تفسير سورة يوسف

الصحيح المسبور
تفسير سورة سورة يوسف من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور المعروف بـالصحيح المسبور .
لمؤلفه حكمت بشير ياسين .

سورة يوسف
قوله تعالى (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (الر تلك آيات الكتاب المبين) إي والله لمبين، بين الله هداه ورشده.
قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
انظر حديث واثلة بن الأسقع المتقدم عند الآية (٣-٤) من سورة آل عمران، وفيه: "أنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان".
انظر سورة فصلت آية (٣).
قوله تعالى (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين)
قال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: أنبا عمرو بن محمد، ثنا خلاد بن مسلم الصفار، عن عمرو بن قيس الملائي، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في قول الله عز وجل (نحن نقص عليك أحسن القصص) الآية، قال: أنزل القرآن على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتلاه عليهم زمانا فقالوا يا رسول الله لو قصصت علينا فأنزل الله عز وجل (الر تلك آيات الكتاب المبين) تلا إلى قوله (نحن نقص عليك أحسن القصص) الآية فتلاها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زمانا فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا فأنزل الله عز وجل (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها) الآية، كل ذلك يؤمرون بالقرآن.
(اتحاف الخيرة ١/٢٣٨ ح ١٦٢)، وأخرجه الحاكم (المستدرك ٢/٣٤٥)، وابن حبان (الإحسان ١٤/٩٢ ح ٦٢٠٩)، والضياء المقدسي في المختارة (٣/٢٦٥ ح ١٠٦٩) كلهم من طريق إسحاق بن إبراهيم به. وقال محقق المختارة: إسناده حسن. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر: حديث حسن كما في الإتحاف.
قوله تعالى (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا تأويل هذه الرؤيا، ولكنه بينه في هذه السورة الكريمة في قوله: (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً) الآية. ومن المعلوم أن رؤيا الأنبياء وحي.
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)، قال: كانت رؤيا الأنبياء وحيا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا) إخوته، أحد عشر كوكبا (والشمس والقمر) يعني بذلك: أبويه.
قوله تعالى (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ)
قال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير -وأثنى عليه خيرا لقيته باليمامة- عن أبيه، حدثنا أبو سلمة، عن أبي قتادة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم فليتعوذ منه وليبصق عن شماله فإنها لا تضره".
(الصحيح ١٢/٣٨٩ ح ٦٩٨٦- ك التعبير، ب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)، وأخرجه مسلم (الصحيح ٤/١٧٧١-١٧٧٢ بعد رقم ٢٢٦١- الرؤيا).
قال ابن ماجة: حدثنا أبو بكر، ثنا هشيم عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن عُدس العُقيلي، عن عمه أبي رَزين، أنه سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "الرُؤيا على رِجل طائر ما لم تعْبَر. فإذا عُبرت وقعت" قال: "والرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة" قال: وأحسبه قال: "لا يقصها إلا على واد أو ذي رأي".
(سنن ابن ماجة ٣/١٢٨٨- ك تعبير الرؤيا،- الرؤيا إذا عبرت وقعت فلا يقصها إلا على واد ح/٣٩١٤)، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي من طريق يعلى بن عطاء به نحوه، وقال الترمذي حسن صحيح (المسند ٤/١٠)، (السنن- الأدب، ب ما جاء في الرؤيا ٤/٣٠٥)، (السنن- الرؤيا، ب ما جاء في تعبير الرؤيا ٤/٥٣٦). ووكيع بن عدس قال الحافظ: مقبول. ولكن للحديث شاهد عن أنس عند الحاكم وصححه وسكت الذهبي. وقد حسن الحافظ في (الفتح ١٢/٤٣٢). وقال الألباني: صحيح (انظر الصحيحة ١٢٠)، (صحيح ابن ماجة ٢/٣٤٢)، ذكره ابن كثير (٤/٢٩٩). وله شواهد في الصحيحين كما جاء في جامع الأصول (٢/٥١٨-٥٢٠).
قوله تعالى (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وإسحاق إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث) فاجتباه واصطفاه وعلمه من عبر الأحاديث وهو (تأويل الأحاديث).
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الصمد، عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن دينار عن أبيه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم".
(صحيح البخاري ٨/٢١٢- ك التفسير- سورة يوسف، ب (الآية) ح/٤٦٨٨).
قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
قال الشيخ الشنقيطي: الظاهر أن مراد أولاد يعقوب بهذا الضلال الذي وصفرا به أباهم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في هذه الآية الكريمة- إنما هو الذهاب عن علم حقيقة الأمر كما ينبغي. ويدل لهذا ورود الضلال بهذا المعنى في القرآن وفي كلام العرب. فمنه بهذا المعنى قوله تعالى عنهم مخاطبين أباهم: (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) وقوله تعالى في نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ووجدك
ضالا فهدى) أي لست عالما بهذه العلوم التي لا تعرف إلا بالوحي، فهداك إليها وعلمكها بما أوحى إليك من هذا القرآن العظيم. ومنه بهذا المعنى قول الشاعر:
وتظن سلمى أنني أبغي بها بدلا أراها في الضلال تهيم
يعني: أنها غير عالمة بالحقيقة في ظنها أنه يبغي بها بدلا وهو لا يبغي بها بدلا.
وليس مراد أولاد يعقوب الضلال في الدين، إذ لو أرادوا ذلك لكانوا كفارا، وإنما مرادهم أن أباهم في زعمهم في ذهاب عن إدراك الحقيقة، وإنزال الأمر منزلته اللائقة به، حيث آثر اثنين على عشرة، مع أن العشرة أكثر نفعا له، وأقدر على القيام بشؤونه وتدبيره أموره.
قوله تعالى (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله: (لا تقتلوا يوسف) قال: كان أكبر إخوته، وكان ابن خالة يوسف، فنهاهم عن قتله.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله: (غيابت الجب) قال: بئر بيت المقدس، بئر في بعض نواحيها.
قوله تعالى (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (يرتع ويلعب) قال: يسعى ويلهو.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (يرتع)، قال: يحفظ بعضنا بعضاً، نتكالأ.
قوله تعالى (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
قال الشيخ الشنقيطي: أخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أنه أوحى إلى يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أنه سينبئ إخوته بهذا الأمر الذي فعلوا به في حال كونهم لا يشعرون. ثم صرح في هذه السورة الكريمة بأنه جل وعلا أنجز
ذلك الوعد في قوله (قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) وصرح بعدم شعورهم بأنه يوسف في قوله (وجاء أخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (وأوحينا إليه)، إلى يوسف.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) قال: أوحى الله إلى يوسف وهو في الجب أن ينبئهم بما صنعوا له، وهم لا يشعرون بذلك الوحي.
قوله تعالى (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ والله الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله: (بدم كذب)، قال: دم سخلة، يعني شاة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال: (بل سولت لكم أنفسكم أمرا) قال يقول: بل زينت لكم أنفسكم أمرا.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (فصبر جميل)، قال: ليس فيه جزع.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (والله المستعان على ما تصفون) أي: على ما تكذبون.
قوله تعالى (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً والله عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (فأرسلوا واردهم) يقال: أرسلوا رسولهم، فلما أدلى دلوه تشبث بها الغلام (قال يا بشرى هذا غلام).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (قال يا بشرى هذا غلام) تباشروا به حين أخرجوه، وهي بئر بأرض بيت المقدس معلوم مكانها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (يا بشرى هذا غلام)، قال: بشرهم واردهم حين وجد يوسف.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة: (وأسروه بضاعة)، قال: أسروا بيعه.
قوله تعالى (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وشروه بثمن بخس)، وهم السيارة الذين باعوه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وشروه بثمن بخس)، قال: (البخس)، وهو الظلم. وكان بيع يوسف وثمنه حراما عليهم.
قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ والله غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (أكرمي مثواه) منزلته، وهي امرأة العزيز.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قال: أنطلِق بيوسف إلى مصر، فاشتراه العزيز ملك مصر، فانطلق به إلى بيته فقال لامرأته: (أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا).
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (من تأويل الأحاديث) قال: عبارة الرؤيا.
قوله تعالى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (وكذلك نجزي المحسنين)، يقول: المهتدين.
قوله تعالى (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)
قال البخاري: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله قال: حدثني خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".
(الصحيح ٢/١٦٨ ح ٦٦٠- ك الأذان، ب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة )، وأخرجه مسلم (الصحيح- ك الزكاة، ب فضل إخفاء الصدقة).
