تفسير سورة الكهف

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة الكهف مكية أو إلا آية ﴿ واصبر نفسك ﴾ [ ٢٨ ].

١ - ﴿عبده﴾ محمد [صلى الله عليه وسلم]، والكتاب: القرآن تمدح بإنزاله عليه خصوصاً وعلى الخلق عموماً. ﴿عِوَجَا﴾ ملتبساً، أو مختلفاً، أو عادلاً عن الحق والاستقامة والبلاغة إلى الباطل والفساد والعي، والعِوَج بكسر العين في الدين والطريق وما ليس بقائم منتصب، وبفتحها في القناة والخشبة وما كان قائماً منصباً.
٢ - ﴿قَيِّماً﴾ مستقيماً معتدلاً، أو قيّم على كتب الله يصدقها وينفي الباطل عنها، أو يعتمد عليه ويرجع إليه كقيّم الدار، وفيه تقديم تقديره " أنزل الكتاب قيماً ولم يجعل له عوجاً " قاله الجمهور، أو التقدير لم يجعل له عوجاً لكن جعله قيّماً ﴿بَأْساً﴾ يحتمل الاستئصال بعذاب الدنيا، أو جهنم.
237
﴿فلعلك باخعٌ نفسك علىءاثرهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً﴾
238
٦ - ﴿بَاخِعٌ﴾ قاتل، أو متحسر أسف على آثار قريش ﴿إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ﴾ بالقرآن ﴿أَسَفاً﴾ غضباً، أو جزعاً، أو ندماً، أو حزناً.
٧ - ﴿مَا عَلَى الأَرْضِ﴾ أشجارها وأنهارها، أو الأنبياء والعلماء، أو الرجال، أو كل ما عليها، أو زينة لها: شهوات لهم زينت في أعينهم وأنفسهم ﴿أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ تركاً لها وإعراضاً عنها، أو أصفى قلباً وأهدى سمتاً، أو توكلاً علينا فيها، ويحتمل / اعتباراً بها وتركاً لحرامها.
٨ - ﴿صَعِيداً﴾ أرضاً مستوية، أو وجه الأرض لصعوده، أو التراب ﴿جُرُزاً﴾ بلقعاً أو ملساً، أو محصورة، أو يابسة لا نبات بها ولا زرع. قد جرفتهن السنون الأجرار. ﴿أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا من ءاياتنا عجباً إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربّنا ءاتنا من لدنك رحمةً وهيئ لنا من أمرنا رشداً فضربنا علىءاذانهم في الكهف سنين عدداً ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً﴾
٩ - ﴿الْكَهْفِ﴾ غار في الجبل الذي أووا إليه، ﴿وَالرَّقِيمِ﴾ اسم ذلك الجبل، أو اسم قريتهم، أو كلبهم، أو لكل كلب، أو الوادي، وقيل هو وادٍ بالشام نحو أيلة، أو الكتاب الذي فيه شأنهم من رقم الثوب، وكان لوحاً من
238
رصاص على باب الكهف، أو في خزائن الملوك لعجيب أمرهم، أو الدواة بالرومية، أو قوم من أهل السراة كانت حالهم كحال أصحاب الكهف، قاله سعيد ﴿عَجَباً﴾ ما حسبت أنهم كانوا عجباً لولا أخبرناك وأوحينا إليك، أو أحسبت أنهم أعجب آياتنا وليسوا بأعجب خلقنا.
239
١٠ - ﴿أَوَى الْفِتْيَةُ﴾ قوم فروا بدينهم إلى الكهف، أو أبناء أشراف خرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد فقال: أسنهم أجد في نفسي شيئاً ما أظن أحداً يجده " إن ربي رب السماوات والأرض " فقالوا جميعا: ﴿رَبُّنَا رب السماوات والأرض﴾ الآية [١٤] ثم دخلوا اكاهف فلبثوا فيه ثلاثمائة وتسعاً، أو من أبناء الروم دخلوا الكهف قبل عيسى - عليه الصلاة والسلام - وضرب على آذانهم فلما بعث عيسى - عليه الصلاة والسلام - أُخبر بخبرهم ثم بُعثوا بعده في الفترة التي بينه وبين محمد [صلى الله عليه وسلم].
١١ - ﴿فَضَرَبْنَا﴾ الضرب على الآذان منعها من السماع، يدل على أنهم كانوا نياماً وضرب على آذانهم لئلا يسمعوا من يوقظهم ﴿عَدَداً﴾ محصية، أو كاملة ليس فيها شهور ولا أيام.
١٢ - ﴿بَعَثنَاهُمْ﴾ أيقظناهم ﴿أَمَداً﴾ عدداً، أو أجلاً، أو غاية ﴿الْحِزْبَيْنِ﴾ من قوم الفتية، أو أحدهما الفتية والآخر من حضرهم من أهل زمانهم، أو أحدهما مؤمنون والآخر كفار، أو أحدهما الله والآخر الخلق تقديره أأنتم أعلم أم الله. أ
239
﴿نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية ءامنوا بربّهم وزدناهم هدىً وربطنا على قلوبهم إذ قاموا ربّنا ربّ السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً لقد قلنا إذاً شططاً هؤلاء قومنا أتخذوا من دونه ءالهةً لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأوءا إلى الكهف ينشر لكم ربّكم من رحمته ويهيء لكم من أمركم مرفقاً﴾
240
١٤ - ﴿شَطَطاً﴾ كذباُ، أو غلواً، أو جوراً.
239
١٤ - ﴿وَرَبَطْنَا﴾ ثبتنا، أو ألهمناها صبراً ﴿شَطَطاً﴾ غلواً، أو تباعداً.
240
١٥ - ﴿بِسُلْطَانِ﴾ حجة، أو عذر، أو كتاب.
١٦ - ﴿مِّرْفَقاً﴾ سعة، أو معاشاً، بكسر الميم إذا وصل إليك من غيرك، وبفتحها، إذا وصلته إلى غيرك. ﴿وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوةٍ منه ذلك من ءايات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً﴾
١٧ - ﴿تزاور﴾ تعرض عنه فلا تصيبه، أوتميل عنه ذات اليمين ﴿تَّقْرِضُهُمْ﴾ تحاذيهم، القرض: المحاذاة، أو تجوزهم منحرفة وتقطعهم قرضته بالمقراض قطعته، أو تعظيهم القليل من شعاعها ثم تأخذه بانصرافها، من قرض
240
الدراهم التي ترد، لأنهم كانوا في مكان موحش، أو لم يكن عليهم سقف فلو أطلعت عليهم لأحرقتهم، كان كهفهم بإزاء بنات نعش فلم تصبهم عند شروقها وغروبها، أو صرفها الله - تعالى - عنهم لتبقى أجسادهم عبرة لمن شاهدهم. ﴿فَجْوَةٍ﴾ فضاء، أو داخل منه، أو مكان موحش، أو مكان متسع. ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وهم رقودٌ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لو ليت منهم فرارً ولملئت منهم رعباً﴾
241
١٨ - ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً﴾، لأن أعينهم مفتوحة يتنفسون ولا يتكلمون، أو لأنهم يقلبون يميناً وشمالاً. ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ﴾ تقليب النيام لئلا تأكلهم الأرض، أو كل ستة أشهر على جنب " ع "، أو لم يقلبوا إلا في التسع بعد الثلاثمائة ﴿وَكَلْبُهُم﴾ من جملة الكلاب اسمه " حمران " أو " قطمير " أو هو إنسان طباخ لهم، أو راعي ﴿بِالْوَصِيدِ﴾ لعله العتبة، أو الفناء " ع "، أو الصعيد والتراب، أو الباب أوالحظيرة. ﴿رُعْباً﴾ فزعاً لطول أظفارهم وأشعارهم ولما ألبسوا من الهيبة لئلا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله، ولما غزا ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - مع معاوية بحرالروم فانتهوا إلى الكهف عزم معاوية أن يدخل عليهم فينظر إليهم، فقال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: ليس هذا لك فقد منعه الله - تعالى - من هو خير منك، فقال: ﴿لَوِ أطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ﴾ الآية فأرسل إليهم جماعة فلما دخلوا الكهف أرسل الله - تعالى - ريحاً
241
فأخرجتهم قيل كان رئيسهم نبياً اتبعوه وآمنوا به فكان ذلك معجزة له. ﴿وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا﴾
242
١٩ - ﴿بَعَثْنَاهُمْ﴾ أيقظناهم، وكان الكلب قد نام معهم ﴿لَبِثْنَا يَوْماً﴾ لما أُنيموا أول النهار وبُعثوا آخر نهار أخر قالوا لبثنا يوماً لأنه أطول مدة النوم المعتاد فلما رأوا الشمس لم تغرب قالوا: أو بعض يوم ﴿قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ﴾ لما رأى كبيرهم اختلافهم قال: ذلك، أو هو حكاية عن الله - تعالى - أنه أعلم بمدة لبثهم. ﴿بِوَرِقِكُمْ﴾ بكسر الراء وسكونها الدراهم، وبفتحها الإبل والغنم ﴿أزْكَى﴾ أكثر، أو أحل أو خير، أو أطيب، أو أرخص. ﴿بِرِزْقٍ﴾ يحتمل بما ترزقون أكله، أو بما يحل أكله ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ في إخفاء أمركم، أو ليسترخص فيه دليل على جواز المناهدة وكان الجاهلية يستقبحونها فأباحها الشرع.
٢٠ - ﴿يَرْجُمُوكُمْ﴾ بأيديهم استنكاراً لكم، أو بألسنتهم غيبة وشتماً أو يقتلوكم لأن الرجم من أسباب القتل. ﴿وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا﴾
٢١ - ﴿أَعْثَرْنَا﴾ أظهرنا أهل بلدهم عليهم، أو اطَّلعنا برحمتنا إليهم ﴿لِيَعْلَمُواْ﴾ يحتمل ليعلم أهل بلدهم أن وعد الله بالبعث حق لأنه لما خرق العادة في إنامتهم كان قادراً على إحياء الموتى، أو ليرى أهل الكهف بعد علمهم أن وعد الله حق ﴿إِذْ يَتَنَازَعُونَ﴾ لما دخل أحدهم المدينة لشراء الطعام استنكر أهل المدينة شخصه وورقه لبعد العهد فحمل إلى الملك وكان صالحاً مؤمناً لما نظر إليه قال: لعله من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك، وقد كنت أدعوا الله أن يرينيهم، وسأل الفتى فأخبره، فانطلق والناس معه إليهم فلما دنا من الكهف وسمع الفتية كلامهم خافوا وأوصى بعضهم بعضاً بدينهم فلما دخلوا عليهم ماتوا ميتة الحق، فتنازعوا هل هم أحياء، أو موتى؟، أو علموا موتهم وتنازعوا في هل يبنون عليهم بناء يعرفون به، أو يتخذون عليهم مسجداً. ﴿سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا﴾
٢٢ - ﴿وَثَامِنُهُمْ﴾ أدخل الواو على انقطاع القصة وأن الخبر / قد تم، والذين اختلفوا في عددهم أهل بلدهم قبل الظهور عليهم، أو أهل الكتاب بعد طول العهد بهم ﴿رَجْماً بِالْغَيْبِ﴾ قذفاً بالظن ﴿قَلِيلٌ﴾ ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - " أنا من القليل الذي استثنى الله - تعالى - كانوا سبعة وثامنهم
243
كلبهم "، ابن جريح: " كانوا ثمانية " وقوله: ثامنهم كلبهم أي صاحب كلبهم ولما غابوا عن قومهم كتبوا أسماءهم، فلما بان أمرهم كُتبت أسماؤهم على باب الكهف. ﴿مِرَآءً ظَاهِراً﴾ ما أظهرنا لك من أمرهم، أو حسبك ما قصصناه عليك فلا تسأل عن إظهار غيره، أو بحجة واضحة وخبر صادق، أو لا تجادل أحداً إلا أن تحدثهم به حديثاً " ع "، أو هو أن تشهد الناس عليه ﴿وَلا تَسْتَفْتِ﴾ يا محمد فيهم أحداً من أهل الكتاب، أو هو خطاب للرسول [صلى الله عليه وسلم] ونهي لأمته. ﴿ولا تقولنّ لشاىءٍ إنى فاعلٌ ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر ربّك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشداً﴾
244
٢٤ - ﴿إِلآ أَن يَشَآءَ اللَّهُ﴾ فيه إضمار إلا أن تقول: لأنه إذا علق بالمشيئة لم يكن كاذباً بأخلافه، ولا كفارة عليه إن كان يمين مع ما فيه من الإذعان لقدرة الله - تعالى - ﴿إِذَا نَسِيتَ﴾ الشيء فاذكر الله - تعالى - ليذكرك إياه فإن فعل برئت ذمتك وإلا فسيدلك على أرشد منا نسيته، أو اذكره إذا غضبت ليزول غضبك، أو إذا نسيت الاستثناء فاذكر ربك بقولك ﴿عسى أن يهديني رَبِّى﴾ الآية، أو اذكره بالاستثناء، ويصح الاستثناء إلى سنة فتسقط الكفارة ولا يصح بعدها " ع "، أو في مجلس اليمين ولا يصح بعد فراقه، أو يصح ما لم يأخذ في كلام غير اليمين، أو مع قرب الزمان دون بعده، أو مع الاتصال باليمين دون الانفصال.
