تفسير سورة الكهف

الموسوعة القرآنية
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية .
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

(١٨) سورة الكهف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (٤)
ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (٥)
١- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً:
وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً ولم يجعل له شيئا من العوج قط، والعوج فى المعاني كالعوج فى الأعيان. والمراد نفى الاختلاف والتناقض عن معانيه.
٢- قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً:
قَيِّماً منصوب بمضمر، والتقدير: ولم يجعل له عوجا جعله قيما، لأنه إذا نفى عنه العوج فقد أثبت له الاستقامة.
لِيُنْذِرَ الذين كفروا.
بَأْساً شَدِيداً عذابا شديدا.
مِنْ لَدُنْهُ صادرا من عنده.
٣- ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً:
أي دائمين فيه الى غاية.
٤- وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً:
وهم: اليهود لقولهم: عزير ابن الله، والنصارى لقولهم: المسيح ابن الله، وقريش لقولهم: الملائكة بنات الله.
٥- ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً:
ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ أي ما لهم بذلك القول علم، لأنهم مقلدة قالوه بغير دليل.
وَلا لِآبائِهِمْ أي أسلافهم.
كَبُرَتْ كَلِمَةً أي كبرت تلك الكلمة كلمة، أي عظمت كلمة، يعنى قولهم: اتخذ الله ولدا.
تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ فى موضع الصفة.
إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً أي ما يقولون الا كذبا.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦ الى ٩]
فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦) إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩)
٦- فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً:
باخِعٌ مهلك وقاتل.
عَلى آثارِهِمْ على أثر توليهم واعراضهم عنك.
إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أي القرآن.
أَسَفاً حزنا وغضبا على كفرهم.
٧- إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا:
ما عَلَى الْأَرْضِ أي ما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها.
لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا أي أكثر زهدا فيها، وأبعد عن الاغترار بها.
٨- وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً:
ما عَلَيْها من هذه الزينة.
صَعِيداً جُرُزاً يعنى مثل أرض بيضاء لا نبات فيها.
٩- أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً:
الْكَهْفِ الغار الواسع فى الجبل.
وَالرَّقِيمِ اسم كلبهم.
يعنى أن ذلك أعظم من قصة أصحاب الكهف وابقاء حياتهم مدة طويلة.
كانُوا آية.
عَجَباً من آياتنا، وصفا بالمصدر، أو: ذات عجب.
[سورة الكهف (١٨) : آية ١٠]
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠)
١٠- إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً:
مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً أي رحمة من خزائن رحمتك.
هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا الذي نحن عليه من مفارقة الكفار.
رَشَداً حتى نكون بسببه راشدين مهتدين، أو اجعل أمرنا رشدا كله.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١١ الى ١٤]
فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (١٣) وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤)
١١- فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً:
فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ أي ضربنا على آذانهم حجابا من أن تسمع، يعنى أنمناهم انامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات.
سِنِينَ عَدَداً ذوات عدد.
١٢- ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً:
أَيُّ يتضمن معنى الاستفهام، تعلق عنه لِنَعْلَمَ فلم يعمل فيه.
الْحِزْبَيْنِ المختلفين منهم فى مدة لبثهم، لأنهم لما انتبهوا اختلفوا فى ذلك.
أَحْصى فعل ماض، أي أيهم ضبط.
أَمَداً لأوقات لبثهم.
١٣- نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً:
وَزِدْناهُمْ هُدىً بالتوفيق والتثبيت.
١٤- وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً:
رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ قويناهم بالصبر على هجر الأوطان والنعيم، والفرار بالدين.
إِذْ قامُوا بين يدى الجبار، وهو دقيانوس، من غير مبالاة حين عاتبهم على ترك عبادة الصنم.
شَطَطاً قولا ذا شطط، وهو الافراط فى الظلم والابعاد عنه.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٥ الى ١٧]

هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (١٦) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧)
١٥- هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً:
هؤُلاءِ مبتدأ.
قَوْمُنَا عطف بيان.
