُصُولِ أَنْوَاعِ الْأَرْزَاقِ، وَلِهَذَا قَالَ: وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ يَعْنِي بَسَاتِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً جَارِيَةً. قَالَ عَطَاءٌ: الْمَعْنَى يُكْثِرُ أَمْوَالَكُمْ وَأَوَّلَادَكُمْ. أَعْلَمَهُمْ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ إِيمَانَهُمْ بِاللَّهِ يَجْمَعُ لَهُمْ مَعَ الْحَظِّ الْوَافِرِ فِي الْآخِرَةِ الْخِصْبَ وَالْغِنَى فِي الدُّنْيَا. مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً أَيْ: أَيُّ عُذْرٍ لَكُمْ فِي تَرْكِ الرجاء، والرجاء هنا بمعنى الخوف، أي: مالكم لَا تَخَافُونَ اللَّهَ، وَالْوَقَارُ: الْعَظَمَةُ مِنَ التَّوْقِيرِ وَهُوَ التَّعْظِيمُ، وَالْمَعْنَى لَا تَخَافُونَ حَقَّ عَظَمَتِهِ فتوحّدونه وتطيعونه، ولا تَرْجُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ فِي «لَكُمْ»، وَمِنْ إِطْلَاقِ الرَّجَاءِ عَلَى الْخَوْفِ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
إِذَا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو الْعَالِيَةَ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: مَا لَكَمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ ثَوَابًا، وَلَا تَخَافُونَ مِنْهُ عِقَابًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: مَا لَكَمْ لَا تُبَالُونَ لِلَّهِ عظمته. قَالَ قُطْرُبٌ: هَذِهِ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ، وَهُذَيْلٌ وَخُزَاعَةُ ومضر يقولون: لم أرج: لم أبال. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا لَكَمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ عَاقِبَةَ الْإِيمَانِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: مَا لَكَمْ لَا تَرْجُونَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ أَنْ يُثِيبَكُمْ عَلَى تَوْقِيرِكُمْ خَيْرًا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَا لَكَمْ لَا تُؤَدُّونَ لِلَّهِ طَاعَةً.
وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا لَكَمْ لَا تَعْرِفُونَ لِلَّهِ حَقًّا وَلَا تَشْكُرُونَ لَهُ نِعْمَةً. وَجُمْلَةُ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ خَلَقَكُمْ عَلَى أَطْوَارٍ مُخْتَلِفَةٍ: نُطْفَةٍ، ثُمَّ مُضْغَةٍ، ثُمَّ عَلَقَةٍ إِلَى تَمَامِ الْخَلْقِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ. وَالطَّوْرُ فِي اللُّغَةِ: الْمَرَّةُ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الطَّوْرُ الْحَالُ، وَجَمْعُهُ أَطْوَارٌ، وَقِيلَ: أَطْوَارًا صِبْيَانًا ثُمَّ شُبَّانًا ثُمَّ شُيُوخًا، وَقِيلَ: الْأَطْوَارُ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَخْلَاقِ، وَالْمَعْنَى: كَيْفَ تُقَصِّرُونَ فِي تَوْقِيرِ مَنْ خَلَقَكُمْ عَلَى هَذِهِ الْأَطْوَارِ الْبَدِيعَةِ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً الْخِطَابُ لِمَنْ يَصْلُحُ لَهُ، وَالْمُرَادُ الِاسْتِدْلَالُ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وبديع
(١). هو معاوية بن مالك، معوّد الحكماء.
357
صُنْعِهِ، وَأَنَّهُ الْحَقِيقُ بِالْعِبَادَةِ. وَالطِّبَاقُ: الْمُتَطَابِقَةُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، كُلُّ سَمَاءٍ مُطْبِقَةٌ عَلَى الْأُخْرَى كَالْقِبَابِ.
قَالَ الْحَسَنُ: خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ عَلَى سَبْعِ أَرَضِينَ، بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ، وَأَرْضٍ وَأَرْضٍ، خَلْقٌ وَأَمْرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ هذا في قوله: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ «١» وَانْتِصَابُ طِبَاقًا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، تَقُولُ طَابَقَهُ مُطَابَقَةً وطباقا، أو حال بمعنى ذات طباق، فحذف ذَاتُ وَأَقَامَ طِبَاقًا مَقَامَهُ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ جَرَّ «طِبَاقًا» عَلَى النَّعْتِ. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً أَيْ: مُنَوِّرًا لِوَجْهِ الْأَرْضِ، وجعل القمر في السماوات على كَوْنِهَا فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ فِي إِحْدَاهِنَّ، فَهِيَ فِيهِنَّ، كَذَا قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ. قَالَ الْأَخْفَشُ:
كَمَا تَقُولُ أَتَانِي بَنُو تَمِيمٍ، وَالْمُرَادُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: فِيهِنَّ بِمَعْنَى مَعَهُنَّ، أَيْ: خَلَقَ الْقَمَرَ وَالشَّمْسَ مَعَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَمَا فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَهَلْ يَنْعَمَنَّ مَنْ كَانَ آخِرُ عَهْدِهِ ثَلَاثِينَ شَهْرًا فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالِ
أَيْ: مَعَ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ. وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً أَيْ: كَالْمِصْبَاحِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ لِيَتَوَصَّلُوا بِذَلِكَ إِلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَعَاشِ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً يَعْنِي آدَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، وَالْمَعْنَى: أَنْشَأَكُمْ مِنْهَا إِنْشَاءً، فَاسْتُعِيرَ الْإِنْبَاتُ للإنشاء لكونه أدل على الحدوث والتكوين، و «نباتا» إِمَّا مَصْدَرٌ لِأَنْبَتَ عَلَى حَذْفِ الزَّوَائِدِ، أَوْ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَنَبَتُّمْ نَبَاتًا. وَقَالَ الْخَلِيلُ وَالزَّجَّاجُ: هُوَ مَصْدَرٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ مَعْنَى أَنْبَتَكُمْ: جَعَلَكُمْ تَنْبُتُونَ نَبَاتًا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَاللَّهُ أَنْبَتَ لَكُمْ من الأرض النبات، فنباتا عَلَى هَذَا مَفْعُولٌ بِهِ. قَالَ ابْنُ بَحْرٍ: أَنْبَتَهُمْ فِي الْأَرْضِ بِالْكِبَرِ بَعْدَ الصِّغَرِ وَبِالطُّولِ بَعْدَ الْقِصَرِ. ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها أَيْ فِي الْأَرْضِ وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً يَعْنِي يُخْرِجُكُمْ مِنْهَا بِالْبَعْثِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً أَيْ: فَرَشَهَا وَبَسَطَهَا لَكُمْ، تَتَقَلَّبُونَ عَلَيْهَا تَقَلُّبَكُمْ عَلَى بُسُطِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً أَيْ: طُرُقًا وَاسِعَةً، وَالْفِجَاجُ: جَمْعُ فَجٍّ، وَهُوَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ، كَذَا قَالَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: الْفَجُّ: الْمَسْلَكُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَقَدْ مَضَى تَحْقِيقُ هَذَا فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ مُسْتَوْفًى.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ قَالَ: لِئَلَّا يَسْمَعُوا مَا يَقُولُ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ قَالَ: لِيَتَنَكَّرُوا فَلَا يَعْرِفُهُمْ وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً قَالَ: تَرَكُوا التَّوْبَةَ.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ قَالَ: غَطَّوْا وُجُوهَهُمْ لِئَلَّا يَرَوْا نُوحًا وَلَا يَسْمَعُوا كَلَامَهُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً قَالَ: لَا تَعْلَمُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أَيْضًا وَقاراً قَالَ عَظَمَةً. وَفِي قَوْلِهِ: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً قَالَ: نُطْفَةً ثُمَّ علقة ثم مضغة. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ: لا تخافون لله عظمة. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: لا
(١). الطلاق: ١٢. [.....]
358
وجملة :﴿ قَالَ يَا قَوْمٌ إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ مستأنفة استئنافاً بيانياً على تقدير سؤال، كأنه قيل : فماذا قال نوح ؟ فقال : قال لهم الخ. والمعنى : إني لكم منذر من عقاب الله ومخوّف لكم، ومبين لما فيه نجاتكم.
﴿ أَنِ اعبدوا الله واتقوه وَأَطِيعُونِ ﴾ «أن » هي التفسيرية لنذير، أو هي المصدرية : أي بأن اعبدوا الله ولا تشركوا به غيره، ﴿ واتقوه ﴾ أي اجتنبوا ما يوقعكم في عذابه، ﴿ وأطيعون ﴾ فيما آمركم به فإني رسول إليكم من عند الله.
﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ هذا جواب الأمر، و«من » للتبعيض : أي بعض ذنوبكم، وهو ما سلف منها قبل طاعة الرسول وإجابة دعوته. وقال السديّ : المعنى يغفر لكم ذنوبكم، فتكون «من » على هذا زائدة. وقيل : المراد بالبعض : ما لا يتعلق بحقوق العباد. وقيل : هي لبيان الجنس. وقيل : يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها ﴿ وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ أي يؤخر موتكم إلى الأمد الأقصى الذي قدّره الله لكم بشرط الإيمان والطاعة فوق ما قدّره لكم، على تقدير بقائكم على الكفر والعصيان. وقيل : التأخير بمعنى البركة في أعمارهم أن آمنوا، وعدم البركة فيها إن لم يؤمنوا. قال مقاتل : يؤخركم إلى منتهى آجالكم. وقال الزجاج : أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير ميتة المستأصلين بالعذاب. وقال الفراء : المعنى لا يميتكم غرقاً ولا حرقاً ولا قتلاً ﴿ إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَاء لاَ يُؤَخَّرُ ﴾ أي ما قدّره لكم على تقدير بقائكم على الكفر من العذاب إذا جاء، وأنتم باقون على الكفر لا يؤخر بل يقع لا محالة، فبادروا إلى الإيمان والطاعة. وقيل المعنى : إن أجل الله، وهو الموت إذا جاء لا يمكنكم الإيمان. وقيل المعنى : إذا جاء الموت لا يؤخر سواء كان بعذاب أو بغير عذاب ﴿ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي شيئًا من العلم لسارعتم إلى ما أمرتكم به، أو لعلمتم أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر.
﴿ قَالَ رَبّ إِنّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً ﴾ أي قال نوح منادياً لربه، وحاكياً له ما جرى بينه وبين قومه، وهو أعلم به منه إني دعوت قومي إلى ما أمرتني بأن أدعوهم إليه من الإيمان دعاء دائماً في الليل والنهار من غير تقصير.
﴿ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً ﴾ عما دعوتهم إليه وبعداً عنه. قال مقاتل : يعني تباعداً من الإيمان، وإسناد الزيادة إلى الدعاء لكونه سببها، كما في قوله :﴿ زَادَتْهُمْ إيمانا ﴾ [ الأنفال : ٢ ]. قرأ الجمهور :«دُعَائِيَ » بفتح الياء، وقرأ الكوفيون ويعقوب والدوري عن أبي عمرو بإسكانها، والاستثناء مفرّغ.
