ﰡ
وَقَدْ قَرَأَ بعضهم «٢» :«لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا» يريد: لتعلم الجنّ والإنس أن الرسلَ قَدْ أبلغت لا هُمْ بما رجوا «٣» من استراق السمع.
ومن سورة المُزَّمّل «٤»
اجتمع القراء عَلَى تشديد: المُزَّمِّل، والمُدَّثِّر، والمزمّل: الَّذِي قَدْ تزمّل بثيابه، وتهيأ للصلاة، وهو رسول الله صلّى الله عليه.
وقوله عزَّ وجلَّ: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢).
يريد: الثلث الآخِر، ثُمَّ قَالَ: «نِصْفَهُ» (٣).
والمعنى: أَوْ نصفه، ثُمَّ رخص لَهُ فَقَالَ: «أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا» (٣) من النصف إلى الثلث أَوْ زد «٥» عَلَى النصف إلى الثلثين، وكان هذا قبل أن تفرض «٦» الصلوات الخمس، فلما فرضت الصلاة «٧» نسخَتْ هَذَا، كما نَسَخَتِ الزكاةُ كلَّ صدقة، وشهر رمضان كلَّ صوم.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤).
(٢) هى قراءة ابن عباس، وزيد بن على (البحر المحيط ٨/ ٣٥٧).
(٣) فى ح: رجعو، تحريف.
(٤) سورة المزمل بأكملها ليست فى النسخة (ا)، وهى منقولة من النسخة ب.
(٥) فى ش: أو زد عليه.
(٦) فى ب: يفرض.
(٧) فى ش: الصلوات.
وقوله عزَّ وجل: سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥).
أي: ليس بالخفيف ولا السَّفْساف لأنَّه كلام ربنا تبارك وتعالى.
وقوله عزَّ وجلَّ. إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً «١» (٦).
يقول: هى أثبت قياما. «وأقوم [١١٠/ ب] قيلا» (٦) يَقُولُ: إن النهار يضطرب فِيهِ النَّاس، ويتقلبون فِيهِ للمعاش، والليل أخلى للقلب، فجعله أقوم قيلا.
وقَالَ بعضهم. إن ناشئة الليل هِيَ أشد عَلَى المصلي من صلاة النهار لان الليل للنوم، فَقَالَ:
هِيَ، وإن كانت أشد وطئًا فهي أقوم قيلا، وَقَدِ اجتمع القراء عَلَى نصب الواو من وطئًا [وقرا بعضهم: «هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً» قَالَ] «٢» : قَالَ الفراء: أكتب وطئًا بلا ألف «٣» [وقرأ بعضهم: هِيَ أشد وِطَاء] «٤» فكسر الواو ومده يريد: اشد «٥» علاجًا ومعالجة ومواطأة. وأمّا الوطء فلا وِطء لم نروه عنْ أحد من القراء.
وقوله عزَّ وجلَّ: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (٧).
يَقُولُ: لَكَ فِي النهار ما يقضي حوائجك. وَقَدْ قَرَأَ بعضهم «٦» :«سبخا» بالخاء، والتسبيخ: توسعة «٧» الصوف والقطن وما أشبهه، يُقال: سبِّخي قطنك. قَالَ أَبُو الفضل «٨» : سمعت أبا عَبْد اللَّه يقول «٩» : حضر أبو زياد الكلابي مجلس الفراء فى هذا اليوم، فسأله الفراء عنْ هَذَا الحرف فَقَالَ:
أهل باديتنا يقولون: اللهم سبّخ عنه للمريض والملسوع ونحوه.
(٢) ساقط من ش، و (وطئا) بكسر الواو وسكون الطاء وقصر الهمزة قراءة قتادة وشبل عن أهل مكة، كما فى البحر: ٨/ ٣٦٣.
(٣) بلا ألف، أي: قبل الهمزة للفرق بينها وبين القراءة التي تليها.
(٤) هى قراءة أبى عمرو وابن عامر. انظر البحر المحيط: ٨/ ٣٦٣.
(٥) ساقط فى ح. [.....]
(٦) يعنى ابن يعمر وعكرمة وابن أبى عبلة، كما فى البحر: ٨/ ٣٦٣.
(٧) توسعة الصوف: تنفيشه.
(٨) فى ح، ش: أبو العباس.
(٩) سقط (يقول) فى ح، ش.
أخْلِص لله «١» إخلاصًا، وَيُقَال للعابد إِذَا ترك كل شيء، وأقبل عَلَى العبادة: قَدْ تبتل، أي:
قطع كل شيء إلا أمر اللَّه وطاعته.