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (هيت لك)، قال: هلم لك.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال: كان عكرمة يقول: تهيأت لك.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (إنه ربي)، قال: سيدي.
قوله تعالى (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة قد يفهم منه أن يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام هم بأن يفعل مع تلك المرأة مثل ما همت هي به منه، ولكن القرآن العظيم بين براءته عليه الصلاة والسلام من الوقوع فيما لا ينبغي حيث بين شهادة كل من له تعلق بالمسألة ببراءته، وشهادة الله له بذلك واعتراف إبليس به. أما الذين لهم تعلق بتلك الواقعة فهم: يوسف، والمرأة، وزوجها، والنسوة، والشهود. أما جزم يوسف بأنه بريء من تلك المعصية فذكره تعالى في قوله: (هي راودتني عن نفسي) وقوله: (قال رب السجن أحب إلي مما
يدعونني إليه) الآية. وأما اعتراف المرأة بذلك ففي قولها للنسوة: (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) وقولها: (الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين). وأما اعتراف زوج المرأة ففي قوله: (وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين) الآية. وأما شهادة الله عز وجل ببراءته ففي قوله: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين).
قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يقول الله: "إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها، فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة".
(الصحيح البخاري ١٣/٤٧٣ ح ٧٥٠١- ك التوحيد، ب قول الله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله)، وأخرجه مسلم (الصحيح ١/١١٧ ح ١٢٨- ك الإيمان، ب إذا هم العبد بحسنة... ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: يعقوب.
قال الطبري: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر عن هم يوسف وامرأة العزيز كل واحد منهما بصاحبه، لولا أن رأى يوسف برهان ربه، وذلك آية من الله زجرته عن ركوب ما هم به يوسف من الفاحشة، وجائز أن تكون تلك الآية صورة يعقوب، وجائز أن تكون صورة الملك، وجائز أن يكون الوعيد في الآيات التي ذكرها الله في القرآن على الزنا، ولا حجة للحذر قاطعة بأي ذلك كان من أي. والصواب أن يقال في ذلك ما قاله الله تبارك وتعالى والإيمان به، وترك ما عدا ذلك إلى عالمه.
قوله تعالى (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (واستبقا الباب)، قال: استبق هو والمرأة الباب، (وقدت قميصه من دبر).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وألفيا سيدها لدى الباب) أي عند الباب.
قوله تعالى (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)
قال الشيخ الشنقيطي: يفهم من هذه الآية لزوم الحكم بالقرينة الواضحة الدالة على صدق أحد الخصمين، وكذب الآخر؛ لأن ذكر الله لهذه القصة في معرض تسليم الإستدلال بتلك القرينة على براءة يوسف يدل على أن الحكم بمثل ذلك حق وصواب، لأن كون القميص مشقوقا من جهة دبره دليل واضح على أنه هارب عنها، وهي تنوشه من خلفه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (وشهد شاهد من أهلها) قال: رجل.
قال الشيخ الشنقيطي: هذه الآية الكريمة إذا ضمت، لها آية أخرى حصل بذلك بيان أن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان، والآية المذكورة هي قوله: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)، لأن قوله في النساء: (إن كيدكن عظيم) وقوله في الشيطان: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) يدل على أن كيدهن أعظم من كيده.
قوله تعالى (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
أخرج الطَبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (قد شغفها حبا) قال: دخل حبه في شغافها.
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (قد شغفها حبا)، قال: غلبها.
قوله تعالى (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (فلما سمعت بمكرهن) أي بحديثهن (أرسلت إليهن)، يقول: أرسلت إلى النسوة اللاتي تحدثن بشأنها وشأن يوسف.
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (واعتدت لهن متكأ) قال: مجلسا.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (أكبرنه)، أعظمنه.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (وقطعن أيديهن)، قال: حزا حزا بالسكاكين.
قوله تعالى (وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ)
قال الشيخ الشنقيطي: بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة ثناء هؤلاء النسوة على يوسف بهذه الصفات الحميدة فيما بينهن، ثم بين اعترافهن بذلك عند سؤال الملك لهن أمام الناس في قوله: (قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء، قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه) الآية.
قال مسلم: حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت البنانى، عن أنس بن مالك، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أتيت بالبراق... " فذكر حديث الإسراء الطويل وفيه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "... فإذا أنا بيوسف - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا هو قد أعطي شطر الحسن".
