ﰡ
أقول لها إِذَا سَأَلت طلاقًا | إلامَ تسارعين إلى فراقي |
فأصبحْنَ لا يَسلنهُ عنْ بما بِهِ | أصعَّد فِي غاوي الهوى أم تصوبَّا «٣» ؟ |
وله وجه آخر يراد: عم يتساءلون يا مُحَمَّد!؟ ثُمَّ أخبر، فَقَالَ: يتساءلون عَنِ النبإ العظيم. ومثل هذا قوله فى المرسلات: «لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ «٥» » تعجبا، ثم قال: «لِيَوْمِ «٦» الْفَصْلِ» أي: أجلت ليوم الفصل.
ومن سورة المرسلات
[١٢٠/ ب] قوله عز وجل: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١).
يُقال: هِيَ الملائكة، وأمَّا قوله: (عرفا) فيقال: أُرْسِلَتْ بالمعروف، وَيُقَال: تتابعت كعرف الفرس، والعرب تَقُولُ: تركتُ النَّاس إلى فلان عُرفا واحدًا، إِذَا توجهوا إِلَيْه فأكثروا.
وقوله عزَّ وجلَّ: فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢).
وهى الرياح.
(٢) لم أعثر على قائله.
(٣) انظر الخزانة ٤/ ١٦٢، والدرر اللوامع: ٢: ١٤، ٢١٢ والرواية فى الموضعين: لا يسألنه، وعلو مكان غاوى، وعلو أبين وأولى.
(٤) سورة النبأ: الآية ١، ٢.
(٥) الآيتان ١٢، ١٣.
(٦) فى ش: اليوم، سقط وتحريف.
وهي: الرياح التي تأتي بالمطر.
وقوله عزَّ وجل: فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤).
وهي: الملائكة، تنزل بالفرْق، بالوحي ما بين الحلال والحرام وبتفصيله «١»، وهي أيضًا.
«فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً» (٥).
هى: الملائكة تلقى الذكر إلي الأنبياء.
وقوله عزَّ وجلَّ: عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦).
خففه الْأَعْمَش، وثقل «٢» عاصم: (النُّذر) وحده. وَأهل الحجاز والحسن يثقلون عذرًا أَوْ نذرًا «٣». وهو مصدر مخففا كان أو مثقلا. ونصب عذرًا أَوْ نذرًا أي: أرسلت بما أرسلت بِهِ إعذارًا من اللَّه وَإنذارًا.
وقوله عز وجل: فَإِذَا «٤» النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨).
ذهب ضوءها.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١).
اجتمع القراء عَلَى همزها، وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه: «وقِّتت» «٥» بالواو، وقرأها «٦» أَبُو جَعْفَر الْمَدَنِيّ: «وُقِتت» بالواو خفيفة «٧»، وإنما همزتْ لأن الواو إِذَا كانت أَوَّل حرف وضمت همزت، من ذَلِكَ قولك: صَلّى القوم أُحدانا. وأنشدني بعضهم:
(٢) فى ش: وثقله، تحريف.
(٣) قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص «أَوْ نُذْراً» بإسكان الذال، وجميع السبعة على إسكان ذال «عُذْراً» سوى ما رواه الجعفي والأعمش عن أبى بكر عن عاصم أنه ضم الذال، وروى ذلك عن ابن عباس والحسن وغيرهما (تفسير القرطبي ١٩/ ١٥٦).
(٤) فى ب: وإذا وهو مخالف للمصحف.
(٥) اختلف فى: «أُقِّتَتْ» فأبو عمرو بواو مضمومة مع تشديد القاف على الأصل لأنه من الوقت، والهمز بدل من الواو، وافقه اليزيدي (الاتحاف ٤٣٠).
(٦) فى ش: قرأها.
(٧) وهى قراءة شيبة والأعرج (انظر تفسير القرطبي ١٩/ ١٥٨).
ويقولون: هَذِهِ أجوه حسان- بالهمز، وذلك لأن ضمة الواو ثقيلة، كما كَانَ كسر الياء ثقيلا.
وقوله عز وجل: أُقِّتَتْ (١١). جمعت لوقتها يوم القيامة [١٢١/ ا].
وقوله عز وجل: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢).
يعجب العباد من ذَلِكَ اليوم ثُمَّ قَالَ: «لِيَوْمِ الْفَصْلِ» (١٣).
وقوله عز وجل: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧).
بالرفع. وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه: «ألم نهلك الأولين وسنتبعهم الآخرين»، فهذا دليل عَلَى أنها مستأنفة لا مردودة عَلَى (نهلك)، ولو جزَمت عَلَى: ألم نقدّر إهلاك الأولين، وإتباعهم الآخرين- كَانَ وجهًا جيدًا بالجزم «٢» لأنّ التقدير يصلح للماضي، وللمستقبل.