﴿ وَإِنّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ ﴾ أي كلما دعوتهم إلى سبب المغفرة، وهو الإيمان بك، والطاعة لك ﴿ جَعَلُواْ أصابعهم فِي آذانهم ﴾ لئلا يسمعوا صوتي ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ أي غطوا بها وجوههم لئلا يروني. وقيل : جعلوا ثيابهم على رؤوسهم لئلا يسمعوا كلامي، فيكون استغشاء الثياب على هذا زيادة في سدّ الآذان. وقيل : هو كناية عن العداوة. يقال : لبس فلان ثياب العداوة. وقيل : استغشوا ثيابهم لئلا يعرفهم فيدعوهم ﴿ وَأَصَرُّواْ ﴾ أي استمروا على الكفر، ولم يقلعوا عنه ولا تابوا منه ﴿ واستكبروا ﴾ عن قبول الحق، وعن امتثال ما أمرهم به ﴿ استكبارا ﴾ شديداً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ ثُمَّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جهاراً ﴾ أي مظهراً لهم الدعوة مجاهراً لهم بها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ ثُمَّ إِنّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ ﴾ أي دعوتهم معلناً لهم بالدعاء ﴿ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً ﴾ أي وأسررت لهم الدعوة إسراراً كثيراً. قيل المعنى : أن يدعو الرجل بعد الرجل يكلمه سراً فيما بينه وبينه، والمقصود أنه دعاهم على وجوه متخالفة وأساليب متفاوتة، فلم ينجع ذلك فيهم. قال مجاهد : معنى أعلنت صحت. وقيل : معنى ﴿ أسررت ﴾ : أتيتهم في منازلهم فدعوتهم فيها. وانتصاب ﴿ جهاراً ﴾ على المصدرية، لأن الدعاء يكون جهاراً ويكون غير جهار، فالجهار نوع من الدعاء كقولهم : قعد القرفصاء، ويجوز أن يكون نعت مصدر محذوف : أي دعاء جهاراً، وأن يكون مصدراً في موضع الحال : أي مجاهراً، ومعنى «ثم » : الدلالة على تباعد الأحوال، لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلظ من أحدهما. قرأ الجمهور :﴿ إِنِّيْ ﴾ بسكون الياء، وقرأ أبو عمرو والحرميون بفتحها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ فَقُلْتُ استغفروا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ﴾ أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السابقة بإخلاص النية ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ﴾ أي كثير المغفرة للمذنبين. وقيل : معنى ﴿ استغفروا ﴾ : توبوا عن الكفر إنه كان غفاراً للتائبين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً ﴾ أي يرسل ماء السماء عليكم، ففيه إضمار. وقيل : المراد بالسماء المطر، كما في قول الشاعر :
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
والمدرار : الدرور، وهو التحلب بالمطر، وانتصابه إما على الحال من السماء، ولم يؤنث لأن مفعالاً لا يؤنث ؛ تقول امرأة مئناث ومذكار، أو على أنه نعت لمصدر محذوف : أي إرسالاً مدراراً، وقد تقدّم الكلام عليه في سورة الأنعام، وجزم يرسل لكونه جواب الأمر.
وفي هذه الآية دليل على أن الاستغفار من أعظم أسباب المطر وحصول أنواع الأرزاق، ولهذا قال :﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بأموال وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جنات ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بأموال وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جنات ﴾ يعني : بساتين ﴿ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾ جارية. قال عطاء : المعنى يكثر أموالكم وأولادكم. أعلمهم نوح عليه السلام أن إيمانهم بالله يجمع لهم مع الحظ الوافر في الآخرة الخصب والغنى في الدنيا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ أي أيّ عذر لكم في ترك الرجاء، والرجاء هنا بمعنى الخوف : أي ما لكم لا تخافون الله، والوقار العظمة من التوقير وهو التعظيم، والمعنى لا تخافون حقّ عظمته، فتوحدونه وتطيعونه، و ﴿ لاَ تَرْجُونَ ﴾ في محل نصب على الحال من ضمير المخاطبين، والعامل فيه معنى الاستقرار في لكم، ومن إطلاق الرجاء على الخوف قول الهذلي :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ***. . .
وقال سعيد بن جبير وأبو العالية وعطاء بن أبي رباح : ما لكم لا ترجون لله ثواباً ولا تخافون منه عقاباً. وقال مجاهد والضحاك : ما لكم لا تبالون لله عظمة. قال قطرب : هذه لغة حجازية. وهذيل وخزاعة ومضر يقولون : لم أرج : لم أبل. وقال قتادة : ما لكم لا ترجون لله عاقبة الإيمان. وقال ابن كيسان : ما لكم لا ترجون في عبادة الله وطاعته أن يثيبكم على توقيركم خيراً. وقال ابن زيد : ما لكم لا تؤدّون لله طاعة. وقال الحسن : ما لكم لا تعرفون لله حقاً، ولا تشكرون له نعمة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

وجملة :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ في محل نصب على الحال : أي والحال أنه سبحانه قد خلقكم على أطوار مختلفة : نطفة، ثم مضغة، ثم علقة إلى تمام الخلق، كما تقدّم بيانه في سورة المؤمنين، والطور في اللغة المرّة، وقال ابن الأنباري : الطور الحال، وجمعه أطوار. وقيل : أطواراً صبياناً، ثم شباناً، ثم شيوخاً. وقيل : الأطوار اختلافهم في الأفعال والأقوال والأخلاق، والمعنى : كيف تقصرون في توقير من خلقكم على هذه الأطوار البديعة ؟
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ الله سَبْعَ سموات طِبَاقاً ﴾ الخطاب لمن يصلح له، والمراد : الاستدلال بخلق السموات على كمال قدرته وبديع صنعه، وأنه الحقيق بالعبادة، والطباق المتطابقة بعضها فوق بعض كل سماء مطبقة على الأخرى كالقباب قال الحسن : خلق الله سبع سموات على سبع أرضين بين كل سماء وسماء، وأرض وأرض خلق وأمر، وقد تقدّم تحقيق هذا في قوله :﴿ وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ ﴾ [ الطلاق : ١٢ ] وانتصاب ﴿ طباقاً ﴾ على المصدرية، تقول : طابقه مطابقة وطباقاً، أو حال بمعنى ذات طباق، فحذف ذات وأقام طباقاً مقامه، وأجاز الفراء في غير القرآن جرّ ﴿ طباقاً ﴾ على النعت.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ أي منوّراً لوجه الأرض، وجعل القمر في السموات مع كونها في سماء الدنيا، لأنها إذا كانت في إحداهنّ فهي فيهنّ، كذا قال ابن كيسان. قال الأخفش : كما تقول : أتاني بنو تميم، والمراد بعضهم. وقال قطرب : فيهنّ بمعنى معهنّ : أي خلق القمر والشمس مع خلق السموات والأرض، كما في قول امرئ القيس :