اتَّخَذُوا خبره وهو اخبار فى معنى الإنكار.
لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ هلا يأتون على عبادتهم، فحذف المضاف.
بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ أي بحجة واضحة على عبادتهم الأصنام وهذا من التبكيت لأن الإتيان بالسلطان على عبادة الأوثان محال.
مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بنسبة الشريك اليه.
١٦- وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً:
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ خطاب من بعضهم لبعض، حين صممت عزيمتهم على الفرار بدينهم.
وَما يَعْبُدُونَ نصب، عطف على الضمير. يعنى وإذ اعتزلتموهم واعتزلتم معبوديهم.
وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ يجوز أن يكون استثناء متصلا، على ما روى من أنهم كانوا يقرون بالخالق ويشركون معه غيره كما أهل مكة.
ويجوز أن يكون منقطعا.
وقيل: هو كلام معترض، اخبار من الله تعالى عن الفئة أنهم لم يعبدوا غير الله.
مِرفَقاً وهو ما يرتفق به، أي ينتفع.
١٧- وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا:
تزاور تميل.
ذاتَ الْيَمِينِ جهة اليمين.
تَقْرِضُهُمْ تقطعهم لا تقربهم.
وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ وهم فى متسع من الكهف. والمعنى: أنهم فى ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس فى طلوعها ولا غروبها، مع أنهم فى مكان واسع منفتح معرض لاصابة الشمس لولا أن الله يحجبها عنهم.
ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ أي ما صنعه الله بهم، من ازورار الشمس وقرضها طالعة وغاربة، آية من آياته.
مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ثناء عليهم بأنهم جاهدوا فى الله وأسلموا له وجوههم.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٨ الى ١٩]
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (١٨) وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩)
١٨- وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً:
وَتَحْسَبُهُمْ خطاب لكل أحد.
أَيْقاظاً عيونهم مفتحة وهم نيام.
وَنُقَلِّبُهُمْ لئلا تألم جنوبهم.
بِالْوَصِيدِ بالفناء، وقيل: بالعتبة. وقيل: بالباب.
رُعْباً خوفا.
١٩- وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً
وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ وكما أنمناهم تلك النومة كذلك بعثناهم، ادكارا بقدرته على الانامة والبعث جميعا.
قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ جواب مبنى على غالب الظن.
قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ انكار عليهم من بعضهم، وأن الله أعلم بمدة لبثهم.
بِوَرِقِكُمْ الورق: الفضة مضروبة أو غير مضروبة.
أَيُّها أي: أي أهلها.
أَزْكى طَعاماً أحل وأطيب وأرخص.
وَلْيَتَلَطَّفْ وليتكلف اللطف.
وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ولا يفعلن ما يؤدى من غير قصد منه الى الشعور بنا.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠) وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (٢١)
٢٠- إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً:
إِنَّهُمْ راجع الى الأهل المقدر فى أَيُّها.
إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ ان يعرفوا أمركم.
يَرْجُمُوكُمْ يقتلوكم رجما بالحجارة.
أَوْ يُعِيدُوكُمْ يدخلوكم.
فِي مِلَّتِهِمْ فى دينهم بالإكراه والعنت.
وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً إن دخلتم فى دينهم.
٢١- وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً:
وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ وكما أنمناهم وبعثناهم أطلعنا عليهم ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم:
أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وهو البعث، لأن حالهم فى نومتهم وانتباههم بعدها كحال من يموت ثم يبعث.
إِذْ يَتَنازَعُونَ متعلق بقوله أَعْثَرْنا أي أعثرناهم عليهم حين يتنازعون بينهم أمر دينهم ويختلفون فى حقيقة البعث.
ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً أي على باب كهفهم، لئلا يتطرق إليهم الناس، ضنا بتربتهم ومحافظة عليها.
لَنَتَّخِذَنَّ على باب الكهف.
مَسْجِداً يصلى فيه المسلمون.
رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ من كلام المتنازعين، كأنهم تنازعوا أمرهم، فلما لم يهتدوا الى حقيقة ذلك قالوا: ربهم أعلم بهم.
