تفسير سورة القيامة

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة القيامة من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير ﴿ لا أقسم بيوم القيامة ﴾ وهي مكية كلها.

قَوْلُهُ: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ الْمَعْنى: أقسم و ((لَا)) صلَة،
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللوامة﴾ مَعْنَاهُ أقسم. قَالَ الْحسن: وَهُوَ نفسُ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا تَلْقَاهُ إِلَّا وَهُوَ يَلُومُ نَفْسَهُ، يَقُولُ: مَا أَرَدْتُ بِكَلامِي، مَا أَرَدْتُ بِكَذَا، مَا أَرَدْتُ بِكَذَا، يَنْدَمُ عَلَى مَا فَاتَ، وَيَلُومُ نَفسه
﴿أيحسب الْإِنْسَان﴾ وَهُوَ الْمُشْرِكُ ﴿أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامه﴾ أَي: أَن لن نبعثه
﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بنانه﴾ يَعْنِي: مَفَاصِلَهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: (قَادِرِينَ) حَالٌ بِمَعْنَى: بَلَى نَجْمَعُهَا قَادِرِينَ.
﴿بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ وَهُوَ الْمُشْرِكُ؛ يَعْنِي: أَنَّهُ يَمْضِي عَلَى فُجُورِهِ لَا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ حَتَّى يلقى ربه
﴿يسْأَل أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة﴾ مَتَى يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ أَيْ: لَيست بجائية يكذب بهَا.
قَالَ اللَّهُ: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ﴾ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ أَيْ: شَخُصَ لِإِجَابَةِ الدَّاعِي كَقَوْلِهِ: ﴿لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِم طرفهم﴾ هَذَا تَفْسِيرُ الْحَسَنِ.
قَالَ محمدٌ: مَنْ قَرَأَ (برَق الْبَصَرُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَرَادَ: بَرِيقَه إِذَا شَخُصَ، يُقَالُ: بَرَقَ يَبْرُق، وَمَنْ قَرَأَ بَرِقَ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - فَمَعْنَاهُ: فَزِعَ وتحَّير. يُقَالُ مِنْهُ: بَرِقَ يَبْرَقُ.
﴿وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر﴾ أَيْ: جَمَعَهُمَا جَمِيعًا؛ فِي تَفْسِيرِ الْحسن.
﴿يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ﴾ قَالَ:
﴿إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المستقر﴾ الْمرجع
﴿يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾
﴿بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ كَافِرٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.
قَالَ محمدٌ: وَقِيلَ: إِنَّ الْمَعَاذِيرَ السُّتُورُ بِلُغَةِ.
قال محمد : وقيل : إن المعاذير الستور بلغة [ اليمن ]١.
١ ما بين المعكوفات بياض في الأصل..
﴿لَا تحرّك بهَا لسَانك لتعجل بِهِ﴾ تفسيرالحسن: كَانَ رَسُول الله إِذا
64
(ل ٣٨٠) نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ يُدْئِبُ نَفْسَهُ فِي قَرَاءَتِهِ، مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ﴾
65
﴿إِنَّا علينا جمعه وقرآنه﴾ أَيْ: نَحْنُ نَحْفَظُهُ عَلَيْكَ فَلا تنساه
﴿فَإِذا قرأناه﴾ نَحن ﴿فَاتبع﴾ أَنْت ﴿قرآنه﴾ يَعْنِي: فَرَائِضَهُ وَحُدُودَهُ وَالْعَمَلَ بِهِ
﴿ثمَّ إِن علينا بَيَانه﴾ تَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ: نَحْنُ نبيَّنه لَكَ. تَفْسِير سُورَة الْقِيَامَة من آيَة (٢٠ - ٣٣)
﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَة﴾ أَيْ: لَا تُؤْمِنُونَ أَنَّهَا جَائِيَةٌ، يَقُوله للْمُشْرِكين
﴿ وتذرون الآخرة ﴾ أي : لا تؤمنون أنها جائية، يقوله للمشركين.