وهل ينعمن من كان آخر عهده ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال
أي مع ثلاثة أحوال ﴿ وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾ أي كالمصباح لأهل الأرض، ليتوصلوا بذلك إلى التصرّف فيما يحتاجون إليه من المعاش.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ والله أَنبَتَكُمْ مّنَ الأرض نَبَاتاً ﴾ يعني : آدم خلقه الله من أديم الأرض، والمعنى : أنشأكم منها إنشاء، فاستعير الإنبات للإنشاء لكونه أدل على الحدوث والتكوين، و ﴿ نباتاً ﴾ إما مصدر لأنبت على حذف الزوائد، أو مصدر لفعل محذوف : أي أنبتكم من الأرض، فنبتم نباتاً. وقال الخليل، والزجاج : هو مصدر محمول على المعنى، لأن معنى ﴿ أنبتكم ﴾ : جعلكم تنبتون نباتاً. وقيل المعنى : والله أنبت لكم من الأرض النبات، فنباتاً على هذا مفعول به. قال ابن بحر : أنبتهم في الأرض بالكبر بعد الصغر، وبالطول بعد القصر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا ﴾ أي في الأرض ﴿ وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً ﴾ يعني : يخرجكم منها بالبعث يوم القيامة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ والله جَعَلَ لَكُمُ الأرض بِسَاطاً ﴾ أي فرشها وبسطها لكم تتقلبون عليها تقلبكم على بسطكم في بيوتكم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

﴿ لّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ أي طرقاً واسعة، والفجاج جمع فج، وهو الطريق الواسع، كذا قال الفراء وغيره. وقيل الفج : المسلك بين الجبلين، وقد مضى تحقيق هذا في سورة الأنبياء وفي سورة الحج مستوفى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ قال : لئلا يسمعوا ما يقول ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : ليتنكروا، فلا يعرفهم ﴿ واستكبروا استكبارا ﴾ قال : تركوا التوبة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه ﴿ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : غطوا وجوههم لئلا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه أيضاً في قوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ قال : لا تعلمون لله عظمة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عنه أيضاً :﴿ وَقَاراً ﴾ قال : عظمة. وفي قوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ قال : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : لا تخافون لله عظمة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب :«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر، وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم أنه من كتاب الله :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمر قال : تضيء لأهل السموات، كما تضيء لأهل الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار وقد كان بينهما بعض العتب، فتعاتبا فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب : سلني عما شئت، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له : أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع، كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى قول الله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه :﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ قال : خلق فيهنّ حين خلقهنّ ضياء لأهل الأرض، وليس في السماء من ضوئه شيء، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً :﴿ سُبُلاً فِجَاجاً ﴾ قال : طرقاً مختلفة.

تَخْشَوْنَ لَهُ عِقَابًا وَلَا تَرْجُونَ لَهُ ثَوَابًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصَنَّفِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نَاسًا يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً لَيْسَ عَلَيْهِمْ أُزُرٌ، فَوَقَفَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً».
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وُجُوهُهُمَا قِبَلَ السَّمَاءِ وَأَقْفِيَتُهُمَا قِبَلَ الْأَرْضِ، وَأَنَا أَقْرَأُ بِذَلِكَ عَلَيْكُمْ آية مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، عَنِ عبد الله ابن عُمَرَ قَالَ: تُضِيءُ لِأَهْلِ السَّمَاوَاتِ كَمَا تُضِيءُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: اجْتَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُمَا بَعْضُ الْعَتَبِ فَتَعَاتَبَا فَذَهَبَ ذَلِكَ، فقال عبد الله بن عمرة لِكَعْبٍ: سَلْنِي عَمَّا شِئْتَ، فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِتَصْدِيقِ قَوْلِي مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَهُوَ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ كَمَا هُوَ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَلَمْ تَرَوْا إِلَى قَوْلِ اللَّهِ: خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً، وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً. وَأَخْرَجَ عَبْدُ ابن حُمَيْدٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً قَالَ:
وَجْهُهُ فِي السَّمَاءِ إِلَى الْعَرْشِ وَقَفَاهُ إِلَى الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً قال: خلق فيهنّ خَلَقَهُنَّ ضِيَاءً لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ مِنْ ضَوْئِهِ شَيْءٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا سُبُلًا فِجاجاً قَالَ: طُرُقًا مختلفة.