أو هو من كلام الله عز وجل، رد لقول الخائضين فى حديثهم من أولئك المتنازعين.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٢ الى ٢٤]
سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢) وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (٢٤)
٢٢- سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً:
سَيَقُولُونَ الضمير لمن خاض فى قصتهم.
رَجْماً بِالْغَيْبِ رميا بالخبر الخفي واتيانا به.
فَلا تُمارِ فِيهِمْ فلا تجادل أهل الكتاب فى شأن أصحاب الكهف الا جدالا ظاهرا غير متعمق فيه.
وَلا تَسْتَفْتِ ولا تسأل أحدا منهم عن قصتهم سؤال متعنت له.
٢٣- وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً:
وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ ولا تقولن لأجل شىء تعزم عليه.
إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ الشيء.
غَداً فيما تستقبل من الزمان.
٢٤- إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً:
إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ متعلق بالنهى.
وَاذْكُرْ رَبَّكَ أي مشيئة ربى، وقل: ان شاء الله إذا فرط منك نسيان لذلك.
مِنْ هذا اشارة الى نبأ أصحاب الكهف.
رَشَداً وأدنى خيرا ومنفعة.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٥ الى ٢٨]
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦) وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨)
٢٥- وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً:
وَلَبِثُوا أي لبثهم فيه أحياء مضروبا على آذانهم هذه المدة.
٢٦- قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً:
ما لَهُمْ الضمير لأهل السموات والأرض.
مِنْ وَلِيٍّ من متول لأمورهم.
وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ فى قضائه.
أَحَداً منهم.
٢٧- وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً:
وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ من القرآن.
لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ أي لا يقدر أحد على تبديلها وتغييرها.
مُلْتَحَداً ملتجأ تعدل اليه ان هممت بذلك.
٢٨- واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا:
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ واحبسها معهم وثبتها.
بالغدوة والعشى دائبين على الدعاء فى كل وقت.
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ أي طاعته.
وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ أي لا تتجاوز عيناك الى غيرهم من أبناء الدنيا.
تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا طلبا لزينتها، أي تتزين بمجالسة هؤلاء الرؤساء الذين اقترحوا ابعاد الفقراء من مجلسك.
مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا من ختمنا على قلبه عن التوحيد.
وَاتَّبَعَ هَواهُ يعنى الشرك.
وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً من التفريط الذي هو التقصير، أو من الافراط الذي هو مجاوزة الحد.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٩ الى ٣١]
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (٢٩) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (٣١)
٢٩- وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً:
قُلِ الْحَقُّ أي قل هو الحق.
إِنَّا أَعْتَدْنا انا أعددنا.
لِلظَّالِمِينَ للكافرين الجاحدين.
سُرادِقُها ما يخرج من النار من ألسنة فتحيط بالكفار.
كَالْمُهْلِ كالنحاس المذاب.
مُرْتَفَقاً مجتمعا، من المرافقة، أو منزلا ومقرا ومهادا.
٣٠- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا:
أي لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم فأما من أحسن عملا من غير المؤمنين فعمله محبط.
٣١- أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً:
جَنَّاتُ عَدْنٍ جنات اقامة.
مِنْ سُنْدُسٍ السندس: الرقيق من الديباج.
وَإِسْتَبْرَقٍ ما ثخن من الديباج.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٣٢ الى ٣٩]

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (٣٣) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (٣٤) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (٣٦)
قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (٣٨) وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩)
٣٢- وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً:
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أي: مثل حال المؤمنين والكافرين بحال رجلين، وكانا أخوين فى بنى إسرائيل.
٣٣- كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً:
وَلَمْ تَظْلِمْ ولم تنقص.
٣٤- وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً:
وَأَعَزُّ نَفَراً أي أنصارا وحشما.
٣٥- وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً:
وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وهو معجب بما أوتى، كافر لنعمة ربه.
٣٦- وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً:
وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي إقسام منه على سبيل الفرض والتقدير.
مُنْقَلَباً مرجعا وعاقبة.
٣٧- قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا:
مِنْ تُرابٍ أي خلق أصلك.
