ﰡ
﴿الم غُلِبَتِ الروم﴾ أي غلبت فارس الروم
﴿في أدنى الأرض﴾ أى أقرب أرض العرب لأن الأرض المعهودة عند العرب أرضهم والمعنى غلبوا في أدنى أرض العرب منهم وهي أطراف الشام أو أراد أرضهم على إنابة اللام مناب المضاف إليه أي في أدنى أرضهم إلى عدوهم ﴿وَهُمْ﴾ أى الروم ﴿من بعد غلبهم﴾ أى علبة فارس إياهم وقرىء بسكون اللام فالغلب والغلب
الروم (٧ - ٤)
مصدران وقد أضيف المصدر إلى المفعول ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ فارس ولا وقف عليه لتعليق
﴿فِى بِضْعِ سِنِينَ﴾ به وهو ما بين الثلاث إلى العشرة قيل احتربت فارس والروم بين أدرعات وبصرى فغلبت فارس الروم والملك بفارس يومئذ كسرى أبرويز فبلغ الخبرمكة فشق على رسول الله ﷺ والمؤمنين لأن فارس
﴿بنصر الله﴾ وتغلبه من له كتاب على من لا كتاب له وغيط من شمت بهم من كفار مكة وقيل نصر الله هو إظهار صدق المؤمنين فيما أخبروا به المشركين من غلبة الروم والباء يتصل بيفرح فيوقف على الله
﴿وَعَدَ الله﴾ مصدر مؤكد لأن قوله وهم من بعد غلبهم سيغلبون وعد من الله للمؤمنين فقوله وعد الله بمنزلة وعد الله المؤمنين وعداً ﴿لاَ يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ﴾ بنصر الروم على فارس ﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يعلمون﴾ ذلك
﴿يَعْلَمُونَ﴾ بدل من لا يعلمون وفيه بيان أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز عن تحصيل الدنيا وقوله ﴿ظَاهِراً مّنَ الحياة الدنيا﴾ يفيد للدنيا ظاهر او باطنا فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها وباطنها أنها مجاز إلى الآخرة يتزود منها إليها بالطاعه وبالأعمال الصالحة وتنكير الظاهر
الروم (٩ - ٧)
يفيد أنهم لا يعلمون إلا ظاهراً واحداً من جملة ظواهرها ﴿وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غافلون﴾ هم الثانية مبتدأ وغافلون خبره والجملة خبرهم الأولى وفيه بيان أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ومقرها
﴿أو لم يَتَفَكَّرُواْ فِى أَنفُسِهِمْ﴾ يحتمل أن يكون ظرفاً كانه قيل أو لم يثبتوا التفكر في أنفسهم أي في قلوبهم الفارغة من الفكر والتفكر لا يكون إلا في القلوب ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين كقوله اعتقده في قلبك وأن يكون صلة للتفكر نحو تفكر في الأمر وأجال فيه فكره ومعناه على هذا أولم يتفكروا في أنفسهم التي هي أقرب إليهم من غيرها من المخلوقات وهم أعلم بأحوالها منهم بأحوال ما عداها فيتدبروا ما أودعها الله ظاهراً وباطناً من غرائب الحكمة الدالة على التدبير دون الإهمال وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى وقت تجازى فيه على الإحسان إحساناً وعلى الإساءة مثلها حتى يعلموا عند ذلك أن سائر الخلائق كذلك أمرها جارٍ على الحكمة في التدبير وأنه لا بد لها من الانتهاء إ لى ذلك الوقت ﴿مَّا خَلَقَ الله السماوات والأرض وما بينهما﴾ متعلق بالقول المحذوف ومعناه أو لم يتفكروا فيقولوا هذا القول وقيل معناه
﴿أَوَ لَمْ يَسِيرُواْ فِى الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ هو تقرير لسيرهم في البلاد ونظرهم إلى آثار المدمرين من عاد وثمود وغيرهم من الأمم العاتية ثم وصف حالهم فقال ﴿كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ الأرض﴾ وحرثوها ﴿وَعَمَرُوهَا﴾ أي المدمرون ﴿أكثر﴾ صفة مصدر محذوف وما مصدرية في ﴿مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ أي من عمارة أهل مكة ﴿وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات﴾ وتقف عليها لحق الحذف أي فلم يؤمنوا فأهلكوا ﴿فَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ﴾ فما كان تدميره إياهم ظلماً لهم ﴿ولكن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ولكنهم ظلموا