[سورة نوح (٧١) : الآيات ٢١ الى ٢٨]
قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً (٢٥)
وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (٢٨)
قَوْلُهُ: قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي أَيِ: استمرّوا على عصياني ولم يُجِيبُوا دَعْوَتِي، شَكَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وأخبره بأنهم عصوه ولم يَتَّبِعُوهُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً أَيِ: اتَّبَعَ الْأَصَاغِرُ رُؤَسَاءَهُمْ، وَأَهْلَ الثَّرْوَةِ مِنْهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَزِدْهُمْ كَثْرَةُ الْمَالِ وَالْوَلَدِ إِلَّا ضَلَالًا فِي الدُّنْيَا وَعُقُوبَةً فِي الْآخِرَةِ. قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَعَاصِمٌ «وَوَلَدُهُ» بِفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِسُكُونِ اللَّامِ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الْوَلَدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ، وَمَعْنَى «وَاتَّبَعُوا» : أَنَّهُمُ اسْتَمَرُّوا عَلَى اتِّبَاعِهِمْ لَا أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا الِاتِّبَاعَ وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً أَيْ: مَكْرًا كِبِيرًا عَظِيمًا، يُقَالُ: كَبِيرٌ وَكُبَارٌ وَكُبَّارٌ، مِثْلُ عَجِيبٍ وَعُجَابٍ وَعُجَّابٍ، وَجَمِيلٍ وَجُمَالٍ وَجُمَّالٍ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: كُبَّارًا بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَمِثْلُ كُبَّارًا:
قُرَّاءٌ لِكَثِيرِ الْقِرَاءَةِ، وَأَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ:
359
بَيْضَاءُ تَصْطَادُ الْقُلُوبَ وَتَسْتَبِي بِالْحُسْنِ قَلْبَ الْمُسْلِمِ الْقُرَّاءِ
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: كُبَّاراً بِالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ وَمُجَاهِدٌ بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ جَمْعُ كَبِيرٍ كَأَنَّهُ جَعَلَ مَكْرًا مَكَانَ ذُنُوبٍ أَوْ أَفَاعِيلَ، فَلِذَلِكَ وَصَفَهُ بِالْجَمْعِ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: هِيَ لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَكْرِهِمْ هَذَا مَا هُوَ؟ فَقِيلَ: هُوَ تَحْرِيشُهُمْ سَفَلَتَهُمْ عَلَى قَتْلِ نُوحٍ، وَقِيلَ: هُوَ تَغْرِيرُهُمْ عَلَى النَّاسِ بِمَا أُوتُوا مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، حَتَّى قَالَ الضَّعَفَةُ: لَوْلَا أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ لَمَا أُوتُوا هَذِهِ النِّعَمَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
هُوَ مَا جَعَلُوهُ لِلَّهِ مِنَ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ قَوْلُ كُبَرَائِهِمْ لِأَتْبَاعِهِمْ: لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَقِيلَ:
مَكْرُهُمْ: كُفْرُهُمْ وَقالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ أَيْ: لَا تَتْرُكُوا عِبَادَةَ آلِهَتِكُمْ، وَهِيَ الْأَصْنَامُ وَالصُّوَرُ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ، ثُمَّ عَبَدَتْهَا الْعَرَبُ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ: وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً
أَيْ: لَا تَتْرُكُوا عِبَادَةَ هَذِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هَذِهِ أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالِحِينَ كَانُوا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ، فَنَشَأَ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَقْتَدُونَ بِهِمْ فِي الْعِبَادَةِ، فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ: لَوْ صَوَّرْتُمْ صُوَرَهُمْ كَانَ أَنْشَطَ لَكُمْ وَأَسْوَقَ إِلَى الْعِبَادَةِ، فَفَعَلُوا، ثُمَّ نَشَأَ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ: إِنَّ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ فَاعْبُدُوهُمْ، فَابْتِدَاءُ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الصُّوَرُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ لِأَنَّهُمْ صَوَّرُوهَا عَلَى صُورَةِ أُولَئِكَ الْقَوْمِ. وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَغَيْرُهُ: إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ أَسْمَاءً لِأَوْلَادِ آدَمَ، وَكَانَ وَدٌّ أَكْبَرَهُمْ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ:
فَأَمَّا وَدٌّ فَهُوَ أَوَّلُ صَنَمٍ مَعْبُودٍ، سُمِّيَ وَدًّا لِوُدِّهِمْ لَهُ، وَكَانَ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَمُقَاتِلٍ، وَفِيهِ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ:
حَيَّاكَ وَدُّ فَإِنَّا لَا يَحِلُّ لنا لهو النّساء وإنّ الدّين قد عزما
وَأَمَّا سُوَاعٌ فَكَانَ لِهُذَيْلٍ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَأَمَّا يغوث فكان لغطيف من مراد بالجوف مِنْ سَبَأٍ، فِي قَوْلِ قَتَادَةَ. وَقَالَ الْمَهْدَوِيُّ: لِمُرَادٍ ثُمَّ لِغَطَفَانَ وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَ لِهَمْدَانَ، فِي قَوْلِ قَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: كَانَ لِكَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ، ثُمَّ تَوَارَثُوهُ حَتَّى صَارَ فِي هَمْدَانَ، وَفِيهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ نَمَطٍ الْهَمْدَانِيُّ:
يَرِيشُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَيَبْرِي وَلَا يَبْرِي يَعُوقُ وَلَا يَرِيشُ
وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَ لِذِي الْكَلَاعِ مِنْ حِمْيَرَ، فِي قَوْلِ قَتَادَةَ وَمُقَاتِلٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَدًّا بِفَتْحِ الْوَاوِ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ بِضَمِّهَا. قَالَ اللَّيْثُ: وُدٌّ بِضَمِّ الْوَاوِ صَنَمٌ لِقُرَيْشٍ، وَبِفَتْحِهَا صَنَمٌ كَانَ لِقَوْمِ نوح، وبه سمي عمور ابن وُدٍّ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ، وَالْوَدُّ بِالْفَتْحِ: الْوَتَدُ فِي لُغَةِ أَهْلِ نَجْدٍ، كَأَنَّهُمْ سَكَّنُوا التَّاءَ وَأَدْغَمُوهَا فِي الدَّالِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، فَإِنْ كَانَا عَرَبِيَّيْنِ فَالْمَنْعُ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَا أعجميين فَلِلْعُجْمَةِ وَالْعَلَمِيَّةِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: وَلَا يَغُوثًا وَيَعُوقًا بِالصَّرْفِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَذَلِكَ وَهْمٌ. وُوَجْهُ تَخْصِيصِ هَذِهِ الْأَصْنَامِ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ الْآلِهَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَكْبَرَ أَصْنَامِهِمْ وَأَعْظَمَهَا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً أَيْ: أَضَلَّ كُبَرَاؤُهُمْ وَرُؤَسَاؤُهُمْ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْأَصْنَامِ،
360