سَوَّاكَ عدلك وكملك.
٣٨- لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً:
لكِنَّا أي لكن أنا.
٣٩- وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً:
ما شاءَ اللَّهُ أي الأمر ما شاء الله، على أن ما موصولة مرفوعة المحل على أنها خبر مبتدأ محذوف هو: الأمر.
ويصح أن تكون ما شرطية منصوبة الموضع والجزاء محذوف، بمعنى: أي شىء شاء الله كان.
لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ اقرار بأن ما قويت به على عمارتها وتدبير أمرها انما هو بمعونته وتأييده.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٤٠ الى ٤٣]
فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (٤١) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣)
٤٠- فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً:
حُسْباناً أي حساب ما كسبت يداك. وقيل: صواعق، الواحد:
حسبانة.
صَعِيداً زَلَقاً أرضا بيضاء يزلق عليها لملاستها.
٤١- أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً:
غَوْراً بعيد المنال.
٤٢- وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً:
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ يعنى إهلاكه.
يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ كناية عن الندم.
عَلى ما أَنْفَقَ فِيها أي فى عمارتها.
وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أي ان كرومها المعرشة سقطت عروشها على الأرض.
٤٣- وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً:
يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ يقدرون على نصرته من دون الله.
وَما كانَ مُنْتَصِراً وما كان ممتنعا بقوته عن انتقام الله.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٤٤ الى ٤٧]

هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (٤٤) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (٤٥) الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (٤٦) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧)
٤٤- هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً:
هُنالِكَ فى ذلك المقام وتلك الحال.
الْوَلايَةُ النصرة.
لِلَّهِ وحده لا يملكها غيره.
هُوَ خَيْرٌ ثَواباً لأوليائه.
عُقْباً عاقبة.
٤٥- وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً:
فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فالتف بسببه وتكاثف حتى خالط بعضه بعضا.
فَأَصْبَحَ هَشِيماً الهشيم: ما تهشم وتحطم.
تَذْرُوهُ الرِّياحُ تطيره.
وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً قديرا.
شبه حال الدنيا فى نضرتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء، بحال النبات يكون أخضر وارفا ثم يهيج فتطيره الرياح كأن لم يكن.
٤٦- الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا:
وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ أعمال الخير التي تبقى ثمرتها للانسان.
خَيْرٌ أَمَلًا أي أفضل أملا من ذى المال والبنين دون عمل صالح.
٤٧- وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً:
بارِزَةً ليس عليها ما يسترها مما كان عليها.
وَحَشَرْناهُمْ وجمعناهم الى الموقف.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٤٨ الى ٥١]
وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (٥٠) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١)
٤٨- عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً
ًّا
مصطفين ظاهرين.
َدْ جِئْتُمُونا
أي قلنا لهم: لقد جئتمونا.
ْعِداً
وقتا لإنجاز ما وعدتم على ألسنة الأنبياء من البعث والنشر.
٤٩- وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً:
الْكِتابُ للجنس، وهو صحف الأعمال.
يا وَيْلَتَنا ينادون هلكتهم التي هلكوها خاصة من بين الهلكات.
صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً هنة صغيرة ولا كبيرة.
إِلَّا أَحْصاها الا ضبطها وحصرها.
وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً فى الصحف، أو جزاء ما عملوا.
وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً فيكتب عليه ما لم يعمل.
٥٠- وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا:
فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ خرج عما أمره به ربه من السجود.
أَفَتَتَّخِذُونَهُ الهمزة للانكار والتعجب.
٥١- ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً:
ما أَشْهَدْتُهُمْ أي اعتضدت بهم فى خلق السموات والأرض.
عَضُداً أعوانا.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٢ الى ٥٦]
وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣) وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (٥٤) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦)
٥٢- وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً:
مَوْبِقاً أي وجعلنا بينهم أمدا بعيدا تهلك فيه الأشواط لفرط بعده، لأنهم فى قعر جهنم وهم فى أعلى الجنة.
٥٣- وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً:
فَظَنُّوا فأيقنوا.
مُواقِعُوها مخالطوها وواقعون فيها.
مَصْرِفاً معدلا.
٥٤- وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا:
أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا أي أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل. أو أن جدل الإنسان أكثر من جدل كل شىء.
٥٥- وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا:
أي وما منع الناس الايمان والاستغفار الا انتظار أن تأتيهم سنة الأولين، وهى الإهلاك، أو انتظار أن يأتيهم العذاب، عذاب الآخرة.
قُبُلًا عيانا.
٥٦- وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً:
لِيُدْحِضُوا ليزيلوا ويبطلوا.
وَما أُنْذِرُوا ما، موصولة، والراجع من الصلة محذوف، أي وما أنذروه من العذاب. أو ما مصدرية، بمعنى: وإنذارهم.
هُزُواً موضع استهزاء.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٧ الى ٥٩]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩)
٥٧- وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً:
بِآياتِ رَبِّهِ بالقرآن.
فَأَعْرَضَ عَنْها فلم يتذكر حين ذكر ولم يتدبر.
وَنَسِيَ عاقبة.
ما قَدَّمَتْ يَداهُ من الكفر والمعاصي.
فَلَنْ يَهْتَدُوا فلم يكون منهم اهتداء.
أَبَداً البتة.
٥٨- وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا:
الْغَفُورُ البليغ المغفرة.
ذُو الرَّحْمَةِ الموصوف بالرحمة.
بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ وهو يوم بدر.
لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا منجى ولا ملجأ.
٥٩- وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً:
وَتِلْكَ الْقُرى قرى الأولين من ثمود وقوم لوط وغيرهم، أشار لهم إليها ليعتبروا.
وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً وضربنا لاهلاكهم وقتا معلوما لا يتأخرون عنه.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦٠ الى ٦٣]

وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢) قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣)
٦٠- وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً:
لِفَتاهُ لعبده.
لا أَبْرَحُ لا أزال. وقد حذف الخبر، لأن الحال والكلام معا يدلان عليه، أما الحال فلأنها كانت حال السفر، وأما الكلام فلأن قوله حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ غاية مضروبة تستدعى ما هى غاية له، فلا بد أن يكون المعنى: لا أبرح أسير حتى أبلغ مجمع البحرين.
مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ المكان الذي وعد فيه موسى لقاء الخضر، عليهما السلام.
٦١- فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً:
نَسِيا حُوتَهُما أي نسيا تفقد أمره.
سَرَباً السرب: المسلك.
٦٢- فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً:
فَلَمَّا جاوَزا الموعد، وهو الصخرة.
هذا اشارة الى سيرهما وراء الصخرة.
نَصَباً تعبا.
٦٣- قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً:
أَرَأَيْتَ أخبرنى.
أَنْ أَذْكُرَهُ بدل من الهاء فى قوله أَنْسانِيهُ أي: وما أنسانى ذكره الا الشيطان.
عَجَباً ثانى مفعولى اتَّخَذَ يعنى: واتخذ سبيله سبيلا عجبا.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦٤ الى ٧٠]
قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨)
قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠)
٦٤- قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً:
ذلِكَ اشارة الى اتخاذه سبيلا.
ما كُنَّا نَبْغِ الذي كنا نطلب.
فَارْتَدَّا فرجعا فى أدراجهما.
قَصَصاً يقصان قصصا، أي يتبعان آثارهما اتباعا.
٦٥- فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً:
رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا هى الوحى والنبوة.
مِنْ لَدُنَّا مما يختص بنا من العلم، وهو الاخبار عن الغيوب.
٦٦- قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً:
رُشْداً مفعول ثان للفعل تُعَلِّمَنِ أي ما أبغيه من علم هاد.
٦٧- قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً:
لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً أي لا تطيق أن تصبر على ما تراه من علمى.
٦٨- وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً:
خُبْراً أي لم يحط به خبرك، بمعنى: لم تخبره.