244
ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنين وازدادوا تسعاً قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولى ولا يشرك في حكمه أحداً}
245
٢٥ - ﴿وَلَبِثُواْ﴾ من قول نصارى نجران، أو اليهود فرده الله - تعالى - بقوله: ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾، أو أخبر الله - تعالى - بذلك عن مدة لبثهم فيه من حين دخلوه إلى أن ماتوا فيه ﴿تِسْعاً﴾ هو ما بين السنين الشمسية " والقمرية ".
٢٦ - ﴿أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾ بعد موتهم إلى نزول القرآن فيهم، أو بالمدة التي ذكرها عن اليهود ﴿أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ﴾ الله أبصر بما قال وأسمع لما قالوا، أو أبصرهم وأسمعهم ما قال الله - تعالى - فيهم ﴿وَلِىٍّ﴾ ناصر، أو مانع ﴿حكمه﴾ علم الغيب، أو الحكم. ﴿واتل ما أوحى إليك من كتاب ربّك لا مبدّل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحداً واصبر نفسك مع الذين يدعون ربّهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً﴾
٢٧ - ﴿مُلْتَحَداً﴾ ملجأ، أو مهرباً أو معدلاً، أو ولياً.
٢٨ - ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ تعظيمه، أو طاعته نزلت على الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة فقال: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر معهم ﴿يَدْعُونَ﴾ رغبة ورهبة، أو يحافظون على صلاة الجماعة، أو الصلوات المكتوبة " ع ".
245
وخص عمل النهار، لأن عمل النهار إذا كان لله - تعالى - فعمل الليل أولى، ﴿وَلا تَعْدُ﴾ لا تتجاوزهم بالنظر إلى أهل الدنيا طلباً لزينتها ﴿وَلا تُطِعْ﴾ قال عيينة بن حصن للرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل أن يسلم لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلساً منك لا يجامعونا فيه ولهم مجلساً لا نجامعهم فيه فنزلت ﴿أغفلنا﴾ جعلناه غافلاً، أو وجدناه غافلاً ﴿وابتع هواه﴾ في طلبه التمييز على [١٠٢ / ب] غيره، أو في / شهواته وأفعاله ﴿فُرُطاً﴾ ضياعاً أو متروكاً، أو ندماً، أو سرفاً وإفراطاً، أو سريعاً، أفرط أسرف وفرط قصّر. ﴿وقل الحق من رّبّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا بماءٍ كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً﴾
246
٢٩ - ﴿فَمَن شَآءَ﴾ الله فليؤمن ﴿وَمَن شَآءَ﴾ الله فليكفر، أوتهديد ووعيد أو المعنى لا تنفعون الله بإيمانكم ولا تضرونه بكفركم، أومن شاء أن يعرض نفسه للجنة بالإيمان ومن شاء أن يعرضها للنار بالكفر ﴿سُرَادِقُهَا﴾ حائطها الذي يحيط بها، أو دخانها ولهبها قبل وصولهم إليها ﴿ظِلٍّ ذِى ثَلاَثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: ٣٠] أو البحر المحيط بالدينا مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] سرادق:
246
فارسي معرب أصله سرادر ﴿بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ﴾ القيح والدم، أو كدردي الزيت، أو كل شيء أذيب حتى انماع، أو الذي انتهى حره وسماه إغاثة لاقترانه بالاستغاثة ﴿مُرْتَفَقاً﴾ مجتمعاً من المرافقة، أو منزلاً من الارتفاق أو المتكأ مضاف إلى المرفق، أو من الرفق. ﴿إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً أولئك لهم جنات عدنٍ تجري من تحتهم الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندسٍ وإستبرقٍ متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقاً﴾
247
٣٠ - ﴿إن الذين آمنوا﴾ قال أعرابي للرسول [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع: أخبرني عن هذه الآية ﴿إن الذين آمنوا﴾، فقال: ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم
٣١ - ﴿سُندُسٍ﴾ ما لطف من الديباج، أو رق منه واحده سندسة، ﴿وَإِسْتَبْرَقٍ﴾ الديباج المنسوج بالذهب، أو ما غلظ منه، فارسي معرب أصله
247
استبرة وهو الشديد ﴿الأَرَآئِكِ﴾ الحجال، أو الفرش في الحجال، أو السرير في الحجال. ﴿واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخلٍ وجعلنا بينهما زرعاً كلتا الجنتين ءاتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً وفجرنا خلالهما نهراً وكان له ثمرٌ فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالمٌ لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً﴾
248
٣٣ - ﴿أُكُلَهَا﴾ ثمرها وزرعها ﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً﴾ فجره بينهما ليكون أقل مؤنة من سوقه إليهما وأكثر ريعاً، وهما رجلان ورثا عن أبيهما ثمانية آلاف دينار فأخذ المؤمن حقه منها فتقرب به إلى الله - تعالى - بشيء منها فأفضى أمره إلى ما ذكره الله - تعالى - أو هو مثل ضُرب لهذه الأمة ليزهدوا في الدنيا ويرغبوا في الآخرة وليس خبر عن حال تقدمت.