أَيْ: ضَلَّ بِسَبَبِهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ كَقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ «١» وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ ضَمِيرَ مَنْ يَعْقِلُ لِاعْتِقَادِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَهَا أَنَّهَا تَعْقِلُ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا مَعْطُوفٌ عَلَى رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَوَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ تَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِالظُّلْمِ. وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: إِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى «قَدْ أَضَلُّوا»، وَمَعْنَى «إِلَّا ضَلَالًا» : إِلَّا عَذَابًا، كَذَا قَالَ ابْنُ بَحْرٍ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ «٢»، وَقِيلَ: إِلَّا خُسْرَانًا، وَقِيلَ: إِلَّا فِتْنَةً بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَقِيلَ: الضَّيَاعُ، وَقِيلَ: ضَلَالًا فِي مَكْرِهِمْ. مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا «مَا» مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَالْمَعْنَى: مِنْ خَطِيئَاتِهِمْ، أَيْ: مِنْ أَجْلِهَا وَبِسَبَبِهَا أُغْرِقُوا بِالطُّوفَانِ فَأُدْخِلُوا نَارًا عَقِبَ ذَلِكَ، وَهِيَ نَارُ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: عَذَابُ الْقَبْرِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: خَطِيئاتِهِمْ عَلَى جَمْعِ السَّلَامَةِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: خَطاياهُمْ عَلَى جَمْعِ التَّكْسِيرِ، وَقَرَأَ الْجَحْدَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَالْأَعْمَشُ وَأَبُو حَيْوَةَ وَأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ «خَطِيئَتِهِمْ» عَلَى الْإِفْرَادِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: عُذِّبُوا بِالنَّارِ فِي الدُّنْيَا مَعَ الْغَرَقِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، كَانُوا يَغْرَقُونَ فِي جَانَبٍ وَيَحْتَرِقُونَ فِي جَانِبٍ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: أُغْرِقُوا مِنْ أَغْرَقَ، وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ غُرِّقُوا بِالتَّشْدِيدِ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً أَيْ: لَمْ يَجِدُوا أَحَدًا يَمْنَعُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَيَدْفَعُهُ عَنْهُمْ وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً مَعْطُوفٌ عَلَى قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي لَمَّا أَيِسَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ إِيمَانِهِمْ وَإِقْلَاعِهِمْ عَنِ الْكُفْرِ دَعَا عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ. قَالَ قَتَادَةُ: دَعَا عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَأَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ وَأَغْرَقَهُمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَمُقَاتِلٌ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ زَيْدٍ وَعَطِيَّةُ:
إِنَّمَا قَالَ هَذَا حِينَ أَخْرَجَ اللَّهُ كُلَّ مُؤْمِنٍ مِنْ أَصْلَابِهِمْ وَأَرْحَامِ نِسَائِهِمْ، وَأَعْقَمَ أَرْحَامَ النِّسَاءِ وَأَصْلَابَ الْآبَاءِ قَبْلَ الْعَذَابِ بِسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: بِأَرْبَعِينَ. قَالَ قَتَادَةُ: لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ صَبِيٌّ وَقْتَ الْعَذَابِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيةَ: لَوْ أَهْلَكَ اللَّهُ أَطْفَالَهُمْ مَعَهُمْ كَانَ عَذَابًا مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَعَدْلًا فِيهِمْ، وَلَكِنْ أَهْلَكَ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ بِغَيْرِ عَذَابٍ، ثُمَّ أَهْلَكَهُمْ بِالْعَذَابِ، وَمَعْنَى «دَيَّارًا» : مَنْ يَسْكُنُ الدِّيَارَ، وَأَصْلُهُ دَيْوَارٌ عَلَى فَيْعَالٍ، مِنْ دَارَ يَدُورُ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً، وَأُدْغِمَتْ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى، مِثْلَ القيّام أصله قيوام، وقال القتبيّ: أَصْلُهُ مِنَ الدَّارِ أَيْ نَازِلٌ بِالدَّارِ، يُقَالُ: مَا بِالدَّارِ دَيَّارٌ، أَيْ: أَحَدٌ، وَقِيلَ: الدَّيَّارُ: صَاحِبُ الدِّيَارِ، وَالْمَعْنَى: لَا تَدَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَهْلَكْتَهُ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ إِنْ تَتْرُكْهُمْ عَلَى الْأَرْضِ يُضِلُّوا عِبَادَكَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً أَيْ: إِلَّا فَاجِرًا بِتَرْكِ طَاعَتِكَ كَفَّارًا لِنِعْمَتِكَ، أَيْ: كَثِيرَ الْكُفْرَانِ لَهَا، وَالْمَعْنَى: إِلَّا مَنْ سَيَفْجُرُ وَيَكْفُرُ. ثُمَّ لَمَّا دَعَا عَلَى الْكَافِرِينَ أَتْبَعَهُ بِالدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَوَالِدَيْهِ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَكَانَا مُؤْمِنَيْنِ، وَأَبُوهُ: لَامَكُ بن متوشلخ كما تقدّم، وأمه شمخى بِنْتُ أَنُوَشَ، وَقِيلَ:
أَرَادَ آدَمَ وَحَوَّاءَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَرَادَ بِوَالِدَيْهِ أَبَاهُ وَجَدَّهُ. وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَلِوالِدَيَّ بِكَسْرِ الدَّالِّ عَلَى الْإِفْرَادِ. وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ قَالَ الضَّحَّاكُ وَالْكَلْبِيُّ: يَعْنِي مَسْجِدَهُ، وَقِيلَ: مَنْزِلَهُ الَّذِي هُوَ
(١). إبراهيم: ٣٦.
(٢). القمر: ٤٧.
361
سَاكِنٌ فِيهِ، وَقِيلَ: سَفِينَتَهُ، وَقِيلَ: لِمَنْ دَخَلَ فِي دِينِهِ، وَانْتِصَابُ مُؤْمِناً عَلَى الْحَالِ، أَيْ: لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الْإِيمَانِ، فَيَخْرُجُ من دخله غير متصف بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَامْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ الَّذِي قَالَ: سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ. ثُمَّ عَمَّمَ الدَّعْوَةَ، فَقَالَ: وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أَيْ: وَاغْفِرْ لِكُلِّ مُتَّصِفٍ بِالْإِيمَانِ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. ثُمَّ عَادَ إِلَى الدُّعَاءِ عَلَى الْكَافِرِينَ، فَقَالَ: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً أَيْ:
لَا تَزِدِ الْمُتَّصِفِينَ بِالظُّلْمِ إِلَّا هَلَاكًا وَخُسْرَانًا وَدَمَارًا، وَقَدْ شَمِلَ دُعَاؤُهُ هَذَا كُلَّ ظَالِمٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا شَمِلَ دُعَاؤُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كُلَّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً قَالَ: هَذِهِ الْأَصْنَامُ كَانَتْ تُعْبَدُ فِي زَمَنِ نُوحٍ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قَالَ:
صَارَتِ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ. أَمَّا وَدٌّ فَكَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ فَكَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لَبَنِي غُطَيْفٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجْلِسِهِمُ الَّذِي كَانُوا يَجْلِسُونَ فِيهِ أَنْصَابًا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى هَلَكَ أُولَئِكَ، وَنُسِخَ الْعِلْمُ فَعُبِدَتْ.