٦٩- قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً:
وَلا أَعْصِي فى محل النصب عطف على صابِراً أي ستجدنى صابرا وغير عاص.
٧٠- قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً:
حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً أي حتى أكون أنا الذي أفسره لك.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٧١ الى ٧٦]

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١) قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤) قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٥)
قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (٧٦)
٧١- فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً:
فَانْطَلَقا على ساحل البحر يطلبان السفينة.
لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً أي عظيما.
٧٢- قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً:
أي انك لن تقوى على الصبر معى.
٧٣- قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً:
بِما نَسِيتُ بالذي نسيته. أو بنسياني. أي لا تؤاخذني بما تركت من وصيتك أول مرة.
وَلا تُرْهِقْنِي أي ولا تحمل على.
مِنْ أَمْرِي عُسْراً أي عسرا من أمرى ومشقة. أي لا تعسر على متابعتك ويسرها على بالإغضاء عما أسأل.
٧٤- فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً:
زَكِيَّةً طاهرة.
بِغَيْرِ نَفْسٍ أي لم تقتل نفسا لتقتص منها.
نُكْراً منكرا.
٧٥- قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً:
أي انك لن تستطيع الصبر معى.
٧٦- قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً:
بَعْدَها أي بعد هذه الكرة أو المسألة.
فَلا تُصاحِبْنِي فلا تقاربنى، وان طلبت صحبتك فلا تتابعنى على ذلك.
وقرىء: فلا تصحبنى، أي فلا تصحبنى ولا تجعلنى صاحبك.
مِنْ لَدُنِّي عُذْراً قد أعذرت.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٧٧ الى ٨٠]
فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (٧٧) قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠)
٧٧- فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً:
اسْتَطْعَما أَهْلَها طلبا منهم أن يطعموهما.
فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما أي امتنعوا أن يقبلوهما ضيفين.
يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ أي دانى وشارف أن يقع.
فَأَقامَهُ أي أقامه بعمود عمده اليه. وقيل: نقضه وبناه.
لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً لطلبت على عملك أجرا.
٧٨- قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً:
هذا اشارة الى السؤال الثالث، أي هذا الاعتراض سبب الفراق.
٧٩- أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً:
وَراءَهُمْ أمامهم.
٨٠- وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً:
أي خفنا أن يغشى الوالدين المؤمنين طغيانا عليهما، وكفرا لنعمتهما، بعقوقه وسوء صنيعه، ويلحق بهما شرا وبلاء.
أو يقرن بايمانهما طغيانه وكفره، فيجتمع فى بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر، أو يعديهما بدائه ويضلهما بضلاله فيرتدا بسببه ويطغيا ويكفرا بعد الايمان.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٨١ الى ٨٧]

فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢) وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (٨٣) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (٨٤) فَأَتْبَعَ سَبَباً (٨٥)
حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦) قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (٨٧)
٨١- فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً:
أَنْ يُبْدِلَهُما أي أن يرزقهما الله ولدا.
خَيْراً مِنْهُ زَكاةً أي دينا وصلاحا.
وَأَقْرَبَ رُحْماً رحمة.
٨٢- وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً:
رَحْمَةً مفعول له.
عَنْ أَمْرِي عن اجتهادي ورأيى، وانما فعلته بأمر الله.
٨٣- وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً:
عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ هو الإسكندر. ويقال ملك الدنيا مؤمنان ذو القرنين وسليمان.
٨٤- إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً:
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أي من أسباب كل شىء أراده من أغراضه ومقاصده.
سَبَباً طريقا موصلا.
٨٥- فَأَتْبَعَ سَبَباً:
يوصله.
٨٦- حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً:
فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ صارت فيها الحمأة، وهى الطينة السوداء.
وفى قراءة: حامية.
٨٧- قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً:
عَذاباً نُكْراً أي شديدا.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٨٨ الى ٩٤]
وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً (٨٨) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٨٩) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً (٩٠) كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً (٩١) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٩٢)
حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (٩٣) قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤)
٨٨- وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً:
وَعَمِلَ صالِحاً ما يقتضيه الايمان.
فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى أي فله أن يجازى المثوبة الحسنى، أو فله جزاء الفعلة الحسنى التي هى كلمة الشهادة.
مِنْ أَمْرِنا يُسْراً أي لا نأمره بالصعب الشاق ولكن بالسهل المتيسر من الزكاة والخراج.
٨٩- ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً:
يوصله.
٩٠- حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً:
سِتْراً أي لباسا.
٩١- كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً:
كَذلِكَ أي أمر ذى القرنين كذلك، أي كما وصفناه.
وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ من الجنود والآلات وأسباب الملك.
خُبْراً علما.
٩٢- ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً:
يوصله.
٩٣- حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا:
بَيْنَ السَّدَّيْنِ بين الجبلين، وهما جبلان سد ذو القرنين ما بينهما.
٩٤- قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا:
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ هما جيلان من الناس.
خَرْجاً جعلا.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٩٥ الى ٩٨]
قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (٩٥) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (٩٦) فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً (٩٧) قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨)
٩٥- قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً:
ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ما جعلنى فيه مكينا من كثرة المال واليسار خير مما تبذلون لى من الخراج فلا حاجة بي اليه.
رَدْماً حاجزا حصينا موثقا.
٩٦- آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً:
زُبَرَ الْحَدِيدِ قطع الحديد.
حَتَّى إِذا ساوى يعنى البناء، فحذف لقوة الكلام عليه.
بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ الصدفان: جانبا الجبل.
قِطْراً القطر: الرصاص المذاب.
٩٧- فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً:
أَنْ يَظْهَرُوهُ أن يعلوه. أي لا حيلة لهم من صعوده لارتفاعه وانملاسه، ولا نقب لصلابته وثخانته.
٩٨- قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا:
هذا اشارة الى السد، أي هذا السد نعمة من الله.
رَحْمَةٌ على عباده.
فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي أي إذا دنا مجىء يوم القيامة وشارف أن يأتى.
جَعَلَهُ دَكَّاءَ أي جعل السد مدكوكا مبسوطا مسوى بالأرض.
وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا آخر حكاية ذى القرنين.

[سورة الكهف (١٨) : آية ٩٩]

وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (٩٩)
٩٩- وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً:
وَتَرَكْنا وجعلنا.
بَعْضَهُمْ بعض الخلق.
يَمُوجُ فِي بَعْضٍ أي يضطربون ويختلطون.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٠٠ الى ١٠٥]
وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (١٠٠) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً (١٠٢) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (١٠٤)
أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥)
١٠٠- وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً:
وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ وبرزناها لهم فرأوها وشاهدوها.
١٠١- الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً:
عَنْ ذِكْرِي عن آياتي.
وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً وكانوا صما عنه.
١٠٢- أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا:
عِبادِي أي الملائكة.
مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ يتولونهم من دونى ولا أعاقبهم، ففى الكلام حذف.
نُزُلًا مقرا ومكان نزول.
١٠٣- قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا:
بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا أشد الناس خسرانا لأعمالهم.
١٠٤- الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً:
ضَلَّ سَعْيُهُمْ ضاع وبطل.
١٠٥- أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً:
فَلا نُقِيمُ لَهُمْ فنزدرى بهم ولا يكون لهم عندنا وزن ومقدار.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٠٦ الى ١١٠]
ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً (١٠٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨) قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠)
١٠٦- ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً:
ذلِكَ اشارة الى ذلك الوزن.
١٠٧- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا:
نُزُلًا مقاما.
١٠٨- خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا:
حِوَلًا تحولا.
١٠٩- قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً:
الْبَحْرُ المراد الجنس.
مِداداً المداد: اسم ما تمد به الدواة من البحر.
مَدَداً تمييز، والمدد: المداد.
١١٠- قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً:
فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فمن كان يؤمل حسن لقاء ربه، وأن يلقاه لقاء رضاء وقبول.
Icon