٣٤ - ﴿ثَمَرٌ﴾ بالفتح والضم واحد هو الذهب والفضة لإثمارهما، أو المال الكثير من صنوف الأموال " ع "، لأن تثميره أكثر، أو الأصل الذي له نماء، لأن النماء تثمير، أو بالفتح جمع ثمرة وبالضم جمع ثمار، أو بالفتح ما كان نماؤه من أصله وبالضم ما كان نماؤه من غيره، أو بالفتح ثمار النخل خاصة
248
وبالضم جميع الأموال، أو بالضم الأصل وبالفتح الفرع، وهذا ثمر الجنتين المذكورتين عند الجمهور، أو ثمر تملكه من غيره دون أصوله " ع ". ﴿قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم سواك رجلاً ٣٧ لكنّا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحداً ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك ويرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقاً أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً﴾
249
٣٧ - ﴿يُحَاوِرُهُ﴾ يناظره في الإيمان والكفر، أو في طلب الدنيا وطلب الآخرة. ٤٠ - ﴿يؤتيني﴾ في الدنيا خيراً من جنتك، أو في الآخرة ﴿حُسْبَاناً﴾ عذاباً، أو ناراً، أو برداًَ، أو عذاب حساب لأنه جزاء كفره وجزاء الله بحساب، أو مرامي كثيرة من الحسبان وهي السهام التي ترمى بمجرى في طلق واحد فكان من رمي الأكاسرة ﴿زَلَقاً﴾ أرضاً بيضاء لا تنبت ولا يثبت عليها قدم.
﴿ يؤتيني ﴾ في الدنيا خيراً من جنتك، أو في الآخرة ﴿ حُسبانا ﴾ عذاباً، أو ناراً، أو برداًَ، أو عذاب حساب لأنه جزاء كفره وجزاء الله بحساب، أو مرامي كثيرة من الحسبان وهي السهام التي ترمي بمجرى في طلق واحد فكان من رمي الأكاسرة ﴿ زَلَقا ﴾ أرضاً بيضاء لا تنبت ولا يثبت عليها قدم.
٤١ - ﴿غَوْراً﴾ ذا غور و " أو " بمعنى الواو. ﴿وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا﴾
٤٢ - / ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ أحيط بهلاكه ﴿خَاوِيَةٌ﴾ متقلبة على أعاليها.
٤٣ - ﴿فِئَةٌ﴾ جند، أو عشيرة ﴿مُنتَصِراً﴾ ممتنعاً، أو مسترداً ما ذهب منه. وهذان مذكوران في الصافات ﴿إني كان لي قرين﴾ [٥١] وضُربا مثلاً لسلمان
249
وخباب وصهيب مع أشراف مشركي قريش. ٤٤ - ﴿هُنَالِكَ﴾ في القيامة ﴿الْوَلايَةُ﴾ لا يبقى مؤمن ولا كافر إلا يتولون الله - تعالى - أو الله جزاءهم، أو يعترفون بأن الله - تعالى - هو الولي فالولاية مصدر الولي، أو النصير. والولاية بالفتح للخالق وبالكسر للمخلوقين، أو بالفتح في الدين وبالكسر في السلطان. ﴿واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيءٍ مقتدراً المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربّك ثواباً وخير أملاً﴾ ٤٥ - ﴿هشيما﴾ ما تفتت بعد اليبس من أوراق الشجر والزرع مثل لزوال الدنيا بعد بهجتها، أو لأحوال أهلها في أن مع كل فرحة ترحة.
250
﴿ هنالك ﴾ في القيامة ﴿ الولاية ﴾ لا يبقى مؤمن ولا كافر إلا يتولون الله -تعالى- أو الله جزاءهم، أو يعترفون بأن الله -تعالى- هو الولي فالولاية مصدر الولي، أو النصير. والولاية بالفتح للخالق وبالكسر للمخلوقين، أو بالفتح في الدين وبالكسر في السلطان.
﴿ هشيما ﴾ ما تفتت بعد اليبس من أوراق الشجر والزرع مثل لزوال الدنيا بعد بهجتها، أو لأحوال أهلها في أن مع كل فرحة ترحة.
٤٦ - ﴿الْمَالُ﴾ بجماله ونفعه ﴿وَالْبَنُونَ﴾ بقوتهم ودفعهم زينة الحياة ﴿والباقيات﴾ الصلوات الخمس، أو الأعمال الصالحة، أوالكلام الطيب، أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] وزاد بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ﴿الصالحات﴾ المصلحات، أوالنافعات عبّر عن المنفعة بالصلاح. ﴿عِندَ رَبِّكَ﴾ في الآخرة ﴿وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾
250
عند نفسك، لأن وعد الله - تعالى - واقع لا محالة فلا تكذب أملك فيه. ﴿ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزةً وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً وعرضوا على ربّك صفاً لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعداً ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً﴾
251
٤٧ - ﴿نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ بنقلها عن أماكنها، أو بتقليلها حتى لا يبقى منها إلا اليسير، أو بجعلها هباء منثوراً ﴿بَارِزَةً﴾ برز ما فيها من الموتى، أو صارت فضاء لا يسترها جبل ولا نبات ﴿نُغَادِرْ﴾ نترك، أو نخلف، الغدير: ماتخلفه السيول.
٤٨ - ﴿صَفّاً﴾ بعد صف كصفوف الصلاة.
٤٩ - ﴿الكتاب﴾ كتاب أعمالهم يوضع في أيديهم، أوعبر عن الحساب بالكتاب لأنهم يحاسبون على ما كُتب ﴿صَغِيرَةً﴾ الضحك " ع "، أو الصغائر التي تغفر باجتناب الكبائر ﴿كَبِيرَةً﴾ المنصوص تحريمه، أو ما قرنه الوعيد، أو الحد ﴿وَلا يَظْلِمُ ربك﴾ بنقصان ثواب ولا زيادة عقاب. {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربّه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ما
251
أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداًَ}
252
٥٠ - ﴿مِنَ الْجِنِّ﴾ حقيقة، لأن له ذرية ولا ذرية للملائكة، ولأن الملائكة رسل لا يجوز عليهم الكفر وقد كفر إبليس وهو أصل الجن كما آدم - عليه الصلاة والسلام - أصل الإنس، أوكان من ملائكة يقال لهم: الجنة، أو من ملائكة يدبرون أمر السماء الدنيا وهم خزان الجنة كما يقال: مكي وبصري، أو كان من سبط من ملائكة خُلقوا من نار يقال: لهم الجن وخُلق سائر الملائكة من نور، أو لم يكن من الجن ولا من الإنس ولكن من الجان ﴿فَفَسَقَ﴾ خرج، فسقت الرطبة خرجت من قشرها، والفأرة فويسقة لخروجها من جحرها، أو اتسع في محارم الله تعالى - والفسق: الاتساع ﴿بَدَلاً﴾ من الجنة بالنار، أو من طاعة الله - تعالى - بطاعة إبليس.