(الصحيح مسلم ١/١٤٥-١٤٦ ح ١٦٢- ك الإيمان، ب الإسراء برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -... ).
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (حاش لله)، معاذ الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (إن هذا إلا ملك كريم)، قال: قلن: ملك من الملائكة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (فاستعصم)، يقول: فامتنع.
قوله تعالى (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (أصبُ إليهن)، يقول: أتابعهن.
قوله تعالى (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيات لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ)
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح، عن مجاهد: (من بعد ما رأوا الآيات)، قال: قد القميص من دبر.
قوله تعالى (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ودخل معه السجن فتيان) قال: كان أحدهما خبازا للملك على طعامه، وكان الآخر ساقيه على شرابه.
قوله تعالى (ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ذلك من فضل الله علينا) أن جعلنا أنبياء (وعلى الناس) يقول: أن بعثنا إليهم رسلا.
قوله تعالى (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون) إلى قوله: (لا يعلمون)، لما عرف نبي الله يوسف أن أحدهما مقتول، دعاهما إلى حظهما من ربهما: وإلى نصيبهما من آخرتهما.
أخرج الطبري بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله: (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه)، قال: أسس الدين على الإخلاص لله وحده لا شريك له.
قوله تعالى (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ)
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله: (اذكرني عند ربك)، قال: للذي نجا من صاحبي السجن، يوسف يقول: اذكرني عند الملك.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قال: قال له: (اذكرني عند ربك)، قال: فلم يذكره حتى رأى الملك الرؤيا، وذلك أن يوسف أنساه الشيطان ذكر ربه، وأمره بذكر الملك وابتغاء الفرج من عنده فلبث في السجن بضع سنين بقوله: (اذكرني عند ربك).
قوله تعالى (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ)
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (أضغاث أحلام)، يقول: مشتبهة.
قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ)
قال الطبري: حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس: (وادكر بعد أمة) قال: بعد حين.
قال الحافظ ابن حجر: إسناده جيد (انظر الفتح ١٢/٣٨١).
قال الطبري: حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عفان قال، حدثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه كان يقرأ (بعد أمة) ويفسرها، بعد نسيان.
صحح إسناده الحافظ ابن حجر (انظر الفتح ١٢/٣٨٢).
قوله تعالى (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (أفتنا في سبع بقرات سمان)
فالسمان المخاصيب، والبقرات العجاف هي السنون المحول الجدوب.
قوله تعالى (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قليلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال: قال لهم نبي الله يوسف: (تزرعون سبع سنين دأبا) الآية، فإنما أراد نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البقاء.
قوله تعالى (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قليلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ)
قال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد الله - رضي الله عنه -: إن قريشا لما أبطئوا عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالإسلام قال: "اللهم اكفنيهم بسبع كسبع يوسف، فأصابتهم سنة حصَّت كل شيء، حتى أكلوا العظام، حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها مثل الدخان، قال الله (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين)، قال الله (إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون). أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة وقد مضى الدخان ومضت البطشة"؟.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (يأكلن ما قدمتم لهن) يقول: يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت، (إلا قليلاً مما تحصنون).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد) وهن الجدوب، (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون)، مما تدخرون.
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله:
(إلا قليلا مما تحصنون)، يقول: تخزنون.
قوله تعالى (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس) قال: فيه يغاثون بالمطر.
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وفيه يعصرون) قال: الأعناب والدهن.
قوله تعالى (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ)
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعى لأجبته".
(الصحيح البخاري ١٢/٣٩٧- ك التعبير، ب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك ح/٦٩٩٢)، وأخرجه مسلم (الصحيح- الإيمان، باب زيادة طمأنينة القلب ١/١٣٣ ح ١٥١).
قال الترمذي: حدثنا الحسن بن حُريث الخزاعي المروزي، حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عَمْرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الكريم ابن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، قال: ولو لبثتُ في السجن ما لبث ثم جاءني الرسول أجبتُ ثم قرأ (فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) قال ورحمة الله على لوط إن كان ليأوي إلى ركن شديد، إذ قال
(لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) فما بعث الله من بعده نبيا إلا في ذرْوة من قومه.
حَدثنا أبو كريب، حدثنا عبدة وعبد الرحيم عن محمد بن عمرو نحو حديث الفضل بن موسى إلا أنه قال: "ما بعث الله بعده نبيا إلا في ثروة من قومه".
