تفسير سورة الكهف

روح البيان
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

المتابعة والاسوة الحسنة (وابتغ بين ذلك سبيلا) وهو اظهار الفرائض بالجماعات فى المساجد وإخفاء النوافل وحدانا فى البيوت (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) فيكون كمال عنايته وعواطف إحسانه مخصوصا بولده ويحرم عباده معه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فيكون ما نعاله من إصابة الخير الى عباده وأوليائه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فيكون محتاجا اليه فينعم عليه دون ما استغنى عنه بل أولياؤه الذين آمنوا وجاهدوا فى الله حق جهاده وكبروا الله وعظموه بالمحبة والطلب والعبودية وهو معنى قوله وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً انتهى [علم الهدى فرموده كه حق سبحانه دوست نكيرد تا بمدد ايشان از دل بعز رسد بلكه دوست كيرد تا بلطف وى از حضيض مذلت تا باوج عزت ترقى كند] كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وهذه الولاية عامة مشتركة بين جميع المؤمنين وترقيهم من الجهل الى العلم وقال تعالى أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وهذه الولاية خاصة بالواصلين الى الله من اهل السلوك وترقيهم من العلم الى العين ومن العين الى الحق قال فى شرح الحكم العطائية ان عباد الله المخلصين قسمان قوم أقامهم الحق لخدمته وهم العباد والزهاد واهل الأعمال والأوراد وقوم خصهم بمحبته وهم اهل المحبة والوداد والصفاء واتباع المراد وكل فى خدمته وتحت طاعته وحرمته إذ كلهم قاصد وجهه ومتوجه اليه قال الله تعالى كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وهذا عام فى كل طريق وظاهر فى كل فريق وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً فيحجر او يحصر فى نوع واحد او صفة واحدة وقد قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه الزاهد صيد الحق من الدنيا والعارف صيد الحق من الجنة وقال ابو يزيد البسطامي قدس سره اطلع الله سبحانه الى قلوب أوليائه فمنهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة فشغلهم بالعبادة: قال الحافظ
درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم
تمت سورة الاسراء فى اوسط جمادى الاولى من سنة خمس ومائة والف
تفسير سورة الكهف
وهى مائة واحدي عشرة آية مكية وقيل الا قوله واصبر نفسك الآية بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ اللام للاستحقاق اى هو المستحق للمدح والثناء والشكر كله لان كل وجود شىء نعمة من نعمه فلا منعم الا هو قال القيصري رحمه الله الحمد قولى وفعلى وحالى اما القولى فحمد اللسان وثناؤه عليه بما اثنى به الحق على نفسه على لسان أنبيائه عليهم السلام واما الفعلى فهو الإتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله تعالى وتوجها الى جنابه الكريم لان الحمد كما يجب على الإنسان باللسان كذلك يجب عليه بحسب مقابلة كل عضو بل على كل عضو كالشكر وعند كل حال من الأحوال كما قال النبي عليه السلام (الحمد لله على كل حال) وذلك لا يمكن الا باستعمال كل عضو فيما خلق لاجله على الوجه المشروع عبادة للحق تعالى وانقيادا لامره لا طلبا لحظوظ النفس ومرضاتها واما الحالي فهو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والعملية والتخلق بالأخلاق الالهية لان الناس مأمورون بالتخلق
فقال وا حزناه فقالت قل وا قلة حزناه فانك لو كنت حزينا ما هنأك العيش وعن داود عليه السلام قال الهى أمرتني ان اطهر قلبى فبماذا اطهر قال يا داود بالهموم والغموم: قال الحافظ
روى زردست وآه درد آلود عاشقانرا دواى رنجورى
اللهم منّ على قلبى بهمك إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ من الحيوان والنبات والمعدن زِينَةً لَها ولاهلها قال فى التأويلات النجمية اى زينا الدنيا وشهواتها للخلق ملاءمة لطباعهم وجعلناها محل ابتلاء لِنَبْلُوَهُمْ لنعاملهم معاملة من يختبر حتى يظهر أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فى ترك الدنيا ومخالفة هوى نفسه طلبا لله ومرضاته وأيهم أقبح عملا فى الاعراض عن الله وما عنده من الباقيات الصالحات والإقبال على الدنيا وما فيها من الفانيات الفاسدات قال فى الإرشاد اى استفهامية مرفوعة بالابتداء واحسن خبرها وعملا تمييز والجملة فى محل النصب معلقة لفعل البلوى لما فيه من معنى العلم باعتبار عاقبته قال الكاشفى [محققان برانند كى مااى فى ما على الأرض بمعنى من است ومراد انبيا يا علما يا حفظه قرآن كه زينت زمين ايشانند وجمعى كويند آرايش زمين برجال الله است از آن روى كه قيام عالم بوجود شريف ايشان باز بسته است]
روى زمين بطلعت ايشان منور است چون آسمان بزهره وخورشيد ومشترى
وَإِنَّا لَجاعِلُونَ فيما سيأتى عند تناهى عمر الدنيا ما عَلَيْها صَعِيداً ترابا جُرُزاً لا نبات فيه وسنة جرز لا مطر فيها قال الكاشفى [صعيدا جرزا هامون وبي كياه يعنى بآخر اين عمارتها را خراب خواهيم ساخت پس دل بر آن منهيد وبزينت ناپايدار فريفته مشويد]
جهان از رنك وبو سازد اسيرت ولى نزديك ارباب بصيرت
نه رنك دلكشش را اعتباريست نه بوى دلفريبش را مداريست
قال بعض الكبار صعيدا جرزا لا حاصل له الا الندامة والغرامة فالناسك السالك والطالب الصادق والمحب المحق من يحرم على نفسه الدنيا وزينتها حرامها وحلالها وهى ما زين للناس كما قال زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الى قوله ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا لان مع حب الله لا يسوغ حب الدنيا وشهواتها بل حب الآخرة ودرجاتها- حكى- انه كان لهارون الرشيد ولد فى سن ست عشرة سنة فزهد فى الدنيا واختار العباء على القباء فمر يوما على الرشيد وحوله وزراؤه فقالوا لقد فضح هذا الولد امير المؤمنين بين الملوك بهذه الهيئة فدعاه هارون الرشيد وقال يا بنى لقد فضحتنى بحالك فلم يجبه الولد ثم التفت فرأى طيرا على حائط فقال ايها الطائر بحق خالقك ألا جئت على يدى فقعد الطائر على يده ثم قال ارجع الى مكانك فرجع ثم دعاه الى يد امير المؤمنين فلم يأت فقال لابيه بل أنت فضحتنى بين الأولياء بحبك للدنيا وقد عزمت على مفارقتك ثم انه خرج من بلده ولم يأخذ الا خاتما ومصحفا ودخل البصرة وكان يعمل يوم السبت فى الطين ولا يأخذ الا درهما ودانقا للقوت قال ابو عامر البصري استأجرته يوما فعمل عمل عشرة وكان يأخذ كفا من الطين ويضعه على الحائط ويركب الحجارة بعضها على بعض فقلت هذا فعال الأولياء فانهم معانون ثم طلبته يوما فوجدته مريضا فى خربة فقال
خاطرت كى رقم فيض پذيرد هيهات مكر از نقش پراكنده ورق ساده كنى
وان كان اصحاب الكهف آووا الى الكهف خوفا من لقاء دقيانوس وفرارا فانهم آووا الى كهف الخلوة شوقا الى لقائى وفرارا الى: قال الحافظ
شكر كمال حلاوت پس از رياضت يافت نخست در شكن تنك از ان مكان كيرد
وان كان مرادهم من قولهم رَبَّنا آتِنا الآية النجاة من شر دقيانوس والخروج من الغار بالسلامة فمراد هؤلاء القوم النجاة من شر نفوسهم والخروج من ظلمات غار الوجود للوصول الى أنوار جمالى وجلالى: قال الحافظ
مددى كر بچراغى نكند آتش طور چاره تيره شب وادي ايمن چهـ كنم
وبقوله فَضَرَبْنا الآية يشير الى سد آذان ظاهر اصحاب الخلوة وآذان باطنهم لئلا يقرع مسامعهم كلام الخلق فتنقش الواح قلوبهم به وكذلك ينعزل جميع حواسهم عن نقش قلوبهم ثم انهم يمحون النقوش السابقة عن القلوب بملازمة استعمال كلمة الطلاسة وهى كلمة لا اله الا الله حتى تصفو قلوبهم بنفي لا اله عما سوى الله وبإثبات الا الله تتنور قلوبهم بنور الله وتنتقش بنور العلوم اللدنية الى ان يتجلى تبارك وتعالى لقلوبهم بذاته وجميع صفاته ليفنيهم الله عنهم ويبقيهم به وهو سر قوله ثُمَّ بَعَثْناهُمْ اى احييناهم بنا لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ اى حزب اصحاب الكهف وحزب اصحاب الخلوة احصى اى اخطأ وأصوب لما لبثوا فى كهفهم وبيت خلوتهم أمدا غاية لبثهم نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ اى نخبرك ونبين لك وقد مر اشتقاقه فى مطلع سورة يوسف نَبَأَهُمْ اى خبر اصحاب الكهف والرقيم بِالْحَقِّ صفة لمصدر محذوف اى نقص قصا ملتبسا بالحق والصدق وفيه اشارة الى ان القصاص كثيرا يقصون بالباطل ويزيدون وينقصون ويغيرون القصة كل واحد يعمل برأيه موافقا لطبعه وهواه وما يقص بالحق الا الله تعالى إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ [شبان] آمَنُوا بِرَبِّهِمْ قال فى التكملة سبب ايمانهم ان حواريا من حواريى عيسى عليه السلام أراد ان يدخل مدنيتهم فقيل له ان على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له فامتنع من دخولها وأتى حماما كان قريبا من تلك المدينة فآجر نفسه فيه فكان يعمل فيه فتعلق به فتية من اهل المدينة فجعل يخبرهم خبر السماء وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه ثم هرب الحوارى بسبب ابن الملك أراد دخول الحمام بامرأة فنهاه الحوارى فانتهره فلما دخل مع المرأة ماتا فى الحمام فطلبه الملك لما قيل له انه قتل ابنك فهرب ثم قال الملك من كان يصحبه فسموا الفتية فهربوا الى الكهف يقول الفقير الظاهر ان ايمانهم كان بالإلهام الملكوتي والانجذاب اللاهوتى من غير دليل يدلهم على ذلك كما يشير اليه كلام التأويلات وسيأتى واختلف فيهم متى كانوا فروى بعض الناس انهم كانوا قبل عيسى ابن مريم وان عيسى اخبر قومه خبرهم وان بعثهم من نومهم كان بعد رفع عيسى فى الفترة بينه وبين محمد عليهما السلام وروى بعضهم ان أمرهم كان بعد عيسى وانهم كانوا على دين عيسى قال الطبري وعليه اكثر العلماء وَزِدْناهُمْ [وبيفزوديم ايشانرا] هُدىً بان ثبتناهم على الدين الحق وأظهرنا لهم مكنونات محاسنه وفى التأويلات النجمية سماهم باسم الفتوة لانهم آمنوا
ألا ترى انه عليه السلام مع غلبة الملكية عليه لما رأى جبرائيل على صورته العجيبة وقد سد بأجنحته ما بين المشرق والمغرب خر مغشيا عليه مع ان فى النظر إليهم ابتذالا لهم بالنسبة الى من ليس من اهله وقد جرت عادة الله تعالى على ستر المعاني فى الدنيا والصور فى البرزخ الذي هو مقدمة عالم الآخرة فكما لا يشاهد الروح وهو فى البرزخ لكون حس الرائي حجابا مانعا كذلك الجسد الطاهر الطيب المقدس لكونه متصلا بمقام الروح ولذا لا تأكله الأرض فافهم- حكى- ان صوفيا رأى وليا من اولياء الله تعالى راكبا لاسد وبيده حية بدل السوط فلما شاهده هلك من هيبة المقام خام را طاقة پروانه پر سوخته نيست وَكَذلِكَ قال الكاشفى [چون دقيانوس در غار بر ايشان استوار كرده باز كشت وبدار الملك باز آمدند كه زمانى را باد أجل بناى حياتش درهم فكند وآن همه ملك ومال وجلال متلاشى كشت]
دمى چند بشمرد وناچيز شد زمانه بخنديد كونيز شد