٥١ - ﴿مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ﴾ إبليس وذريته، أو جميع الخلق ما استعنت بهم / [١٠١ / ب] في خلقها، أو ما وقفتهم عليها حتى يعلموا من قدرتي ما لا يكفرون معه ﴿خَلْقَ أَنفُسِهِمْ﴾ ما استعنت ببعضهم على خلق بعض، أو ما أشهدت بعضهم خلق بعض ﴿عَضُداً﴾ أعواناً في خلق السماوات والأرض، أو أعواناً لعبدة الأوثان ﴿الْمُضِلِّينَ﴾ عام، أو إبليس وذريته. ﴿ويوم يقول نادوا شركاءى الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقاً ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً﴾
٥٢ - ﴿مَّوْبِقاً﴾ محبساً، أو مهلكاً أو موعداً، أو عداوة، أو واد في جهنم، أو واد يفصل بين الجنة والنار، أو بينهم تواصلهم في الدنيا مهلكاً لهم في الآخرة.
252
﴿فَظَنُّواْ﴾ علموا أو كانوا على رجاء العفو قبل دخولهم إليها ﴿مَصْرِفاً﴾ ملجأ، أو معدلاً ينصرفون إليه، لم يجد المشركون عنها انصرافاً، أو لم تجد الأصنام صرفاً لها عن المشركين. ﴿ولقد صرفنا في هذا القرءان للناس من كل مثلٍ وكان الإنسان أكثر شىءٍ جدلاً وما منع الناس ان يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربّهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلاً وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا ءاياتي وما انذروا هزواً﴾
253
٥٥ - ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ﴾ أنفسهم، أو الشياطين أن يؤمنوا ﴿سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾ عادتهم في عذاب الاستئصال ﴿قُبُلاً﴾ تجاهاً، أو جمع قبيل يريد أنواعاً من العذاب ﴿قِبَلا﴾ مقابلة، أو معاينة.
٥٦ - ﴿لِيُدْحِضُواْ﴾ ليزيلوا ويذهبوا، أو ليبطلوا القرآن، أو ليهلكوا الحق، من الدحض وهو المكان الذي لا يثبت عليه خف ولا حافر ولا قدم. ﴿ومن أظلم ممن ذكر بئايات ربه فأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخدهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم وموعدٌ لن يجدوا من دونه موئلاً وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً﴾
٥٨ - ﴿ذُو الرَّحْمَةِ﴾ العفو، أو الثواب، أو النعمة، أو الهدى. ﴿مَّوْعِدٌ﴾ أجل، أو جزاء يحاسبون عليه ﴿مَوْئِلاً﴾ ملجأ، أو محرزاً، أو ولياً أو منجى، لا وألت نفسه: لا نجت.
٥٩ - ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ﴾ وكلناهم إلى سوء تدبيرهم لما ظلموا بترك الشكر، أو أهلكناهم بالعذاب لما ظلموا بالكفر ﴿مَّوْعِداً﴾ أجلاً يؤخرون إليه، أو وقتاً يهلكون فيه. ﴿وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقباً فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سرباً فما جاوزا قال لفتاه ءاتنا غدآءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً ٦ قال أرءيت إذ أوينا إلى الصخرة فإنى نسيت الحوت وما انسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً ٦٣ قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا علىءاثارهما قصصا فوجدا عبداً من عبادنا ءاتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً﴾
٦٠ - ﴿لِفَتَاهُ﴾ يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى - عليه الصلاة والسلام - وسمي فتاه لملازمته له في العلم، أو الخدمة، وهو خليفة موسى على قومه من بعده، وهو موسى بن عمران عند الجمهور، وقال محمد بن إسحاق هو موسى بن ميشا بن يوسف كان نبياً لبني إسرائيل قبل موسى بن عمران ﴿الْبَحْرَيْنِ﴾ الخضر وإلياس بحران في العلم قاله السدي، أو بحر الروم وبحر فارس أحدهما في الغرب، والآخر في الشرق، أو بحر أرمينية مما يلي الأبواب، وعد أنه يلقى الخضر عند مجمعهما ﴿لا أَبْرَحُ﴾ لا أزال، أو لا أفارقك ﴿حُقُباً﴾ زماناً، أو دهراً، أو سنة بلغة قيس، أو ثمانون سنة، أو سبعون.
٦١ - ﴿مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا﴾ إفريقية ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ عبّر بالنسيان عن ضلاله
254
عنهما لما اتخذ سبيله في البحر، أو غفلا عنه فنسي يوشع ونسي موسى أن يأمر فيه بشيء، أو نسيه يوشع وحده فأضيف إليهما كما يقال نسي القوم أزوادهم إذا نسيها أحدهم ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ﴾ أحيا الله - تعالى - الحوت فطفر إلى البحر فاتخذ طريقه فيه ﴿سَرَباً﴾ مسلكاً، أو يبساً، أو عجباً.
