ﰡ
وفيه من الأسئلة : ما معنى " من " هل هي زائدة أم لا ؟ وما موضع ﴿ يوحى إليهم ﴾ من الإعراب ؟ وما العامل في قوله تعالى :﴿ بالبينات والزبر ﴾ ؟ وما موضع قوله تعالى :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾ والمستثنى منه ؟.
والجواب :
أما " من " فقد تقدم البحث فيها في قوله تعالى :﴿ ما تعبدون من دونه... ﴾١، وأنها في سياق الإيجاب، وإن كان الكلام في سياق النفي، وما فيها من الإشكال فلا أعيده.
وأما موضع ﴿ يوحى إليهم ﴾ فنصب على الصفة ل " رجال " لأنه جملة بعد نكرة، فتكون صفة لها.
وأما العامل في المجرور، فقيل : " فعل مضمر تقديره. " أرسلناهم بالبينات والزبر ". وقيل : الفعل الذي قبل " إلا " وهو " أرسلنا ". وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره : " وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا ". والوجهان جائزان، وليس يمنع أن يعمل ما قبل " إلا " فيما بعدها، بل العكس، وهو عمل ما بعدها فيما قبلها ممنوع. ( الاستغناء : ٢١٨-٢١٩ ).
٧٦٧- قوله تعالى :﴿ يوحى إليهم ﴾ صفة ل " رجال "، والنكرة إذا وصفت جاز الحال منها، فيجوز أن يكون قوله تعالى :﴿ بالبينات ﴾ حالا من " رجال "، تقديره : " آتين بالبينات "، فيكون حالا من المستثنى نفسه، ويجوز أن يكون " بالبينات " معمولا ل " يوحى ". ( الاستغناء : ١٤٢ ).
٧٦٨- قوله تعالى :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾، تعيين " أهل الذكر " بالنطق يقتضي بالمفهوم تحريم سؤال غيرهم. ( شرح التنقيح : ٤٤٣ ).
٧٦٩- حجة الشافعي٢ قوله تعالى :﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾ فجعله صلى الله عليه وسلم مبينا بالسنة للكتاب المنزل، فلا يكون الكتاب ناسخا للسنة، لأن الناسخ مبين للمنسوخ، فيكون كل واحد منهما مبينا لصاحبه، فيلزم الدور٣.
والجواب عنه : أن الكتاب والسنة ليس كل واحد منهما محتاجا للبيان ولا وقع فيه النسخ، فأمكن أن يكون بعض الكتاب مبينا لبعض السنة، والبعض الآخر الذي لم يبينه الكتاب بيان للكتاب، فلا دور، لأنه لم يوجد شيئان كل واحد منهما متوقف على الآخر، بل الذي يتوقف عليه من السنة غير متوقف والبعض المتوقف عليه من الكتاب غير متوقف، سلمنا، لكنه معارض بقوله تعالى في حق الكتاب العزيز :﴿ تبيانا لكل شيء ﴾٤، والسنة شيء، فيكون الكتاب تبيانا لها فينسخها، وهو المطلوب. ( نفسه : ٣١٣ ).
٢ - أي: في عدم جواز نسخ السنة بالكتاب..
٣ - لم أعثر على هذا النص بلفظه، وإنما قال الشافعي (في الرسالة: ١١٠): "لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي فيه سنة نبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء ينسخ بمثله"..
٤ - سورة النحل: ٨٩..
وفيه من الأسئلة : ما معنى " من " هل هي زائدة أم لا ؟ وما موضع ﴿ يوحى إليهم ﴾ من الإعراب ؟ وما العامل في قوله تعالى :﴿ بالبينات والزبر ﴾ ؟ وما موضع قوله تعالى :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾ والمستثنى منه ؟.
والجواب :
أما " من " فقد تقدم البحث فيها في قوله تعالى :﴿ ما تعبدون من دونه... ﴾١، وأنها في سياق الإيجاب، وإن كان الكلام في سياق النفي، وما فيها من الإشكال فلا أعيده.
وأما موضع ﴿ يوحى إليهم ﴾ فنصب على الصفة ل " رجال " لأنه جملة بعد نكرة، فتكون صفة لها.
وأما العامل في المجرور، فقيل :" فعل مضمر تقديره. " أرسلناهم بالبينات والزبر ". وقيل : الفعل الذي قبل " إلا " وهو " أرسلنا ". وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره :" وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا ". والوجهان جائزان، وليس يمنع أن يعمل ما قبل " إلا " فيما بعدها، بل العكس، وهو عمل ما بعدها فيما قبلها ممنوع. ( الاستغناء : ٢١٨-٢١٩ ).
٧٦٧- قوله تعالى :﴿ يوحى إليهم ﴾ صفة ل " رجال "، والنكرة إذا وصفت جاز الحال منها، فيجوز أن يكون قوله تعالى :﴿ بالبينات ﴾ حالا من " رجال "، تقديره :" آتين بالبينات "، فيكون حالا من المستثنى نفسه، ويجوز أن يكون " بالبينات " معمولا ل " يوحى ". ( الاستغناء : ١٤٢ ).
٧٦٨- قوله تعالى :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾، تعيين " أهل الذكر " بالنطق يقتضي بالمفهوم تحريم سؤال غيرهم. ( شرح التنقيح : ٤٤٣ ).
٧٦٩- حجة الشافعي٢ قوله تعالى :﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾ فجعله صلى الله عليه وسلم مبينا بالسنة للكتاب المنزل، فلا يكون الكتاب ناسخا للسنة، لأن الناسخ مبين للمنسوخ، فيكون كل واحد منهما مبينا لصاحبه، فيلزم الدور٣.
والجواب عنه : أن الكتاب والسنة ليس كل واحد منهما محتاجا للبيان ولا وقع فيه النسخ، فأمكن أن يكون بعض الكتاب مبينا لبعض السنة، والبعض الآخر الذي لم يبينه الكتاب بيان للكتاب، فلا دور، لأنه لم يوجد شيئان كل واحد منهما متوقف على الآخر، بل الذي يتوقف عليه من السنة غير متوقف والبعض المتوقف عليه من الكتاب غير متوقف، سلمنا، لكنه معارض بقوله تعالى في حق الكتاب العزيز :﴿ تبيانا لكل شيء ﴾٤، والسنة شيء، فيكون الكتاب تبيانا لها فينسخها، وهو المطلوب. ( نفسه : ٣١٣ ).
٢ - أي: في عدم جواز نسخ السنة بالكتاب..
٣ - لم أعثر على هذا النص بلفظه، وإنما قال الشافعي (في الرسالة: ١١٠): "لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي فيه سنة نبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء ينسخ بمثله"..
٤ - سورة النحل: ٨٩..
٧٧١- إن العرب إذا قصدت التعبير عن الأمور العامة والأجناس العالية إنها إنما تأتي ب " ما " دون " من "، قال الله تعالى :﴿ أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء ﴾، ولم يقل : " من خلق ". ( نفسه : ٢/٢٤ ).
فإن قلت : هذا يقتضي انحصار سبب الإنزال في البيان، مع أن غيره سبب من تحصيل المصالح في تلك الأوامر، ودرء المفاسد بتلك النواهي، والاتعاظ بتلك الأمثال والقصص، إلى غير ذلك من مقاصد الشريعة في القرآن. فكيف صح الحصر في هذا السبب وحده ؛ لأن هذه صيغة حصر ؟
قلت : الحصر تارة يكون مطلقا إذا لم يقصد به اعتبار معين، وتارة يكون مقيدا ببعض الاعتبارات، كقوله تعالى :﴿ إنما أنت منذر ﴾١، أي : باعتبار من لا يؤمن، لاحظ له من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الإنذار لقيام الحجة عليه. ( الاستغناء : ٥٠٣ ).
وكذلك قوله تعالى :﴿ وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ﴾، مع أن المنكر عام –للام التعريف فيه-، فهو بعمومه يشمل البغي، فذكره بعد ذلك إنما هو إشعار بأنه أقبح المنكر وأهم أنواعه بالذكر، فلا يتوهم تخصيص العام المتقدم بإخراجه منه. ( شرح التنقيح : ٢١٩-٢٢٠ ).
٧٧٧- العدل : التسوية في كل شيء حتى يقوم المخصص. ( الفروق : ٤/٦٣. الذخيرة : ١٠/١٩٤ ).
وقيل : اسم الله تعالى مضاف محذوف وهو ما ذكرته ؛ لأن بالقدرة الخالقة، الصبر والمشيئة المقدرة له يحصل، لا غير ذلك، وفي اللفظ هو استثناء من الأخبار المتوهمة لهذا المبتدأ، أي : الأخبار كلها منفية عن هذا المبتدأ من جهة الأسباب إلا هذا الخبر. ( الاستغناء : ٢١٩- ٢٢٠ ).