تفسير سورة الأنعام

إيجاز البيان
تفسير سورة سورة الأنعام من كتاب إيجاز البيان عن معاني القرآن المعروف بـإيجاز البيان .
لمؤلفه بيان الحق النيسابوري . المتوفي سنة 553 هـ

ومن سورة الأنعام
١ الْحَمْدُ لِلَّهِ: جاء على صيغة الخبر في معنى الأمر لينتظم المعنى [ويلتئم] «١» اللفظ «٢».
بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ: أي: يعدلون به الأصنام.
٢ ثُمَّ قَضى أَجَلًا: أجل الحياة، وَأَجَلٌ مُسَمًّى: أجل الموت إلى البعث «٣».
٦ مِنْ قَرْنٍ: أهل كل عصر قرن لاقتران الخالف بالسالف «٤».
٨ لَقُضِيَ الْأَمْرُ: لحق إهلاكهم، وأصل «القضاء» : انقطاع الشيء وتمامه «٥».
(١) في الأصل: «وتعليم»، والمثبت في النص عن «ج».
(٢) عن تفسير الماوردي: ١/ ٥٠٧. ونص كلام الماوردي: «وقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ جاء على صيغة الخبر وفيه معنى الأمر، وذلك أنه أولى من أن يجيء بلفظ الأمر فيقول: أحمد الله، لأمرين:
أحدهما: أنه يتضمن تعليم اللفظ والمعنى، وفي الأمر المعنى دون اللفظ.
الثاني: أن البرهان إنما يشهد بمعنى الخبر دون الأمر»
.
وانظر تفسير الطبري: ١١/ ٢٤٩.
(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١١/ ٢٥٦ عن الحسن، وقتادة، والضحاك.
ونقله الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٠٩ عن الحسن وقتادة.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ٣ وقال: «روي عن ابن عباس، والحسن، وابن المسيب، وقتادة، والضحاك، ومقاتل».
(٤) معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٢٩، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٠٠، وزاد المسير: (٣/ ٤- ٦)، وعزاه ابن الجوزي إلى ابن الأنباري.
(٥) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٣٠.
٩ لَجَعَلْناهُ رَجُلًا لأن الجنس إلى الجنس أميل وعنه أفهم، ولئلا يقولوا: إنما قدرت على ما أتيت به من آية بلطفك ولو كنا ملائكة لفعلنا مثله «١».
وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ: أي: إذا جعلناه رجلا شبهنا عليهم فلا يدرى أملك أو آدميّ.
١٣ وَلَهُ ما سَكَنَ: لأن الساكن أكثر من المتحرك «٢»، ولأن سكون الثقيل من غير عمد أعجب من حركته إلى جهة الهويّ.
١٩ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ: أي: ومن بلغه القرآن «٣».
[٢٩/ أ] ٢٣ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ: أي: بليّتهم «٤» التي غرتهم إلا/ مقالتهم
(١) قال الفخر الرازي في تفسيره: ١٢/ ١٧١: «وذلك لأن أي معجزة ظهرت عليه قالوا: هذا فعلك فعلته باختيارك وقدرتك، ولو حصل لنا مثل ما حصل لك من القدرة والقوة والعلم لفعلنا مثل ما فعلته أنت... ».
(٢) ذكره الماوردي في تفسيره: ١/ ٥١٢، والبغوي في تفسيره: ٢/ ٨٧، وابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ١٠ وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: ٥/ ١٤١: «وسكن» هي من السكنى ونحوه، أي: ما ثبت وتقرر، قاله السدي وغيره.
وقال فرقة: هو من السكون، وقال بعضهم: لأن الساكن من الأشياء أكثر من المتحرك إلى غير هذا من القول الذي هو تخليط، والمقصد في الآية عموم كل شيء، وذلك لا يترتب إلا أن يكون «سكن» بمعنى استقر وثبت وإلا فالمتحرك من الأشياء المخلوقات أكثر من السواكن، ألا ترى إلى الفلك والشمس والقمر والنجوم السابحة والملائكة وأنواع الحيوان والليل والنهار حاصران للزمان».
وذكر القرطبي في تفسيره: ٦/ ٣٩٦ مثل قول المؤلف ثم قال: «وقيل: المعنى ما خلق، فهو عام في جميع المخلوقات متحركها وساكنها، فإنه يجري عليه الليل والنهار، وعلى هذا فليس المراد بالسكون ضد الحركة بل المراد الخلق، وهذا أحسن ما قيل لأنه يجمع شتات الأقوال».
(٣) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٢٩، وتفسير الطبري: ١١/ ٢٩٠، ومعاني القرآن للنحاس:
٢/ ٤٠٦، وتفسير الفخر الرازي: ١٢/ ١٨٦.
(٤) نقل الماوردي في تفسيره: ١/ ٥١٥، وابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ١٦ عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال: «يعني بليتهم التي ألزمتهم الحجة وزادتهم لائمة».
ما كُنَّا مُشْرِكِينَ.
ونصب فِتْنَتُهُمْ «١» بخبر كان. وإِلَّا أَنْ قالُوا: أحق بالاسم لأنه أشبه المضمر من حيث لا يوصف، والمضمر أعرف من المظهر ولأن «الفتنة» قد تكون نكرة «وإن قالوا» لا تكون إلا معرفة «٢».
وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ: ذلك قولهم في موقف الذهول والدهش في القيامة.
٢٥ أَكِنَّةً: جمع «كنان»، وهو الغطاء «٣»، وكانوا يؤذون النبي- عليه السلام- إذا سمعوا القرآن فصرفهم الله عنه «٤».
٢٦ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ: أي: عن متابعة الرسول، وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ:
يبعدون عنه بأنفسهم «٥».
وقيل»
: إنه أبو طالب.....................
(١) وهي قراءة نافع، وأبي عمرو، وعاصم في رواية شعبة.
ينظر السبعة لابن مجاهد: ٢٥٥، والتبصرة لمكي: ١٩١.
(٢) الحجة لأبي علي: ٣/ ٢٩٠، والبحر المحيط: ٤/ ٩٥، والدر المصون: ٤/ ٥٧٢. [.....]
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ١٨٨، وتفسير الطبري: ١١/ ٣٠٥، ومعاني القرآن للزجاج:
٢/ ٢٣٦، والمفردات للراغب: ٤٤٢.
(٤) عن تفسير الماوردي: ١/ ٥١٦، ونص كلامه: «فصرفهم الله عن سماعه بإلقاء النوم عليهم وبأن جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه».
(٥) تفسير الطبري: ١١/ ٣١١، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٣٨، ونقل الماوردي هذا القول في تفسيره: ١/ ٥١٧ عن محمد بن الحنفية، والحسن، والسدي.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ٢١ وقال: «رواه الوالبي عن ابن عباس، وبه قال ابن الحنفية، والضحاك، والسدي».
(٦) أخرجه الطبري في تفسيره: (١١/ ٣١٣، ٣١٤) عن ابن عباس، وعطاء بن دينار، والقاسم بن مخيمرة، وأخرجه الحاكم في المستدرك: ٢/ ٣١٥، كتاب التفسير، «تفسير سورة الأنعام، عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي.
وأخرجه الواحدي في أسباب النزول: ٢٤٧ عن ابن عباس أيضا.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٣/ ٢٦٠ وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد الرازق، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والبيهقي في الدلائل- كلهم- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ٢١: «فعلى هذا القول يكون قوله: وَهُمْ كناية عن واحد وعلى الثاني عن جماعة».
[كان] «١» ينهاهم عن إيذاء الرسول ثم يبعد عن الإيمان به.
٢٨ بَلْ بَدا لَهُمْ: للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة تخفى من أمر الحشر والنشر «٢».
٢٩ وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا: إنما استبعدوا النّشأة الثانية لجريان العادة بخلافها على مرور الأزمان، والدليل على صحة الثانية صحة الأولى، لأنها إن صحّت بقادر دبرها بحكمته فيه تصح الثانية وهو الحق، وإن صحّت على زعمهم بطبيعة فيها تصح الثانية حتى إنها لو صحّت بالاتفاق لصحّت بها الثانية أيضا.
٣٠ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ: على مسألته «٣».
٣٣ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ «٤» : على نحو: ما كذّبك فلان وإنما كذبني.
(١) عن نسخة «ج».
(٢) عن معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٤٠، ونص كلام الزجاج: «أي بل ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة يخفون عنهم من أمر البعث والنشور لأن المتصل بهذا قوله عز وجل:
وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ.
وانظر تفسير الطبري: ١١/ ٣٢٢، وتفسير الفخر الرازي: ١٢/ ٢٠٤، وتفسير القرطبي:
٦/ ٤١٠.
(٣) ينظر تفسير البغوي: ٢/ ٩٢، والكشاف: ٢/ ١٣، وتفسير الفخر الرازي: ١٢/ ٢٠٦.
(٤) قراءة التشديد لعاصم، وأبي عمرو، وابن عامر، وابن كثير، وحمزة.
وقرأ نافع والكسائي: لا يُكَذِّبُونَكَ بالتخفيف.
ينظر السّبعة لابن مجاهد: ٢٥٧، والتبصرة لمكي: ١٩٢.
قال أبو حيان في البحر المحيط: ٤/ ١١١: «قيل هما بمعنى واحد نحو كثر وأكثر»
.