255
٦٢ - ﴿جَاوَزَا﴾ مكان الحوت ﴿نَصَباً﴾ تعباً، أو وهناً. ٦٣،
٦٤ - ﴿الصَّخْرَةِ﴾ بشروان أرض على ساحل بحر أيلة عندها عين تسمى عين الحياة، أو الصخرة التي دون نهر الزيت على الطريق ﴿نَسِيتُ الحوت﴾ / [١٠٤ / أ] أن أحمله، أو أخبرك بأمره ﴿أَنسَانِيهُ إِلآَّ الشَّيْطَانُ﴾ بوسوسته لي وشغله لقلبي ﴿عجباً﴾ كان لا يسلك طريقاً في البحر إلا صاره ماءه صخراً فعجب موسى لذلك، أو رأى دائرة الحوت وأثره في البحر كالكوة فعجب من حياة الحوت، وقيل لموسى إنك تلقى الخضر حيث تنسى بعض متاعك فعلم أن مكان الحوت موضع الخضر ف ﴿قال ذلك ما كنا نبغي﴾ ﴿قَصَصاً﴾ يقصان أثر الحوت.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٣:﴿ الصخرة ﴾ بشروان أرض على ساحل بحر أيلة عندها عين تسمى عين الحياة، أو الصخرة التي دون نهر الزيت على الطريق ﴿ نسيتُ الحوت ﴾ أن احمله، أو أخبرك بأمره ﴿ أنسانيه إلا الشيطان ﴾ بوسوسته لي وشغله لقلبي ﴿ عجبا ﴾ كان لا يسلك طريقاً في البحر إلا صار ماؤه صخراً فعجب موسى لذلك، أو رأى دائرة الحوت وأثره في البحر كالكوة فعجب من حياة الحوت، وقيل لموسى إنك تلقى الخضر حيث تنسى بعض متاعك فعلم أن مكان الحوت موضع الخضر ف ﴿ قال ذلك ما كنا نبغي ﴾ ﴿ قَصَصا ﴾ يقصان أثر الحوت.
٦٥ - ﴿رَحْمَةً﴾ نبوة، أو نعمة، أو طاعة، أو طول الحياة، وكان مَلَكاً، أمر الله - تعالى - موسى أن يأخذ عنه علم الباطن، أو نبياً، قيل هو اليسع سمي به لأنه وسع علمه ست سموات وست أرضين، أو عبداً صالحاً عالماً ببواطن الأمور سمي خضراً لأنه كان إذا صلى في مكان اخضرّ ما حوله.
255
﴿قال له موسى هل أتبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشداً قال إنك لن تستطيع معي صبراً وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً قال ستجدني إن شاءالله صابراً ولا أعصى لك أمراً قال فإن اتّبعتني فلا تسئلني عن شىءٍ حتى أحدث لك منه ذكراً﴾
256
٦٦ - ﴿رُشْداً﴾ علماً، أو كان في علمه غي يجتنب ورشد يؤتى فطلب منه تعليم الرشد الذي لا يعرفه ولم يطلب تعلم الغي لأنه كان يعرفه أو يعني لإرشاد الله - تعالى - لك بما علمك.
٦٨ - ﴿خُبْراً﴾ لم تجد له سبيلاً إذ لم تعرف له علماً، علماً منه أن موسى لا يصبر إذا رأى ما ينكر ظاهره فعلق موسى - عليه الصلاة والسلام - صبره بالمشيئة حذراً مما وقع منه. ٦٩ - ﴿وَلآ أعْصِى﴾ بالبداية بالإنكار حتى تبتدىء بالإخبار، أو لا أفشي سرك ولا أدل عليك بشراً. ﴿فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً قال لا تؤاخدني بما نسيت ولا ترهقني من أمرى عسراً﴾
﴿ ولا أعصي ﴾ بالبداية بالإنكار حتى تبتدئ بالإخبار، أو لا أفشي سرك ولا أدل عليك بشراً.
٧١ - ﴿خَرَقَهَا﴾ أخذ فأساً ومنقاراً فخرقها حتى دخلها الماء أو قلع لوحين منها فضج ركبانها من الغرق ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ خصهم بالذكر دون نفسه لأنها شفقة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ﴿إِمْراً﴾ منكراً، أو عجباً، أو داهية عظيمة من الأمر وهو الفاسد الذي يحتاج إلى الصلاح، رجل إِمر إذا كان ضعيف الرأي يحتاج أن يؤمر فيقوى رأيه.
٧٣ - ﴿نَسِيتُ﴾ غفلت عنه، أو تركه من غير غفلة، أو كأني نسيته وإن لم ينسه، جعله من معاريض الكلام " ع " ﴿عُسْراً﴾ لا تعنفني على ترك وصيتك، أو
256
لا يغشاني منك العسر، غلام مراهق قارب أن يغشاه البلوغ، ارهقوا القبلة اغشوها واقربوا منها، أو لا تكلفني الاحتراز عن السهو والنسيان فإنه غير مقدور، أو لا تطردني عنك. ﴿فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكية بغيرنفسٍ لقد جئت شيئاً نكراً قال ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبراً قال إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّى عذراً﴾
257
٧٤ - ﴿غُلاماً﴾ شاباً بالغاً قبض على لحيته، لأن غير البالغ لا يجوز قتله " ع "، أو غير بالغ عند الأكثرين كان يلعب مع الصبيان فأخذه من بينهم فأضجعه وذبحه بالسكين، او قتله بحجر، لأنه طبع كافراً، أو ليصلح بذلك حال أبويه ونسلهما ﴿أَقَتَلْتَ﴾ استخبار، لأنه علم أنه لا يتعدى حدود الله، أو إنكار لقوله: ﴿جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً﴾. ﴿زاكية﴾ ﴿زَكِيَّةَ﴾ واحد عند الأكثرين، نامية، أو طاهرة، أو مسلمة " ع "، أو لم يحل دمها، أو لم تعمل خطيئة، أو الزكية أشد مبالغة من الزاكية، أو الزكية في البدن والزكية في الدين، أو الزكية من لم تذنب والزكية من أذنبت، ﴿نُّكْراً﴾ منكراً أو فظيعاً قبيحاً، أو يجب أن ينكر فلا يفعل، أو هو أشد من الإمر.
٧٦ - ﴿فَلا تُصَاحِبْنِى﴾ لا تتابعني، أو لا تتركني أصحبك [١٠٤ / ب]، أو لا تصحبني علماً، أو لا تساعدني على ما أريد. {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قريةٍ استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جداراً
257
يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجراً قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً}
258
٧٧ - ﴿قَرْيَةٍ﴾ أنطاكية، أو الأيلة، أو باجروان بأرمينية ﴿يُرِيدُ) {يكاد﴾ (يَنقَضَّ} يسقط بسرعة، وينقاض ينشق طولاً ﴿فَأَقَامَهُ﴾ بيده فاستقام، وأصل الجدار الظهور، والجدري لظهروه.