وقوله عز وجل: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣).
ذكر عنْ عليّ بْن أَبِي طَالِب رحمه اللَّه، وعن أَبِي «٣» عَبْد الرَّحْمَن السلمي: أنهما شدَّدا، وخففها الْأَعْمَش وعاصم «٤». ولا تبعدن أن يكون المعنى فِي التشديد والتخفيف واحدًا لأن العرب قَدْ تَقُولُ: قدِّر عَلَيْهِ الموتُ، وقدّر عَلَيْهِ رزقه، وقُدِر عَلَيْهِ بالتخفيف والتشديد، وَقَدِ احتج الَّذِينَ خففوا فقالوا: لو كَانَ كذلك لكانت: فنعم المقدّرون. وَقَدْ يجمع العرب بين اللغتين، قَالَ اللَّه تبارك وتعالى: «فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً «٥» » (٤)، وقال الأعشى:
(٢) قرأ بالجزم الأعرج، قال ابن جنى، ويحتمل جزمه أمرين:
أحدهما: أن يكون أراد معنى قراءة الجماعة «نُتْبِعُهُمُ» بالرفع فأسكن العين استثقالا توالى الحركات.
والآخر: أن يكون جزما فيعطفه على قوله: نهلك، فيجرى مجرى قولك: ألم تزرنى ثم أعطك.. (المحتسب ٢/ ٣٤٦)
(٣) سقطت فى ب.
(٤) وقرأ نافع والكسائي وأبو جعفر بتشديد الدال من التقدير، وافقهم الحسن والباقون بالتخفيف من القدرة (الاتحاف ٤٣٠).
(٥) سورة الطارق، الآية: ١٧.
وأنْكرتْني، وما كَانَ الَّذِي نَكِرتْ | من الحوادثِ إلَّا الشيبَ والصَّلَعا «١» |
تكفتهم أحياء عَلَى ظهرها فِي بيوتهم ومنازلهم، وتكفتهم أمواتًا فِي بَطنها، أي: تحفظهم وتحرزهم. ونصبك الأحياءَ والأموات بوقوع الكفات عَلَيْهِ، كأنك قلت: ألم نجعل الأرض كفاتَ أحياءٍ، وأمواتٍ، فإذا نونت نصبت- كما يقرأ من قَرَأَ: «أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيماً» «٢»، وكما يقرأ: «فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ «٣» »، ومثله: «فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ «٤» » [١٢١/ ب].
وقوله عزَّ وجلَّ: إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠).
يُقال: إنه يخرج لسانٌ من النار، فيحيط بهم كالسرادق ثُمَّ يتشعب مِنْهُ ثلاث شعب من دخان فيظلهم، حتَّى يفرغ من حسابهم إلى النار.
وقوله عز وجل: كَالْقَصْرِ (٣٢) يريد: القصر من قصور مياه العرب، وتوحيده وجمعه عربيان، قَالَ اللَّه تبارك وتعالى: «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ «٥» »، معناه: الأدبار، وكأن القرآن نزل عَلَى ما يَستحب العرب من موافقة المقاطع، ألا ترى أَنَّهُ قال: «إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ «٦» »، فثقل فى (اقتربت) لأن آياتها مثقلة، قَالَ:
«فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً «٧» ». فاجتمع القراء عَلَى تثقيل الأول، وتخفيف هَذَا، ومثله: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ «٨» »، وقال: «جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً «٩» » فأجريت رءوس الآيات على هذه المجاري، وهو أكثر من أن «١٠» يضبطه الكتاب، ولكنك تكتفى بهذا منه إن شاء الله.
(٢) الآيتان: ١٤، ١٥ من سورة البلد.
(٣) سورة المائدة، الآية ٩٥. [.....]
(٤) سورة البقرة، الآية ١٨٤. وقد وردت الآية فيما بين أيدينا من النسخ «أو فدية» وهو خطأ.
(٥) سورة القمر، الآية: ٤٥.
(٦) سورة القمر، الآية: ٦.
(٧) سورة الطلاق: الآية: ٨.
(٨) سورة الرحمن: الآية: ٥.
(٩) سورة النبأ: الآية: ٣٦.
(١٠) فى ش: من يضبطه، سقط.
سود الإبل، لا ترى أسوَدَ من الإبل إلّا وهو مشرب بصفرة، فلذلك سمتِ العربُ سودَ الإبل:
صفرا، كما سَمُّوا الظبَّاء: أُدْمًا لما يعلوها من الظلمة فِي بياضها، وَقَدِ اختلف «٣» القراء فِي «جمالات» فقرأ عبد الله «٤» بن مسعود وأصحابه: «جِمالَتٌ» «٥».
