تفسير سورة المعارج

الصحيح المسبور
تفسير سورة سورة المعارج من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور المعروف بـالصحيح المسبور .
لمؤلفه حكمت بشير ياسين .

سورة المعارج
قوله تعالى (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله (سأل سائل) قال: دعا داع (بعذاب واقع) قال: يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء).
وانظر سورة الأنفال آية (٣٢) المذكورة آنفاً.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله: (ذي المعارج) يقول: العلو والفواضل.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله (من الله ذي المعارج) قال: معارج السماء.
قوله تعالى (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله: (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) فهذا يوم القيامة، جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة.
قوله تعالى (يوم تكون السماء كالمهل)
انظر حديث أبي سعيد المتقدم تحت الآية رقم (٢٩) من سورة الكهف.
قوله تعالى (وتكون الجبال كالعهن)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، في قوله (كالعهن) قال: كالصوف.
وانظر سورة القارعة آية (٥).
تقوله تعالى (وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: وقوله (ولا يسأل حميم حميما) يشغل كل إنسان بنفسه عن الناس.
وانظر سورة المؤمنون آية (١٠١).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (يبصرونهم) المؤمنون يبصرون الكافرين.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (وفصيلته التي تؤويه) قال: قبيلته.
قوله تعالى (ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه)
انظر سورة آل عمران آية (٩١).
لقوله تعالى (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعَى) انظر سورة الليل آية (١٤-١٦) (فأنذرتكم ناراً تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (نزاعة للشوى) قال: لجلود الرأس.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (تدعو من أدبر وتولى) قال: عن طاعة الله وتولى، قال: عن كتاب الله، وعن حقه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله (وجمع فأوعى) قال: جمع المال.
قوله تعالى (إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، في قوله (خلق هلوعا) قال: جزوعا.
قوله تعالى (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلَّا الْمُصَلِّينَ) هذه الآيات مفسرة للآية السابقة لبيان: هلوعاً.
قوله تعالى (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ)
في هذه الآية وما بعدها إلى الآية (٣٥) بيان لصفات المصلين وثوابهم.
قال البخاري: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى، عن هشام قال: أخبرني أبي عن عائشة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل عليها وعندها امرأة، قال: من هذه؟ قالت: فلانة
-تذكر من صلاتها- قال: "مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا". وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه.
(الصحيح ١/١٢٤ ح ٤٣- ك الإيمان، ب أحب الدين إلى الله أدومه)، وأخرجه مسلم (الصحيح- ك الصلاة، في فضيلة العمل الدائم)، وهو عند الإمام أحمد (المسند ٦/١٦٥) عنها بلفظ: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل").
قال البخاري: حدثنا معاذ بن فضالة: حدثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة أن عائشة رضي الله عنها حدثته قالت: لم يكن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصوم شهرا أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله، وكان يقول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا". وأحب الصلاة إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما دُووم عليه وإن قَلتْ، وكان إذا صلى صلاة داوم عليها.
(الصحيح ٤/٢٥١- ك الصوم، ب صوم شعبان ح١٩٧٠)، وأخرجه مسلم (الصحيح ٢/٨١١ ح ٧٨٢- ك الصيام، ب صيام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غير رمضان).
قال الطبري: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن ومؤمل، قالا: ثنا سفيان عن منصور، عن إبراهيم (الذين هم على صلاتهم دائمون) قال: المكتوبة.
قوله تعالى (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، في قوله (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) قال: الحق المعلوم: الزكاة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) يقول: هو سوى الصدقة يصل بها رحمه، أو يقري بها ضيفا، أو يحمل بها كلا، أو يعين بها محروما.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: المحروم: هو المحارف الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه، فلا يسأل الناس.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (للسائل والمحروم) وهو سائل يسألك في كفه، وفقير متعفف لا يسأل الناس، ولكليهما عليك حق.
قوله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)
انظر سورة المؤمنون آية (٥-٧).
قوله تعالى (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون)
انظر سورة المؤمنون آية (٨)، وانظر حديث البخاري المتقدم تحت الآية رقم (٧٧) من سورة التوبة. وهو حديث: "آية المنافق ثلاث... وإذا ائتمن خان".
قوله تعالى (والذين هم بشهاداتهم قائمون)
انظر حديث مسلم عن زيد بن خالد المتقدم عند الآية (٢٨٢) من سورة البقرة. وهو حديث: "ألا أخبركم بني الشهداء... ".
قال ابن كثير: وقوله (والذين بشهاداتهم قائمون) أي: محافظون عليها لا يزيدون فيها، ولا ينقصون منها، ولا يكتمونها (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) قوله تعالى (فمال الذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم)
قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن الفضل الصائغ بعسقلان، ثنا آدم بن أبي اياس، ثنا جرير بن عثمان، ثنا عبد الرحمن بن ميسرة، عن جبير بن نفير، عن بسر بن جحاش القرشي قال: تلا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذه الآية (فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم كلا إنا خلقناهم مما يعلمون) ثم بزق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على كفه فقال يقول الله يا ابن آدم أني تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردتين وللأرض منك وئيد يعني شكوى فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٥٠٢- ك التفسير) وصححه الذهبي، وأخرجه ابن ماجة (٢/٩٠٣ ح ٢٧٠٧)، وابن سعد في (الطبقات ٧/٤٧٢) من طرق عن حريز به، قال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات، وقال الألباني: إسناده حسن... (الصحيحة رقم ٩٩٠١).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (فمال الذين كفروا قبلك مهطعين) يقول: عامدين.
قال ابن كثير: يقول تعالى منكرا علي الكفار الذين كانوا في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم مشاهدون له ولما أرسله الله به من الهدى وأيده الله به من المعجزات الباهرة، ثم هم مع هذا كله فارون منه متفرقون عنه شاردون يمينا وشمالا فرقا فرقا، وشيعا شيعا، كما قال تعالى (فمالهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة).
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقال: "مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ اسكنوا في الصلاة". قال ثم خرج علينا فرآنا حِلقا. فقال: "مالي أراكم عزين؟ " قال ثم خرج علينا فقال: "ألا تصُفون كما تصُف الملائكة عند ربها؟ " فقلنا: يا رسول الله! وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: "يتمون الصف الأول. ويتراصون في الصف".
(الصحيح ١/٣٢٢ ح٤٣٠- ك الصلاة، ب الأمر بالسكون في الصلاة... ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (عن اليمين وعن الشمال عزين) قال: مجالس مجنبين.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (عزين) قال العزين: الحلق المجالس.
قوله تعالى (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون)
قال ابن كثير: ثم قال تعالى مقررا لوقوع المعاد والعذاب بهم الذي أنكروا كونه واستبعدوا وجوده، مستدلا عليه بالبداءة التي الإعادة أهون منها وهم معترفون بها فقال (إنا خلقناهم مما يعلمون) أي: من المني الضعيف، كما
قال (ألم نخلقكم من ماء مهين) وقال (فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر).
قوله تعالى (فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين)
قال ابن كثير: (فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم) أي: يوم القيامة نعيدهم بأبدان خير من هذه، فإن قدرته صالحة لذلك (وما نحن بمسبوقين) أي: بعاجزين. كما قال تعالى (أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه) وقال تعالى (نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين. على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون) قوله تعالى (يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون) أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (يوم يخرجون من الأجداث سراعا) أي: من القبور سراعا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (يوفضون) قال: يستبقون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (كأنهم إلى نصب يوفضون) قال: إلى عَلَم يسعون.
لقوله تعالى (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون) انظر سورة القلم آية (٤٣) وسورة القمر آية (٧-٨).
Icon