﴿وجوهٌ يومئٍذ ناضرة﴾ ناعمة
﴿إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ تنظر إِلَى الله
﴿ووجوهٌ يومئٍذ باسرة﴾ عابسة
﴿تظن﴾ تَعْلَمُ ﴿أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ أَيْ: داهيةٌ وشَرٌّ.
قَالَ محمدٌ: (فاقرة) يُقَالُ: إِنَّهَا مِنْ فقَار الظَّهْر كَأَنَّهَا تكسِره، تَقُولُ: فَقَرْتُ الرَّجُلَ؛ إِذا كَسَرْتَ فَقَارَهُ
﴿كلا إِذا بلغت التراقي﴾ يَعْنِي: النَّفْسَ سُلَّتْ مِنَ الرِّجلين حَتَّى إِذا بلغت التَّرْقُوَتَيْن
﴿وَقيل من راق﴾ أَيْ: مَنْ يَرْقِيهِ؟ فِي تَفْسِيرِ قَتَادَة
﴿وَظن﴾ علم ﴿أَنه الْفِرَاق﴾ فِرَاق الدُّنْيَا
﴿والتفت السَّاق بالساق﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ، اجْتَمَعَ أَمْرُ الدُّنْيَا وَأَمَرُ الْآخِرَةِ.
قَالَ محمدٌ: يَعْنِي: كَرْبَ الدُّنْيَا وكرب الْآخِرَة.
﴿إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ﴾ يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة ﴿المساق﴾ يساقون إِلَى الْحساب
﴿فَلَا صدق وَلَا صلى﴾ أَيْ: لَمْ يصدَّق وَلَمْ يصلَّ.
قَالَ يَحْيَى: نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ.
قَالَ محمدٌ: مِنْ كَلامِ الْعَرَبِ: لَا فَعَلَ، يُرِيدُ لَمْ يَفْعَلْ. قَالَ الشَّاعِرُ:
(وَأَيُّ فعلٍ سيئ لَا فعَلَه... ْ)
أَرَادَ: لم يَفْعَله.
﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى﴾ يَتَبَخْتَرُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُهُ: ﴿يَتَمَطَّى﴾ أَصْلُهُ: يتمطَّطُ؛ فَقُلِبَتِ الطَّاءُ يَاءً، كَمَا قَالُوا: يتظنَّى وَأَصْلُهُ: يتظنَّنُ. تَفْسِير سُورَة الْقِيَامَة من آيَة (٣٤ - ٤٠)
﴿أولى لَك فَأولى﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: أَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ
66
الْجَبَلَيْنِ أحدٌ أعزُّ مِنِّي، فَاجْهَدْ أَنْتَ وَرَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ جَهْدَكُمَا؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثمَّ أولى لَك فَأولى﴾ وعيدٌ بَعْدَ وَعِيدٍ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ وصيَّره إِلَى جَهَنَّمَ
67
﴿ ثم أولى لك فأولى( ٣٥ ) ﴾ وعيد بعد وعيد، فقتله الله يوم بدر وصيره إلى جهنم.
﴿أيحسب الْإِنْسَان﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكَ ﴿أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ أَيْ: هَمَلاً، فَلا يُبْعَثُ وَلا يُحَاسب
﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ تمنى﴾ يَمِينهَا الرجل؛ يَعْنِي: النُّطْفَة
﴿ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى﴾ أَي: خلقه الله فسوَّاه
﴿فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى﴾ الذّكر زوج وَالْأُنْثَى زوج
﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يحيي الْمَوْتَى﴾ يَقُولُهُ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ؛ أَيْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ.
يَحْيَى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الْيَسَعِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا خَتَمَ أَحَدُكُمْ آخِرَ ((لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ)) فليقلْ: بَلَى)).
67
تَفْسِيرُ سُورَةِ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا
بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير سُورَة الْإِنْسَان من آيَة (١ - ٣)
68
تَفْسِير سُورَة الْإِنْسَان من آيَة (٣ - ٤)
69
Icon