تفسير سورة سورة النحل من كتاب مجاز القرآن
.
لمؤلفه
أبو عبيدة
.
المتوفي سنة 210 هـ
ﰡ
﴿ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ ﴾ أي ما استدفئ به من أوبارها. ومنافع سوى ذلك.
﴿ حِينَ تُرِيحُونَ ﴾ بالعشى ﴿ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ بالغداة.
﴿ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ ﴾ يكسر أوله ويفتح ومعناه بمشقة الأنفس، وقال النَّمر بن تَوْلَب :
أي من مشقتها، وقال العجاج :
أصبَحَ مَسْحولٌ يُوازِي شِقّا ***
أي يُقاسي مَشقةً، ومَسْحول بعيره
وذي إبلٍ يسعَى ويَحسبها له | أَخي نَصبٍ مِن شقِّها وذؤوبِ |
أصبَحَ مَسْحولٌ يُوازِي شِقّا ***
أي يُقاسي مَشقةً، ومَسْحول بعيره
﴿ وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ ﴾ السبيل : لفظه لفظ الواحد، وهو في موضع الجميع فكأنه : ومن السبيل سبيل جائر، وبعضهم يؤنث السبيل.
﴿ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴾ يقال : أسمت إبلي وسامت هي، أي رعيتها.
﴿ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ ﴾ أي ما خلق لكم.
﴿ وَتَرى الفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ﴾ من مخرتِ الماءَ أس شقّته بجآجِئها، والفُلك ها هنا في موضع جميع فقال فواعل، وهو موضع واحد كقوله :﴿ الفُلْكِ المَشْحُونِ ﴾ بمنزلة السلاح واحدٍ وجميع.
﴿ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ ﴾ أي جَعل فيها جبالاً ثوابتَ قد رست.
﴿ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ مجازه : أن لا تميل بكم.
﴿ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ مجازه : أن لا تميل بكم.
﴿ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ مجازه : متى يُحَيَوْن.
﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ أي حقاً، وقال أبو أسماء بن الضَّرِيبة أو عَطيّة بن عفيف :
أي أحقت لهم الغضب، وجرم مصدر منه : وكرز : رجل من بني عُقَيل ؛ وأبو عُيَيْنَة حِصْن بن حُذَيفة بن بَدْر.
يا كُرْزُ إنك قد مُنيتُ بفارسٍ | بطَلٍ إذا هاب الكُماة مَجرَّبُ |
ولقد طعنتَ أَبا عُيَيْنَةَ طَعنة | جَرَمت فزارةَ بَعدها أن يَغضَبوا |
﴿ أَوْزَارَهُمْ ﴾ : الأوزار هي الآثام، واحدها وِزْرٌ.
﴿ فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ ﴾ مجازه مجاز المثل والتشبيه والقواعد الأساس. إذا استأصلوا شيئاً قالوا هذا الكلام، وهو مثل ؛ القواعد واحدتها قاعدة، والقاعد من النساء التي لا تحيض.
﴿ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ﴾ أي تحاربون فيهم.
﴿ فَأَلْقَوا السَّلْمَ ﴾ أي صالحوا وسالموا والسلم والسلم والسلام واحد.
﴿ وَالزُّبُرِ ﴾ وهي الكتب واحدها : زبور، ويقال : زبرتُ وذبرت أي كتبت، وقال أبو ذؤيب :
وكما ذَبرَ في رواية.
عرَفتُ الدِّيارَ كرقْمِ الدُّوا | ة كما زَبرَ الكاتبُ الحمِيرَيّ |
﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾ مجازه : على تنقُّص قال :
أي تَنَقّصُ غَدْرِهم مالي. سلاسل يريد القوافي تُنَشد فهو صليلها وهو قلائد في أعناقهم وقال طَرفة :
خوّف من نيبه أي لا يدعه يزيد.
أُلاَمُ على الهجاء وكل يَوم | يلاقيني من الجِيرانِ غُولُ |
تخوَّفُ غَدْرِهم مالي وأُهدِي | سَلاسلَ في الحُلوق لها صَليلُ |
وجاملٍ خوَّف مِن نِيبهِ | زجر المُعَلّى أصُلاً والسَفِيحْ |
﴿ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾ أي صاغرون، يقال : فلان دخر لله، أي ذل وخضع.