وقوله عز وجل: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ (٩).
خفضها عاصم والْأَعْمَش، ورفعها أهل الحجاز، والرفع يحسن إِذَا انفصلت الآية من الآية، ومثله: «وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ، اللَّهَ رَبَّكُمْ» «٢» [١١١/ ا] فِي هذين الموضعين «٣»
يحسن الاستئناف والاتباع.
وقوله عز وجل: فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (٩).
كفيلا بما وعدك. وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا (١٤).
والكثيب: الرمل، والمهيل: الَّذِي تحرك «٤» أسفله فينهال عليك من أعلاه، والمهيل: المفعول، والعرب تَقُولُ: مهيل ومهيول، ومكيد ومكيود «٥»، قَالَ الشَّاعِر «٦» :
وناهزُوا البيعَ من تِرْعِيَّةٍ رَهِقٍ | مُستَأْرَبٍ، عَضَّه السُّلطانُ مَديُونُ |
وقوله عزَّ وجلَّ: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً (١٧).
معناه: فكيف تتقون يوما يجعل «٧» الولدان شيبا إن كفرتم، وكذلك هِيَ فِي قراءة عبد الله سواء.
(٢) الآيتان ١٢٥، ١٢٦ من سورة الصافات قرأ، (الله) بالنصب حفص وحمزة والكسائي وقرأ الباقون بالرفع، كما فى الإتحاف:
(٣) فى ح، ش: فى مثل هذا الموضع.
(٤) كذا فى ش، وفى ب، ح: يحرك، وما أثبتناه أنسب.
(٥) فى ح، ش: مكيل ومكيول.
(٦) البيت فى اللسان (أرب) : وفيه بعد تفسير المستأرب: وفى نسخة: مستأرب بكسر الراء قال: هكذا أنشده محمد بن أحمد المفجع. أي أخذه الدين من كل ناحية. والمناهزة فى البيع: انتهاز الفرصة. وناهزوا البيع:
أي بادروه. والرهق: الذي به خفة وحدة. وقيل: الرهق: السفه وهو بمعنى السفيه. وعضه السلطان: أي أرهقه وأعجله وضيق عليه الأمر. والترعية: الذي يجيد رعى الإبل...
(٧) فى ب: تجعل، تصحيف.
بذلك اليوم، والسماء تذكر وتؤنث، فهى هاهنا فِي وجه التذكير، قَالَ الشَّاعِر:
فلو رَفع السماء إِلَيْه قومًا | لحقنا بالنجومِ مَعَ السحابِ «٢» |
طريقا ووجهة إلى اللَّه.
وقوله عزَّ وجلَّ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ (٢٠).
قرأها عاصم والْأَعْمَش بالنصب، وقرأها أهل المدينة والحسن البصري بالخفض، فمر خفض أراد:
تقوم [أقل من الثلثين] «٣». وأقل من النصف. ومن الثلث. ومن نصب أراد: تقوم أدنى من الثلثين، فيقوم «٤» النصف أَوِ الثلث «٥»، وهو أشبه بالصواب، لأنَّه قَالَ: أقل من الثلثين، ثُمَّ ذكر تفسير القلة لا تفسير أقل من القلة. ألا ترى أنك تقول للرجل: لى عليك أقل من ألف درهم ثمانى مائة أَوْ تسع مائة، كأنه أوجه فِي المعنى من أن تفسر «٦» - قلة- أخرى [١١١/ ب] وكلّ صواب.
وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ (٢٠) كان النبي صلّى الله عليه، وطائفة من المسلمين يقومون الليل قبل أن تفرض الصلاة، فشق «٧» ذَلِكَ عليهم، فنزلت الرخصة. وَقَدْ يجوز أن يخفض النصف، وينصب الثلث لتأويل «٨» قوم: أنّ صلاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه انتهت إلى ثلث الليل، فقالوا: «٩»
(٢) فى تفسير القرطبي ١٩/ ٥١:
قال أبو عمرو بن العلاء: لم يقل: منفطرة لأن مجازها السقف، نقول: هذا سماء البيت، ثم أورد البيت، ولم ينسبه وفيه: لحقنا بالسماء وبالسحاب ورواية البيت فى (البحر المحيط ٨/ ٣٦٥).
فلو رفع السماء إليه قوم | لحقنا بالسماء وبالسحاب |
(٤) فى ش فتقوم.
(٥) فى ش: النصف والثلث، والأشبه (أو).
(٦) فى ش: يفسر.
(٧) فى ح: فيشق.
(٨) فى ش: لتأول.
(٩) فى ش: فقال، وهو تحريف.