[وبعد از و چند مالك ديكر بر آن ممالك نظر كرد تا نوبت ملك صالح تندروس وكويند تندروسى رسيد واو مردى مؤمن وخداى ترس بود واكثر اهل زمان او را در حشر جسد شبهه افتاد ومنكران شدند هر چند ملك ايشانرا پند داد سود نكرد حق سبحانه وتعالى خواست كه دليل بر حشر جسد بر ايشان نمايد اصحاب كهف را از خواب بيدار كرد چنانچهـ كفت] وَكَذلِكَ اى كما أنمناهم تلك الانامة الطويلة وحفظنا أجسادهم وثيابهم من البلى والتحلل آية دالة على كمال قدرتنا بَعَثْناهُمْ اى أيقظناهم من النوم لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ اى ليسأل بعضهم بعضا فيترتب عليه ما فصل من الحكم البالغة قالَ استئناف لبيان تسألهم قائِلٌ مِنْهُمْ هو رئيسهم مكشليينا وفى بحر العلوم مكسلمينا كَمْ [چند وقت] لَبِثْتُمْ فى منامكم لعله قال لما رأى من مخالفة حالهم لما هو المعتاد فى الجملة قالُوا اى بعضهم لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قيل انما قالوه لما انهم دخلوا الكهف غدوة وكان انتباههم آخر النهار فقالوا لبثنا يوما فلما رأوا ان الشمس لم تغرب بعد قالوا او بعض يوم وكان ذلك بناء على الظن الغالب فلم ينسبوا الى الكذب وقال الكاشفى [ايشان بامداد بغار بر آمده بودند چون در نكريستند آفتاب بوقت چاشت رسيده ديدند قالوا لبثنا كفتند درنك كرديم اينجا يوما روزى اگر دى روز در خواب شده باشيم او بعض يوم يا پاره از روز اگر درين روز خفته باشيم] يقول الفقير هذا اولى مما قبله لان قوله فابعثوا أحدكم بورقكم يدل على بقاء ما يسع فيه الذهاب والإياب من النهار بخلاف ما لو كان الوقت قبيل الغروب إذ يبعد البعث المذكور فيه لعدم إمكان العود عادة لمكان المسافة بين الكهف والمدينة قالُوا اى بعض آخر منهم بما سنح لهم من الادلة او بالهام من الله وقال الكاشفى [پس چون ناخنان خود را باليده ومويهاى سر را دراز يافتند كفتند بعضى از ايشان بعضى ديكريرا] رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ اى أنتم لا تعلمون مدة لبثكم لانها متطاولة ومقدارها مبهم وانما يعلمها الله تعالى وبه يتحقق التحزب
ان شاء الله ويخرجون من بيعتك ولا يكون فى عنقهم حنث فقال امير المؤمنين لاعوانه خذوا هذا يعنى محمد بن إسحاق فاخذوه وجعلوا رداءه فى عنقه وحبسوه
ملزم آمد محمد إسحاق مبتلا شد بنقيض اطلاق
وفيه تعظيم امام الملة قائل الحق بغير العلة وَلَبِثُوا اى الفتية وهو بيان لا جمال قوله فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً فِي كَهْفِهِمْ احياء نياما ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ عطف بيان لثلاثمائة لا تمييز والا لكان اقل مدة لبثهم عند الخليل ستمائة سنة لان اقل الجمع عنده اثنان وعند غيره تسعمائة لان اقله ثلاثة عندهم هذا على قراءة مائة بالتنوين واما على قراءة الاضافة فاقيم الجمع مقام المفرد لان حق المائة ان يضاف الى المفرد وجه ذلك ان المفرد فى ثلاثمائة درهم فى المعنى جمع فحسن إضافته الى لفظ الجمع كما فى الأخسرين أعمالا فانه ميز بالجمع وحقه المفرد نظرا الى مميزه وَازْدَادُوا تِسْعاً اى تسع سنين وهو اشارة الى ان ذلك الحساب على اعتقاد اهل الكتاب شمسى واما عند العرب فهو قمرى والقمري يزيد على الشمسى تسعا لان التفاوت بينهما فى كل مائة سنة ثلاث سنين ولذلك قال وازدادوا تسعا هو مفعول ازدادوا والسنة الشمسية مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم والسنة القمرية اثنا عشر شهرا قمريا ومدتها ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وثلث يوم قال الكاشفى [وبتحقيق سيصد سال شمسى سيصد ونه سال قمرى ودو ماه نوازده روز باشد] قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا قال البغوي ان الأمر فى مدة لبثهم كما ذكرنا فان نازعوك فيها فاجبهم وقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا اى بالزمان الذي لبثوا فيه لان علم الخفيات مختص به ولذلك قال لَهُ خاصة غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما غاب عن اهل الأرض أَبْصِرْ بِهِ [چهـ بيناست خداى تعالى بهر موجودى] وَأَسْمِعْ [و چهـ شنواست بهر مسموعى] قال الشيخ فى تفسيره الضمير فى به لله محله رفع لكونه فاعلا لفعل التعجب والباء زائدة والهمزة فى الفعلين للصيرورة أصله بصر الله وسمع ثم غير الى لفظ الأمر وليس بامر إذ لا معنى للامر هنا ومعناه ما ابصر الله بكل موجود وما أسمعه لكل مسموع وصيغة التعجب ليست على حقيقتها لاستحالته على الله بل للدلالة على ان شأن علمه بالمبصرات والمسموعات خارج عما عليه ادراك المدركين لا يحجبه شىء ولا يحول دونه حائل ولا يتفاوت بالنسبة اليه اللطيف والكثيف والصغير والكبير والخفي والجلى ولعل تقديم امر ابصاره تعالى لما ان الذي نحن بصدده من قبيل المبصرات قال فى التأويلات النجمية أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ اى هو البصير بكل موجود وهو السميع بكل مسموع فيه ابصر وبه اسمع انتهى قال القيصري رحمه الله سمعه تعالى عبارة عن تجليه بعلمه المتعلق بحقيقة الكلام الذاتي فى مقام جمع الجمع والاعيانى فى مقام الجمع والتفصيل ظاهرا وباطنا لا بطريق الشهود وبصره عبارة عن تجليه وتعلق علمه بالحقائق على طريق الشهود وكلامه عبارة عن التجلي الحاصل من تعلق الارادة والقدرة لاظهار ما فى الغيب وإيجاده قال تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً الآية ما لَهُمْ اى لاهل السموات والأرض مِنْ دُونِهِ
الضمير للدلالة على ان الاجر انما يستحق بالعمل دون العلم إذ به يستحق ارتفاع الدرجات والشرف والرتب كما فى الحديث القدسي (ادخلوا الجنة بفضلي واقتسموها بأعمالكم) وعن البراء ابن عازب رضى الله عنه قال قام أعرابي الى النبي ﷺ فى حجة الوداع والنبي واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال انى رجل متعلم فخبرنى عن قول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا الآية فقال عليه السلام (يا أعرابي ما أنت منهم بعيد وما هم عنك ببعيدهم هؤلاء الاربعة الذين هم وقوف معى أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم فاعلم قومك ان هذه الآية نزلت فى هؤلاء الاربعة) ذكره الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام أُولئِكَ المنعوتون بالنعت الجليل لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ قال الامام العدن فى اللغة الاقامة فيجوز ان يكون المعنى أولئك لهم جنات اقامة كما يقال هذه دار اقامة ويجوز ان يكون العدن اسما لموضع معين من الجنة وهو وسطها واشرف مكان وقوله جنات لفظ جمع فيمكن ان يكون المراد ما قاله تعالى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ثم قال وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ويمكن ان يكون نصيب كل واحد من المكلفين جنة على حدة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ الاربعة من الخمر واللبن والعسل والماء العذب وذلك لان أفضل البساتين فى الدنيا البساتين التي تجرى فيها الأنهار يُحَلَّوْنَ فِيها اى فى تلك الجنات من حليت المرأة إذا لبست الحلي وهى ما تتحلى به من ذهب وفضة وغير ذلك من الجوهر والتحلية [پيرايه بر كردن] قال الكاشفى [پيرايه بسته شوند در ان بوستانها] مِنْ أَساوِرَ من ابتدائية وأساور جمع اسورة وهى جمع سوار بالفارسية [دستوان] مِنْ ذَهَبٍ من بيانية صفة لاساور وتنكيرها لتعظيم حسنها وتبعيده من الا حالة به قال فى بحر العلوم وتنكير أساور للتكثير والتعظيم عن سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة أساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من لؤلؤ وياقوت فهم يسورون بالأجناس الثلاثة على المعاقبة او على الجمع كما تفعله نساء الدنيا ويجمعن بين انواع الحلي قال بعض الكبار اى يتزينون بانواع الحلي من حقائق التوحيد الذاتي ومعانى التجليات العينية الاحدية فالذهبيات هى الذاتيات والفضيات هى الصفات النوريات كما قال وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً [جامهاى سبز] وذلك لان الخضرة احسن الألوان وأكثرها طراوة وأحبها الى الله تعالى مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مارق من الديباج وما غلظ منه والديباج الثوب الذي سداه ولحمته إبريسم وإستبرق ليس باستفعل من البرق كما زعمه بعض الناس بل معرب استبره جمع بين النوعين للدلالة على ان لبسهما مما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين اعلم ان لباس اهل الدنيا اما لباس التحلي واما لباس الستر فاما لباس التحلي فقال تعالى فى صفته يُحَلَّوْنَ الآية واما لباس الستر فقال تعالى فى صفته وَيَلْبَسُونَ الآية فان قيل ما السبب فى انه تعالى قال فى الحلي يحلون على فعل ما لم يسم فاعله والمحلى هو الله او الملائكة وقال فى السندس والإستبرق ويلبسون بإسناد اللبس إليهم قلنا يحتمل ان يكون اللبس اشارة الى ما استوجبوه بعلمهم بمقتضى الوعد الإلهي وان يكون الحلي اشارة الى ما تفضل الله به عليهم تفضلا زائدا على مقدار الوعد وايضا فيه إيذان بكرامتهم وبيان ان غيرهم يفعل بهم ذلك ويزينهم به بخلاف اللبس فانه يتعاطاه بنفسه شريفا وحقيرا
ولم يدران ذلك استدراج. يعنى [مقتضاى استحقاق من آنست كه فردا بهشت بمن دهد چنانچهـ امروز اين باغ بمن داده] فقول من قال انه كريم رحيم يعطينى فى الآخرة خيرا مما أعطاني فى الدنيا وهو مخالف لا وامره ونواهيه غاية الغرور بالله تعالى كما قال يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الى قوله وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ
آتشى خوش بر فروزيم از كرم تا نماند جرم وزلت بيش وكم
قالَ لَهُ صاحِبُهُ اى اخوه المؤمن وهو استئناف كما سبق وَهُوَ يُحاوِرُهُ اى والحال ان القائل يخاطبه ويجادله: قال فى الإرشاد وفائدة هذه الجملة الحالية التنبيه من الأمر الاول على ان ما يتلوه كلام معتنى بشأنه مسوق للمحاورة أَكَفَرْتَ حيث قلت ما أظن الساعة قائمة فانه شك فى صفات الله وقدرته بِالَّذِي خَلَقَكَ اى فى ضمن خلق أصلك آدم عليه السلام مِنْ تُرابٍ فانه متضمن بخلقه منه إذ هو أنموذج مشتمل اجمالا على جميع افراد الجنس وهمزة الاستفهام للتقرير والإمكان بمعنى ما كان ينبغى ان تكفر ولم كفرت بمن او جدك من تراب اولا ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ اى من منى فى رحم أمك ثانيا وهى مادتك القريبة ثُمَّ سَوَّاكَ جعلك معتدل الخلق والقامة حال كونك رَجُلًا إنسانا ذكرا بالغا مبلغ الرجال قال فى القاموس الرجل بضم الجيم وسكونها معروف او انما هو إذا احتلم وشب لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي أصله لكن انا فحذفت الهمزة بنقل حركتها الى نون لكن او بدون نقل على خلاف القياس فتلاقت النونان فكان الإدغام اثبت جميع القراء الفها فى الوقف وحذفوها فى الوصل غير ابن عامر فانه أثبتها فى الوصل ايضا لتعويضها من الهمزة او لاجراء الوصل مجرى الوقف وهو ضمير الشأن مبتدأ خبره الله ربى وتلك الجملة خبر انا والعائد منها اليه ياء الضمير فى ربى والاستدراك من قوله أكفرت كأنه قال لاخيه أنت كافر بالله لكنى مؤمن موحد فوقع لكن بين جملتين مختلفتين فى النفي والإثبات وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً فيه إيذان بان كفره كان بطريق الإشراك وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ وهلا قلت عند دخول جنتك ما شاءَ اللَّهُ ما موصولة خبر مبتدأ محذوف اى الأمر ما شاء الله واللام فى الأمر للاستغراق والمراد تحضيضه على الاعتراف بانها وما فيها بمشيئة الله تعالى ان شاء أبقاها على حالها عامرة وان شاء أفناها وجعلها خربة لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ اى هلا قلت ذلك اعترافا بعجزك وبان ما تيسر لك من عمارتها وتدبيرها انما هو بمعونته تعالى وأقداره وفى الحديث (من رأى شيأ فاعجبه فقال ما شاء الله لا قوة الا بالله) لم تضره العين وفى الحديث (من رأى أحدا اعطى خيرا من اهل او مال فقال عنده ما شاء الله لا قوة الا بالله لم يرفيه مكروها) وفسر النبي عليه السلام معنى لا حول ولا قوة الا بالله فقال (لا حول تحول عن معاصى الله الا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله الا بالله) وروى (انها دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهمّ) إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً أصله ان ترنى والرؤية اما بصرية فاقل حال واما علمية فهو مفعول ثان والاول ياء المتكلم المحذوفة وانا على التقديرين تأكيد للياء فَعَسى لعل رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ أصله يؤتيننى خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ هذه فى الآخرة بسبب إيماني لان الجنة الدنيوية فانية والاخروية باقية والجملة جواب الشرط وَيُرْسِلَ عَلَيْها على جنتك فى الدنيا حُسْباناً مِنَ السَّماءِ عذابا يرميها