﴿ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً ﴾ أي دائماً، قال أبو الأسود الدُّؤَليّ :
لا أَبتغي الحمدَ القليلَ بقاؤه | يوماً بِذَم الدهرِ أجْمَعَ واصِبا |
﴿ فَإِلَيْه تجْأَرُونَ ﴾ أي ترفعون أصواتكم، وقال عَدِيّ بن زَيْد :
أي رفع صوتَه وشدَّه.
إنّني واللهِ فاقْبَلْ حَلِفِي | بأَبِيلٍ كلّما صلَّى جَأرْ |
﴿ وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾، أي : يكظم شدة حزنه ووجده ولا يظهره، وهو في موضع كاظم، خرج مخرج عليم وعالم.
﴿ أَيُمْسِكهُ عَلَى هَوْنٍ ﴾، أي : هُوانِ.
﴿ مُفْرَطُونَ ﴾، أي : متروكون منسيون مخلفون.
﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ ﴾، يُذكَّر ويؤَنث، وقال آخرون : المعنى على النَّعَم ؛ لأن النعم يذكر ويؤنث، قال :
أَرْبابه نَوْكي ولا يَحْمونه ***
والعرب قد تُظهر الشيء، ثم تخبر عن بعض ما هو بسببه، وإن لم يظهروه كقوله :
قال : أنتم أحياء، ثم قال : من ثلاث، فذهب به إلى القبائل. وفي آية أخرى :﴿ وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ ﴾، أي : من السبل : سبيل جائر.
أكلَّ عامٍ نَعَمٌ تَحْوُونه | يُلْقِحُه قومٌ وتَنْتجونَه |
والعرب قد تُظهر الشيء، ثم تخبر عن بعض ما هو بسببه، وإن لم يظهروه كقوله :
قبائلنا سَبعٌ وأنتم ثَلاثةٌ | وللسَّبعُ أزكى من ثَلاثٍ وأكثرُ |
﴿ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ﴾، أي : طُعْماً، ويقال : جعلوا لك هذا سكراً، أي : طُعْماً، وهذا له سَكَرٌ، أي : طُعْم، وقال جَنْدَل :
جعَلتَ عَيْبَ الأكْرمِينَ سَكَرا ***
وله موضع آخر مجازه : سَكناً، وقال :
أي : يسكن حرها ويخبو، ويقال ليلة ساكرة، أي : ساكنة، وقال :
ويروى : تزيد ليالي في طولها.
جعَلتَ عَيْبَ الأكْرمِينَ سَكَرا ***
وله موضع آخر مجازه : سَكناً، وقال :
جاء الشتاء واجثالَّ القُنَبَرُ | وجعلتْ عينُ الحَرور تَسكرُ |
تريد الليالَي في طولها | وليست بطَلْقٍ ولا ساكرَة |
﴿ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾، أي : يجعلونه عريشاً، ويقال : يَعرِش ويَعرُش.
﴿ بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾، أعواناً وخدّاماً، قال جَمِيل :
واحدهم : حافد، خرج مخرج كامل، والجميع كملة.
حَفدَ الولائدُ بينهنّ وأَسلَمتْ | بأكُفّهن أزِمَّة الأجْمالِ |
﴿ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَةُ ﴾، أي عيال على ابن عمّه، وكل وليّ له.
﴿ واللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعلَ لَكُمْ السَّمْعَ والأَبْصَارَ والأَفْئِدَةَ ﴾، قبل أن يخرجكم، والعرب تقدِّم وتؤخِّر، قال الأخْطَل :
الشَّنق : ما بين الفريضتين ؛ والمئون : أعظم من الشَّنَق، فبدأ بالأقل قبل الأعظم.
﴿ السَّمْعَ ﴾، لفظه لفظ الواحد. وهو في موضع الجميع، كقولك : الأسماع، وفي آية أخرى :﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ بِاللهِ ﴾، وهي قبل القراءة.
ضَخْمٌ تُعلَّق أَشْناقُ الدِّياتِ به | إذا المِئون أمِرَّتْ فوقَه حَمَلا |
﴿ السَّمْعَ ﴾، لفظه لفظ الواحد. وهو في موضع الجميع، كقولك : الأسماع، وفي آية أخرى :﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ بِاللهِ ﴾، وهي قبل القراءة.
﴿ جَوِّ السَّمَاءٍ ﴾، أي الهَواء، قال :
وقوله :﴿ أَثَاثاً ﴾، أي مَتاعاً، قال محمد بن نُميرَ الثَّقفيّ :
والرئيُ : الكسوة الظاهرة وما ظهر.
وَيْل أمّها مِن هَواءٍ الجّو طالبة | ولا كهذا الذي في الأرض مطلوبُ |
أَهاجتك الظَّمائنُ يوم بانوا | بذي الرِّئيِ الجميلِ من الأثاثِ |
﴿ وجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الجِبَالِ أَكْنَاناً ﴾، واحدها : كِنّ.
﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الحَرَّ ﴾، أي : قمُصاً، ﴿ وَسَرَابيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ﴾، أي : دروعاً، وقال كَعْبُ بن زُهَيْر :
﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الحَرَّ ﴾، أي : قمُصاً، ﴿ وَسَرَابيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ﴾، أي : دروعاً، وقال كَعْبُ بن زُهَيْر :
شُمّ العرانينِ أبطالُ لَبوسُهم | مِن نَسْجِ داودَ في الهَيْجاءِ سَرابِيلُ |
﴿ فَأَلْقَوا إِلَيْهِمُ القَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾، أي : قالوا : إنكم لكاذبون، يقال : ألقيت إليه كذا، أي : قلت له كذا.
﴿ وَأَلْقَوْا إِلى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ﴾، أي : المسالمة.
﴿ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيء ﴾ أي : بياناً.
﴿ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى ﴾، يعني : وإعطاؤه.
﴿ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً ﴾، كل حبل وغزل ونحو ذلك نقضته، فهو نكث، وهو من قولهم نكثت قال المسيَّب بن عَلَس :
﴿ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ﴾، كل شيء وأمر لم يصح، فهو دَخَلٌ. ﴿ هِيَ أَرْبَى مِنْ أَمَّةٍ ﴾، أي : أكثر.
مِن غير مقلِيةٍ وإنّ حِبالها | ليست بأنْكاثٍ ولا أقطاعِ |
﴿ فَنَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهُا ﴾، مثل يقال لكل مبتلى بعد عافية، أو ساقط في ورطة بعد سلامة، ونحو ذلك : زَلَّت قَدَمُه.
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَر أَو أُنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ ﴾، " من " تَقع على الواحد وعلى الجميع والذكر والأنثى، ولفظها لفظ الواحد، فجاء الأول من الكناية على لفظ " من "، وإن كان المعنى إنما يقع على الجميع، ثم جاء الآخر من الكناية على معنى الجميع، فقال :﴿ ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ ﴾.
﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ بِاللهِ ﴾، مقدَّم ومؤخَّر ؛ لأن الإستعاذة قبل القراءة.
﴿ رُوحُ القُدُسِ ﴾ : جبريل عليه السلام.
﴿ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجمِيٌّ ﴾، أي : يَعدِلون إليه، ويقال : أَلَحدَ فلان، أي : جار ؛ أعجميٌّ أضيف إلى أعجم اللسان.
﴿ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ ﴾ شرح صدره بذلك : تابعته نفسه وانبسط إلى ذلك، يقال : ما يشرح صدري لك بذلك، أي لا يطيب، وجاء قوله : فعليهم غضب على معنى الجميع لأن من يقع على الجميع.
﴿ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً ﴾، أي : واسعاً كثيراً.
﴿ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ ﴾، واحدها نُعمْ، ومعناه نِعمة وهما واحد، قالوا : نادى مُنادي النبيِّ عليه السلام بمنى : " إنها أيام طُعْم ونُعْم فلا تصوموا ".
﴿ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ ﴾، واحدها نُعمْ، ومعناه نِعمة وهما واحد، قالوا : نادى مُنادي النبيِّ عليه السلام بمنى : " إنها أيام طُعْم ونُعْم فلا تصوموا ".
﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا ﴾، من اليهود.
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً للهِ ﴾، أي : إماماً مطيعاً لله.
﴿ حَنِيفاً ﴾ مسلماً، ومن كان في الجاهلية يختتن ويحج البيت فهو حنيف.
﴿ حَنِيفاً ﴾ مسلماً، ومن كان في الجاهلية يختتن ويحج البيت فهو حنيف.
﴿ اجْتَبَاهُ ﴾، اختاره.