ﰡ
﴿ تحاوركما ﴾ أي تراجعكما الكلام.
تفسير المعاني :
قد سمع الله يا محمد قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تراجعكما الكلام، إن الله سميع بصير.
﴿ الذين يظاهرون منكم من نسائهم ﴾ كان من عادة العرب أنه إذا غضب أحد من زوجته قال لها : أنت علي كظهر أمي، فتحرم عليه. وهذا هو الظهار.
﴿ إن أمهاتهم ﴾ أي ما أمهاتهم. ﴿ اللائي ﴾ أي اللاتي.
تفسير المعاني :
الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم في الحقيقة، ما أمهاتهم إلا اللاتي ولدنهم، وإن قولهم لنسائهم : إنهن كأمهاتهم، قول منكر وباطل، وإن الله لكثير العفو والمغفرة.
﴿ ثم يعودون لما قالوا ﴾ أي ثم يعودون لما قالوه بالتدارك. ﴿ فتحرير رقبة ﴾ أي فعتق رقيق. ﴿ من قبل أن يتماسا ﴾ أي عليهما الكفارة من قبل أن يستمتع كل من المظاهر، والمظاهر منها.
تفسير المعاني :
والذين يظاهرون ثم يحبون الرجوع إلى زوجاتهم، فعليهم كفارة عتق رقيق من قبل أن يستمتع أحدهما بالآخر.
﴿ فإطعام ستين مسكينا ﴾ قيل يعطى كل مسكين نصف صاع من قمح أو صاعا من غيره. ﴿ ذلك ﴾ أي ذلك البيان.
تفسير المعاني :
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا... تلك حدود الله فلا تتعدوها، وللكافرين عذاب أليم.
﴿ يحادون الله ورسوله ﴾ أي يعادونهما فإن كلا من المتعاديين في حد غير حد الآخر. وقيل يحادون معناه أنهم يضعون أو يختارون حدودا غير حدودهما.
تفسير المعاني :
إن الذين يتخذون لهم حدودا غير حدود الله أولئك يذلون ويهلكون كما فعل بسابقيهم من كفار الأمم، وقد أنزلنا آيات واضحات تدل على صدق الرسول، وللكافرين عذاب مهين.
﴿ كبتوا ﴾ أي أهلكوا وأذلوا. يقال كبته يكبته، أذله وأهلكه وصرعه.
تفسير المعاني :
يوم يبعثهم الله من الموت جميعا فيخبرهم بما عملوه في دنياهم، أحاط الله به عددا، ونسوه. وهو على كل شيء شهيد.
﴿ نجوى ﴾ النجوى الإسم من المناجاة والسر، والمتسارون. فيكون وصفا بالمصدر يستوي فيه المفرد والجمع والمذكر والمؤنث، يقال هم نجوى، ويقال ناجاه ساره، وتناجى القوم تساروا.
تفسير المعاني :
ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، فما يتسار ثلاثة إلا كان الله رابعهم، ولا خمسة إلا كان سادسهم، ولا أقل من ذلك ولا أكثر إلا كان معهم في أي مكان كانوا، ثم يخبرهم يوم القيامة بما عملوه إنه بكل شيء عليم.
﴿ نهوا عن النجوى ﴾ هم طائفة من المنافقين كانوا إذا رأوا مؤمنا يتسارون ويتغامزون. ﴿ لولا يعذبنا ﴾ أي هلا يعذبنا، ﴿ حسبهم جهنم ﴾ أي نكفيهم جهنم. ﴿ يصلونها ﴾ أي يدخلونها. يقال صلى النار يصلاها صليا.
تفسير المعاني :
ألم تر إلى الذين نهوا عن التسار في سبيل أذى المؤمنين ومعصية الرسول، ثم يعودون لارتكاب ما نهوا عنه، وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله، وهو قوله :﴿ وسلام على عباده الذين اصطفى ﴾، ويقولون : هلا يعذبنا الله بما نقول لو كان محمد نبيا حقا، كفاهم جهنم يدخلونها وبئس المصير.
يا أيها الذين آمنوا إذا تساررتم فلا تتساروا لارتكاب الذنوب وتعدي الحدود ومعصية الرسول، ولكن تساروا لتأييد البر والتقوى، واتقوا الله الذي إليه تحشرون.
﴿ وليس بضارّهم ﴾ أي وليس بمضرّهم، وضارّ اسم فاعل من ضرّ بمعنى أضرّ.
تفسير المعاني :
إنما هذا التسار الآثم من الشيطان، ليتكدر الذين آمنوا وليس بملحق بهم ضررا إلا بإذن الله، وعلى الله فليتوكل المؤمنون غير مبالين بنجوى المنافقين.
﴿ انشزوا ﴾ أي انهضوا للتوسعة أو ارتفعوا في المجلس. يقال نشز الرجل من مقامه ينشز، وينشز ارتفع وامتنع، ونشز أيضا قام من مقامه.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون إذا قيل لكم : توسعوا في المجالس، أي ليفسح بعضكم لبعض، فافسحوا يفسح الله لكم، وإذا قيل لكم قوموا من مقاعدكم للتوسعة فأطيعوا، يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات، والله بما تعملون خبير.
﴿ ناجيتم ﴾ أي ساررتم.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا إذا ساررتم الرسول لأمر يهمكم فقدموا بين يدي مسارتكم، أي قدّامها صدقة، ذلك خير لكم لأنفسكم من الريبة، فإن لم تجدوا فلا بأس عليكم إن الله غفور رحيم.
﴿ أأشفقتم ﴾ أي أخفتم.
تفسير المعاني :
أخفتم الفقر من تقديم الصدقة ؟ فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم بأن رخص لكم ألا تفعلوه، فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله في جميع الأوامر والله خبير بما تعملون.
﴿ تولوا قوما ﴾ أي اتخذوهم أولياء.
تفسير المعاني :
ألم تر إلى الذين والوا قوما غضب الله عليهم " يعني اليهود الذين كانوا مجاورين للمدينة " ، ما هم منكم ولا منهم، لأنهم منافقون مذبذبون، ويحلفون على الكذب، وهو ادّعاء الإسلام، وهم يعلمون بأنهم يكذبون.
أعد الله لهم عذابا شديدا في حياتهم الأخرى إنهم ساء ما كانوا يعملون.
﴿ جنة ﴾ الجنة هي الوقاية. وكل أداة تقي من السلاح في الحرب جمعها جنن.
تفسير المعاني :
جعلوا أيمانهم وقاية لهم دون دمائهم وأموالهم، وأظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، فصدوا الناس عن دين الله بالتثبيط فلهم عذاب مهين، اتخذ هؤلاء المنافقون إيمانهم وقاية دون أموالهم وأنفسهم ليعتبروا مسلمين فلا يتعرض لهم واحد. فتمكنوا بهذا الأمن من صد الناس عن سبيل الله فلهم عذاب مهين.
لن تفيدهم أموالهم ولا أولادهم شيئا في دفع عذاب الله عنهم، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون لكم بأنهم منكم، ويحسبون أنهم على شيء من شدة ما لعب التخيل بعقولهم، ألا إنهم كاذبون في عالم الغيب كذبهم في عالم الشهادة.
﴿ استحوذ ﴾ أي استولى. ﴿ الخاسرون ﴾ أي المضيعون، يقال خسر يخسر خسرا وخسرانا وخسارة ضد ربح.
تفسير المعاني :
استولى عليهم الشيطان فصرفهم عن الخير، إلا إن حزب الشيطان هم الخاسرون.
﴿ يحادون الله ﴾ أي يعادونه ويغاضبونه وأصله أن يتخذوا حدا لأنفسهم غير حد لله. يقال حادّت أرضه أرض فلان أي جاورتها. يقال داري محادة لداره أي مجاورتها.
تفسير المعاني :
إن الذين يعادون الله ورسوله أولئك في جملة هم أذل خلق الله.
﴿ كتب الله ﴾ أي كتب في اللوح المحفوظ.
تفسير المعاني :
كتب الله في اللوح المحفوظ بأنه ليغلبن هو ورسله أعداء الحق إن الله قوي عزيز.
﴿ يوادون ﴾ أي يتوددون.
﴿ وأيدهم ﴾ أي قواهم. من الأبد وهو القوة، يقال فلان أيد أي قوى.
تفسير المعاني :
لا تجد قوما يؤمنون بالله وباليوم الآخر يتوددون إلى من عاند الله ورسوله، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم. أولئك في قلوبهم الإيمان، أي أثبته فيها، وقواهم بروح من الله، وقيل : المراد بكلمة روح : نور القلب، وقيل : القرآن أو النصر على الأعداء. وقيل : الضمير في منه للإيمان ؛ فإنه سبب لحياة القلب. ﴿ ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار، رضي الله عنه بانقيادهم له ورضوا عنهم ﴾ بقضائه، أولئك أنصار دينه، ﴿ ألا إن حزب الله هم المفلحون ﴾.