تفسير سورة الإنشقاق

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الإنشقاق من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
تفسير سورة الانشقاق
أهداف سورة الانشقاق
( سورة الانشقاق مكية، وآياتها ٢٥ آية، نزلت بعد سورة الانفطار )
وهي سورة هادئة الإيقاع، يغلب عليها هذا الطابع، حتى في وصف مشاهد القيامة، تلك المشاهد التي عرضتها سورة التكوير في جو عاصف.
( وتطوف سورة الانشقاق بالقلب البشري في مجالات كونية وإنسانية شتى، متعاقبة تعاقبا مقصودا، فمن مشهد الاستسلام الكوني، إلى لمسة لقلب الإنسان، إلى مشهد الحساب والجزاء، إلى مشهد الكون الحاضر وظواهره الموحية، إلى لمسة أخرى للقلب البشري، إلى التعجب من حال الذين لا يؤمنون بعد ذلك كله، إلى التهديد بالعذاب الأليم، واستثناء المؤمنين من العذاب )i.
مقاطع السورة
يمكن أن تقسم سورة الانشقاق إلى أربعة مقاطع :
المقطع الأول : وفيه مطلع السورة، ذلك المطلع الخاشع الجليل، الذي يفيد نهاية الكون واستجابة السماء والأرض لأمر الله في خشوع وطواعية. ( الآيات ١-٥ ).
المقطع الثاني : يبين أن الإنسان محاسب على عمله، وسيجازى عليه، فالمؤمن يأخذ كتابه باليمين، ويلقى السرور وحسن الجزاء، والكافر يأخذ كتابه من وراء ظهره، ويلقى الهلاك والسعير. ( الآيات ٦-١٥ ).
المقطع الثالث : يعرض مشاهد الكون، في صورة تأخذ بالألباب. ( الآيات ١٦-١٩ ).
المقطع الرابع : يتعجب من حال هؤلاء الذين يعرضون عن الإيمان، ويهددهم بالجزاء العادل. ( الآيات ٢٠-٢٥ ).
وهذه اللمسات المتعددة تطوف بالقلب البشري، وتنتقل بالنفس خلال مشاهد الآخرة والدنيا، والحساب والجزاء، في آيات قصيرة وحيز محدود، مما لا يمكن لبشر أن يفعله، ولكنه القرآن الذي يسّره الله للذكر، وأنزله لهداية العالمين.
مع آيات السورة
١-٥- يصف الله سبحانه وتعالى ما يحدث من الأهوال يوم القيامة عند خراب الدنيا، فيذكر أن السماء تنشق وتصبح ذات فروج وفتحات، وتنقاد هذه السماوات لأمر ربها، وتخضع لتأثير قدرته، حين يريد انشقاقها، فهي أشبه بالمطيع الذي يذعن لأمر سيده، والأرض وتبسط باندكاك جباله، وتخرج ما فيها من الموتى حتى لا يبقى بداخلها شيء، وتنقاد كذلك لأمر ربها، وتخضع لتأثير قدرته، ووجب عليها أن تنقاد لأنها في قبضة القدرة الإلهية، تصرفها في الفناء، كما صرفتها في الابتداء.
وجواب إذا. التي صدرت بها السورة محذوف، وتقدير الكلام : إذا السماء انشقت... ترون جزاء ما عملتم من خير أو شر.
وقصارى ذلك : وصف أحوال يوم القيامة، وفيه تبدل الأرض غير الأرض، والسماوات غير السماوات، ويبرز الناس للحساب على ما قدموا في حياتهم من عمل، وعلينا أن نؤمن بذلك كله، ونكل علم حقيقته ومعرفة كنهه إلى الله تعالى.
٦-١٥- يا أيها الإنسان إنك تقطع رحلة حياتك على الأرض كادحا، تحمل عبأك، وتجهد جهدك، وتشق طريقك لتصل في النهاية إلى ربك، فإليه المرجع وإليه المآب، بعد الكد والكدح والجهاد، وفي يوم البعث ينكشف الالتباس، ويعرف كل عامل ما جرّ إليه عمله، والناس حينئذ صنفان :
الأول : الذي يعرض عليه سجل أعماله، ويتناول بيمينه، فإنه يحاسب أيسر الحساب، إذ تعرض عليه أعماله فيعرّف بطاعته وبمعاصيه، ثم يثاب على ما كان من طاعة، ويتجاوز له عما كان من معصية.
عن عائشة رضي الله عنها، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته :( اللهم حاسبني حسابا يسيرا )، فلما انصرف قلت : يا رسول الله، وما الحساب اليسير ؟ قال :( أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه، من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك )ii.