قال محمد بن عَمرو: الثروة: الكثرة والمنعة.
قال أبو عيسى: وهذا أصح من رواية الفضل بن موسى، وهذا حديث حسن. (سنن الترمذي ٥/٢٩٣- ك التفسير- سورة يوسف ح ٣١١٦)، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي ٣/٦٤). والمستدرك (٢/٣٤٦-٣٤٧) بنحوه. وصححه الذهبي.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة)، أراد نبي الله عليه السلام أن لا يخرج حتى يكون له عذر.
قوله تعالى (قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ)
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (الآن حصحص الحق)، قال: تبين.
قوله تعالى (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) يوسف بقوله.
قوله تعالى (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (أستخلصه لنفسي)، يقول: أتخذه لنفسي.
قوله تعالى (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (إني حفيظ عليم)، يقول: حفيظ لما وليت، عليم بأمره.
قوله تعالى (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وهم له منكرون)، قال: لا يعرفونه.
قوله تعالى (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ائتوني بأخ لكم من أبيكم) يعني بنيامين، وهو أخو يوسف لأبيه وأمه.
قوله تعالى (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: وقال (لفتيانه) أي: لغلمانه.
(اجعلوا بضاعتهم في رحالهم) يقول: اجعلوا أثمان الطعام التي أخذتموها منهم، (في رحالهم).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (اجعلوا بضاعتهم في رحالهم) أي أوراقهم.
قوله تعالى (يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ما نبغي)، يقول: ما نبغي وراء هذا، إن بضاعتنا ردت إلينا، وقد أوفى لنا الكيل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ونزداد كيل بعير)، يقول: حمل بعير.
قوله تعالى (قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة: (إلا أن يحاط بكم)، قال: إلا أن تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (فلما آتوه موثقهم)، قال: عهدهم.
قوله تعالى (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وادخلوا من أبواب متفرقة) قال: كانوا قد أتوا صورة وجمالا، فخشى عليهم أنفس الناس.
قوله تعالى (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) خيفة العين علي بنيه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وإنه لذو علم لما علمناه) أي: مما علمناه.
قوله تعالى (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه) ضمه إليه، وأنزله، وهو بنيامين.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (فلا تبئس) يقول: فلا تحزن ولا تيأس.
قوله تعالى (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (فلما جهزهم بجهازهم) يقول: لما قضى لهم حاجتهم ووفاهم كيلهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (السقاية في رحل أخيه)، وهو إناء الملك الذي كان يشرب فيه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (في رحل أخيه) أي: في متاع أخيه.
قوله تعالى (قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ولمن جاء به حمل بعير) يقول: وقر بعير.
قال النسائي: قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن وهب قال: أخبرني أبو هاني عن عمرو بن مالك الجنبي أنه سمع فضالة بن عبيد يقول سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "أنا زعيم والزعيم الحميل لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت في ربض الجنة وببيت في وسط الجنة وأنا زعيم لمن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة وببيت في وسط الجنة وببيت في أعلى غرف الجنة من فعل ذلك فلم يدع للخير مطلبا ولا من الشر مهربا يموت حيث شاء أن يموت".
(السنن ٦/٢١- ك الجهاد، ب ما لمن أسلم وهاجر وجاهد)، وأخرجه الحاكم (المستدرك ٢/٧١ - ك الجهاد) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن ابن وهب به. وأخرجه ابن أبي حاتم (التفسير- سورة يوسف/٧٢ ح ٥٣٩) عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب مختصرا جداً، بلفظ: "أنا زعيم، والزعيم الحميل". قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وصححه الذهبي على شرط البخاري ومسلم. وقال الألباني: صحيح (صحيح النسائي ح ٢٩٣٦).
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وأنا به زعيم)، يقول: كفيل.
قوله تعالى (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ)
أخرج الطبري بسنده الجيد عن الربيع بن أنس في قوله: (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض)، نقول: ما جئنا لنعصي في الأرض.
قوله تعالى (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك)، إلا فعلة كادها الله له، فاعتل بها يوسف.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله)، يقول: ما كان ذلك في قضاء الملك أن يستعبد رجلا بسرقة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وفوق كل ذي علم عليم)، حتى ينتهي العلم إلى الله، منه بدئ، وتعلمت العلماء، وإليه يعود.
قوله تعالى (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا والله أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل)، ليوسف.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم)، أما الذي أسر في نفسه فقوله: (أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون).
قوله تعالى (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (خلصوا نجيا)، خلصوا وحدهم نجيا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله: (قال كبيرهم)، قال: هو شمعون الذي تخلف، وأكبر منه، أو: أكبر منهم، في الميلاد، روبيل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (قال كبيرهم)، وهو روبيل، أخو يوسف، وهو ابن خالته، وهو الذي نهاهم عن قتله.
قال الطبري: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال: عنى بقوله (قال كبيرهم) روبيل لإجماع جميعهم على أنه كان أكبرهم سنا.
قوله تعالى (ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ)
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (وما كنا للغيب حافظين) قال: لم نشعر أنه سيسرق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وما كنا للغيب حافظين) قال: ما كنا نرى أنه سيسرق.
قوله تعالى (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (واسأل القرية التي كنا فيها) وهي مصر.
قوله تعالى (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل) يقول: زينت، وقوله: (عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً) يقول: بيوسف وأخيه وروبيل.
قوله تعالى (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (يا أسفا على يوسف) أي: حزناه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (فهو كظيم) قال: كظيم الحزن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) يقول: يردد حزنه في جوفه، ولم يتكلم بسوء.
قوله تعالى (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (تفتؤا) تفتر من حبه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (حتى تكون حرضا) حتى تبلى أو تهرم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (أو تكون من الهالكين) قال: أو تموت.
قوله تعالى (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ولا تيأسوا من روح الله) أي: من رحمة الله.
قوله تعالى (وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ)
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (مزجاة) قال: قليلة.
قوله تعالى (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (تالله لقد آثرك الله علينا) وذلك بعد ما عرفهم أنفسهم. يقول: جعلك الله رجلا حليما.
قوله تعالى (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (لا تثريب عليكم) لم يثرِب عليهم أعمالهم.
قوله تعالى (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ)
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (لولا أن تفندون) يقول: تجهلون.
قوله تعالى (قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا)
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إنك لفي ضلالك القديم) يقول: خطائك القديم.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (البشير)، قال: يهوذا بن يعقوب.
قوله تعالى (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حقاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (العرش)، السرير.
قال ابن كثير: (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً) أي هذا ما آل إليه الأمر، فإن التأويل يطلق على ما يصير إليه الأمر، كما قال تعالى: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله) أي يوم القيامة يأتيتهم ما وعدوا به من خير وشر.
قال الحافظ ابن حجر: أخرج الطبري والحاكم والبيهقي في الشعب بسند صحيح عن سلمان الفارسي قال: كان بين رؤيا يوسف وعبارتها أربعون عاما.
(الفتح ١٢/٣٠٧٧)، وانظر تفسير الطبري رقم (١٩٩١٧)، والمستدرك (٤/٣٩٦)، وشعب الإيمان رقم (٤٧٨٠).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وخروا له سجدا) وكانت تحية من قبلكم، كان بها يحيي بعضهم بعضاً، فأعطى الله هذه الأمة السلام، تحية أهل الجنة، كرامة من الله تبارك وتعالى، عجلها لهم، ونعمة منه.
وصحح إسناده الحافظ ابن حجر (الفتح ١٢/٣٧٦).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو)، وكان يعقوب وبنوه بأرض كنعان، أهل مواش وبرية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (إن ربي لطيف لما يشاء)، لطف بيوسف وصنع له حتى أخرجه من السجن، وجاء بأهله من البدو، ونزع من قلبه نزغ الشيطان، وتحريشه على إخوته.
قوله تعالى (فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)
انظر سورة الأنعام آية (١٤).
قال مسلم: حدثنا زهر بن حرب وإسحاق بن إبراهيم، قال إسحاق: أخبرنا، وقال زهير -واللفظ له-: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذا اشتكى منا إنسان، مسحه بيمينه. ثم قال: "أذهب البأس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماًً". فلما مرض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وثقل، أخذت بيده لأصنع به نحو ما كان يصنع، فانتزع يده من يدي، ثم قال: "اللهم اغفر لي واجعلني مع الرفيق الأعلى".
قالت: فذهبت أنظر، فإذا هو قد قضى.
(الصحيح ٤/١٧٢١-١٧٢٢ ح ٢١٩١- ك السلام، ب استحباب رقية المريض)، وأخرجه أحمد (المسند ٦/٧٤) من طريق كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "ما من نبي إلا قبض نفسه ثم يرى الثواب... " فذكرت الحديث، وفي آخره قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مع الرفيق الأعلى في الجنة، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين".
قوله تعالى (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ)
قال ابن كثير: يقول تعالى لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما قص عليه نبأ إِخوة يوسف، وكيف رفعه الله عليهم، وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم، مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام، هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة (نوحيه إِليك) ونعلمك به يا محمد لما فيه من العبرة لك، والاتعاظ لمن خالفك (وما كنت لديهم) حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم (إِذ أجمعوا أمرهم) أي على إِلقائه في الجب (وهم يمكرون) به، ولكنا أعلمناك به وحيا إِليك وإنزالا عليك، كقوله: (وما كنت لديهم إِذ يلقون أقلامهم) الآية، وقال تعالى: (وما كنت بجانب الغربي إِذ قضينا إِلى موسى الأمر) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وما كنت لديهم)، يعني محمدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجب، (وهم يمكرون) أي: بيوسف.
قوله تعالى (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)
قال مسلم: حدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا روح ابن القاسم، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه".
(الصحيح ٤/٢٢٨٩ ح ٢٩٨٥- ك الزهد والرقائق، ب من أشرك في عمله غير الله).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (وما يؤمن أكثرهم بالله) الآية، قال: من إيمانهم إذا قيل لهم: من خلق السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله، وهم مشركون.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)، فإيمانهم قولهم: الله خالقنا، ويرزقنا ويميتنا.
قوله تعالى (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) قال: تغشاهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله)، أي: عقوبة من عذاب الله.
انظر حديث البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدم عند الآية (٣١) من سورة الأنعام وهو حديث: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس... ".
قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم من أهل القرى)، لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العمود.
قال ابن كثير: وقوله: (من أهل القرى) المراد بالقرى المدن لا أنهم من أهل البوادي الذين هم من أجفى الناس طباعاً وأخلاقاً، وهذا هو المعهود المعروف أن أهل المدن أرق طباعا وألطف من أهل سوادهم، وأهل الريف والسواد أقرب حالا من الذين يسكنون في البوادي، ولهذا قال تعالى: (الأعراب أشد كفراً ونفاقا) الآية... وقوله: (أفلم يسيروا في الأرض) يعني هؤلاء المكذبين لك يا محمد في الأرض (فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) أي من الأمم المكذبة للرسل، كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، كقوله: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها) الآية، فإذا استمعوا خبر ذلك رأوا أن الله قد أهلك الكافرين ونجى المؤمنين، وهذه كانت سنته تعالى في خلقه.
وانظر سورة الأنعام آية (١١)، وانظر سورة غافر آية (٨٢).
قوله تعالى (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)
قال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى (حتى إذا استيأس الرسل) قال قلت أكذِبوا أم كذّبوا؟ قالت عائشة: كذّبوا. قلتُ: فقد استيقنوا أنّ قومهم كذبوهم، فما هو بالظن. قالت أجل لعَمري، لقد استيقنوا بذلك. فقلتُ لها: وظنوا أنهم قد كُذِبوا؟ قالت: معاذ الله، لم تكن الرسلُ تظنّ ذلك بربها.
قلتُ: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدّقوهم، فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسلُ ممن كذبهم من قومهم، وظنّت الرسلُ أنّ أتباعهم قد كذّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك.
(صحيح البخاري ٨/٢١٧-٢١٨- ك التفسير- سورة يوسف، ب (الآية) ح/٤٦٩٥).
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، يعني: أيس الرسل من أن يتبعهم قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا، فينصر الله الرسل، ويبعث العذاب.
قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (لقد كان في قصصهم عبرة)، ليوسف وإخوته.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ما كان حديثا يفترى) و"الفرية" الكذب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ولكن تصديق الذي بين يديه)، والفرقان تصديق الكتب التي قبله، ويشهد عليها.
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(الصحيح البخاري ٨/٢١٤ ح ٤٦٩٣- ك التفسير سورة يوسف، ب (وراودته التى هو في بيتها عن نفسه ))، وأخرجه مسلم (الصحيح ٤/٢١٥٥- ك صفات المنافقين، ب الدخان).