٧٨ - ﴿هَذَا﴾ الذي قتله ﴿فِرَاقُ﴾، أو هذا الوقت فراق، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" رحم الله موسى لو صبر لاقتبس عنه ألف باب ". ﴿أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملكٌ يأخذ كل سفينةٍ غصباً﴾
٧٩ - ﴿لِمَسَاكِينَ﴾ فقراء، أو كانت بهم زمانة وعلل، أو عجزوا عن الدفع عن أنفسهم لقلة حيلتهم، أو سموا به لشدة ما يقاسونه في البحر كما يقال لقي هذا المسكين جهداً ﴿وَرَآءَهُم﴾ خلفهم وكان رجوعهم عليه ولم يعلموا، أو أمامهم، فوراء من الأضداد، أو يستعمل وراء موضع أمام في المواقيت والأزمان، لأن الإنسان يجوزها فتكون وراءه دون غيرها، أو يجوز في الأجسام
258
التي لا وجه لها كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر ولا يجوز في غيرها، وعابها الخضر، لان الملك كان لا يغصب إلا السفن الجيدة. ﴿وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً فأردنا أن يبد لهما ربّهما خيراً منه زكاةً وأقرب رحماً﴾
259
٨٠ - ﴿الْغُلامُ﴾ اسمه " حيسوراً " أو " شمعون " وكان سداسياً؛ وله ست عشرة سنة، أو طوله ستة أشبار، وكان لصاً يقطع الطريق بين قرية أبيه وقرية أمه فيبصره أهل القريتين ويمنعون منه ﴿فَخَشِينَآ﴾ فكرهنا، أو علمنا، أو خفنا ﴿يُرْهِقَهُمَا﴾ يكلفهما، أو يحملهما على الرهق وهو الجهد.
٨١ - ﴿زَكَاةً﴾ إسلاماً، أو علماً، أو ولداً وكانت أمه حبلى فولدت غلاماً مسلماً صالحاً، أو جارية تزوجها نبي فولدت نبياً هديت به أمة من الأمم ﴿رُحْماً﴾ أكثر براً بوالديه من المقتول، أو أعجل تعطفاً ونفعاً، أو أقرب أن يرحما به، والرحم الرحمة. ﴿وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزٌ لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمةً من ربّك وما فعلته عن أمرى ذلك تأوي ما لم تسطع عليه صبراً ٨٣﴾
٨٢ - ﴿الْجِدَارُ﴾ حقيقة ما أحاط بالدار فمنع منها وحفظ بنيانها ويستعمل في غيره من حيطانها مجازاً ﴿كَنزٌ﴾ ذخيرة من ذهب وفضة، أو لوح ذهب مكتوب فيه حِكَم، أو لوح ذهب مكتوب فيه " بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يوقن بالدنيا بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله
259
محمد رسول الله قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم]- ﴿صَالِحاً﴾ حُفِظا لصلاح أبيهما السابع. والخضر باقٍ لشربه من عين الحياة، أو غير باقٍ إذ لا نبي بعد الرسول [صلى الله عليه وسلم]. ﴿ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً إنّا مكنا له في الأرض وءاتيناه من كل شىءٍ سببا فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عينٍ حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين أمّا أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى سنقول له من أمرنا يسرا﴾
260
٨٣ - ﴿ذِى الْقَرْنَيْنِ﴾ نبي مبعوث فتح الله - تعالى - على يده الأرض، أو عبد صالح ناصح لله، فضربوه هلى قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر، لم يكن له قرنان كقرني الثور، وسمي ذا القرنين للضربتين، أو لضقيرتين كانتا له، أو لاستيلائه على قرني الأرض المشرق والمغرب، أو رأى في نومه أنه أخذ بقرني الشمس في شرقها وغربها فقصها على قومه فسمي ذا القرنين. وهو عبد الله بن الضحاك بن معد " ع "، أو من أهل مصر اسمه مرزبان يوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح، أو / رومي
260
أسمه الاسكندروني أو هو الإسكندر الذي بنى الإسكندرية.
261
٨٤ - ﴿مِن كُلِّ شَىْءٍ سَبَباً﴾ علماً يتسبب به إلى إرادته، أو ما يستعين به على لقاء الملوك وقتل الأعداء وفتح البلاد.
٨٥ - ﴿فَأَتْبَعَ سَبَباً﴾ منازل الأرض ومعالمها، أو طرقاً بين المشرق والمغرب، أو قفا الأثر، أو طريقاً إلى ما أريد منه.
٨٦ - ﴿حَمِئَةٍ﴾ ذات حمأة، أو طينة سوداء ﴿حامية﴾ حارة فكانت حارة ذات حمأة، وجدها تغرب في نفس العين، أو وراءها كأنها تغرب فيها ﴿وإما أَن تُعَذِّبَ﴾ خُيِّر بين عقابهم والعفو عنهم، أو تعذبهم بالقتل لشركهم، أو تتخذ فيهم حسناً بإمساكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدى وتنقذهم من العمى، قيل لم يُسلم منهم إلا رجل واحد. ﴿ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا﴾
٨٩ - ﴿أتَّبِعُ﴾ و ﴿اتَّبع﴾ واحد، أو بالقطع إذا لحق وبالوصل إذا كان على الأثر وإن لم يلحق.
٩٠ - ﴿مَطْلِعَ﴾ ومَطْلَع واحد، أو بالفتح الطلوع وبالكسر موضع الطلوع
261
يريد بالمطلع والمغرب ابتداء العمارة وانتهائها ﴿سِتْراً﴾ من بناء، أو شجر، أو لباس، يأوون إذا طلعت إلى أسراب لهم فإذا زالت خرجوا لصيد ما يقتاتونه من وحش وسمك قيل: هم الزنج، أو تاريش، وتأويل ومنسك. ﴿ثم اتبع سبباً حتى إذا بلغ بين السّدّين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً قال لم ما مكّني فيه ربي خيرٌ فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال ءاتوني أفرغ عليه قطراً﴾
262
٩٣ - ﴿السَّدَّيْنِ﴾ و ﴿السُّدين﴾ واحد، أو بالضم من فعل الله - تعالى - وبالفتح فعل الآدمي، " أو بالضم إذا كان مستوراً عن بصرك وبالفتح إذا شاهدته ببصرك "، أو بالضم الاسم وبالفتح المصدر. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وهما جبلان، قيل جعل الردم بينهما، وهما بأرمينية وأذربيجان، أو في منقطع أثر الترك مما يلي المشرق.
٩٤ - ﴿يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ﴾ من تأجج النار واختلفوا في تكليفهم، وهما من ولد يافث بن نوح، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" لا يموت الرجل [منهم] حتى يولد لصلبه ألف رجل " ﴿خَرْجاً﴾
262
إجرة و ﴿خراجاً﴾ الغلة، أو الخراج ما خرج من الأرض، والخرج مصدر ما يخرج من المال، أو الخراج ما يؤخذ عن الأرض والخرج ما يؤخذ عن الرقاب، أو الخرج ما أخذ دفعة والخراج ما كان ثابتاً يؤخذ كل سنة.
263
٩٥ - ﴿بِقُوَّةٍ﴾ بآلة، أو برجال ﴿رَدْماً﴾ حجاباً شديداً، أو سداً متراكباً بعضه على بعض.
٩٦ - ﴿زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ قطعه، أو فلقه، أو الحديد المجتمع ومنه الزبور لاجتماع حروفه ﴿الصَّدَفَيْنِ﴾ جبلان " ع "، أو رأسا جبلين، أو ما بين الجبلين إذا كانا متحاذيين من المصادفة في اللقاء، أو إذا انحرف كل واحد منهما عن الآخر كأنه صدف عنه فساوى بينهما بما جعله بينهما حتى وارى رؤوسهما وسوى بينهما ﴿انفُخُواْ﴾ في نار الحديد حتى إذا جعل الحديد ناراً أي كالنار في الحمى واللهب ﴿قطرا﴾ نحاساً، أورصاصاً أو حديداً مذاباً، فكانت حجارته الحديد وطينه النحاس. {فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاءَ وكان وعد ربي حقاً وتركنا بعضهم يؤمئذ يموج في بعضٍ ونفخ في الصور
263
فجمعناهم جمعا}
264
٩٧ - ﴿يَظْهَرُوهُ﴾ يعلوه ﴿نَقْباً﴾ من أسفله، وهو وراء بحر الروم بين جبلين هنا مؤخرهما البحر المحيط، ارتفاعه مائتا ذراع، عرضه نحو خمسين ذراعاً، وهو حديد شبه المصمت، وذكر رجل / للرسول [صلى الله عليه وسلم] أنه رآه فقال: انعته لي، فقال: هو كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء، قال: قد رأيته.
٩٨ - ﴿وَعْدُ رَبِّى﴾ القيامة، أو وقت خروجهم بعد قتل الدجال ﴿دَكَّآءَ﴾ أرضاً، أو قطعاً، أو انهدم حتى اندك بالأرض فاستوى معها.
٩٩ - ﴿بَعْضَهُمْ﴾ القوم الذين ذكرهم ذو القرنين يوم فتح السد، أوالكفار يوم القيامة، أو الجن والإنس عند فتح السد ﴿يموج﴾ يخلتط، أو يدفع بعضهم بعضاً من موج البحر. ﴿وعرضنا جهنّم يومئذ للكافرين عرضاَ الذين كانت أعينهم في غطاءٍ عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعاً أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دونى أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا﴾
١٠١ - ﴿سَمْعاً﴾ على ظاهره، أو عقلاً فلا يستطيعون سمعه استثقالاً، أو مقتاً.
١٠٢ - ﴿نزلا﴾ طعاماً، أومنزلاً.
264
﴿قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ١٠٤ أولئك الذين كفروا بئايات ربّهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتّخذوا ءاياتي ورسلي هزواً﴾
265
١٠٣ - ﴿بِالأَخْسَرِينَ﴾ القسيسون والرهبان، أو اليهود والنصارى، أو الحرورية الخوارج، أو أهل الأهواء، أو من يصنع المعروف ويمن به.
١٠٥ - ﴿وَزْناً﴾ أي لا قدر لهم، أو لخفتهم بالسفه والجهل صاروا ممن لا وزن له. أو ذهبت المعاصي بوزنهم فلا يوازنون لخفتهم [شيئاً] أو لما حبط أعمالهم بالكفر صار الوزن عليهم لا لهم. ﴿إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً﴾
١٠٧ - ﴿الْفِرْدَوْسِ﴾ وسط الجنة وأطيب موضع فيها، أو أعلاها وأحسنها، أو بستانها، أو البستان الجامع لمحاسن كل بستان، أوكل بستان محوط فردوس، وهو عربي أو رومي، أو سرياني وبالنبطية فرداساً.
١٠٨ - ﴿حِوَلاً﴾ بدلاً، أو تحويلاً، أو حيلة منزل غيرها. ﴿قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا﴾
١٠٩ - {كَلِمَاتُ رَبِّى ٩ وعده بالثواب والعقاب، أو ذكر ما خلق وما هو خالق، أو علم القرآن، عجز الخلق عن إحصاء معلوماته ومقدوراته.
265
﴿قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنّما إلهكم إلهٌ واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعباده ربه أحداً﴾
266
١١٠ - ﴿يرجو﴾ يخاف، أو يأمل، أو يصدق به ﴿لِقَآءَ رَبِّهِ﴾ لقاء ثواب ربه، أو لقاءه بالبعث والوقوف بين يديه ﴿صَالِحاً﴾ خالصاً من الرياء، إو إذا لقي الله - تعالى - به لم يستحي منه، أو عمل الطاعة وترك المعصية ﴿بعبادة ربه﴾ يريد بالرياء، أو بالشرك بالأصنام، قيل نزلت في جندب بن زهير أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله إنا نعمل العمل نريد به وجه الله - تعالى - فيثنى به علينا فيعجبنا، وإني لأصلي الصلاة فأطولها رجاء أن يثنى بها علي فقال النبي [صلى الله عليه وسلم] : إن الله - تعالى - يقول: أنا خير شريك فمن شاركني في علم يعمله لي أحداً من خلقي تركته وذلك الشريك ونزلت هذه الآية فتلاها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقيل إنها آخر آية نزلت من القرآن والله - تعالى - أعلم. والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلامه، وحسبنا الله - تعالى ونعم الوكيل.
266
سورة مريم
مكية اتفاقاً.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿كهيعص ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربّه نداءً خفيّا قال رب إنّى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك ربّ شقيا وإني خفت المولى من ورآءى وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من ءال يعقوب واجعله ربّ رضيا﴾
267
Icon