وقيل بينهما فرق، حكى الكسائي أن العرب تقول: «كذّبت الرجل» إذا نسبت إليه الكذب، وأكذبته إذا نسبت الكذب إلى ما جاء به دون أن تنسبه إليه، وتقول العرب أيضا: «أكذبت الرجل إذا وجدته كذابا كما تقول: أحمدت الرجل إذا وجدته محمودا. -
- فعلى القول بالفرق يكون معنى التخفيف: لا يجدونك كاذبا، أو لا ينسبون الكذب إليك.
أو لا يجدونك كاذبا، كقولك: عدّلته وفسّقته وكذا لا يُكَذِّبُونَكَ، كقولك: أبخلته وأجبنته «١».
قال أبو جهل: ما أكذبناك ولكنا نكذب ما جئتنا به «٢».
٣٥ نَفَقاً: سربا في الأرض «٣».
ونفّق: اتخذ نفقا، وتنفّقته: أخرجته من نفقه «٤».
فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ: لا تجزع في مواطن الصّبر فتقارب الجاهلين بعواقب الأمور، وحسن تغليظ الخطاب للتبعيد من هذه الحال «٥».
٣٦ إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ: إنما يسمع الأحياء لا الأموات.
وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ: أي: الكفار «٦» الذين هم في الحياة موتى.
(١) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٣١، وتفسير الطبري: ١١/ ٣٣١، ومعاني القرآن للنحاس:
٢/ ٤١٨، والبحر المحيط: ٤/ ١١١، والدر المصون: (٤/ ٦٠٣، ٦٠٤).
(٢) تفسير الطبري: ١١/ ٣٣٤، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤١٨، وأسباب النزول للواحدي:
٢٤٩.
(٣) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٣، وتفسير الطبري: ١١/ ٣٣٧.
وقال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٤٤: «والنفق الطريق النافذ في الأرض... ».
(٤) اللسان: (١٠/ ٣٥٨، ٣٥٩) (نفق).
(٥) قال الفخر الرازي في تفسيره: (١٢/ ٢١٨، ٢١٩) :«وهذا النهي لا يقتضي إقدامه على مثل هذه الحالة كما أن قوله: وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ لا يدل على أنه صلّى الله عليه وسلّم أطاعهم، وقبل دينهم، والمقصود أنه لا ينبغي أن يشتد تحسرك على تكذيبهم، ولا يجوز أن تجزع من إعراضهم عنك، فإنك لو فعلت ذلك قرب حالك من حال الجاهل، والمقصود من تغليظ الخطاب التبعيد والزجر له عن مثل هذه الحالة، والله أعلم... ».
(٦) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (١١/ ٣٤١، ٣٤٢) عن الحسن، ومجاهد، وقتادة.
ونقله النحاس في معاني القرآن: ٢/ ٤٢١ عن الحسن ومجاهد.
والماوردي في تفسيره: ١/ ٥٢١، وابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ٣٣ عن الحسن، ومجاهد، وقتادة. -
- قال الماوردي: «ويكون معنى الكلام: إنما يستجيب المؤمنون الذين يسمعون، والكفار لا يسمعون إلا عند معاينة الحق اضطرارا حين لا ينفعهم حتى يبعثهم الله كفارا ثم يحشرون كفارا». [.....]
٣٧ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ: ما عليهم في الآية من البلاء لو أنزلت، ولا ما وجه تركها «١».
٣٨ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ: إذ يقال للمسرع: طر «٢».
[٢٩/ ب] إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ: في حاجة النّفس، أو الحاجة/ إلى من يدبرهم ويريح عللهم، أو في اختلاف الصّور والطبائع، أو في الدلالة على الصانع.
ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ: اللوح «٣»، ففيه أجل كل دابة وطير وأرزاقها. أو القرآن «٤»، ففيه كل شيء إما جملة أو تفصيلا.
٤٤ مُبْلِسُونَ: الإبلاس: السكوت مع اكتئاب «٥».
(١) قال الطبري في تفسيره: ١١/ ٣٤٣: «وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ يقول: ولكن أكثر الذين يقولون ذلك فيسألونك آية، لا يعلمون ما عليهم في الآية، إن نزّلها من البلاء، ولا يدرون ما وجه ترك إنزال ذلك عليك. ولو علموا السبب الذي من أجله لم أنزلها عليك، لم يقولوا ذلك، ولم يسألوكه، ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك».
وانظر هذا المعنى في تفسير الماوردي: ١/ ٥٢٢، وزاد المسير: ٣/ ٣٤، وتفسير الفخر الرازي: ١٢/ ٢٢١.
(٢) قال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٤٥: «وقال يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ على جهة التوكيد، لأنك قد تقول للرجل: طر في حاجتي أي أسرع، وجميع ما خلق الله عز وجل فليس يخلو من هاتين المنزلتين، إما أن يدب أو يطير».
(٣) زاد المسير: ٣/ ٣٥، وتفسير القرطبي: ٦/ ٤٢٠.
(٤) ذكره الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٢٣، وقال: «وهو قول الجمهور».
وذكر الفخر الرازي هذا القول في تفسيره: ١٢/ ٢٢٦ وقال: «وهذا أظهر لأن الألف واللام إذا دخلا على الاسم المفرد انصرف إلى المعهود السابق، والمعهود السابق من الكتاب عند المسلمين هو القرآن، فوجب أن يكون المراد من الكتاب في هذه الآية القرآن».
وانظر زاد المسير: ٣/ ٣٥، وتفسير القرطبي: ٦/ ٤٢٠.
(٥) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٣٥، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ١٩٢، واللسان: (٦/ ٢٩، -- ٣٠) (بلس) وقال الطبري في تفسيره: ١١/ ٣٦٢: «وأصل الإبلاس في كلام العرب، عند بعضهم: الحزن على الشيء والندم عليه. وعند بعضهم: انقطاع الحجة، والسكوت عند انقطاع الحجة، وعند بعضهم: الخشوع. وقالوا: هو المخذول المتروك... ».
٤٥ دابِرُ الْقَوْمِ: آخرهم الذي يدبرهم ويعقبهم «١»، والتدبير: النظر في العواقب «٢».
٤٦ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ: جواب إِنْ محذوف أغنى عنه مفعول «رأيت» وموضعها نصب على الحال، كقولك: اضربه إن خرج، أي:
خارجا «٣» وموضع مَنْ رفع على الابتداء وإِلهٌ خبره، وغَيْرُ صفة ل إِلهٌ، وكذا يَأْتِيكُمْ «٤»، والجملة في موضع مفعولي «رأيتم» والهاء في بِهِ عائد على المأخوذ المدلول عليه ب «أخذ» «٥».
ولفظ الزّجّاج «٦» : هو عائد على الفعل، أي: يأتيكم بما أخذ منكم.
٥٠ خَزائِنُ اللَّهِ: مقدوراته «٧».
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ١٩٢، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٤، وتفسير الطبري: ١١/ ٤٦٤، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٢٥، وتفسير الفخر الرازي: ١٢/ ٢٣٧.
(٢) اللسان: ٤/ ٢٧٣ (دبر).
(٣) البحر المحيط: ٤/ ١٣٢، والدر المصون: ٤/ ٦٣٥.
(٤) أي: وكذا يَأْتِيكُمْ صفة ثانية ل إِلهٌ.
(٥) الدر المصون: ٤/ ٦٣٦. وقال الطبري في تفسيره: (١١/ ٣٦٦، ٣٦٧) :«فإن قال قائل:
وكيف قيل: مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ، فوحد «الهاء»
، وقد مضى الذكر قبل بالجمع فقال: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ؟.
قيل: جائز أن تكون «الهاء» عائدة على السمع»، فتكون موحّدة لتوحيد «السمع»، وجائز أن تكون معنيا بها: من إله غير الله يأتيكم بما أخذ منكم من السمع والأبصار والأفئدة، فتكون موحدة لتوحيد «ما»، والعرب تفعل ذلك، إذا كنّت عن الأفعال، وحّدت الكناية، وإن كثر ما يكنى بها عنه من الأفاعيل، كقولهم: «إقبالك وإدبارك يعجبني».
(٦) نص هذا القول عن الزجاج في زاد المسير: ٣/ ٤١.
ولفظ الزجاج في كتابه معاني القرآن: ٢/ ٣٤٩: «أي بسمعكم، ويكون ما عطف على السمع داخلا في القصة إذ كان معطوفا على السمع».
(٧) قال القرطبي في تفسيره: ٦/ ٤٣٠:
وعلى معنى التشديد يكون إما خبرا محضا عن عدم تكذيبهم إياه وإما أن يكون نفي التكذيب لانتفاء ما يترتب عليه من المضار».
٥٢ وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ: مثل سلمان «١» والموالي «٢».
مِنْ حِسابِهِمْ: حساب عملهم «٣». أو حساب رزقهم «٤»، أي:
مؤنة فقرهم.
٥٣ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ: امتحنا الفقراء بالأغنياء في السّعة والجدة والأغنياء بالفقراء في سبق الإسلام وغيره ليتبين صبرهم وشكرهم ومنافستهم في الدين أو الدنيا.
لِيَقُولُوا: لكي يقولوا، لام العاقبة «٥».
(١) هو سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه.
وورد ذكر سلمان في نزول هذه الآية الكريمة في رواية أخرجها ابن أبي حاتم في تفسيره:
١/ ٢٦١ (تفسير سورة الأنعام) عن الربيع بن أنس، وكذا الواحدي في أسباب النزول:
٢٥١.
وذكره- أيضا- السّهيلي في التعريف والأعلام: ٥٤، ثم قال: «إلّا أن سلمان الأصح فيه أنه أسلم بالمدينة، والسّورة مكية».
(٢) ذكر منهم بلال بن رباح، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وصهيب بن سنان.
ينظر المحرر الوجيز: ٥/ ٢٠٧، والتعريف والأعلام: ٥٤.
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه: ٤/ ١٨٧٨، كتاب فضائل الصحابة، باب «في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه» عن سعد قال: «كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم ستة نفر، فقال المشركون للنبي صلّى الله عليه وسلّم: اطرد هؤلاء عنك لا يجترءون علينا، قال: كنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما شاء الله أن يقع، فحدّث نفسه، فأنزل الله عز وجل: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ. [.....]
(٣) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: ١/ ٥٢٧ عن الحسن، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ٤٧.
(٤) عن تفسير الماوردي: ١/ ٥٢٧.
وانظر تفسير البغوي: ٢/ ١٠٠، وزاد المسير: ٣/ ٤٧، وتفسير الفخر الرازي: ١٢/ ٢٤٨.
(٥) إعراب القرآن للنحاس: ٢/ ٦٨، والتبيان للعكبري: ١/ ٤٩٩، وتفسير القرطبي: ٦/ ٤٣٤.
وقال أبو حيان في البحر المحيط: ٤/ ١٣٩: «واللام في لِيَقُولُوا الظاهر أنها لام كي، أي: هذا الابتلاء لكي يقولوا هذه المقالة على سبيل الاستفهام لأنفسهم والمناجاة لها، - ويصير المعنى: ابتلينا أشراف الكفار بضعفاء المؤمنين ليتعجبوا في نفوسهم من ذلك، ويكون سببا للنظر لمن هدى... »
.
٥٤ وَإِذا جاءَكَ: العامل في «إذا» قل «١»، وموضع جاءَكَ جرّ بإضافة «إذا» إليه، كقولك: حين جاءك.
٥٥ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ: السّبيل مؤنثة «٢»، كقوله «٣» : قُلْ هذِهِ سَبِيلِي، وإن جعلت الاستبانة متعدية ونصبت «السّبيل» «٤» فالخطاب للنبي أو للسامع «٥».
٥٧ يَقُصُّ الْحَقَّ: يقضي القضاء الحق أو يضع الحق «٦».
٥٩ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها: ليعلم أن الأعمال أولى بالإحصاء للجزاء «٧».
إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ: في إِلَّا معنى الواو، وكذا كل استثناء بعد استثناء، كقولك: ما زيد إلا عند عمرو إلا في داره، بخلاف الاستثناء من الاستثناء.
(١) قال السّمين الحلبي في الدر المصون: ٤/ ٦٤٨: «أي: فقل: سلام عليكم وقت مجيئهم، أي: أوقع هذا القول كلّه في وقت مجيئهم إليك، وهذا معنى واضح».
(٢) وهي لغة الحجاز، وتذكير «السبيل» لغة نجد وتميم.
تفسير الطبري: ١١/ ٣٩٦، والدر المصون: ٤/ ٦٥٥.
(٣) سورة يوسف: آية: ١٠٨.
(٤) وهي قراءة نافع كما في السبعة لابن مجاهد: ٢٥٧، والتبصرة لمكي: ١٩٣.
(٥) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٣٧، وتفسير الطبري: ١١/ ٣٩٥، ومعاني القرآن للزجاج:
٢/ ٢٥٤، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٣٢، والحجة لأبي علي الفارسي: ٣/ ٣١٥.
(٦) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٥٦.
وانظر معاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٣٥، وتفسير الماوردي: ١/ ٥٢٩، وزاد المسير:
٣/ ٥٢، وتفسير القرطبي: ٦/ ٤٣٩.
(٧) هذا قول الكوفيين كما في الإنصاف لابن الأنباري: ١/ ٢٦٦، وذهب البصريون إلى أنها لا تكون بمعنى الواو.
وعزاه المرادي في الجنى الداني: ٤٧٣ إلى الأخفش والفراء.
ينظر- أيضا- رصف المباني: ١٧٧، والبحر المحيط: ٤/ ١٤٦، والدر المصون: ٤/ ٦٦١.
٦٠ يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ: يقبضكم عن التصرف «١»، أو يحصيكم بالليل، من «توفى العدد» «٢»، ومنه أيضا: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا «٣» أي: الحفظة، ومنه:
[٣٠/ أ] يَتَوَفَّاكُمْ/ مَلَكُ الْمَوْتِ «٤» أي: يستوفيكم.
٦٥ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً: يخلطكم فرقا مختلفين تتحاربون.
٧٠ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ: إذ ما من قوم إلا ولهم عيد لهو، إلا أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم، فأعيادهم صلاة وتكبير وبرّ وخير.
٧٠ تُبْسَلَ: تسلم وتحبس «٥».
٧١ اسْتَهْوَتْهُ: استتزلّته، من «الهويّ»، أو استمالته، من «الهوى» «٦».
٧٣ فِي الصُّورِ «٧» : في الصور «٨» ك «السّور»، والسّور جمع سورة.
(١) في تفسير الماوردي: ١/ ٥٢٩، وزاد المسير: ٣/ ٥٥: «يعني به النوم لأنه يقبض الأرواح فيه عن التصرف كما يقبضها بالموت».
(٢) قال الطبري في تفسيره: ١١/ ٤٠٥: «ومعنى «التوفي» في كلام العرب استيفاء العدد... ».
(٣) سورة الأنعام: آية: ٦١.
(٤) سورة السجدة: آية: ١١. [.....]
(٥) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٥، وتفسير الطبري: (١١/ ٤٤٢، ٤٤٣)، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٤٣، وزاد المسير: ٣/ ٦٥.
(٦) تفسير الطبري: (١١/ ٤٥٠، ٤٥١)، وتفسير الماوردي: ١/ ٥٣٧، وزاد المسير: ٣/ ٦٦.
وقال الفخر الرازي في تفسيره: ١٣/ ٣١: «اختلفوا في اشتقاق اسْتَهْوَتْهُ على قولين:
القول الأول: أنه مشتق من الهوي في الأرض، وهو النزول من الموضع العالي إلى الوهدة السافلة العميقة في قعر الأرض، فشبه الله تعالى حال هذا الضال به، وهو قوله: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ، ولا شك أن حال هذا الإنسان عند هويه من المكان العالي إلى الوهدة العميقة المظلمة يكون في غاية الاضطراب والضعف والدهشة.
والقول الثاني: أنه مشتق من إتباع الهوى والميل، فإن من كان كذلك فإنه ربما بلغ النهاية في الحيرة، والقول الأولى أولى لأنه أكمل في الدلالة على الدهشة والضعف»
.
(٧) يضم الصاد وفتح الواو، وهي قراءة تنسب إلى الحسن وعمرو بن عبيد، وعياض كما في البحر: ٤/ ١٦١، وتفسير القرطبي: ٧/ ٢١.
(٨) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: ١/ ١٩٦: «يقال إنها جمع «صورة» تنفخ فيها روحها-- فتحيا، بمنزلة قولهم: سور المدينة واحدتها سورة».
وينظر تفسير الطبري: ١١/ ٤٦٣، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٦٤.
وقيل في معنى «الصور» إنه قرن ينفخ فيه نفختان، وهو ما رجحه الطبري في تفسيره:
١١/ ٤٦٣.
وابن كثير في تفسيره: ٣/ ٢٧٦ لما أخرجه الإمام أحمد في مسنده: ٢/ ١٩٢ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال أعرابي: يا رسول الله، ما الصور؟ قال: قرن ينفخ فيه».
وأخرجه الترمذي في سننه: ٤/ ٦٢٠، أبواب صفة القيامة، باب «ما جاء في الصور» حديث رقم (٢٤٣٠) وقال: «هذا حديث حسن صحيح».
والحاكم في المستدرك: ٢/ ٤٣٦، كتاب التفسير، «تفسير سورة الزمر».
وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
٧٥ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ: أي: نريه الملكوت ليستدل به وليكون...
و «الملكوت» : أعظم الملك ك «الرهبوت» أعظم الرهبة «١».
٧٦ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ: جنّه جنانا وجنونا وأجنّه إجنانا: غشيه وستره «٢»، وجاء جَنَّ عَلَيْهِ لأنه بمعنى أظلم عليه، وليس في «جنّه» سوى ستره «٣».
هذا رَبِّي: على وجه تمهيد الحجة وتقرير الإلزام، ويسميه أصحاب القياس: القياس الخلفيّ، وهو أن تفرض الأمر الواجب على وجوه لا يمكن ليجب به الممكن «٤».
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة: (١/ ١٩٧، ١٩٨)، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٦، وقال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٦٥: «والملكوت بمنزلة الملك، إلا أن الملكوت أبلغ في اللّغة من الملك لأن الواو والتاء تزادان للمبالغة، ومثل الملكوت الرّغبوت، والرّهبوت، ووزنه من الفعل «فعلوت»... ».
(٢) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٤١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ١٩٨، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٦، وتفسير الطبري: ١١/ ٤٧٨، والمفردات للراغب: ٩٨.
قال الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٣٩: «ومعنى جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أي: ستره، ولذلك سمّي البستان جنّة لأن الشجر يسترها، والجن لاستتارهم عن العيون، والجنون لأنه يستر العقل، والجنين لأنه مستور في البطن، والمجن لأنه يستر المتترس».
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ١٩٨، وتفسير الطبري: (١١/ ٤٧٨، ٤٧٩)، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٦٦، وتفسير الفخر الرازي: ١٣/ ٤٧.
(٤) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٤١، والمبين في شرح ألفاظ المتكلمين: ٨٤. -
- قال الفخر الرازي في تفسيره: ١٣/ ٥٢: «... إن إبراهيم- عليه السلام- لم يقل هذا رَبِّي على سبيل الإخبار، بل الفرض منه أنه كان يناظر عبدة الكوكب، وكان مذهبهم أن الكوكب ربهم وإلههم، فذكر إبراهيم- عليه السلام- ذلك القول الذي قالوه بلفظهم وعبارتهم حتى يرجع إليه فيبطله، ومثاله: أن الواحد منا إذا ناظر من يقول بقدم الجسم، فيقول: الجسم قديم فإذا كان كذلك، فلم نراه ونشاهده مركبا متغيرا؟ فهو إنما قال:
الجسم قديم إعادة لكلام الخصم حتى يلزم المحال عليه، فكذا هاهنا قال: هذا رَبِّي، والمقصود منه حكاية قول الخصم، ثم ذكر عقبيه ما يدل على فساده، وهو قوله: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ، وهذا الوجه هو المتعمد في الجواب، والدليل عليه: أنه تعالى دل في أول الآية على هذه المناظرة بقوله تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ... »
اهـ.
٨٠ أَتُحاجُّونِّي: أصله «أتحاجّونني» الأولى علامة الرفع في الفعل، والثانية لسلامة بناء الفعل من الجر «١».
وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً: بحسبه وبقدره، أو معناه: لكن أخاف مشيئة ربي يعذبني بذنب سلف مني «٢»، استثناء منقطع.
٨٣ وَتِلْكَ حُجَّتُنا: وهي أن لا يجوز عبادة من لا يملك الضر والنفع، وأن من عبده أحق بالخوف، ومن عبد من يملك ذلك أحق بالأمن.
٨٦ وَالْيَسَعَ: دخلته الألف واللام لأنه اسم أعجمي وأفق أوزان العرب «٣».
وَكلًّا فَضَّلْنا: «كلّ» بالصيغة نكرة من غير إضافة، ومن حيث التقدير أي: وكل الأنبياء فضلنا، معرفة.
٨٩ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ: أهل مكة، فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً: أهل المدينة «٤».
(١) يطلق النحاة على هذه النون نون الوقاية.
(٢) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٦٩.
(٣) ينظر هذا القول في تفسير الطبري: (١١/ ٥١١، ٥١٢)، والحجة لأبي علي الفارسي:
٣/ ٣٥٠، والدر المصون: ٥/ ٢٩.
(٤) ذكره الفراء في معاني القرآن: ١/ ٣٤٢، وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره:
(١١/ ٥١٥، ٥١٦) عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك، وابن جريج. -
- ونقله النحاس في معاني القرآن: ٢/ ٤٥٥ عن مجاهد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٣/ ٣١٢ وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما. ونسبه- أيضا- إلى عبد الرزاق، وابن المنذر عن قتادة.
٩٠ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ: الهاء للاستراحة، لأجل الوقف «١». أو هاء الضمير للمصدر المقدّر، أي: فبهداهم اقتد اقتداء «٢»، أو زيدت الهاء عوضا من الياء المحذوفة في «اقتد» فإذا وصلت صار حرف الوصل عوضا وسقط.
٩١ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ: لم يجزم يَلْعَبُونَ لأنه ليس بجواب، بل/ توبيخ في موضع الحال «٣»، وأما قوله «٤» : ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا [٣٠/ أ] فكان يجوز سبب أكلهم تركه لهم، إذ يحسن ذلك ولا يقبح قبح إحالة اللعب إلى تركه.
٩٤ فُرادى جمع «فريد» ك «رديف»، و «ردافى» أو جمع «فردان» ك «سكران» و «سكارى»، وتقول العرب: «فراد» أيضا ك «ثلاث» و «رباع» «٥».
(١) الكشاف: ٢/ ٣٤، والبحر المحيط: ٤/ ١٧٦، والدر المصون: ٥/ ٣١.
قال الفخر الرازي في تفسيره: ١٣/ ٧٥: «قرأ ابن عامر: اقْتَدِهْ بكسر الدال وثم الهاء للكسر من غير بلوغ ياء، والباقون: اقْتَدِهْ ساكنة الهاء، غير أن حمزة والكسائي يحذفانها في الوصل ويثبتانها في الوقف، والباقون يثبتونها في الوصل والوقف.
والحاصل: أنه حصل الإجماع على إثباتها في الوقف. قال الواحدي: الوجه الإثبات في الوقف والحذف في الوصل لأن هذه الهاء هاء وقعت في السكت بمنزلة همزة الوصل في الابتداء، وذلك لأن الهاء للوقف، كما أن همزة الوصل للابتداء بالساكن، فكما لا تثبت الهمزة حال الوصل، كذلك ينبغي أن لا تثبت الهاء... »
.
(٢) تفسير الفخر الرازي: ١٣/ ٧٦، والدر المصون: ٥/ ٣٢. [.....]
(٣) الكشاف: ٢/ ٣٥.
(٤) سورة الحجر: آية: ٣.
(٥) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٤٥، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٧، وتفسير الطبري:
١١/ ٥٤٤، والمفردات للراغب: ٣٧٥، والدر المصون: ٥/ ٤٤.
تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ: ذهب تواصلكم «١» وليس بظرف بل اسم ل «الوصل» «٢» فإنه من الأضداد «٣»، ومن نصبه «٤» أقره على الظرف على تقدير: تقطّع ما بينكم «٥» بل تقطّع السبب بينكم لأن الصلة والموصول كاسم واحد فلا يحذف الموصول.
٩٥ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى: ففلق الحبة عن السنبلة والنواة عن النخلة «٦».
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ: النبات الغض النامي من الحب اليابس، وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ الحب اليابس، مِنَ الْحَيِّ النبات النامي «٧».
وقيل «٨» : النطفة من الإنسان والإنسان من النطفة.
(١) هذا المعنى على قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وحمزة، وعاصم في رواية أبي بكر برفع النون في بَيْنَكُمْ.
ينظر السّبعة لابن مجاهد: ٢٦٣، وحجة القراءات: ٢٦١، والكشف لمكي: ١/ ٤٤٠.
(٢) قال أبو علي الفارسي في الحجة: ٣/ ٣٥٨: «والدليل على جواز كونه اسما قوله: وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ [فصلت: ٥]، وهذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [الكهف: ٧٨]، فلما استعمل اسما في هذه المواضع جاز أن يسند إليه الفعل الذي هو تَقَطَّعَ في قول من رفع... ».
(٣) الأضداد لابن الأنباري: ٧٥، واللسان: ١٣/ ٦٢ (بين).
(٤) وهي قراءة نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص.
السبعة لابن مجاهد: ٢٦٣، والتبصرة لمكي: ١٩٦.
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٤٥، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٥٩، والكشف لمكي:
١/ ٤٤١.
(٦) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١١/ ٥٥١ عن قتادة، والسّدي، وابن زيد.
ونقله الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٤٦ عن الحسن، وقتادة، والسدي، وابن زيد.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ٩٠، وقال: «روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الحسن، والسدي، وابن زيد».
(٧) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٧٣.
ورجحه الطبري في تفسيره: ١١/ ٥٥٣. وأخرج- نحوه- عن السدي، وأبي مالك.
(٨) أخرجه الطبري في تفسيره: (١١/ ٥٥٣، ٥٥٤) عن ابن عباس رضي الله عنهما ونقله الفخر الرازي في تفسيره: ١٣/ ٩٢ عن ابن عباس أيضا.
٩٦ فالِقُ الْإِصْباحِ: شاق عمود الصبح عن سواد الليل «١».
حُسْباناً: حسابا مصدر «حسبته» «٢»، أو جمع «حساب» ك «شهاب» و «شهبان» «٣»، أي: سيّرهما بحساب معلوم. أو حساب الشهور والأعوام بمسيرهما «٤».
٩٧ لِتَهْتَدُوا بِها: النجوم المهتدى بها هي المختلفة مواضعها في الجهات الأربع.
٩٨ فَمُسْتَقَرٌّ في الصّلب، أو على الأرض، وَمُسْتَوْدَعٌ: في الرحم، أو في القبر «٥».
(١) عن تفسير الطبري: ١١/ ٥٥٤.
وانظر معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٧٤.
(٢) ذكره الطبري في تفسيره: ١١/ ٥٥٩ فقال: «وقد قيل إن «الحسبان» في هذا الموضع مصدر من قول القائل: حسبت الحساب أحسبه حسابا وحسبانا. وحكى عن العرب: على الله حسبان فلان وحسبته، أي: حسابه».
وانظر: زاد المسير: ٣/ ٩١، وتفسير الفخر الرازي: ١٣/ ٩٩.
(٣) نص هذا القول في مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٠١.
وانظر تفسير الطبري: ١١/ ٥٥٩، والكشاف: ٢/ ٣٨، وتفسير الفخر الرازي:
١٣/ ١٠٥. [.....]
(٤) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره: ١١/ ٥٥٨ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ٩١ عن مقاتل.
(٥) قال البغوي في تفسيره: ٢/ ١١٨: «روى عن أبيّ أنه قال: مستقر في أصلاب الآباء، ومستودع في أرحام الأمهات».
ونقل ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ٩٢ عن ابن بحر قال: «المستقر في الأصلاب، والمستودع في الأرحام».
وذكر الفخر الرازي في تفسيره: ١٣/ ١٠٩: أنّ المستقر صلب الأب والمستودع رحم الأم لأن النطفة حصلت في صلب الأب لا من قبل الغير وهي حصلت في رحم الأم بفعل الغير، فحصول تلك النطفة في الرحم من قبل الرجل مشبه بالوديعة لأن قوله: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ يقتضي كون المستقر متقدما على المستودع، وحصول النطفة في صلب الأب مقدم على حصولها في رحم الأم، فوجب أن يكون المستقر ما في أصلاب الآباء، والمستودع ما في أرحام الأمهات. -
وجمهور المفسرين على أن المراد ب «المستقر» الرحم، وب «المستودع» الصلب.
وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (١١/ ٥٦٥- ٥٧١) عن ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وعطاء، وإبراهيم النخعي، والسدي، وقتادة، والضحاك، وابن زيد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: (٣/ ٣٣١، ٣٣٢) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال الطبري- رحمه الله- في تفسيره: ١١/ ٥٧١: «وأولى التأويلات في ذلك بالصواب أن يقال: وإنّ الله جل ثناؤه عمّ بقوله: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ، كلّ خلقه الذي أنشأ من نفس واحدة، مستقرا ومستودعا، ولم يخصص من ذلك معنى دون معنى. ولا شك أنّ من بني آدم مستقرا في الرحم، ومستودعا في الصلب، ومنهم من هو مستقر على ظهر الأرض أو بطنها، ومستودع في أصلاب الرجال، ومنهم مستقر في القبر، مستودع على ظهر الأرض.
فكلّ «مستقر»
أو «مستودع» بمعنى من هذه المعاني، فداخل في عموم قوله: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ومراد به، إلّا أن يأتي خبر يجب التسليم له بأنه معني به معنى دون معنى، وخاص دون عام».
٩٩ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ: رزقه، وقيل: نبات كل صنف من النبات «١»، كقوله «٢» : لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ.
وليس إنزال الماء سببا مولدا ولكنه مؤدّ.
حَبًّا مُتَراكِباً: السنبل الذي تراكب حبه.
وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها: ذكر الطلع «٣» مع النخل لأنه طعام وإدام بخلاف سائر الأكمام «٤».
(١) عن معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٤٧، ونص كلام الفراء: «يريد ما ينبت ويصلح غذاء لكل شيء، وكذا جاء التفسير، وهو وجه الكلام.
وقد يجوز في العربية أن تضيف النبات إلى كل شيء وأنت تريد بكل شيء النبات أيضا، فيكون مثل قوله: إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ، واليقين هو الحق»
اهـ.
(٢) سورة الواقعة: آية: ٩٥.
(٣) نقل الفخر الرازي في تفسيره: ١٣/ ١١٤ عن أبي عبيدة قال: «والطلع أول ما يرى من عذق النخلة، الواحدة طلعة».
وانظر كتاب النخل لأبي حاتم: ٦٨، واللسان: ٨/ ٢٣٨ (طلع).
(٤) تفسير الفخر الرازي: ١٣/ ١١٥.
قِنْوانٌ جمع على حد التثنية «١» مثل صِنْوانٌ «٢».
والقنو: العذق «٣».
دانِيَةٌ: متدلية قريبة «٤»، أو دانية بعضها من بعض.
وَيَنْعِهِ: نضجه وإدراكه.
١٠٠ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ: ذلك قولهم: الملائكة بنات الله «٥»، سموا جنا لاجتنانهم عن العيون «٦».
والْجِنَّ هو المفعول الأول أي: جعلوا لله الجن شركاء «٧».
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٠٢، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٧، وتفسير الطبري: ١١/ ٥٧٥، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٧٥.
(٢) من آية: ٤ سورة الرعد.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٠٢، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٧، والمفردات للراغب: ٤١٤، واللسان: ١٥/ ٢٠٤ (قنا).
(٤) تفسير الطبري: ١١/ ٥٧٦، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٦٤، وزاد المسير: ٣/ ٩٤.
وقال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٧٥: «ودانية» أي قريبة المتناول، ولم يقل: ومنها قنوان بعيدة لأن في الكلام دليلا أن البعيدة السحيقة من النخل قد كانت غير سحيقة، واجتزأ بذكر القريبة عن ذكر البعيدة، كما قال عز وجل: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ولم يقل:
وسرابيل تقيكم البرد لأن في الكلام دليلا على أنها تقي البرد لأن ما يستر من الحر يستر من البرد».
(٥) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: ١/ ٥٤٩ وعزاه إلى قتادة، والسدي، وابن زيد، ثم قال: «كقوله تعالى: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ، فسمى الملائكة لاختفائهم عن العيون جنة».
وانظر هذا القول في زاد المسير: ٣/ ٩٦.
(٦) تفسير الماوردي: ١/ ٥٤٩، والمفردات للراغب: ٩٩، وتفسير الفخر الرازي: ١٣/ ١٩٩.
(٧) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٤٨، وتفسير الطبري: ١٢/ ٧، وإعراب القرآن للنحاس:
٢/ ٨٧.
وقال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٧٧: «أما نصب الجن فمن وجهين، أحدهما: أن يكون «الجن» مفعولا، فيكون المعنى: وجعلوا لله الجن شركاء، ويكون «الشركاء» مفعولا ثانيا كما قال: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً اهـ.
[٣١/ أ] وَخَرَقُوا: كذبوا لأن الكذب خرق/ لا أصل «١» له. ومن شدّد «٢» ذهب إلى التكثير والمبالغة «٣».
١٠٥ وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ: موضع الكاف نصب على صيغة المصدر «٤» : أي: نصرف الآيات في غير هذه الصورة «٥» تصريفا مثل التصريف في هذه.
وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ: ودارست «٦» أي: قرأت وكتبت الكتب وذاكرت
(١) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٤٨، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٥٧، وتفسير الطبري:
١٢/ ٨، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٧٨، وتفسير الماوردي: ١/ ٥٥٠. [.....]
(٢) أي «خرّقوا» بتشديد الراء، وهي قراءة نافع كما في السّبعة لابن مجاهد: ٢٦٤، والتبصرة لمكي: ١٩٦.
(٣) معاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٦٦، والحجة لأبي علي الفارسي: ٣/ ٣٧٣، وزاد المسير:
٣/ ٩٧، وتفسير القرطبي: ٧/ ٥٣.
(٤) على صيغة المصدر المحذوف.
وانظر هذا التقدير الذي ذكره المؤلف في تفسير الطبري: ١٢/ ٢٥، والدر المصون:
٥/ ٩٣، وقدره الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٧٩: «ونصرف الآيات في مثل ما صرفناه فيما تلي عليك».
(٥) في «ك» :«السورة».
(٦) «دارست» بألف، قراءة ابن كثير، وأبي عمرو.
السبعة لابن مجاهد: ٢٦٤، والتبصرة لمكي: ١٩٦.
قال الطبري في تفسيره: ١٢/ ٢٦: «اختلفت القراء في قراءة ذلك. فقرأته عامة قراء أهل المدينة والكوفة: وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ، يعني: قرأت أنت، يا محمد، بغير ألف. وقرأ ذلك جماعة من المتقدمين، منهم ابن عباس، على اختلاف عنه، وغيره وجماعة من التابعين، وهو قراءة بعض قراء أهل البصرة: وليقولوا دارست، بألف، بمعنى: قارأت وتعلمت من أهل الكتاب... وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب، قراءة من قرأه: وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ بتأويل قرأت وتعلمت، لأن المشركين كذلك كانوا يقولون للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد أخبر الله عن قبلهم ذلك بقوله: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ.
فهذا خبر من الله ينبئ عنهم أنهم كانوا يقولون: إنما يتعلم محمد ما يأتيكم به من غيره... »
.
أهلها، لام العاقبة «١»، وقيل «٢» : اللام في معنى النفي، أي: لئلا يقولوا دارست.
١٠٨ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ: أي: العمل المأمور به «٣»، وقيل: التزيين بميل الطباع إلى ابتغاء المحاسن واجتناب الفواحش.
١٠٩ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها: فتح أَنَّها «٤» على حذف اللام أي: وما
(١) ذكره الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٨٠، وقال: «وهذه اللّام يسميها أهل اللّغة لام الصيرورة، وهذا كقوله تعالى: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً فهم لم يلتقطوه يطلبون بأخذه أن يعاديهم ولكن كانت عاقبة أمره أن صار لهم عدوا وحزنا. وكما تقول: كتب فلان هذا الكتاب لحتفه، فهو لم يقصد بالكتاب أن يهلك نفسه، ولكن العاقبة كانت الهلاك».
وانظر هذا القول في معاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٦٩، والتبيان للعكبري: ١/ ٥٢٨، والبحر المحيط: ٤/ ١٩٨، والدر المصون: ٥/ ٩٣.
(٢) قال الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٥١: «وفي الكلام حذف، وتقديره: ولئلا يقولوا درست، فحذف ذلك إيجازا كقوله تعالى: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا: أي: لئلا تضلوا».
(٣) ذكر الزجاج نحو هذا القول في معاني القرآن: ٢/ ٢٨١، وردّه.
وأورده النحاس في معاني القرآن: ٢/ ٤٧٢ دون عزو، وعزاه الماوردي في تفسيره:
١/ ٥٥٢، وأبو حيان في البحر المحيط: ٢/ ٢٠٠ إلى الحسن.
قال أبو حيان: «وما فسر به الحسن قد أوضحه بعض المعتزلة، فقال: المراد بتزيين العمل تزيين المأمور به لا المنهي عنه، ويحمل على الخصوص، وإن كان عاما، لئلا يؤدي إلى تناقض النصوص، لأنه نص على تزيين الله للإيمان وتكريهه للكفر في قوله: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ فلو دخل تزيين الكفر في هذه الآية في المراد لوجب التناقض بين الآيتين، ولذلك أضاف التزيين إلى الشيطان بقوله: فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فلا يكون الله مزينا ما زينه الشيطان، فنقول الله يزين ما يأمر به، والشيطان يزين ما ينهى عنه حتى يكون ذلك عملا بجميع النصوص» انتهى.
قال أبو حيان- وأجيب أن لا تناقض لاختلاف التزيين، تزيين الله بالخلق للشهوات وتزيين الشيطان بالدعاء إلى المعاصي. فالآية على عمومها في كل أمة وفي عملهم».
(٤) على قراءة نافع، وحمزة، والكسائي، وعاصم في رواية حفص كما في السبعة لابن مجاهد ٢٦٥، ورجح مكي هذه القراءة في الكشف: ١/ ٤٤٥.
يشعركم إيمانهم؟ لأنها إذا جاءت لا يؤمنون «١»، أو لا صلة «٢» وفي الكلام حذف، أي: وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون أو لا يؤمنون؟.
وقيل «٣» : معنى أَنَّها لعلها.
وكسر إنها «٤» لتمام الكلام بقوله: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ، ثم قال: أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ على الاستئناف «٥».
١١٠ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ في جهنم على لهب النار «٦»، أو نقلبها في الدنيا
(١) الحجة لأبي علي الفارسي: (٣/ ٣٧٧، ٣٧٨)، والكشف لمكي: ١/ ٤٤٥، وزاد المسير:
٣/ ١٠٤.
(٢) أي زائدة، وهو قول الفراء في معاني القرآن: ١/ ٣٥٠، وقال: «كقوله: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ المعنى: حرام عليهم أن يرجعوا... ».
ونسب النحاس في إعراب القرآن: ٢/ ٩٠، وكتابه معاني القرآن: ٢/ ٤٧٣ هذا القول إلى الكسائي ثم قال: «وهذا عند البصريين غلط، لأن «لا» لا تكون زائدة في موضع تكون فيه نافية».
وقال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٨٣: «والذي ذكر أن «لا» لغو غالط، لأن ما كان لغوا لا يكون غير لغو في مكان آخر».
وانظر الحجة لأبي علي: (٣/ ٣٨٠، ٣٨١)، والكشف لمكي: ١/ ٤٤٤.
(٣) نقله سيبويه في الكتاب: ٢/ ١٢٣، والزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٨٢، والنحاس في إعراب القرآن: ٢/ ٩٠، وأبو علي الفارسي في الحجة: ٣/ ٣٨٠ عن الخليل، ورجح الطبري هذا القول في تفسيره: ١٢/ ٤٣.
(٤) وهي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو.
السبعة لابن مجاهد: ٢٦٥، والتبصرة لمكي: ١٩٧.
(٥) الكتاب لسيبويه: ٣/ ١٢٣ عن الخليل.
وانظر هذا القول في تفسير الطبري: ١٢/ ٤٠، والحجة لأبي علي الفارسي: (٢/ ٣٧٦، ٣٧٧)، والكشف لمكي: ١/ ٤٤٥، والبحر المحيط: ٤/ ٢٠١، والدر المصون: ٤/ ١٠١. [.....]
(٦) نص هذا القول في تفسير الفخر الرازي: ١٣/ ١٥٤ عن الجبائي.
وردّه الفخر الرازي بقوله: «أما الوجه الذي ذكره الجبائي فمدفوع لأنّ الله تعالى قال:
وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ ثم عطف عليه فقال: وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ولا شك أن قوله: وَنَذَرُهُمْ إنما يحصل في الدنيا، فلو قلنا: المراد من قوله: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ إنما يحصل في الآخرة، كان هذا سوءا للنظم في كلام الله تعالى حيث-- قدم المؤخر وآخر المقدم من غير فائدة... »
.
بالخير «١».
كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أنزلت الآيات فهم لا يؤمنون ثانيها «٢»، وعلى الأول كما لم يؤمنوا أول مرّة في الدنيا.
١١١ قُبُلًا معاينة ومقابلة «٣»، رأيته قبلا وقبلا، وقبلا «٤».
أو جمع «قبيل» وهو الكفيل «٥»، أي: لو حشرنا كل شيء فكفل بما تقول لم يؤمنوا، أو «القبل» جمع «قبيل» والقبيل جمع قبيلة «٦»، أي: لو جاءهم كل شيء قبيلة قبيلة وصنفا صنفا لم يؤمنوا.
١١٣ وَلِتَصْغى إِلَيْهِ: لام العاقبة، أي: ليصير أمرهم إلى ذلك «٧».
(١) تفسير الماوردي: ١/ ٥٥٣.
(٢) تفسير البغوي: ٢/ ١٢٣، وزاد المسير: ٣/ ١٠٦.
وقال الفخر الرازي في تفسيره: ١٣/ ١٥٦: «دخلت الكاف على محذوف تقديره: فلا يؤمنون بهذه الآيات كما لم يؤمنوا بظهور الآيات أول مرة أتتهم الآيات مثل انشقاق القمر وغيره من الآيات، والتقدير: فلا يؤمنون في المرة الثانية من ظهور الآيات كما لم يؤمنوا في المرة الأولى.
(٣) ورد هذا المعنى على قراءة نافع وابن عامر: قُبُلًا بكسر القاف وفتح الباء.
ينظر السبعة لابن مجاهد: ٢٦٦، والتبصرة لمكي: ١٩٧، وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١٢/ ٤٩ عن ابن عباس وقتادة.
(٤) قال أبو زيد الأنصاري في النوادر: ٢٣٥: ويقال: لقيت فلانا قبلا، ومقابلة وقبلا، وقبلا، وقبليا، وقبيلا، وكلّه واحد وهو المواجهة»
.
وانظر الحجة لأبي علي الفارسي: ٣/ ٣٨٤، واللسان: ١١/ ٥٢٨ (قبل).
(٥) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٥٠، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٠٤، وتفسير الطبري:
١٢/ ٤٨، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٨٣، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٧٥.
(٦) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٥١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٠٤.
وقال الطبري في تفسيره: (١٢/ ٤٨، ٤٩) :«فيكون القبل» حينئذ جمع «قبيل» الذي هو جمع «قبيلة» فيكون «القبل» جمع الجمع».
(٧) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٨٤.
وانظر هذا القول في الكشاف: ٢/ ٤٥، والبحر المحيط: ٤/ ٢٠٨، والدر المصون:
٥/ ١١٧.
١١٤ أَبْتَغِي حَكَماً الحكم من كان أهلا أن يتحاكم إليه، والحاكم من شأنه أن يحكم وإن كان لا يحكم بالحق «١».
١١٥ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ: وجبت النصرة لأوليائه.
١١٧ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ: مَنْ يَضِلُّ في موضع نصب وتقديره: بمن يضل، بدليل ظهور الباء بعده في وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ، أو هو رفع بالابتداء على الاستفهام ويَضِلُّ خبره، أي: هو أعلم أيهم يضل، ولا يجوز جرا «٢» بإضافة أَعْلَمُ لأن أفعل في الإضافة بعض المضاف [إليه] «٣». وتعالى الله عنه.
[٣١/ ب] ولا يجوز أن يكون أَعْلَمُ/ بمعنى: يعلم «٤» لأنه لا يطابق وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.
١١٨ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فيه ما يخشى على مستحل متروك التسمية الكفر، وهو اقترانه بقوله: إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ.
١٢٢ أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ: أي: ضالا فهديناه.
(١) قال الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٥٦: «والفرق بين الحكم والحاكم أن الحكم هو الذي يكون أهلا للحكم فلا يحكم إلّا بحق، والحاكم قد يكون من غير أهله فيحكم بغير حق، فصار الحكم من صفات ذاته، والحاكم من صفات فعله، فكان الحكم أبلغ في المدح من الحاكم».
(٢) تفسير الطبري: ١٢/ ٦٦، وقال العكبري في التبيان: ١/ ٥٣٤: «ولا يجوز أن يكون «من» في موضع جر بالإضافة على قراءة من فتح الياء لئلا يصير التقدير: هو أعلم الضالين، فيلزم أن يكون سبحانه ضالا، تعالى عن ذلك».
وأورد السمين الحلبي في الدر المصون: (٥/ ١٢٦، ١٢٧) وجوه الإعراب التي ذكرها المؤلف، وأورد وجها آخر فقال: «الرابع: أنها منصوبة بفعل مقدّر يدل عليه أفعل، قاله الفارسي... »، ورجح السمين الحلبي هذا القول فقال: «والراجح من هذه الأقوال نصبها بمضمر وهو قول الفارسي، وقواعد البصريين موافقة له».
(٣) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».
(٤) رد هذا القول- أيضا- الطبري في تفسيره: (١٢/ ٦٦، ٦٧).
وانظر البحر المحيط: ٤/ ٢١٠، والدر المصون: ٥/ ١٢٦.
١٢٥ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ: وهو تسهيل السبيل إلى الإسلام بالدلائل الشارحة للصدر. والإضلال تصعيبها «١» بالشّبه التي يضيق بها الصدر.
ضَيِّقاً حَرَجاً: ذا حرج «٢»، أو هو بمنزلة «قمن» «٣» و «قمن» صفة لا مصدر «٤».
كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ: من ضيق صدره عن الإسلام كمن يراد على ما لا يقدر «٥».
يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ: العذاب في الآخرة واللعنة في الدنيا.
١٢٧ لَهُمْ دارُ السَّلامِ: السلامة من الآفات، عِنْدَ رَبِّهِمْ مضمون عند ربهم.
وَهُوَ وَلِيُّهُمْ: يتولى أمرهم، أو ينصرهم على عدوهم.
(١) في «ج» : تضييعها.
(٢) قال الطبري في تفسيره: ١٢/ ١٠٣: «والحرج، أشد الضيق، وهو الذي لا ينفذه، من شدة ضيقه، وهو هنا الصدر الذي لا تصل إليه الموعظة، ولا يدخله نور الإيمان، لرين الشّرك عليه».
وقال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٩٠: «والحرج في اللغة أضيق الضيق». [.....]
(٣) قمن: بفتح الميم.
قال ابن الأثير في النهاية: ٤/ ١١١: «يقال: قمن وقمن: أي: خليق وجدير، فمن فتح الميم لم يثنّ ولم يجمع ولم يؤنث، لأنه مصدر، ومن كسر ثنى وجمع، وأنث، لأنه وصف، وكذلك القمين».
وانظر اللسان: ١٣/ ٣٤٧ (قمن).
(٤) هذا المعنى على قراءة: حرجا بكسر الراء، وهي لنافع، وعاصم في رواية شعبة.
السبعة لابن مجاهد: ٢٦٨.
وانظر توجيه هذه القراءة في تفسير الطبري: (١٢/ ١٠٦، ١٠٧)، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٩٠، والحجة لأبي علي الفارسي: ٣/ ٤٠١، والدر المصون: (٥/ ١٤٢، ١٤٣).
(٥) قال النحاس في معاني القرآن: ٢/ ٤٨٧: «كأنه يريد أن يصعد إلى السماء وهو لا يقدر على ذلك، كأنه يستدعي ذلك».
١٢٨ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ: من إغوائهم «١».
واستمتع الإنس بالجن بتزيين الشهوات والعون على الهوى، والجن بالإنس باتباعهم خطوات الجن «٢».
إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ: من الفائت قبله إذ الفائت من العقاب، يجوز تركه بالعفو عنه، ومن الثواب لا يجوز لأنه بخس.
١٢٩ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً: نسلّط «٣»، أو نكل بعضهم إلى بعض «٤»، كقوله «٥» : نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى. وقيل «٦» : هو من الموالاة والتتابع في النار.
١٣٠هِدْنا عَلى أَنْفُسِنا
: بوجوب الحجة علينا وتبليغ الرسل إلينا «٧».
١٣٥ عَلى مَكانَتِكُمْ: طريقتكم «٨»، أو تمكنكم إن رضيتم بالعقاب.
(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (١٢/ ١١٥، ١١٦) عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد.
ونقله الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٦٢ عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد.
وانظر زاد المسير: ٣/ ١٢٣.
(٢) تفسير الماوردي: ١/ ٥٦٢، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ١٢٣ وقال: «روى هذا المعنى عطاء عن ابن عباس، وبه قال محمد بن كعب، والزجاج».
(٣) أي نسلّط بعض الظلمة على بعض.
وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١٢/ ١١٩ عن ابن زيد، ونقله الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٦٤، وابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ١٢٤ عن ابن زيد أيضا.
(٤) ذكره الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٦٣، وعزاه ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ١٢٤ إلى الماوردي.
(٥) سورة النّساء: آية: ١١٥.
(٦) أخرجه الطبري في تفسيره: ١٢/ ١١٢ عن قتادة.
وانظر تفسير الماوردي: ١/ ٥٦٤، وزاد المسير: ٣/ ١٢٤.
(٧) تفسير الطبري: ١٢/ ١٢٣، وتفسير الماوردي: ١/ ٥٦٥، وزاد المسير: ٣/ ١٢٦.
(٨) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: ١/ ٥٦٦.
١٣٦ مِمَّا ذَرَأَ: خلق «١»، مِنَ الْحَرْثِ: سمّوا لله حرثا «٢» ولأصنامهم حرثا، ثم ما اختلط من حرث الله بحرث الأصنام تركوه، وقالوا: الله غنيّ عنه وعلى العكس.
ساءَ ما يَحْكُمُونَ موضع «ما» رفع «٣»، أي: ساء الحكم حكمهم، أو نصب «٤»، أي: ساء حكما حكمهم.
١٣٧ وَلِيَلْبِسُوا: لبست الثّوب ألبسه، ولبست عليه الأمر ألبسه «٥».
١٤٢ حَمُولَةً: كبار الإبل التي يحمل عليها، وَفَرْشاً: صغارها «٦».
١٤٣ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ: أي: أنشأ الأنعام ثمانية أزواج «٧» / من أربعة [٣٢/ أ] أصناف، من كل صنف اثنين، ذكرا وأنثى، فذكر الضأن والمعز ثم البقر والإبل.
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٠٦، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٦٠، وتفسير الطبري: ١٢/ ١٣٠، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٤٩٥.
(٢) أي: زرعا.
(٣) إعراب القرآن للنحاس: ٢/ ٩٧، والبيان لابن الأنباري: ١/ ٣٤٢. [.....]
(٤) قال أبو حيان في البحر المحيط: ٤/ ٢٢٨: «ويجوز أن تكون ما تمييزا على مذهب من يجيز ذلك في «بئسما»، فيكون في موضع نصب، التقدير: ساء حكما حكمهم».
وانظر الدر المصون: ٥/ ١٦٠.
(٥) قال الراغب في المفردات: ٤٤٧: «وأصل اللّبس ستر الشيء، ويقال ذلك في المعاني، يقال: لبست عليه أمره».
(٦) ينظر معنى «الحمولة» و «الفرش» في معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٥٩، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٠٧، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٦٢، وتفسير الطبري: ١٢/ ١٧٨، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٥٠٣.
قال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٢٩٨: «وأجمع أهل اللغة على أن الفرش صغارها».
(٧) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ١٦٢: «أي ثمانية أفراد. والفرد يقال له: زوج.
والاثنان يقال لهما: زوجان وزوج»
.
وانظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة: ٤٩٨، وتفسير الطبري: (١٢/ ١٨٣، ١٨٤)، وتفسير المشكل لمكي: ١٦٨.
قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ: إن كان التحريم من جهة الذكر فكل ذكر حرام، أو من جهة الأنثيين فكل أنثى حرام، أم الجميع حلال في الحال ثم حرم ما يتولد منه فكله حرام لأن الأرحام تشتمل على الجميع «١».
نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ: خبروني بعلم.
١٤٤ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ: فخبروني عن مشاهدة فالكلام على أتم قسمة في الإلزام.
١٤٦ كُلَّ ذِي ظُفُرٍ: يدخل فيه الإبل والنّعام «٢».
وأظفار الإبل: مناسم أخفافها «٣»، وأظفار السباع: براثنها.
الْحَوايا: المباعر «٤»، بل ما يحوى عليه البطن «٥»، «فواعل» واحدها «حاوياء» «٦»، و «حاوية» مثل: «قاصعاء» «٧»، و «قواصع»، وإن كان
(١) ينظر ما سبق في معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٦٠، وتفسير الطبري: (١٢/ ١٨٤، ١٨٥)، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٢٩٩.
(٢) قال الطبري في تفسيره: ١٢/ ١٩٨: «وهو من البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع، كالإبل والنّعام والأوز والبط». وأخرج هذا القول عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والسدي.
وانظر معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٣٠١، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٥١٠، وزاد المسير:
٣/ ١٤١.
(٣) أي: أطراف أخفافها.
اللسان: ١٢/ ٥٧٤ (نسم).
(٤) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٦٣، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٦٣، ومعاني القرآن للزجاج: ٢/ ٣٠١، قال الطبري في تفسيره: ١٢/ ٢٠٣: «و «الحوايا» جمع واحدها «حاوياء»، و «حاوية»، «حويّة»، وهي ما تحوي من البطن فاجتمع واستدار، وهي بنات اللبن، وهي المباعر، وتسمى «المرابض»، وفيها الأمعاء» وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (١٢/ ٢٠٣، ٢٠٤) عن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، والضحاك، والسدي.
(٥) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: ١/ ٥٧٥ عن علي بن عيسى.
(٦) عن سيبويه في معاني القرآن للنحاس: ٢/ ٥١٢، وعن الأصمعي في زاد المسير: ٣/ ١٤٣.
(٧) القاصعاء: جحر الفأر أو اليربوع. اللسان: ٨/ ٢٧٥ (قصع).
واحدها: «حويّة» فهي «فعائل»، ك «سفينة وسفائن».
١٤٩ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ: القرآن ومحمد «١».
١٥٠ قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ: أي: لا يعلم ما ذهبتم إليه بعقل ولا سمع، وما لا يصح أن يعلم بوجه فهو فاسد، وإنما أمر بأن يدعوهم إلى الشهادة مع ترك قبولها إذ لم يشهدوا على الوجه الذي دعوا إليه من بينة يوثق بها.
وهَلُمَّ يكون بمعنى تعالوا «٢»... فلا يتعدى، وبمعنى، هاتوا «٣»، فيتعدى تماما.
١٥٤ عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ: أي: أحسنه موسى من طاعة الله «٤»، أو تماما على إحسان الله إلى موسى بالنبوة «٥».
وتَماماً: مفعول له.
(١) لم أقف على هذا القول.
وقال البغوي في تفسيره: ٢/ ١٤٠: «التامة على خلقه بالكتاب والرسول والبيان».
وقال ابن كثير في تفسيره: ٣/ ٣٥٢: «أي: له الحكمة التامة، والحجة البالغة في هداية من هدى، وإضلال من أضل... ».
(٢) مشكل إعراب القرآن: ١/ ٢٢٧، وزاد المسير: ٣/ ١٤٦، وتفسير القرطبي: ٧/ ١٣٠.
قال السّمين الحلبي في الدر المصون: ٥/ ٢١٣: «و «هلمّ» تكون متعدية بمعنى أحضر، ولازمة بمعنى أقبل، فمن جعلها متعدية أخذها من اللّمّ وهو الجمع، ومن جعلها قاصرة أخذها من اللّمم وهو الدنو والقرب».
(٣) اختاره أبو حيان في البحر المحيط: ٤/ ٢٤٨ فقال: «و «هلم» هنا على لغة الحجاز، وهي متعدية، ولذلك انتصب المفعول به بعدها، أي: أحضروا شهداءكم وقربوهم... ». [.....]
(٤) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٣٠٦، وذكره النحاس في معاني القرآن:
٢/ ٥١٩، والماوردي في تفسيره: ١/ ٥٧٩.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ١٥٤ عن الحسن وقتادة.
(٥) ذكره النحاس في إعراب القرآن: ٢/ ١٠٨ عن المبرد.
١٥٦ أَنْ تَقُولُوا: لئلا تقولوا «١»، أو كراهة أن تقولوا «٢».
١٥٨ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ: يصير الأمر كله لله.
بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ: أشراط الساعة «٣».
أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً: بعمل النوافل ووجوه البر «٤».
١٥٩ وَكانُوا شِيَعاً: اليهود، شايعوا المشركين على المسلمين «٥».
١٦٠ عَشْرُ أَمْثالِها: عشر حسنات أمثالها «٦».
(١) ذكره الفراء في معاني القرآن: ١/ ٣٦٦، وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ١٦٣:
«يريد هذا كتاب أنزلناه لئلا تقولوا: إنما أنزل الكتاب على اليهود والنصارى قبلنا، فحذف «لا».
وانظر معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٣٠٦، والبحر المحيط: (٤/ ٢٥٦، ٢٥٧)، والدر المصون: ٥/ ٢٢٩.
(٢) ذكره الطبري في تفسيره: ١٢/ ٢٣٩ عن بعض نحويي البصرة.
قال الزجاج في معاني القرآن: ٢/ ٣٠٧: «وقال البصريون: معناه أنزلناه، كراهة أن تقولوا، ولا يجيزون إضمار «لا»، لا يقولون جئت أن أكرمك، أي لئلا أكرمك، ولكن يجوز فعلت ذلك أن أكرمك، على إضمار محبة أن أكرمك، وكراهة أن أكرمك، وتكون الحال تنبئ عن الضمير. فالمعنى: أنزل الكتاب كراهة أن يقولوا: إنما أنزلت الكتب على أصحاب موسى وعيسى».
وانظر هذا الوجه في إعراب القرآن للنحاس: ٢/ ١٠٨، ومعاني القرآن للنحاس أيضا:
٢/ ٥٢١، والدر المصون: ٥/ ٢٢٩.
(٣) أخرج الإمام أحمد في مسنده: ٣/ ٣١ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قول الله عز وجل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ قال: طلوع الشمس من مغربها».
وأخرج نحوه الترمذي في سننه: ٥/ ٢٦٤، كتاب التفسير، باب «ومن سورة الأنعام»، وقال: «هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم، ولم يرفعه».
وأخرج الطبري في تفسيره: ١٢/ ٢٤٧ عن أبي سعيد الخدري أيضا.
(٤) تفسير الطبري: (١٢/ ٢٦٦، ٢٦٧).
(٥) لم أقف على هذا القول، والمراد ب «شيعا» في الآية الكريمة: فرقا وأحزابا، ويدخل في ذلك اليهود والنصارى، وليست من المشايعة التي بمعنى المناصرة كما ذكر المؤلف، والآية فسّرت ذلك: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً....
(٦) معاني القرآن للفراء: ١/ ٣٦٦، وتفسير الطبري: ١٢/ ٢٧٤.
و «عشر أمثالها» على صفة عشر «١».
١٦٣ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ: أي: من هذه الأمة «٢».
١٦٤ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا: استفهام في معنى الإنكار «٣» إذ لا جواب لصاحبه إلا أن يبغي الله ربا.
١٦٥ خَلائِفَ: يخلف أهل كلّ عصر أهل عصر قبلهم «٤».
وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ: إذ ذاك يدعو إلى طاعة من يملكها رغبة في المرغوب فيه منها، ورهبة من أضدادها «٥». / ونصب دَرَجاتٍ على [٣٢/ ب] وقوعه موقع «٦» المصدر كأن القول رفعه بعد رفعه.
(١) بالتنوين ورفع «أمثالها» وتنسب هذه القراءة إلى الحسن، وسعيد بن جبير، ويعقوب، والأعمش، وعيسى بن عمر.
ذكر النحاس هذه القراءة في إعراب القرآن: ٢/ ١١٠ وقال: «وتقديرها: فله حسنات عشر أمثالها، أي: له من الجزاء عشرة أضعاف مما يجب له، ويجوز أن يكون له مثل ويضاعف المثل فيصير عشرة».
ينظر البحر المحيط: ٤/ ٢٦١، والدر المصون: ٥/ ٢٣٨، والنشر: ٣/ ٧٠.
(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١٢/ ٢٨٥ عن قتادة.
وذكره الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٨٣، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: ٣/ ١٦١ عن الحسن، وقتادة.
(٣) المحرر الوجيز: ٥/ ٤١٩، وتفسير القرطبي: ٧/ ١٥٦.
قال أبو حيان في البحر المحيط: ٤/ ٢٦٣: «الهمزة للاستفهام ومعناه الإنكار والتوبيخ، وهو رد عليهم إذ دعوه إلى آلهتهم، والمعنى أنه كيف يجتمع لي دعوة غير الله ربا وغيره مربوب له؟».
(٤) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٦٤، وتفسير الطبري: ١٢/ ٢٨٨، ومعاني القرآن للنحاس: ٢/ ٥٢٦، وتفسير الماوردي: ١/ ٥٨٤، وزاد المسير: ٣/ ١٦٣.
(٥) قال الماوردي في تفسيره: ١/ ٥٨٤: «يعني ما خالف بينهم في الغنى بالمال، وشرف الآباء، وقوة الأجسام، وإن ابتدأه تفضلا من غير جزاء ولا استحقاق، لحكمة منه تضمنت ترغيبا في الأعلى وترهيبا من الأدنى لتدوم له الرغبة والرهبة».
وانظر تفسير الفخر الرازي: ١٤/ ١٥.
(٦) في «ج» : موضع. [.....]
317
في الحديث «١» :«سورة الأنعام من نواجب القرآن»، ويروى «٢» :
«نجائب القرآن»، [والنجيبة] «٣» التي قشرت نجبته، أي: لحاؤه وبقي لبابه».
(١) أخرجه الدارمي في سننه: ٢/ ٥٤٥ كتاب «فضائل القرآن»، باب «فضائل الأنعام والسور» عن عمر رضي الله تعالى عنه.
وفي إسناده زهير بن معاوية عن أبي إسحاق بن سليمان بن أبي سليمان الشيباني الكوفي عن عبد الله بن خليفة.
أما زهير فهو ثقة، وكذلك أبو إسحاق، ولكنه سمع عن أبي إسحاق بعد اختلاطه.
ينظر التقريب: (٢١٨، ٢٥٢)، والكواكب النيرات: ٣٥٠.
وأما عبد الله بن خليفة فهو مقبول كما في التقريب: ٣٠١.
وعليه يكون إسناد الدارمي ضعيفا.
والحديث ذكره ابن الجوزي في غريب الحديث: ٢/ ٣٩١، وابن الأثير في النهاية:
٥/ ١٧.
(٢) غريب الحديث لابن الجوزي: ٢/ ٣٩١، والنهاية: ٥/ ١٧.
(٣) في الأصل: النجيب، والمثبت في النص عن «ج».
(٤) قال ابن الأثير في النهاية: ٥/ ١٧: «نواجب القرآن: أي من أفاضل سوره. فالنجائب:
جمع نجيبة، تأنيث النجيب. وأما النواجب: فقال شمر: هي عتاقه، من قولهم: نجبته، إذا قشرت نجبه، وهو لحاؤه وقشره، وتركت لبابه وخالصه»
.
318
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
«والخزانة ما يخزن فيه الشيء وخزائن الله- مقدوراته، أي لا أملك أن أفعل كل ما أريد مما تقترحون».