362
﴿ وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً ﴾ أي مكراً كبيراً عظيماً، يقال : كبير وكبار، وكبار مثل عجيب وعجاب وعجاب، وجميل وجمال وجمال. قال المبرد :«كُبَّاراً » بالتشديد للمبالغة، ومثل ﴿ كبَّاراً ﴾ قرّاء لكثير القراءة، وأنشد ابن السكيت :
بيضاء تصطاد القلوب وتستبي بالحسن قلب المسلم القرّاء
قرأ الجمهور ﴿ كُبَّاراً ﴾ بالتشديد. وقرأ ابن محيصن وحميد ومجاهد بالتخفيف. قال أبو بكر : هو جمع كبير كأنه جعل مكراً مكان ذنوب أو أفاعيل، فلذلك وصفه بالجمع. وقال عيسى بن عمر : هي لغة يمانية.
واختلف في مكرهم هذا ما هو ؟ فقيل : هو تحريشهم سفلتهم على قتل نوح، وقيل : هو تغريرهم على الناس بما أوتوا من المال والولد حتى قال الضعفة : لولا أنهم على الحق لما أوتوا هذه النعم. وقال الكلبي : هو ما جعلوه لله من الصاحبة والولد. وقال مقاتل : هو قول كبرائهم لأتباعهم لا تذرنّ إلهتكم وقيل : مكرهم كفرهم.
﴿ وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ ءالِهَتَكُمْ ﴾ أي لا تتركوا عبادة إلهتكم، وهي الأصنام والصور التي كانت لهم، ثم عبدتها العرب من بعدهم، وبهذا قال الجمهور. ﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ﴾ أي لا تتركوا عبادة هذه. قال محمد بن كعب : هذه أسماء قوم صالحين كانوا بين آدم ونوح، فنشأ بعدهم قوم يقتدون بهم في العبادة، فقال لهم إبليس : لو صوّرتم صورهم كان أنشط لكم وأسوق إلى العبادة، ففعلوا، ثم نشأ قوم من بعدهم، فقال لهم إبليس : إن الذين من قبلكم كانوا يعبدونهم فاعبدوهم، فابتداء عبادة الأوثان كان من ذلك الوقت، وسميت هذه الصور بهذه الأسماء، لأنهم صوّروها على صورة أولئك القوم. وقال عروة بن الزبير وغيره : إن هذه كانت أسماء لأولاد آدم، وكان ودّ أكبرهم. قال الماوردي : فأما ودّ، فهو أوّل صنم معبود، سمي ودّاً لودّهم له، وكان بعد قوم نوح لكلب بدومة الجندل في قول ابن عباس وعطاء ومقاتل وفيه يقول شاعرهم :
حياك ودّ فإنا لا يحل لنا لهو النساء وإن الدين قد غربا
وأما سواع فكان لهذيل بساحل البحر، وأما يغوث فكان لغطيف من مراد بالجرف من سبأ في قول قتادة. وقال المهدوي : لمراد ثم لغطفان، وأما يعوق فكان لهمدان في قول قتادة، وعكرمة، وعطاء. وقال الثعلبي : كان لكهلان بن سبأ، ثم توارثوه حتى صار في همدان، وفيه يقول مالك بن نمط الهمداني :
يريش الله في الدنيا ويبري ولا يبري يعوق ولا يريش
وأما نسر فكان لذي الكلاع من حمير في قول قتادة، ومقاتل. قرأ الجمهور :﴿ وَدّاً ﴾ بفتح الواو. وقرأ نافع بضمها. قال الليث : ودّ بضم الواو صنم لقريش، وبفتحها صنم كان لقوم نوح، وبه سمي عمرو بن ودّ. قال في الصحاح. والودّ بالفتح : الوتد في لغة أهل نجد كأنهم سكنوا التاء وأدغموها في الدال. وقرأ الجمهور :﴿ ولا يغوث ويعقوق ﴾ بغير تنوين، فإن كانا عربيين، فالمنع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وإن كانا عجميين، فللعجمة والعلمية. وقرأ الأعمش :﴿ ولا يغوثا ويعوقا ﴾ بالصرف. قال ابن عطية : وذلك وهم. ووجه تخصيص هذه الأصنام بالذكر مع دخولها تحت الآلهة، لأنها كانت أكبر أصنامهم وأعظمها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ﴾ قال : هذه الأصنام كانت تعبد في زمن نوح. وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عنه قال : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح في العرب : أما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجلسهم الذي كانوا يجلسون فيه أنصاباً، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى هلك أولئك ونسخ العلم فعبدت.
﴿ وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً ﴾ أي أضلّ كبراؤهم ورؤساؤهم كثيراً من الناس. وقيل : الضمير راجع إلى الأصنام : أي ضلّ بسببها كثير من الناس كقول إبراهيم :﴿ رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ الناس ﴾ [ إبراهيم : ٣٦ ] وأجري عليهم ضمير من يعقل لاعتقاد الكفار الذين يعبدونها أنها تعقل. ﴿ وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ ضَلاَلاً ﴾ معطوف على ﴿ رَّبّ إِنَّهُمْ عصوني ﴾ ووضع الظاهر موضع المضمر تسجيلاً عليهم بالظلم. وقال أبو حيان : إنه معطوف على قد أضلوا، ومعنى :﴿ إِلاَّ ضَلاَلاً ﴾ إلاّ عذاباً : كذا قال ابن بحر، واستدلّ على ذلك بقوله :﴿ إِنَّ المجرمين فِي ضلال وَسُعُرٍ ﴾ [ القمر : ٤٧ ]. وقيل : إلاّ خسراناً. وقيل : إلاّ فتنة بالمال والولد. وقيل : الضياع. وقيل : ضلالاً في مكرهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ﴾ قال : هذه الأصنام كانت تعبد في زمن نوح. وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عنه قال : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح في العرب : أما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجلسهم الذي كانوا يجلسون فيه أنصاباً، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى هلك أولئك ونسخ العلم فعبدت.
﴿ مّمَّا خطيئاتهم أُغْرِقُواْ ﴾ «ما » مزيدة للتأكيد، والمعنى : من خطيئاتهم، أي من أجلها وبسببها أغرقوا بالطوفان ﴿ فَأُدْخِلُواْ نَاراً ﴾ عقب ذلك، وهي نار الآخرة. وقيل : عذاب القبر. قرأ الجمهور :﴿ خَطِيئَاتِهِمْ ﴾ على جمع السلامة، وقرأ أبو عمرو :«خَطَايَاهُمْ » على جمع التكسير، وقرأ الجحدري وعمرو بن عبيد والأعمش وأبو حيوة وأشهب العقيلي :«خطيئتهم » على الإفراد، قال الضحاك عذبوا بالنار في الدنيا مع الغرق في حالة واحدة كانوا يغرقون في جانب ويحترقون في جانب. قرأ الجمهور :﴿ أُغْرِقُوا ﴾ من أغرق، وقرأ زيد بن عليّ :«غُرِّقُوا » بالتشديد. ﴿ فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مّن دُونِ الله أَنصَاراً ﴾ أي لم يجدوا أحداً يمنعهم من عذاب الله ويدفعه عنهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ﴾ قال : هذه الأصنام كانت تعبد في زمن نوح. وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عنه قال : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح في العرب : أما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجلسهم الذي كانوا يجلسون فيه أنصاباً، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى هلك أولئك ونسخ العلم فعبدت.
﴿ وَقَالَ نُوحٌ رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾ معطوف على ﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبّ إِنَّهُمْ عصوني ﴾ لما أيس نوح عليه السلام من إيمانهم وإقلاعهم عن الكفر دعا عليهم بالهلاك. قال قتادة : دعا عليهم بعد أن أوحي إليه :﴿ إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ﴾ [ هود : ٣٦ ] فأجاب الله دعوته وأغرقهم. وقال محمد بن كعب ومقاتل والربيع بن أنس وابن زيد وعطية : إنما قال هذا حين أخرج الله كلّ مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم، وأعقم أرحام النساء وأصلاب الآباء قبل العذاب بسبعين سنة. وقيل : بأربعين. قال قتادة : لم يكن فيهم صبيّ وقت العذاب. وقال الحسن وأبو العالية : لو أهلك الله أطفالهم معهم كان عذاباً من الله لهم، وعدلاً فيهم، ولكن أهلك ذرّيتهم وأطفالهم بغير عذاب ثم أهلكهم بالعذاب، ومعنى ﴿ دَيَّاراً ﴾ : من يسكن الديار، وأصله ديوار على فيعال، من دار يدور، فقلبت الواو ياء وأدغمت إحداهما في الأخرى، مثل القيام أصله قيوام، وقال القتيبي : أصله من الدار : أي نازل بالدار. يقال : ما بالدار ديار : أي أحد. وقيل الديار : صاحب الديار، والمعنى : لا تدع أحداً منهم إلاّ أهلكته.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ﴾ قال : هذه الأصنام كانت تعبد في زمن نوح. وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عنه قال : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح في العرب : أما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجلسهم الذي كانوا يجلسون فيه أنصاباً، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى هلك أولئك ونسخ العلم فعبدت.
﴿ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ ﴾ أي إن تتركهم على الأرض يضلوا عبادك عن طريق الحقّ ﴿ وَلاَ يَلِدُواْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً ﴾ أي إلاّ فاجراً بترك طاعتك كفاراً لنعمتك : أي كثير الكفران لها، والمعنى : إلاّ من سيفجر ويكفر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ﴾ قال : هذه الأصنام كانت تعبد في زمن نوح. وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عنه قال : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح في العرب : أما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجلسهم الذي كانوا يجلسون فيه أنصاباً، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى هلك أولئك ونسخ العلم فعبدت.
ثم لما دعا على الكافرين أتبعه بالدعاء لنفسه ووالديه والمؤمنين، فقال :﴿ رَّبّ اغفر لِي ولوالديَّ ﴾ وكانا مؤمنين، وأبوه لامك بن متوشلخ، كما تقدّم، وأمه سمحاء بنت أنوش، وقيل : أراد آدم وحواء. وقال سعيد بن جبير : أراد بوالديه أباه وجدّه. وقرأ سعيد بن جبير :«وَلِوَالِدِيَّ » بكسر الدال على الإِفراد. ﴿ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ ﴾ قال الضحاك والكلبي : يعني مسجده، وقيل : منزله الذي هو ساكن فيه، وقيل : سفينته. وقيل : لمن دخل في دينه، وانتصاب ﴿ مُؤْمِناً ﴾ على الحال : أي لمن دخل بيتي متصفاً بصفة الإيمان، فيخرج من دخله غير متصف بهذه الصفة كامرأته وولده الذي قال :﴿ سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الماء ﴾ [ هود : ٤٣ ] ثم عمم الدعوة، فقال :﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات ﴾ أي واغفر لكل متصف بالإيمان من الذكور والإناث. ثم عاد إلى الدعاء على الكافرين، فقال :﴿ وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ تَبَاراً ﴾ أي لا تزد المتصفين بالظلم إلاّ هلاكاً وخسراناً ودماراً وقد شمل دعاؤه هذا كل ظالم إلى يوم القيامة، كما شمل دعاؤه للمؤمنين والمؤمنات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ﴾ قال : هذه الأصنام كانت تعبد في زمن نوح. وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عنه قال : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح في العرب : أما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجلسهم الذي كانوا يجلسون فيه أنصاباً، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى هلك أولئك ونسخ العلم فعبدت.
Icon