فهذا هو الحساب اليسير الذي يلقاه من يؤتي كتابه بيمينه، ثم ينجو، وينقلب إلى أهله مسرورا. وأهله هم النّاجون الذين سبقوه إلى الجنة.
الثاني : وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. والذي ألفناه في تعبيرات القرآن من قبل هو كتاب اليمين وكتاب الشمال، فهذه صورة جديدة : صورة إعطاء الكتاب من وراء الظهر، وليس يمتنع أن يكون الذي يعطى بشماله، يعطاه كذلك من وراء ظهره، فهي هيئة الكاره المكره، الخزيان من المواجهة.
والذي نخلص إليه، أن إيتاء الكتاب باليمين أو بالشمال أو من وراء الظهر، تصوير لحال المطلع على أعماله في ذلك اليوم، فمن الناس من إذا كشف له عمله ابتهج واستبشر، وتناول كتابه بيمينه، ومنهم من إذا انكشفت له سوابق أعماله عبس وبسر، وأعرض عنها وأدبر، وتمنى لو لم تكشف له، وتناولها بالشمال أو من وراء الظهر، وحينئذ يدعو : واثبوراه، أي : يا هلاكي أقبل، فإني لا أريد أن أبقى حيا. ولا يفعل الإنسان ذلك إلا إذا كان في شدة التعاسة والشقاء.
وتناول الكافر بشماله أو من وراء ظهره، علامة على سخط الله عليه، وهو يدعو على نفسه بالهلاك والويل، ويدخل نار جهنم التي سعرت وأوقدت ليحترق بنارها، لأنه كان في الدنيا بين عشيرته من الكافرين لاهيا في شهواته، منقادا لأهوائه، لا يخطر الموت على باله، ولا البعث : إنه ظنّ أن لن يحور. إلى ربه، ولن يرجع إلى بارئه، ولو ظن الرجعة في نهاية المطاف لقدم بعض العمل، وادخر شيئا للحساب.
بلى إن ربه كان به بصيرا. أي : بلى ليحورن وليرجعن إلى ربه، وليحاسبنه على عمله، فهو سبحانه كان مطلعا على أمره، محيطا بحقيقته، عالما بحركاته وخطواته.
وتصور الآيات هذا التعيس، وهو مسرور بين أهله في الحياة الدنيا القصيرة، ولكنه في الآخرة حزين يتمنى الموت والهلاك، تقابلها صورة السعيد المؤمن، وهو ينقلب إلى أهله مسرورا، في الحياة الآخرة المديدة، لقاء ما قدّم من سعي حميد وعمل صالح.
وتعود الآيات إلى لمحات الكون، تجمع بين الخشوع الساكن والجلال المرهوب :
١٦-١٩- فلا أقسم بالشّفق. والشفق هو الوقت الخاشع المرهوب بعد الغروب، وبعد الغروب تأخذ النفس روعة ساكنة عميقة، ويحس القلب بمعنى الوداع، وما فيه من أسى صامت، وشجى عميق، كما يحس برهبة الليل القادم، ووحشة الظلام الزاحف، ويلفه في النهاية خشوع وخوف خفي وسكون.
والليل وما وسق. هو الليل وما جمع، وما حمل من الظلام والنجوم، أو ما عمل فيه من التهجد، أو ما جمع من مخلوقات كانت منتشرة بالنهار، فإذا جنها الليل أوت إلى مأواها.
والقمر إذا اتّسق. أي اكتمل واستدار وصار بدرا، وهو مشهد رائع للقمر في ليالي اكتماله، يفيض على الأرض بنوره الحالم الخاشع، الموحي بالصمت الجليل.
يقسم القرآن بهذه الأشياء، التي تدبر الإنسان أمرها استدل بجلالها وعظمة شأنها على قدرة مبدعها.
لتركبن طبقا عن طبق. أي : لتلاقن أيها الناس أمورا بعد أمور، وأحوالا بعد أحوال، من الموت والبعث والحشر، إلى أن تصيروا إلى ربكم، وهناك تلقون جزاء أعمالكم.
٢٠-٢٥- فلماذا لا يؤمنون بالبعث والنشور، وهم يرون آثار قدرة الله وبدائع صنعه، وما لهم لا يخضعون لآيات القرآن، وفيها من اللمسات والموحيات ما يصل القلب البشري بالوجود الجميل، ويبارئ الوجود الجليل، وإذا قرأ المؤمن هذه الآية سجد لله سجود التلاوة، عند قوله : فما لهم لا يؤمنون* وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون.
ولكن الكافرين قوم معاندون، فالتكذيب طابعهم، والله أعلم بما يكنّون في صدورهم، ويضمّون عليه جوانحهم، من بغي وحسد، وإشراك بالله، وحقد على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبشرهم جميعا بالعذاب المؤلم الموجع يوم القيامة... ويالها من بشرى لا تسرّ.
أما الذين آمنوا بالله ورسوله، وامتثلوا أوامر الله فعملوا الأعمال الصالحة، فلهم الأجر الحسن والثواب الدائم الذي لا ينقطع ولا يزول.
مقاصد السورة
١- وصف مشاهد القيامة.
٢- الإنسان كادح عامل في الدنيا، وسيلقى الجزاء في الآخرة.
٣- المؤمن يأخذ كتابه باليمين، فيجد السعادة والسرور.
٤- الكافر يأخذ كتابه من وراء ظهره، فيجد الشقاء والسعير.
٥- القسم بالشفق والليل والقمر، تنبيها لجلالها وبديع صنعها.
٦- الناس ينتقلون من الحياة إلى الموت، ثم إلى البعث والحساب والجزاء، فهم ينتقلون في أحوالهم طبقة بعد طبقة ليستقروا في نعيم مقيم أو في عذاب أليم.

مظاهر القيامة
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ إذا السماء انشقّت ١ وأذنت لربها وحقّت ٢ وإذا الأرض مدّت ٣ وألقت ما فيها وتخلّت ٤ وأذنت لربها وحقّت ٥ يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ٦ فأما من أوتي كتابه بيمينه ٧ فسوف يحاسب حسابا يسيرا ٨ وينقلب إلى أهله مسرورا ٩ وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ١٠ فسوف يدعو ثبورا ١١ ويصلى سعيرا ١٢ إنه كان في أهله مسرورا ١٣ إنه ظنّ أن لن يحور ١٤ بلى إنه ربه كان به بصيرا ١٥ ﴾
المفردات :
السماء انشقت : انصدعت عند قيام الساعة.
أذنت لربها : استمعت وانقادت له.
حقت : حق عليها الاستماع والانقياد.
التفسير :
١، ٢- إذا السماء انشقّت* وأذنت لربها وحقّت.
إذا تشققت السماء وتصدعت وانفرط عقدها، وتناثرت كواكبها، ولم تعد متماسكة لا فطور فيها، وهذا معنى إذا السماء انفطرت، ومعنى قوله تعالى : ويوم تشقّق السماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا* الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا. ( الفرقان : ٢٥، ٢٦ ).
المفردات :
الأرض مدت : بسطت وسوّيت كمدّ الأديم.
ألقت ما فيها : لفظت ما في جوفها من الموتى، من عهد آدم إلى قيام الساعة.
تخلت : خلت عنه غاية الخلوّ.
التفسير :
٣، ٤- وإذا الأرض مدّت* وألقت ما فيها وتخلّت.
وإذا الأرض بسطت وسوّيت، فلا جبال ولا بحار فوقها، ولا موتى ولا كنوز في أحشائها، وصارت الأرض مستوية متّسعة لأرض المحشر، لا يحجب العين فيها شيء، بل يكشف الناظر أهل المحشر، ويسمعهم الداعي، وألقت الأرض ما في أحشائها من الموتى، من عهد أدم إلى قيام الساعة، ولفظت ما فيها من الكنوز.
وتخلّت. خلت خلوّا تامّا مما في أحشائها، وتخلّت إلى الله وتبرّأت من كل من فيها ومن أعمالهم.
قال تعالى : ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا* فيذرها قاعا صفصفا* لا ترى فيها عوجا ولا أمتا. ( طه : ١٠٥-١٠٧ ).
التفسير :
٥- وأذنت لربها وحقّت.
استمعت لأمر ربها وأطاعت، وحقّ لها أن تستمع وأن تطيع.
كما ورد في قوله سبحانه : ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتينا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين. ( فصلت : ١١ ).
فالسماء مطيعة وحق لها أن تطيع، والأرض مطيعة وحق لها أن تطيع، فالكل في قبضة القدرة الإلهية.
قال صاحب الظلال :
وحقّت : أي : وقع عليها الحقّ، واعترفت بأنها محقوقة لربها، وهو مظهر من مظاهر الخضوع، لأن هذا حق عليها، مسلّم به منها.
وعلماء الكون يذكرون أن الكون في اتّساع مستمر، ويستأنسون بقوله تعالى : وإذا الأرض مدّت. أي : اتسعت، حيث يقف على أرض المحشر جميع البشر من عهد آدم إلى قيام الساعة، على أرض مستوية مكشوفة، ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي.
وجواب إذا. محذوف دلّ عليه ما بعده، وهو قوله تعالى : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه.
أي : إذا انشقت السماء واستجابت لأمر الله، وإذا مدّت الأرض وتخلّت عما في أحشائها، واستجابت لأمر ربها، رأيتم جزاء أعمالكم، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ.
المفردات :
كادح : جاهد في عملك إلى لقاء ربك، والكدح، جهد النفس في العمل والكدّ فيه.
فملاقيه : فملاق جزاء عملك لا محالة.
التفسير :
٦- يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه.
يا أيها الإنسان، أي الإنسان مؤمنا كان أم كافرا، إنك كادح. أي : عامل في الحياة، ومجاهد ومجدّ في عملك، وستلقى جزاء عملك عند لقاء ربك، والآية إيجاز مبهر لمسيرة الإنسان في هذه الحياة، فأنت مستخلف عن الله في الأرض، وأمامك فرصة لن تعوّض من أجل كدح وعمل، ستلقى جزاءه عند لقاء ربك، أو عند ميزان عملك.
فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرّة شرا يره. ( الزلزلة : ٧، ٨ ).
لقد أوجدك الله في الدنيا، وأعطاك العقل والإرادة والاختيار، ومعك الشهوة والرغبة، والقدرة على الطاعة أو المعصية، وأن تكون شاكرا أو كفورا، وستلقى جزاء ما قدّمت يداك.
والكدح : جهد النفس في العمل حتى تتأثر.
روى أبو داود الطيالسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( قال جبريل : يا محمد، عش ما شئت فإنك ميّت، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه ).
قال المفسرون :
فملاقيه. يعود الضمير إلى العمل من خير أو شر، وقيل : يعود الضمير إلى قوله : ربك. أي : أي فملاق ربك، ومعناه : فيجازيك بعملك، ويكافئك على سعيك.
وقيل : المراد بهذه الآية أبيّ بن خلف، كان يكدح في طلب الدنيا وإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وللإصرار على الكفر.
وعلماء القرآن يقولون : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والآية عامة تشمل كل إنسان، وسيلقى كل عامل جزاء عمله، فاليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.
التفسير :
٧، ٨- فأما من أوتي كتابه بيمينه* فسوف يحاسب حسابا يسيرا.
ينقسم الناس يوم القيامة إلى قسمين : المؤمنون الطائعون، والمكذّبون الكافرون.
فالمؤمنون الطائعون يأخذون كتبهم باليمين، ويعرضون على ربهم فينظر في كتاب أعمالهم، ويتجاوز عن سيئاتهم.
أخرج الشيخان، والترمذي، وأبو داود، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( ليس أحد يحاسب إلا هلك )، قلت : يا رسول الله، جعلني اله فداءك، أليس الله تعالى يقول : فأما من أوتي كتابه بيمينه* فسوف يحاسب حسابا يسيرا. قال :( ذلك العرض، يعرضون، ومن نوقش الحساب هلك )iii.
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، والحاكم وصححه، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته :( اللهم حاسبني حسابا يسيرا )، فلما انصرف صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله، ما الحساب اليسير ؟ قال :( أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه )iv.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إن الله يدني العبد يوم القيامة، حتى يضع كنفه عليه، فيقول له : فعلت كذا وكذا، ويعدد عليه ذنوبه، قم يقول له : سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم )v.
فهذا المراد من الحساب اليسير.
التفسير :
٩- وينقلب إلى أهله مسرورا.
ويرجع إلى عشيرته المؤمنين فرحا مبتهجا بالنجاة في هذا اليوم، وقيل : يرجع إلى فريق المؤمنين مطلقا وإن لم يكونوا عشيرته، إذ كل المؤمنين أهل للمؤمن من جهة الاشتراك في الإيمان.
وفي معنى هذه الآيات قال تعالى : فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه* إني ظننت أني ملاق حسابيه* فهو في عيشة راضية* في جنة عالية* قطوفها دانية* كلوا واشربوا هنيئا بماأسلفتم في الأيام الخالية. ( الحاقة : ١٩-٢٤ ).
المفردات :
وراء ظهره : بشماله من وراء ظهره، وهو الكافر.
يدعو ثبورا : ينادي ويقول : يا ثبوراه، والثبور : الهلاك.
يصلى سعيرا : يدخلها ويقاسي حرّها.
التفسير :
١٠، ١١، ١٢- وأما من أوتي كتابه وراء ظهره* فسوف يدعوا ثبورا* ويصلى سعيرا.
أما الكافر المكذب وهو من أخذ كتابه بشماله من وراء ظهره، حيث تغلّ يمينه إلى عنقه، وهو موقف الهالكين.
فسوف يدعوا ثبورا.
والثبور : الهلاك، فيقول : يا ثبوراه، أي : يا هلاك أقبل، ويا موت احضر، لتنقذني مما أنا فيه، لذلك قيل : أصعب من الموت تمنّي الموت.
فليسوا ميتين فيستريحوا وكلهم بحرّ النار صال
قال تعالى : ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. ( الزخرف : ٧٧ ).
فهذا الشقي الذي أطاع هواه، وآثر الشهوات، وسار وراء الملذات، ولم يستمع لداعي العقل، ولم يقدم شيئا لآخرته، حين يرى موقف الحساب والجزاء، وأعماله القبيحة قد أحصيت، يتمنى الموت والفرار من مواقف العذاب، ولن يجاب إلى طلبه.
قال أبو الطيب المتنبي :
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا
وإنما هو الشقاء الذي ليس بعده شقاء، والتعاسة التي ليست بعدها تعاسة.
ويصلى سعيرا.
ويدخل جهنم يصطلى بنارها، ويقاسى حرّها وسعيرها، ويتعذب بعذابها أبد الآبدين، ودهر الداهرين، وما كان أيسر عليه ألا يطيع هواه، وأن يؤمن بالله، ولا يشرك به أحدا.
وفي ذلك يقول الله تعالى : وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه* ولم أدر ما حسابيه* يا ليتها كانت القاضية* ما أغنى عنّي ماليه* هلك عني سلطانيه* خذوه فغلّوه* ثم الجحيم صلّوه. ( الحاقة : ٢٥-٣١ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:المفردات :
وراء ظهره : بشماله من وراء ظهره، وهو الكافر.
يدعو ثبورا : ينادي ويقول : يا ثبوراه، والثبور : الهلاك.
يصلى سعيرا : يدخلها ويقاسي حرّها.

التفسير :

١٠، ١١، ١٢- وأما من أوتي كتابه وراء ظهره* فسوف يدعوا ثبورا* ويصلى سعيرا.
أما الكافر المكذب وهو من أخذ كتابه بشماله من وراء ظهره، حيث تغلّ يمينه إلى عنقه، وهو موقف الهالكين.
فسوف يدعوا ثبورا.
والثبور : الهلاك، فيقول : يا ثبوراه، أي : يا هلاك أقبل، ويا موت احضر، لتنقذني مما أنا فيه، لذلك قيل : أصعب من الموت تمنّي الموت.
فليسوا ميتين فيستريحوا وكلهم بحرّ النار صال
قال تعالى : ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. ( الزخرف : ٧٧ ).
فهذا الشقي الذي أطاع هواه، وآثر الشهوات، وسار وراء الملذات، ولم يستمع لداعي العقل، ولم يقدم شيئا لآخرته، حين يرى موقف الحساب والجزاء، وأعماله القبيحة قد أحصيت، يتمنى الموت والفرار من مواقف العذاب، ولن يجاب إلى طلبه.

قال أبو الطيب المتنبي :

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا
وإنما هو الشقاء الذي ليس بعده شقاء، والتعاسة التي ليست بعدها تعاسة.
ويصلى سعيرا.
ويدخل جهنم يصطلى بنارها، ويقاسى حرّها وسعيرها، ويتعذب بعذابها أبد الآبدين، ودهر الداهرين، وما كان أيسر عليه ألا يطيع هواه، وأن يؤمن بالله، ولا يشرك به أحدا.
وفي ذلك يقول الله تعالى : وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه* ولم أدر ما حسابيه* يا ليتها كانت القاضية* ما أغنى عنّي ماليه* هلك عني سلطانيه* خذوه فغلّوه* ثم الجحيم صلّوه. ( الحاقة : ٢٥-٣١ ).

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:المفردات :
وراء ظهره : بشماله من وراء ظهره، وهو الكافر.
يدعو ثبورا : ينادي ويقول : يا ثبوراه، والثبور : الهلاك.
يصلى سعيرا : يدخلها ويقاسي حرّها.

التفسير :

١٠، ١١، ١٢- وأما من أوتي كتابه وراء ظهره* فسوف يدعوا ثبورا* ويصلى سعيرا.
أما الكافر المكذب وهو من أخذ كتابه بشماله من وراء ظهره، حيث تغلّ يمينه إلى عنقه، وهو موقف الهالكين.
فسوف يدعوا ثبورا.
والثبور : الهلاك، فيقول : يا ثبوراه، أي : يا هلاك أقبل، ويا موت احضر، لتنقذني مما أنا فيه، لذلك قيل : أصعب من الموت تمنّي الموت.
فليسوا ميتين فيستريحوا وكلهم بحرّ النار صال
قال تعالى : ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. ( الزخرف : ٧٧ ).
فهذا الشقي الذي أطاع هواه، وآثر الشهوات، وسار وراء الملذات، ولم يستمع لداعي العقل، ولم يقدم شيئا لآخرته، حين يرى موقف الحساب والجزاء، وأعماله القبيحة قد أحصيت، يتمنى الموت والفرار من مواقف العذاب، ولن يجاب إلى طلبه.

قال أبو الطيب المتنبي :

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا
وإنما هو الشقاء الذي ليس بعده شقاء، والتعاسة التي ليست بعدها تعاسة.
ويصلى سعيرا.
ويدخل جهنم يصطلى بنارها، ويقاسى حرّها وسعيرها، ويتعذب بعذابها أبد الآبدين، ودهر الداهرين، وما كان أيسر عليه ألا يطيع هواه، وأن يؤمن بالله، ولا يشرك به أحدا.
وفي ذلك يقول الله تعالى : وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه* ولم أدر ما حسابيه* يا ليتها كانت القاضية* ما أغنى عنّي ماليه* هلك عني سلطانيه* خذوه فغلّوه* ثم الجحيم صلّوه. ( الحاقة : ٢٥-٣١ ).

التفسير :
١٣- إنه كان في أهله مسرورا.
إنه كان في الدنيا لا يفكّر في العواقب، ولا يتورّع عن المنكرات، وإنما يهجم على المعاصي فرحا بطرا أشرا، والإسلام لا يحارب السرور، بل يدعو إلى الرضا والفرح بالنعمة، بشرط ألا يصبح الفرح اختيالا وتعاليا.
قال تعالى : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا... ( يونس : ٥٨ ).
جاء في تفسير القرطبي :
قال ابن زيد : وصف الله أهل الجنة بالمخافة والحزن والبكاء في الدنيا، فأعقبهم به النعيم والسرور في الآخرة، ووصف أهل النار بالسرور في الدنيا والضحك فيها، فأعقبهم به الحزن الطويل.
المفردات :
لن يحور : لن يرجع إلى ربه تكذيبا بالبعث، يقال : لا يحور ولا يحول، أي : لا يرجع ولا يتغير.
وعن ابن عباس : ما كنت أدري معنى : يحور. حتى سمعت أعرابية تقول لبنية لها : حوري، أي ارجعي.
التفسير :
١٤- إنه ظنّ أن لن يحور.
يحور معناها يرجع، أي : إن هذا الكافر تيقّن أنه لن يرجع إلى ربه للحساب، فآثر الدنيا وأهمل الآخرة، وعمل طالحا ولم يعمل صالحا.
١٥- بلى إن ربه كان به بصيرا.
إنه ظن أن لن يحور، ولكن الحقيقة أن ربه كان مطلعا على أمره، محيطا بحقيقته، عالما بحركاته وخطواته، عارفا أنه سائر إليه، وأنه يجازيه بما كان منه.
قال الشيخ محمد عبده :
إنه ظنّ أن لن يحور.
أي : رجح في حكمه أنه لن يرجع إلى ربه، فيحاسبه على ما يقترف من ذنبه، أو يثيبه على الأفضل من كسبه.
بلى.
إيجاب لما بعد النفي في : لن يحور.
أي : بلى ليحورنّ وليرجعن إلى ربه، وليحاسبن على عمله فيجزى عليه : الخير بالخير، والشر بالشر.
إن ربه كان به بصيرا.
بل تقضى حكمتنا في هذا الخلق العظيم، أن نجعل له حياة بعد هذه الحياة، يستثمر فيها أعماله، ويوافي فيها كماله.
تأكيد وقوع القيامة وما يتبعها من الأهوال
﴿ فلا أقسم بالشّفق ١٦ والليل وما وسق ١٧ والقمر إذا اتّسق ١٨ لتركبنّ طبقا عن طبق ١٩ فما لهم لا يؤمنون ٢٠ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ٢١ بل الذين كفروا يكذّبون ٢٢ والله أعلم بما يوعون ٢٣ فبشّرهم بعذاب أليم ٢٤ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ٢٥ ﴾
المفردات :
فلا أقسم : أقسم، و ( لا ) مزيدة.
الشفق : الحمرة في الأفق بعد الغروب.
تمهيد :
أقسم سبحانه وتعالى بآيات له في الكائنات ظاهرات باهرات، أن البعث كائن لا محالة، وأنم يلقون الأهوال حتى يفرغوا من حسابهم، فيصير كل أحد إلى ما أعدّ له من جنة أو نار.
التفسير :
١٦- فلا أقسم بالشّفق.
والشفق : هو الحمرة التي تظهر في الأفق الغربيّ بعد غروب الشمس، وهو ضياء من شعاعها، وسمّي شفقا لرقته، ومنه : الشفقة : لرقة القلب.
و ( لا ) هنا زائدة، والمعنى : أقسم بالشفق، ويمتد الشفق من المغرب إلى العشاء.
وقد أخرج الإمام مسلم، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( وقت المغرب ما لم يغب الشفق ).
ولكن صحّ عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : فلا أقسم بالشّفق. هو النهار كله، وإنما حمله على ذلك قرنه بقوله تعالى : والليل وما وسق. أي : جمع، كأنه أقسم بالضياء والظلام.
قال ابن جرير : أقسم الله بالنهار مدبرا وبالليل مقبلاvi.
تمهيد :
أقسم سبحانه وتعالى بآيات له في الكائنات ظاهرات باهرات، أن البعث كائن لا محالة، وأنم يلقون الأهوال حتى يفرغوا من حسابهم، فيصير كل أحد إلى ما أعدّ له من جنة أو نار.
المفردات :
وما وسق : وما جمعه الليل وستره إليه من الدّواب، وجميع ما انتشر بالنهار.
التفسير :
١٧- والليل وما وسق :
والليل وما ضمّ وجمع، ففي الليل يهدأ الناس، ويستريح الأنام، بل إن يديك تعملان بالنهار، وتضمهما إلى جناحك بالليل، والأم تضم أولادها، والحيوانات تعود إلى منازلها، والبشر يأوون إلى بيوتهم، والعبّاد يتهجدون ويعبدون، والنجوم تظهر، والعيون تنام، والليل يجمع كل شاردة، ويضم كل هائمة، ولا يخفى عليك أن ما انتشر بالنهار يجتمع بالليل، فكل ما نشره النهار بالحركة، يضمه الليل ويجمعه بالسكون.
قال تعالى : وجعل الليل سكنا... ( الأنعام : ٩٦ ).
تمهيد :
أقسم سبحانه وتعالى بآيات له في الكائنات ظاهرات باهرات، أن البعث كائن لا محالة، وأنم يلقون الأهوال حتى يفرغوا من حسابهم، فيصير كل أحد إلى ما أعدّ له من جنة أو نار.
المفردات :
اتسق : اجتمع وتكامل وتمّ نوره.
التفسير :
١٨- والقمر إذا اتّسق.
والقمر إذا اكتمل نوره واستدارته في الليالي البيض : الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وفيها يأنس الإنسان بالقمر المكتمل، ويتأمّل جماله، ويناجي ذلك الكوكب الهادئ الساكن، المنير المضيء النافع.
أقسم الله بالشفق، وبالليل وما حوى وضمّ، وبالقمر إذا صار بدرا مكتملا، على أن الحياة الآخرة حاصلة واقعة.
تمهيد :
أقسم سبحانه وتعالى بآيات له في الكائنات ظاهرات باهرات، أن البعث كائن لا محالة، وأنم يلقون الأهوال حتى يفرغوا من حسابهم، فيصير كل أحد إلى ما أعدّ له من جنة أو نار.
المفردات :
لتركبن : لتلاقنّ أيها الناس ( جواب القسم ).
طبقا عن طبق : أحوالا بعد أحوال، متطابقة في الشدة.
التفسير :
١٩- لتركبنّ طبقا عن طبق.
لتنزلنّ من القيامة حالا بعد حال، منها : الموت والقبر، والحشر والسؤال، والميزان والصراط، والجنة والنار، ولتردنّ أحوال الآخرة ومنازلها بعد أحوال الدنيا.
وقيل : معنى : لتركبنّ طبقا عن طبق.
لتنزلن حالة بعد حالة، وكل حالة تسلم للأخرى، مثل مراحل الطفولة والشباب والرجولة، والكهولة، والموت والحياة الآخرة، وفي الدنيا تعانون اليسر والعسر، والسلام والحرب، وكلها أمور متعاورة، فمع العسر يسر، ومع الشدة فرج، ومع الدنيا ومنازلها نجد الآخرة ومنازلها، فلا بد من الآخرة بعد الدنيا.
وقال الحسن البصري :
طبقا عن طبق.
يقول : حالا بعد حال، رخاء بعد شدة، وشدة بعد رخاء، وغنى بعد فقر، وفقرا بعد غنى، وصحة بعد سقم، وسقما بعد صحة.
ورجّح ابن جرير الطبري أن المراد : لتركبن من شدائد يوم القيامة وأحواله أهوالا.
تمهيد :
أقسم سبحانه وتعالى بآيات له في الكائنات ظاهرات باهرات، أن البعث كائن لا محالة، وأنم يلقون الأهوال حتى يفرغوا من حسابهم، فيصير كل أحد إلى ما أعدّ له من جنة أو نار.
التفسير :
٢٠- فما لهم لا يؤمنون.
فأي شيء يمنعهم من الإيمان بالله ورسوله، واعتناق الإسلام، وهو دين الفطرة.
التفسير :
٢١- وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون.
وإذا قرئ عليهم القرآن لا يخضعون لأوامره، ولا يستجيبون لتوجيهاته، وفيه ما يأخذ بالألباب، وما يقنع العقل والنفس، وما يذكّر الناس بربهم وبالكون من حولهم، وبالقيامة وبالآخرة التي تنتظرهم، إن هذا الكون جميل، وقد عرض القرآن جوانب منه، وإن هذا القرآن رائع يأخذ بالألباب، ويرشد إلى الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، وعند هذه الآية سجد النبي صلى الله عليه وسلم وسجد المؤمنون، فهي آية سجدة.
وفي القرآن أربع عشرة آية نسجد عندها امتثالا لأمر الله تعالى، وعند سجدة التلاوة نسبّح الله كما نسبحه في السجود، سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات أو خمس مرات، ثم نقول : سجد وجهي للذي خلقه وصوّره، وشقّ سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اكتب لي بها أجرا، وامح بها عني وزرا، وادخرها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود.
تمهيد :
أقسم سبحانه وتعالى بآيات له في الكائنات ظاهرات باهرات، أن البعث كائن لا محالة، وأنم يلقون الأهوال حتى يفرغوا من حسابهم، فيصير كل أحد إلى ما أعدّ له من جنة أو نار.
التفسير :
٢٢- بل الذين كفروا يكذبون.
بل طبيعة الكفار التكذيب والعناد والجحود، ولذلك لا يخضعون للقرآن عند تلاوته.
تمهيد :
أقسم سبحانه وتعالى بآيات له في الكائنات ظاهرات باهرات، أن البعث كائن لا محالة، وأنم يلقون الأهوال حتى يفرغوا من حسابهم، فيصير كل أحد إلى ما أعدّ له من جنة أو نار.
المفردات :
يوعون : يضمرونه أو يجمعونه من السيئات.
التفسير :
٢٣- والله أعلم بما يوعون.
والله أعلم بما تكنّ صدورهم، وما تضمّ جوانحهم، فبعضهم كان يعلم صدق القرآن وصدق محمد صلى الله عليه وسلم، ويعرض عن الإسلام حسدا وحقدا.
قال تعالى : قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذّبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون. ( الأنعام : ٣٣ ).
التفسير :
٢٤- فبشّرهم بعذاب أليم.
بشّر يا محمد هؤلاء الكافرين بعذاب أليم موجع ينتظرهم، جزاء تكذيبهم بالقرآن وبرسالتك.
والبشرى تكون بالخبر السّار، لكنه استعمل البشرى هنا تهكّما بهؤلاء الكافرين.
المفردات :
غير ممنون : غير مقطوع عنهم ولا منقوص.
التفسير :
٢٥- إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون.
أي : لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم ثواب دائم غير منقوص، في دار البقاء والخلود.
قال تعالى : وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون. ( الزخرف : ٧١ ).
قال صاحب الظلال :
وبهذا الإيقاع الحاسم القصير تنتهي السورة القصيرة العبارة، البعيدة الآماد في مجالات الكون والضمير.
i في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب ٣٠/٩٨.
ii رواه الإمام أحمد بإسناده عن عبد الله بن الزبير عن عائشة، وهو صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.
iii من نوقش الحساب هلك :
رواه البخاري في العلم ( ١٠٣ ) وفي التفسير ( ٤٩٣٩ ) وفي الرقاق ( ٦٥٣٦ ) ومسلم في الجنة ( ٢٨٧٦ ) وأبو داود في الجنائز ( ٣٠٩٣ ) والترمذي في صفة القيامة ( ٢٤٢٦ ) وفي التفسير ( ٣٣٣٧ ) وأحمد في مسنده ( ٢٣٦٨٠ ) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من حوسب عذب ). قالت عائشة : فقلت : أو ليس يقول الله تعالى :﴿ فسوف يحاسب حسابا يسيرا ﴾ قالت : فقال :( إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك ).
iv اللهم حاسبني حسابا يسرا :
رواه أحمد في مسنده ( ٢٣٦٩٥ ) من حديث عائشة بلفظ :( اللهم حاسبني حسابا يسيرا )، فلما انصرف قلت : يا نبي الله... الحديث.
v سترتها عليك في الدنيا :
رواه البخاري في المظالم ( ٢٤٤١ ) ومسلم في التوبة ( ٢٧٦٨ ) من حديث صفوان بن محرز المازني قال : بينما أنا أمشي مع ابن عمر رضي الله عنهما آخذ بيده إذ عرض رجل فقال : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك، قال : سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ).
vi مختصر تفسير ابن كثير تحقيق محمد علي الصابوني ٣/٦٢٠.
Icon