آن ندامت از نتيجه رنج بود نى ز عقل روشن چون كنج بود «١»
چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم مى نيرزد خاك آن توبه ندم
ميكند او توبه و؟ پير؟ خرد بانك لو ردوا لعادوا ميزند
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ جماعة يَنْصُرُونَهُ يقدرون على نصره بدفع الهلاك او على رد المهلك والإتيان بمثله مِنْ دُونِ اللَّهِ فانه القادر وحده على نصره بذلك لا غير لكنه لا ينصره لاستحقاقه الخذلان بكفره ومعاصيه وَما كانَ مُنْتَصِراً ممتنعا بقوته عن انتقامه سبحانه هُنالِكَ اى فى ذلك المقام وتلك الحال [در وقت زوال نعمت] الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ اى النصرة له تعالى وحده لا يقدر عليها أحد وهو تقرير لقوله تعالى وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ او ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة وينتقم لهم كما نصر بما فعل بالكافر أخاه المؤمن وحقق ظنه وترك عدوه مخذولا مقهورا ويؤيده قوله تعالى هُوَ اى الله تعالى خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً بمعنى العاقبة اى لاوليائه قال سعدى المفتى وعقبى يشمل العاقبة الدنيوية ايضا كما لا يخفى قال فى الجلالين أفضل ثوابا ممن يرجى ثوابه وعاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره واعلم ان هذه القصة مشتملة على فوائد كثيرة وأعظمها ان التوحيد وترك الدنيا سبب للنجاة فى الدارين والشرك وحب الدنيا سبب للهلاك فيهما وعن وهب بن منبه انه قال جمع عالم من علماء بنى إسرائيل سبعين صندوقا من كتب العلم كل صندوق سبعون ذراعا فاوحى الله تعالى الى نبى ذلك الزمان ان قل لهذا العالم لا تنفعك هذه العلوم وان جمعت أضعافا مضاعفة مادام معك ثلاث خصال حب الدنيا ومرافقة الشيطان وإيذاء مسلم وذلك ان فرعون علم نبوة موسى عليه السلام ولكن منعه حب الدنيا والرياسة عن المتابعة فلم ينفعه علمه المجرد وكذا علم إبليس حال آدم عليه السلام واليهود حال نبينا ﷺ وما سعدوا بمجرد علمهم وما وجدوا خير عاقبة ولو عملوا بما وعظوا لنجوا وفى المثنوى
كر چهـ ناصح را بود صد داعيه پند را اذنى ببايد واعيه «٢»
تو بصد تلطيف پندش مى دهى او ز پندت ميكند پهلو تهى
يك كس نا مستمع ز استيز ورد صد كس كوينده را عاجز كند
ز انبيا ناصح تر وخوش لهجه تر كى بود كه رفت دمشان در حجر
ز انكه كوه وسنك در كار آمدند مى نشد بدبخت را بگشاده بند
آنچنان دلها كه بدشان وما ومن نعتشان شد بل أشد قسوة
ألا يرى لم ينجع فيه وعظ أخيه المسلم لزيادة قسوة قلبه فآلت عاقبته الى الندامة وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا اى اذكر لقومك وبين ما يشبهها فى زهرتها ونضارتها وسرعة زوالها لئلا يطمئنوا ولا يعكفوا عليها ولا يعرضوا عن الآخرة بالكلية كَماءٍ استئناف لبيان المثل اى هى كماء أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ [از سحاب يا از جانب سما] ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء وحده بل بمجموع ما فى حيز الاداة فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ التف
(١) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عهد كردن أحمق وقت كرفتارى إلخ
(٢) در اواسط دفتر پنجم در بيان قصه اهل ضروان وحسد ايشان بر درويشان كه پدر ما از سليمى اغلب دخلى باغ را مسكينان مى داد إلخ
249
وتكاثف بسببه حتى خالط بعضه بعضا يعنى [قوت كرفت ونشو ونماى خود بكمال رسانيد وزمين بدو تازه وخرم شد] فَأَصْبَحَ فصار ذلك النبات الملتف اثر بهجته هَشِيماً مهشوما مكسورا ليبسه من الهشم وهو كسر الشيء الرخو تَذْرُوهُ الرِّياحُ تحمله وتفرقه يقال ذرت الريح الشيء وأذرته وذرته اطارته وأذهبته وذرا هو بنفسه والحنطة نقاها فى الريح كما فى القاموس وهذه الآية مختصرة من قوله إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ الآية قال الكاشفى [همچنين آدمي بزندكى وتازكى كه دارد خوش بر آيد همچنين كه نامه عمر از عنفوان بپايان رسد مقتضى أجل در آمده نهال نهاد او را بصر صرفنا خشك سازد وخرمنهاى از وآرزو را بباد نيستى بر دهد]
بهار عمر بسى دلفريب ورنكينست ولى چهـ سود كه دارد خزان مرك از پى
وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الإنشاء والإبقاء والافناء وغير ذلك مُقْتَدِراً قادرا على الكمال لا يعجزه شىء فعلى العاقل ان لا يغتر بالحياة الدنيا فانها فانية ولو طالت مدتها وزائلة ولو أعجبت زينتها: قال الشيخ سعدى قدس سره
چوشيبت در آمد بروى شباب شبت روز شد ديده بر كن ز خواب
دريغا كه بگذشت عمر عزيز بخواهد كذشت اين دمى چند نيز
فرو رفت جم را يكى نازنين كفن كرد چون كرمش ابريشمين
بدخمه در آمد پس از چند روز كه بر وى بگريد بزارى وسوز
چو پوشيده ديدش حرير كفن بفكرت چنين كفت با خويشتن
من از كرم بر كنده بودم بزور بكندند از وباز كرمان كور
دريغا كه بي ما بسى روزكار برويد كل وبشكفد نو بهار
واعلم ان الذي أدركته العناية الازلية بعد تعلق الروح بالجسد كتعلق الماء بالأرض فيبعث الله اليه دهقانا من دهاقين الأولياء والأنبياء ومعه بذر الايمان والتوحيد ليلقيه بيد الدعوة وتبليغ الرسالة فى ارض نفسه فيقع منها فى تربة طيبة وهى القلب كما ضرب الله تعالى مثلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وكقوله وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ فينبت عن بذر التوحيد وهى كلمة لا اله الا الله شجرة الايمان بماء الشريعة فيعلوبه الروح من أسفل سافلين الانسانية الى أعلى درجات الروحانية واقرب منازل قربات الربانية كقوله تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ والله تعالى قادر على ان يخذله وينفيه فى أسفل سافلين الجسمانية الحيوانية ليصير الروح العلوي كالانعام بل هو أضل وعلى ان يجذبه بجذبات العناية الى أعلى عليين مراتب القرب ليكون مسجودا لملائكة المقربين: قال المولى الجامى سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند نسأل الله تعالى ان يجذبنا بسلاسل محبته ويجعلنا من اهل طاعته وقربته قال وهب رأيت فى بعض الكتب الدنيا غنيمة الا كياس وغفلة الجهال فالانبياء والأولياء صلوات الله عليهم كانوا فى الدنيا ولم يلتفتوا إليها ولم يرغبوا فيها قالوا ليس كل من دخل المحبس يكون محبوسا
250
فيه بل ربما دخله لا خراج المحبوس واستنقاذ المأسور فالنفوس النبوية ومن يتبعها انما وردت الى عالم الكون والفساد لاستنقاذ النفوس المحبوسة المأسورة فكما ان المحبوس إذا اتبع ذلك الداخل خرج ونجا فكذلك من اتبع الأنبياء فى سننهم ومناهجهم خرج ونجا الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا الزينة مصدر فى الأصل اطلق على المفعول مبالغة كأنهما نفس الزينة والمعنى ان ما يفتخر به الناس لا سيما رؤساء العرب من المال والبنين شىء يتزينون به فى الحياة الدنيا ويفنى عنهم عن قريب. وبالفارسية [مال و پسران آرايش زندكانئ دنيا آمدند توشه راه معاد چهـ باندك زمانى تلف وهدف زوال خواهد شد] وفى المثنوى
همچنين دنيا اگر چهـ خوش شكفت بانك هم زد بيوفايئ خويش كفت
كون مى كويد بيا من خوش پى ام وان فسادش كفت رو من لا شى أم
اى ز خوبئ بهاران لب كزان بنكر آن سردى وزردئ خزان
كودكى از حسن شد مولاى خلق بعد فردا شد خرف رسواى خلق
وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ الباقيات اسم لاعمال الخير لا وصف ولذا لم يذكر الموصوف اى اعمال الخير التي تبقى ثمراتها ابد الآباد من الصلاة والصوم واعمال الحج وسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ونحو ذلك من الكلم الطيب- روى- انه عليه السلام خرج على قومه فقال (خذوا جنتكم) قالوا يا رسول الله أمن عدو حضر قال (لا بل من النار) قالوا وما جنتنا من النار قال (سبحان الله) الى آخر الكلمات قال الكاشفى [بعض علما برانند كه باقيات صالحات بنات است كه بحكم هن ستر من النار سبب خلاص والدين باشند] وفى الحديث (من ابتلى) الابتلاء هو الامتحان لكن اكثر استعمال الابتلاء فى المحن والبنات مما تعد منها لان غالب هوى الخلق فى الذكور (من هذه البنات بشئ) من بيانية مع مجرورها حال من شىء (فاحسن إليهن) فسر الشارح هنا الإحسان بالتزويج بالاكفاء لكن الاوجه ان يعمم الإحسان (كن له سترا من النار) لان احتياجهن اليه كان اكثر حال الصغر والكبر فمن يسترهن بالإحسان يجازى بالستر من النيران كما فى شرح المشارق لابن الملك خَيْرٌ من الفانيات الفاسدات من المال والبنين عِنْدَ رَبِّكَ اى فى الآخرة ثَواباً عائدة تعود الى صاحبها وَخَيْرٌ أَمَلًا رجاء حيث ينال بها صاحبها فى الآخرة كل ما كان يؤمله فى الدنيا واما مامر من المال والبنين فليس لصاحبه امل يناله والآية تزهيد للمؤمنين فى زينة الحياة الدنيا الفانية وتوبيخ للمفتخرين بها قال بعضهم لا ينجو من زينة الحياة الدنيا الا من كان باطنه مزينا بانوار المعرفة وضياء المحبة ولمعان الشوق وظاهره مزينا بآداب الخدمة وشرف الهمة وعلو النفس وتغلب زينة باطنه زينة حب الدنيا شوقا منه الى ربه وتغلب زينة ظاهره زينة الدنيا لان زينتها ازين وعن الضحاك عن النبي عليه السلام انه قيل يا رسول الله من ازهد الناس قال (من لم ينس القبر والبلى وترك فضول زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد من أيامه غدا وعد نفسه من الموتى) وفى الحديث (قال الله تعالى يفرح عبدى المؤمن إذا بسطت له شيئا من الدنيا وذلك ابعد له منى ويحزن إذ اقترت عليه الدنيا وذلك اقرب له منى) ثم تلا عليه السلام هذه الآية يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ
251
خمسة صفوف صف من الأنبياء وصف من الأولياء وصف من المؤمنين وصف من الكافرين وصف من المنافقين لْ زَعَمْتُمْ
ايها الكافرون المنكرون للبعث والزعم الادعاء بالكذب ان مخففة من الثقيلةلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً
بل للخروج والانتقال من قصة الى اخرى كلاهما للتوبيخ والتقريع اى زعمتم فى الدنيا انه لن نجعل لكم ابدا وقتا ننجز فيه ما وعدناه على ألسنة الأنبياء من البعث وما يتبعه والآية تشير الى عزته تعالى وعظمته واظهار شظية من صفة جلاله وقهره وآثار عدله لينتبه النائمون من نوم غفلتهم ويتأهب الغافلون بأسباب النجاة لذلك اليوم ويصلحوا امر سريرتهم وعلانيتهم لخطاب الحق تعالى وجوابه إذ اليه المرجع والمآب والعرض على الله هو العرض الأكبر ليس كعرض على الملوك قال عتبة الخواص بات عندى عتبة الغلام فبكى حتى غشى عليه فقلت ما يبكيك قل ذكر العرض على الله قطع او صل المحبين- حكى- ان سليمان بن عبد الملك وهو سابع خلفاء المروانية قال لابى حازم مالنا نكره الآخرة قال لانكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة فتكرهون الانتقال من العمران الى الخراب فقال صدقت يا أبا حازم فيا ليت شعرى مالنا عند الله تعالى غدا قال ان شئت تعلم ذلك ففى كتاب الله فقال اين أجده فقال فى قوله إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال فكيف يكون العرض على الله تعالى فقال اما المحسن فكالغائب يقدم على اهله مسرورا واما المسيئ فكالآبق يقدم على مولاه محسورا فبكى سليمان بكاء شديدا: قال الشيخ سعدى قدس سره
نريزد خدا آب روى كسى كه ريزد كناه آب چشمش بسى
كر آيينه از آه كردد سياه شود روشن آيينه دل زآه
بترس از كناهان خويش اين نفس كه روز قيامت نترسى ز كس
پليدى كند كربه در جاى پاك چوزشتش نمايد بپوشد بخاك
تو آزادى از ناپسنديدها نترسى كه بر وى فتد ديدها
بر انديش از بنده پر كناه كه از خواجه غائب شود چند كاه
اگر باز كردد بصدق ونياز بزنجير وبندش نيارند باز
- روى- عن الفضيل بن عياض رحمه الله انه قال انى لا أغبط ملكا مقربا ولانبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة وأهوالها وانما أغبط من لم يخلق لانه لا يرى احوال القيامة وشدائدها وذلك لان من عاين الأمر على ما هو عليه اشتد خوفه ولم ير لنفسه حالا ولا مقاما مع ان المرأ لا يخلو عن اسباب منجية ومهلكة فأى الرجال المهذب- روى- ان عمر رضى الله عنه رؤى بعد موته بثنتى عشرة سنة وهو يمسح جبينه ويقول كنت فى الحساب الى الآن وقد نوقشت فى جدى سقط من جسر مكسور فانكسرت رجله على انى لم أجرم له ولم أصلح الجسر حتى سقط الجدى ولكن غفر الله لى وعفا عنى بسبب عصفور اشتريته من صبى فارسله وَوُضِعَ الْكِتابُ عطف على عرضوا داخل تحت الأمور الهائلة التي أريد تذكيرها بتذكير وقتها وضع صحف الأعمال فى ايمان أصحابها وشمائلها او فى الميزان فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ قاطبة مُشْفِقِينَ خائفين
253
مِمَّا فِيهِ من الذنوب ومن ظهورها لاهل الموقف
شد سيه چون نامهاى تعزيه بر معاصى متن نامه حاشيه
جمله فسق ومعصيت بد يكسرى همچودار الحرب پر از كافرى
آنچنان نامه پليد و پر وبال در يمين نايد در آمد در شمال
خود همينجا نامه خود را ببين دست چب را شايد آن در يمين
چون نباشى راست مى دان كه چبى هست پيدا نعره شير وكبى
كر چپى با حضرت او راست باش تا ببينى دست برد لطفهاش
وَيَقُولُونَ عند وقوفهم على تضاعيفه نقيرا وقطميرا تعجبا من شأنه يا وَيْلَتَنا منادين لهلكتهم التي هلكوا بها من بين الهلكات مستدعين لها ليهلكوا ولا يروا هول ما لا قوه فان الويل والويلة الهلكة اى يا هلكتنا احضرى وتعالى فهذا أوانك مالِ هذَا الْكِتابِ قال البقاعي رسم لام الجر وحده اشارة الى انهم صاروا من قوة الرعب وشدة الكرب يقفون على بعض الكلمة اى أىّ شىء له حال كونه لا يُغادِرُ لا يترك صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً من الزلل تصدر عن جانيها إِلَّا أَحْصاها حواها وضبطها وعن ابن عباس رضى الله عنهما الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة وعن سعيد بن جبير الصغيرة المسيس والكبيرة الزنا وفى التأويلات النجمية الصغيرة كل تصرف فى شىء بالشهوة النفسانية وان كان من المناجاة والكبيرة التصرف فى الدنيا على حبها وان كان من حلالها لان حب الدنيا رأس كل خطيئة انتهى وفى الحديث (إياكم ومحقرات الذنوب فان محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى طبخوا اخبزتهم) وفى الحديث (إياكم ومحقرات الذنوب فانها تجيئ يوم القيامة كامثال الجبال وكفارتها الصدقة) وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا فى الدنيا من السيئات او جزاء ما عملوا حاضِراً مثبتا فى كتابهم وفى التأويلات لانهم كتبوا صالح أعمالهم بقلم أفعالهم فى صحائف قلوبهم وسوء أعمالهم فى صحائف نفوسهم وقد يوجد عكس ما فى هذه الصحائف على صفحات الأرواح نورانيا او ظلمانيا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً فيكتب ما لم يعمل من السيئات او يزيد فى عقابه الملائم لعمله فيكون إظهارا لمعدلة القلم الأزلي وفى التأويلات فان كان النور غالبا على صفحة روحه فهو من اهل الجنة وان كانت الظلمة غالبة عليها فهو هالك ومن لا يشوب نوره بالظلمة فهو من اهل الدرجات والقربات ومن أدركته الجذبات وبدلت سيآته بالحسنات واخرج الى النور الحقيقي من الظلمات فهو فى مقعد صدق عند مليك مقتدر انتهى فعليك بالحسنات والكف عن السيئات فان كل أحد يجد ثمرة شجرة اعماله عن عائشة رضى الله عنها انها كانت جالسة ذات يوم إذ جاءت امرأة قد سترت يدها فى كمها فقالت عائشة مالك لا تخرجين يدك من كمك قالت لا تسألينى يا أم المؤمنين انه كان لى أبوان وكان ابى يحب الصدقة واما أمي فكانت تبغض الصدقة فلم ارها تصدقت بشئ إلا قطعة شحم وثوبا خلقا فلما ماتا رأيت فى المنام قد قامت القيامة ورأيت أمي قائمة بين الخلق واضعة الخلقان على عورتها ورأيت الشحم بيدها وهى تلحسه وتنادى واعطشاه
254
أول لجعلنا وعلى الوجه الاول مفعول ثان قال فى القاموس الموبق كمجلس المهلك وواد فى جهنم وكل شىء حال بين الشيئين انتهى فالمعنى على الثاني بالفارسية [وادي از واديهاى دوزخ پيدا كنم ميان ايشان كه مهلكه عظيم باشد وهمه ايشانرا در ان معذب سازيم] يقول الفقير الظاهر ان المعنى على الثالث اى جعلنا بينهم برزخا يفصل أحدهما عن الآخر فلا يشفع مثل الملائكة وعيسى وعزير وتبرأ غيرهم وهو لا ينافى الاجتماع والاشتراك فى النار بمن قضى له الدخول كما لا يخفى وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ حين أمروا بالسوق إليها قال الكاشفى [وبه بيند مشركان آتش دوزخ را از چهل ساله را] فَظَنُّوا فايقنوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها مخالطوها واقعون فيها فان المخالطة إذا قويت سميت مواقعة قال الامام والأقرب انهم يرون النار من بعيد فيظنون انهم مواقعوها مع الرؤية من غير مهلة لشدة ما يسمعون من تغيظها وزفيرها كقوله تعالى إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً والمكان البعيد مسيرة خمسمائة سنة وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً انصرافا او مكانا ينصرفون اليه قال الكاشفى [مصرفا مكانى باز كردند بد آن يا كريز كاهى] لانها أحاطت بهم من كل جانب وَلَقَدْ صَرَّفْنا اى اقسم قسما لقد كررنا وادرنا على وجوه كثيرة من النظم فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ لمصلحتهم ومنفعتهم مِنْ كُلِّ مَثَلٍ كمثل الرجلين المذكورين ومثل الحياة الدنيا ليتذكروا ويتعظوا او من كل معنى داع الى الايمان هو كالمثل فى غرابته وحسنه قال الكاشفى [از هر مثل بر ان محتاجند از قصص گذشته كه سبب عبرت كردد ودلائل قدرت كامله كه موجب ازدياد بصيرت شود]
حق تعالى بمحض فضل عميم در كتاب كريم وحكم قديم
آنچهـ مر جمله را بكار آيد گفته است آنچنانكه مى آيد
وَكانَ الْإِنْسانُ جنس الإنسان بحسب جبلته أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا جدلا تمييز اى اكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل كالجن والملك اى جدله اكثر من جدل كل مجادل وهو هاهنا شدة الخصومة بالباطل لاقتضاء خصوصية المقام والا فالجدل لا يلزم ان يكون بالباطل قال تعالى وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وهو من الجدل الذي هو الفتل والمجادلة الملاواة لان كلا من المجادلين يلتوى على صاحبه وفى الحديث (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا أولوا الجدل) رواه ابو امامة كما فى تفسير ابى الليث قال فى التأويلات النجمية من طبيعة الإنسان المجادلة والمخاصمة وبها يقطعون الطريق على أنفسهم. فتارة مع الأنبياء يجادلون لا يقبلون بالنبوة والرسالة حتى يقاتلونهم. وتارة يجادلون فى الكتب المنزلة ويقولون ما انزل الله على بشر من شىء. وتارة يجادلون فى محاكمتها وتارة يجادلون فى متشابهاتها. وتارة يجادلون فى ناسخها ومنسوخها. وتارة يجادلون فى تفسيرها وتأويلها. وتارة يجادلون فى اسباب نزولها. وتارة يجادلون فى قراءتها. وتارة يجادلون فى قدمها وحدوثها على هذا حتى لم يفرغوا من المجادلة الى المجاهدة ومن المخاصمة الى المعاملة ومن المنازعة الى المطاوعة ومن المناظرة الى المواصلة فلهذا قال تعالى وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ومن هذا عالجهم بقوله قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ الآية ومن كلمات مولانا قدس سره
بغيرهما حتى قيل فى عمل القلب هو مما عملت يداك وحتى قيل لمن لا يدين له يداك قال بعضهم أحق الناس تسمية بالظلم من يرى الآيات فلا يعتبر بها ويرى طريق الخير فيعرض عنها ويرى مواقع الشر فيتبعها ولا يجتنب عنها إِنَّا جَعَلْنا أعمالهم كما فى تفسير الشيخ عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية جمع كنان وهو تعليل لاعراضهم ونسيانهم بانهم مطبوع على قلوبهم أَنْ يَفْقَهُوهُ كراهة ان يقفوا على كنه الآيات وتوحيد الضمير باعتبار القرآن وَجعلنا فِي آذانِهِمْ وَقْراً ثقلا وصمما يمنعهم عن استماعه وفيه اشارة الى ان اهل اللغو والهذيان لا يصيخون الى القرآن: قال الكمال الخجندي قدس سره
دل از شنيدن قرآن بكير در همه وقت چوباطلان زكلام حقت ملولى چيست
وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى اى الى طريق الفلاح وهو دين الإسلام فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً اى فلن يكون منهم اهتداء البتة مدة التكليف كلها لانه محال منهم قال الكاشفى [مراد جمعى اند از كفار مكه كه علم حق بعدم ايمان ايشان متعلق بود] وان جواب عن سئوال النبي ﷺ وجزاء للشرط اما كونه جوابا فلان قوله إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً فى معنى لا تدعهم الى الهدى ثم نزل حرصه عليه السلام على إسلامهم منزلة قوله مالى لا ادعوهم فاجيب بقوله وَإِنْ تَدْعُهُمْ الآية واما كونه جزاء فلانه على انتفاء الاهتداء لدعوة الرسول على معنى انهم جعلوا ما هو سبب لوجود الاهتداء سببا لانتفائه بالاعراض عن دعوته وَرَبُّكَ مبتدأ خبره قوله الْغَفُورُ البليغ فى المغفرة وهى صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه من الدنس ذُو الرَّحْمَةِ الموصوف بالرحمة وهى الانعام على الخلق خبر بعد خبر وإيراد المغفرة على صيغة المبالغة دون الرحمة للتنبيه على كثرة الذنوب وان المغفرة ترك المضار وهو سبحانه قادر على ترك ما لا يتناهى من العذاب واما الرحمة فهى فعل وإيجاد ولا يدخل تحت الوجود الا ما يتناهى وتقديم الوصف الاول لان التخلية قبل التحلية لَوْ يُؤاخِذُهُمْ لو يريد مؤاخذتهم بِما كَسَبُوا من الذنوب لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ فى الدنيا من غير امهال لاستيجاب أعمالهم لذلك ولكنه لم يعجل ولم يؤاخذ بغتة بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ بالفارسية [زمان وعد] فهو اسم زمان والمراد يوم بدر او يوم القيامة فيعذبون فيه ولَنْ يَجِدُوا البتة حين مجيئ الموعد مِنْ دُونِهِ من غيره تعالى مَوْئِلًا منجى وملجأ يقال وأل اى نجا ووأل اليه اى لجأ اليه وقيل من دون العذاب قال سعدى المفتى هو اولى وفيه دلالة على ابلغ وجه على ان لا ملجأ لهم ولا منجى فان من يكون ملجأه العذاب كيف يرى وجه الخلاص والنجاة انتهى ويجوز ان يكون المعنى لن يجدوا عند حلول الموعد موئلا بالفارسية [پناهى وكريز كاهى] وهو اللائح والله اعلم وَتِلْكَ الْقُرى اى قرى عاد وثمود واضرابهما وهى مبتدأ على تقدير المضاف اى واهل تلك القرى خبره قوله تعالى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا اى وقت ظلمهم مثل ظلم اهل مكة بالتكذيب والجدال وانواع المعاصي ولما اما حرف كما قال ابن عصفور واما ظرف استعمل للتعليل وليس المراد به الوقت المعين الذي عملوا فيه الظلم بل زمان من ابتداء الظلم
هين مپر الا كه با پرهاى شيخ تا ببينى عون ولشكرهاى شيخ
ومنها ان صحبة الشيخ المرشد غداء للمريد لاشتمالها على ما يجرى مجرى الغداء للروح من الأقوال الطيبة والافعال الحسنة ومتى جاوز صحبته اتعب نفسه بلا فائدة الوصول ونيل المقصود ولا يحمل على هذا إلا شيطان الخذلان فيلزم الرجوع والعود الى ملازمة الخدمة فى مرافقة رفيق التوفيق كما رجع موسى ويوشع عليهما السلام قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ اى فى صحبتهم ولا تكونوا مع الكاذبين: وفى المثنوى
هر طرف غولى همى خواند ترا كاى برادر راه خواهى هين بيا «١»
رهنمايم هم رهت باشم رفيق من قولاوزم درين راه دقيق
نى قلاوزست ونى ره داند او يوسفا كم رو سوى آن كرك خو
نسال الله العصمة والتوفيق قالَ موسى عليه السلام ذلِكَ الذي ذكرت من امر الحوت ما اى الذي كُنَّا نَبْغِ أصله نبغى والضمير العائد الى الموصول محذوف اى نبغيه ونطلبه لكونه امارة للفوز بالمرام من لقاء الخضر عليه السلام فَارْتَدَّا رجعا من ذلك الموضع وهو طرف نهر ينصب الى البحر عَلى آثارِهِما طريقهما الذي جا آمنه والآثار الاعلام جمع اثر واثر وخرج فى اثره واثره اى بعده وعقبه. وبالفارسية [بر نشانهاى قدم خود] قَصَصاً مصدر فعل محذوف اى يقصان قصصا اى يتبعان آثارهما اتباعا ويتفحصان تفحصا حتى أتيا الصخرة التي حيى الحوت عندها وسقط فى البحر واتخذ سبيله سربا فَوَجَدا عَبْداً التنكير للتفخيم مِنْ عِبادِنا الاضافة للتشريف وكان مسجى بثوب فسلم عليه موسى وعرفه نفسه وأفاد انه جاء لاجل التعلم والاستفادة. والجمهور على انه الخضر بفتح الخاء المعجمة وكسر الضاد وهو لقبه وسبب تلقيبه بذلك ما جاء فى الصحيح انه عليه السلام قال (انما سمى الخضر لانه جلس على فروة بيضاء فاذا هى تهتز من خلفه خضراء) الفروة وجه الأرض اليابسة وقيل النبات اليابس المجتمع والبيضاء الأرض الفارغة لا غرس فيها لانها تكون بيضاء واهتزاز النبات تحركه وكنيته ابو العباس واسمه بليا بباء موحدة مفتوحة ثم لام ساكنة ثم مثناة تحت ابن ملكان بفتح الميم واسكان اللام ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح قال ابو الليث انه عليه السلام ذكر قصة الخضر فقال (كان ابن ملك من الملوك فاراد أبوه ان يستخلفه من بعده فلم يقبل وهرب منه ولحق بجزائر البحر فلم يقدر عليه) وتفصيله على ما فى كتاب التعريف والاعلام للامام السهيلي وهو ان أباه كان ملكا وان امه كانت بنت فارس واسمها الها وانها ولدته فى مغارة وانه ترك هنا لك وشاة ترضعه فى كل يوم من غنم رجل من القرية فاخذه الرجل فرباه فلما شب وطلب الملك أبوه كاتبا وجمع اهل المعرفة والنبالة ليكتب الصحف التي نزلت على ابراهيم وشيث كان فيمن قدم عليه من الكتاب ابنه الخضر وهو لا يعرفه فلما استحسن خطه ومعرفته ونجابته سأله عن جلية امره فعرف انه ابنه فضمه لنفسه وولاه امر الناس ثم ان الخضر فر من الملك وزهد فى الدنيا وسار الى ان
(١) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه الله گفتن نيازمند عين لبيك گفتن حق است
267
وجد عين الحياة فشرب منها وعن ابن عباس رضى الله عنهما الخضر ابن آدم لصلبه ونسئ له فى اجله حتى يكذب الدجال وفيه اشارة الى ان لكل دجال فى كل عصر مكذبا ومبطلا لامره: قال الحافظ
كجاست صوفئ دجال فعل ملحد شكل بگو بسوز كه مهدئ دين پناه رسيد
واخرج عن ابن عساكر ان آدم لما حضره الموت اوصى بنيه ان يكون جسده الشريف معهم فى غار فكان جسده فى المغارة معهم فلما بعث الله نوحا ضم ذلك الجسد فى السفينة بوصية آدم فلما خرج منها قال لبنيه ان آدم دعا بطول العمر لمن يدفنه من أولاده الى يوم القيامة فذهب أولاده الى الغار ليدفنوه وكان فيهم الخضر فكان هو الذي تولى دفن آدم فانجز الله ما وعده فهو يحيى ما شاء الله له ان يحيى قال فى فتح القريب ومن اغرب ما قيل انه ابن آدم لصلبه وقيل انه من الملائكة وهذا باطل ومن اعجب ما قيل انه ابن فرعون صاحب موسى كما فى تواريخ مصر وقيل انه ابن خالة ذى القرنين كان فى سفره معه وشرب من ماء الحياة مد الله عمره الى الوقت المعلوم ولا بعد فانه كان من بنى آدم من يعيش ثلاثة آلاف سنة او اكثر وقيل انه ابن عاميل بن شمالخين بن ارما بن علقما بن عيصو بن إسحاق النبي وكان عاميل ملكا والجمهور على انه نبى غير مرسل وعند الصوفية المحققين ولى غير نبى واختلفوا فى حياته والأكثر على انه موجود بين أظهرنا وهذا متفق عليه عند الصوفية لان حكاياتهم انهم رأوه فى المواضع الشريفة وكالموه اكثر من ان يحصى نقله الشيخ الأكبر فى الفتوحات المكية وابو طالب المكي فى كتبه والحكيم الترمذي فى نوادره وغير ذلك من المحققين من سادات الامة الذين لا يتصور اجتماعهم على الكذب والافتراء بمجرد الاخبار النقلية حاشاهم عن ذلك وقد ثبت وجوده فلا يكون عدمه الا بدليل ولا دليل على موته ولا نص فيه من كتاب ولا سنة ولا اجماع ولا نقل انه مات بأرض كذا فى وقت كذا فى زمن ملك من الملوك وفى تفسير البغوي اربعة من الأنبياء احياء الى يوم البعث اثنان فى الأرض وهما الخضر والياس اى والياس فى البر والخضر فى البحر يجتمعان كل ليلة على ردم ذى القرنين يحرسانه وأكلهما الكرفس والكمأة واثنان فى السماء إدريس وعيسى عليهما السلام وفى كتاب التمهيد لابى عمر امام الحديث فى وقته ان رسول الله ﷺ حين غسل وكفن سمعوا قائلا يقول السلام عليكم يا اهل البيت ان فى الله خلفا من كل هالك وعوضا من كل تالف وعزاء من كل مصيبته فعليكم بالصبر فاصبروا واحتسبوا ثم دعا لهم ولا يرون شخصه فكانوا اى الاصحاب واهل البيت يرونه انه الخضر وفى كتاب الهواتف ان على بن ابى طالب رضى الله عنه لقى الخضر وعلمه هذا الدعاء وذكر فيه ثوابا عظيما ومغفرة ورحمة لمن قاله فى اثر كل صلاة وهو «يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل ويا من لا يتبرم من إلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك» قال الهروي ان الخضر قد جاء النبي عليه السلام مرارا واما قوله عليه السلام (لو كان حيا لزارنى) فلا يمنع وقوع الزيارة بعده قال فى فصل الخطاب ان الخضر قد صحب النبي عليه السلام وروى عنه أحاديث
268
وفى الخصائص الصغرى ان فى غزوة تبوك اجتمع عليه السلام بالياس فعن انس رضى الله عنه غزونا مع النبي عليه السلام حتى إذا كنا بفج الناقة عند الحجر سمعنا صوتا يقول اللهم اجعلنى من امة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها فقال عليه السلام (يا انس انظر ما هذا الصوت) فدخلت الجبل فاذا رجل عليه ثياب بياض ابيض الرأس واللحية طوله اكثر من ثلاثمائة ذراع فلما رآنى قال أنت رسول النبي عليه السلام قلت نعم قال ارجع اليه وأقرئه السلام وقل له هذا أخوك الياس يريد ان يلقاك فرجعت الى النبي عليه السلام فاخبرته فجاء عليه السلام يمشى وانا معه حتى إذا كنا قريبا منه تقدم النبي وتأخرت انا فتحدثا طويلا فنزل عليهما من السماء شىء يشبه السفرة ودعوانى فاكلت معهما قليلا فاذا فيها كمأة
ورمان وحوت وتمر وكرفس فلما أكلت قمت فتنحيت ثم جاءت سحابة فاحتملته فانا انظر الى بياض ثيابه فيها تهوى به قبل الشام فقلت للنبى عليه السلام بابى أنت وأمي هذا الطعام الذي أكلنا من السماء نزل عليه قال عليه السلام (سألته عنه فقال يأتينى به جبرائيل فى كل أربعين يوما أكلة وفى كل حول شربة من ماء زمزم وربما رأيته على الجب يملأ بالدلو فيشرب وربما سقانى) والأكثر من المحدثين على وفاة الخضر سئل البخاري عن الخضر والياس هل هما فى الاحياء قال كيف يكون ذلك وقد قال رسول الله عليه السلام (لا يبقى على رأس المائة ممن هو اليوم على وجه الأرض أحد) وقد قال الله تعالى وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ والجواب ان هذا الحكم جار على الأكثر ولا حكم للنادر الذي يعيش فوق المائة فقد عاش سلمان ومعدى كرب وابو طفيل فوق المائة وكانوا موجودين فى ذلك الزمان عند اخباره عليه السلام والمراد بالخلود هو التأبيد ولا شك ان حياة الخضر وغيره منقطعة عند الصعقة قبل القيامة فيمتنع الخلود. واما من قال من العلماء لا يجوز ان يكون الخضر باقيا لانه لا نبى بعد نبينا فلا عبرة لكلامه لانه لم يتتبأ بعده بل قبله كعيسى أبقاه الله لمعنى وحكمة الى ان يرتفع القرآن من وجه الأرض وذكر الشيخ الأكبر قدس سره فى بعض كتبه انه يظهر مع اصحاب الكهف فى آخر الزمان عند ظهور المهدى ويستشهد ويكون من أفضل شهداء عساكر المهدى وفى آخر صحيح مسلم فى أحاديث الدجال انه يقتل رجلا ثم يحيى قال ابراهيم بن سفيان صاحب مسلم يقال ان هذا الرجل هو الخضر وعن ابن عباس رضى الله عنهما يلتقى الخضر والياس فى كل عام فى الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان على هذه الكلمات «بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير الا الله ما شاء الله لا يصرف السوء الا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله» من قالهن ثلاث مرات حين يصبح ويمسى آمنه الله من الحرق والغرق والسرق ومن الشيطان والحية والعقرب وزاد احمد فى الزهد انهما يصومان رمضان فى بيت المقدس وعن على رضى الله عنه مسكن الخضر بيت المقدس فيما بين باب الرحمة الى باب الأسباط قال القاشاني الخضر كناية عن البسط والياس عن القبض واما كون الخضر شخصا إنسانا باقيا من زمان موسى الى هذا العهد او روحانيا يتمثل بصورته لمن يرشده فغير متحقق عندى بل قد يتمثل ويتخيل معناه له بالصفة الغالبة عليه ثم يضمحل وهو روح ذلك الشخص او روح القدس انتهى يقول الفقير تمثل
269
الروح بالصفة الغالبة قد وقع لكثير من اهل السلوك ولكن ليس كل مرئى فى اليقظة تمثلا كما فى المنام فقد يظهر المثال وقد يظهر حقيقته ولله فى كل شىء حكمة بالغة آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا هى الوحى والنبوة كما يشعر به تنكير الرحمة واختصاصه بجناب الكبرياء قال الامام مسلم ان النبوة رحمة كما فى قوله تعالى أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ونحوه ولكن لا يلزم ان تكون الرحمة نبوة فالرحمة هنا هى طول العمر على قول من مذهب الى عدم نبوته وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً خاصا هو علم الغيوب والاخبار عنها باذنه تعالى على ما ذهب اليه ابن عباس رضى الله عنهما او علم الباطن قال فى بحر العلوم انما قال من لدنا مع ان العلوم كلها من لدنه لان بعضها بواسطة تعليم الخلق فلا يسمى ذلك علما لدنيا بل العلم اللدني هو الذي ينزله فى القلب من غير واسطة أحد ولا سبب مألوف من خارج كما كان لعمر وعلى ولكثير من اولياء الله تعالى المرتاضين الذين فاقوا بالشوق والزهد على كل من سواهم كما قال سيد الأولين والآخرين عليه السلام (نفس من أنفاس المشتاقين خير من عبادة الثقلين) وقال عليه السلام (ركعتان من رجل زاهد قلبه خير وأحب الى الله من عبادة المتعبدين الى آخر الدهر) وقد صدق لكنه قليل كما قال وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وقال وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ومن هنا يتبين لك معرفة رفعة الصحابة رضى الله عنهم وعظمهم رتبة ومكانا من الله فانهم
ائمة المشتاقين والزاهدين الشاكرين ونجوم لهم يهتدون بهم انتهى وفى التأويلات النجمية فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا اى حرا من رق عبودية غيرنا من احرارنا اى ممن احررناهم من رق عبودية الأغيار واصطفيناهم من الأخيار آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا يعنى جعلناه قابلا لفيض نور من أنوار صفاتنا بلا واسطة وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً وهو علم معرفة ذاته وصفاته الذي لا يعلمه أحد الا بتعليمه إياه واعلم ان كل علم يعلمه الله تعالى عباده ويمكن للعباد ان يتعلموا ذلك العلم من غير الله تعالى فانه ليس من جملة العلم اللدني لانه يمكن ان يتعلم من لدن غيره بدل عليه قوله وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ فان علم صنعة اللبوس مما علمه الله داود عليه السلام فلا يقال انه العلم اللدني لانه يحتمل ان يتعلم من غير الله تعالى فيكون من لدن ذلك الغير وايضا ان العلم اللدني ما يتعلق بلدن الله تعالى وهو علم معرفة ذاته وصفاته تعالى انتهى قال الجنيد قدس سره العلم اللدني ما كان تحكما على الاسرار بغير ظن فيه ولا خلاف لكنه مكاشفات الأنوار عن مكنونات المغيبات وذلك يقع للعبد إذا زم جوارحه عن جميع المخلوقات وأفنى حركاته عن كل الإرادات وكان شبحا بين يدى الحق بلا تمن ولا مراد قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر باب الملكوت والمعارف من المحال ان ينفتح وفى القلب شهوة هذا الملكوت واما باب العلم بالله تعالى من حيث المشاهدة فلا ينفتح وفى القلب لمحة للعالم باسره الملك والملكوت [در فتوحات از سلطان العارفين قدس سره نقل ميكند كه با جمعى دانشمندان مى كفته] أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت
270
كلشنى كز نقل رويد يكدمست كلشنى كز عشق رويد خرمست
كلشنى كز كل دمد كردد تباه كلشنى كز دل دمد وا فرحتاه
علم چون بر دل زند يارى شود علم چون بر كل زند بارى شود
واعلم ان الصوفية سموا العلوم الحاصلة بسبب المكاشفات العلوم اللدنية وتفصيل الكلام انا إذا أدركنا امرا من الأمور وتصورنا حقيقة من الحقائق فاما ان نحكم عليه بحكم وهو التصديق اولا نحكم وهو التصور وكل واحد من هذين القسمين فاما ان يكون ضروريا حاصلا من غير كسب وطلب واما ان يكون كسبيا اما العلوم الضرورية فهى تحصل فى النفس والعقل من غير كسب وطلب مثل تصورنا الألم واللذة والوجود والعدم ومثل تصديقنا بان النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان وان الواحد نصف الاثنين واما العلوم الكسبية فهى التي لا تكون حاصلة فى جوهر النفس ابتداء بل لا بد من طريق يتوصل به الى اكتساب تلك العلوم فان كان التوصل الى استعلام المجهولات بتركيب العلوم البديهية فهو طريق النظر وان كان بتهيئة المحل وتصفيته عن الميل الى ما سوى الله تعالى فهو طريق الكشف والكشف انواع أعلاها اسرار ذاته تعالى وأنوار صفاته وآثار أفعاله وهو العلم الإلهي الشرعي المسمى فى مشرب اهل الله علم الحقائق اى العلم بالحق سبحانه وتعالى من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه ما ليس فى الطاقة البشرية وهو ما وقع فيه الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة وهذا العلم الجليل بالنسبة الى سائر العلوم كالشمس بالنسبة الى الذرات وكالبحر بالنسبة الى القطرات فعلوم اهل الله مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والأذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم تحصيل الوظائف والمناصب وجمع الحطام الذي لا يدوم وقال المولى الجامى
جان زاهد ساحل وهم وخيال جان عارف غرقه بحر شهود
قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه الطيب وقدس سره الزكي فى كتاب اللائحات البرقيات المراد بالرحمة علم العبادة والدراسة والظاهر والشريعة ولذلك عبر عنه بالرحمة بناء على عمومه مثلها حيث قال وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ولكون مقام هذا العلم الظاهري مقام القرب الصفاتى عبر عن مقامه بما يعبر به عن مقام هذا القرب الصفاتى من قوله تعالى مِنْ عِنْدِنا اى من مقام واحدية صفاتنا ومرتبة قربها والمراد بالعلم علم الاشارة والوراثة والباطن والحقيقة ولذلك عبر عنه بلفظ العلم بناء على التعبير بالمطلق على الفرد الكامل إذ العلم الباطني من العلم الظاهري بمنزلة الروح واللب من الجسد والقشر وبمنزلة المعنى من الصورة فلا جرم ان العلم الباطني من العلم الظاهري بمنزلة الفرد الكامل من الفرد الناقص والعلم الظاهري من العلم الباطني بمنزلة الفرد الناقص من الفرد الكامل والنقصان الموهوم المعتبر فى العلم الظاهري بحسب الاضافة والنسبة الى العلم الباطني باعتبار المقام الذي يوجب الامتياز بينهما من جهة الصورة لا يقدح فى كماله الذاتي الحقيقي فى عينه ونفسه كما ان الكمال المعتبر فى العلم الباطني بحسب الاضافة والنسبة الى العلم الظاهري باعتبار المقام الموجب للافتراق بينهما من جهة التعين لا يزيد فى كماله الذاتي الحقيقي فى نفسه وذاته بل كل منهما من حيث هو بالنظر
271
الى ذاته مع قطع النظر الى الاضافة والنسبة المعتبرة بينهما بحسب المقامات والتعلقات وغير ذلك كمال محض لا يتصور فى واحد منهما نقصان أصلا فكما ان الجهل والغفلة فى أنفسهما محض نقصان حقيقى فكذلك العلم والمعرفة فى أنفسهما محض كمال حقيقى وانما الاعتبارات لئلا تبطل حقائق الاحكام ولذا قيل لولا الاعتبارات اى الإضافات والنسب المعتبرة بين الأشياء لبطلت الحقائق ولما كان مقام هذا الباطني مقام القرب الذاتي عبر عن مقام ما يعبر به عن مقام القرب الذاتي من قوله مِنْ لَدُنَّا اى من مقام احدية ذاتنا ومرتبتها ولذا خص كبار الصوفية فى اصطلاحاتهم لفظ العلم اللدني بهذا العلم الباطني الحاصل بمحض تعليم الله تعالى من لدنه بغير واسطة عبارة ولذلك قال بعضهم
تعلمنا بلا حرف وصوت قرأناه بلا سهو وفوت
يعنى بطريق الفيض الإلهي والإلهام الرباني لا بطريق التعليم اللفظي والتدريس القولى ولكون مقام العلم الظاهري من مقام العلم الباطني بمنزلة الظاهر من الباطن حيث يتعلق العلم الظاهري بظواهر الشريعة وصورها
والعلم الباطني بمنزلة الباب من البيت ومن أراد دخول البيت فليأت من باب وبيت العلم ومدينته هو النبي عليه السلام وباب هذا البيت والمدينة هو على رضى الله عنه كمال قال عليه السلام (انا مدينة العلم وعلىّ بابها)
كر تشنه فيض حق بصدقى حافظ سرچشمه آن ز ساقى كوثر پرس
واعلم ان التحقيق الحقيق فى هذا المقام ان العلم المأمور موسى عليه السلام بتعلمه من الخضر هو العلم الباطني المتعلم بطريق الاشارة لا العلم الباطني المتعلم بطريق المكاشفة ولا العلم الظاهري المتعلم بطريق العبارة والدليل عليه إرسال الحق سبحانه موسى الى عبده الخضر وعدم تعليمه بواسطة أمين الوحى جبرائيل وتعليم الخضر بطريق الاشارة بالأمور الثلاثة لكن لما كان الظاهر بالنظر الى غلبة جانب علم الظاهر فى وجود موسى ان يطلب تعلمه بطريق العبارة لا بطريق الاشارة وطريقه طريق الاشارة لا طريق العبارة قال انك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا من طريق التعلم بالاشارة لا بالعبارة والغالب عليك انما هو طريق العبارة لا طريق الاشارة كما ان الغالب على طريق الاشارة لا طريق العبارة ولكل وجهة هو موليها قل كل يعمل على شاكلته ثم ان الامام الأعظم من الحسن البصري رحمهما الله تعالى بمنزلة موسى من الخضر عليهما السلام كما ان العكس بالعكس من جهة ما هو الغالب فى نشأة كل منهما ولذلك أفاد الامام الهمام العلم الظاهري غالبا وتقيد بترتيب أنوار الشريعة وأحكامها عبارة وصراحة وأفاد العلم الباطني نادرا وتعرض لاسرار الحقيقة ودقائقها اشارة وكناية بخلاف الحسن البصري فالامام شمسى المشرب والحسن قمرى المشرب ولذلك كان فلك الامام أعظم وأوسع من فلك الحسن البصري وكان الامام رحمة لاهل العموم عامة وكان الحسن البصري رحمة لاهل الخصوص خاصة والامام مظهر اسم الرحمن والحسن مظهر اسم الرحيم ويدل على هذا كله انتشار مذهبه شرقا وغربا وهو من جميع المذاهب بمنزلة النبوة المحمدية والولاية العيسوية من جميع النبوات والولايات من جهة الخاتمية وحيث يختم به جميع المذاهب
272
ابتدئ ببيانه وفيه إيذان بان كل ما صدر عنه فله حكمة وغاية حميدة البتة وهذا من آداب المتعلم مع العالم والتابع مع المتبوع قال فى التأويلات النجمية ومن الآداب ان يسد على نفسه باب السؤال فلا يسأل الشيخ عن شىء حتى يحدث له منه ذكرا اما بالقال واما بالحال انتهى- روى- ان لقمان دخل على داود عليه السلام وهو يسرد دروعا ولم يكن رآها قبل ذلك فتعجب منه فاراد ان يسأله ذلك فمنعته الحكمة فامسك نفسه ولم يسأله فلما فرغ قام داود ولبسها ثم قال نعم الدرع للحرب. وقيل كان يتردد اليه سنة وهو يريد ان يسأل ذلك فلم يسأل قالت الحكماء ان كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب وعن بعض الكبار الصمت على قسمين صمت باللسان عن الحديث بغير الله مع غير الله جملة وصمت بالقلب عن خاطر كونى البتة فمن صمت لسانه ولم يصمت قلبه خف وزره ومن صمت قلبه ولم يصمت لسانه فهو ناطق بلسان الحكمة ومن صمت لسانه وقلبه ظهر له سره وتجلى له ربه ومن لم يصمت لسانه وقلبه كان مسخرة للشيطان فعلى العاقل ان يجتهد حتى يسلم قلبه من الانقباض ولسانه من الاعتراض وينسى ما سوى الله تعالى ولا تلعب به الافكار ويصبر عند مظان الصبر ويستسلم لامر الله الملك الغفار فان الله تعالى فى كل شىء حكمة وفى كل تلف عوضا: وفى المثنوى
لا نسلم واعتراض از ما برفت چون عوض مى آيد از مفقود زفت «١»
چونكه بي آتش مرا كرمى رسد راضيم كر آتش ما را كشد
بي چراغى چون دهد او روشنى كر چراغت شد چهـ افغان ميكنى
دانه پر مغز با خاك دژم خلوتى وصحبتى كرد از كرم «٢»
خويشتن در خاك كلى محو كرد تا نماندش رنك وبوى سرخ وزرد
از پس آن محو قبض او نماند بر كشاد وبست شد مركب براند
نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الخلوة به والصحبة بالأهل والتسليم للامر فَانْطَلَقا اى ذهب موسى والخضر عليهما السلام على الساحل يطلبان السفينة واما يوشع فقد صرفه موسى الى بنى إسرائيل وقال الكاشفى [ويوشع بر عقب ايشان ميرفت] يقول الفقير وهو الظاهر فان تثنية الفعل انما هى لاجل الانتقال من قصة موسى مع يوشع الى قصته مع الخضر فكان يوشع تبعا لهما فلم يذكر ويدل على هذا قوله عليه السلام (مرت بهم سفينة فكلموهم ان يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوا بغير نول) على ما فى المشارق ولا مقتضى لرده الى بنى إسرائيل فان هارون عليه السلام كان معهم والله اعلم حَتَّى إِذا رَكِبا دخلا فِي السَّفِينَةِ وقال فى الإرشاد فى سورة هود معنى الركوب العلو على شىء له حركة اما ارادية كالحيوان او قسرية كالسفينة والعجلة ونحوهما فاذا استعمل فى الاول يوفر له حظ الأصل فيقال ركبت الفرس وان استعمل فى الثاني يلوح بمحلية المفعول بكلمة فى فيقال ركبت فى السفينة وفى الجلالين حَتَّى إِذا رَكِبا البحر فِي السَّفِينَةِ- روى- انهما مرا بالسفينة فاستحملا ملاحيها فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول بفتح النون اى بغير اجرة خَرَقَها ثقبها الخضر وشقها لما بلغوا اللج اى معظم الماء حيث أخذ فاسا فقلع بغتة اى على غفلة من القوم من ألواحها
(١) در اواسط دفتر سوم در بيان بقيه قصه نابينا ومصحف خواند او بإذن الله
(٢) در اواسط دفتر سوم در بيان هفت مرد شدن ان هفت درخت
بالظاهر وبالحقيقة الحكم بالباطن وقد نص العلماء على ان غالب الأنبياء انما بعثوا ليحكموا بالظاهر دون ما اطلعوا عليه من بواطن الأمور وحقائقها وبعث الخضر ليحكم عليه من بواطن الأمور وحقائقها ومن ثمة أنكر موسى على الخضر فى قتله للغلام بقوله لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً فقال له الخضر وما فعلته عن امرى ومن ثمة قال الخضر لموسى انى على علم من عند الله لا ينبغى لك ان تعمل به لانك لست مأمورا بالعمل به وأنت على علم من عند الله لا ينبغى لى ان اعمل به لانى لست مأمورا بالعمل به وفى تفسير ابن حبان والجمهور على ان الخضر نبى وكان علمه معرفة بواطن امور أوحيت اليه اى ليعمل بها وعلم موسى الحكم بالظاهر اى دون الحكم بالباطن ونبينا ﷺ حكم بالظاهر فى اغلب أحواله وحكم بالباطن فى بعضها بدليل قتله عليه السلام للسارق وللمصلى لما اطلع على باطن أمرهما وعلم منهما ما يوجب القتل وقد ذكر بعض السلف ان الخضر الى الآن ينفذ الحكم بالحقيقة وان الذين يموتون فجأة هو الذين يقتلهم فان صح ذلك فهو فى هذه الامة بطريق النيابة عن النبي ﷺ فانه صار من اتباعه عليه السلام كما ان عيسى عليه السلام عند ما ينزل يحكم بشريعته نيابة عنه لانه من اتباعه. وفيه ان عيسى اجتمع به ﷺ اجتماعا متعارفا ببيت المقدس فهو صحابى كذا فى انسان العيون يقول الفقير لا وجه لتخصيص عيسى فانه عليه السلام كما اجتمع به عليه السلام ذلك الاجتماع كذلك الخضر والياس عليهما السلام اجتمعا به اجتماعا متعارفا كما سبق فهما صحابيان ايضا. وفيه بيان شرف نبينا ﷺ حيث ان هؤلاء الأنبياء الكرام استمهلوا من الله تعالى ليكونوا من أمته
سر خيل انبيا وسپهدار اتقيا سلطان باركاه دنى قائد امم
فَانْطَلَقا اى ذهبا بعد ما شرطا ذلك حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ هى انطاكية بالفتح والكسر وسكون النون وكسر الكاف وفتح الياء المخففة قاعدة العواصم وهى ذات أعين وسور عظيم من صخر داخله خمسة اجبل دورها اثنا عشر ميلا كما فى القاموس قال الكاشفى [واهل ديه چون شب شدى دروازه در بستندى وبراى هيچكس نكشادندى نماز شام موسى وخضر بدان ديه رسيدند وخواستند كه بديه در آيند كسى دروازه بگشود واهل ديه را كفتند اينجا غريب رسيده ايم كرسنه نيز هستيم چون ما را در ديه جاى نداديد بارى طعام جهت ما بفرستيد] وذلك قوله تعالى اسْتَطْعَما أَهْلَها اى طلبا منهم الطعام ضيافة قيل لم يسألاهم ولكن نزولمها عندهم كالسؤال منهم قال فى الاسئلة المقحمة استطعم موسى هاهنا فلم يطعم وحين سقى لبنات شعيب ما استطعتم وقد اطعم حيث قال إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا والجواب هاهنا ان الحرمان كان بسبب المعارضة بحيث لم يكتف بعلم الله بحاله بل جنح الى الاعتماد على مخلوق فاراد السكون بحادث مسبوق وهناك جرى على توكله ولم يدخل وسائطه بين المخلوقين وبين ربه بل حط الرحل ببابه فقال رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ قال الحافظ
281
وقال
فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز
ما آبروى فقر وقناعت همى بريم با پادشه بكوى كه روزى مقدرست
قوله اسْتَطْعَما أَهْلَها فى محل الجر على انه صفة لقرية وجه العدول عن استطعماهم على ان يكون صفة للاهل لزيادة تشنيعهم على سوء صنيعهم فان الإباء من الضيافة وهم أهلها قاطنون بها أقبح واشنع فَأَبَوْا امتنعوا أَنْ يُضَيِّفُوهُما اى من تضييفهما وهو بالفارسية [مهمان كردن] يقال ضافه إذا نزل به ضيفا واضافه وضيفه أنزله وجعله ضيفاله هذا حقيقة الكلام ثم شاع كناية عن الإطعام وحقيقة ضاف مال اليه من ضاف السهم عن الغرض إذا مال وعن النبي عليه السلام (كانوا اهل قرية لئاما) : قال الشيخ سعدى قدس سره
بزركان مسافر بجان پرورند كه نام نكويى بعالم برند
غريب آشنا باش وسياح دوست كه سياح جلاب نام نكوست
تبه كرد دان مملكت عن قريب كز وخاطر آزرده كردد غريب
نكودار ضيف ومسافر عزيز وز آسيب شان بر حذر باش نيز
وفى الحكاية ان أهلها لما سمعوا الآية جاؤا الى النبي عليه السلام بحمل من الذهب وقالوا نشترى بهذا ان تجعل الباء تاء يعنى فأتوا ان يضيفوهما اى لان يضيفوهما وقالوا غرضنا دفع اللؤم فامتنع وقال تغييرها يوجب دخول الكذب فى كلام الله والقدح فى الالهة كذا فى التفسير الكبير فَوَجَدا فِيها قال الكاشفى [ايشان كرسنه بيرون ديه بودند بامداد روى براه نهادند پس يافتند در نواحى ديه] جِداراً [ديوارى مائل شده بيك طرف] يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ الارادة نزوع النفس اى شىء مع حكمه فيه بالفعل او عدمه والارادة من الله هى الحكم وهذا من مجاز كلام العرب لان الجدار لا ارادة له وانما معناه قرب ودنا من السقوط كما يقول العرب دارى تنظر الى دار فلان إذا كانت تقابلها قال فى الإرشاد اى يدانى ان يسقط فاستعيرت الارادة للمشاركة للدلالة على المبالغة فى ذلك. والانقضاض الاسراع فى السقوط وهو انفعال من القض يقال قضضته فانقض ومنه انقضاض الطير والكواكب لسقوطها بسرعة وقيل هو افعلال من النقض كالحمر من الحمرة فَأَقامَهُ فسواه الخضر بالاشارة بيده كما هو المروي عن النبي عليه السلام وكان طول الجدار فى السماء مائة ذراع قالَ له موسى لضرورة الحاجة الى الطعام قال الكاشفى [كفت موسى اين اهل ديه ما را جاى ندادند وطعام نيز نفرستادند پس چرا ديوار ايشانرا عمارت كردى] والجملة جزاء الشرط لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ افتعل من اتخذ بمعنى أخذ كاتبع وليس من الاخذ عند البصريين عَلَيْهِ على عملك أَجْراً اجرة حتى نشترى بها طعاما قال بعضهم لما قال له لِتُغْرِقَ أَهْلَها قال الحضر أليس كنت فى البحر ولم تغرق من غير سفينة ولما قال أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ
قال أليس فتلت القبطي بغير ذنب ولما قال لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قال أنسيت سقياك لبنات شعيب من غير اجرة وهذا من باب لطائف المحاورات قال القاسم لما قال موسى هذا القول وقف ظبى بينهما وهما جائعان من جانب موسى غير مشوى ومن جانب الحضر مشوى لان الحضر اقام الجدار بغير طمع وموسى رده الى الطمع قال ابن عباس
282
لتلقين نفسك فى النار او من الجبل او لاقتلنك وكان الإلقاء بحيث لا ينجو يختار ما هو الأهون فى زعمه عند الامام وعندهما يصبر حتى يقتل كذا فى الأشباه وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ هم اليهود سألوه على وجه الامتحان عن رجل طواف بلغ شرق الأرض وغربها او سأل قريش بتلقينهم وصيغة الاستقبال للدلالة على استمرارهم على ذلك الى ورود الجواب وهو ذو القرنين الأكبر واسمه إسكندر بن فيلقوس اليوناني ملك الدنيا بأسرها كما قال مجاهد ملك الأرض اربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان وذو القرنين والكافران نمرود وبخت نصر وفى مشكاة الأنوار شداد بن عاد بدل بخت نصر وكان ذو القرنين بعد نمرود فى عهد ابراهيم عليه السلام على ما يأتى ولكنه عاش طويلا الفا وستمائة سنة على ما قالوا وفى تفسير الشيخ وكان بعد ثمود وكان الخضر على مقدمة جيشه بمنزلة المستشار الذي هو من الملك بمنزلة الوزير قال ابن كثير والصحيح انه ما كان نبيا ولا ملكا وانما كان ملكا صالحا عادلا ملك الأقاليم وقهر أهلها من الملوك وغيرهم وانقادت له البلاد مات بمدينة شهر زور بعد ما خرج من الظلمة ودفن فيها وفى التبيان مدة دوران ذى القرنين فى الدنيا خمسمائة ولما فرغ من بناء السد رجع الى بيت المقدس ومات به وانما سمى بذي القرنين لانه بلغ قرنى الشمس اى جانبيها مشرقها ومغربها كما لقب أردشير واضع النرد بطويل اليدين لنفوذ امره حيث أراد وفى القاموس لما دعاهم الى الله ضربوه على قرنه الايمن فمات فاحياه الله ثم دعاهم فضربوه على قرنه الأيسر فمات ثم أحياه الله كما سمى على بن ابى طالب رضى الله عنه بذي القرنين لما كان شجتان فى قرنى رأسه إحداهما من عمرو بن ود والثانية من ابن ملجم لعنه الله وفى قصص الأنبياء وكان قد رأى فى منامه انه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها فى شرقها وغربها فلما قص رؤياه على قومه سموه به وقال الامام السيوطي رحمه الله فى الأوائل أول من لبس العمامة ذو القرنين وذلك انه طلع له فى رأسه قرنان كالظلفين يتحركان فلبسها من أجل ذلك ثم انه دخل الحمام ومعه كاتبه فوضع العمامة وقال لكاتبه هذا امر لم يطلع عليه غيرك فان سمعت به من أحد قتلتك فخرج الكاتب من الحمام فاخذه كهيئة الموت فاتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادى ألا ان للملك قرنين فانبت الله من كلمته قصبتين فمر بهما راع فقطعهما واتخذهما مزمارا فكان إذا زمر خرج من القصبتين ألا ان للملك قرنين فانتشر ذلك فى المدينة فقال ذو القرنين هذا امر أراد الله ان يبديه واما ذو القرنين الثاني وهو إسكندر الرومي الذي يؤرخ بايامه الروم فكان متأخرا عن الاول بدهر طويل اكثر من الفى سنة كان هذا قبل المسيح عليه السلام بنحو من ثلاثمائة سنة وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف وهو الذي حارب دارا وأذل ملوك الفرس ووطئ ارضهم وكان كافرا عاش ستا وثلاثين سنة فالمراد بذي القرنين فى القرآن هو الاول دون الثاني وقد غلط كثير من العلماء فى الفرق بينهما فظنوا ان المذكور فى الآية هو الرومي سامحهم الله تعالى قُلْ لهم فى الجواب سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ ساذكر لكم ايها السائلون مِنْهُ اى من خبر ذو القرنين وحاله فحذف المضاف ذِكْراً نبأ مذكورا وبيانا او ساتلو فى شأنه من جهته تعالى ذكرا اى قرآنا والسين للتأكيد والدلالة على التحقق اى لا اترك التلاوة
فى كتابه ففعل بهم كما فعل بغيرهم ثم مشى على ما فى الظلمة ثمانية ايام كملا وثمانى ليال وأصحابه ينتظرون حتى انتهى الى الجبل الذي هو محيط بالأرض كلها وإذا يملك قابض على الجبل وهو يقول سبحان ربى من الأزل الى منتهى الدهر وسبحان ربى من أول الدنيا الى آخرها وسبحان ربى من موضع كفى الى عرش ربى وسبحان ربى من منتهى الظلمة الى النور بصوت رفيع شديد لا يفتر فلما رأى ذلك ذو القرنين خر ساجدا لله فلم يرفع رأسه حتى قواه الله وأعانه على النظر الى ذلك الجبل والملك القابض عليه فقال له الملك كيف قويت على ان تبلغ هذا الموضع ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك قال قوانى الله الذي قواك على قبض هذا الجبل فاخبرنى عن قبضك على هذا الجبل فقال انى موكل به وهو جبل قاف المحيط بالأرض ولولا هذا الجبل انكفأت الأرض باهلها وليس على ظهر الأرض جبل أعظم منه فلما أراد ذو القرنين الرجوع قال للملك أوصني قال الملك يا ذا القرنين لا يهمنك رزق غد. ولا تؤخر عمل اليوم لغد. ولا تحزن على ما فاتك وعليك بالرفق ولا تكن جبارا متكبرا
تكبر كند مرد حشمت پرست نداند كه حشمت بحلم اندرست
وجود تو شهريست پر نيك وبد تو سلطان ودستور دانا خرد
همانا كه دونان گردن فراز درين شهر كبرست وسود او آز
چوسلطان عنايت كند با بدان كجا ماند آسايش بخردان
تو خود را چوكودك ادب كن بچوب بگرز گران مغز مردم مكوب
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً اى تبع وسلك طريقا راجعا من مغرب الشمس موصلا الى مشرقها قال الكاشفى [قوم تماسك را با خود برده لشكر نور را ز پيش روان كرد وعسكر ظلمت را از پس بداشت وبجانب جنوب متوجه شده قوم هاويل را كه قطر ايمن بود مسخر كرد بهمان طريق كه در ناسك مذكور شد پس روى بمشرق نهاد] حَتَّى إِذا بَلَغَ [تا چون رسيد] مَطْلِعَ الشَّمْسِ يعنى الموضع الذي تطلع عليه الشمس اولا من معمورة الأرض. وبالفارسية [موضعى كه مبدأ عماراتست از جانب شرق] إذ لا يمكنه ان يبلغ موضع طلوع الشمس قيل بلغه فى اثنتي عشرة سنة وقيل فى اقل من ذلك بناء على ما ذكر من انه سخر له السحاب وطوى له الأسباب وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ عراة لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها من امام الشمس سِتْراً من اللباس والبناء يعنى ليس لهم لباس يتسترون به من حر الشمس ولا بناء يستظلون فيه لان ارضهم لا تمسك الابنية لغاية رخاوتها وبها أسراب فاذا طلعت الشمس دخلوا الأسراب او البحر من شدة الحر وإذا ارتفعت عنهم خرجوا يعنى [وقتى كه آفتاب ارتفاع پذيرفتى واز سمت رأس ايشان دور كشتى از زير زمين بيرون آمده ماهى كرفتندى وبا آفتاب بريان كرده خوردندى] قال الحدادي ليس على رؤسهم ولا على أجسادهم شعر وليس لهم حواجب وكأنما سلخت وجوهم وذلك من شدة حر بلادهم- وحكى- عن بعضهم خرجت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء فقالوا بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم فاذا أحدهم يفرش اذنه ويلتحف بالأخرى ومعى صاحب يعرف
أكلوه ويأكلون الحشرات والحيات والعقارب قال فى حياة الحيوان التنين ضرب من الحيات كاكبر ما يكون فيها وفى فمه أنياب مثل أسنة الرماح وهو طويل كالنخلة السحوق احمر العينين مثل الدم واسع الفم والجوف براق العينين يبتلع كثيرا من الحيوان يخافه حيوان البر والبحر إذا تحرك يموج البحر لشدة قوته وأول امره يكون حية متمردة تأكل من دواب البر ما ترى فاذا كثر فسادها احتملها ملك والقاها فى البحر فتفعل بدواب البحر ما كانت تفعل بدواب البر فيعظم بدنها حتى يكون رأسها كالتل العظيم فيبعث الله تعالى ملكا يحملها ويلقيها الى يأجوج ومأجوج قال فى قصص الأنبياء إذا قذفوا بها خصبوا والا قحطوا فَهَلْ [پس آيا] نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً جعلا من أموالنا اى اجرا نخرجه لك والخرج والخراج واحد كالنول والنوال او الخراج ما على الأرض والزمة والخرج المصدر او الخرج ما كان على كل على كل راس والخراج ما كان على البلد او الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك أداؤه عَلى أَنْ تَجْعَلَ [بشرط آنكه بكنى] بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا حاجزا يمنعهم من الخروج والوصول إلينا قالَ ذو القرنين ما مَكَّنِّي بالإدغام وقرئ بالفك اى الذي مكننى وبالفارسية [آنچهـ دست رس داده مرا] فِيهِ رَبِّي وجعلنى فيه مكينا قادرا من الملك والمال وسائر الأسباب خَيْرٌ مما تريدون ان تبذلوه الىّ من الخراج فلا حاجة لى اليه ونحوه قول سليمان عليه السلام فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل وبآلات لا بد منها فى البناء أَجْعَلْ جواب الأمر بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً حاجزا حصينا وحجابا عظيما. وبالفارسية [حجابى سخت كه بعضى از ان بر بعضى مركب باشد] وهو اكبر من السد وأوثق يقال ثوب مردم اى فيه رقاع فوق رقاع وهذا اسعاف بمرامهم فوق ما يرجونه وفى التأويلات النجمية قوله تعالى آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ تفسير للقوة فيكون المراد بها ترتيب الآلات. وزبر جمع زبرة كغرف جمع غرفة وهى القطعة الكبيرة وهذا لا ينافى رد خراجهم لان المأمور به الإيتاء بالثمن والمناولة ولان إيتاء الآلة من قبيل الاعانة بالقوة دون الخراج على العمل قال فى القصص قالوا من اين لنا من الحديد ما يسع هذا العمل فدلهم على معدن الحديد والنحاس ولعل تخصيص الأمر بالايتاء بها دون سائر الآلات من الصخور ونحوها لما ان الحاجة إليها أمس إذ هى الركن فى السد قال الكاشفى [منقولست كه فرمود تا خشتها از آهن بساختند بفارغ دلى جابجا تن زدند همه روز شب خشت آهن زدند وحكم كرد تا ميان آن كوه را چهار هزار قدم بود در شصت و پنج كز عرض بكنند تا بآب رسيد] وفى القصص قاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال وقال بعضهم حفر ما بين السدين وهو مائة فرسخ حتى بلغ الماء وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب بدل الطين لها والبنيان من زبر الحديد بين كل زبرتين الحطب والفحم حَتَّى إِذا [تا چون] ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ الصدف منقطع الجبل او ناحيته وبين مفعول كبين السدين اى آتوه إياها فجعل يبنى شيأ فشيأ حتى إذا جعل ما بين ناحيتى الجبلين مساويا لهما فى السمك يعنى ملأ ما بينهما الى أعلاهما وكان ارتفاعه مائتى ذراع وعرضه خمسين ذراعا ثم وضع المنافخ حوله قالَ
هين ز لاى نفى سرها بر زنيد... اين خيال ووهم يكسو افكنيد
اى همه پوشيده در كون وفساد... جان باقيتان نروييد ونزاد
هين كه اسرافيل وقتند أوليا... مرده را زيشان حياتست ونما
جان هر يك مرده از كور تن... بر جهد ز آوازشان اندر كفن
كويد اين آواز ز آواها جداست... زنده كردن كار آواز خداست
ما بمرديم وبكلى كاستيم... بانك حق آمد همه بر خاستيم
مطلق آن آواز خود از شه بود... كر چهـ از حلقوم عبد الله بود
وَعَرَضْنا يقال عرض الشيء له أظهره اى أظهرنا جَهَنَّمَ معرب والأصل [چهـ نم] كذا قال البعض يَوْمَئِذٍ يوم إذ جمعنا الخلائق كافة لِلْكافِرِينَ منهم حيث جعلناها بحيث يرونها ويسمعون لها تغيظا وزفيرا عَرْضاً هائلا لا يعرف كنهه وفى الحديث (يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها) اى يؤتى بها (يوم القيامة من المكان الذي خلقها الله فيه فتوضع بأرض حتى لا يبقى طريق للجنة الا الصراط) وهذه الازمة تمنعها عن الخروج على اهل المحشر الا من شاء الله كذا فى شرح المشارق لابن ملك وتخصيص العرض بالكافرين مع انها بمرأى من اهل الجمع قاطبة لان ذلك لاجلهم خاصة وهذا العرض يجرى مجرى العقاب لهم من أول الأمر لما يتداخلهم من الغم العظيم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان جهنم لو كانت معروضة على أرواح الكافرين قبل يوم القيامة كما كانت معروضة على أرواح المؤمنين لآمنوا بها كما آمن المؤمنون بها إذ لم تكن أعينهم فى غطاء عن ذكر الله وكانوا يستطيعون سمعا لكلام الله تعالى لان آذان قلوبهم مفتوحة الَّذِينَ الموصوفون مع صلته نعت للكافرين او بدل ولذا لا وقف على عرضا كما فى الكواشي كانَتْ أَعْيُنُهُمْ وهم فى الدنيا فِي غِطاءٍ غلاف غليظ محاطة بذلك من جميع الجوانب. والغطاء ما يغطى الشيء ويستره. وبالفارسية [پرده و پوشش] عَنْ ذِكْرِي عن الآيات المؤدية لاولى الابصار المتدبرين فيها الى ذكرى بالتوحيد والتمجيد كما قيل
ففى كل شىء له آية... تدل على انه واحد
برك درختان سبز در نظر هوشيار... هر ورقى دفتريست معرفت كردكار
وَكانُوا مع ذلك لا يَسْتَطِيعُونَ لفرط تصاممهم عن الحق وكمال عداوتهم للرسول ﷺ سَمْعاً استماعا لذكرى وكلامى يعنى ان حالهم أعظم من الصمم فان الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به وهؤلاء زالت عنهم تلك الاستطاعة
چون تو قرآن خوانى اى صدرامم... كوش شانرا پرده سازم از صمم
چشمشانرا نيز سازم چشم بند... تا ببينند وكلامت نشنوند
قال فى الإرشاد وهذا تمثيل لاعراضهم عن الادلة السمعية كما ان الاول تصوير لتعاميهم عن الآيات المشاهدة بالأبصار قال بعض الكبار كانت أعين نفوسهم فى غطاء الغفلة عن نظر العبرة وأعين قلوبهم فى غطاء حب الدنيا وشهواتها عن رؤية درجات الاخرة ودركاتها
المنعوتون بما ذكر من ضلال السعى مع الحسبان المزبور الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ بدلائله الداعية الى التوحيد عقلا ونقلا وَلِقائِهِ بالبعث وما يتبعه من امور الآخرة على ما هى عليه فَحَبِطَتْ بطلت بذلك أَعْمالُهُمْ المعهودة حبوطا كليا فلا يثابون عليها فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى لاولئك الموصوفين بما مر من حبوط الأعمال وَزْناً اى فنزدرى بهم ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا [بلكه خوار ومبتذل خواهند بود] لان مداره الأعمال الصالحة وقد حبطت بالمرة وحيث كان هذا الازدراء من عواقب حبوط الأعمال عطف عليه بطريق التفريع واما ما هو من اجزية الكفر فسيجيئ بعد ذلك وفى الحديث (يؤتى بالرجل الطويل الأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة) اى لا يوضع له قدر لخساسته وكفره وعجبه (اقرأوا ان شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) اى لا نضع لاجل وزن أعمالهم ميزانا لانه انما يوضع لاهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليتميز به مقادير الطاعات والمعاصي ليترتب عليه التكفير او عدمه لان ذلك فى الموحدين بطريق الكمية واما الكفر فاحباط للحسنات بحسب الكيفية دون الكمية فلا يوضع لهم الميزان قطعا وفى التأويلات النجمية لان وزن الاشخاص والأعمال فى ميزان القيامة انما يكون بحسب الصدق والإخلاص فمن زاد إخلاصه زاد ثقل وزنه ومن لم يكن فيه وفى اعماله اخلاص لم يكن له ولا لعمله وزن ومقدار كما قال الله تعالى وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ اى بلا اخلاص فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً فلا يكون للهباء المنثور وزن ولا قيمة ذلِكَ اى الأمر ذلك وقوله تعالى جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ جملة مبينة له بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً يعنى بسبب كفرهم وإنكارهم لما يجب ايمانهم وإقرارهم به واتخاذهم القرآن وغيره من الكتب الالهية ورسل الله وأنبياءه سخرية واستهزاء من قبيل الوصف بالمصدر للمبالغة يعنى انهم بالغوا فى الاستهزاء بآيات الله ورسله فكأنهم جعلوها وإياهم عين الاستهزاء او المعنى مهزوا بهما او مكان هزء واعلم ان العلماء ورثة الأنبياء وعلومهم مستنبطة من علومهم فكما ان العلماء العاملين ورثة الأنبياء والمرسلين فى علومهم وأعمالهم كذلك المستهزءون بهم ورثة ابى جهل وعقبة ونحوهما فى استهزائهم وضلالهم ومن استهزاء ابى جهل بالنبي ﷺ انه كان يخلج بانفه وفمه خلف رسول الله يسخر به فاطلع عليه عليه السلام يوما فقال (كن كذلك) فكان كذلك الى ان مات. ومن استهزاء عقبة به عليه السلام انه بصق يوما فى وجه النبي ﷺ فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا وفى حقه نزل وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ اى فى النار يأكل احدى يديه الى المرفق ثم يأكل الاخرى فتنبت الاولى فيأكلها وهكذا كذا فى انسان العيون وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم باب من الجنة فيقال هلم هلم فيجيئ بكربه وغمه فاذا جاء اغلق دونه فما يزال كذلك حتى ان الرجل ليفتح له الباب فيقال هلم هلم فما يأتيه) كما فى الطريقة اللهم اجعلنا من اهل الجد لا من اهل الهزل ووفقنا للعمل بما فى القرآن الجزل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا فى الدنيا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الأعمال وهى ما كانت خالصة لوجه الله تعالى كانَتْ لَهُمْ فى علم الله تعالى جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ [بهشتهاى فردوس يعنى بوستانهاى مشتمل بر أشجار كه
Icon