قال: [حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ «٦» ] حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْفَضْلِ عنْ عَطَاءٍ عنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَحِمَهُ اللَّهُ) أَنَّهُ قَرَأَ: «جِمَالاتٌ» وَهُوَ أَحَبُّ الْوَجْهَيْنِ إِلَيَّ لأَنَّ الْجِمَالَ أَكْثَرُ مِنَ الْجِمَالَةِ فِي كَلامِ الْعَرَبِ. وَهِيَ تَجَوُّزٌ، كَمَا يُقَالُ «٧» :
حَجَرٌ وَحِجَارَةٌ، وَذَكَرٌ وَذِكَارَةٌ إِلا أَنَّ الأَوَّلَ أَكْثَرَ، فَإِذَا قُلْتَ: جِمَالاتٌ، فَوَاحِدُهَا: جِمَالٌ، مِثْلَ مَا قَالُوا: رِجَالٌ وَرِجَالاتٌ، وَبُيُوتٌ وَبُيُوتَاتٌ، فَقَدْ «٨» يَجُوزُ أَنْ تَجْعَلَ وَاحِدَ الْجِمَالاتِ جِمَالَةً، [وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ: جُمَالاتٌ «٩» ]، فَقَدْ تَكُونُ «١٠» مِنَ الشَّيْءِ الْمُجْمَلِ، وَقَدْ تَكُونُ جُمَالاتٌ جَمْعًا مِنْ جَمْعِ الْجِمَالِ. كَمَا قَالُوا: الرَّخِلُ وَالرُّخَالُ، وَالرِّخَالُ.
وقوله عزَّ وجلَّ: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥).
اجتمعت القراء عَلَى رفع اليوم «١١»، ولو نُصب لكان «١٢» جائزا على جهتين: إحداهما- أن
وفى البخاري عن ابن عباس: «تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ» قال: كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل، فترفعه للشتاء فنسميه القصر. (تفسير الطبري: ٩/ ١٦٣).
(٢) فى ش: ومن أن، تحريف.
(٣) فى ش: اختلفت.
(٤) فى ش: فقرأ ابن مسعود.
(٥) وقرأ حفص وحمزة والكسائي «جِمالَتٌ»، وبقية السبعة «جمالات» (تفسير القرطبي: ١٩/ ١٦٥)
(٦) ما بين الحاصرتين، زيادة فى ش.
(٧) فى ش: تقول. [.....]
(٨) فى ش: وقد.
(٩) ما بين الحاصرتين فى هامش ب.
(١٠) فى ش: يكون.
(١١) روى يحيى بن سلطان عن أبى بكر عن عاصم: «هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ» بالنصب، ورويت عن ابن هرمز وغيره (تفسير القرطبي: ١٩/ ١٦٦).
(١٢) فى ش: نصبت كان.
وإنما استجازت العربُ: أتيتك يوم مات فلان، وآتيك يوم يقدم فلان لأنهم يريدون: أتيتك إذ قدم، وإذا يقدَم فإذ وإذا لا تطلبان الأسماء، وإنما تطلبان الفعل. فلما كَانَ اليوم والليلة وجميع المواقيت فِي معناهما أضيفا إلى فعلَ ويفعَلُ وإلى الاسم المخبر عَنْهُ، كقول الشَّاعِر:
[١٢٢/ ب] أزمان من يرد الصنيعة يصطنع | مِننًا، ومن يرد الزهادة يزهد «٦» |
نويت بالفاء أن يكون «٧» نسقًا عَلَى ما قبلها، واختير ذَلِكَ لأن الآيات بالنون، فلو قيل:
فيعتذروا لم يوافق الآيات. وَقَدْ قَالَ اللَّه جل وعز: «لَا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا «٨» » بالنصب، وكلٌّ صواب. مثله: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ «٩» » و (فيضاعفَه)، قَالَ، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: كذا كَانَ يقرأ الكِسَائِيّ، والفراء، وحمزة، (فيضاعفهُ) «١٠».
(٢) سقط فى ش.
(٣) مكررة فى ش.
(٤) فى ش: ساعات ذلك اليوم، تصحيف.
(٥) كذا فى ش، وفى ب، ، ح: تقدم تصحيف.
(٦) فى ش: فينا مكان مننا
(٧) فى ش: تكون.
(٨) سورة فاطر الآية: ٣٦.
(٩) سورة البقرة الآية: ٢٤٥. [.....]
(١٠) وقرأ ابن عامر، وعاصم، ويعقوب: «فيضاعفه» (الإتحاف ١٥٩).