الروم (١٦ - ١٠)
أنفسهم حيث عملوا ما أوجب تدميرهم
﴿ثُمَّ كَانَ عاقبة﴾ بالنصب شامي وكوفي ﴿الذين أساؤوا السوأى﴾ تأنيث الأسوأ وهو الأقبح كما أن الحسنى تأنيث الأحسن ومحلها رفع على أنها اسم كان عند من نصب عاقبة على الخبر ونصب عند من رفعها والمعنى أنهم عوقبوا في الدنيا بالدمار ثم كانت عاقبتهم السوأى إلا أنه وضع الظهر وهو الذين أساءوا موضع المضمر أي العقوبة التي هي أسوأ العقوبا ت في الآخرة وهي النار التي أعدت للكافرين ﴿أن كذبوا﴾ لأن
﴿الله يَبْدَأُ الخلق﴾ ينشئهم ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ يحييهم بعد الموت ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ وبالياء أبو عمرو وسهل
﴿ويوم تقوم الساعة يبلس﴾ يبأس ويتحير يقال ناظرته فأبلس إذا لم ينبس ويئس من أن يحتج ﴿المجرمون﴾ المشركون
﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مّن شُرَكَائِهِمْ﴾ من الذين عبدوهم ﴿من دون الله﴾ وكتب شفعؤا في المصحف بواو قبل الألف كما كتب علمؤا بنى اسرائيل وكذلك كتبت السوأى بالألف قبل الياء إثباتاً للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها ﴿وَكَانُواْ بِشُرَكَائِهِمْ كافرين﴾ أي يكفرون بآلهتهم ويجحدونها أو وكانوا فى الدينا كافرين بسببهم
﴿وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ الضمير في يتفرقون للمسلمين والكافرين لدلالة ما بعده عليه حيث قال
﴿فأما الذين آمنوا وَعَمِلُواْ الصالحات فَهُمْ فِى رَوْضَةٍ﴾ أي بستان وهي الجنة والتنكير لإبهام أمرها وتفخيمه ﴿يُحْبَرُونَ﴾ يسرون يقال حبره إذا سره سروراً تهلل له وجهه وظهر فيه أثره ثم اختلف فيه لاحتمال وجوه المسار فقيل يكرمون وقيل يحلون وقيل هو السماع فى الجنة
﴿وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا وَلِقَاء الآخرة﴾ أي البعث {فَأُوْلَئِكَ فِى
لما ذكر الوعد والوعيد أتبعه ذكر ما يوصل إلى الوعد وينجي من الوعيد فقال ﴿فَسُبْحَانَ الله﴾ والمراد بالتسبيح ظاهره الذي هو تنزيه الله من السوء والنثاء عليه بالخير فى هذه
الروم (٢١ - ١٧)
الأوقات لما يتجدد فيها من نعمة الله الظاهرة أو الصلاة فقيل لابن عباس هل تجد الصلوات الخمس في القرآن فقال نعم وتلا هذه الآية وهو نصب على المصدرو المعنى نزهوه عما لا يليق أو صلوا لله ﴿حِينَ تُمْسُونَ﴾ صلاة المغرب والعشاء ﴿وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ صلاة الفجر
﴿وَلَهُ الحمد فِى السماوات والأرض﴾ اعتراض ومعناه أن على المميزين كلهم من أهل السموات والأرض أن يحمدوه وفى السموات حال من الحمد ﴿وَعَشِيّاً﴾ صلاة العصر وهو معطوف على حين تمسون وقوله عشياً متصل بقوله الا كثران الصلوات الخمس فرضت بمكة
﴿يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت﴾ الطائر من البيضة أو الإِنسان من النطفة أو المؤمن من الكافر ﴿وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحي﴾ أي البيضة من الطائر أو النطفة من الإِنسان أو الكافر من المؤمن والميت بالتخفيف فيهما مكي وشامي وأبو عمرو وأبو بكر وحماد بالتشديد غيرهم ﴿ويحيي الأرض﴾ بالنبات ﴿بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يبسها ﴿وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ تخرجون حمزة وعلي وخلف أي ومثل ذلك الإخراج تخرجون من قبوركم والكاف في محل النصب بتخرجون والمعنى أن الإبداء والإعادة يتساويان في قدرة من هو قادر على إخراج الميت
﴿ومن آياته﴾ ومن علامات ربوبيته وقدرته ﴿أَنْ خَلَقَكُمْ﴾ أي أباكم ﴿مّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ﴾ أي آدم وذريته ﴿تَنتَشِرُونَ﴾ تنصرفون فيما فيه معاشكم وإذا للمفاجأة وتقديره ثم فاجأتم وقت كونكم بشراً منتشرين فى الأرض
﴿ومن آياته أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أزواجا لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا﴾ أي حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام والنساء بعدها خلقن من أصلاب الرجال أو من شكل أنفسكم وجنسها لامن جلس آخر وذلك لما بين الاثنين من جنس واحد من الإلف والسكون وما بين الجنسين
الروم (٢٥ - ٢١)
المخلفين من التنافر يقال سكن إليه إذا مال إليه ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ أي جعل بينكم التواد والتراحم بسبب الزواج وعن الحسن المودة كناية عن الجماع والرحمة عن الولد وقيل المودة للشابة والرحمة للعجوز وقيل المودة والرحمة من الله والفرك من الشيطان أي بغض المرأة زوجها وبغض الزوج المرأة ﴿إِنَّ فِي ذلك لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فيعلمون أن قوام الدنيا بوجود التناسل
﴿ومن آياته خَلْقُ السماوات والأرض واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ﴾ أي اللغات أو أجناس النطق وأشكاله ﴿وألوانكم﴾ كالسواد والبياض وغيرهما ولاختلاف ذلك وقع التعارف وإلا فلو تشا كلت واتفقت لوقع التجاهل والالتباس ولتعطلت المصالح وفي ذلك آية بينة حيث ولدوا من أب واحد وهم على الكثرة التي لا يعلمها إلا الله متفاوتون ﴿إِنَّ فِى ذلك لآيات للعالمين﴾ جمع عالم وبكسر اللام حفص جمع عالِم ويشهد للكسر قوله تعالى وَمَا يَعْقِلُهَا الا العالمون
﴿ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم مّن فَضْلِهِ﴾ هذا من باب اللف وترتيبه ومن آياته منامكم فى الومانين وابتغاؤكم فيهما والجمهور على الأول لتكرره في القرآن وأسد المعاني ما دل عليه القرآن ﴿إِنَّ فِى ذلك لآيات لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ أي يسمعون سماع تدبر بآذان واعية
﴿ومن آياته يُرِيكُمُ البرق﴾ في يريكم وجهان إضمار أن كما فى حرف ابن مسعود رضى الله عنه وإنزال الفعل منزلة المصدر وبهما فسر المثل تسمع بالمعيدي خير من أن تراه أي أن تسمع أو سماعك ﴿خَوْفًا﴾ من الصاعقة أو من الإخلاف ﴿وَطَمَعًا﴾ في الغيث أو خوفاً للمسافر وطمعاً للحاضر وهما منصوبان على المفعول له على تقدير حذف المضاف إليه مقامه أي إرادة خوف وإرادة طمع أو على الحال أي خائفين وطامعين ﴿وينزل من السماء﴾ وبالخفيف مكى وبصرى
﴿ومن آياته أَن تَقُومَ﴾ تثبت بلا عمد ﴿السماء والأرض بِأَمْرِهِ﴾ أي بإقامته وتدبيره وحكمته ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ﴾ للبعث ﴿دَعْوَةً مّنَ الأرض إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ من قبوركم هذا كقوله يريكم في ايقاع الجملة موقع المفرد على
الروم (٢٨ - ٢٦)
المعنى كأنه قال ومن آياته قيام السموات والأرض واستمسا كها بغير عمد ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة يا أهل القبور أخرجوا والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف وإنما عطف هذا على قيام السموات والأرض بثم بياناً لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله وهو أن يقول يا أهل القبور قوموا فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر كما قال ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ ينظنرون وإذا الأولى للشرط والثانية للمفاجأة وهي تنوب مناب الفساء في جواب الشرط ومن الأرض متعلق بالفعل لا بالمصدر وقولك دعوته من مكان كذا يجوز أن يكون مكانك ويجوز أن يكون مكان صاحبك
﴿وَلَهُ مَن فِى السماوات والأرض كُلٌّ لَّهُ قانتون﴾ منقادون لوجود أفعاله فيهم لا يمتنعون عليه أو مقرون بالعبودية
﴿وَهُوَ الذى يَبْدَأُ الخلق﴾ أي ينشئهم ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ للبعث ﴿وَهُوَ﴾ أي البعث ﴿أَهْوَنُ﴾ أيسر ﴿عَلَيْهِ﴾ عندكم لأن الإعادة عندكم أسهل من الإنشاء فلم أنكرتم الإعادة وأخرت الصلة في قوله وهو أهون عليه وقدمت في قوله هو على هين لقصد الاختصاص هناك وأما هنا فلا معنى للاختصاص وقال أبو عبيدة والزجاج وغيرهما الا هون
﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مّنْ أَنفُسِكُمْ﴾ فهذا مثل ضربة الله عز وجل لمن جعل له شريكا من خلقه من للابتداء كأنه قال أخذ مثلاً وانتزعه من أقرب شيء منكم وهي أنفسكم ﴿هَلْ لكم﴾ معاشر الاحرار ﴿مما ملكت أيمانكم﴾ عبيدكم ومن التبعيض ﴿من شركاء﴾ من مريدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي ومعناه هل ترضون لا نفسكم وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيدان بشارككم بعضهم ﴿فِى مَا رزقناكم﴾ من الأموال وغيرها ﴿فأنتم﴾ معاشر الاحرار والعبيد
الروم (٣٠ - ٢٨)
﴿فِيهِ﴾ في ذلك الرزق ﴿سَوَآء﴾ من غير تفصلة بين حر وعبد يحكم مما ليككم فى أموالكم كحكمكم ﴿تخافونهم﴾ حال من ضميرالفاعل في سواء أي متساوون خائفاً بعضكم بعضاً مشاركته فى المال والمعنى تخافون معاشر السادة عبيدكم فيها فلا تمضون فيها حكماً دون إذنهم خوفاً من لائمة تلحقكم من جهتهم ﴿كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ يعني كما يخاف بعض
﴿بَلِ اتبع الذين ظَلَمُواْ﴾ أنفسهم بما أشركوا كما قال الله تعالى إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عظيم ﴿أَهْوَاءهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي اتبعوا أهواءهم جاهلين ﴿فَمَن يَهْدِى مَنْ أَضَلَّ الله﴾ أي أضله الله تعالى ﴿وَمَا لَهُم مّن ناصرين﴾ من العذاب
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينَ﴾ فقوم وجهك له وعد له غير ملتفت عنه يميناً ولا شمالاً وهو تمثيل لإقباله على الدين واستقامته عليه واهتمامه بأسبابه فإن من اهتم بالشيء عقد عليه طرفه وسدد إليه نظره وقوم له وجهه ﴿حنيفا﴾ حال من المأمور أو من الدين ﴿فِطْرَةَ الله﴾ أي الزموا فطرة الله والفطرة الخلقية ألا ترى إلى قوله لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله فالمعنى أنه خلقهم قابلين للتوحيد والإسلام غير نائين عنه ولا منكرين له لكونه مجاوباً للعقل مساوقاً للنظر الصحيح حتى لو تركوا لما اختاروا عليه ديناً آخر ومن غوى منهم فبإغواء شياطين الجن والإنس ومنه قوله عليه السلام كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وأمروهم أن يشركوا بي غيري وقوله عليه السلام كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه وقال الزجاج معناه أن الله تعالى فطر الخلق
﴿مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ راجعين إليه وهو حال من الضمير فى الزموا وقوله واتقوه وأقيموا ولا
الروم (٣٨ - ٣١)
تكونوا معطوف على هذا المضمر أو من قوله فأقم وجهك لأن الأمر له عليه السلام أمر لأمته فكأنه قال فأقيموا وجوهكم منيبين إليه أو التقدير كونوا منيبين دليله قوله ﴿ولا تكونوا﴾ واتقووه ﴿أقيموا الصلاة﴾ أي أدوها في أوقاتها ﴿وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المشركين﴾ ممن يشرك به غيره في العبادة
﴿مِنَ الذين﴾ بدل من المشركين بإعادة الجار ﴿فَرَّقُواْ دِينَهُمْ﴾ جعلوه أدياناً مختلفة لاختلاف أهوائهم فارقوا حمزة وعلى وهى قراءة على رضى الله عنه أي تركوا دين الإسلام ﴿وَكَانُواْ شِيَعاً﴾ فرقاً كل واحدة تشابع إمامها الذي أضلها ﴿كُلُّ حِزْبٍ﴾ منهم ﴿بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ فرح بمذهبه مسرور يحسب باطله حقا
﴿وَإِذَا مَسَّ الناس ضُرٌّ﴾ شدة من هزال أو مرض أو قحط أو
﴿لِيَكْفُرُواْ﴾ هذه لام كي وقيل لام الأمر الوعيد ﴿بِمَآ آتيناهم﴾ من النعم ﴿فَتَمَتَّعُواْ﴾ بكفركم قليلاً أمر وعيد ﴿فسوف تعلمون﴾ وبال تمنعكم
﴿أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سلطانا﴾ حجة ﴿فَهُوَ يَتَكَلَّمُ﴾ وتكلما مجاز كما تقول كتابه ناطق بكذا وهذا مما نطق به القرآن ومعناه الشهادة كأنه قال فهو يشهد بشركهم وبصحته ﴿بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ﴾ ما مصدرية أي بكونهم بالله يشركون أو موصولة ويرجع الضمير إليها أي فهو يتكلم بالأمر الذي بسببه يشركون أو معنى الآية أم أنزلنا عليهم ذا سلطان أي ملكاً معه برهان فذلك الملك يتكلم بالبرهان الذي بسببه يشركون
﴿وَإِذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً﴾ أي نعمة من مطر أوسعة أوصحة ﴿فَرِحُواْ بِهَا﴾ بطروا بسببها ﴿وإن تصبهم سيئة﴾ أى بلاء من جذب أو ضيق أو مرض ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ بسبب شؤم معاصيهم ﴿إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ من الرحمة إذ المفاجأة جواب الشرط نابت عن الفاء لتآخيهما في التعقيب
﴿أو لم يَرَوْاْ أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لايات لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أنكر عليهم بأنهم قد علموا بأنه القابض الباسط فما لهم يقنطون من رحمته ومالهم لا يرجعون إليه تائبين عن المعاصي التي عوقبوا بالشدة من أجلها حتى يعيد إليهم رحمته
ولما ذكر أن السيئة أصابتهم بما قدمت أيديهم أتبعه ذكر ما يجب أن
الروم (٤١ - ٣٨)
أعط قريبك ﴿حقه﴾ من البر ولصلة ﴿والمسكين وابن السبيل﴾ نصيبهما من الصدقة المسماة لهما وفيه دليل وجوب النفقة للمحارم كما هو مذهبنا ﴿ذلك﴾ أي إيتاء حقوقهم ﴿خَيْرٌ لّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله﴾ أي ذاته أي يقصدون بمعروفهم أياه خالصاً ﴿وأولئك هُمُ المفلحون﴾
﴿وما آتيتم من ربا ليربو فِى أَمْوَالِ الناس﴾ يريد وما أعطيتم أكلة الربا من رباً ليربوا في أموالهم ﴿فَلاَ يربو عِندَ الله﴾ فلا يزكوا عند الله ولا يبارك فيه وقيل هو من الربا الحلال أي وما تعطونه من الهدية لتأخذوا أكثر منها فلا يربوا عند الله لأنكم لم تريدوا بذلك وجه الله ﴿وما آتيتم من زكاة﴾ صدقة ﴿تُرِيدُونَ وَجْهَ الله﴾ تبتغون به وجهه خالصاً لا تطلبون به مكافأة ولا رياء ولاسمعة ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ المضعفون﴾ ذوو الإضعاف من الحسنات ونظير المضعف المقوى والموسر الذى القوه واليسار أتيتم من ربا بلا مد مكي أي وما غشيتموه من إعطاء ربا لتربوا مدني أي لتزيدوا في أموالهم وقوله فأولئك هم المضعفون التفات حسن لأنه يفيد التعميم كأنه قيل من فعل هذا فسبيله سبيل المخاطبين والمعنى المضعفون به لأنه لا بدله من ضمير يرجع إلى ما الموصولة وقال الزجاج في قوله فأولئك هم المضعفون أي فأهلها هم المضعفون أى هم الذين يضاعف لهم الثواب يعطون بالحسنة عشر أمثالها ثم أشار إلى عجز آلهتهم فقال
﴿الله الذى خَلَقَكُمْ﴾ مبتدأ وخبر ﴿ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ أي هو المختص بالخلق والرزق والإماتة والإحياء ﴿هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ﴾ أي أصنامكم التي زعمتم أنهم شركاء لله {مَّن
﴿ظَهَرَ الفساد فِى البر والبحر﴾ نحو القحط وقلة الأمطار والريع في الزراعات والربح في التجارات ووقوع الموتان في الناس والدواب وكثرة الحرق والغرق ومحق البركات من كل شئ ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى الناس﴾ بسبب معاصيهم وشركهم كقوله وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فِيمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذى عَمِلُواْ﴾ أي ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجمعها في الآخرة وبالنون عن قنبل ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ عما هم عليه من المعاصى ثم
الروم (٤٦ - ٤٢)
أكد تسبيب المعاصي لغضب الله ونكاله بقوله
﴿قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ﴾ حيث أمرهم بأن يسيروا فينظروا كيف أهلك الله الأمم وأذاقهم سوء العاقبة بمعاصيهم
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينَ القيم﴾ البليغ الاستقامة الذي لا يتأتى فيه عوج ﴿مِن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ﴾ هو مصدر بمعنى الرد ﴿مِنَ الله﴾ يتعلق بيأتي والمعنى من قبل أن يأتي من الله يوم لا يرده أحد كقوله تعالى فلا يستطعون ردها أو بمرد على معنى لا يرده هو بعد أن يجيء به ولا رد له من جهته ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ يتصدعون أي يتفرقون
﴿مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ أي وبال كفره ﴿وَمَنْ عَمِلَ صالحا فَلأَِنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ أي يسوون لأنفسهم ما يسويه لنفسه الذي يمهد لنفسه فراشة ويوطئه لئلا يصيبه فى مضجمه ما ينغص عليه مرقده من نتوء وغيره والمعنى أنه يمهد لهم الجنة بسبب أعمالهم فأضيف إليهم وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على أن ضرر الكفر لا يعود إلا على الكافر ومنفعة الإيمان والعمل الصالح يرجع إلى المؤمن لا تجاوزه
﴿ليجزي﴾ متعلق ببمهدون تعليل له وتكرير ﴿الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ وترك الضمير إلى الصريح لتقدير أنه لا يفلخ عنده إلا المؤمن ﴿مِن فَضْلِهِ﴾ أي عطائه وقوله ﴿إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الكافرين﴾ تقرير بعد تقرير على الطرد والعكس
﴿ومن آياته﴾ أي ومن آيات قدرته ﴿أَن يُرْسِلَ الرياح﴾ هي الجنوب والشمال والصبا وهي رياح الرحمة وأما الدبور فريح العذاب ومنه قوله عليه السلام للهم اجعلها رياحا ولا تحعلها ريحا وقد عدد الفوائد فى إرسلها فقال ﴿مبشرات﴾ أي أرسلها للبشارة بالغيث ﴿وَلِيُذِيقَكُمْ مّن رَّحْمَتِهِ﴾ ولإذاقة الرحمة وهي نزول المطر وحصول الخصب الذي يتبعه والروح الذي مع هبوب الريح وزكاء الأرض وغير ذلك وليذيقكم معطوف على مبشرات على المعنى كأنه قيل ليبشركم وليذيقكم ﴿وَلِتَجْرِىَ الفلك﴾ في البحر عند هبوبها ﴿بأمره﴾ أى بتدبيره أو تكوينه كقوله إنما أمره إذا اراد شئيا الآية ﴿وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ يريد تجارة البحر ﴿ولعلكم تشكرون﴾ ولتشكروا
الروم (٥١ - ٤٧)
نعمة الله فيها
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إلى قَوْمِهِمْ فجاؤوهم بالبينات﴾ أي فآمن بهم قوم وكفر بهم قوم ويدل على هذا الإضمار قوله ﴿فانتقمنا مِنَ الذين أَجْرَمُواْ﴾ أي كفروا بالإهلاك في الدينا ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين﴾ أي وكان نصر المؤمنين حقاً علينا بإنجائهم مع الرسل وقد يوقف على حقاً ومعناه وكان الانتقام منهم حقا ثم تبتدىء علينا نصر المؤمنين والأول أصح
﴿الله الذى يُرْسِلُ الرياح﴾ الريح مكي ﴿فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ﴾ أي السحاب ﴿فِى السماء﴾ أي في سمت السماء وشقها كقوله وَفَرْعُهَا فِى السماء ﴿كَيْفَ يَشَاء﴾ من ناحية الشمال أو الجنوب أو الدبور أو الصبا ﴿وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً﴾ قطعاً جمع كسفة أي يجعله منبسطاً يأخذ وجه السماء مرة ويجعله قطعاً متفرقة غير منبسطة مرة كسفا يزيد وابن ذ كوان ﴿فَتَرَى الودق﴾ المطر ﴿يَخْرُجُ﴾ في التارتين جميعاً ﴿مِنْ خِلاَلِهِ﴾ وسطه ﴿فَإِذَا أَصَابَ بِهِ﴾ بالودق ﴿مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ﴾ يريد إصابة بلادهم وأراضهم ﴿إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ يفرحون
﴿وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ﴾ المطر ﴿مِن قَبْلِهِ﴾ كرر للتأكيد كقوله فَكَانَ عاقبتهما انهما فى النار خالدين فيها ومعنى التوكيد فيها الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول فاستحكم يأسهم فكان لا ستبشار على قبرا اعتمامهم بذلك ﴿لمبلسين﴾ آيسين
﴿فانظر إلى آثار﴾ شامي وكوفي غير أبي بكر وغيرهم أَثَرِ ﴿رَّحْمَةِ الله﴾ أي المطر ﴿كَيْفَ يُحْيىِ الأرض﴾ بالنبات وأنواع الثمار ﴿بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ﴾ أي الله ﴿لمحيي الموتى﴾ يعني أن ذلك القادر الذى يحى
﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا﴾ أي الدبور ﴿فَرَأَوْهُ﴾ أي أثر رحمة الله لأن رحمة الله هي الغيث وأثرها النبات ومن قرأ بالجمع رجع الضمير إلى معناه لأن معنى آثار الرحمة النبات واسم النبات يقع على القليل والكثير لأنه مصدر سمي به ما ينبت ﴿مُصْفَرّاً﴾ بعد إخضراره وقال مصفرا لأن تلك صفرة حادثة وقيل فرأوا
الروم (٥٥ - ٥١)
السحاب مصفراً لأن السحاب الأصفر لا يمطر واللام في لئن موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط وسد مسد جوابي القسم والشرط ﴿لَّظَلُّواْ﴾ ومعناه ليظلن ﴿مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ﴾ أي من بعد اصفراره أو من بعد الاستبشار ذمتهم الله تعالى بأنه إذا حبس عنهم المطر قنطوا من رحمته وضربوا أذقانهم على صدورهم مبلسين فإذا أصابهم برحمته ورزقهم المطر استبشروا فإذا أرسل ريحاً فضرب زروعهم بالصفار ضجوا وكفروا بنعمة الله فهم فى جمع هذه الأحوال على الصفة المذمومة وكان عليهم أن يتوكلوا على الله وفضله فقنطوا وأن يشكروا نعمته ويحمدوه عليها ففرحوا وأن يصبروا على بلائه فكفروا
﴿فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى﴾ أي موتى القلوب أو هؤلاء في حكم الموتى فلا تطمع أن يقبلوا منك ﴿وَلاَ تُسْمِعُ الصم الدعاء﴾ ولا يسمع الصم مكي ﴿إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ﴾ فإن قلت الأصم لا يسمع مقبلاً أو مدبراً فما فائدة هذا التخصيص قلت هو إذا كان مقبلا يفهم بالرمز والاشارة فإذا ولى لا يسمع ولا يفهم بالإشارة
﴿وما أنت بهادي العمى﴾ أي عمى القلوب وما أنت تهدى العمي حمزة ﴿عَن ضلالتهم﴾ أي لا يمكنك أن تهدي الأعمى إلى طريق قد ضل
﴿الله الذى خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ﴾ من النطف كقوله من ماء مهين ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ﴾ يعني حال الشباب وبلوغ الأشد ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً﴾ يعني حال الشيخوخة والهرم ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاء﴾ من ضعف وقوة وشباب وشيبة ﴿وَهُوَ العليم﴾ بأحوالهم ﴿القدير﴾ على تغييرهم وهذا الترديد في الأحوال أبين دليل على الصانع العليم القدير فتح الضاد في الكل عاصم وحمزة وضم غيرهما وهو اختيار حفص وهما لغتان والضم أقوى في القراءة لما روي عن ابن عمر قال قرأتها على رسول الله ﷺ من ضَعف فأقرأني من ضُعفٍ
﴿وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة﴾ أي القيامة سميت بذلك لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدينا أو لأنها تقع بغية كما تقوم في ساعة لمن تستعجله وجرت علماً لها كالنجم للثريا ﴿يُقْسِمُ المجرمون﴾ يحلف الكافرون ولا وقف عليه لأن ﴿مَا لَبِثُواْ﴾ في القبور أو فى الدينا ﴿غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ جواب القسم استقلوا مدة لبثهم في القبور أو في الدنيا لهول يوم
الروم (٦٠ - ٥٥)
القيامة وطول مقامهم في شدائدها أو ينسون أو يكذبون ﴿كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ﴾ أي مثل ذلك الصرف كانوا يصرفون عن الصدق إلى الكذب في الدنيا ويقولون ما هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين
﴿وَقَالَ الذين أُوتُواْ العلم والإيمان﴾ هم الأنبياء والملائكة والمؤمنون
﴿فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ﴾ بالياء كوفي ﴿الذين ظَلَمُواْ﴾ كفروا ﴿مَعْذِرَتُهُمْ﴾ عذرهم ﴿وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أي لا يقال لهم أرضوا ربكم بتوبة من قولك استعتبني فلان فأعتبته أي استرضاني فأرضيته
﴿ولقد ضربنا لِلنَّاسِ فِي هذا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ولئن جئتهم بآية لَّيَقُولَنَّ الذين كَفَرُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ﴾ أي ولقد وصفنا لهم كل صفة كأنها مثل في غرابتها وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن كصفة المبعوثين يوم القيامة وقصتهم وما يقولون وما يقال لهم وما لا ينفع من اعتذارهم ولايسمع من استعتابهم ولكنهم لقسوة قلوبهم إذا جئتهم بآية من آيات القرآن قالوا جئتنا بزور وباطل
﴿كذلك يَطْبَعُ الله على قُلُوبِ الذين لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي مثل ذلك الطبع وهو الختم يطبع الله على قلوب الجهلة الذين علم الله منهم اختيار الضلال حتى يسموا المحقين مبطلين وهم أعرق خلق الله في تلك الصفة
﴿فاصبر﴾ على أذاهم أو عداوتهم ﴿إِنَّ وَعْدَ الله﴾ بنصرتك على أعدائك وإظهار دين الإسلام على كل دين ﴿حَقّ﴾ لا بد من إنجازه
سورة لقمان مكية وهي ثلاث أو أربع وثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم