ﰡ
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ يَقُول قد فَازَ وَنَجَا وَسعد الموحدون بتوحيد الله أُولَئِكَ هم الوارثون الْجنَّة دون الْكفَّار وَيُقَال قد فَازَ وَنَجَا الْمُؤْمِنُونَ المصدقون بإيمَانهمْ والفلاح على وَجْهَيْن نجاح
ثمَّ ذكر نعت الْمُؤمنِينَ فَقَالَ ﴿الَّذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ مخبتون متواضعون لَا يلتفتون يَمِينا وَلَا شمالاً وَلَا يرفعون أَيْديهم فِي الصَّلَاة
﴿وَالَّذين هُمْ عَنِ اللَّغْو مُّعْرِضُونَ﴾ عَن الْبَاطِل وَالْحلف تاركون لَهُ
﴿وَالَّذين هم لِلزَّكَاةِ فاعلون﴾ مؤدوون زَكَاة أَمْوَالهم
﴿وَالَّذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾
284
يعفون فروجهم عَن الْحَرَام
285
﴿إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ﴾ أَربع نسْوَة ﴿أَوْ مَا ملكت أَيْمَانهم﴾ من الولائد بِغَيْر عدد ﴿فَإِنَّهُم غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ بالحلال
﴿فَمَنِ ابْتغى وَرَآءَ ذَلِك﴾ فَمن طلب سوى الْحَلَال ﴿فَأُولَئِك هُمُ العادون﴾ المعتدون الْحَلَال إِلَى الْحَرَام
﴿وَالَّذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ﴾ لما ائتمنوا عَلَيْهِ مثل الصَّوْم وَالْوُضُوء والاغتسال من الْجَنَابَة والوديعة وَأَشْبَاه ذَلِك ﴿وَعَهْدهمْ﴾ فِيمَا بَينهم وَبَين الله أَو بَينهم وَبَين النَّاس ﴿رَاعُونَ﴾ حافظون لَهُ بِالْوَفَاءِ
﴿وَالَّذين هُمْ على صَلَوَاتِهِمْ﴾ لأوقات صلواتهم ﴿يُحَافِظُونَ﴾ لَهُ بِالْوَفَاءِ
﴿أُولَئِكَ﴾ أهل هَذِه الصّفة ﴿هُمُ الوارثون﴾ النازلون
﴿الَّذين يَرِثُونَ﴾ ينزلون ﴿الفردوس﴾ مَقْصُورَة الرَّحْمَن والفردوس هُوَ الْبُسْتَان بِلِسَان الرومية ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ فِي الْجنَّة مقيمون لَا يموتون وَلَا يخرجُون مِنْهَا
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان﴾ ولد آدم ﴿مِن سُلاَلَةٍ﴾ سلة ﴿مِّن طِينٍ﴾ والطين هُوَ آدم
﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ﴾ يَعْنِي مَاء السلالة ﴿نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾ فِي مَكَان حريز رحم أمه فَيكون نُطْفَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا
﴿ثمَّ خلقنَا﴾ ثمَّ حولنا ﴿النُّطْفَة علقَة﴾ دِمَاء عبيطاً فَتكون علقَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا ﴿فَخَلَقْنَا﴾ فحولنا ﴿الْعلقَة مُضْغَةً﴾ لَحْمًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا ﴿فَخَلَقْنَا﴾ فحولنا ﴿المضغة عِظَاماً﴾ بِلَا لحم ﴿فَكَسَوْنَا الْعِظَام لَحْماً﴾ أوصالاً وعروقاً وَغير ذَلِك ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ جعلنَا فِيهِ الرّوح ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ أحكم المحولين
﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِك لَمَيِّتُونَ﴾ تموتون
﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة تُبْعَثُونَ﴾ تحيون
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ﴾ سبع سموات بَعْضهَا فَوق بعض مثل الْقبَّة ﴿وَمَا كُنَّا عَنِ الْخلق غَافِلِينَ﴾ تاركين لَهُم بِلَا أَمر وَلَا نهى
﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً﴾ مَطَرا ﴿بِقَدَرٍ﴾ من الْمَعيشَة وَقيل بِمِقْدَار مَا يكفيكم ﴿فَأَسْكَنَّاهُ﴾ فأدخلناه ﴿فِي الأَرْض﴾ فَجعلنَا مِنْهُ الركي والعيون والأنهار والغدران ﴿وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ﴾ على غور المَاء فِي الأَرْض ﴿لَقَادِرُونَ﴾
﴿فَأَنشَأْنَا لَكُمْ﴾ خلقنَا لكم وَيُقَال أنبتنا لكم ﴿بِهِ﴾ بِالْمَاءِ ﴿جَنَّاتٍ﴾ بساتين ﴿مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾ كروم ﴿لَّكُمْ فِيهَا﴾ فِي الْبَسَاتِين ﴿فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ﴾ ألوان فواكه كَثِيرَة ﴿وَمِنْهَا﴾ من ألوان الثِّمَار ﴿تَأْكُلُونَ﴾
﴿وَشَجَرَةً﴾ تنْبت بالمطر شَجَرَة وَهِي شَجَرَة الزَّيْتُون ﴿تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ﴾ من جبل مشجر وَالطور هُوَ الْجَبَل بِلِسَان النبط والسيناء هُوَ الْجَبَل المشجر بِلِسَان الْحَبَشَة ﴿تَنبُتُ بالدهن﴾ تخرج الدّهن ﴿وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ﴾ وَمَا يصطبغ بِهِ الْآكِل
﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَام﴾ فِي الْإِبِل ﴿لَعِبْرَةً﴾ لعلامة ﴿نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا﴾ من أَلْبَانهَا تخرج من بَين فرث وَدم لَبَنًا خَالِصا ﴿وَلَكُمْ فيِهَا﴾ فِي ركُوبهَا وَحملهَا ﴿مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا﴾ من لحومها وَأَلْبَانهَا وَأَوْلَادهَا ﴿تَأْكُلُونَ﴾
﴿وَعَلَيْهَا﴾ على الْإِبِل يَعْنِي فِي الْبر
﴿وَعَلَى الْفلك﴾
285
على السفن فِي الْبَحْر
﴿تُحْمَلُونَ﴾ تسافرون
286
﴿وَلَقَدْ أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه فَقَالَ﴾ لِقَوْمِهِ ﴿يَا قوم اعبدوا الله﴾ وحدوا الله ﴿مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَه غَيره﴾ غير الَّذِي أَمركُم أَن تؤمنوا بِهِ ﴿أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ عبَادَة غير الله
﴿فَقَالَ الْمَلأ﴾ الرؤساء ﴿الَّذين كفرُوا من قومه مَا هَذَا﴾ يعنون نوحًا ﴿إِلاَّ بَشَرٌ﴾ آدَمِيّ ﴿مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ بالرسالة والنبوة ﴿وَلَوْ شَآءَ الله﴾ أَن يُرْسل إِلَيْنَا رَسُولا ﴿لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً﴾ أَي ملكا من الْمَلَائِكَة ﴿مَّا سمعنَا بِهَذَا﴾ الَّذِي يَقُول نوح ﴿فِي﴾ زمن ﴿آبَآئِنَا الْأَوَّلين﴾
﴿إِنْ هُوَ﴾ مَا هُوَ يعنون نوحًا ﴿إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾ جُنُون ﴿فَتَرَبَّصُواْ﴾ فانتظروا ﴿بِهِ حَتَّى حِينٍ﴾ إِلَى حِين يَمُوت
﴿قَالَ﴾ نوح ﴿رَبِّ انصرني﴾ أَعنِي بِالْعَذَابِ ﴿بِمَا كذبون﴾ بالرسالة
﴿فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ﴾ أرسلنَا إِلَيْهِ جِبْرِيل ﴿أَنِ اصْنَع الْفلك﴾ أَن خُذ فِي علاج السَّفِينَة ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ بمنظر منا ﴿وَوَحْيِنَا﴾ بوحينا إِلَيْك ﴿فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا﴾ وَقت عذابنا ﴿وَفَارَ التَّنور﴾ نبع المَاء من التَّنور وَيُقَال طلع الْفجْر ﴿فاسلك فِيهَا﴾ فاحمل فِي السَّفِينَة ﴿مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ صنفين اثْنَيْنِ ذكر وَأُنْثَى ﴿وَأَهْلَكَ﴾ واحمل أهلك يَعْنِي من آمن بك ﴿إِلاَّ مَن سَبَقَ﴾ وَجب ﴿عَلَيْهِ القَوْل﴾ بِالْعَذَابِ ﴿مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي﴾ وَلَا تراجعني بِالدُّعَاءِ ﴿فِي الَّذين ظلمُوا﴾ فِي نجاة الَّذين كفرُوا من قَوْمك ﴿إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ﴾ بالطوفان
﴿فَإِذَا استويت أَنتَ﴾ إِذا ركبت أَنْت ﴿وَمَن مَّعَكَ﴾ من الْمُؤمنِينَ ﴿عَلَى الْفلك﴾ على السَّفِينَة ﴿فَقُلِ الْحَمد لِلَّهِ﴾ الشُّكْر لله ﴿الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ الْكَافرين
﴿وَقُل﴾ حِين تنزل من السَّفِينَة ﴿رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً﴾ بِالْمَاءِ وَالشَّجر ﴿وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين﴾ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
﴿إِن فِي ذَلِك﴾ فِيمَا فعلنَا بهم ﴿لآيَات﴾ لعلامات وعبرات لأهل مَكَّة لكَي يقتدوا بهم ﴿وَإِن كُنَّا﴾ وَقد كُنَّا ﴿لَمُبْتَلِينَ﴾ بالبلايا وَيُقَال مختبرين بالعقوبة
﴿ثمَّ أنشأنا من بعدهمْ﴾ خلقا من بعد هَلَاك قوم نوح ﴿قَرْناً آخَرِينَ﴾ قوما آخَرين
﴿فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ﴾ إِلَيْهِم ﴿رَسُولاً مِّنْهُمْ﴾ من نسبهم ﴿أَنِ اعبدوا الله﴾ وحدوا الله ﴿مَا لَكُمْ من إِلَه غَيره﴾ غير الَّذِي أَمركُم أَن تؤمنوا بِهِ ﴿أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ عبَادَة غير الله
﴿وَقَالَ الْمَلأ﴾ الرؤساء ﴿مِن قَوْمِهِ﴾ من قوم الرَّسُول ﴿الَّذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ الْآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿وَأَتْرَفْنَاهُمْ﴾ أنعمناهم بِالْمَالِ وَالْولد ﴿فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مَا هَذَا﴾ يعنون الرَّسُول ﴿إِلاَّ بَشَرٌ﴾ آدَمِيّ ﴿مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ﴾ كَمَا تَأْكُلُونَ مِنْهُ ﴿وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ﴾ كَمَا تشربون
﴿وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً﴾ آدَمِيًّا ﴿مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ﴾ جاهلون مغبونون
﴿أَيَعِدُكُمْ﴾ هَذَا الرَّسُول ﴿أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ وَكُنتُمْ﴾ صرتم ﴿تُرَاباً﴾ بعد الْمَوْت ﴿وَعِظاماً﴾ بالية ﴿أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ﴾ محيون بعد الْمَوْت
﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ﴾ بَعيدا بَعيدا ﴿لِمَا تُوعَدُونَ﴾ لَا يكون هَذَا
﴿إِنْ هِيَ﴾ مَا هِيَ ﴿إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿نَمُوتُ وَنَحْيَا﴾ يَمُوت الْآبَاء ويحيا الْأَبْنَاء ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ للبعث بعد الْمَوْت
﴿إِنْ هُوَ﴾ مَا هُوَ يعنون الرَّسُول ﴿إِلاَّ رَجُلٌ افترى﴾ اختلق ﴿على الله كَذِباً﴾ بِمَا يَقُول ﴿وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ﴾ بمصدقين لَهُ بِمَا يَقُول
﴿قَالَ﴾ الرَّسُول ﴿رَبِّ انصرني﴾ أَعنِي بِالْعَذَابِ ﴿بِمَا كذبون﴾ بالرسالة
﴿قَالَ﴾ الله ﴿عَمَّا قَلِيلٍ﴾ عَن قَلِيل ﴿لَّيُصْبِحُنَّ﴾ ليصيرن ﴿نَادِمِينَ﴾ بالتكذيب عِنْد الْعقُوبَة
﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَة بِالْحَقِّ﴾ يَعْنِي صَوت جِبْرِيل بِالْعَذَابِ ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ﴾ بعد الْهَلَاك ﴿غُثَآءً﴾ يَابسا ﴿فَبُعْداً﴾ فسحقاً وخيبة من رَحْمَة الله ﴿لِّلْقَوْمِ الظَّالِمين﴾ للْكَافِرِينَ
﴿ثُمَّ أَنشَأْنَا﴾ خلقنَا ﴿مِن بَعْدِهِمْ﴾ من بعد هلاكهم ﴿قرونا آخَرين﴾ قرنا بعد قرن من قرن إِلَى قرن ثَمَان عشرَة سنة والقرن ثَمَانُون سنة
﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ﴾ مَا تهْلك من أمة ﴿أَجَلَهَا﴾ قبل أجلهَا ﴿وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ عَن الْأَجَل
﴿ثمَّ أرسلنَا رسلنَا تترا﴾ متتابعاَ بَعْضهَا على أثر بعض ﴿كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا﴾ إِلَى أمة رَسُول ﴿كَذَّبُوهُ﴾ كذبُوا ذَلِك الرَّسُول ﴿فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً﴾ بِالْهَلَاكِ ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾ فِي دهرهم يحدث عَنْهُم ﴿فَبُعْداً﴾ فسحقاً من رَحْمَة الله ﴿لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا﴾ التسع ﴿وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ حجَّة بَيِّنَة
﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾ قومه ﴿فاستكبروا﴾ عَن الْإِيمَان بمُوسَى والآيات ﴿وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ﴾ مخالفين لمُوسَى مستكبرين عَن الْإِيمَان
﴿فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ﴾ لآدميين يعنون مُوسَى وَهَارُون ﴿مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ﴾ مطيعون
﴿فَكَذَّبُوهُمَا﴾ بالرسالة ﴿فَكَانُواْ مِنَ المهلكين﴾ فصاروا من المغرقين فِي اليم
﴿وَلَقَد آتَيْنَا﴾ أعطينا ﴿مُوسَى الْكتاب﴾ يعْنى التوارة ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ لكَي يهتدوا بهَا من الضَّلَالَة
﴿وَجَعَلْنَا ابْن مَرْيَمَ﴾ يَعْنِي عِيسَى ﴿وَأُمَّهُ آيَةً﴾ عَلامَة وعبرة ولدا بِلَا أَب وولادة بِلَا لمس ﴿وَآوَيْنَاهُمَآ﴾ رجعناهما ﴿إِلَى رَبْوَةٍ﴾ إِلَى مَكَان مُرْتَفع ﴿ذَاتِ قَرَارٍ﴾ مستو ذَات نعيم ﴿وَمَعِينٍ﴾ مَاء ظَاهر جَار وَهُوَ دمشق
﴿يَا أَيهَا الرُّسُل﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا
﴿كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَات﴾ كلوا من الْحَلَال
﴿وَاعْمَلُوا صَالِحاً﴾ اعْمَلْ صَالحا فِيمَا بَيْنك وَبَين رَبك
287
﴿إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أَي بِمَا تعْمل يَا مُحَمَّد ويعملون من الْخَيْر
﴿عَلِيمٌ﴾ بثوابه
288
﴿وَإِنَّ هَذِه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ ملتكم مِلَّة وَاحِدَة ودينكم دينا وَاحِدًا مُخْتَارًا ﴿وَأَنَاْ رَبُّكُمْ﴾ رب وَاحِد أكرمتكم بذلك ﴿فاتقون﴾ فأطيعون
﴿فتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ فَتَفَرَّقُوا فِيمَا بَينهم فِي دينهم ﴿زُبُراً﴾ فرقا فرقا الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكين وَالْمَجُوس ﴿كُلُّ حِزْبٍ﴾ كل أهل دين وَفرْقَة ﴿بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ معجبون
﴿فَذَرْهُمْ﴾ اتركهم يَا مُحَمَّد ﴿فِي غَمْرَتِهِمْ﴾ فِي جهلهم ﴿حَتَّى حِينٍ﴾ إِلَى حِين الْعَذَاب يَوْم بدر
﴿أَيَحْسَبُونَ﴾ أيظن أهل الْفرق ﴿أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ﴾ لأنما نعطيهم فِي الدُّنْيَا ﴿مِن مَّالٍ وَبَنِينَ﴾
﴿نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخيرَات﴾ مسارعة لَهُم منا فِي الْخيرَات فِي الدُّنْيَا وَيُقَال فِي الْآخِرَة ﴿بَل لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ أَنا مكرمون لَهُم فِي الدُّنْيَا ومهينون لَهُم فِي الْآخِرَة
ثمَّ بيَّن لمن المسارعة فِي الْخيرَات فِي الدُّنْيَا فَقَالَ ﴿إِنَّ الَّذين هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ﴾ من عَذَاب رَبهم ﴿مُّشْفِقُونَ﴾ خائفون لَهُم منا مسارعة فِي الْخيرَات
﴿وَالَّذين هم بآيَات رَبهم﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ يصدقون لَهُم منا مسارعة فِي الْخيرَات
﴿وَالَّذين هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ﴾ الْأَوْثَان لَهُم منا مسارعة فِي الْخيرَات
﴿وَالَّذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ﴾ يُعْطون مَا أعْطوا من الصَّدَقَة وينفقون مَا أتفقوا من المَال فِي سَبِيل الله وَيُقَال يعْملُونَ مَا عمِلُوا من الْخيرَات ﴿وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ خائفة ﴿أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ فِي الْآخِرَة فَلَا يقبل مِنْهُم
﴿أُولَئِكَ﴾ أهل هَذِه الصّفة ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات﴾ يبادرون فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة ﴿وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ وهم سَابِقُونَ بالخيرات
﴿وَلَا تكلّف نفس﴾ من الْعَمَل ﴿إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ طاقتها ﴿وَلَدَيْنَا﴾ عندنَا ﴿كِتَابٌ يَنطِقُ﴾ وَهُوَ ديوَان الْحفظَة مَكْتُوب فِيهِ حسناتهم وسيئاتهم ينْطق ﴿بِالْحَقِّ﴾ يشْهد عَلَيْهِم بِالصّدقِ وَالْعدْل ﴿وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ لَا ينقص من حسناتهم وَلَا يُزَاد على سيئاتهم
﴿بَلْ قُلُوبُهُمْ﴾ قُلُوب أهل مَكَّة يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه ﴿فِي غَمْرَةٍ﴾ فِي جهلة وغفلة ﴿مِّنْ هَذَا﴾ الْكتاب وَيُقَال من هَذَا الْقُرْآن ﴿وَلَهُمْ أَعْمَالٌ﴾ مَقْدُور مَكْتُوب عَلَيْهِم ﴿مِّن دُونِ ذَلِك﴾ من دون مَا تَأْمُرهُمْ سوى الْخَيْر ﴿هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾ فِي الدُّنْيَا حَتَّى أَجلهم يَا مُحَمَّد
﴿حَتَّى إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ﴾ جبابرتهم ورؤساءهم يَعْنِي أَبَا جهل بن هِشَام والوليد ابْن الْمُغيرَة المَخْزُومِي وَالْعَاص بن وَائِل السَّهْمِي وَعتبَة وَشَيْبَة أَصْحَابهم ﴿بِالْعَذَابِ﴾ بِالْجُوعِ سبع سِنِين ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ يَتَضَرَّعُونَ قل لَهُم يَا مُحَمَّد
﴿لاَ تَجْأَرُواْ﴾ لَا تتضرعوا ﴿الْيَوْم﴾ من عذابنا ﴿إِنَّكُمْ مِّنَّا﴾ من عذابنا ﴿لاَ تُنصَرُونَ﴾ لَا تمْنَعُونَ
﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي﴾ الْقُرْآن ﴿تتلى﴾ تقْرَأ وَتعرض ﴿عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ على أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ﴾ إِلَى دينكُمْ الأول تميلون ترجعون
﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ﴾ متعظمين بِالْبَيْتِ تَقولُونَ نَحن أَهله ﴿سَامِراً﴾ تَقولُونَ السمر حوله ﴿تَهْجُرُونَ﴾ تسبون مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَالْقُرْآن
﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ القَوْل﴾ أفلم يتفكروا فِي الْقُرْآن وَمَا فِيهِ من الْوَعيد ﴿أَمْ جَآءَهُمْ﴾ من الْأَمْن والبراءة يَعْنِي أهل مَكَّة ﴿مَّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ الْأَوَّلين﴾
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ﴾ نسب رسولهم ﴿فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾ جاحدون
﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ بل يَقُولُونَ ﴿بِهِ جِنَّةٌ﴾ جُنُون ﴿بل جَاءَهُم بِالْحَقِّ﴾ جَاءَهُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقُرْآنِ والتوحيد والرسالة ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ﴾ لِلْقُرْآنِ ﴿كَارِهُونَ﴾ جاحدون
﴿وَلَوِ اتبع الْحق أَهْوَآءَهُمْ﴾ لَو كَانَ الْإِلَه بهواهم فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه ﴿لَفَسَدَتِ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَن فِيهِنَّ﴾ من الْخلق ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ﴾ أنزلنَا جِبْرِيل إِلَى نَبِيّهم بِالْقُرْآنِ فِيهِ عزهم وشرفهم ﴿فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ﴾ عَن شرفهم وعزهم ﴿مُّعْرِضُونَ﴾ مكذبون
﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ﴾ يَا مُحَمَّد أهل مَكَّة ﴿خَرْجاً﴾ جعلا فَلذَلِك لَا يجيبونك ﴿فَخَرَاجُ رَبِّكَ﴾ فثواب رَبك فِي الْجنَّة ﴿خَيْرٌ﴾ أفضل مِمَّا لَهُم فِي الدُّنْيَا ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرازقين﴾ أفضل المعطين فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
﴿وَإِنَّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ دين قَائِم يرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام
﴿وَأَن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿عَنِ الصِّرَاط﴾ عَن دين الله ﴿لَنَاكِبُونَ﴾ مائلون
﴿وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ﴾ يَعْنِي أهل مَكَّة ﴿وَكَشَفْنَا﴾ رفعنَا ﴿مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ﴾ من جوع ﴿لَّلَجُّواْ﴾ لتمادوا ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ فِي كفرهم وضلالتهم ﴿يَعْمَهُونَ﴾ يمضون عمهة لَا يبصرون الْحق وَالْهدى
﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ﴾ بِالْجُوعِ والقحط ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ﴾ فَمَا خضعوا لرَبهم بِالتَّوْحِيدِ ﴿وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ لَا يُؤمنُونَ
﴿حَتَّى﴾ أَجلهم يَا مُحَمَّد ﴿إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ يَعْنِي الْجُوع ﴿إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ آيسون من كل خير
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ﴾ خلق لكم يَا أهل مَكَّة ﴿السّمع﴾ تَسْمَعُونَ بِهِ ﴿والأبصار﴾ تبصرون بهَا ﴿والأفئدة﴾ يَعْنِي الْقُلُوب تعقلون بهَا ﴿قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ﴾ فشكركم فِيمَا صنع إِلَيْكُم قَلِيل يَا أهل مَكَّة
﴿وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ﴾ خَلقكُم ﴿فِي الأَرْض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ بعد الْمَوْت فيجزيكم بأعمالكم
﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي﴾ للبعث ﴿وَيُمِيتُ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿وَلَهُ اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ تقليب اللَّيْل وَالنَّهَار وذهابهما ومجيئهما وزيادتهما ونقصانهما وظلمة اللَّيْل وضوء النَّهَار كل هَذَا آيَة لكم بِأَن الله يحيي الْمَوْتَى ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ أَفلا تصدقُونَ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت
﴿بَلْ قَالُواْ﴾ كذبُوا بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت يَعْنِي كفار مَكَّة ﴿مِثْلَ مَا قَالَ الْأَولونَ﴾ مثل مَا كذب الْأَولونَ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت
﴿قَالُوا أئذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً﴾ صرنا تُرَابا رميماً ﴿وَعِظَاماً﴾ بالية ﴿أئنا لَمَبْعُوثُونَ﴾ لمحيون بعد الْمَوْت
﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَذَا﴾ الَّذِي تعدنا يَا مُحَمَّد ﴿مِن قَبْلُ﴾ من قبل مَا وعدتنا ﴿إِن هَذَا﴾ مَا هَذَا الَّذِي تَقول يَا مُحَمَّد ﴿إِلاَّ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلين﴾ أَحَادِيث الْأَوَّلين فِي دهرهم وكذبهم
﴿قُل﴾ لكفار مَكَّة يَا مُحَمَّد ﴿لِّمَنِ الأَرْض وَمَن فِيهَآ﴾ من الْخلق أجِيبُوا ﴿إِن كُنتُمْ تعلمُونَ﴾
﴿سيقولون لله قل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ أَفلا تتعظون فتطيعون الله
﴿قُلْ﴾ لَهُم أَيْضا يَا مُحَمَّد ﴿مَن رَّبُّ﴾ خَالق ﴿السَّمَاوَات السَّبع وَرَبُّ الْعَرْش الْعَظِيم﴾ السرير الْكَرِيم ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ الله خلقهَا
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ عبَادَة غير الله
﴿قُلْ﴾ لَهُم أَيْضا يَا مُحَمَّد ﴿مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ خَزَائِن كل شَيْء ﴿وَهُوَ يُجْيِرُ﴾ يقْضِي ﴿وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ لَا يقْضى عَلَيْهِ وَيُقَال هُوَ يجير الْخلق من عَذَابه وَلَا يجار عَلَيْهِ لَا يجير أحد أحدا من عَذَابه أجِيبُوا ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
﴿سيقولون لله﴾ بيد الله بقارة الله ذَلِك كُله ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿فَأنى تُسْحَرُونَ﴾ من أَيْن تكذبون على الله وَيُقَال انْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ يصرفون بِالْكَذِبِ إِن قَرَأت بِضَم التَّاء
﴿بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ﴾ أرسلنَا جِبْرِيل إِلَى نَبِيّهم بِالْقُرْآنِ فِيهِ أَن لَيْسَ لله ولد وَلَا شريك ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ فِي قَوْلهم إِن الْمَلَائِكَة بَنَات الله
﴿مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ﴾ من بني آدم وَلَا بَنَات من الْمَلَائِكَة ﴿وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ﴾ من شريك ﴿إِذاً﴾ لَو كَانَ كَمَا يَقُولُونَ ﴿لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَه بِمَا خَلَقَ﴾ إِلَى نَفسه فاستولى كل إِلَه على مَا خلق ﴿وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ﴾ لغلب بَعضهم على بعض ﴿سُبْحَانَ الله﴾ نزه نَفسه وَيُقَال ارْتَفع وتبرأ ﴿عَمَّا يَصِفُونَ﴾ يَقُولُونَ من الْكَذِب
﴿عَالِمِ الْغَيْب﴾ مَا غَابَ عَن الْعباد وَيُقَال مَا يكون ﴿وَالشَّهَادَة﴾ أعلمهُ الْعباد وَيُقَال مَا كَانَ ﴿فتعالى﴾ فتبرأ ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ بِهِ من الْأَوْثَان
﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿رَّبِّ﴾ يَا رب ﴿إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ﴾ من الْعَذَاب
﴿رَبِّ﴾ يَا رب ﴿فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْم الظَّالِمين﴾ مَعَ الْقَوْم الْكَافرين يَوْم بدر
﴿وَإِنَّا على أَن نُّرِيَكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿مَا نَعِدُهُمْ﴾ من الْعَذَاب يَوْم بدر ﴿لَقَادِرُونَ﴾
﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيئَة﴾ يَقُول ادْفَعْ بِلَا إِلَه إِلَّا الله كلمة الشّرك عَن أبي جهل وَأَصْحَابه وَيُقَال السَّلَام الْقَبِيح عَن نَفسك ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ من الْكَذِب
﴿وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ﴾ أَعْتَصِم بك ﴿مِنْ همزات﴾ نزعات ﴿الشَّيَاطِين﴾ الَّتِي يصرع بهَا الرجل
﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ﴾ من أَن يحضروني يَعْنِي الشَّيَاطِين فِي الصَّلَاة وَعند الْقِرَاءَة وَعند الْمَوْت
﴿حَتَّى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ﴾ يَعْنِي كفار مَكَّة ﴿الْمَوْت﴾ يَعْنِي ملك الْمَوْت وأعوانه لقبض روحهم ﴿قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ إِلَى الدُّنْيَا
﴿لعَلي أعمل صَالحا﴾ وأومن بك ﴿فِيمَا تَرَكْتُ﴾ فِي الَّذِي تركت فِي الدُّنْيَا وكذبت بِهِ ﴿كَلاَّ﴾ حَقًا يرد إِلَى الدُّنْيَا ﴿إِنَّهَا﴾ يَعْنِي الرّجْعَة ﴿كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا﴾ يتَكَلَّم بهَا صَاحبهَا وَلَا تَنْفَعهُ ﴿وَمِن وَرَآئِهِمْ﴾ قدامهم ﴿بَرْزَخٌ﴾ يَعْنِي الْقَبْر ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ من الْقُبُور
﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور﴾ نفخة الْبَعْث ﴿فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ فَلَا نفع بَينهم بِالنّسَبِ ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ﴾ عَن ذَلِك
﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ مِيزَانه من الْحَسَنَات ﴿فَأُولَئِك هم المفلحون﴾ الناجون من السخط وَالْعَذَاب
﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ﴾ مِيزَانه من الْحَسَنَات ﴿فَأُولَئِك الَّذين خسروا﴾ غبنوا ﴿أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ مقيمون دائمون لَا يموتون وَلَا يخرجُون مِنْهَا
﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّار﴾ تضرب وُجُوههم وَتحرق عظامهم وتأكل لحومهم النَّار ﴿وَهُمْ فِيهَا﴾ فِي النَّار ﴿كَالِحُونَ﴾ وكلحهم سَواد وُجُوههم وزرقة أَعينهم
﴿أَلَمْ تَكُنْ﴾ يَقُول الله لَهُم ألم تكن ﴿آيَاتِي﴾ الْقُرْآن ﴿تتلى عَلَيْكُمْ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿فَكُنْتُمْ بِهَا﴾ بِالْآيَاتِ ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ تجحدون
﴿قَالُواْ﴾ الْكفَّار وهم فِي النَّار
﴿رَبَّنَا﴾ يَا رَبنَا
﴿غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا﴾ الَّتِي كتبت علينا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَلم نؤمن
290
﴿وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ﴾ كَافِرين
291
﴿رَبَّنَآ﴾ يَا رَبنَا ﴿أَخْرِجْنَا مِنْهَا﴾ من النَّار ﴿فَإِنْ عُدْنَا﴾ إِلَى الْكفْر ﴿فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ على أَنْفُسنَا
﴿قَالَ﴾ الله لَهُم ﴿اخسؤوا فِيهَا﴾ اصغروا فِي النَّار ﴿وَلاَ تُكَلِّمُونِ﴾ وَلَا تسألونى فى الْخُرُوج من النَّار
﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ﴾ طَائِفَة ﴿مِّنْ عِبَادِي﴾ الْمُؤمنِينَ ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَآ﴾ يَا رَبنَا ﴿آمَنَّا﴾ بك وبكتابك وَرَسُولك ﴿فَاغْفِر لَنَا﴾ ذنوبنا ﴿وارحمنا﴾ فَلَا تعذبنا ﴿وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ أَنْت أرْحم علينا من الْوَالِدين
﴿فاتخذتموهم سِخْرِيّاً﴾ استهزاء ﴿حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي﴾ حَتَّى شغلكم ذَلِك عَن توحيدي وطاعتي ﴿وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ عَلَيْهِم تستهزئون
﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْم﴾ الْجنَّة ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ على طَاعَتي وعَلى أذاكم ﴿أَنَّهُمْ هُمُ الفآئزون﴾ فازوا بِالْجنَّةِ ونجوا من النَّار نزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي جهل وَأَصْحَابه لاستهزائهم على سلمَان وَأَصْحَابه
﴿قَالَ﴾ الله لَهُم ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ مكثتم ﴿فِي الأَرْض﴾ فِي الْقُبُور ﴿عَدَدَ سِنِينَ﴾ الشُّهُور وَالْأَيَّام
﴿قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً﴾ ثمَّ شكوا فِي ذَلِك فَقَالُوا ﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ ثمَّ قَالُوا لَا ندرى ذَلِك ﴿فاسأل العآدين﴾ الْحفظَة وَيُقَال ملك الْمَوْت وأعوانه
﴿قَالَ﴾ الله لَهُم ﴿إِن لَّبِثْتُمْ﴾ مَا مكثتم فِي الْقُبُور ﴿إِلاَّ قَلِيلاً﴾ عِنْد مكثكم فِي النَّار ﴿لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك يَقُول إِن كُنْتُم تصدقُونَ قولي وَيُقَال يَقُول الله لَهُم لَو أَنكُمْ إِن كُنْتُم فِي الدُّنْيَا تعلمُونَ تصدقُونَ أنبيائي إِذا لعلمتم إِن لبثتم مَا مكثتم فِي الْقُبُور إِلَّا قَلِيلا مقدم ومؤخر
﴿أَفَحَسِبْتُمْ﴾ أفظننتم يَا أهل مَكَّة ﴿أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً﴾ هملاً بِلَا أَمر وَلَا نهي وَلَا ثَوَاب وَلَا عِقَاب ﴿وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾ بعد الْمَوْت
﴿فَتَعَالَى الله﴾ ارْتَفع وتبرأ عَن الْوَلَد وَالشَّرِيك ﴿الْملك الْحق لاَ إِلَه إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْش الْكَرِيم﴾ السرير الْحسن
﴿وَمَن يَدْعُ﴾ يعبد ﴿مَعَ الله إِلَهاً آخَرَ﴾ من الْأَوْثَان ﴿لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾ لَا حجَّة لَهُ مِمَّا يعبد من دون الله ﴿فَإِنَّمَا حِسَابُهُ﴾ عَذَابه ﴿عِندَ رَبِّهِ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ﴾ لَا يَأْمَن وَلَا ينجو ﴿الْكَافِرُونَ﴾ من عَذَاب الله
﴿وَقُل﴾ يَا مُحَمَّد
﴿رَّبِّ اغْفِر﴾ تجَاوز عَن أمتِي
﴿وَارْحَمْ﴾ أمتِي فَلَا تُعَذبهُمْ
﴿وَأنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ أرْحم الرَّاحِمِينَ
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا النُّور وهى كلهَا مَدَنِيَّة وآياتها أَربع وَسِتُّونَ آيَة وكلماتها ألف وثلاثمائة وَسِتَّة عشر وحروفها خَمْسَة آلَاف وَتِسْعمِائَة وَثَمَانُونَ
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم